آداب الصيام

 

آداب الصيام

1 - الدعاء عند رؤية الهلال:

 

روى الدارمي - وهو صحيح بشواهده - عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال:

((الله أكبر، اللهم أهِلَّهُ علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام، والتوفيق لِما يُحب ربُّنا ويرضى، ربُّنا وربُّك الله))

 

 

عَنْ ابْنِ عُمَرَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ قَالَ:

كَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالْأَمْنِ وَالْإِيمَانِ، وَالسَّلَامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالتَّوْفِيقِ لِمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، رَبُّنَا وَرَبُّكَ اللَّهُ»

أخرجه الدارمي في "سننه" (2/ 1050) (رقم: 1729)، وابن حبان "صحيحه" (3/ 171) (رقم: 888)، المعجم الكبير للطبراني (12/ 356) (رقم: 13330)

والحديث صحيح لغيره: صححه الألباني في "تخريج الكلم الطيب" (ص: 138) (رقم: 162)

 

وقال ناصر الدين عبد الله بن عمر، الشهير بـ"القاضي البيضاوي" (ت 685هـ) _رحمه الله_ في "تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة" (2/ 99)

"وفي الحديث بهذا المعنى: أي: أطلعه علينا وأرنا إياه مقترنا بالأمن والإيمان." اهـ

 

وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 691):

"في هذا الحديث: مشروعية الدعاء عند رؤية الهلال، وقد ورد في ذلك أدعية مشهورة." اهـ

 

2 - الإخلاص في الصيام:

 

ففي "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا؛ غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

أخرجه البخاري في "صحيحه" (1/ 16) (رقم: 38)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 523/ 175) (رقم: 760)

 

وقال الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي، المعروف بـ"ابْنِ حجر العسقلاني" (المتوفى:  852 هـ) _رحمه الله_ في "فتح الباري" (4/ 115):

"وَالْمُرَادُ بِـ(الْإِيمَانِ): الِاعْتِقَادُ بِحَقِّ فَرْضِيَّةِ صَوْمِهِ، وَبِـ(الِاحْتِسَابِ): طَلَبُ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ _تَعَالَى_،

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: (احْتِسَابًا) أَيْ عَزِيمَةً وَهُوَ أَنْ يَصُومَهُ عَلَى مَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي ثَوَابِهِ طَيِّبَةً نَفْسُهُ بِذَلِكَ غَيْرَ مُسْتَثْقِلٍ لِصِيَامِهِ وَلَا مُسْتَطِيلٍ لِأَيَّامِهِ." اهـ

 

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (2/ 945)

معنى (الإيمان به): التصديق بوجوبه، والتعظيم لحقه، ومعنى (الاحتساب فيه): أن يتلقى الشهر بطيبة نفس، فلا يتجهم لمورده، وأن لا يستطيل زمانه، لكن يغتنم طول أيامه وامتداد ساعاتها لما يرجوه من الأجر والثواب فيها." اهـ

 

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 382)

وَفِيهِ «مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحتِسَاباً» أَيْ طَلَبا لوجْه اللَّهِ وَثَوَابِهِ. فالاحْتِسَاب مِنَ الحَسَبِ، كالاعْتِداد مِنَ العَدّ،

وَإِنَّمَا قِيلَ لِمَنْ يَنْوي بعَمَله وجْه اللَّهِ احْتَسَبَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَعْتَدَّ عَمله، فجُعِل فِي حَالِ مبُاشَرة الفِعل كَأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ. والحِسْبَةُ اسْمٌ مِنَ الاحْتِسَاب، كالعدَّة مِنَ الِاعْتِدَادِ،

والاحْتِسَابُ فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَعِنْدَ الْمَكْرُوهَاتِ: هُوَ البِدَارُ إِلَى طَلَب الأجْر وَتَحْصِيلِهِ بالتَّسْليم والصَّبر، أَوْ بِاسْتِعْمَالِ أَنْوَاعِ البِرّ وَالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الوجْه المرْسُوم فِيهَا طَلَباً للثَّواب المرْجُوّ مِنْهَا." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (4/ 21)

وهذا الحديث دليل بين أن الأعمال الصالحة لا تزكو ولا تتقبل إلا مع الاحتساب وصدق النيات، كما قال _عليه السلام_: (الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى)." اهـ

 

3 - تبيِيت النية في صوم الفريضة:

 

روى النسائي - بسند صحيح - عن حفصة رضي الله عنها قالت: "لا صيامَ لمَن لم يُجمِع قبل الفجر"

 

وورد أيضًا - بإسناد صحيح - عن ابن عمر _رضي الله عنهما_ من قوله، ولا يُعرَف لهما مخالف من الصحابة.

 

سنن النسائي (4/ 197) (رقم: 2336):

قَالَتْ حَفْصَةُ، زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعْ قَبْلَ الْفَجْرِ»

 

سنن أبي داود (2/ 329) (رقم: 2454):

عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ، فَلَا صِيَامَ لَهُ» د ت س ق - صححه الألباني

 

وفي سنن ابن ماجه (1/ 542): «لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنَ اللَّيْلِ»

 

قال أبو الحسن علي بن أبي الكرم الشيباني الجزري، المعروف بـ"ابن الأثير" (المتوفى: 630هـ) _رحمه الله_ في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (1/ 296):

"وَفِيهِ «مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَلَا صِيامَ لَهُ» الإِجْمَاعُ: إحْكام النِّيَّة والعَزيمة. أَجْمَعْتُ الرَّأي وأزمَعْتُه وعزَمْتُ عَلَيْهِ بمعْنًى.

 

وفي "تحفة الأحوذي" (3/ 353):

ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الصَّوْمُ بِلَا نِيَّةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلًا،

وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابن عُمَرَ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَمَالِكٌ، وَالْمُزَنِيُّ، وَدَاوُدُ.

وَذَهَبَ الْبَاقُونَ: إِلَى جَوَازِ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ مِنَ النَّهَارِ، وَخَصَّصُوا هَذَا الْحَدِيثَ بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ:

أَنَّهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يَأْتِينِي، وَيَقُولُ: (أَعْنَدَكِ غَدَاءٌ) فَأَقُولُ لَا فَيَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ." [د ت س – حسن صحيح][1]

وَفِي رِوَايَةٍ: (إِنِّي إذن لصائم) [م]،

و(إذن) لِلِاسْتِقْبَالِ وَهُوَ جَوَابٌ وَجَزَاءٌ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ. قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ الرَّاجِحُ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَاقُونَ." اهـ

 

[تعليق]: ففي سنن النسائي (4/ 193)

2322 - أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا، فَقَالَ: «هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟»، فَقُلْتُ: لَا، قَالَ: «فَإِنِّي صَائِمٌ»، ثُمَّ مَرَّ بِي بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَدْ أُهْدِيَ إِلَيَّ حَيْسٌ فَخَبَأْتُ لَهُ مِنْهُ، وَكَانَ يُحِبُّ الْحَيْسَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَخَبَأْتُ لَكَ مِنْهُ، قَالَ: «أَدْنِيهِ أَمَا إِنِّي قَدْ أَصْبَحْتُ وَأَنَا صَائِمٌ فَأَكَلَ مِنْهُ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا مَثَلُ صَوْمِ الْمُتَطَوِّعِ مَثَلُ الرَّجُلِ يُخْرِجُ مِنْ مَالِهِ الصَّدَقَةَ، فَإِنْ شَاءَ أَمْضَاهَا، وَإِنْ شَاءَ حَبَسَهَا»

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (21/ 239_240):

"في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو جواز صوم التطوّع بنيّة من النهار

(ومنها): جواز الفطر للمتطوّع متى شاء، ولو بلا عذر

(ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من التقلّل من الدنيا زهدًا في ملذات الدنيا الفانية، وإيثارًا لما عند اللَّه، من نعيم الآخرة: قال اللَّه تعالى: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}

(ومنها): ما كان عليه___الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من مواساة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بما عندهم من طيبات الطعام

(ومنها): ما كان عليه النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - من قبول الهدية

(ومنها): ضرب المثل للتقريب إلى الأذهان

(ومنها): أن من أخرج شيئًا من ماله للتصدق به، ثم بدا له أن لا يتصدّق، فله ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

 

4 - كثرة الصدقات في رمضان:

 

ففي "الصحيحين": عن ابن عباس _رضي الله عنهما_، قال:

كان رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 113) (رقم: 3220)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 1803/ 50) (رقم: 2308)

 

كشف المشكل من حديث الصحيحين (2/ 312_313):

الْجُود: كَثْرَة الْإِعْطَاء. وَإِنَّمَا كثر جوده _عَلَيْهِ السَّلَام_ فِي رَمَضَان لخمسة أَشْيَاء:

* أَحدهَا: أَنه شهر فَاضل، وثواب الصَّدَقَة يتضاعف فِيهِ، وَكَذَلِكَ الْعِبَادَات.

قَالَ الزُّهْرِيّ: تَسْبِيحَة فِي رَمَضَان خير من____سبعين فِي غَيره.

* وَالثَّانِي: أَنه شهر الصَّوْم، فإعطاء النَّاس إِعَانَة لَهُم على الْفطر والسحور.

* وَالثَّالِث: أَن إنعام الْحق يكثر فِيهِ،

فقد جَاءَ فِي الحَدِيث: (أَنه يُزَاد فِيهِ رزق الْمُؤمن، وَأَنه يعْتق فِيهِ كل يَوْم ألف عَتيق من النَّار).[2]

فَأحب الرَّسُول أَن يُوَافق ربه عز وَجل فِي الْكَرم.

* وَالرَّابِع: أَن كَثْرَة الْجُود كالشكر لترداد جِبْرِيل إِلَيْهِ فِي كل لَيْلَة.

* وَالْخَامِس: أَنه لما كَانَ يدارسه الْقُرْآن فِي كل لَيْلَة من رَمَضَان زَادَت معاينته الْآخِرَة، فَأخْرج مَا فِي يَدَيْهِ من الدُّنْيَا.

 

وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (37/ 413)

في فوائده:

1 - (منها): الحثّ على الجود في كلّ وقت، ومنها الزيادة في رمضان، وعند الاجتماع بأهل الصلاح.

2 - (ومنها): استحباب زيارة الصلحاء، وأهل الخير، وتكرار ذلك، إذا كان المزور لا يكرهه.___

4 - (ومنها): استحباب مدارسة القرآن، وغيره من العلوم الشرعية في

رمضان." اهـ             

 

5 – اجتناب الرفث والصخب والسباب

 

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((قال الله: كُل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جُنَّة، وإذا كان يومُ صومِ أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤٌ صائم، والذي نفس محمد بيده، لخُلُوف فم الصائم أطيبُ عند الله مِن ريح المسك، للصائم فرحتانِ يفرحهما: إذا أفطر فرِح، وإذا لقي ربه فرح بصومه))

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (4/ 24)

قال الداودى: تخصيصه فى هذا الحديث ألا يرفث ولا يجهل، وذلك لا يحل فى غير الصيام، وإنما هو تأكيد لحرمة الصوم عن الرفث والجهل، كما قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِى صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ) [المؤمنون: 1، 2] ، والخشوع فى الصلاة أوكد منه فى غيرها، وقال فى الأشهر الحرم: (فَلاَ تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ) [التوبة: 36] ، فأكد حرمة الأشهر الحرم، وجعل الظلم فيها آكد من غيرها، فينبغى للصائم أن يعظم من شهر رمضان ما عظم الله ورسوله، ويعرف ما لزمه من حرمة الصيام. قال غيره: واتفق جمهور العلماء على أن الصائم لا يفطره السب والشتم والغيبة، وإن كان مأمورًا أن ينزه صيامه عن اللفظ___القبيح، وقال الأوزاعى: إنه يفطر بالسب والغيبة." اهـ

 

وقال تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع المنفلوطي المصري الشافعي ، المعروف بـ"ابن دقيق العيد القشيري" (المتوفى: 702 هـ) _رحمه الله_ في "شرح الإلمام بأحاديث الأحكام" (3/ 208):

"المقصود النهيُ عن هذه المنافيات للصوم، وتعظيمُ أمر الصوم؛ لتقديم كونه جُنَّة." اهـ

 

6 – تعجيل الفطر:

 

ففي الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفِطر))

 

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (21/ 97_98):

"مِنَ السُّنَّةِ: تَعْجِيلُ الْفِطْرِ، وَتَأْخِيرُ السُّحُورِ. وَالتَّعْجِيلُ: إِنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الِاسْتِيقَانِ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُفْطِرَ، وَهُوَ شَاكٌّ هَلْ غَابَتْ___الشَّمْسُ أَمْ لَا لِأَنَّ الْفَرْضَ إِذَا لَزِمَ بِيَقِينٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْهُ إِلَّا بِيَقِينٍ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَأَوَّلُ اللَّيْلِ مَغِيبُ الشَّمْسِ كُلِّهَا فِي الأفق عن أعين الناظرين من شَكَّ لَزِمَهُ التَّمَادِي حَتَّى لَا يَشُكَّ فِي مَغِيبِهَا." اهـ

 

المنتقى شرح الموطإ (2/ 42)

لَا يَزَالُونَ بِخَيْرٍ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ مَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَلَى سُنَّةٍ وَسَبِيلٍ، وَتَعْجِيلُ الْفِطْرِ أَنْ لَا يُؤَخَّرَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى وَجْهِ التَّشَدُّدِ وَالْمُبَالَغَةِ وَاعْتِقَادِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْفِطْرُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ عَلَى حَسِبَ مَا تَفْعَلُهُ الْيَهُودُ،

وَأَمَّا مَنْ أَخَّرَ فِطْرَهُ بِاخْتِيَارِهِ لِأَمْرٍ عَنَّ لَهُ مَعَ اعْتِقَادِهِ أَنَّ صَوْمَهُ قَدْ كَمُلَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ." اهـ

 

وقال العثيمين في مجالس شهر رمضان (ص: 77):

"ومن آداب الصيام المستحبةِ تعجيلُ الفُطور إذا تحقق غروبُ الشَّمْسِ بمُشَاهدتِها أو غَلَب على ظنِّه الغروبُ بِخبرٍ موثوقٍ به بأذانٍ أو غيرِه." اهـ

 

7 - الفطر على رطبات قبل أداء صلاة المغرب:

 

روى أبو داود - بسند حسن - عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال:

«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ رُطَبَاتٌ، فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ»

 

أخرجه أبو داود في "سننه" (2/ 306) (رقم: 2356)، والترمذي في "سننه"  – ت. شاكر (3/ 70) (رقم: 696)، وحسنه الألباني "إرواء الغليل" (4/ 45) (رقم: 922)

 

فيض القدير (1/ 290)

"فإن الإفطار عليه ثواب كثير، فالأمر به شرعي، وفيه: شوب إرشاد لأن الصوم ينقص البصر ويفرقه والتمر يجمعه ويرد الذاهب لخاصية فيه ولأن التمر إن وصل إلى المعدة وهي خالية أغذى وإلا أخرج بقايا الطعام

 

التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 606)

فهو سنته وهديه تقديم الإفطار على المغرب والرطب على التمر والماء وقد تقدم وجه الحكمة في ذلك غير مرة.

 

سبل السلام (1/ 564)

وَوَرَدَ فِي عَدَدِ التَّمْرِ أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَفِي الْبَابِ رِوَايَاتٌ فِي مَعْنَى مَا ذَكَرْنَاهُ.

وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِفْطَارَ بِمَا ذُكِرَ هُوَ السُّنَّةُ.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ فَإِنَّ إعْطَاءَ الطَّبِيعَةِ الشَّيْءَ الْحُلْوَ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ أَدْعَى إلَى قَبُولِهِ وَانْتِفَاعِ الْقُوَى بِهِ لَا سِيَّمَا الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ فَإِنَّهَا تَقْوَى بِهِ وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَحْصُلُ لَهَا بِالصَّوْمِ نَوْعٌ يَبِسٌ فَإِنْ رَطُبَتْ بِالْمَاءِ كَمُلَ انْتِفَاعُهَا بِالْغِذَاءِ بَعْدَهُ هَذَا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالْمَاءِ مِنْ الْخَاصِّيَّةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ لَا يَعْلَمُهَا إلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.

 

زاد المعاد في هدي خير العباد (2/ 48):

"وَكَانَ يَحُضُّ عَلَى الْفِطْرِ بِالتَّمْرِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى الْمَاءِ، هَذَا مِنْ كَمَالِ شَفَقَتِهِ عَلَى أُمَّتِهِ وَنُصْحِهِمْ، فَإِنَّ إِعْطَاءَ الطَّبِيعَةِ الشَّيْءَ الْحُلْوَ مَعَ خُلُوِّ الْمَعِدَةِ أَدْعَى إِلَى قَبُولِهِ وَانْتِفَاعِ الْقُوَى بِهِ، وَلَا سِيَّمَا الْقُوَّةُ الْبَاصِرَةُ، فَإِنَّهَا تَقْوَى بِهِ، وَحَلَاوَةُ الْمَدِينَةِ التَّمْرُ، وَمُرَبَّاهُمْ عَلَيْهِ، وَهُوَ عِنْدَهُمْ قُوتٌ وَأُدْمٌ وَرُطَبُهُ فَاكِهَةٌ.

وَأَمَّا الْمَاءُ فَإِنَّ الْكَبِدَ يَحْصُلُ لَهَا بِالصَّوْمِ نَوْعُ يُبْسٍ. فَإِذَا رُطِّبَتْ بِالْمَاءِ كَمُلَ انْتِفَاعُهَا بِالْغِذَاءِ بَعْدَهُ. وَلِهَذَا كَانَ الْأَوْلَى بِالظَّمْآنِ الْجَائِعِ أَنْ يَبْدَأَ قَبْلَ الْأَكْلِ بِشُرْبِ قَلِيلٍ مِنَ الْمَاءِ، ثُمَّ يَأْكُلَ بَعْدَهُ، هَذَا مَعَ مَا فِي التَّمْرِ وَالْمَاءِ مِنَ الْخَاصِّيَّةِ الَّتِي لَهَا تَأْثِيرٌ فِي صَلَاحِ الْقَلْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا أَطِبَّاءُ الْقُلُوبِ.

وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُفْطِرُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، وَكَانَ فِطْرُهُ عَلَى رُطَبَاتٍ إِنْ وَجَدَهَا، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَى حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ.

 

8 - كثرة تلاوة القرآن في رمضان:

 

قال تعالى: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

 

ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجودَ الناس، وكان أجودَ ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيُدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجودُ بالخير من الريح المُرسَلة[خ م].

 

روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

((مَن قرأ حرفًا من كتاب الله، فله به حسنةٌ، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: الم حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميم حرف))

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 212)

قال الشوكاني: والحديث فيه التصريح بأن قاري القرآن له بكل حرف منه حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. ولما كان الحرف فيه يطلق على الكلمة المتركبة من حرف أوضح النبي - صلى الله عليه وسلم -، إن المراد هنا الحرف البسيط المنفرد لا الكلمة، وهذا أجر عظيم وثواب كبير ولله الحمد

 

زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 328)

وَالصَّوَابُ فِي الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ ثَوَابَ قِرَاءَةِ التَّرْتِيلِ وَالتَّدَبُّرِ أَجَلُّ وَأَرْفَعُ قَدَرًا، وَثَوَابَ كَثْرَةِ الْقِرَاءَةِ أَكْثَرُ عَدَدًا، فَالْأَوَّلُ: كَمَنْ تَصَدَّقَ بِجَوْهَرَةٍ عَظِيمَةٍ، أَوْ أَعْتَقَ عَبْدًا قِيمَتُهُ نَفِيسَةٌ جِدًّا، وَالثَّانِي: كَمَنْ تَصَدَّقَ بِعَدَدٍ كَثِيرٍ مِنَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ أَعْتَقَ عَدَدًا مِنَ الْعَبِيدِ قِيمَتُهُمْ رَخِيصَةٌ.

 

التبصرة لابن الجوزي (2/ 267)

وَاعْلَمْ أَنَّ لِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ آدَابًا: مِنْهَا: أَنْ يَقْرَأَ وَهُوَ عَلَى وُضُوءٍ مُتَأَدِّبًا مُطْرِقًا مُرَتِّلا بِتَحْزِينٍ وَبُكَاءٍ مُسِرًّا مُعَظِّمًا لِلْكَلامِ وَالْمُتَكَلَّمِ بِهِ مُحْضِرًا لِقَلْبِهِ، مُتَدَبِّرًا لِمَا يَتْلُوهُ.

وَقَدْ كَانَ فِي السَّلَفِ مَنْ يَخْتِمُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. وَقَدْ كَانَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْتِمُ فِي الْوِتْرِ. وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ خَتْمَتَيْنِ.

وَقَدْ كَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَخْتِمُ فِي رَمَضَانَ سِتِّينَ خَتْمَةً وَمِنْهُمْ مَنْ يَخْتِمُ ثَلاثَ خَتَمَاتٍ، وَهَؤُلاءِ الَّذِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمُ انْتِهَابُ الْعُمْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ فِي كُلِّ

أُسْبُوعٍ اشْتِغَالا بِنَشْرِ الْعِلْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَخْتِمُ كُلَّ شَهْرٍ إِقْبَالا عَلَى التَّدَبُّرِ.

 

التبصرة لابن الجوزي (2/ 267)

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَنْ خَتَمَ الْقُرْآنَ فَلَهُ دَعْوَةٌ: مُسْتَجَابَةٌ.

 

10 - الدعاء أثناء الصيام:

 

روى الترمذي - وحسنه - عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا تُرَد دعوتهم: الصائم حتى يُفطِر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغَمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي، لأنصرنَّك ولو بعد حين))[ت ق].

 

روى الترمذي - وحسنه - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث دعوات مستجابات: دعوة الصائم، ودعوة المظلوم، ودعوة المسافر))

 

فيض القدير (3/ 301)

كامل الصوم الذي صان جميع جوارحه عن المخالفات فيجاب دعاؤه لطهارة جسده بمخالفة هواه

 

حجة الله البالغة (2/ 117):

وَاعْلَم أَن أقرب الدَّعْوَات من الاستجابة مَا اقْترن بِحَالهِ هِيَ مَظَنَّة نزُول الرَّحْمَة إِمَّا لكَونهَا كَمَا لَا للنَّفس الإنسانية كدعاء عقيب الصَّلَوَات. ودعوة الصَّائِم حِين يفْطر، أَو معدة لَا لاستنزال جود الله كالدعاء يَوْم عَرَفَة، أَو لكَونهَا سَببا لموافقة عناية الله فِي نظام الْعَالم كدعوة الْمَظْلُوم - فَإِن لله عناية بانتقام الظَّالِم - وَهَذَا مُوَافقَة مِنْهُ لتِلْك الْعِنَايَة

11 - عدم ترك السحور:

 

ففي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((تسحَّروا؛ فإن في السَّحور بركةً))[14].

 

روى ابن حبان في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله وملائكته يُصلُّون على المتسحِّرين))[15].

 

 

روى مسلم، والدارمي - واللفظ له - عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص قال:

"كان عمرو بن العاص رضي الله عنه يأمرنا أن نصنع له الطعام يتسحَّر به، فلا يصيب منه كثيرًا،

فقلنا له: تأمرنا به ولا تُصيب منه كثيرًا؟! قال: إني لا آمركم به أني أشتهيه، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((فصلُ ما بين صيامنا وصيام أهلِ الكتاب أَكلةُ السَّحرِ))[16].

 

فتح الباري لابن حجر (4/ 140)

فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً هُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَبِضَمِّهَا لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَكَةِ الْأَجْرُ وَالثَّوَابُ فَيُنَاسِبُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَحُّرِ أَوِ الْبَرَكَةُ لِكَوْنِهِ يُقَوِّي عَلَى الصَّوْمِ وَيُنَشِّطُ لَهُ وَيُخَفِّفُ الْمَشَقَّةَ فِيهِ فَيُنَاسِبُ الْفَتْحَ لِأَنَّهُ مَا يُتَسَحَّرُ بِهِ وَقِيلَ الْبَرَكَةُ مَا يُتَضَمَّنُ مِنَ الِاسْتِيقَاظِ وَالدُّعَاءِ فِي السَّحَرِ وَالْأَوْلَى أَنَّ الْبَرَكَةَ فِي السُّحُورِ تَحْصُلُ بِجِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهِيَ اتِّبَاعُ السُّنَّةِ وَمُخَالَفَةُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالتَّقَوِّي بِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ وَالزِّيَادَةُ فِي النَّشَاطِ وَمُدَافَعَةُ سُوءِ الْخُلُقِ الَّذِي يُثِيرُهُ الْجُوعُ وَالتَّسَبُّبُ بِالصَّدَقَةِ عَلَى مَنْ يَسْأَلُ إِذْ ذَاكَ أَوْ يَجْتَمِعُ مَعَهُ عَلَى الْأَكْلِ وَالتَّسَبُّبُ لِلذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَقْتَ مَظِنَّةِ الْإِجَابَةِ وَتَدَارُكُ نِيَّةِ الصَّوْمِ لِمَنْ أَغْفَلَهَا قَبْلَ أَنْ يَنَامَ

قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ: هَذِهِ الْبَرَكَةُ يَجُوزُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَإِنَّ إِقَامَةَ السُّنَّةِ يُوجِبُ الْأَجْرَ وَزِيَادَتَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَعُودَ إِلَى الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ كَقُوَّةِ الْبَدَنِ عَلَى الصَّوْمِ وَتَيْسِيرِهِ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِالصَّائِمِ قَالَ وَمِمَّا يُعَلَّلُ بِهِ اسْتِحْبَابُ السُّحُورِ الْمُخَالَفَةُ لِأَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُ مُمْتَنِعٌ عِنْدَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلزِّيَادَةِ فِي الْأُجُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ

 

12 - يستحب أن يجعل في سحوره تمرًا:

 

روى أبو داود - بسند صحيح - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((نِعْمَ سحورُ المؤمن التمرُ))[17].

 

 

 

13 - تأخير السحور:

 

ففي الصحيحين عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحَّرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام إلى الصلاة، قلتُ: كم كان بين الأذان والسحور، قال: قدرُ خمسين آية[18].

 

 

 

روى الإمام أحمد - بسند حسن - عن أبي عطية رضي الله عنه قال: قلت لعائشة: فينا رجلانِ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أحدهما يُعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور، قالت: أيهما الذي يُعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قلت: عبدالله بن مسعود، قالت: هكذا كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يصنع[19].

 

 

 

14 - عدم الشبع:

 

روى الترمذي - وقال: حسن صحيح - عن المِقْدام بن معد يكرب رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرًّا من بطنٍ، حَسْب الآدمي لُقيمات يُقِمْن صلبه، فإن غلبت الآدميَّ نفسُه، فثُلُثٌ للطعام، وثلث للشراب، وثلث للنفَس))[20].

 

 

 

15 - استحباب تفطير الصائمين:

 

روى الترمذي، وقال: حسن صحيح عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن فطَّر صائمًا كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقصُ مِن أجر الصائم شيئًا))[21].

 

 

 

16 - الحرص على صلاة التراويح:

 

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))[22].

 

 

 

17 - الاجتهاد في العشر الأواخر:

 

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشرُ شدَّ مِئْزَره، وأحيا ليلَه، وأيقظ أهله[23].

 

 

 

وروى الترمذي - وقال: حسنٌ صحيح غريب - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها[24].

 

 

 

18 - الاعتكاف:

 

ففي الصحيحين عن عبدالله بن عُمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان[25].

 

 

 

19 - زكاة الفطر:

 

ففي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضَ زكاةَ الفطرِ مِن رمضان على الناس؛ صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على كل حُرٍّ أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين[26].

 

صحيح البخاري (2/ 131)

1506 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ العَامِرِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: «كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ، أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ»

 

صحيح البخاري (2/ 131)

1510 - حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ»، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: «وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالأَقِطُ وَالتَّمْرُ»

 

 



[1]  أخرجه صحيح مسلم (2/ 809/ 170) (رقم: 1154)، سنن أبي داود (2/ 329) (رقم: 2455)، سنن الترمذي ت شاكر (3/ 102) (رقم: 734)، سنن النسائي (4/ 193_195) (رقم: 2322_2330)

[2]  أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (3/ 191) (رقم: 1887):

عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ» ، قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ، فَقَالَ: " يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ، أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ، أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ، وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَيْنِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ: فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهمَا: فَتُسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ "

وفيه: عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وضعفه الالباني من أجله في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" (2/ 262) (رقم: 871)،

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 60 من رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي