شرح الأدب المفرد 151_153

 


151 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الْجَنَّةَ»

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي الْأَسْوَدِ (ثقة حافظ: ت. 223 هـ):

عبْدُ الله بْنُ محمدِ بْنِ أبي الأسودِ (حميد) بْنِ الْأَسْوَدِ البصري، أبو بكر الحافظ (ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي، قد ينسب إلى جده)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ د ت 

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عُمَارَةَ الْأَنْصَارِيُّ (صدوقٌ يخطئُ: ت. 187 هـ):

زكريا بْنُ يحيى بْنِ عُمارَةَ الأنصاري، أبو يحيى الذارع البصري (وقد ينسب إلى جده)، من كبار أتباع التابعين، روى له:  بخ د س ق 

 

 

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ (ثقة: ت. 130 هـ):

عبدُ العزيزِ بْنُ صُهَيْبٍ البنانيُّ مولاهم، البصري الأَعْمَى، العبد (وبُنَانَةُ من قريش)، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ (ت. 93 هـ):

أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام بْنِ جُنْدُبِ بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصاري النجاري، أبو حمزة المدني، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الْجَنَّةَ»

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 65) (رقم: 151)، وفي "صحيحه" (2/ 73 و 2/ 100) (رقم: 1248 و 1381)، والنسائي في "سننه" (4/ 24) (رقم: 1873)، وفي "السنن الكبرى" (2/ 401) (رقم: 2013)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 512) (رقم: 1605)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (3/ 152) (رقم: 12535)، وأبو يعلى الْمَوْصِلِيُّ في "مسنده" (7/ 27) (رقم: 3927)، وأبو عوانة في "المستخرج" – ط. الجامعة الإسلامية (20/ 147) (رقم: 11498)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 312)، وأبو طاهر الْمُخَلِّص في "المخلِّصِيَّاتِ" (2/ 65) (رقم: 1026)، والدقاق في "فوائده" (ص: 99) (رقم: 199)، وابْنُ جُميع الصَّيْدَاوِيُّ في "معجم الشيوخ" (ص: 100)، السنن الكبرى للبيهقي (4/ 112) (رقم: 7139 و 7140)، والبغوي في "شرح السنة" (5/ 453) (رقم: 1545)، وابن الفاخر السمرقندي في "موجبات الجنة" (ص: 123) (رقم: 165)

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 79) (رقم: 113)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 439) (رقم: 1992)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 991 و 2/ 995 و 2/ 1006) (رقم: 5683 و 5709 و 5776)

 

فوائد الحديث سبق في الحديث السابق (رقم: 150).

 

 

 

 

 

 

 

81- باب من مات له سِقْطٌ

 

152 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ - وَكَانَ لَا يُولَدُ لَهُ -، فَقَالَ:

لِأَنْ يُولَدَ لِي فِي الْإِسْلَامِ وَلَدٌ سَقْطٌ فَأَحْتَسِبَهُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يكُونَ لِيَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَمَا فِيهَا."

وَكَانَ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.

[قال الشيخ الألباني: ضعيف]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يَزِيدَ (صدوق: 227 هـ):

إسحاق بن إبراهيم بن يزيد القرشى ، أبو النضر الدمشقى الفراديسى (مولى عمر بن عبد العزيز، وقيل: مولى أخته أم الحكم)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ د س 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ (ثقة: ت. 171 هـ):

صدقة بن خالد القرشي الأموي مولاهم، أبو العباس الدمشقي (مولى أم البنين)، مِنَ الْوُسْطَى مِنْ أتباع التابعين، روى له:  خ د س ق 

 

* قَالَ: حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ (لا بأس به = صدوق: 140 هـ)[1]:

يزيد بن أبي مريم بن أبي عطاء (وقيل: ابْنُ ثابِتِ بْنِ أبى مريم) الشامي، أبو عبد الله الدمشقي (مولى سهل بن الحنظلية الأنصاري)، من الذين عاصروا صغار التابعين،

روى له:  خ د ت س ق

 

عَنْ أُمِّهِ (مجهولة):

 

عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ (صحابى: ت. في صدر خلافة معاوية ما يتراوح بين سنة 41 إلى سنة 50 ه):

سهل بن الحنظلية، الأنصارى الأوسي = سهل بن عمرو (ويقال: سهل بن الربيع بن عمرو، والحنظلية: أمه، أو من أمهاته)، روى له:  بخ د س

 

نص الحديث:

 

عَنْ سَهْلِ بْنِ الْحَنْظَلِيَّةِ - وَكَانَ لَا يُولَدُ لَهُ -، فَقَالَ:

لِأَنْ يُولَدَ لِي فِي الْإِسْلَامِ وَلَدٌ سَقْطٌ فَأَحْتَسِبَهُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يكُونَ لِيَ الدُّنْيَا جَمِيعًا وَمَا فِيهَا."

وَكَانَ ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.

 

والحديث وإن كان ضعيفا من حيث الإسناد، إلا أنه ورد ما يدل على أن من مات له سقط، فله الفضل العظيم،

ففي "سنن ابن ماجه" (1/ 513) (رقم: 1609):

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبِيدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ[2]، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ السِّقْطَ، لَيَجُرُّ أُمَّهُ بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ إِذَا احْتَسَبَتْهُ»

وصححه لشواهده الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 446) (رقم: 2008)[3]

 

وفي "سنن الترمذي" – ت. شاكر (3/ 332) (رقم: 1021):

عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ:

أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ:

"إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ، قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: (قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي)،

فَيَقُولُونَ: "نَعَمْ"،

فَيَقُولُ: (قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ)، فَيَقُولُونَ: "نَعَمْ"،

فَيَقُولُ: (مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟)، فَيَقُولُونَ: "حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ"،

فَيَقُولُ اللَّهُ: (ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ)."

وحسنه الالباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 447) (رقم: 2012)، و"سلسلة الأحاديث الصحيحة" (3/ 398_399) (رقم: 1408)، وقال: "فالحديث بمجموع طرقه حسن على أقل الأحوال." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 65) (رقم: 152)،

والحديث ضعيف: ضعفه الألباني _رحمه الله_ في "ضعيف الأدب المفرد" (ص: 34) (رقم: 29). ففيه: أم يزيد بن أبي مريم، وهي مجهولة."

 

من فوائد الحديث:

 

وقال محمد لقمان الصديقي السلفي _رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص 100):

"فيه فضل من مات له ولد، فاحتسب الأجر من الله." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

153 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟»

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ،

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، إِلَّا مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، مَالُكَ مَا قَدَّمْتَ، وَمَالُ وَارِثِكَ مَا أَخَّرْتَ»

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ (ثقة ثبت: 227 هـ)

محمد بن سلام بن الفرج السلمى مولاهم ، أبو عبد الله أو أبو جعفر ، البخارى البيكندى، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ  ( البخاري )

 

قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ  (295 هـ: ثقة أحفظ الناس لحديث الأعمش):

محمد بن خازم التميمى السعدى ، أبو معاوية الضرير الكوفى ، مولى بنى سعد بن زيد مناة بن تميم، من صغار أتباع التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ (ثقة حافظ عارف بالقراءات: 147 أو 148 هـ):

سليمان بن مهران الأسدى الكاهلى مولاهم ، أبو محمد الكوفى الأعمش ( و كاهل هو ابن أسد بن خزيمة )، من صغار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ (ثقة إلا أنه يرسل و يدلس: 192 هـ):

إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمى ، أبو أسماء الكوفى ( من تيم الرباب ، و كان من العباد )

المولد :  152 هـ، من صغار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ (ثقة ثبت: بعد 70 هـ):

الحارث بن سويد التيمى، أبو عائشة الكوفى، من كبار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ (32 أو 33 هـ بـ المدينة):

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلى ، أبو عبد الرحمن، صحابى، روى له :  خ م د ت س ق

 

 

 

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟»

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ،

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، إِلَّا مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ، مَالُكَ مَا قَدَّمْتَ، وَمَالُ وَارِثِكَ مَا أَخَّرْتَ»

 

وفي معناه ما ورد في "صحيح مسلم" (4/ 2273/ 3) (رقم: 2958)عن عبد الله بن الشخير قَالَ:

"أَتَيْتُ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وَهُوَ يَقْرَأُ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)،

قَالَ: "يَقُولُ ابْنُ آدَمَ: (مَالِي، مَالِي)، قَالَ: وَهَلْ لَكَ _يَا ابْنَ آدَمَ_ مِنْ مَالِكَ إِلَّا مَا أَكَلْتَ فَأَفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ تَصَدَّقْتَ فَأَمْضَيْتَ؟"

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 65) (رقم: 153)، وفي "صحيحه" (8/ 93) (رقم: 6442)، سنن النسائي (6/ 237) (رقم: 3612)، السنن الكبرى للنسائي (6/ 147) (رقم: 6406)، مسند ابن أبي شيبة (1/ 180) (رقم: 262)، مسند أحمد - عالم الكتب (1/ 382) (رقم: 3626)، الزهد لهناد بن السري (1/ 333)، مسند أبي يعلى الموصلي (9/ 97) (رقم: 5163)، شرح مشكل الآثار (4/ 344) (رقم: 1653_1655)، صحيح ابن حبان - مخرجا (8/ 122) (رقم: 3330)، المسند للشاشي (2/ 261) (رقم: 836)، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (4/ 128)، السنن الكبرى للبيهقي (3/ 515) (رقم: 6509)، شعب الإيمان (5/ 36) (رقم: 3060)

 

فوائد الحديث :

 

شرح مشكل الآثار (4/ 345_346):

"فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّ مَا أَخَّرَهُ الرَّجُلُ مِنْ مَالِهِ، فَلَمْ يُقَدِّمْهُ لِلَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_ فِيمَا يَكُونُ ثَوَابًا لَهُ عِنْدَهُ وَزُلْفَى لَهُ لَدَيْهِ، لَيْسَ مِنْ مَالِهِ،

وَلَيْسَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ مَالَهُ، كَمَا لَيْسَ مَالُ غَيْرِهِ مِنَ النَّاسِ مَالًا لَهُ، وَلَكِنَّهُ عِنْدَنَا _وَاللهُ أَعْلَمُ_: لَيْسَ مِنْ مَالِهِ الَّذِي هُوَ أَعْلَى أَمْوَالِهِ فِي مَنَافِعِهَا لَهُ.

إذْ كَانَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ مَالِهِ يَنْفَعُهُ فِي آخِرَتِهِ، وَمَا لَمْ يُقَدِّمْهُ مِنْهُ، لَا يَنْفَعُهُ فِيهَا، فَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لَهُ: (لَيْسَ هُوَ مِنْ مَالِهِ)، وَجَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُضَافَ إلَى مَنْ يَحْصُلُ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ فِي الْخَيْرِ___إلَى خَيْرِ أَمْوَالِهِ لَهُ هُوَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابًا عِنْدَ رَبِّهِ وَزُلْفَى لَدَيْهِ.

وَمَا عَسَى أَنْ يَكُونَ وَارِثُهُ يُقَدِّمُهُ، فَيَكُونُ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_ قُرْبَةً إلَيْهِ، وَزُلْفَى لَدَيْهِ، فَيَكُونُ هُوَ مَالَهُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ أَمْوَالِهِ فِي مَنَافِعِهِ فِي مَعَادِهِ.

وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الشِّخِّيرِ عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_." اهـ

 

فتح الباري - تعليق ابن باز (11 / 260):

"الذي يَخْلُفُهُ الإنسان من المال، وإن كان هو في الحال منسوبا إليه، فإنه باعتبار انتقاله إلى وارثه، يكون منسوبا للوارث،

فنسبته للمالك في حياته حقيقية، ونسبته للوارث في حياة الْمُوَرِّثِ مجازيَّةٌ، ومن بعد موته حقيقيَّةٌ." اهـ

 

فتح الباري - تعليق ابن باز (11 / 260):

"قال ابن بطال وغيره:

"فيه التحريض على تقديم ما يمكن تقديمه من المال في وجوه القُرْبة والبر، لينتفع به في الآخرة، فإن كل شيء يَخْلُفُهُ الْمُوَرِّث يصير ملكا للوارث:

* فإن عمِل فيه بطاعة الله، اختص بثواب ذلك، وكان ذلك الذي تعب في جمعه ومنْعِهِ،

* وإن عمِل فيه بمعصية الله، فذاك أبْعَدُ لِمَالِكِهِ الْأوّلِ من الانتفاع به، إن سلم من تبعته." اهـ

 

شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال - (10 / 162)

"هذا الحديث تنبيه للمؤمن على أن يقدم من ماله لآخرته ، ولا يكون خازنًا له وممسكه عن إنفاقه فى طاعة الله ، فيخيب من الانتفاع به فى يوم الحاجة إليه ، وربما أنفقه وارثه فى طاعة الله فيفوز بثوابه." اهـ

 

فيض القدير - (2 / 10):

"قال بعض العارفين: (قَدِّمُوْا بَعْضًا، ليكون لكم، ولاَ تَخْلُفُوْا كُلاًّ، ليكون عليكم)." اهـ

 

فيض القدير - (2 / 10):

"قال الماوردي :

(فالحازم من عَمِدَ إلى ما زاد عن كفايته، فيرى انتهاز الفرصة فيها، فيضعها بحيث تكون له ذخرا مُعَدًّا وغُنْمًا مُسْتَجَدًّا

ومن يدخر المال لولده ونحوه من ورثته إشفاقا عليه مِنْ كَدِّ الطلبِ وسُوْءِ الْمُنْقَلَبِ، استحق الذم واللوم من وجوه:

* منها: سوءُ الظن بخالقه في أنه لا يرزقهم إلا من جهته، والثقةُ ببقاء ذلك على ولده مع غَدْرِ الزّمان ومحنه،

* ومنها: ما حرم من منافع ماله وسلب من وفور حاله، وقد قيل إنما مالك لك أو لوارثك أو للجانحة، فلا تكن أشقى الثلاثة،

ومنها: ما لحقه من شقاء حمقه وناله من عناء كده حتى صار ساعيا محروما وجاهدا مذموما

ومن ثم قالوا : رب مغبوط بمسرة هي داؤه ومحزون من سقم هو شفاؤه

* ومنها : ما يؤخذ به من وزره وآثامه ويحاسب عليه من شقائه وإجرامه

وكما حكي أن هشام بن عبد الملك لما ثقل بكى عليه ولده فقال جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم له بالبكاء وترك لكم ما كسب وتركتم عليه ما اكتسب

فعلم من هذا التقرير أن الحديث مسوق لذم من قتر على نفسه وعياله وشح بالمال أن ينفق منه في وجوه القرب وادخره لورثته .

أما من وسع على عياله وتصدق قصدا بالمعروف ثم فضل بعد ذلك شيء فادخره لعياله فلا يدخل في الذنب بدليل خبر : "لأن تترك ورثتك أغنياء خير... إلخ"

وقضيته أن من مات وخلف دينا لوارثه فلم يقبضه ثم مات الكل كان المطالب به في الآخرة الوارث لكن صرح أئمتنا بأن المطالب فيها صاحب الحق أولا." اهـ

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى - (30 / 81_82)

في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان كراهة تأخير الوصيّة.

(ومنها): الحثّ على المبادرة في فعل الخير قبل فوات أوانه.

(ومنها): أن ما يفعله الإنسان في حياته من الإنفاق في وجوه الخير هو الذي يناله في الآخرة؛ لأنه من خالص ملكه.

(ومنها): أن ما يجمعه الإنسان من المال، ويتركه للورثة، ليس له به أجرٌ، وإن أنفقه وارثه في وجوه الخير؛ لأنه ملكه، وليس ملكًا لمكتسبه، ولا ينافي هذا ما في حديث سعد بن أبي وقّاص - رضي اللَّه تعالى عنه - الآتي، حيث قاله النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تتركهم عالةً، يتكفّفون الناس ... "؛ لأن سعدًا أراد أن يتصدّق بماله كلّه في مرضه، وكان وارثه بنتًا، ولا طاقة لها على____الكسب، فأمره أن يتصدّق بثلثه، ويكون باقيه لابنته، وحديث الباب إنما خاطب به أصحابه الذين هم في صحّتهم، فحرّضهم على تقديم مالهم لينفعهم يوم القيامة؛ لأنهم إن تركوا ذلك، فسوف ينتقل إلى غيرهم، ويُحرمون الأجر الكثير. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

 

التنوير شرح الجامع الصغير - (2 / 511_512)

هو حث على الإنفاق في وجوه الخير وترغيب فيه وتصوير لحال من يمسك المال ومن ينفقه بأن الممسك أمسك مال غيره وهو وارثه ولو قدمه كان مال نفسه فإن المال يراد للانتفاع به فما قدمه العبد فنفعه له وما آخره فنفعه لوارثه فهو مال وارثه فالممسك قد أحب مال غيره أشد من حبه مال نفسه بتوفيره له وحفظه_____عن الإنفاق وهذا الكلام النبوي في غاية الموعظة

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 88)

* في هذا الحديث من الفقه، تلطيف القول بإيصال الحكمة إلى قلوب الخلق، فهو كما قال : (إن مال الإنسان ما قدمه ومال وارثة ما خلفه) وقد شرد الناس عن ملاحظة هذا السر إلا من وفقه الله تعالى، وإنه لمن البيان العجيب والنطق الفصيح والمقنع الكافي، وذلك من فضل الله على الناطق به.

 

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (5/ 294) // حمزة محمد قاسم :

فقه الحديث: دل هذا الحديث على الترغيب في إنفاق المال في طرقه المشروعة من النفس والأهل والولد، وبذله في المشاريع الخيرية، فإن مال الإِنسان ما ينفقه في حياته، لا ما يتركه بعد مماته، وفي الحديث: " يقول ابن آدم: مالي مالي، وليس لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت ".



[1] وفي "موسوعة أقوال الإمام أحمد بن حنبل في رجال الحديث وعلله" (4/ 157) (رقم: 3560):

"يزيد بن أبي مريم، ويقال: يزيد بن ثابت بن أبي مريم، أبي عطاء الشامي، أبو عبد الله الدمشقي، مولى سهل بن الحنظلية الأنصاري، إمام الجامع بدمشق. • قال أبو داود: قلت لأحمد: يزيد بن أبي مريم؟ قال: كان من أهل دمشق، وكان ثقة." اهـ

[2] والصحيح: أنه يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر (ويقال: الْمُجَبِّرُ) التيمى البكرى، أبو الحارث الكوفى (إمام مسجد بنى تيم الله)، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له:  د ت ق، وقال ابن حجر: "لين الحديث و روايته عن المقدام مرسلة." روى عنه إسرائيل بن يونس، ولم يرو عن يحيى بن عبيد الله بن موهب. ثم صرح الطبراني في "المعجم الكبير" (20/ 145) (رقم: 299)، فقال: "حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ الضَّبِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ، أَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْجَابِرِ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مُسْلِمٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ....

[3] وقال الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 446) "قلت: لكن جملة السقط هذه، لها شاهد من حديث عبادة، وآخر من حديث علي، وهذا في "المشكاة" (1757). والسطر المشار إليه بنقاط من حصة "الضعيف". اهـ

وشاهده من حديث علي بن أبي طالب _رضي الله عنه_ رواه عنه ابن ماجه في "سننه" (1/ 513) (رقم: 1608) - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو بَكْرٍ الْبَكَّائِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْدَلٌ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَكَمِ النَّخَعِيِّ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عَابِسِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهَا، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

"إِنَّ السِّقْطَ لَيُرَاغِمُ رَبَّهُ، إِذَا أَدْخَلَ أَبَوَيْهِ النَّارَ، فَيُقَالُ: أَيُّهَا السِّقْطُ الْمُرَاغِمُ رَبَّهُ أَدْخِلْ أَبَوَيْكَ الْجَنَّةَ، فَيَجُرُّهُمَا بِسَرَرِهِ، حَتَّى يُدْخِلَهُمَا الْجَنَّةَ.". قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: يُرَاغِمُ رَبَّهُ، يُغَاضِبُ. – ضعفه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 550) (رقم: 1757)

وأما حديث عبادة بن الصامت _رضي الله عنه_، فقد رواه أبو داود الطيالسي في "مسنده" (1/ 472) (رقم: 579): عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَالنُّفَسَاءُ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِسَرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ» - حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 151) (رقم: 1396). وخلاصة الكلام: أن الحديث حسن صحيح بشواهده، والله أعلم.

وفي "عون المعبود" (8/ 262):

"وَقَوْلُهُ (جُمْعًا): مُثَلَّثَةُ الْجِيمِ سَاكِنَةُ الْمِيمِ، أَيْ، مَاتَتْ وَوَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا يُقَالُ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ بِجُمْعٍ إِذَا مَاتَتْ وَوَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا وَقِيلَ إِذَا مَاتَتْ عَذْرَاءَ أَيْضًا." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين