شرح حديث هرقل وفوائده

 

في "صحيح البخاري" (1/ 8) (رقم: 7):

عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ[1] أَخْبَرَهُ :

أَنَّ هِرَقْلَ[2] أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ[3] مِنْ قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تُجَّارًا بِالشَّأْمِ فِي المُدَّةِ[4] الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ مَادَّ فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ،

فَأَتَوْهُ وَهُمْ بِإِيلِيَاءَ[5]، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ، وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ[6]، فَقَالَ:

"أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ؟"

فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: "فَقُلْتُ : "أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا"،

فَقَالَ: "أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ"[7]،

ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ : "قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا عَنْ هَذَا الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ".

فَوَاللَّهِ لَوْلاَ الحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَيَّ كَذِبًا لَكَذَبْتُ عَنْهُ[8]. ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ:

"كَيْفَ نَسَبُهُ فِيكُمْ؟"

قُلْتُ : "هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ"،

قَالَ : "فَهَلْ قَالَ هَذَا القَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ قَبْلَهُ؟" قُلْتُ : "لاَ".

قَالَ : "فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟" قُلْتُ : "لاَ".

قَالَ : "فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟" فَقُلْتُ : "بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ".

قَالَ : "أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟" قُلْتُ : "بَلْ، يَزِيدُونَ".

قَالَ : "فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟"[9] قُلْتُ : "لاَ".

قَالَ : فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟" قُلْتُ : "لاَ".

قَالَ : "فَهَلْ يَغْدِرُ؟" قُلْتُ : لاَ، وَنَحْنُ مِنْهُ فِي مُدَّةٍ لاَ نَدْرِي مَا هُوَ فَاعِلٌ فِيهَا،

قَالَ : وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ هَذِهِ الكَلِمَةِ[10]،

قَالَ: "فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟" قُلْتُ : "نَعَمْ".

قَالَ : "فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟" قُلْتُ : "الحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ[11]، يَنَالُ مِنَّا وَنَنَالُ مِنْهُ".

قَالَ: "مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟"

قُلْتُ: يَقُولُ : "اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ[12]، وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ وَالصِّلَةِ."

فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: "قُلْ لَهُ: سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا.[13]

وَسَأَلْتُكَ: "هَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْكُمْ هَذَا القَوْلَ؟"، فَذَكَرْتَ أَنْ "لاَ"، فَقُلْتُ : لَوْ كَانَ أَحَدٌ قَالَ هَذَا القَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِي بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ.

وَسَأَلْتُكَ: "هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟"، فَذَكَرْتَ أَنْ "لاَ"، قُلْتُ : فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ: "رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ"،

وَسَأَلْتُكَ: "هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا قَالَ؟"، فَذَكَرْتَ أَنْ "لاَ"، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِيَذَرَ الكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.

وَسَأَلْتُكَ : "أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟" فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ[14].

وَسَأَلْتُكَ: "أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟"، فَذَكَرْتَ أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ.

وَسَأَلْتُكَ: "أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ، فَذَكَرْتَ أَنْ "لاَ"، وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ حِينَ تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ القُلُوبَ[15].

وَسَأَلْتُكَ: "هَلْ يَغْدِرُ"، فَذَكَرْتَ أَنْ "لاَ"، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لاَ تَغْدِرُ[16].

وَسَأَلْتُكَ: "بِمَا يَأْمُرُكُمْ؟"، فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلاَةِ وَالصِّدْقِ وَالعَفَافِ،

فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ حَقًّا، فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ[17]، وَقَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ، لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ، فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ[18] لَتَجَشَّمْتُ لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.[19]

ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةَ[20] إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى[21]، فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ فَإِذَا فِيهِ:

"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ[22]: سَلاَمٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الهُدَى، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الإِسْلاَمِ[23]، أَسْلِمْ تَسْلَمْ، يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ[24]، فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الأَرِيسِيِّينَ[25] " وَ {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل عمران: 64]

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ:

فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ قِرَاءَةِ الكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ وَارْتَفَعَتِ الأَصْوَاتُ وَأُخْرِجْنَا،

فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ أُخْرِجْنَا : "لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ[26]، إِنَّهُ يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِي الأَصْفَرِ[27]."

فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَيَّ الإِسْلاَمَ.

وَكَانَ ابْنُ النَّاظُورِ[28]، صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ، سُقُفًّا عَلَى نَصَارَى الشَّأْمِ[29]، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ[30]، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ[31]،

فَقَالَ بَعْضُ بَطَارِقَتِهِ[32] : "قَدِ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ"، قَالَ ابْنُ النَّاظُورِ : "وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً[33] يَنْظُرُ فِي النُّجُومِ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: "إِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ نَظَرْتُ فِي النُّجُومِ مَلِكَ الخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ؟"

قَالُوا: "لَيْسَ يَخْتَتِنُ إِلَّا اليَهُودُ، فَلاَ يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى مَدَايِنِ مُلْكِكَ، فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنَ اليَهُودِ".

فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِيَ هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ، قَالَ : "اذْهَبُوا، فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لاَ"،

فَنَظَرُوا إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنِ العَرَبِ، فَقَالَ: "هُمْ يَخْتَتِنُونَ"،

فَقَالَ هِرَقْلُ : هَذَا مُلْكُ هَذِهِ الأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ".

ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِي العِلْمِ، وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ[34]، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ[35] حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْيَ هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وَأَنَّهُ نَبِيٌّ،[36]

فَأَذِنَ هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الفَلاَحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ، فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِيَّ؟"

فَحَاصُوا حَيْصَةَ حُمُرِ الوَحْشِ إِلَى الأَبْوَابِ[37]، فَوَجَدُوهَا قَدْ غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ، وَأَيِسَ مِنَ الإِيمَانِ، قَالَ: "رُدُّوهُمْ عَلَيَّ"،

وَقَالَ: "إِنِّي قُلْتُ مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَقَدْ رَأَيْتُ"،

فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ[38]."

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في صحيحه (1/ 8) (رقم : 7)، ومسلم في صحيحه (3/ 1393) (رقم : 1773)، والترمذي في سننه (5/ 69) (رقم : 2717) مختصرا،

 

من فوائد الحديث :

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 35) :

"قَوْلُهُ (فَوَاللَّهِ لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا) أَيْ يَنْقُلُوا عَلَيَّ الْكَذِبَ لَكَذَبْتُ عَلَيْهِ، وَلِلْأَصِيلِيِّ : "عَنْهُ"، أَيْ عَنِ الْإِخْبَارِ بِحَالِهِ.

وَفِيهِ: دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْتَقْبِحُونَ الْكَذِبَ إِمَّا بِالْأَخْذِ عَنِ الشَّرْعِ السَّابِقِ أَوْ بِالْعُرْفِ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 35) :

"وَفِي قَوْلِهِ (يَأْثِرُوا دُونَ قَوْلِهِ يُكَذِّبُوا): دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ وَاثِقًا مِنْهُمْ بِعَدَمِ التَّكْذِيبِ أَنْ لَوْ كَذَبَ لِاشْتِرَاكِهِمْ مَعَهُ فِي عَدَاوَةِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، لَكِنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ اسْتِحْيَاءً وَأَنَفَةً مِنْ أَنْ يَتَحَدَّثُوا بِذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعُوا فَيَصِيرُ عِنْدَ سَامِعِي ذَلِكَ كذابا." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 37)

وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ[39] يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنَ الْقَتْلِ إِنْ هَاجَرَ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَاسْتَفَادَ ذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ، كَمَا فِي قِصَّةِ ضُغَاطِرَ الَّذِي أَظْهَرَ لَهُمْ إِسْلَامه فَقَتَلُوهُ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 38):

"قَوْلُهُ (مِنْ مُحَمَّدٍ)

فِيهِ: أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ الْكِتَابَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ بَلْ حَكَى فِيهِ النَّحَّاسُ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالْحَقُّ إِثْبَاتُ الْخِلَافِ،

وَفِيهِ: أَنَّ (مِنْ) الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ تَأْتِي مِنْ غَيْرِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، كَذَا قَالَهُ أَبُو حَيَّانَ. وَالظَّاهِرُ: أَنَّهَا هُنَا أَيْضًا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ ذَلِكَ، لَكِنْ بِارْتِكَابِ مجَازٍ، زَاد فِي حَدِيث دحْيَة: "وَعِنْده ابن أَخٍ لَهُ أَحْمَرُ أَزْرَقُ، سَبْطُ الرَّأْسِ."

وَفِيهِ: "لما قَرَأَ الْكتاب سَخِرَ، فَقَالَ: "لا تقرأه، إِنَّهُ بَدَأَ بِنَفْسِهِ." فَقَالَ قَيْصَرُ: "لَتَقْرَأَنَّهُ." فَقَرَأَهُ."

وَقَدْ ذَكَرَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ أَنَّهُ هُوَ نَاوَلَ الْكِتَابَ لِقَيْصَرَ وَلَفْظُهُ بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابِهِ إِلَى قَيْصَرَ فَأَعْطَيْتُهُ الْكِتَابَ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 38_39):

"وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ شَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أَنَّ كُلَّ مَنْ دَانَ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ، كَانَ فِي حُكْمِهِمْ فِي الْمُنَاكَحَةِ وَالذَّبَائِحِ، لِأَنَّ هِرَقْلَ هُوَ وَقَوْمَهُ لَيْسُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ بَعْدَ التَّبْدِيلِ،

وَقَدْ قَالَ لَهُ وَلِقَوْمِهِ: "يَا أَهْلَ الْكِتَابِ..."

فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لَهُمْ___حُكْمَ أَهْلِ الْكِتَابِ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ ذَلِكَ بِالْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَوْ بِمَنْ عُلِمَ أَنَّ سَلَفَهُ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْيَهُودِيَّةِ أَوِ النَّصْرَانِيَّةِ قَبْلَ التَّبْدِيلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 39)

وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْجُمَلُ الْقَلِيلَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا هَذَا الْكِتَابُ عَلَى الْأَمْرِ بِقَوْلِهِ (أَسْلِمْ)، وَالتَّرْغِيبِ بِقَوْلِهِ (تَسْلَمْ) وَ(يُؤْتِكَ)، وَالزَّجْرِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ تَوَلَّيْتَ)___، وَالتَّرْهِيبُ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّ عَلَيْكَ)، وَالدِّلَالَةِ بِقَوْلِهِ (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ).

وَفِي ذَلِكَ مِنَ الْبَلَاغَةِ مَا لَا يَخْفَى، وَكَيْفَ لَا، وَهُوَ كَلَامُ مَنْ أُوتِيَ جَوَامِعَ الْكَلِمِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 394) لابن الملقن :

"قوله : (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا). يعني: أفضله وأشرفه.

قيل: الحكمة في ذَلِكَ أن من شرف نسبه كان أبعد من انتحال الباطل، وكان انقياد الناس إليه أقرب." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 394) :

* "سؤاله عن الارتداد؛ لأن من دخل على بصيرة في أمر محقق، لا يرجع عنه، بخلاف من دخل في أباطيل كما سلف.

* وسؤاله عن الغدر؛ لأن من طلب حظ الدنيا لا يبالي بالغدر وغيره مما يتوصل به إليها، ومن طلب الآخرة لم يرتكب غدرًا ولا غيره من القبائح.

* وسؤاله عن حربهم، جاء تفسيره له في غير هذِه الرواية في البخاريِّ في التفسير، ومسلمٍ قَالَ :

"كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لهم العاقبة، يبتليهم بذلك ليعظم أجرهم لكثرة صبرهم وبذلهم وُسْعَهم في طاعته، قَالَ تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، ولئلا يخرج الأمر عن العادة"،

ومن تأمل ما استقرأه هرقل من هذِه الأوصاف تبين له حسن ما استوصف من أمره، واستبرأه من حاله، وللهِ دَرُّهُ مِنْ رجُلٍ، ما كان أعقله لو ساعدته المقادير بتخلية ملكه والأتباع!" اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 396) :

"قوله : (وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ).

هذا فيه إيماءٌ إلى أنه علم بنبوته، لكنه خَشِيَ خَلْعَ قومِهِ لَهُ، على ما جاء مفسرًا في البخاري : "فَأَصَرَّ على كُفْرِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ، فكان أشدَّ في الحجة عليه".___

قال ابن بطال :

"لم يصح عندنا أنه جهر بالإسلام، وإنما آثر ملكه على الجهر بكلمة الحق، ولسنا نقنع بالإسلام دون الجهر به، ولم يكن مكرهًا حتى يعذر، وأمره إلى الله."[40]

وقال الخطابي: "إذا تأملت معاني ما استقرأه من أوصافه، تبينتْ حسن ما استوصف من أوصافه واستبرأ من حاله، فلله دَرُّه من رجل ما كان أعقله لو صادف معقوله مقدروه." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 413)

في فوائده:

الأولى: خبر الجماعة أوقع من خبر الواحد ولاسيما إذا كانوا جمعًا يقع العلم بخبرهم، وهذِه مأخوذة من قوله: (وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ، فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ).

الثانية: تقديم صاحب الحسب في أمور المسلمين ومهمات الدين والدنيا، ولذلك جعلت الخلفاء من قريش؛ لأنهم أحوط من أن يدنسوا أحسابهم، وقد قَالَ الحسن البصري: حدثوا عن الأشراف؛ فإنهم لا يرضون أن يدنسوا شرفهم بالكذب ولا بالخيانة.

الثالثة: استدلال هرقل من كونه ذا حسب ليس بدليل قاطع على النبوة، وإنما القاطع المعجز الخارق للعادة المعدوم فيها المعارضة. قاله المازري، قَالَ: ولعل هرقل كان عنده علم بكونها علامات هذا النبي، وقد قَالَ فيه: وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أظن أنه منكم، وقطع ابن بطال بهذا.

وقال : إخبار هرقل وسؤاله عن كل فصل إنما كان عن الكتب القديمة وإنما ذَلِكَ كله نعت للنبي _صلى الله عليه وسلم_ مكتوب عندهم في التوراة والإنجيل، وجزم به النووي في "شرحه" فقال: هذا الذي قاله هرقل أخذه من الكتب القديمة، ففي التوراة هذا أو نحوه من أعلام نبوته". اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 414)

الرابعة: جواز مكاتبة الكفار، وقد كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - سبعة من الملوك فيما قاله الداودي: هرقل، وكسرى، والنجاشي، والمقوقس، وملك غسان، وهوذة بن علي، والمنذر بن ساوى.

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 415)

الخامسة: استحباب تصدير الكتب بالبسملة، وإن كان المبعوث إليه كافرًا،

وقد قَالَ الشعبي فيما ذكره ابن سعد: كان - صلى الله عليه وسلم - يكتب كما تكتب قريش: "باسمك اللهم"، حتى نزلت:

{بِسْمِ اللهِ مَجْرَاهَا} [هود: 41]،

فكتب: "بسم الله". حتى نزلت: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} [الإسراء: 110]: 110]،

فكتب: "بسم الله الرحمن". حتى نزلت: {وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [النمل: 30] فكتبها." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 418_419)

الثامنة: التوقي في الكتابة واستعمال الورع فيها فلا يُفَرِّط ولا يُفْرِط؛ وجه ذَلِكَ أنه _صلى الله عليه وسلم_ كتب: "إلى هرقل عظيم الروم."

فلم يقل: ملك الروم. لأنه لا ملك له ولا لغيره بحكم دين الإسلام، ولا سلطان لأحد إلا لمن ولاه الشارع أو نائبه فيه بشرطه، وإنما ينفذ بأحكامهم ما ينفذه للضرورة، ولم يقل: إلى هرقل فقط، بل أتى بنوع من الملاطفة، فقال : "عظيم الروم"،

أي: الذي تعظمه____الروم وتقدمه، وقد أمر الله تعالى بإِلَانَةِ القول لمن يدعى إلى الإسلام حيث قَالَ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]، وقال تعالى {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44] وغير ذلك." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 419_420)

التاسعة: جواز معاملة الكفار بالدراهم المنقوش فيها سام الله للضرورة وإن كان عن مالك الكراهة؛ لأن ما في هذا الكتاب أكثر مما في هذا المنقوش من ذكر الله، نبه عليه القاضي، ونقل ابن بطال عن العلماء عدم تمكينهم من الدراهم التي فيها ذكر الله تعالى." اهـ

العاشرة: وجوب العمل بخبر الواحد، وإلا فلم يكن في بعثه مع دحية فائدة، وهذا إجماع من يعتد به، وسيأتي _إن شاء الله تعالى_ مبسوطًا حيث ذكره البخاري في أواخر "صحيحه" إن شاء الله وقَدَّرَ الوصول إليه، اللهم أعن عليه.

الحادية عشرة: منع ابتداء الكافر من السلام؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "سلام على من اتبع الهدى" ولم يسلم عليه، وهو مذهب الشافعي وأكثر___العلماء، وأجازه جماعة مطلقًا.

وفيه قول ثالث: جوازه للائتلاف أو لحاجة، والصواب الأول؛ فإنه صح النهي عنه، ومنه: "لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام" كما سيأتي في موضعه -إن شاء الله- قَالَ البخاري وغيره : "ولا يسلم على المبتدع ولا على من اقترف ذنبًا عظيمًا ولم يتب منه، فلا يرد عليهم السلام"،

واحتج البخاري بحديث كعب بن مالك، وفيه: فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 421) :

"الثانية عشرة: استعمال أما بعد في الخطب والمكاتبات.

الثالثة عشرة: دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، وهذا مأمور به، فإن لم تكن بلغتهم الدعوة كان الأمر به واجبًا، وإن كانت بلغتهم كان مستحبًّا، فلو قوتل هؤلاء قبل إنذارهم ودعائهم إلى الإسلام جاز لكن فاتت السنة والفضيلة، بخلاف الضرب الأول.

هذا مذهب الشافعي، وفيه خلاف للسلف سيأتي إن شاء الله في موضعه، وحاصله ثلاثة مذاهب حكاها المازري ثم القاضي، أحدها:

يجب الإنذار مطلقًا قاله مالك وغيره.

وثانيها: لا يجب مطلقًا.

وثالثها: التفصيل السالف. وبه قَالَ نافع والحسن والثوري والليث والشافعي وابن المنذر، وهو الصحيح، وبه قَالَ أكثر العلماء." اهـ

 

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 421_422) :

"الرابعة عشرة: جواز المسافرة إلى أرض الكفار.

الخامسة عشرة: جواز البعث إليهم بالآية من القرآن ونحوها، والنهي عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو محمول على المسافرة بكله أو جملة منه، وعلى ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار كما____سيأتي -إن شاء الله تعالى- إيضاحه في موضعه، وأبعد ابن بطال فقال: "كان ذَلِكَ في أول الإسلام، ولم يكن بدٌّ من الدعوة العامة." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 422)

"السادسة عشرة : استدل أصحابنا به على جواز مس المحدث والكافر كتابًا فيه آية أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن.

السابعة عشرة: استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة؛ فإن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَسْلِمْ تَسْلَمْ" في نهاية الاختصار وغاية الإيجاز والبلاغة وجميع المعاني مع ما فيه من بديع التجنيس كقوله تعالى: {وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44] فإنه جمع بقوله: "تسلم" نجاة الدنيا من الحرب والخزي بالجزية، وفي الآخرة من العذاب." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 423) :

"الثامنة عشرة: أن من أدرك من أهل الكتاب نبينا - صلى الله عليه وسلم - فآمن به له أجران كما صرح به هنا، وفي الحديث الآخر في "الصحيح" كما سيأتي: "ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين" منهم مؤمن أهل الكتاب." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (2 / 424) :

"التاسعة عشرة: البيان الواضح أن صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلاماته كان معلومًا لأهل الكتاب علمًا قطعيًا، وإنما تَرَكَ الإيمان من تركه منهم عنادًا وحسدًا وخوفًا على فوات مناصبهم في الدنيا.

العشرون: أن من كان سببًا لضلالةٍ أو مَنْع هداية كان آثمًا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين" وفي هذا المعنى قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13]." اهـ

 

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (1/ 70_72)

"يستفاد من الحديث: ما يأتي:

أولاً: ملاطفة المكتوب إليه، وتقديره التقدير اللائق المناسب، الذي لا يتجاوز حدود الشريعة الإِسلامية، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عظيم الروم، ولم يقل إلى ملك الروم لأنه أصبح معزولاً بحكم الإِسلام، ولم يقل: إلى هرقل، ليكون فيه نوع من الملاطفة.

ثانياً: تصدير الكتاب بالبسملة ولو كان المبعوث إليه كافراً.

ثالثاً: من السنة في الخطابات الإِسلامية أن يبدأ أولاً باسمه ثم باسم المكتوب إليه كما فعل - صلى الله عليه وسلم - في خطابه إلى هرقل.

رابعاً: في الحديث حجة ظاهرة لن يمنع بدء الكافر بالسلام وهو مذهب الشافعى، وأجازه جماعة مطلقاً، وجماعة للاستئلاف أو الحاجة، ولكن قد جاء النهي عنه في الأحاديث الصحيحة، ولا اجتهاد مع النص.

خامساً: استحباب أما بعد.

سادساً: أن الكتابي إذا أسلم له أجران.

سابعاً: مشروعية دعاء الكفار إلى الإِسلام قبل قتالهم، وهو واجب، والقتال قبل الدعوة حرام إن لم تكن بلغتهم الدعوة، وإلا فهي مستحبة كما قال الشافعي، وقال مالك: يجب الانذار مطلقاً، والأول مذهب الجماعة.

ثامناً: استقباح الكذب عند جميع الأمم والشعوب.___

تاسعاً: أن الرسل لا تبعث إلا من ذوي الأنساب العريقة.

عاشراً: أن صدق الرسالة المحمدية كان معلوماً عند أهل الكتاب علماً قطعياً، لقول هرقل: " وقد كنت أعلم أنه خارج ".

الحادي عشر: تكريم قيصر الروم لكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنايته بشأنه، حيث اهتم بقراءته، وعرضه على رعيته، وتتبع أخبار مرسله، وسأل عن صفاته وشمائله، بخلاف كسرى الذي مزق كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فمزق الله دولته.

قال دحية الكلبي:

لقيت قيصر بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بدمشق، فأدخلت عليه خالياً، فتناول الكتاب، فقبّل خاتمه، وفضه، وقرأه، ثم وضعه على وسادة أمامه، ثم دعا بطارقته، ثم خطبهم فقال:

"هذا خطاب النبي الذي بشر به عيسى، وأخبر أنه من ولد إسماعيل، قال: فنفَروا نفرة عظيمة وحاصوا فأومأ إليهم أني جربتكم لأرى غضبكم لدينكم الخ.

وذكر السهيلي: "أن هرقل وضع هذا الكتاب في قصبة من ذهب تعظيماً له، ولم يزالوا يتوارثونه كابراً عن كابر في أعز مكان، وأن ملك الفرنج في دولة الملك المنصور قلاوون الصالحي أخرج لسيف الدين صندوقاً مصفحاً بالذهب، واستخرج منه مقلمة ذهبية، فأخرج منها كتاباً زالت أكثر حروفه، فقال: هذا كتاب نبيكم إلى جدي قيصر، ما زلنا نتوارثه إلى الآن، وأوصانا آباؤنا به _يعنى بالاحتفاظ به_." وقالوا: "إنه ما دام هذا الكتاب عندنا لا يزال الملك فينا، فنحن نحفظه " اهـ.

ونقل ابن كثير في "البداية والنهاية" عن الشافعي أنه قال:

وحفظنا أن قيصر الروم أكرم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووضعه في مسك، فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "ثبت الله ملكه"، وهو إخبار منه _صلى الله عليه وسلم_ لا دعاء له، لأنه لا يدعو لكافر.

فإن صح___هذا الخبر فمعناه " أنه سيبقى من دولة الروم بقية، فإن زال سلطانها من الشرق بفتح القسطنطينية، فإنه ستبقى منها بقية في أوروبة، ولا زالت هذه البقية من الروم موجودة حتى الآن في إيطالية، وليست "روما" عاصمة إيطالية اليوم، سوى مدينة "رومية" المذكورة في حديث الباب.

هي المعنية والمقصودة بقوله: "ثم كتب هرقل إلى صاحب له برومية."

وقد ذكر ياقوت هذه المدينة في معجم البلدان باسمها القديم "رومية"، وأطال الحديث عنها، فراجعه إن شئت." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (31/ 56_60):

في فوائده، وإن تقدّم بعضها، إلا أن كونها مرتّبة في موضع واحد أنفع:

1 - (منها): البداءة باسم الكاتب قبل المكتوب إليه، وقد أخرج أحمد، وأبو داود، عن العلاء بن الحضرميّ: "أنه كتب إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكان عامله على البحرين، فبدأ بنفسه: من العلاء إلى محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وقال ميمون: كانت عادة ملوك المعجم إذا كتبوا إلى ملوكهم بدءوا باسم ملوكهم، فتبعتهم بنو أمية، وكتب ابن عمر إلى معاوية، فبدأ باسم معاوية، وإلى عبد الملك كذلك، وكذا جاء عن زيد بن ثابت إلى معاوية، وعند البزار بسند ضعيف، عن حنظلة الكاتب: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وَجَّهَ عليًّا، وخالد بن الوليد، فكتب إليه خالد، فبدأ بنفسه، وكتب إليه عليّ، فبدأ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يَعِبْ على واحد منهما، قاله في "الفتح" ["الفتح" 9/ 735، كتاب التفسير، رقم (4553)].

وقال في "العمدة": فإن قلت: كيف صدّر سليمان عليه السلام كتابه باسمه حيث قال: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (30)}؟ [النمل: 30].

قلت: خاف من بلقيس أن تسُبّ، فقدم اسمه حتى إذا سبَّت يقع على اسمه، دون اسم الله تعالى ["عمدة القاري" 1/ 167 - 168.].___

2 - (ومنها): أنه يستفاد من قوله: "إلى عظيم الروم" ملاطفة المكتوب إليه، وتعظيمه، وإنما لم يقل: إلى ملك الروم؛ لأنه معزول عن الحكم بحكم دين الإسلام، ولا سلطنة لأحد إلا من قِبَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما لم يقل: إلى هرقل فقط؛ ليكون فيه نوع من الملاطفة، فقال: "عظيم الروم"؛ أي: الذي تعظّمه الروم، وقد أمر الله تعالى بتليين القول لمن يُدْعَى إلى الإسلام، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] وقال: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: 44] ["التوضيح" (2/ 418 – 419)].

3 - (ومنها): مشروعيّة مكاتبة الكفّار، وقد كاتب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سبعة من الملوك، فيما قاله الداوديّ: هرقل، وكسرى، والنجاشيّ، والمقوقس، وملك غسّان، وهوذة بن عليّ، والمنذر بن ساوى.

4 - (ومنها): أن فيه دليلًا لمن قال بجواز معاملة الكفار بالدراهم المنقوشة، فيها اسم الله تعالى؛ للضرورة، وإن كان عن مالك الكراهة؛ لأن ما في هذا الكتاب أكثر مما في هذا المنقوش، من ذِكْر الله تعالى.

5 - (ومنها): أن فيه وجوبَ العمل بخبر الواحد، وإلا لم يكن لِبَعْثه مع دحية فائدة، مع غيره من الأحاديث الدالة عليه.

6 - (ومنها): أن خبر الجماعة أوقع من خبر الواحد، ولا سيّما إذا كانوا جَمْعًا يقع العلم بخبرهم، وهذه مأخوذة من قوله: "وقرّبوا أصحابه، فاجعلوهم عند ظهره" ["التوضيح لشرح الجامع الصحيح" لابن الملقّن رحمه الله (2/ 413)].

7 - (ومنها): أن فيه حجةً لمن منع أن يبتدأ الكافر بالسلام، وهو مذهب الشافعيّ، وأكثر العلماء، وأجازه جماعة مطلقًا، وجماعة للاستئلاف، أو الحاجة، وقد جاء عنه النهي في الأحاديث الصحيحة، وفي "صحيح مسلم": أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام"، الحديث، وقال البخاريّ وغيره: ولا يسلِّم على المبتدع، ولا على من اقترف ذنبًا كبيرًا، ولم___يتب منه، ولا يردّ عليهم السلام، واحتَجَّ البخاريّ بحديث كعب بن مالك، وفيه: "نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كلامنا".

8 - (ومنها): أن فيه استحبابَ "أما بعدُ" في المكاتبة، والخطبة، وقد تقدّم الخلاف في أول من قالها قريبًا.

9 - (ومنها): أن من أدرك من أهل الكتاب نبينا - صلى الله عليه وسلم -، فآمن به، فله أجران.

10 - (ومنها): ما قال الخطابيّ رحمه الله: في هذا الخبر دليل على أن النهي عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدوّ، إنما هو في حمل المصحف، والسُّوَر الكثيرة، دون الآية، والآيتين، ونحوهما.

وقال ابن بطال رحمه الله: إنما فعله؛ لأنه كان في أول الإسلام، ولم يكن بُدٌّ من الدعوة العامّة، وقد نَهَى، وقال: "لا تسافروا بالقرآن إلى أرض العدوّ"، وهو حديث صحيح، وقال العلماء: ولا يُمَكَّن المشركون من الدراهم التي فيها ذكر الله تعالى.

قال العينيّ رحمه الله: كلام الخطابيّ أصوب؛ لأنه يلزم من كلام ابن بطال النسخ، ولا يلزم من كلام الخطابيّ، والحديث محمول على ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار. انتهى ["عمدة القاري" (1/ 168 – 169)].

11 - (ومنها): أن فيه دعاءَ الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم، وهو واجب، والقتال قبله حرام، إن لم تكن بلغتهم الدعوة، وإن كانت بلغتهم فالدعاء مستحب، هذا مذهب الشافعيّ، وقد تقدّم بيان اختلاف العلماء في هذه المسألة في أوائل "كتاب الجهاد"، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

12 - (ومنها): أنه يدل على أن ذا الحسب أولى بالتقديم في أمور المسلمين، ومهمات الدين والدنيا، ولذلك جُعلت الخلفاء من قريش؛ لأن___عادة الناس أن يطيعوا ويسمعوا لمن كان نسيبًا حسيبًا، ولا يأنفون عنه، فتجتمع به كلمة المسلمين، ولأنهم أحوط من أن يدنّسوا أحسابهم، وقد قال الحسن البصريّ: حدِّثوا عن الأشراف؛ فإنهم لا يرضون أن يدنّسوا شرفهم بالكذب، ولا بالخيانة ["التوضيح" لابن الملقّن رحمه الله (2/ 413)].

13 - (ومنها): أن فيه دليلًا لجمهور الأصوليين: أن للأمر صيغةً معروفةً؛ لأنه أتى بقول: "اعبدوا الله" في جواب: "ما يأمركم"، وهو من أحسن الأدلّة؛ لأن أبا سفيان من أهل اللسان، وكذلك الراوي عنه ابن عباس، بل هو من أفصحهم، وقد رواه عنه مُقَرّرًا له، ومذهب بعض أصحاب الشافعيّ أنه مشترك بين القول والفعل بالاشتراك اللفظيّ، وقال آخرون: بالاشتراك المعنويّ، وهو التواطؤ، بأن يكون القدر المشترك بينهما على ما عُرِف في الأصول، قاله في "العمدة" ["عمدة القاري" (1/ 169)].

14 - (ومنها): أن بعضهم استدلّ به على جواز مسّ المُحْدِث، والكافر كتابًا فيه آية، أو آيات يسيرة من القرآن، مع غير القرآن.

15 - (ومنها): أن فيه استحبابَ البلاغة، والإيجاز، وتحري الألفاظ الْجَزْلة في المكاتبة، فإن قوله: "أسلم تسلم" في نهاية الاختصار، وغاية الإيجاز والبلاغة، وجمع المعاني، مع ما فيه من بديع التجنيس.

16 - (ومنها): جواز المسافرة إلى أرض الكفار.

17 - (ومنها): جواز البعث إليهم بالآية من القرآن، ونحوها.

18 - (ومنها): أن من كان سببًا لضلالة، أو مَنْع هداية كان آثمًا، متحمّلًا لأوزار من تبعوه في ذلك،

كما قال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: 13]،

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا"، رواه مسلم.___

19 - (ومنها): أن الكذب مهجور، وعيب في كل أمة.

20 - (ومنها): أنه يجب الاحتراز عن العدوّ؛ لأنه لا يُؤْمَن أن يكذب على عدوّه.

21 - (ومنها): أن الرسل لا تُرسَل إلا من أكرم الأنساب؛ لأن من شَرُف نسبه كان أبعد من الانتحال لغير الحقّ، ومثله الخليفة ينبغي أن يكون من أشرف قومه.

22 - (ومنها): البيان الواضح أن صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعلاماته كان معلومًا لأهل الكتاب علمًا قطعيًّا، وإنما تَرَكَ الإيمان مَنْ تَرَكه منهم عنادًا، أو حسدًا، أو خوفًا على فوات مناصبهم في الدنيا.

23 - (ومنها): أن الإمام، وكلّ من حاول مطلبًا عظيمًا إذا لم يتأسّ بأحد تقدّمه من أهله، ولا طلب رئاسة سلفه كان أبعد للظنّة، وأبرأ للساحة.

24 - (ومنها): أن من أخبر بحديث، وهو معروف بالصدق قُبِل منه، بخلاف ضدّه [راجع: "عمدة القاري" (1/ 167 – 170)، و"التوضيح لشرح الجامع الصحيح" للعلامة ابن الملقّن رحمه الله 2/ 413 - 424 و"عمدة القاري" للعلامة العينيّ رحمه الله (1/ 167 – 170)] (2)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ



[1] وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (13/ 119) للمزي :

"صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي، الأُمَوِي، أبو سفيان، وأبو حنظلة المكي، والد معاوية بن أَبي سفيان، وإخوته، وأمه صفية بنت حزن بن بجير بن الهزم بن رويبة بن عَبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة. وهي عمة ميمونة بنت الحارث زوج النَّبِيّ صَلَّى الله عليه وسلم.___

أسلم زمن الفتح، ولقي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بالطريق قبل دخوله مكة، وَقَال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَوْمَئِذٍ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فهو آمن"وشهد حنينا، وأعطاه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم من غنائمها مئة بعير وأربعين أوقية، وشهد الطائف، وفقئت عينه يومئذ، وشهد اليرموك، وكان القاص يومئذ وقيل إن عينه الأخرى فقئت يومئذ."

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 107) : "تُوُفِّيَ بِالمَدِيْنَةِ سَنَةَ إِحْدَى وَثَلاَثِيْنَ. وَقِيْلَ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ. وَقِيْلَ: سَنَةَ ثَلاَثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَثَلاَثِيْنَ، وَلَهُ نَحْوُ التِّسْعِيْنَ." اهـ

[2] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 33) : "قَوْلُهُ (هِرَقْلُ) هُوَ مَلِكُ الرُّومِ. وَهِرَقْلُ : اسْمُهُ، وهُوَ بِكَسْرِ الْهَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْقَافِ، وَلَقَبُهُ : قَيْصَرُ، كَمَا يُلَقَّبُ مَلِكُ الْفُرْسِ "كِسْرَى" وَنَحْوَهُ." اهـ

[3] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 33):

"قَوْلُهُ (فِي رَكْبٍ) جَمْعُ رَاكِبٍ، كَصَحْبٍ وَصَاحِبٍ، وَهُمْ: أُولُو الْإِبِلِ الْعَشْرَةِ فَمَا فَوْقَهَا، وَالْمَعْنَى أَرْسَلَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ حَالَ كَوْنِهِ فِي جُمْلَةِ الرَّكْبِ وَذَاكَ لِأَنَّهُ كَانَ كَبِيرَهُمْ فَلِهَذَا خَصَّهُ وَكَانَ عَدَدُ الرَّكْبِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا." اهـ

[4] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 34): "قَوْلُهُ (فِي الْمُدَّةِ) يَعْنِي مُدَّةَ الصُّلْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ." اهـ

[5] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 34): "قَوْلُهُ (بِإِيلِيَاءَ) بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا يَاءٌ أَخِيرَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ مَكْسُورَةٌ ثُمَّ يَاءٌ أَخِيرَةٌ ثُمَّ أَلِفٌ مَهْمُوزَةٌ، قِيلَ : مَعْنَاهُ بَيْتُ اللَّهِ." اهـ

قلت: مسجد إيلياء هو المسجد الأقصى

[6] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 34): "وَالتَّرْجُمَانُ الْمُعَبِّرُ عَنْ لُغَةٍ بِلُغَةٍ وَهُوَ مُعَرَّبٌ وَقِيلَ عَرَبِيٌّ."

[7] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 35): "قَوْلُهُ (فَاجْعَلُوهُمْ عِنْدَ ظَهْرِهِ) أَيْ : لِئَلَّا يَسْتَحْيُوا أَنْ يُوَاجِهُوهُ بِالتَّكْذِيبِ إِنْ كَذَبَ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ الْوَاقِدِيُّ." اهـ

[8] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 35) : "قَوْلُهُ (فَوَاللَّهِ، لَوْلَا الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا) أَيْ: يَنْقُلُوا (عَلَيَّ الْكَذِبَ، لَكَذَبْتُ عَلَيْهِ)." اهـ

[9] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 35) : "قَوْلُهُ (سُخْطَةً) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ، وَأَخْرجَ بِهَذَا مَنِ ارْتَدَّ مُكْرَهًا أَولا، لِسَخَطٍ لِدِينِ الْإِسْلَامِ بَلْ لِرَغْبَةٍ فِي غَيْرِهِ كَحَظٍّ نَفْسَانِيٍّ كَمَا وَقَعَ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ." اهـ

[10] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 35) : "قَوْلُهُ (وَلَمْ تُمْكِنِّي كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا) أَيْ : أَنْتَقِصُهُ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّنْقِيصَ هُنَا أَمْرٌ نِسْبِيٌّ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ يَقْطَعْ بِعَدَمِ غَدْرِهِ أَرْفَعُ رُتْبَةً مِمَّنْ يُجَوِّزُ وُقُوعَ ذَلِكَ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ وَقَدْ كَانَ مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ." اهـ

[11] فتح الباري لابن حجر (1/ 36) : "قَوْلُهُ (سِجَالٌ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، أَيْ : نُوَبٌ." اهـ

[12] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 36) : "قَوْلُهُ (وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ) هِيَ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِتَرْكِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْآبَاءَ تَنْبِيهًا عَلَى عُذْرِهِمْ فِي مُخَالَفَتِهِمْ لَهُ لِأَنَّ الْآبَاءَ قُدْوَةٌ عِنْدَ الْفَرِيقَيْنِ أَيْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالنَّصَارَى." اهـ

[13] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 36) : "قَوْلُهُ (فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا) الظَّاهِرُ : أَنَّ إِخْبَارَ هِرَقْلَ بِذَلِكَ بِالْجَزْمِ كَانَ عَنِ الْعِلْمِ الْمُقَرَّرِ عِنْدَهُ فِي الْكُتُبِ السَّالِفَةِ." اهـ

وقال أبو إسحاق إبراهيم بن يوسف بن أدهم الوَهْرَانِيُّ، المعروف بـ"ابن قُرْقُوْلٍ الحمزي" (المتوفى: 569هـ) _رحمه الله_ في "مطالع الأنوار على صحاح الآثار" (4/ 213): "وقوله: (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ تُبْعَثُ في نَسَبِ قَوْمِهَا)، أي: في أشراف بيوت قومها." اهـ

[14] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 36) : "قَوْلُهُ (فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمُ اتَّبَعُوهُ) هُوَ بِمَعْنَى قَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ (ضُعَفَاؤُهُمْ). وَمِثْلُ ذَلِكَ يُتَسَامَحُ بِهِ لِاتِّحَادِ الْمَعْنَى. وَقَوْلُ هِرَقْلَ (وَهُمْ أَتْبَاعُ الرُّسُلِ) مَعْنَاهُ : أَنَّ أَتْبَاعَ الرُّسُلِ فِي الْغَالِبِ أَهْلُ الِاسْتِكَانَةِ لَا أَهْلُ الِاسْتِكْبَارِ الَّذِينَ أَصَرُّوا عَلَى الشِّقَاقِ بَغْيًا وَحَسَدًا كَأَبِي جَهْلٍ وَأَشْيَاعِهِ إِلَى أَنْ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ _تَعَالَى_ وَأَنْقَذَ بَعْدَ حِينٍ مَنْ أَرَادَ سَعَادَتَهُ مِنْهُمْ." اهـ

[15] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 36) : "أَيْ : يُخَالِطُ الْإِيمَانُ انْشِرَاحَ الصُّدُورِ." اهـ

[16] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 37) : "قَوْلُهُ (وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ) لِأَنَّهَا لَا تَطْلُبُ حَظَّ الدُّنْيَا الَّذِي لَا يُبَالِي طَالِبُهُ بِالْغَدْرِ بِخِلَافِ مَنْ طَلَبَ الْآخِرَةَ." اهـ

[17] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 37): "وَقَوْلُهُ (وَلَيَبْلُغَنَّ مُلْكُهُ مَا تَحْتَ قَدَمَيَّ) أَيْ : بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَكَنَّى بِذَلِكَ لِأَنَّهُ مَوْضِعُ اسْتِقْرَارِهِ أَوْ أَرَادَ الشَّامَ كُلَّهُ لِأَنَّ دَارَ مَمْلَكَتِهِ كَانَتْ حِمْصَ وَمِمَّا يُقَوِّي أَنَّ هِرَقْلَ آثَرَ مُلْكَهُ عَلَى الْإِيمَانِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الضَّلَالِ أَنَّهُ حَارَبَ الْمُسْلِمِينَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِدُونِ السنتين." اهـ

[18] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 37) : "قَوْلُهُ (أَخْلُصُ) _بِضَمِّ اللَّامِ_، أَيْ : أَصِلُ، يُقَالُ : "خَلُصَ إِلَى كَذَا"، أَيْ : وَصَلَ. قَوْلُهُ (لَتَجَشَّمْتُ) بِالْجِيمِ وَالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ : تَكَلَّفْتُ الْوُصُولَ إِلَيْه." اهـ

[19] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 37) : "وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى ذِكْرِ غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ إِشَارَةٌ مِنْهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَطْلُبُ مِنْهُ إِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ سَالِمًا لَا وِلَايَةً وَلَا مَنْصِبًا وَإِنَّمَا يَطْلُبُ مَا تَحْصُلُ لَهُ بِهِ الْبَرَكَةُ." اهـ

[20] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 37_38)

قَوْلُهُ دِحْيَةُ بِكَسْرِ الدَّالِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا لُغَتَانِ وَيُقَالُ إِنَّهُ___الرئيس بلغَة أهل الْيمن، وَهُوَ ابن خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، كَانَ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا، وَأَسْلَمَ قَدِيمًا وَبَعَثَهُ النَّبِيُّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ بِكِتَابِهِ إِلَى هِرَقْلَ، وَكَانَ وُصُولُهُ إِلَى هِرَقْلَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ،

وَوَقَعَ فِي تَارِيخِ خَلِيفَةَ : أَنَّ إِرْسَالَ الْكِتَابِ إِلَى هِرَقْلَ كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ بَلْ هَذَا غَلَطٌ لِتَصْرِيحِ أَبِي سُفْيَانَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي مُدَّةِ الْهُدْنَةِ، وَالْهُدْنَةُ كَانَتْ فِي آخِرِ سَنَةِ سِتٍّ اتِّفَاقًا،

وَمَاتَ دِحْيَةُ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ." اهـ

[21] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 38) : "وَبُصْرَى _بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَالْقَصْر_ مَدِينَةٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَدِمَشْقَ، وَقِيلَ : هِيَ حَوْرَانُ.

وَعَظِيمُهَا : هُوَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي شِمْرٍ الْغَسَّانِيُّ، وَفِي "الصَّحَابَةِ" لِابْنِ السَّكَنِ : أَنَّهُ أُرْسِلَ بِكِتَابِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ إِلَى هِرَقْلَ مَعَ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ وَكَانَ عَدِيٌّ إِذْ ذَاكَ نَصْرَانِيًّا فَوَصَلَ بِهِ هُوَ وَدِحْيَةُ مَعًا وَكَانَتْ وَفَاةُ الْحَارِثِ الْمَذْكُورِ عَامَ الْفَتْحِ." اهـ

[22] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 38) :

"قَوْلُهُ (عَظِيمِ الرُّومِ) فِيهِ عُدُولٌ عَنْ ذِكْرِهِ بِالْمُلْكِ أَوِ الْإِمْرَةِ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ لَكِنَّهُ لَمْ يُخْلِهِ مِنْ إِكْرَامٍ لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ." اهـ

[23] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 38) : "قَوْلُهُ (بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ) بِكَسْرِ الدَّالِ مِنْ قَوْلِكَ دَعَا يَدْعُو دِعَايَةً، نَحْوَ : شَكَا يَشْكُو شِكَايَةً.

وَلِمُسْلِمٍ : (بِدَاعِيَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ : بِالْكَلِمَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهِيَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَالْبَاءُ مَوْضِعُ (إِلى)." اهـ

[24] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 38) : "وَهُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ _تَعَالَى_ : {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: 54]،

لِكَوْنِهِ كَانَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ ثُمَّ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ تَضْعِيفُ الْأَجْرِ لَهُ مِنْ جِهَةِ إِسْلَامِهِ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّ إِسْلَامَهُ يَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِ أَتْبَاعِهِ." اه

[25] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 39):

"قَوْلُهُ (الْأَرِيسِيِّينَ) هُوَ جَمْعُ أَرِيسِيٍّ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى (أَرِيسَ) بِوَزْنِ فَعِيلٍ وَقَدْ تُقْلَبُ هَمْزَتُهُ يَاءً كَمَا جَاءَتْ بِهِ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ والأصيلي وَغَيرهمَا هُنَا. قَالَ بن سِيدَهْ: "الْأَرِيسُ الْأَكَّارُ، أَيِ: الْفَلَّاحُ." اهـ

[26] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 40) : "قَوْلُهُ (أَمِرَ) هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ عَظُمَ." اهـ

وقال أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البُسْتِيُّ، المعروف بـ"الخَطَّابِيِّ" (المتوفى: 388 هـ) _رحمه الله_ في "أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (1/ 138):

"وقوله: (ولقد أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أبي كَبْشَةَ)، فإن كبشة _فيما يُرْوَى_ رجلٌ من خُزاعةَ خالف قريشا في عبادة الأصنام وعبد الشِّعْرَى العبور، وكان المشركون ينسبون رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ إلى أبي كبشة تشبيها له لمخالفته إياهم في الدين. ومعنى أمِر: عظُم وارتفع." اهـ

[27] فتح الباري لابن حجر (1/ 40) : "قَوْلُهُ (مَلِكُ بَنِي الْأَصْفَرِ)، هُمُ : الرُّومُ. وَيُقَالُ : إِنَّ جَدَّهُمْ رُومَ بْنَ عِيصَ تَزَوَّجَ بِنْتَ مَلِكِ الْحَبَشَةِ، فَجَاءَ لَوْنُ وَلَدِهِ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ، فَقِيلَ لَهُ الْأَصْفَر حَكَاهُ بن الْأَنْبَارِي. وَقَالَ بن هِشَامٍ فِي التِّيجَانِ : إِنَّمَا لُقِّبَ الْأَصْفَرَ لِأَنَّ جَدَّتَهُ سَارَةَ زَوْجَ إِبْرَاهِيمَ حَلَّتْهُ بِالذَّهَبِ." اهـ

[28] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 40) : "قَوْله (وَكَانَ ابن النَّاطُور)ِ هُوَ بِالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ بِالْعَرَبِيَّةِ : حَارِسُ الْبُسْتَانِ، قَوْلُهُ (صَاحِبُ إِيلِيَاءَ) أَيْ : أَمِيرُهَا، هُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ أَوِ الْحَالِ أَوْ مَرْفُوعٌ عَلَى الصِّفَةِ." اهـ

[29] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 41) : "وَالْأُسْقُفُّ، وَالسُّقْفُ: لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ، وَمَعْنَاهُ رَئِيسُ دِينِ النَّصَارَى." اهـ

[30] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 41):

"قَوْلُهُ (حِينَ قَدِمَ إِيلِيَاءَ) يَعْنِي : فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَهِيَ عِنْدَ غَلَبَةِ جُنُودِهِ عَلَى جُنُودِ فَارِسَ وَإِخْرَاجِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ الَّتِي اعْتَمَرَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ وَبَلَغَ الْمُسْلِمِينَ نَصْرَةُ الرُّومِ عَلَى فَارِسَ فَفَرِحُوا وَقَدْ ذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ الْقِصَّةَ مُسْتَوْفَاةً فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ _تَعَالَى_: {وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ...(5)} [الروم: 4_5]." اهـ

[31] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 41) : "قَوْلُهُ (خَبِيثُ النَّفْسِ) أَيْ : رَدِيء النَّفس غَيْرُ طَيِّبِهَا، أَيْ : مَهْمُومًا. وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ فِي كَسَلِ النَّفْسِ." اهـ

[32] وفي "العين" (5/ 257) للخليل بن أحمد الفراهيدي _رحمه الله_:  "(بطرق)، البِطْرِيقُ: العظيم من الروم. والبِطريقُ: القائد لأهل الشام والروم." اهـ

وفي "مفاتيح العلوم" (ص: 148) لمحمد بن أحمد بن يوسف، أبي عبد الله، الكاتب البلخي الخوارزمي (المتوفى: 387هـ):

"البطريق: هو القائد من قُوَّادِ الروم يكون تحت يده عشرة آلاف رجلٍ، وهم إثنا عشر بطريقاً، ستة منهم أبداً عند الطاغية في كور المملكة. والطرخان تحت يد البطريق على خمسة آلاف رجل." اهـ

وفي "التعريفات الفقهية" (ص: 45) لمحمد عميم الإحسان المجددي البركتي: "البِطْريق: واحد البطارقة من النصارى وهي للروم كالقوَّاد للعرب، وعن قدامة: يقال لمن كان على عشرة آلاف رجل: بِطْريقٌ." اهـ

[33] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 41) : "قَوْلُهُ حَزَّاءً بِالْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ آخِرُهُ هَمْزَةٌ مُنَوَّنَةٌ أَيْ كَاهِنًا." اهـ

[34] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 42) : "قَوْلُهُ (بِرُومِيَةَ) بِالتَّخْفِيفِ وَهِيَ مَدِينَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِلرُّومِ وَحِمْصَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ مُنِعَ صَرْفُهُ لِلْعَلَمِيَّةِ وَالتَّأْنِيثِ."

وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 43) : "قَوْلُهُ (وَسَارَ هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ) لِأَنَّهَا كَانَتْ دَارَ مُلْكِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَكَانَتْ فِي زَمَانِهِمْ أَعْظَمُ مِنْ دِمَشْقَ وَكَانَ فَتْحُهَا عَلَى يَدِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَشْرِ سِنِينَ." اهـ

[35] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 42): "قَوْلُهُ (فَلَمْ يَرِمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، أَيْ: لَمْ يَبْرَحْ مِنْ مَكَانِهِ هَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ."

[36] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 43): "قَوْلُهُ (وَأَنَّهُ نَبِيٌّ) يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هِرَقْلَ وَصَاحِبَهُ أَقَرَّا بِنُبُوَّةِ نَبِيِّنَا _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، لَكِنَّ هِرَقْلَ كَمَا ذَكَرْنَا لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى ذَلِكَ بِخِلَافِ صَاحِبِهِ." اهـ

[37] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 43) : "قَوْلُهُ (فَحَاصُوا) بِمُهْمَلَتَيْنِ، أَيْ: نَفَرُوا وَشَبَّهَهُمْ بِالْوُحُوشِ لِأَنَّ نَفْرَتَهَا أَشَدُّ مِنْ نَفْرَةِ الْبَهَائِمِ الْإِنْسِيَّةِ، وَشَبَّهَهُمْ بِالْحُمْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنَ الْوُحُوشِ لِمُنَاسَبَةِ الْجَهْلِ وَعَدَمِ الْفِطْنَةِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ." اهـ

[38] وفي فتح الباري لابن حجر (1/ 43): "قَوْلُهُ (فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ)، أَيْ: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بدعائه إِلَى الْإِيمَان خَاصَّة، لَا أَنه انْقَضَى أَمْرُهُ حِينَئِذٍ وَمَاتَ، أَوْ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْآخِرِيَّةَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا فِي عِلْمِهِ، وَهَذَا أَوْجَهُ، لِأَنَّ هِرَقْلَ وَقَعَتْ لَهُ قِصَصٌ أُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ، مِنْهَا: مَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ تَجْهِيزِهِ الْجُيُوشَ إِلَى مُؤْتَةَ وَمِنْ تَجْهِيزِهِ الْجُيُوشَ أَيْضًا إِلَى تَبُوكَ، وَمُكَاتَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ ثَانِيًا، وَإِرْسَالِهِ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِذَهَبٍ، فَقَسَّمَهُ بَيْنَ أَصْحَابه كَمَا فِي رِوَايَة بن حِبَّانَ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا قَبْلُ." اهـ

[39]  يعني : هرقل

[40] انظر: شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 48) أبو تميم ياسر بن إبراهيم، ط. مكتبة الرشد - السعودية، الرياض، الطبعة: الثانية، 1423هـ - 2003م

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين