الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ - حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ. - بهجة قلوب الأبرار

 

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ.

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:

قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ :

"حق المسلم على المسلم ست".

قيل : وما هُنَّ، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟

قَالَ :

* إِذَا لَقِيتَهُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ.

* وَإِذَا دَعَاكَ، فَأَجِبْهُ،

* وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ، فَانْصَحْ لَهُ،

* وَإِذَا عَطَسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ فشَمِّته.

* وَإِذَا مَرِضَ، فعُدْه،

* وَإِذَا مَاتَ فاتْبَعه" رَوَاهُ مسلم

 

[أخرجه : مسلم في "صحيحه" رقم: 2162]

 

وقال المؤلف الشيخ السعدي _رحمه الله_ بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 71):

هذه الحقوق الستة من قام بها في حق المسلمين كان قيامه بغيرها أولى، وحصل له أداء هذه الواجبات والحقوق التي فيها الخير الكثير والأجر العظيم من الله.

 

الأولى : «إذا لقيته فسلم عليه»

فإن السلام سبب للمحبة التي توجب الإيمان الذي يوجب دخول الجنة،

كما قال _صلى الله عليه وسلم_ :

«والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ; أفشوا السلام بينكم» [أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم: 54]

 

والسلام من محاسن الإسلام، فإن كل واحد من المتلاقين يدعو للآخر بالسلامة من الشرور، وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير، ويتبع ذلك من البشاشة وألفاظ التحية المناسبة ما يوجب___التآلف والمحبة، ويزيل الوحشة والتقاطع.

 

فالسلام حق للمسلم، وعلى المسلم عليه رد التحية بمثلها أو أحسن منها، وخير الناس من بدأهم بالسلام.

 

الثانية: «إذا دعاك : فأجبه»

أي: دعاك لدعوة طعام أو شراب فاجبُر خاطر أخيك الذي أدلى إليك وأكرمك بالدعوة، وأجبه لذلك إلا أن يكون لك عذر.

 

الثالثة قوله: «وإذا استنصحك فانصح له»

أي: إذا استشارك في عمل من الأعمال: هل يعمله أم لا؟ فانصح له بما تحبه لنفسك،

* فإن كان العمل نافعا من كل وجه : فحُثَّهُ على فعله،

* وإن كان مضرا : فحذره منه،

* وإن احتوى على نفع وضرر : فاشرح له ذلك، ووازن بين المصالح والمفاسد،

 

وكذلك إذا شاورك على معاملة أحد من الناس، أو تزويجه أو التزوج منه : فابذل له محض نصيحتك، واعمل له من الرأي ما تعمله لنفسك،

 

وإياك أن تغُشّه في شيء من ذلك، فمن غش المسلمين فليس منهم، وقد ترك واجب النصيحة.

 

وهذه النصيحة واجبة مطلقا، ولكنها تتأكد إذا استنصحك وطلب منك الرأي النافع، ولهذا قيده في هذه الحالة التي تتأكد، وقد تقدم شرح الحديث «الدين النصيحة» بما يغني عن إعادة الكلام.

 

الرابعة قوله: «وإذا عطس فحمد الله فشمته»

وذلك أن العطاس نعمة من الله، لخروج هذه الريح المحتقنة في أجزاء بدن الإنسان، يسر الله لها منفذا تخرج منه، فيستريح العاطس،

فشُرِعَ له أن يحمد الله على هذه النعمة، وشُرِعَ لأخيه أن يقول له: " يرحمك الله."

وأمره أن يجيبه بقوله: "يَهْدِيْكُمُ اللهُ، وَيُصْلِحُ____بالكم"،

 

فمن لم يحمد الله لم يستحق التشميت، ولا يلومن إلا نفسه، فهو الذي فوَّت على نفسه النعمتين :

* نعمة الحمد لله،

* ونعمة دعاء أخيه له المرتب على الحمد.

 

الخامسة قوله: «وإذا مرض فعده»

عيادة المريض من حقوق المسلم، وخصوصا من له حق عليك متأكد، كالقريب والصاحب ونحوهما،

وهي من أفضل الأعمال الصالحة،

 

ومن عاد أخاه المسلم لم يزل يخوض الرحمة، فإذا جلس عنده غمرته الرحمة، ومن عاده أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي، ومن عاده آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح،

 

وينبغي للعائد أن يدعو له بالشفاء، وينفس له، ويشرح خاطره بالبشارة بالعافية، ويذكره التوبة والإنابة إلى الله والوصية النافعة، ولا يطيل عنده الجلوس، بل بمقدار العيادة، إلا أن يُؤْثِر المريض كثرة تردده وكثرة جلوسه عنده، فلكل مقام مقال.

 

************************************

 

السادسة قوله: «وإذا مات فاتبعه»

فإن من تَبِعَ جنازة حتى يصلي عليها : فله قيراطٌ من الأجر،

فإن تبعها حتى تُدْفَنَ : فله قيراطان،

 

واتباع الجنازة فيه حق لله، وحق للميت، وحق لأقاربه الأحياء." اهـ

 

(الترغيب في إفشاء السلام وما جاء في فضله، وترهيب المرء من حب القيام له).

 

2693 - (1) [صحيح] عن عبدِ الله بْنِ عَمْرِو بنِ العاصي رضي الله عنهما:

أنَّ رجلاً سأَل رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أيُّ الإسْلامِ خَيرٌ؟ قال:

"تُطْعِمُ الطعامَ، وتَقْرأُ السلامَ، على مَنْ عَرَفتَ ومَنْ لَمْ تَعْرِفْ".

رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

 

2694 - (2) [صحيح] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"لا تَدْخُلونَ الجنَّةَ حتى تُؤمِنوا، ولا تُؤمِنوا حتى تَحابُّوا، ألا أدُلُّكُم على شَيْءٍ إذا فَعَلْتُموه تحابَبْتُم؟ أَفْشوا السلامَ بَيْنَكُم".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 23)

2695 - (3) [حسن لغيره] وعنِ ابْنِ الزبيرِ (1) رضي الله عنهما؛ أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"دَبَّ إليْكُم داءُ الأُمَمِ قَبْلَكُم؛ البَغْضَاءُ وَالحَسَدُ، والبغضاء هيَ الحالِقَةُ، ليسَ حالِقَةَ الشعَرِ، ولكنْ حالِقَةُ الدينِ.

والذي نفْسي بيده لا تَدْخلونَ الجَنَّة حتى تُؤمِنوا، ولا تؤْمنوا حتَّى تحابُّوا، ألا أُنَبِّئُكُم بِما يُثَبِّتُ لكم ذلك؟ أَفْشوا السلامَ بَيْنَكُم".

رواه البزار بإسناد جيد.   

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 24)

2697 - (5) [صحيح] وعن أبي يوسف عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"يا أيُّها الناسُ! أَفْشوا السلامَ، وأطْعِموا الطعامَ، وصَلُّوا باللَّيْلِ والناسُ نِيامٌ؛ تَدْخُلوا الجنَّةَ بِسَلامٍ".

رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح".

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 24)

2699 - (7) [صحيح] وعن أبي شُرَيْحٍ رضي الله عنه أنَّه قال:

يا رسولَ الله! أخْبِرْني بِشيءٍ يوجِبُ لي الجنَّةَ؟ قال:

"طِيبُ الكَلامِ، وبَذْلُ السَّلامِ، وإطْعامُ الطَّعامِ".

رواه الطبراني، وابن حبان في "صحيحه" في حديث، والحاكم وصحَّحه

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 25)

[صحيح] وفي رواية جيدة للطبراني قال:

قلتُ: يا رسولَ الله! دُلَّني على عَملٍ يُدخِلُني الجَنَّةَ؟ قال:

"إنَّ مِنْ موجِبَاتِ المَغْفِرَةِ بَذْلَ السلامِ، وحُسْنَ الكَلامِ".

 

......................

فضل عيادة المريض :

 

1. منها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الْمُسْلِمَ إِذَا عَادَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ لَمْ يَزَلْ فِي خُرْفَةِ الْجَنَّةِ حَتَّى يَرْجِعَ ) رواه مسلم (2568)

خرفة الجنة أي جناها .

 

2. وللترمذي (2008) قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا أَوْ زَارَ أَخًا لَهُ فِي اللَّهِ نَادَاهُ مُنَادٍ : أَنْ طِبْتَ وَطَابَ مَمْشَاكَ وَتَبَوَّأْتَ مِنْ الْجَنَّةِ مَنْزِلا ) حسنه الألباني في صحيح الترمذي .

 

3. وروى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَزَلْ يَخُوضُ فِي الرَّحْمَةِ حَتَّى يَجْلِسَ , فَإِذَا جَلَسَ اغْتَمَسَ فِيهَا ) صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2504) .

 

4. وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ (969) عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِمًا غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ , وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ ) صححه الألباني في صحيح الترمذي .

 

والخريف هو البستان .

.......................................

 

فضل اتباع الجنازة

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 369)

3496 - (3) [صحيح] وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه؛ أنَّه سمعَ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"خَمْسٌ مَنْ عَمِلَهُنَّ في يومٍ كتَبهُ الله مِنْ أهْلِ الجنَّةِ: مَنْ عادَ مريضاً، وشهِدَ جَنازةً، وصامَ يوماً، وراحَ إلى الجُمعَةِ، وأعْتَق رقَبةً".

رواه ابن حبان في "صحيحه".

 

3503 - (10) [صحيح] وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"مَنْ أصْبَح منكمُ اليومَ صائماً؟ ".

قال أبو بكْرٍ: أنا. فقال:

"مَنْ أطعَم منكمُ اليومَ مِسْكيناً؟ ".

قال أبو بكْرٍ: أنا. فقال:

"مَنْ عادَ منكُم اليومَ مَريضاً؟ ".

فقال أبو بكْرٍ: أنا. فقال:

"مَنْ تَبعَ منكمُ اليومَ جَنازَةً؟ ".

قال أبو بكْرٍ: أنا. فقالَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"ما اجْتَمعَتْ هذهِ الخِصالُ قَطُّ في رجُلٍ [في يوم] إلا دَخل الجَنَّةَ".

رواه ابن خزيمة في "صحيحه".

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 370)

3497 - (4) [صحيح] وعنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"عُودوا المَرْضى، واتَّبِعوا الجَنائِزَ؛ تُذَكِّرْكُمُ الآخِرَةَ".

رواه أحمد والبزار، وابن حبان في "صحيحه"، وتقدم هو وغيره في "العيادة" [هنا/ 7].

 

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 371)

3500 - (7) [صحيح] وعن ثوبان رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"مَنْ صلّى على جَنازَةٍ فلهُ قيراطٌ، وإنْ شَهِد دَفْنَها فلَهُ قيراطَانِ؛ القيراط مثْلُ أُحُدٍ".

رواه مسلم وابن ماجه.

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين