شرح الحديث 78 - باب اليقين والتوكل - رياض الصالحين

 

[78] الخامس: عن جابر - رضي الله عنه -:

أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي _صلى الله عليه وسلم_ قِبلَ نَجْدٍ، فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_، قَفَلَ معَهُمْ،

فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ في وَادٍ كثير العِضَاه، فَنَزَلَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ،

وَنَزَلَ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ تَحتَ سَمُرَة فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً، فَإِذَا رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ يَدْعونَا، وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ:

«إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي، وَأنَا نَائمٌ، فَاسْتَيقَظْتُ، وَهُوَ في يَدِهِ صَلتاً، قَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" قُلْتُ: "الله." _ثلاثاً_» وَلَمْ يُعاقِبْهُ وَجَلَسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

وفي رواية قَالَ جَابرٌ:

"كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله _صلى الله عليه وسلم_ بذَاتِ الرِّقَاعِ. فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ، تَرَكْنَاهَا لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_،

فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ، وَسَيفُ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ، فَاخْتَرطَهُ، فَقَالَ: "تَخَافُنِي؟" قَالَ: «لا» . فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «الله» .

 

وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه ":

قَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللهُ».

قَالَ: فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ السَّيْفَ،

فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟».

فَقَالَ: كُنْ خَيرَ آخِذٍ.

فَقَالَ: «تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَأَنِّي رَسُول الله؟»

قَالَ: "لا، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ، فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ: جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ."

 

قَولُهُ: «قَفَلَ» أي رجع، وَ «الْعِضَاهُ» الشجر الَّذِي لَهُ شوك، و «السَّمُرَةُ» بفتح السين وضم الميم: الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ، وَ «اخْتَرَطَ السَّيْف» أي سلّه وَهُوَ في يدهِ. «صَلْتاً» أي مسلولاً، وَهُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها.

 

ترجمة جابر بن عبد الله الأنصاري _رضي الله عنهما_ :

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 189):

"جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ السَّلِمِيُّ * (ع) : ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، السَّلِمِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ. مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ شَهِدَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ مَوْتاً.

رَوَى: عِلْماً كَثِيْراً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٍ." اهـ

 

وفي تاريخ الإسلام، ت. بشار (2/ 801) :

"قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أَرْبَعًا وتسعين سنة." اهـ

 

وفي الأعلام للزركلي (2/ 104_105):

"جابِر بن عبد الله (16 ق هـ - 78 هـ = 607 - 697 م):

جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السملي: صحابي، من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم وروى عنه جماعة من الصحابة. له ولأبيه صحبة. غزا تسع عشرة غزوة. وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم. روى له البخاري ومسلم___وغيرهما 1540 حديثا." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

[78] الخامس : عن جابر - رضي الله عنه -:

"أَنَّهُ غَزَا مَعَ النبي _صلى الله عليه وسلم_ قِبلَ نَجْدٍ،

 

وفي فتح الباري لابن حجر (7/ 427) :

"قَوْلُهُ (أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قِبَلَ نَجْدٍ)، فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ : "كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِذَاتِ الرِّقَاعِ." اهـ

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 189) للعيني:

"أَي: نَاحيَة نجد، وَهِي مَا بَين الْحجاز إِلَى الشَّام إِلَى العُذيب، فالطائف من نجد وَالْمَدينَة من نجد وَأَرْض الْيَمَامَة والبحرين إِلَى عمان الْعرُوض. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: نجد بلد للْعَرَب." اهـ

 

وقال ياقوت الحموي في "معجم البلدان" (4/ 92):

"العُذَيبُ: تصغير العذب، وهو الماء الطيب. وهو ماء بين القادسية والمغيثة، بينه وبين القادسية أربعة أميال وإلى المغيثة اثنان وثلاثون ميلا، وقيل: هو واد لبني تميم، وهو من منازل حاج الكوفة

 

فَلَمَّا قَفَلَ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_، قَفَلَ معَهُمْ، فَأَدْرَكَتْهُمُ القَائِلَةُ في وَادٍ كثير العِضَاه،

 

وفي فتح الباري لابن حجر (7/ 427) : "قَوْلُهُ (فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ) أَيْ : وَسَطَ النَّهَارِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ." اهـ

 

وفي فتح الباري لابن حجر (7/ 427) : "قَوْلُهُ (كَثِيرُ الْعِضَاهِ) _بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ_: كُلُّ شَجَرٍ يَعْظُمُ لَهُ شَوْكٌ، وَقِيلَ هُوَ الْعَظِيمُ مِنَ السَّمُرِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ." اهـ

 

فَنَزَلَ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_، وَتَفَرَّقَ النَّاسُ يَسْتَظِلُّونَ بالشَّجَرِ،

وَنَزَلَ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ تَحتَ سَمُرَةٍ، فَعَلَّقَ بِهَا سَيفَهُ وَنِمْنَا نَوْمَةً،

فَإِذَا رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ يَدْعونَا،

 

والسَّمُرة: نوع نباتي شجري من جنس السنْط من الفصيلة البقولية، وهي ما يعرف اليوم بـ(السَّنْطِ الْمُلْتَوِيْ). ينتشر هذا النوع في كل مناطق الوطن العربي بما فيها المشرق العربى والمغرب العربي ووادي النيل وشبه الجزيرة العربية إضافة إلى معظم مناطق شرق إفريقيا. ينتشر في كل أجزاء الجزيرة العربية لكن لكل نوع منه انتشار معين وقد يوجد أكثر من نوع في المنطقة الواحدة تنتشر شجرة السمر في أفريقيا الجافة من السنغال إلى الصومال وجنوبا إلى الجنوب الأفريقي.

واسمها باللاتنية: Acacia Tortilis أو Vachellia tortilis

 

وَإِذَا عِنْدَهُ أعْرَابِيٌّ، فَقَالَ:

«إنَّ هَذَا اخْتَرَطَ عَلَيَّ سَيفِي، وَأنَا نَائمٌ، فَاسْتَيقَظْتُ وَهُوَ في يَدِهِ صَلتاً، قَالَ: "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟"[1] قُلْتُ : "الله" _ثلاثاً_» ،وَلَمْ يُعاقِبْهُ، وَجَلَسَ[2]." مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

واسم الأعرابي: جاء ذكره في مسند أحمد (23/ 193) (رقم : 14929):

عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَاتَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ، فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالَ لَهُ: غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ، حَتَّى قَامَ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ، فَقَالَ: مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ: «اللَّهُ»

وأخرجه _أيضا_ عبد بن حميد (1096) ، وأبو يعلى (1778)، وابن حبان (2883) ، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (3/ 31) (رقم : 4322) ، والبيهقي في "الدلائل" (3/375-376)، وصححه الأرنؤط.[3]

 

وفي فتح الباري لابن حجر (7/ 427) : "قَوْلُهُ (وهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا) _بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ_ أَيْ : مُجَرَّدًا عَنْ غِمْدِهِ." اهـ

 

وفي رواية:

قَالَ جَابرٌ: "كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله _صلى الله عليه وسلم_ بذَاتِ الرِّقَاعِ، فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لرسول الله _صلى الله عليه وسلم_،

فجاء رَجُلٌ مِنَ المُشْركينَ، وَسَيفُ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ معَلَّقٌ بالشَّجَرَةِ فَاخْتَرطَهُ، فَقَالَ : "تَخَافُنِي؟" قَالَ : «لا» . فَقَالَ: فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟ قَالَ : «اللهُ».

 

[تعليق] غزوة ذات الرقاع: هي غزوة قام بها النبي في السنة الرابعة للهجرة ضد بني ثعلبة وبني محارب من غطفان بعد أن بلغه انهم يعدون العدة لغزو المدينة فخرج إليهم في أربعمائة من المسلمين، وقيل في سبعمائة، واستخلف على المدينة أبو ذر الغفاري.

وعامة أهل المغازي يذكرون هذه الغزوة في السنة الرابعة، ولكن حضور أبي موسي الأشعري وأبي هريرة رضي الله عنهما في هذه الغزوة يدل على وقوعها بعد خيبر، والأغلب أنها وقعت في شهر ربيع الأول سنة 7 هـ.[4]

 

وفي رواية أبي بكر الإسماعيلي في " صحيحه "[5] :

"قَالَ : "مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" قَالَ : «اللهُ».

قَالَ : فَسَقَطَ السيفُ مِنْ يَدهِ، فَأخَذَ رسولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ السَّيْفَ، فَقَالَ: «مَنْ يَمْنَعُكَ مني؟».

فَقَالَ : "كُنْ خَيرَ آخِذٍ". فَقَالَ : «تَشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا الله وَأَنِّي رَسُول الله؟» قَالَ : "لا، وَلَكنِّي أُعَاهِدُكَ أنْ لا أُقَاتِلَكَ، وَلا أَكُونَ مَعَ قَومٍ يُقَاتِلُونَكَ".

فَخَلَّى سَبيلَهُ، فَأَتَى أصْحَابَهُ، فَقَالَ : جئتُكُمْ مِنْ عنْد خَيْرِ النَّاسِ."

 

وفي "فتح الباري" لابن حجر (7/ 428):

"وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّة: أَنه أَسْلَمَ، وَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ، فَاهْتَدَى بِهِ خلقٌ كثيرٌ، وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا: (ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ)." اهـ

 

قَولُهُ : «قَفَلَ» أي رجع، وَ «الْعِضَاهُ» الشجر الَّذِي لَهُ شوك، و «السَّمُرَةُ» بفتح السين وضم الميم: الشَّجَرَةُ مِنَ الطَّلْح، وهيَ العِظَامُ مِنْ شَجَرِ العِضَاهِ، وَ «اخْتَرَطَ السَّيْف» أي سلّه وَهُوَ في يدهِ. «صَلْتاً» أي مسلولاً، وَهُوَ بفتحِ الصادِ وضَمِّها.

 

تخريج الحديث :

 

* الرواية الأولى: أخرجها البخاري في "صحيحه" (رقم : 2910 و 4135)[6]

* الرواية الثانية: أخرجها البخاري في "صحيحه" (5/ 115) (رقم : 4136)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 576) (رقم : 843).

* الرواية الثالثة: أخرجها _غير الإسماعيلي_ سعيد بن منصور في "سننه" (2/ 238) (رقم: 2504)، وعبد بن حميد في "المنتخب" – ت. صبحي السامرائي (ص: 330) (رقم: 1096)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (3/ 312) (رقم: 1778)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (3/ 31) (رقم: 4322)،  وعبد الغني بن سعيد الأزدي في "الغوامض والمبهمات" (ص: 84) (رقم: 19)

 

من فوائد الحديث :

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 246) :

"فيه: تعليق السيوف بالشجر[7]، ونوم القائلة فى الجيوش، وعصمة___النبى _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ من أعدائه، وهى إحدى آياته، وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]،

وفيه: ما كان _عليه السلام_ من الحلم والعفو والتوكل والتواضع." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (7/ 427)

وَيُؤْخَذُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْأَعْرَابِيِّ لَهُ فِي الْكَلَامِ أَنَّ اللَّهَ _سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى_ مَنَعَ نَبِيَّهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ مِنْهُ، وَإِلَّا فَمَا أَحْوَجَهُ إِلَى مُرَاجَعَتِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى الْحَظْوَةِ عِنْدَ قَوْمِهِ بِقَتْلِهِ،

وَفِي قَوْلَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فِي جَوَابِهِ (اللَّهُ) أَيْ يَمْنَعُنِي مِنْكَ : إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ أَعَادَهَا الْأَعرَابِي، فَلم يزده على ذَلِك الْجَوَابِ. وَفِي ذَلِكَ: غَايَةُ التَّهَكُّمِ بِهِ، وَعَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِهِ أَصْلًا." اهـ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 190):

"قَالَه ثَلَاث مَرَّات، فَلم يبالِ _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ بقوله، وَلَا عرَّج عَلَيْهِ ثِقَة بِاللَّه وتوكلاً عَلَيْهِ، فَلَمَّا شَاهد هَذَا الرجل تِلْكَ الْقُوَّةَ الَّتِي فَارق بهَا عَادَة النَّاس فِي مثل تِلْكَ الْحَالة، تحقق صدقه، وَعلِم أَنه لَا يصل إِلَيْهِ بِضَرَر،

وَهَذَا من أعظم الخوارق للْعَادَة، فَإِنَّهُ عَدو مُتَمَكن بِيَدِهِ سيف مَشْهُور وَمَوْت حَاضر، وَلَا تغير لَهُ _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ بِحَال، وَلَا حصل لَهُ روعٌ وَلَا جَزَعٌ، وَهَذَا من أعظم الكرامات، وَمَعَ اقتران التحدي يكون من أوضح المعجزات." اهـ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (14/ 190):

* وَفِي الحَدِيث تفرقُ النَّاس عَن الإِمَام فِي القائلةِ، وطلبُهم الظلِّ والراحةَ، وَلَكِن لَيْسَ ذَلِك فِي غير رَسُول الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ إلاَّ بعد أَن يبْقى مَعَه من يَحْرُسهُ من أَصْحَابه، لِأَن الله _تَعَالَى_ قد كَانَ ضَمِنَ لنَبيه _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ بالعصمة.

* وَفِيه: أَن حراسة الإِمَام فِي القائلة وَفِي اللَّيْل من الْوَاجِب على النَّاس، وَأَن تضييعه من الْمُنكر وَالْخَطَأ.

* وَفِيه: جَوَاز نوم الْمُسَافِر إِذا أَمن، وَأَن الْمُجَاهِد أَيْضا إِذا أَمن نَام وَوضع سلاحه، وَإِن خَافَ استوفز.

* وَفِيه: دُعَاء الإِمَام لأتباعه إِذا أنكر شخصا.

* وَفِيه: ترك الإِمَام معاقبة من جَفا عَلَيْهِ وتوعده، إِن شَاءَ، وَإِن أحب الْعَفو عَفا.

* وَفِيه: صَبْرُ سيدنَا رَسُول الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_، وصَفْحُهُ عَن الْجُهَّال." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 100):

"قال المهلب: فيه أن تعليق السيف والسلاح فى الشجر صيانة لها من الأمر المعمول به.

وفيه : أن تعليقها على بعد من صاحبها من الغَرَرِ، لا سيما فى القائلة والليل؛ لما وصل إليه هذا الأعربى من سيف الرسول.

وفيه : تفرق الناس عن الإمام عند القائلة وطلبهم الظل والراحة، ولكن ليس ذلك فى غير الرسول إلا بعد أن يبقى معه من يحرسه من أصحابه؛ لأن الله تعالى قد كان ضمن لنبيه أن يعصمه من الناس.

وفيه: أن هذه القضية كانت سبب نزول هذه الآية.

 

وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 98) : "إِنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ سَبَبُ نُزُولِ قَوْله _تَعَالَى_: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]

وَذَلِكَ فِيمَا أخرجه ابن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

"كُنَّا إِذَا نَزَلْنَا طَلَبْنَا لِلنَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ أَعْظَمَ شَجَرَةٍ وَأَظَلَّهَا، فَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَأَخَذَ سَيْفَهُ، فَقَالَ: "يَا مُحَمَّدُ مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي؟" قَالَ: (اللَّهُ)، فَأَنْزَلَ الله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، وَهَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ." اهـ

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (3/ 154)

وَمِنْ عِصْمَةِ اللَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_ لِرَسُولِهِ:

* حفْظُه لَهُ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَصَنَادِيدِهَا وَحُسَّادِهَا ومُعَانديها وَمُتْرَفِيهَا، مَعَ شِدَّةِ الْعَدَاوَةِ والبَغْضة وَنَصْبِ الْمُحَارَبَةِ لَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، بِمَا يَخْلُقُهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْأَسْبَابِ الْعَظِيمَةِ بقَدَره وَحِكْمَتِهِ الْعَظِيمَةِ.

* فَصَانَهُ فِي ابْتِدَاءِ الرِّسَالَةِ بِعَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، إِذْ كَانَ رَئِيسًا مُطَاعًا كَبِيرًا فِي قُرَيْشٍ، وَخَلَقَ اللَّهُ فِي قَلْبِهِ مَحَبَّةً طَبِيعِيَّةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا شَرْعِيَّةً، وَلَوْ كَانَ أَسْلَمَ لَاجْتَرَأَ عَلَيْهِ كُفَّارُهَا وَكِبَارُهَا، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فِي الْكُفْرِ هَابُوهُ وَاحْتَرَمُوهُ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ نَالَ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ أَذًى يَسِيرًا،

* ثُمَّ قَيَّضَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ لَهُ الْأَنْصَارَ، فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلَامِ، وَعَلَى أَنْ يَتَحَوَّلَ إِلَى دَارِهِمْ - وَهِيَ الْمَدِينَةُ -، فَلَّمَا صَارَ إِلَيْهَا حَمَوه مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ،

* فَكُلَّمَا هَمَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ بِسُوءٍ، كَادَهُ اللَّهُ وَرَدَّ كَيْدَهُ عَلَيْهِ،

* لَمَّا كَادَهُ الْيَهُودُ بِالسِّحْرِ حَمَاهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ سُورَتِي الْمُعَوِّذَتَيْنِ دَوَاءً لِذَلِكَ الدَّاءِ،

* وَلَمَّا سَمَّ الْيَهُودُ فِي ذِرَاعِ تِلْكَ الشَّاةِ بِخَيْبَرَ، أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِ وَحَمَاهُ اللَّهُ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا أَشْبَاهٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا يَطُولُ ذِكْرُهَا، فَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْمُفَسِّرُونَ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 101):

"وفيه: أن حراسة الإمام فى القائلة والليل من الواجب على الناس، وأن تضييعه من المنكر والخطأ.

وفيه: دعاء الإمام لأتباعه إذا أنكر شخصًا وشكوى من أنكره إليهم.

وفيه: ترك الإمام معاقبة من جفا عليه وتوعده إن شاء، والعفو عنه إن أحب.

وفيه: صبر الرسول وحلمه وصفحه عن الجهال.

وفيه: شجاعته وبأسه وثبات نفسه صلى الله عليه ويقينه أن الله ينصره ويظهره على الدين كله.[8]

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (2/ 276)

(أعاهدك أني لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك)

فرأى المصلحة في العفو عنه رجاء إسلام قومه وإقبالهم على حضرته الشريفة لما يسمعون بمحاسن هذه الأخلاق وكمال هذا الكرم فيسمعون منه ما يكون سبب إسلامهم وسعادتهم الأبدية". اهـ

 

مجالس التذكير من حديث البشير النذير (ص: 268) لابن بادس :

"في هذه القصة: تَجَلَّتْ الثقةُ بالله في أجلى مظاهرها، واندحرت قوة السيف أمام قوة الإيمانِ، إيمانِ مَنْ لا يخافُ إلا اللهَ، ولا يخاف غيره، ولو كان السيف مصلتا على رأسه.

وضرب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- المثل الكامل في العفو والتجاوز وحسن التآلف للناس وجلبهم إلى الإيمان فلهذا العفو ولقول غورث لقومه: جئتكم من عند خير الناس، من الأثر في القلوب ما لا تفعله الجيوش من فتحها للإسلام أو كفها عن أذى المسلمين.

رزقنا الله الاقتداء بهذا النبي الكريم ذي القلب الرحيم والخلق العظيم." اهـ

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 14) لعبيد الله الرحمني :

"وهذا من أعظم الخوارق للعادة، فإنه عدو متمكن بيده سيف مشهور فلم يحصل للنبي - صلى الله عليه وسلم - روع ولا جزع،

قال الحافظ : "فيه فرط شجاعته - صلى الله عليه وسلم - وقوة يقينه وصبره على الأذى وحلمه عن الجهال." اهـ

 

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين (ص: 169) :

"عَفْوُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ مَعَ الْقُدْرَةِ :

كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْلَمَ النَّاسِ وَأَرْغَبَهُمْ فِي الْعَفْوِ مَعَ الْقُدْرَةِ." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 75):

"في هذا الحديث: قوةُ يقينهِ _صلى الله عليه وسلم_، وتوكُّله على الله _عزَّ وجلّ_، وعفْوُه، وحِلْمُهُ، ومقابلةُ السيئة بالحسنة، ومحاسنُ أخلاقِهِ، وكمالُ كرَمِهِ، وقد قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم (4) ] .

 

السنن الكبرى للنسائي (8/ 91)

النُّزُولُ عِنْدَ إِدْرَاكِ الْقَائِلَةِ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (10/ 399)

ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ تَرْكُ عُقُوبَةِ مَنْ أَسَاءَ أَدَبَهُ عَلَيْهِ مِنْ رَعِيَّتِهِ

 

السنن الكبرى للبيهقي (6/ 518) :

"بَابُ: مَا جَاءَ فِي مَنِّ الْإِمَامِ عَلَى مَنْ رَأَى مِنَ الرِّجَالِ الْبَالِغِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (16/ 731_732):

في فوائده:

1 - (منها): بيان ما كان عليه الصحابة -رضي اللَّه عنهم- من شدّة حبّهم للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وتعظيمهم له غاية التعظيم، وإيثارهم له على أنفسهم.

2 - (ومنها): جواز تفرّق الناس عن الإمام في القائلة، وطلبهم الظلّ والراحة، ولكن ليس ذلك في غير رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَّا بعد أن يبقى معه مَن يَحْرُسه من أصحابه؛ لأن اللَّه تعالى قد كان ضَمِنَ لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن يعصمه من أذى الناس.

3 - (ومنها): جواز تعليق السيف بالشجرة في السفر عند النوم وقت القائلة.

4 - (ومنها): أن حراسة الإمام في القائلة، وفي الليل من الواجب على الناس، وأن تضييعه من المنكر والخطأ.

5 - (ومنها): بيان فرط شجاعته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقوّة يقينه بربّه، وصبره على الأذى، وصفحه عن الجهال.

6 - (ومنها): بيان أعظم معجزة للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وعظيمِ عناية اللَّه -سبحانه وتعالى- بعصمته من أعدائه، فقد سقط السيف من يد ذلك الأعرابيّ دون أن يقاومه أحد من الناس، بل محض فضل من اللَّه تعالى، كما وعده بذلك، فقال: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67]، وقال: {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].

7 - (ومنها): جواز نوم المسافر إذا أَمِنَ، وأن المجاهد أيضًا إذا أَمِنَ نام ووضع سلاحه، وإن خاف فلا؛ لأن اللَّه تعالى أمر بأخذه، حيث قال: {وَخُذُوا حِذْرَكُمْ} الآية [النساء: 102].___

8 - (ومنها): أن الإمام يدعو أتباعه إذا أنكر شخصًا.

9 - (ومنها): جواز ترك الإمام معاقبة من جفا عليه، وتوعّده إن شاء، وإن أحب العفو عفا.

10 - (ومنها): أنه استُدلّ به على جواز اقتداء المفترض بالمتنفّل، كذا قرّره النوويّ في "شرحه"؛ جمعًا بينه وبين حديث جابر -رضي اللَّه عنه- الذي أخرجه النسائيّ (1552) عن جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما- "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بطائفة من أصحابه ركعتين، ثم سلّم، ثم صلى بآخرين أيضًا ركعتين ثم سلم".

وأخرجه أيضًا البغويّ في "شرح السنّة"، ولفظه: "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخزف ببطن نخل، فصلى بطائفة ركعتين، ثم سلّم، ثم جاءت طائفة أخرى، فصلّى بهم ركعتين، ثم سلّم".

ومثله حديث أبي بكرة -رضي اللَّه عنه- أخرجه النسائيّ أيضًا (1551) ولفظه: "أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى بالقوم في الخوف ركعتين ثم سلم، ثم صلى بالقوم الآخرين ركعتين ثم سلم، فصلى النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أربعًا".

فدلّ على أنه يجوز للمفترض أن يصلي خلف المتنفّل؛ لأنه -صلى اللَّه عليه وسلم- متنفّل في الركعتين الأخيرتين قطعًا، وقد تقدّم البحث في هذا مستوفًى في شرح حديث قصّة معاذ -رضي اللَّه عنه-، في "باب القراءة في العشاء" رقم [1045] (465) فراجعه تستفد، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل." اهـ



[1] وفي فتح الباري لابن حجر (7/ 427) :

"وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، أَيْ : لَا يَمْنَعُكَ مِنِّي أَحَدٌ، لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ كَانَ قَائِمًا، وَالسَّيْفُ فِي يَدِهِ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ لَا سَيْفَ مَعَهُ." اهـ

[2] وفي فتح الباري لابن حجر (7/ 427) : "وَكَأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا شَاهَدَ ذَلِكَ الثَّبَاتَ الْعَظِيمَ وَعَرَفَ أَنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَحَقَّقَ صِدْقَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ فَأَلْقَى السِّلَاحَ وَأَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَ اللَّهُ فَدَفَعَ جِبْرِيلُ فِي صَدْرِهِ فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ مَنْ يَمْنَعُكَ أَنْتَ مِنِّي قَالَ لَا أَحَدَ قَالَ قُمْ فَاذْهَبْ لِشَأْنِكَ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي." اهـ

[3] وقال ابن حجر _رحمه الله_ في "الإصابة في تمييز الصحابة" (5/ 253) بعد إيراد طرق هذا الحديث:

"فهذه الطرق ليس فيها أنه أسلم، وكأنّ الذهبي لما رأى ما في ترجمة دعثور بن الحارث الّذي سبق في حرف الدال أنّ الواقدي ذكر له شبها بهذه القصة، وأنه ذكر أنه أسلم، فجمع بين الروايتين، فأثبت إسلام غورث، فإن كان كذلك ففيما صنعه نظر من حيث إنه عزاه للبخاريّ، وليس فيه أنه أسلم، ومن حيث إنه يلزم منه الجزم بكون القصتين واحدة مع احتمال كونهما واقعتين إن كان الواقدي أتقن ما نقل." اهـ

وقال ابن الأثير في "أسد الغابة" – ط. الفكر (2/ 8) (رقم: 1512):

"والمشهور بهذا الفعل: غورث بْن الحارث، وربما تصحف أحدهما من الآخر، ولم يذكر إسلامه إلا في هذه الرواية. وقد ذكره أَبُو أحمد العسكري كما ذكره أَبُو سَعِيد النقاش وسماه دعثوراً، والله أعلم." اهـ

وقال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/ 441) (رقم: 2006):

"دعثور بن الحارث من بني محارب وهو الذي قام بالسيف على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: من يمنعك مني؟ فقال: الله عزوجل.

وكان رئيس غلطفان واسلم سمعت أبي يقول ذلك." اهـ

وقال معلق "الجرح والتعديل" – ط. مجلس دائرة المعارف العثمانية (3/ 441):

"أقول: الواقدي ليس بعمدة، ولعلَّ هذا من تخليطه، واحتمال التعدد، أو أن الاسمين: أحدُهما اسم، والآخرُ لقَبٌ، لا يخلو عن بعد ولا ملجأ إليه لتفرد الواقدي بهذه، والله اعلم.

[4] وفي البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (16/ 689):

"وقال البخاريّ: بعد خيبر في السنة السابعة، ورجحه الإمام ابن القيّم، والحافظ، وذهب ابن القيّم إلى أن أول صلاة صليت للخوف بعُسْفان، وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق، وقريظة سنة ست، وصليت بذات الرقاع أيضًا، فعلم أنها بعد الخندق، وبعد عُسفان، وقد بسط الكلام في "الهدي" في الاستدلال لذلك،

وإليه جنح الحافظ في "الفتح"، حيث قال بعد الاستدلال لهذا القول: وإذا تقرّر أن أول ما صليت صلاة الخوف بعُسفان، وكانت في عمرة الحديبية، وهي بعد الخندق وقريظة، وقد صليت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وهي بعد عسفان، فتعيّن تأخرها عن الخندق، وعن قريظة، وعن الحديبية أيضًا، فيَقْوَى القول بأنها بعد خيبر؛ لأن غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية. انتهى [راجع: "الفتح" 8/ 187 - 188، و"مرعاة المفاتيح" 1/ 5.]

[5] وهو المستخرج على صحيح البخاري للإمام أبي بكر الإسماعيلي _رحمه الله_، والكتاب _مع الأسف_ ليس بين أيدينا. والحمد لله على كل حال.

[6] انظر تخريجه كاملا في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 1498) (رقم : 3546) للألباني.

[7] بشرط ألا يتبرك بها ولا يعتقد فيها اعتقادات باطلة جاهلية. فقد جاء النهي عن ذلك في رواية الترمذي (2180) :

عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ _رضي الله عنه_ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ لَمَّا خَرَجَ إِلَى حُنَيْنٍ مَرَّ بِشَجَرَةٍ لِلْمُشْرِكِينَ يُقَالُ لَهَا : "ذَاتُ أَنْوَاطٍ"، يُعَلِّقُونَ عَلَيْهَا أَسْلِحَتَهُمْ،

فَقَالُوا : "يَا رَسُولَ اللَّهِ، اجْعَلْ لَنَا ذَاتَ أَنْوَاطٍ، كَمَا لَهُمْ ذَاتُ أَنْوَاطٍ"، فَقَالَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : " سُبْحَانَ اللَّهِ هَذَا كَمَا قَالَ قَوْمُ مُوسَى : {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138] وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَرْكَبُنَّ سُنَّةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ "

صححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (3/ 1488) (رقم : 5408)

[8] وفي التوضيح لشرح الجامع الصحيح (17/ 639_640) لابن الملقن :

وفيه: شجاعته وبأسه وثبات نفسه ويقينه أن الله ينصره على الدين كله، فلما شاهد الرجل تلك القوى التي فارق بها عادة الناس في مثل___تلك الحالة تحقق صدقه وعلم أنه لا يصل إليه بضرر، وهذا من أعظم الخوارق للعادة، فإنه عدو متمكن، بيده سيف مشهور، وموت حاضر، ولا تغير له - صلى الله عليه وسلم - حال، ولا جزع، وهذا من معجزاته - عليه أفضل الصلاة والسلام -." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين