صفات الصديق الصالح

 

صفات الصديق الصالح

 

الصديق الصالح هو العبد الصالح، المطيع لربه، الملتزم بأوامر دينه، الحريص على مرضاة الله، المسارع بالإيمان إلى كل خير، المنصرف بالتقوى عن كل شر، المحب للسنة وأهلها، الموالي في الله، المعادي في الله، المبغض للعصيان وأهله، التقي النقي، البر الخفي، الذي لا غل في قلبه ولا حسد.

 

{الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]


ومن صفات الخليل والصديق الصالح: 

1/ الصديق الصالح هو الذي يذكرك بربك متى غفلت عن ذكره ، ويعينك ويشاركك: إذا كنت في ذكر لربك .

 

قال الله _عز وجل_:

{وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} [الفرقان: 27 - 29]

 

زاد المسير في علم التفسير (3/ 319):

"قوله تعالى: (لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ) أي: صرفني عن القرآن والإِيمان به بَعْدَ إِذْ جاءَنِي مع الرسول." اهـ

 

قال النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ) - وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ . متفق عليه .

 

وفي "تحفة الأحوذي" (6/ 47):

"وَقَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي تَعْظِيمِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَحَثِّهِمْ عَلَى التَّرَاحُمِ والملاطفة والتعاضد فِي غَيْرِ إِثْمٍ وَلَا مَكْرُوهٍ، وَفِيهِ: جَوَازُ التَّشْبِيهِ وَضَرْبُ الْأَمْثَالِ لِتَقْرِيبِ الْمَعَانِي إِلَى الْأَفْهَامِ." اهـ

 

2/ الصديق الصالح هو الذي لا يطلب عثرات إخوانه ولا يتتبعهم ، وإنما يطلب ما يقيلهم .

 

قال ابن مازن: "المؤمن يطلب معاذير إخوانه ، والمنافق يطلب عثراتهم." .

وقال الفضيل بن عياض: "الفتوة: الصَّفْحُ عَنْ عَثَرَاتِ الإِخْوَانِ." "آداب العشرة" (ص 1-3)

 

آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة (ص: 14):

"وقال حمدون القصار: (إذا زل أخ من إخوانك، فاطلب له تسعين عذراً، فإن لم يقبل ذلك فأنت المعيب).

 

3/ الصديق الصالح من سلم المسلمون من لسانه ويده.

 

قال النبي _صلى الله عليه وسلم_ في وصف المسلم:

«المُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» خ (رقم:  10)، م (رقم: 40)

 

وفي "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (1 / 132):

"(بَيَان استنباط الْفَوَائِد) :

الأولى: فِيهِ الْحَث على ترك أَذَى الْمُسلمين بِكُل مَا يُؤْذِي. وسر الْأَمر فِي ذَلِك حسن التخلق مَعَ الْعَالم، كَمَا قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ فِي تَفْسِير الْأَبْرَار: هم الَّذين لَا يُؤْذونَ الذَّر وَلَا يرضون الشَّرّ.

 

وقد قال أبو الفيض بن إبراهيم المصري: "عليك بصحبةِ مَنْ تَسْلَمُ مِنْهُ فِيْ ظَاهِرِكَ، وتُعِيْنُكَ رؤيتُه على الخير، ويُذَكِّرُكَ مَوْلاَكَ." "آداب العشرة" (ص 3)

 

4/ ومنها: أن يحمدهم بحسن الثناء عليهم ، وإن لم يساعدهم باليد

 

وقد روى أحمد (12709) وأبو داود (4812:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ _رضي الله عنه_ قَالَ:

"قَالَتْ الْمُهَاجِرُونَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا مِثْلَ قَوْمٍ قَدِمْنَا عَلَيْهِمْ أَحْسَنَ بَذْلًا مِنْ كَثِيرٍ وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ، قَدْ كَفَوْنَا الْمَئُونَةَ وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَإِ ، فَقَدْ خَشِينَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ .

 

تحفة الأحوذي (7/ 159)

 أَيْ عِنْدَهُمْ وَفِيمَا بَيْنَهُمْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ أَحْسَنُوا إِلَيْنَا سَوَاءٌ كَانُوا كَثِيرِي الْمَالِ أَوْ فَقِيرِي الْحَالِ

 

وفي رواية: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (كَلَّا؛ مَا أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِمْ بِهِ ، وَدَعَوْتُمْ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمْ )  صححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

 

5/ ومن صفاته: بشاشة الوجه، ولطف اللسان، وسعة القلب، وبسط اليد، وكظم الغيظ، وترك الكبر، وملازمة الحرمة، وإظهارُ الفرح بما رزق من عشرتهم وأخوتهم.

 

6/ ومنها : سلامة القلب وإسداء النصحية لإخوانه ، وقبولها منهم .

 

عن تَمِيم بن أوس الداريِّ - رضي الله عنه -:

أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «الدِّينُ النَّصِيحةُ»

قلنا: لِمَنْ؟ قَالَ: «لِلهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلأئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» . رواه مسلم.

 

وقال القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (7 / 3111):

"(النَّصِيحَةُ): وَهِيَ تَحَرِّي قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فِيهِ صَلَاحٌ لِصَاحِبِهِ، أَوْ تَحَرِّي إِخْلَاصِ الْوُدِّ لَهُ، وَالْحَاصِلُ: أَنَّهَا إِرَادَةُ الْخَيْرِ لِلْمَنْصُوحِ لَهُ وَهُوَ لَفْظٌ جَامِعٌ لِمَعَانٍ شَتَّى." اهـ

 

7/ ومنها: موافقة إخوانه وعدم مخالفتهم في المعروف، وحبس النفس على ملامتهم

 

قال أبو زائدة : " كتب الأحنف إلى صديق له:

"أما بعد ، فإذا قدِم أخٌ لك موافِقٌ، فليكن منك بمنزلة السمع والبصر؛ فإن الأخ الموافق أفضل من الولد المخالف، أَلَمْ تَسْمَعْ قول الله _عز وجل_ لنوح _عليه السلام_ في ابنه : {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِح} [هود: 46]." اهـ من "آداب العشرة" (ص 7) .

 

8/ ومنها: حب التزاور والتلاقي والتباذل، والبشاشة عند اللقاء، والمصافحة بِوُدٍّ وإِخَاءٍ.

 

وقد روى مسلم (2567) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _رضي الله عنه_:

عَنْ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

(أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا.

فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ، قَالَ: (أَيْنَ تُرِيدُ؟)، قَالَ: "أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ."

قَالَ: (هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟)، قَالَ: "لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_.

قَالَ: (فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ).

 

وروى أحمد (21525) عن مُعَاذ بْن جَبَلٍ رضي الله عنه قال :

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :

"قَالَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_: (وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ، وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ، وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ، وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ). صححه الألباني في "صحيح الترغيب" (2/ 690) (رقم: 2581)

 

سنن الترمذي ت شاكر (4/ 597) (رقم: 2390): عن مُعَاذ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يَقُولُ:

"قَالَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_: (المُتَحَابُّونَ فِي جَلَالِي، لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ، يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ)." صححه الألباني صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 795) (رقم: 4312)

 

عن شيخ من الجند من أهل دمشق، قال كان يقال:

"لا تصحب إلا من إن صحبته زانك ، وإن حَمَلْتَ مَؤُوْنَةً، أعانك، وإن رأى منك ثلمة، سدها. وإن رأى منك حسنة، عدها. وإن سألته، أعطاك. وإن تَعَفَّفْتَ عَنْهُ، اِبْتَدَاكَ. وإن عاتبك، لَمْ يَحْرِمْكَ. وإن تباعدت عنه، لم يرفضك." اهـ "تاريخ دمشق" (68/ 236) .

 

وقال أبو عبد الرحمن السلمي:

" الصحبة مع الإخوان بدوام البشر وبذل المعروف ونشر المحاسن وستر القبائح واستكثار قليل برهم واستصغار ما منك إليهم وتعهدهم بالنفس والمال ومجانبة الحقد والحسد والبغى والأذى وما يكرهون من جميع الوجوه ، وترك ما يعتذر منه " انتهى . "آداب الصحبة" (ص 120)

 

9/ ومنها: أن لا يحسد إخوانه على ما يرى عليهم من آثار نعم الله ، بل يفرح بذلك ويحمد الله على ما يرى من النعمة عليهم كما يحمده على نفسه .

 

قال الله تعالى : {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا } [النساء: 54]

 

زاد المسير في علم التفسير (1/ 421)

"(والحاسدون) هاهنا: اليهود.

وفي المراد بـ(الناس) ها هنا، أربعة أقوال:

أحدها: النبيّ محمّد _صلّى الله عليه وسلّم_، رواه عطية عن ابن عباس (وبه قال عكرمة ومجاهد والضحاك والسدي ومقاتل). والثاني: النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأبو بكر، وعمر (روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه). والثالث: العرب، (قاله قتادة). والرابع: النبي والصحابة، ذكره الماوردي.

وفي (الذي آتاهم الله من فضله) ثلاثة أقوال:

أحدها: إِباحة الله تعالى نبيه أن ينكح ما شاء من النساء من غير عدد، روي عن ابن عباس، والضحاك، والسدي.

والثاني: أنه النبوّة، قاله ابن جريج، والزجاج.

والثالث: بعثة نبي منهم على قول من قال: هم العرب." اهـ

 

10/ ومنها: المعاشرة بالمعروف بصدق وإخلاص .

 

قال أبو صالح: «الْمُؤْمِنُ يُعَاشِرُكَ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى صَلَاحِ دِينِكَ وَدُنْيَاكَ، وَالْمُنَافِقُ يُعَاشِرُكَ بِالْمُمَادَحَةِ، وَيَدُلُّكَ عَلَى مَا تَشْتَهِيهِ، وَالْمَعْصُومُ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ» اهـ من آداب الصحبة لأبي عبد الرحمن السلمي (ص: 55)

 

11/ ومنها: القيام بأعذار الإخوان والأصحاب، والذب عنهم والانتصار لهم .

 

ففي "صحيح البخاري" (9/ 22) (رقم: 6952): عَنْ أَنَسٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»،

فَقَالَ رَجُلٌ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا، كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟" قَالَ: «تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ، مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ»

 

12/ ومنها: أن يشارك إخوانه في المكروه، كما يشاركهم في المحبوب، لا يتلون عليهم في الحالين جميعا.

 

ففي "صحيح البخاري" (3/ 138) (رقم: 2486)، و"صحيح مسلم" (4/ 1944/ 167) (رقم: 2500): عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ»

 

شرح النووي على مسلم (16/ 62)

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ الْأَشْعَرِيِّينَ وَفَضِيلَةُ الْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ وَفَضِيلَةُ خَلْطِ الازواد في السفر وفضيلة جمعها في شئ عِنْدَ قِلَّتِهَا فِي الْحَضَرِ ثُمَّ يَقْسِمُ

 

13/ ومنها: أن لا يمن بمعروفه على من يحسن إليه ويستصغره ، ويعظم عنده معروف إخوانه ويستكثره .

 

قال الله _تعالى_:

{قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) } [البقرة: 263، 264]

 

تفسير القرطبي (3/ 311)

وَعَبَّرَ تَعَالَى عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ وَحِرْمَانِ الثَّوَابِ بِالْإِبْطَالِ، وَالْمُرَادُ الصَّدَقَةُ الَّتِي يَمُنُّ بِهَا وَيُؤْذِي، لَا غَيْرُهَا.

 

فتح القدير للشوكاني (1/ 327)

الْإِبْطَالُ لِلصَّدَقَاتِ: إِذْهَابُ أَثَرِهَا وَإِفْسَادُ مَنْفَعَتِهَا، أَيْ: لَا تُبْطِلُوهَا بِالْمَنِّ وَالْأَذَى أَوْ بأحدهما.

 

14/ ومنها: أن يجتهد في ستر عورة إخوانه وإظهار مناقبهم وكتمان قبائحهم.

 

قال الله _تعالى_:

{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [النور: 19]

 

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 564)

وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله؟ " وسواء كانت الفاحشة، صادرة أو غير صادرة.

 

ففي "سنن الترمذي" – ت. شاكر (4/ 378) (رقم: 2032): عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ:

صَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المِنْبَرَ، فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ:

«يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُوا المُسْلِمِينَ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ المُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ»

 

15/ ومنها : التودد إلى إخوانه باصطناع المعروف إليهم ، والصفح عما بدر منهم، والتماس الأعذار لهم .

 

وعن محمد بن المنكدر قال: "لم يبق من لذة الدنيا إلا قضاء حوائج الإخوان." اهـ "تاريخ دمشق" (56/ 53)

 

وبالجملة:

فالصديق الصالح: هو الخليل المعين على كل خير ، ذو الخلق الحسن ، الآمر بالمعروف ، الناهي عن المنكر ، المحافظ على حق الصحبة في الغيب والشهادة ، مراعيها حق رعايتها  بالقول والفعل ، والذي لا يفعل ذلك إلا لله ، يرجو به عقبى الله .

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين