المانع من فضائل رمضان

  

14 - عدم الإفراط والسرف في تناول الطعام:

 

والإسراف والإفراط في تناول الطعام مما نهى عنه الشارع الحكيم، لما فيه من الشرور.

1/ وقال الله _تعالى_:

{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: 31]

 

[تعليق]

وقال ابن كثير في "تفسيره" – ت. سامي سلامة (3/ 406):

"قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: (جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ كُلَّهُ فِي نِصْفِ آيَةٍ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا})

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: (كُلْ مَا شِئْتَ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ خَصْلَتَانِ: سرَف ومَخِيلة)." اهـ

 

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 287)

والإسراف إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي والشره في المأكولات الذي يضر بالجسم، وإما أن يكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل والمشارب واللباس، وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام.

{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} فإن السرف يبغضه الله، ويضر بدن الإنسان ومعيشته، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات، ففي هذه الآية الكريمة الأمر بتناول الأكل والشرب، والنهي عن تركهما، وعن الإسراف فيهما." اهـ

 

2/ وفي "صحيح البخاري" (7/ 71) (رقم: 5393)، و صحيح مسلم (3/ 1631/ 182) (رقم: 2060):

عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:

"كَانَ ابْنُ عُمَرَ، لاَ يَأْكُلُ حَتَّى يُؤْتَى بِمِسْكِينٍ يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَدْخَلْتُ رَجُلًا يَأْكُلُ مَعَهُ، فَأَكَلَ كَثِيرًا، فَقَالَ:

(يَا نَافِعُ، لاَ تُدْخِلْ هَذَا عَلَيَّ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «المُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعًى وَاحِدٍ، وَالكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ»)."

 

وقال النووي في "شرح صحيح مسلم" (14/ 25):

"قَالَ الْعُلَمَاءُ: "وَمَقْصُودُ الْحَدِيثِ التقليل مِنَ الدُّنْيَا وَالْحَثُّ عَلَى الزُّهْدِ فِيهَا وَالْقَنَاعَةُ مَعَ أَنَّ قِلَّةَ الْأَكْلِ مِنْ مَحَاسِنِ أَخْلَاقِ الرجل وكثرة الأكل بضده.

وأما قول بن عُمَرَ فِي الْمِسْكِينِ الَّذِي أَكَلَ عِنْدَهُ كَثِيرًا: (لا يَدْخُلَنَّ هَذَا عَلَيَّ)، فَإِنَّمَا قَالَ هَذَا لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْكُفَّارَ، وَمَنْ أَشْبَهَ الْكُفَّارَ كُرِهَتْ مُخَالَطَتُهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَوْ ضَرُورَةٍ، وَلِأَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَأْكُلُهُ هذا يمكن___أَنْ يَسُدَّ بِهِ خُلَّةَ جَمَاعَةٍ." اهـ

 

3/ وفي "سنن الترمذي" (4/ 649) (رقم: 2478)، و"سنن ابن ماجه" (2/ 1111) (رقم: 3350):

عَنْ ابْنِ عُمَرَ _رضي الله عنهما_ قَالَ:

"تَجَشَّأَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَ: «كُفَّ عَنَّا جُشَاءَكَ، فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا فِي الدُّنْيَا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ القِيَامَةِ»

وحسنه الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 672) (رقم: 343)

 

وفي "سنن الترمذي" – ت. شاكر (4/ 590) (رقم: 2380)، و"سنن ابن ماجه" (2/ 1111) (رقم: 3349):

عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ. بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ»

وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (7/ 41) (رقم: 1983)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5/ 336) (رقم: 2265).

 

حاشية السندي على سنن ابن ماجه (2/ 321)

قَوْلُهُ: (شَرًّا مِنْ بَطْنِهِ) قِيلَ: لِأَنَّهُ سَبَبُ غَالِبِ أَمْرَاضِ الْبَدَنِ. قُلْتُ: مَعَ أَنَّهُ يَمْنَعُ عَنِ الطَّاعَةِ وَيُفْضِي إِلَى الْبَطَالَةِ وَالْمَعْصِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

وقال ابن رجب _رحمه الله_ في "جامع العلوم والحكم" – ت. الأرنؤوط (2/ 468):

"وَهَذَا الْحَدِيثُ أَصْلٌ جَامِعٌ لِأُصُولِ الطِّبِّ كُلِّهَا. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَاسَوَيْهِ الطَّبِيبَ لَمَّا قَرَأَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي " كِتَابِ " أَبِي خَيْثَمَةَ، قَالَ: لَوِ اسْتَعْمَلَ النَّاسُ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ، سَلِمُوا مِنَ الْأَمْرَاضِ وَالْأَسْقَامِ، وَلَتَعَطَّلَتِ الْمَارِسْتَانَاتُ وَدَكَاكِينُ الصَّيَادِلَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ كُلِّ دَاءٍ التُّخَمُ." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 468_469):

"وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ كَلَدَةِ طَبِيبُ الْعَرَبِ:

"الْحَمِيَّةُ رَأْسُ الدَّوَاءِ، وَالْبِطْنَةُ رَأْسُ___الدَّاءِ." وَرَفَعَهُ بَعْضُهُمْ وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا.

وَقَالَ الْحَارِثُ أَيْضًا:

"الَّذِي قَتَلَ الْبَرِيَّةَ، وَأَهْلَكَ السِّبَاعَ فِي الْبَرِّيَّةِ إِدْخَالُ الطَّعَامِ عَلَى الطَّعَامِ قَبْلَ الِانْهِضَامِ."

وَقَالَ غَيْرُهُ: "لَوْ قِيلَ لِأَهْلِ الْقُبُورِ: (مَا كَانَ سَبَبُ آجَالِكُمْ؟) قَالُوا: "التُّخَمُ."

فَهَذَا بَعْضُ مَنَافِعِ تَقْلِيلِ الْغِذَاءِ، وَتَرْكِ التَّمَلِّي مِنَ الطَّعَامِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَلَاحِ الْبَدَنِ وَصِحَّتِهِ. وَأَمَّا مَنَافِعُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقَلْبِ وَصَلَاحِهِ، فَإِنَّ قِلَّةَ الْغِذَاءِ تُوجِبُ رِقَّةَ الْقَلْبِ، وَقُوَّةَ الْفَهْمِ، وَانْكِسَارَ النَّفْسِ، وَضَعْفَ الْهَوَى وَالْغَضَبِ، وَكَثْرَةُ الْغِذَاءِ تُوجِبُ ضِدَّ ذَلِكَ." اهـ

 

وفي "المدخل" لابن الحاج (3/ 113):

"وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

(مَا شَبِعْت مُنْذُ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا إلَّا شُبْعَةً فَطَرَحْتهَا؛ لِأَنَّ الشِّبَعَ يُثْقِلُ الْبَدَنَ، وَيُقْسِي الْقَلْبَ، وَيُزِيلُ الْفَطِنَةَ، وَيَجْلِبُ النَّوْمَ، وَيُضْعِفُ صَاحِبَهُ عَنْ الْعِبَادَةِ)."

 

وفي "الجوع" لابن أبي الدنيا (ص: 57) (رقم: 49)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 351): عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ وَاسِعٍ، قَالَ:

«مَنْ قُلَّ طُعْمُهُ، فَهِمَ وَأَفْهَمَ، وَصَفَّا وَرَقَّ، وَإِنَّ كَثْرَةَ الطَّعَامِ لَيُثْقِلُ صَاحِبَهُ عَنْ كَثِيرٍ مِمَّا يُرِيدُ»

 

الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 54) (رقم: 42):

قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْخَوَّاصُ: «حَتْفُكَ فِي شِبَعِكَ، وَحَظُّكَ فِي جُوعِكَ. إِذَا أَنْتَ شَبِعْتَ، فَنِمْتَ، اسْتَمْكَنَ مِنْكَ الْعَدُوُّ، فَجَثَمَ عَلَيْكَ. وَإِذَا أَنْتَ تَجَوَّعْتَ، كُنْتَ لِلْعَدُوِّ بِمَرْصَدٍ»

 

وفي "الجوع" لابن أبي الدنيا (ص: 73) (رقم: 84):

عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالْبِطْنَةَ، فَإِنَّهَا تُقَسِّي الْقَلْبَ»

 

وفي "إصلاح المال" لابن أبي الدنيا (ص: 103) (رقم: 352):

قَالَ عُمَرُ _رضي الله عنه_:

«أَيُّهَا النَّاسُ، إِيَّاكُمْ وَالْبِطْنَةَ؛ فَإِنَّهَا مَكْسَلَةٌ عَنِ الصَّلَاةِ، مَفْسَدَةٌ لِلْجَسَدِ، مُؤْثِرَةٌ لِلسَّقْمِ، فَإِنَّ اللَّهَ _عَزَّ وَجَلَّ_ يَبْغَضُ الْحَبْرَ السَّمِينَ،

وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْقَصْدِ فِي قُوتِكُمْ؛ فَإِنَّهُ أَدْنَى مِنَ الْإِصْلَاحِ، وَأَبْعَدُ مِنَ السَّرَفِ، وَأَقْوَى عَلَى عِبَادَةِ الرَّبِّ _عَزَّ وَجَلَّ_، فَإِنَّهُ لَنْ يُهْلَكَ عَبْدٌ حَتَّى يُؤْثِرَ شَهْوَتَهُ عَلَى دِينِهِ»

 

الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 73) (رقم: 83):

عن سَلَمَةَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: «إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيُعَيَّرُ بِالْبِطْنَةِ، كَمَا يُعَيَّرُ بِالذَّنْبِ يَعْمَلُهُ»

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 471):

"وَعَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ قَالَ:

(مَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَكُونَ بَطْنُهُ أَكْبَرَ هَمِّهِ، وَأَنْ تَكُونَ شَهْوَتُهُ هِيَ الْغَالِبَةَ عَلَيْهِ)."

 

وفي "الجوع" لابن أبي الدنيا (ص: 78) (رقم: 99):

قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: «مَنْ مَلَكَ بَطْنَهُ، مَلَكَ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ كُلَّهَا»

 

 

الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 81) (رقم: 107):

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي رَوَّادٍ: "كَانَ يُقَالُ: قِلَّةُ الطُّعْمِ عَوْنٌ عَلَى التَّسَرُّعِ فِي الْخَيْرَاتِ." اهـ

 

الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 97) (رقم: 142):

عن أَبَي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، يَقُولُ:

"كَانَ يُقَالُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُنَوَّرَ قَلْبُهُ، فَلْيُقِلَّ طُعْمَهُ."

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 472):

"وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ زَائِدَةَ قَالَ: كَتَبَ إِلَيَّ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَصِحَّ جِسْمُكَ، وَيَقِلَّ نَوْمُكَ، فَأَقِلَّ مِنَ الْأَكْلِ.

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 473)

وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْحَارِثِ:

(مَا شَبِعْتُ مُنْذُ خَمْسِينَ سَنَةً، وَقَالَ: مَا يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَشْبَعَ الْيَوْمَ مِنَ الْحَلَالِ، لِأَنَّهُ إِذَا شَبِعَ مِنَ الْحَلَالِ، دَعَتْهُ نَفْسُهُ إِلَى الْحَرَامِ، فَكَيْفَ مِنْ هَذِهِ الْأَقْذَارِ؟)." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 473)

وَعَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ قَالَ:

(مَنْ ضَبَطَ بَطْنَهُ، ضَبَطَ دِينَهُ. وَمَنْ مَلَكَ جُوعَهُ، مَلَكَ الْأَخْلَاقَ الصَّالِحَةَ. وَإِنَّ مَعْصِيَةَ اللَّهِ بَعِيدَةٌ مِنَ الْجَائِعِ، قَرِيبَةٌ مِنَ الشَّبْعَانِ. وَالشِّبَعُ يُمِيتُ الْقَلْبَ، وَمِنْهُ يَكُونُ الْفَرَحُ وَالْمَرَحُ وَالضَّحِكُ." اهـ

 

الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 88_89) (رقم: 124):

عن قُثَمَ الْعَابِدِ، يَقُولُ:

«عَصَوُا اللَّهَ بِلَذِيذِ الطَّعَامِ فِي الْعَاقِبَةِ، فَنَغَّصَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ شَهْوَتِهِ عِنْدَهُمْ فِي الْعَاجِلَةِ، طُوبَى لِلِمُجَوِّعِينَ لِلَّهِ رَجَاءَ ثَوَابِهِ، أُولَئِكَ غَدًا عِنْدَهُ مِنْ أَكْرَمِ أَوْلِيَائِهِ»

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: " كَانَ يُقَالُ: مَا قَلَّ طُعْمُ امْرِئٍ قَطُّ إِلَّا رَقَّ قَلْبُهُ، وَنَدِيَتْ عَيْنَاهُ."

 

الجوع لابن أبي الدنيا (ص: 78) (رقم: 102):

وَحَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: " كَانَ يُقَالُ: (لَا تَسْكُنُ الْحِكْمَةُ مِعْدَةً مَلْأَى)."

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 60 من رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي