شرح الحديث 81 من رياض الصالحين

 

[81] الثامِنُ : عن أبي بكرٍ الصِّديق _رضي الله عنه_ عبدِ اللهِ بنِ عثمان بنِ عامرِ بنِ عمر ابنِ كعب بنِ سعدِ بن تَيْم بنِ مرة بن كعبِ بن لُؤَيِّ بن غالب القرشي التيمي _رضي الله عنه_ (وَهُوَ وَأَبُوهُ وَأُمُّهُ صَحَابَةٌ _رضي الله عنهم_) قَالَ:

نَظَرتُ إِلَى أَقْدَامِ المُشْرِكينَ، وَنَحنُ في الغَارِ[1]، وَهُمْ عَلَى رُؤُوسِنا،

فقلتُ: يَا رسولَ الله، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيهِ لأَبْصَرَنَا.

فَقَالَ : «مَا ظَنُّكَ يَا أَبا بَكرٍ باثنَيْنِ، اللهُ ثَالِثُهُمَا[2]» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

ترجمة أبي بكر الصديق _رضي الله عنه_:

 

وفي عشرون حديثا من صحيح البخاري دراسة اسانيدها وشرح متونها (ص: 109) للشيخ عبد المحسن العباد :

"صحابي الحديث هو أفضل البشر بعد الأنبياء والمرسلين. وقد اشتهر بكنيته كما اشتهر أبوه بالكنية، فهو يعرف بأبي بكر بن أبى قحافه.

واسمه: عبد الله، واسم أبيه: عثمان. وقد أسلم أبواه وأولاده _رضي الله عنهم وعن سائر الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان_." اهـ

 

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 60_61):

"أَبُو بَكْر الصِّدِّيق، خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_. اسمه عبد الله (ويقال: عتيق) بن أبي قُحافة (عُثْمَانَ) بْنِ عَامِرِ بْن عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْن كعب بْن لؤي القرشي التَّيْميّ رضي الله عنه. [المتوفى: 13 ه]___

روى عنه خلْق من الصحابة وقدماء التابعين، من آخرهم: أَنْس بْن مالك، وَطَارِقِ بْن شِهَابٍ، وَقَيْسِ بْن أَبِي حَازِمٍ، ومُرَّة الطيب.

قَالَ ابن أبي مُلَيْكَة وغيره: إنّما كان عتيق لقبًا له.

وعن عائشة قالت: اسمه الَّذِي سمّاه أهلُهُ به " عبد الله "، ولكن غَلَب عليه عَتِيق.

وَقَالَ ابن معين: لَقَبه عتيق؛ لأنّ وجهه كان جميلًا، وكذا قَالَ اللَّيْث بْن سَعْد.

وَقَالَ غيره: كان أعْلم قريش بأنسابها." اهـ

 

قصة الغار:

 

وفي "البحر المحيط الثجاج" (38/ 346_347):

قصّة الغار أنه لمّا رأت قريش أن المسلمين قد صاروا إلى المدينة قالوا: هذا شرّ شاغل، لا يطاق، فأجمعوا أمرهم على قَتْل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبيّتوه، ورصدوه على باب منزله طول ليلتهم ليقتلوه إذا خرج،

فأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب أن ينام على فراشه، ودعا الله أن يُعمي

عليهم أثره، فطمس الله على أبصارهم فخرج وقد غشيهم النوم، فوضع على

رؤوسهم تراباً ونهض، فلما أصبحوا خرج عليهم عليّ - رضي الله عنه -، وأخبرهم أن ليس

في الدار أحد، فعلموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فات ونجا.

وتواعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أبي بكر الصديق للهجرة، فدفعا راحلتيهما إلى

عبد الله بن أرقط، ويقال: ابن أُريقط، وكان كافراً لكنهما وَثقَا به، وكان دليلاً

بالطرق، فاستأجراه ليدل بهما إلى المدينة.

وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خَوْخَة في ظهر دار أبي بكر التي في بني جُمَح، ونهضا نحو الغار في جبل ثور، وأمر أبو بكر ابنه عبد الله أن يستمع ما يقول الناس، وأمر مولاه عامر بن فُهيرة أن يرعى غنمه ويريحها عليهما ليلاً فيأخذا منها حاجتهما، ثم نهضا، فدخلا الغار.

وكانت أسماء بنت أبي بكر الصديق تأتيهما بالطعام، ويأتيهما عبد الله بن

أبي بكر بالأخبار، ثم يتلوهما عامر بن فُهيرة بالغنم، فيعفي آثارهما.___

فلما فقدته قريش جعلت تطلبه بقائف معروف بقفاء الأثر، حتى وقف

على الغار، فقال: هنا انقطع الأثر، فنظروا، فإذا بالعنكبوت قد نَسَج على فم

الغار من ساعته، ولهذا نهى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن قَتْله، فلما رأوا نَسْج العنكبوت

أيقنوا أن لا أحد فيه، فرجعوا، وجعلوا في النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مائة ناقة لمن ردّه عليهم.

الخبر مشهور، وقصة سراقة بن مالك بن جعشم في ذلك مذكورة.

وقد رُوي من حديث أبي الدرداء وثوبان - رضي الله عنهما - أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- أمر حمامة،

فباضت على نسج العنكبوت، وجعلت ترقد على بيضها، فلما نظر الكفار إليها

ردّهم ذلك عن الغار." اهـ من "تفسير القرطبيّ" 8/ 145.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (38/ 347)

وقال أبو العبّاس القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-:

كان من قصة الغار أن المشركين

اجتمعوا لقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبيّتوه في داره، فأمَر عليّاً - رضي الله عنه -، فرقد على

فراشه، وقال له: "إنهم لن يضروك"، فخرج عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم على

بابه، فأخذ الله أبصارهم عنه، ولم يَرَوْه، ووضع على رأس كل واحد منهم

تراباً، وانصرف عنهم خارجاً إلى غار ثور، فاختفى فيه، فأقاموا كذلك حتى

أخبرهم مُخْبِرٌ أنه قد خرج عليهم، وإنه وضع على رؤوسهم التراب، فمدُّوا

أيديهم إلى رؤوسهم، فوجدوا التراب، فدخلوا الدَّار، فوجدوا عليّاً على

الفراش، فلم يتعرضوا له، ثم خرجوا في كل وجه يطلبون النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ويقتصّون

أثره بقائف كان معروفاً عندهم، إلى أن وصلوا إلى الغار، فوجدوه قد نسجت

عليه العنكبوت من حينه، وفَرَخت فيه الحمام بقدرة الله تعالى، فلما رأوا ذلك

قالوا: إن هذا الغار ما دخله أحدٌ، ثم إنهم صَعِدوا إلى أعلى الغار، فحينئذ

رأى أبو بكر - رضي الله عنه - أقدامهم، فقال بلسان مقاله مفصحاً عن ضَعف حاله: لو نظر

أحدهم إلى قدميه أبصرنا، فأجابه من تدلَّى، فدنا بما يُذهب عنه الخوف

والضَّنى، بقوله: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]؛ أي: بالحفظ

والسلامة، والصَّون والكرامة، ثم إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أقام في الغار ثلاثة حتى تجهَّز،

ومنه هاجر إلى المدينة، وكلّ ذلك من النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثقةٌ بوعد الله تعالى، وتوكّل

عليه، ودليل على خصوصيَّة أبي بكر من الخلَّة، وملازمة الصُّحبة في أوقات___الشدة بما لم يُسْبَق إليه. انتهى ["المفهم" 6/ 239 - 240]

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في صحيحه (5/ 4) (رقم : 3653)، ومسلم في صحيحه (4/ 1854) (رقم : 2381)، والترمذي في سننه (5/ 278) (رقم : 3096)، وأحمد في مسنده (1/ 189) (رقم : 11)، عبد بن حميد في المنتخب[3]، ت. صبحي السامرائي (ص: 30) (رقم : 2) واللفظ له ، وغيرهم.

 

من فوائد الحديث :

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 382):

"وقول النبى _عليه الصلاة والسلام_ لأبى بكر: (ما ظنك باثنين، الله ثالثها) ظاهر فى قوة توكل النبى _عليه الصلاة والسلام_ وجلال مكانة أبى بكر، وعظيم منزلته وفضله بالغار، وما له فيها من المزية بهذه اللقطة وغيرها." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (1/ 52_54) لابن هبيرة :

"في هذا الحديث من الفقه :

* إثبات الصحبة لأبي بكر _رضي الله عنه_ في حال شهد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ بأنه ليس لهما ثالث إلا الله.

* وفيه أيضا أن أبا بكر _رضي الله عنه_ لما أقلقه الحذر على رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ قال : (لو___أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا)،

فلم يكن جواب النبي _صلى الله عليه وسلم_ راجعا إلى الاعتضاد بمخلوق ولا الاستغناء ببشر؛

ولكن قال له : (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)

فرده من التعلق بالأسباب المخلوقة إلى خالق الأسباب.

* وفي هذا الحديث من الفقه أيضا ما يدل على فضيلة أبي بكر رضي الله عنه، فإنه لم يقل له : "إن الله _تعالى_ ثالثنا في هذه الحالة خاصة ولا في الغار خاصة"؛ ولكن قال له: (ما ظنك باثنين الله ثالثهما) أبدا.

* وفيه أيضا أن الهرب من المخوف مشروع، ولا يكون ذلك نقصا في إيمان المؤمن، وعلى هذا يحمل هربُ موسى _عليه السلام_ من العصا حين انقلبت حية، وتوليه منها هاربا، وليس كما يقول بعض الناس إن ذلك من البشرية، ولكن موسى _عليه السلام_ لم ير أن يترك الشرع في ذلك المقام بين يدي الله _عز وجل_ فهرب من المخوف شرعا.

والدليل على ذلك أنه لما قال له _سبحانه_ : {خذها ولا تخف} انقلب الشرع في حقه حينئذ إلى أن لا تخاف منها. ولذلك جاء في الحديث أنه أدخل يده في فيها،

فَتَوَارِيْ رسولِ الله _صلى الله عليه وسلم_ وأبي بكر _رضي الله عنه_ في الغار : دليلٌ على أن الهرب من المخوف مشروع، وأن فعله - صلى الله عليه وسلم - سنة وشريعة.

* وفيه أيضا تذكير بنعمة الله _عز وجل_ لأنه بقي بما يشاء، إذ جعل في ذلك الوقتِ السدَّ بين نبيه _صلى الله عليه وسلم_ وصاحبَه نِعَالَ المشركين بتشبيث أقدامهم فقال له :

(لو أن أحدهم نظر إلى قدميه أبصرنا) فجعل السد الحائل منع أحدهم أن ينظر إلى قدمه.

وذكر ابن جرير في هذا الحديث أن قوله: (لوأن أحدهم نظر إلى قدميه___أبصرنا)

قال : فيه إباحة قول الرجل: (لو كان كذا لكن كذا) إن لم يرد به أن يكون قطعا شاء الله ذلك أو لم يشأ.

كقولهم: لو أمطرت السماء لأعشبت الأرض.

ويؤكد قول ابن جرير : قوله تعالى : {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا}، وقوله: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة}." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (15/ 150)

وَفِيهِ : بَيَانُ عَظِيمِ تَوَكُّلِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ حَتَّى فِي هَذَا الْمَقَامِ،

وَفِيهِ : فَضِيلَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ،[4] وَهِيَ مِنْ أَجَلِّ مَنَاقِبِهِ، وَالْفَضِيلَةُ مِنْ أَوْجُهٍ :

* مِنْهَا : هَذَا اللَّفْظُ

* وَمِنْهَا : بَذْلُهُ نَفْسَهُ وَمُفَارَقَتُهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَرِيَاسَتَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ وَمُلَازَمَةِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَمُعَادَاةِ النَّاسِ فِيهِ

* وَمِنْهَا جَعْلُهُ نَفْسَهُ وِقَايَةً عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_.

 

فتح الباري لابن رجب (3/ 116_117)

"وهذا كله يدل على أن قرب الله من خلقه شامل لهم، وقربه من أهل طاعته فيه مزيد خصوصية، كما أن معيته مع عباده عامة حتى ممن عصاه؛ قالَ تعالى :

{يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء:108]،

ومعيته مع أهل طاعته خاصة لهم، فهوَ سبحانه مع الذين اتقوا ومع الذين هم محسنون. وقال لموسى وهارون : {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه:46]

وقال موسى: {إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء:62]

وقال في حق محمد وصاحبه : {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة:40] .

ولهذا قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لأبي بكر في الغار: ((ما ظنك بأثنين، اللهُ ثالثُهما)) .

فهذه معية خاصة غير قوله : {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ} [المجادلة:7] الآية،

فالمعية العامة تقتضي التحذير من علمه وإطلاعه وقدرته وبطشه وانتقامه. والمعية الخاصة تقتضي حسن الظن بإجابته ورضاه وحفظه وصيانته، فكذلك القرب.

وليس هذا القرب كقرب الخلق المعهود منهم،___كما ظنه من ظنه من أهل الضلال، وإنما هو قرب ليس يشبه قرب المخلوقين، كما أن الموصوف به {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى:11] .

وهكذا القول في أحاديث النزول إلى سماء الدنيا فإنه من نوع قرب الرب من داعيه وسائليه ومستغفريه.

وقد سئل عنه حماد بن زيد فقال: هو في مكانه يقرب من خلقه كما يشاء." اهـ[5]

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 76)

في هذا الحديث: تنبيه على أنَّ من توكَّل على الله كفاه، ونصره، وأعانه، وكلأه وحفظه.

 

كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 14) لابن الجوزي :

"وَفِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل على جَوَاز الْهَرَب من الْخَوْف، والتمسك بالأسباب. خلافًا للجهال من المتزهدين الَّذين يَزْعمُونَ أَن التَّوَكُّل رفض الْأَسْبَاب، وَإِنَّمَا التَّوَكُّل فعل الْقلب لإنزال السَّبَب،

وَقد قَالَ عز وَجل: {خُذُوا حذركُمْ} [النِّسَاء: 71]

فَلَو كَانَ التَّوَكُّل ترك السَّبَب لما قَالَ: {خُذُوا حذركُمْ} .

وَقَوله: " مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ الله ثالثهما " أَي : بالنصرة والإعانة، أفتظن أَن يخذلهما، فَرده من النّظر إِلَى الْأَسْبَاب إِلَى الْمُسَبّب.

وَقَالَ بعض الرافضة لبَعض أهل السّنة : "من يكون أشرف من خَمْسَة تَحت عباءة سادسهم جِبْرِيل؟" فَقَالَ السّني : "اثْنَان فِي الْغَار، ثالثهما الله[6]." اهـ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (6/ 201) للزيداني :

"واتحاد الضمير في (الاثنين)، وفي (هما) في (ثالثهما) : دليلٌ على كرامة أبي بكر - رضي الله عنه - وفضيلته." اهـ[7]

 

شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (1/ 139) :

"وجاء في الحديث : "إن الكفار لما وقفوا على باب الغار، وقال أبو بكر يا رسول الله لو أن أحدهم ينظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، فقال: يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالهما.

قال الطبري: في هذا دليل على أن باب الغار كان من أعلى." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2/ 283) لابن علان الصديقي :

"وفي الحديث : تنبيهٌ على أن من توكل على مولاه كفاه وحماه من سائر عداه." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 564) للعثيمين :

وفي هذه القصة: دليل علي كمال توكل النبي _صلي الله عليه وسلم_ علي ربه، وأنه معتمد عليه، ومفوض إليه أمره، وهذا هو الشاهد من وضع هذا الحديث في باب اليقين والتوكل.

وفيه : دليل علي أن قصة نسج العنكبوت غير صحيحة،[8]

فما يوجد في بعض التواريخ، أن العنكبوت نسجت علي باب الغار، وأنه نبت فيه شجرة، وأنه كان علي غصنها حمامةٌ، وأن المشركين لما جاءوا إلي الغار___قالوا : "هذا ليس فيه أحد، فهذه الحمامة علي غصن شجرة علي بابه، وهذه العنكبوت قد عششت علي بابه"،

كل هذا لا صحة له، لان الذي منع المشركين من رؤية النبي _صلي الله عليه وسلم_ وصاحبِه أبِي بكر ليست أمورا حسية _تكون لها ولغيرها_، بل هي أمورٌ معنوية، وآيةٌ من آيات الله عز وجل،

حَجَبَ اللهُ أبصارَ المشركين عن رؤية الرسول _عليه الصلاة والسلام_، وصاحبِه أبي بكر _رضي الله عنه_،

أما لو كان أمورًا حسيةً، مثل العنكبوت التي نسجت، والحمامة، والشجرة، فكلها أمورٌ حسية، كل يختفي بها عن غيره، لكن الأمر آية من آيات الله عز وجل،

فالحاصل أن ما يُذْكَرُ في كتب التاريخ في هذا لا صحة له، بل الحقُّ الذي لا شك فيه : أن الله _تعالى_ أعمى أعيُنَ المشركِيْنَ عَنْ رؤيةِ النبيِّ _صلي الله عليه وسلم_ وصاحبه _رضي الله عنه_ في الغار. والله الموفق." اهـ

 

عشرون حديثا من صحيح البخاري دراسة اسانيدها وشرح متونها (ص: 110) للعباد :

من فقه الحديث وما يستنبط منه:

1- في الحديث منقبة عظيمة لأبى بكر الصديق رضي الله عنه، قال النووي: وهي من أجل مناقبه، والفضيلة من أوجه: منها هذا اللفظ- يعنى ما ظنك باثنين الله ثالثهما- ومنها بذله نفسه ومفارقة أهله في طاعة الله تعالى ورسوله وملازمته النبي لصلى الله عليه وسلم ومعاداة الناس فيه، وصنها جعله نفسه وقاية عنه، وغير ذلك.

2- بيان عظيم توكل النبي صلى الله عليه وسلم على ربه تعالى.___

3- بيان مدى شدة عداوة المشركين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإيذائهم له وحرصهم على قتله

4- الأخذ بأسباب السلامة والاحتياط في ذلك، حيث كمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار.

5- اتخاذ الرفيق في السفر واختياره من ذوى الفضل والصلاح.

6- عناية الصاحب بصاحبه وطمأنته إياه وإدخاله السرور عليه.

7- تسلية المقتفين لآثار المصطفي صلى الله عليه وسلم، وحثهم على الصبر على ما يلاقونه في سبيل نشر الدعوة تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم.

8- أن الداعي إلى الحق عرضة للأذى، وأن طريق الحق ليس مفروشا بالورد، بل الأمر كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات.

9- أن العاقبة لمن اتقى الله وأن الله ناصر من نصر دينه وأن الله مع أوليائه بالنصر والتأييد.

10- تأدب أبى بكر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث عبر "بمع " الدالة على التبعية في قوله رضي الله عنه: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار.

11- تحدث الإنسان عما يجرى له ولأصحابه في السفر وغيره وذلك فيما إذا لم يكن هناك ما يستدعى الكتمان.

12- في الحديث إثبات المعية لله تعالى، وهي على نوعين:

معية عامة شاملة لجميع المخلوقات وهي المعية بالعلم، وقد دل على ذلك أدلة كثيرة منها قوله تعالى:

{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [المجادلة: 7]

النوع الثاني : معية خاصة وهي معية الله لرسله وأوليائه بالنصر والتأييد وأدلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى فيما حكاه عن نبيه _صلى الله عليه وسلم_ وصاحبه في الغار :

{لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا } [التوبة: 40]

وقوله تعالى :___

{إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128]

وقوله :

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } [العنكبوت: 69]

وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : "ما ظنك باثنين الله ثالثهما ".

وهذه النصوص لا تنافي النصوص الكثيرة الدالة على علوه وفوقيته فهو مع المخلوقات بعلمه ومع أوليائه بنصره وتأييده، وهو مستو على عرشه استواء يليق به، وقد جمع الله بين الاستواء على العرش ومعيته بعلمه لخلقه في قوله : {هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} [الحديد: 4]." اهـ

 

منهاج السنة النبوية (8/ 372، 381، )

وَهَذَا الْحَدِيثُ مَعَ كَوْنِهِ مِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى صِحَّتِهِ وَتَلَقِّيهِ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ فَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ اثْنَانِ مِنْهُمْ، فَهُوَ مِمَّا دَلَّ الْقُرْآنُ عَلَى مَعْنَاهُ يَقُولُ: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] ...

وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي بَكْرٍ: " إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا هِيَ مَعِيَّةُ الِاخْتِصَاصِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَعَهُمْ بِالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى عَدُوِّهِمْ، فَيَكُونُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُنِي وَيَنْصُرُكَ يَا أَبَا بَكْرٍ عَلَى عَدُوِّنَا وَيُعِينُنَا عَلَيْهِمْ.

وَمَعْلُومٌ أَنَّ نَصْرَ اللَّهِ نَصْرُ إِكْرَامٍ وَمَحَبَّةٍ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سُورَةُ غَافِرٍ: 51] وَهَذَا غَايَةُ الْمَدْحِ لِأَبِي بَكْرٍ؛ إِذْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِمَّنْ شَهِدَ لَهُ الرَّسُولُ بِالْإِيمَانِ الْمُقْتَضِي نَصْرَ اللَّهِ لَهُ مَعَ رَسُولِهِ (1) ، وَكَانَ مُتَضَمِّنًا شَهَادَةَ الرَّسُولِ لَهُ بِكَمَالِ الْإِيمَانِ الْمُقْتَضِي نَصْرَ اللَّهِ لَهُ مَعَ رَسُولِهِ (2) فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ الَّتِي بَيَّنَ اللَّهُ فِيهَا غِنَاهُ عَنِ الْخَلْقِ فَقَالَ: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] .

وَلِهَذَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَغَيْرُهُ إِنَّ اللَّهَ عَاتَبَ الْخَلْقَ جَمِيعَهُمْ فِي نَبِيِّهِ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ. وَقَالَ مَنْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ فَهُوَ كَافِرٌ لِأَنَّهُ كَذَّبَ الْقُرْآنَ.___

وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ كَأَبِي الْقَاسِمِ السُّهَيْلِيِّ وَغَيْرِهِ: هَذِهِ الْمَعِيَّةُ الْخَاصَّةُ لَمْ تَثْبُتْ لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ." اهـ

 

الداء والدواء = الجواب الكافي ط عالم الفوائد (1/ 436)

فهذه الباء مفيدة لمعنى هذه المعية دون اللام. ولا يتأتّى للعبد الإخلاص والصبر والتوكّل ونزوله في منازل العبودية إلا بهذه الباء وهذه المعية.

فمتى كان العبد بالله هانت عليه المشاقّ، وانقلبت المخاوف في حقّه أمانًا. فبالله يهون كلّ صعب، ويسهل كلّ عسير، ويقرب كلّ بعيد." اهـ

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/ 76_77) للفوزان :

"هكذا مواقف أنبياء الله -عليهم الصلاة والسلام-، لا ييأسون مهما بلغ الأمر ومهما بلغت الشدة لعلمهم برحمة الله عزّ وجلّ وقدرة الله عزّ وجلّ وعلم الله عزّ وجلّ بحالهم وأنه___لا تخفى عليه خافية ولا تخفى عليه أحوالُ عباده أبداً، ولكنه يبتليهم ويمتحنهم ليكفِّر عنهم سيِّئاتهم وليختبر إيمانهم وليعظُم رجاؤهم بالله عزّ وجلّ وليتوبوا إلى الله عزّ وجلّ. وله الحكمة في ذلك سبحانه وتعالى." اهـ

 

منهاج المسلم (ص: 121_122) لأبي بكر الجزائري :

"فمنْ خلالِ هذهِ الحادثةِ التي تجلتْ فيهَا حقائقُ الإيمانِ والتَّوكُّلِ معًا يشاهدُ أنّ الرسولَ عليهِ الصَّلاةُ والسلامُ كانَ لَا ينكر الأسبابَ، ولَا يعتمدُ عليهَا، وأن آخرَ الأسبابِ للمؤمنِ اطِّراحهُ بينَ يديِ اللّهِ، وتفويضهُ أمرَهُ إليهِ فيِ ثقةٍ واطمئنانٍ .. إنَّ الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - لماَّ استنفدَ جميعَ الوسائلِ فيِ طلبِ النجاةِ حتى حشرَ نفسهُ التي طلبَ النَّجاةَ لهَا في غار مظلم تسكنهُ العقاربُ والحيَّاتُ؛ قالَ في ثقةِ المؤمنِ ويقينِ التوكِّلِ لصاحبهِ لما ساورهُ الخوف: "لَا تحزنْ إن اللّهَ معنَا، مَا ظنُكَ يَا أبَا بكَير باثنينِ اللّهُ ثالثهمَا؟! ".

ومنْ هذَا الهديِ النبويِّ والتَّعليمِ المحمديِّ اقتبسَ المسلمُ نظرتَه تلكَ إلَى الأسبابِ، فليسَ هوَ فيهَا مبتدعًا ولَا متنطِّعًا، وإنّمَا هوَ مؤتس ومقتدٍ.

أما الاعتمادُ علَى النفسِ: فإن المسلمَ لَا يفهمُ منهُ مَا يفهمهُ المحجوبونَ بمعاصيهم عنْ أنفسهم منْ أنهُ عبارةٌ عنْ قطعِ الصِّلةِ باللهِ تعالَى، وأنَّ العبدَ هوَ الخالقُ لأعمالهِ، والمحقِّقُ لكسبهِ وأرباحهِ بنفسهِ، وأنهُ لَا دخلَ للّهِ فيِ ذلكَ!! تعالَى اللّهُ عمَّا يتصوَّرونَ.

وإنَّمَا المسلمُ إذْ يقولُ بوجوبِ الاعتمادِ علَى النفسِ فيِ الكسبِ والعملِ يريدُ بذلكَ أنَّهُ لَا يُظهرُ افتقارهُ إلَى أحد غيرِ اللّهِ، ولَا يبدِي احتياجَه إلَى غيرِ مولاهُ، فإذَا أمكنهُ أنْ يقومَ بنفسهِ علَى عملهِ فإنهُ لَا يسندهُ إلَى غيرهِ، وإذَا تأتّى لهُ أنْ يسدَّ حاجتهُ بنفسهِ فلَا يطلبُ معونةَ غيرهِ، ولَا مساعدةَ أحدٍ سوَى اللّهِ؛ لماَ فيِ ذلكَ منْ تعلُّقِ القلبِ بغيرِ اللّهِ، وهوَ مَا لَا يحبُّهُ المسلمُ ولا يرضاهُ.

والمسلمُ في هذَا هوَ سالكٌ دربَ الصَّالحينَ، وماض علَى سننِ الصِّدِّيقينَ، فقدْ كانَ أحدهمْ إذَا سقطَ سوطَهُ منْ يدهِ وهوَ راكبٌ علَى فرسهِ ينزلُ إلَى الأرضِ ليتناولهُ بنفسهِ ولَا يطلبُ منْ أحدٍ أنْ يناولهُ إيَّاهُ، وقدْ كانَ رسولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - يبايعُ المسلمَ علَى إقامةِ الصلاةِ وإيتاء الزَّكاةَ، وأنْ لَا يسألَ أحدًا حاجتهُ غيرَ اللّهِ تعالَى.___

والمسلمُ إذْ يعيشُ علَى هذهِ العقيدةِ منَ التَّوكُّلِ علَى اللّهِ والاعتمادِ علَى النَّفسِ يغذِّي عقيدتهُ هذهِ وينمِّي خلقهَ ذاكَ بإيرادِ خاطرهِ منَ الوقتِ إلَى الوقتِ علَى هذهِ الآياتِ النُّورانيَّةِ، والأحاديثِ النبويةِ التي استمد منهَا عقيدتهُ، واستوحَى منهَا خلقهُ،

وذلكَ كقولِ اللّهِ تعالَى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ} [الفرقان: 58]. وَقَوْلِهِ: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [آل عمران: 173]. وقولهِ تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159]. وكقولِ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "لوْ أنكم تتوكَلونَ علَى اللَّهِ حقَّ توكُّلهِ لرزقكم كمَا يرزقُ الطيرَ تغدو خماصًا وتروح بطانًا" (1). وقولهِ إذَا خرجَ منْ بيتهِ: "بسمِ اللهِ توكَّلتُ علَى اللهِ ولَا حولَ ولَا قوَّةَ إلا باللهِ" (2) وقولهِ في السبعينَ ألفًا الذينَ يدخلونَ الجنَّةَ بغيرِ حساب ولَا عذاب : "همُ الذينَ لَا يسترقونَ، ولَا يَكتوونَ، ولَا يتطيرونَ، وعلَى ربهم يتوكَلونَ"[9] ". اهـ

 

شرح مشكل الآثار (10/ 269_270) لأبي جعفر الطحاوي :

"وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى شِدَّةِ الْجَهْدِ الَّذِي كَانَا فِيهِ، وَالْخَوْفِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ _رَضِيَ اللهُ عَنْهُ_ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَوِقَايَتِهِ إِيَّاهُ بِنَفْسِهِ مِمَّا كَانَ يَقِيهِ بِهَا عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى أَوْصَلَ اللهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ رَسُولَهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وَأَوْصَلَهُ مَعَهُ إِلَى دَارِ هِجْرَتِهِ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ لِرَسُولِهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ مَعْقِلًا، وَلِأَصْحَابِهِ _رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ_ مُهَاجَرًا، وَاخْتَصَّ أَهْلَهَا مِنْهُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهِمْ، وَالنُّصْرَةِ مِنْهُمْ لَهُ، وَبِالرَّوْضَةِ الَّتِي جَعَلَهَا بَيْنَ قَبْرِهِ وَبَيْنَ مِنْبَرِهِ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَبِنُزُولِ الْوَحْيِ عَلَيْهِ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَبِمُخَالَطَتِهِ خِيَارَ مَلَائِكَتِهِ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمْ إِيَّاهُمْ بِنُزُولِهِمْ عَلَيْهِ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا كَانَ يُرْسِلُهُمْ بِهِ إِلَيْهِ، وَيُنْزِلُهُ عَلَيْهِ مِنْ قُرْآنِهِ، وَمِنْ وَحْيِهِ،

فَصَلَوَاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى رَسُولِهِ خَيْرِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، وَإِمَامِ الْمُتَّقِينَ، ثُمَّ رَحْمَتُهُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ صَاحِبِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِمَا كَانَ مِنْهُ فِي رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ ابْتِغَاءَ وَجْهِهِ، وَطَلَبًا لِمَا عِنْدَهُ حَتَّى شَرَّفَهُ اللهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ بِذِكْرِهِ إِيَّاهُ فِي كِتَابِهِ مَعَ رَسُولِ___اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فِيمَا ذَكَرَهُ بِهِ مَعَهُ فِيهِ،

وَمِمَّا أَبَانَهُ بِهِ عَنْ صَحَابَتِهِ سِوَاهُ _رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ_، وَفِيمَا ذَكَرْنَا : مَا يَنْفِي مَا ظَنَّهُ هَذَا الْجَاهِلُ لِنَقْصِ عِلْمِهِ وَفَهْمِهِ مِنِ اضْطِرَابِ آثَارِ رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَاخْتِلَافِهَا، وَدَلِيلُ ائْتِلَافِهَا وَانْتِفَاءِ الِاخْتِلَافِ وَالتَّضَادِّ عَنْهَا وَاللهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (38/ 350_352):

في فوائده:

1 - (منها): أن فيه بيانَ عظيمِ توكّل النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ حتى في هذا المقام.

2 - (ومنها): أن فيه منقبةً ظاهرةً لأبي بكر الصدّيق - رضي الله عنه -، قال

النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ-: وفيه فضيلةٌ لأبي بكر - رضي الله عنه -، وهي من أجلّ مناقبه، والفضيلةُ من

أوجه: منها هذا اللفظ، ومنها بَذْله نَفْسه، ومفارقته أهله، وماله، ورياسته في

طاعة الله تعالى، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وملازمة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ومعاداة الناس فيه، ومنها:

جعله نفسه وقايةً عنه، وغير ذلك. انتهى ["شرح النوويّ" 15/ 150]

وقال القرطبيّ المفسّر -رَحِمَهُ اللهُ-: هذه الآية تضمَّنت فضائل الصدّيق - رضي الله عنه -،

روى أصبغ وأبو زيد عن ابن القاسم عن مالك: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} هو الصدّيق، فحقّق الله

تعالى قوله له بكلامه، ووَصْف الصحبة في كتابه.

قال بعض العلماء: من أنكر أن يكون عمر وعثمان أو أحد من الصحابة

صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كذّاب مبتدع، ومن أنكر أن يكون أبو بكر - رضي الله عنه -

صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر؛ لأنه ردّ نصَّ القرآن. انتهى ["تفسير القرطبيّ" 8/ 146]

3 - (ومنها): بيان قوّة توكّل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ربّه، وشدّة وثوقه بوعده الذي

بيّنه بقوله: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)} [الصافات: 171 - 173]، وقوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ (51)} [غافر: 51].

4 - (ومنها): شدة حرص أبي بكر - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقد فزع في___ذلك المحلّ، وأصابه الحزن والخوف، وما ذلك إلا لِأَجْله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه إن أصابه

شيء من الكفّار انقطعت الدعوة إلى الله، ولم يَقُمْ بعده غيره.

قال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللهُ-:

"قالت الإمامية قبَّحها الله: حُزن أبي بكر في الغار

دليل على جهله، ونقصه، وضَعف قلبه، وخُرقه ["تفسير القرطبيّ" 8/ 146 - 147]

وأجاب علماؤنا عن ذلك بأن إضافة الحزن إليه ليس بنقص، كما لم ينقص إبراهيم -عَلَيْهِ السَّلامُ- حين قال عنه: {نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ} [هود: 70]،

ولم ينقص موسى قوله: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى (67) قُلْنَا لَا تَخَفْ} [طه: 67، 68]،

وفي لوط: {وَلَا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ} [العنكبوت: 33].

فهؤلاء العظماء -صلوات الله عليهم- قد وُجدت عندهم التقية نصّاً، ولم

يكن ذلك طعناً عليهم، ووصفاً لهم بالنقص، وكذلك في أبي بكر.

ثم هي عند الصديق احتمال، فإنه قال: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه

لأبصرنا.

جواب ثان: إن حزن الصديق إنما كان خوفاً على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يصل إليه

ضرر، ولم يكن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الوقت معصوماً، وإنما نزل عليه: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] بالمدينة. انتهى [الخُرق بالضمّ: الْحُمق، وضعف الرأي]

5 - (ومنها): بيان جواز الفرار بالدين خوفاً من العدو، والاستخفاء في الْغِيران وغيرها، ولا يُلقي الإنسان بيده إلى العدوّ؛ توكلاً على الله تعالى، واستسلامأ له، ولو شاء الله لعصمه - صلى الله عليه وسلم - مع كونه معهم، ولكنها سُنَّة الله في

الأنبياء وغيرهم، ولن تجد لسُنَّة الله تبديلاً.

قال القرطبيّ: وهذا أدلّ دليل على فساد من منع ذلك، وقال: من خاف مع الله سواه كان ذلك نقصاً في توكله، ولم يؤمن بالقَدَر، وهذا كله في معنى الآية، ولله الحمد والهداية.

6 - (ومنها): ما قال المهلّب: في قصّة الهجرة من الفقه ائتمان أهل___الشرك على السرّ، والمال إذا عُلم منهم وفاء ومروءة، كما ائتَمَن النبيّ - صلى الله عليه وسلم – هذا المشرك على سرّه في الخروج من مكة، وعلى الناقتين.

وقال ابن المنذر: فيه استئجار المسلمين الكفار على هداية الطريق.

وقال البخاري في "صحيحه": "باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام"، قال ابن بطال: إنما قال البخاري في ترجمته: "أو إذا لم يوجد أهل الاسلام " من أجل أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما عامل أهل خيبر على العمل في أرضها إذ لم يوجد من المسلمين من ينوب منابهم في عمل الأرض،

حتى قَوِي الإسلام، واستُغني عنهم أجلاهم عمر.

وعامة الفقهاء يجيزون استئجارهم عند الضرورة وغيرها.

وفيه: استئجار الرجلين الرجل الواحد على عمل واحد لهما ["تفسير القرطبيّ" 8/ 147]

[فائدة]: أخرج الترمذيّ -رَحِمَهُ اللهُ- من حديث نُبَيط بن شَرِيط عن سالم بن عبيد

-له صحبة- قال: أُغمي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... الحديث، وفيه: واجتمع

المهاجرون يتشاورون، فقالوا: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار نُدخلهم معنا

في هذا الأمر، فقالت الأنصار: منا أمير، ومنكم أمير، فقال عمر - رضي الله عنه -: من له

مثل هذه الثلاث: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}؛ من "هما"؟ قال: ثم بسط يده فبايعه وبايعه الناس

بيعة حسنة جميلة ["تفسير القرطبيّ" 8/ 147]

[فائدة أخرى]: قال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قال لنا أبو الفضائل العدل: قال

لنا جمال الإسلام أبو القاسم: قال موسى - صلى الله عليه وسلم -: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62)} [الشعراء: 62]، وقال في محمد - صلى الله عليه وسلم -: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} لا جرم لمّا كان الله مع موسى وحده ارتدّ أصحابه بعده، فرجع من عند ربه، ووجدهم يعبدون العجل، ولمّا قال محمد - صلى الله عليه وسلم -: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} بقي أبو بكر مهتدياً موحّداً عالماً جازماً قائماً بالأمر، ولم يتطرق إليه اختلال. انتهى ["تفسير القرطبيّ" 8/ 147]، والله تعالى أعلم.



[1]  وفي كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 13_14) لابن الجوزي :

"الْغَار : النقب فِي الْجَبَل، وَكَانَ هَذَا الْغَار فِي جبل يُقَال لَهُ ثَوْر، وَهُوَ مَعْرُوف بِمَكَّة، أَقَامَا فِيهِ ثَلَاثَة أَيَّام، وَكَانَ طلب الْمُشْركين لَهما لَا___يفتر، فَبعث الله عز وَجل حَمَامَتَيْنِ فباضتا، وألهم العنكبوت فَنسجَتْ عِنْد بَاب الْغَار، فَلَمَّا وصل الْمُشْركُونَ إِلَى قريب من الْغَار، قَالُوا: ارْجعُوا، فَلَو كَانَ هَاهُنَا أحد لم تكن هَذِه الْحَمَامَة، وَلَا العنكبوت." اهـ

[2]  وفي شرح النووي على مسلم (15/ 149) :

"(اللَّهُ ثَالِثُهُمَا) مَعْنَاهُ : ثَالِثُهُمَا بِالنَّصْرِ وَالْمَعُونَةِ___وَالْحِفْظِ وَالتَّسْدِيدِ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ _تَعَالَى_ : {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ } [النحل: 128]." اهـ

[3]  لعبد بن حميد الكشي _رحمه الله مسندانِ : المسند الكبير والمسند الصغير، وهو المعروف بـ(المنتخب من مسند عبد بن حميد).

[4]  وفي شرح مذاهب أهل السنة لابن شاهين (ص: 60) : "فَضِيلَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ." اهـ

وفي شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (7/ 1347) للالكائي : "سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ _رِضْوَانُ اللَّهُ عَلَيْهِ_." اهـ

وفي فضائل الخلفاء الراشدين لأبي نعيم الأصبهاني (ص: 33) : "فَضِيلَةٌ لِلصِّدِّيقِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَتَفَرَّدُ بِهَا لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا مُشَارِكٌ." اهـ

[5]  وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 471) :

"فَهَذِهِ الْمَعِيَّةُ الْخَاصَّةُ تَقْتَضِي النَّصْرَ وَالتَّأْيِيدَ، وَالْحِفْظَ وَالْإِعَانَةَ بِخِلَافِ الْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :

{مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَمَا كَانُوا} [المجادلة: 7]،

وَقَوْلِهِ : {وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108]،

فَإِنَّ هَذِهِ الْمَعِيَّةَ تَقْتَضِي عِلْمَهُ وَاطِّلَاعَهُ وَمُرَاقَبَتَهُ لِأَعْمَالِهِمْ، فَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِتَخْوِيفِ الْعِبَادِ مِنْهُ. وَالْمَعِيَّةُ الْأُولَى تَقْتَضِي حِفْظَ الْعَبْدِ وَحِيَاطَتَهُ وَنَصْرَهُ، فَمَنْ حَفِظَ اللَّهَ، وَرَاعَى حُقُوقَهُ، وَجَدَهُ أَمَامَهُ وَتُجَاهَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَاسْتَأْنَسَ بِهِ، وَاسْتَغْنَى بِهِ عَنْ خَلْقِهِ." اهـ

[6]  وفي العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (2/ 620) :

"وقال رجل من أبناء أصحاب رسولِ الله _صلى الله عليه وسلم_ في مجلسِ، فيه القاسمُ بن محمدِ بنِ أبي بكر الصديق : "واللهِ، ما كان من موطن فيه رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_، إلا وعليٌّ فيه"،

فقال القاسم : "يا أخي، لا تحلف!"، قال : "هَلُمَّ"، قال : "بلى، ما لا نرده، قال الله _تعالى_ : {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (2) [التوبة: 40]." اهـ

[7]  وفي شرح المصابيح لابن الملك (6/ 290) : "واتحاد الضمير في (اثنين) و(ثالثهما) دليلٌ على كرامة أبي بكر وفضيلته." اهـ

[8]  لقد فصل وبين ضعف الأحاديث الواردة في نسج العنكبوت والحمامتين العلامة المحدث الألباني _رحمه الله_ سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (رقم : 1129)، وفي تخريج مشكاة المصابيح (3/ 1669) (رقم : 5934)

[9]  رواه مسلم (198)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 60 من رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي