شرح الحديث 148 - باب فضل من مات له الولد - الأدب المفرد

 

148 - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

"جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ فِي مَجْلِسِكَ، فَوَاعِدْنَا يَوْمًا، نَأْتِكَ فِيهِ،

فَقَالَ: «مَوْعِدُكُنَّ بَيْتُ فُلَانٍ»،

فَجَاءَهُنَّ لِذَلِكَ الْوَعْدِ، وَكَانَ فِيمَا حَدَّثَهُنَّ:

«مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَمُوتُ لَهَا ثَلَاثٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَتَحْتَسِبَهُمْ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ»،

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: أَوِ اثْنَانِ؟ قَالَ: «أَوَ اثْنَانِ»، كَانَ سُهَيْلٌ يَتَشَدَّدُ فِي الْحَدِيثِ وَيَحْفَظُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَهُ."

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا عَلِيٌّ (ثقة ثبت إمام: ت. 234 هـ):

علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي، أبو الحسن ابن المديني البصري (مولى عروة بن عطية السعدي)، ولد سنة 261 هـ بـ البصرة، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ د ت س فق  (فق: ابن ماجه في التفسير )

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (ثقة حافظ فقيه إمام حجة: ت. 198 هـ بـ مكة):

سفيان بن عيينة بن أبى عمران : ميمون الهلالي ، أبو محمد الكوفي، المكي (مولى محمد بن مزاحم،  أخي الضحاك بن مزاحم)، ولد سنة 107 هـ، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ (صدوق تغير حفظه بأخرة: ت. 138 هـ):

سهيل بن أبى صالح : ذكوان السمان ، أبو يزيد المدني (مولى جويرية بنت الأحمس)، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

* عَنْ أَبِيهِ (ثقة ثبت: ت. 101 هـ):

ذكوان أبو صالح السمان الزيات المدني (مولى جويرية بنت الأحمس الغطفاني)، من الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (صحابي: ت. 57 هـ):

عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أبو هريرة اليماني، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

"جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَيْكَ فِي مَجْلِسِكَ، فَوَاعِدْنَا يَوْمًا، نَأْتِكَ فِيهِ،

فَقَالَ: «مَوْعِدُكُنَّ بَيْتُ فُلَانٍ»،

فَجَاءَهُنَّ لِذَلِكَ الْوَعْدِ، وَكَانَ فِيمَا حَدَّثَهُنَّ:

«مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ يَمُوتُ لَهَا ثَلَاثٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَتَحْتَسِبَهُمْ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ»،

فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: أَوِ اثْنَانِ؟ قَالَ: «أَوِ اثْنَانِ»، كَانَ سُهَيْلٌ يَتَشَدَّدُ فِي الْحَدِيثِ وَيَحْفَظُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَكْتُبَ عِنْدَهُ."

 

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (41/ 195)

(إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ"، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ) قيل: من القائلات أم سُليم، كما عند أحمد في "المسند" (6/ 431)، وابن أبي شيبة في "المصنّف" (3/ 353)، والطبرانيّ في "الكبير"، كما في "المجمع" (3/ 6) بسند جيّد، كما قال الحافظ في "الفتح"، ومنهنّ أم مبشّر، كما عند الطبرانيّ، وأبي يعلى، وابن أبي شيبة، وأبي قُرّة في "سننه"

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (41/ 200)

وفي حديث جابر بن سمرة أن أم أيمن ممن سأل عن ذلك،

وعن ابن عباس أن عائشة أيضًا منهنّ.

وحَكَى ابن بشكوال أن أم هانئ أيضًا سألت عن ذلك.

وَيحْتَمِل أن يكون كل منهنّ سأل عن ذلك في ذلك المجلس، وأما تعدد

القصة ففيه بُعْد؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لمّا سئل عن الاثنين بعد ذِكر الثلاثة، وأجاب بأن الاثنين كذلك، فالظاهر أنه كان أوحي إليه ذلك في الحال، وبذلك جزم ابن بطال وغيره." اهـ

 

وقال ابن الأثير _رحمه الله_ في "النهاية في غريب الحديث والأثر" (1/ 382):

"فالاحْتِسَاب مِنَ الحَسَبِ، كالاعْتِداد مِنَ العَدّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِمَنْ يَنْوي بعَمَله وجْه اللَّهِ احْتَسَبَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَعْتَدَّ عَمله، فجُعِل فِي حَالِ مبُاشَرة الفِعل كَأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ. والحِسْبَةُ اسْمٌ مِنَ الاحْتِسَاب، كالعدَّة مِنَ الِاعْتِدَادِ، والاحْتِسَاب فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَعِنْدَ الْمَكْرُوهَاتِ هُوَ البِدَارُ إِلَى طَلَب الأجْر وَتَحْصِيلِهِ بالتَّسْليم والصَّبر، أَوْ بِاسْتِعْمَالِ أَنْوَاعِ البِرّ وَالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الوجْه المرْسُوم فِيهَا طَلَباً للثَّواب المرْجُوّ مِنْهَا." اهـ[1]

 

وفي "صحيح مسلم" (4/ 2028)، و"مسند أحمد" – ط. عالم الكتب (2/ 378):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِنِسْوَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ: «لَا يَمُوتُ لِإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبَهُ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ» فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: أَوِ اثْنَيْنِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «أَوِ اثْنَيْنِ»

 

وفي "مسند الحميدي" (2/ 222)، و"صحيح ابن حبان" (7/ 203):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ نِسْوَةً قُلْنَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ إِنَّا لَا نَقْدِرُ عَلَى مَجْلِسِكَ مِنَ الرِّجَالِ، فَلَوْ وَعَدْتَنَا مَوْعِدًا نَأْتِيكَ فِيهِ."

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَوْعِدُكُنَّ بَيْتُ فُلَانَةَ»،

فَجِئْنَ لِمِيعَادِهِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ فِيمَا حَدَثَّهُنَّ أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنَ امْرَأَةٍ يَمُوتُ لَهَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَتَحْتَسِبُهُمْ، إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ»، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: أَوِ اثْنَيْنِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟، قَالَ: «أَوِ اثْنَيْنِ»

 

وفي "صحيح مسلم" (4/ 2028/ 152) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ:

"فَاجْتَمَعْنَ، فَأَتَاهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَّمَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَهُ اللهُ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُنَّ مِنِ امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ بَيْنَ يَدَيْهَا، مِنْ وَلَدِهَا ثَلَاثَةً، إِلَّا كَانُوا لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ»

 

تخريج الحديث:

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 64) (رقم: 148)، صحيح مسلم (4/ 2028/ 151) (رقم: 2632)، السنن الكبرى للنسائي (5/ 387) (رقم: 5867)، مسند الحميدي (2/ 222) (رقم: 1049)، مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 246 و 2/ 378) (رقم: 7357 و 8916)، صحيح ابن حبان - مخرجا (7/ 203) (رقم: 2941)، السنن الكبرى للبيهقي (4/ 112) (رقم: 7138)

 

ومن فوائد الحديث:

 

وقال الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (41/ 203):

"في فوائده:

1 - (منها): مشروعيّة سؤال النساء عن أمر دينهنّ، وجواز كلامهنّ مع

الرجال في ذلك، وفيما لهنّ الحاجة إليه.

2 - (ومنها): جواز الوعد.

3 - (ومنها): ثبوت الأجر للثكلى.

4 - (ومنها): أن الحديث يدلّ على كون أطفال المسلمين في الجنة، وقد نقل جماعة فيهم إجماع المسلمين،

وقال المازريّ: أما أولاد الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم-، فالإجماع متحقق على أنهم في الجنة، وأما أطفال من سواهم من المؤمنين، فجماهير العلماء على القطع لهم بالجنة،

ونقَل جماعةٌ الإجماعَ في كونهم من أهل الجنة قطعًا؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21]،

وتوقف بعض المتكلمين فيهم، وأشار إلى أنه لا يُقطع لهم كالمكلفين ["شرح النوويّ" 16/ 183.]، والله أعلم." اهـ

 

وقال ابن هبيرة _رحمه الله_ في "الإفصاح عن معاني الصحاح" (6/ 103_104):

* في هذا الحديث من الفقه: أن موت الولد الذي لم يبلغ الحنث مظنة انزعاج الإيمان إلا لمن ثبته الله بالقول الثابت من حيث إنه يراه طفلًا لم يأت من___المعاصي ما يكون ما ناله من المرض والموت جزاء لفعله، ولا بلغ به إلى حيث كان يؤمل من أمره، ولا تعي القلوب الضعيفة النظر ما المعنى في الإتيان به ثم أخذه من قبل بلوغ الأرَب منه،

فيلعب الشيطان به بعقول الآدميين عند مشاهدتهم تعذيب الأطفال، وموت من يموت منهم، فمن قوي إيمانه رأى أن الله جل جلاله في ذلك أسرارًا وحكمًا.

منها: أنه جل جلاله يخلق من خلقه أطفالًا لا تقدر أعمارهم إلى مدة معلومة من الصغر ليكون الموت محذورًا أبدًا، فلا يأمنه أحد في حال.

ومنها: أن عمل الوالد قد لا يبلغ إلى المقام المؤهل له في الآخرة فيتممه الله تعالى بأن يموت له من الولد الذي لم يبلغ الحنث من يموت مؤمن عند موته بالله سبحانه وتعالى، ويثبت لهذا الامتحان؛ فيكون ذلك مما يبلغه تلك المرتبة، ويقيه من عذاب النار.

* ومن ذلك أن من الولد من لو بقي لأرهق أبويه طغياناً وكفراً؛ فيكون الله عز وجل قد من على العبد بأن أخرج ولده ذلك إلى الدنيا ثم أماته قبل أن يبلغه أن يرهق أبويه، فقلب سبحانه وتعالى ذلك الإرهاق للوالدين أجرًا ممن ثبت إيمانه بهذه الأحوال كان له في ذلك الأجر؛ ولأن الناس يحتاجون في القيامة إلى فراط يسبقونهم إلى الورود ويأتونهم بالماء يوم العطش الأكبر، فقدم الأطفال لذلك، وأما الولد الكبير فإنه بعد البلوغ يثبت له وعليه؛ فإذا ناله المرض وأدى إلى الموت كان في المعنى في حكمة أبيه، ولكل حميم يفقد حميمًا إذا صبر عليه ثواب." اهـ

 

وقال أبو زرعة العراقي في "طرح التثريب في شرح التقريب (3/ 243):

"فِيهِ: أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ إلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ، وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ دُخُولُهُ الْجَنَّةَ إذْ لَا مَنْزِلَةَ بَيْنَهُمَا." اهـ

 

وفي "طرح التثريب في شرح التقريب" (3/ 244):

"قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ:

إنَّمَا خُصَّ الْوَلَدُ بِثَلَاثَةٍ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَوَّلُ مَرَاتِبِ الْكَثْرَةِ فَبِعِظَمِ الْمَصَائِبِ تَكْثُرُ الْأُجُورُ فَأَمَّا إذَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ فَقَدْ يُخَفَّفُ أَجْرُ الْمُصِيبَةِ بِالزَّائِدِ لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا صَارَتْ عَادَةً، وَدَيْدَنًا." اهـ

 

وفي "طرح التثريب في شرح التقريب" (3/ 245_246):

"فَعَلَى هَذَا لَوْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ بَالِغِينَ مَعْتُوهِينَ عَرَضَ لَهُمْ الْعَتَهُ وَالْجُنُونُ قَبْلَ الْبُلُوغِ بِحَيْثُ لَمْ يَجْرِ عَلَيْهِمْ تَكْلِيفٌ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْهِمْ إثْمٌ هَلْ يَكُونُونَ كَغَيْرِ الْبَالِغِينَ؟ هَذَا يَحْتَمِلُ، وَالْأَرْجَحُ إلْحَاقُهُمْ بِهِمْ،

وَقَدْ يُدَّعَى دُخُولُهُمْ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ»، وَيَنْبَغِي أَنْ يُبْنَى ذَلِكَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ الْمُتَقَدَّمِ ذَكَرُهُمَا.

فَإِنْ عَلَّلْنَا بِمَا فِي الْحَدِيثِ كَانَ حُكْمُ الْمَجَانِينِ كَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّحْمَةَ لَهُمْ وَاسِعَةٌ كَثِيرَةٌ لِعَدَمِ حُصُولِ الْإِثْمِ مِنْهُمْ، فَصَارُوا فِي ذَلِكَ___كَالْأَطْفَالِ،

وَإِنْ عَلَّلْنَا بِمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ، لَمْ يَطَّرِدْ ذَلِكَ فِي الْمَجَانِينِ الْبَالِغِينَ، لِأَنَّ مَحَبَّتَهُمْ تُخَفَّفُ أَوْ تَزُولُ، وَيَتَمَنَّى الْأَبُ مَوْتَهُمْ لِمَا بِهِمْ مِنْ الْعَاهَةِ وَالضَّرَرِ، فَلَا يَحْصُلُ لَهُ بِمَوْتِهِمْ تَفَجُّعٌ، وَلَا مَشَقَّةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

وفي "طرح التثريب في شرح التقريب" (3/ 246_247):

"ظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَدِيدَ الْمَحَبَّةِ لِأَوْلَادِهِ أَوْ خَفِيفَهَا أَوْ خَالِيًا مِنْ مَحَبَّتِهِمْ أَوْ كَارِهًا لَهُمْ، لِأَنَّ الْوَلَدَ مَظِنَّةُ الْمَحَبَّةِ، وَالشَّفَقَةِ فَنِيطَ الْحُكْمُ بِهِ، وَإِنْ تَخَلَّفَ فِي بَعْضِ الْأَفْرَادِ،

وَقَدْ يُحِبُّ___الشَّخْصُ بَعْضَ أَقَارِبِهِ أَوْ أَصْدِقَائِهِ أَكْثَرَ مِنْ مَحَبَّةِ وَلَدِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَرِدْ تَرْتِيبُ هَذَا الْأَمْرِ عَلَى مَوْتِ الْقَرِيبِ وَالصِّدِّيقِ، وَلَا عَلَى مَوْتِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ، لَكِنْ فِي "مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ الْأَوْسَطِ" بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

«مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرَطٌ، لَمْ يَدْخُلْ الْجَنَّةَ، إلَّا تَصْرِيدًا»

قَالَ رَجُلٌ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا لِكُلِّنَا فَرَطٌ."

قَالَ: «أَوَ لَيْسَ مِنْ فَرَطِ أَحَدِكُمْ أَنْ يَفْقِدَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ»[2].

وَقَوْلُهُ تَصْرِيدًا بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ قَلِيلًا، وَأَصْلُهُ السَّقْيُ دُونَ الرَّيِّ، وَمِنْهُ: "صَرِدَ لَهُ الْعَطَاءَ": قَلَّلَهُ." اهـ

 

طرح التثريب في شرح التقريب (3/ 249)

قَوْلُهُ (لِمُسْلِمٍ) يَقْتَضِي أَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ كَذَلِكَ، وَهُوَ وَاضِحٌ فَإِنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأُجُورِ لَكِنْ لَوْ مَاتَ لَهُ الْأَوْلَادُ فِي حَالِ الْكُفْرِ ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَنْفَعُهُ مَا مَضَى مِنْ مَوْتِهِمْ فِي زَمَنِ كُفْرِهِ أَوْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْتُهُمْ فِي حَالَةِ إسْلَامِهِ؟ قَدْ يَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ «أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ» لَمَّا قَالَ لَهُ أَرَأَيْتَ أُمُورًا كُنْت أَتَحْنَثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ هَلْ لِي فِيهَا مِنْ شَيْءٍ؟ لَكِنْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ فِيهَا تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ فِي الْإِسْلَامِ فَالرُّجُوعُ إلَيْهَا أَوْلَى



[1] وانظر: "طرح التثريب في شرح التقريب" (3/ 247_248).

[2] أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" (6/ 43) (رقم: 5745)، وفيه ضعيفان: عَبْدُ الْعَظِيمِ بْنُ حَبِيبٍ ومُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ. فضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/ 11) (رقم: 4005)، والألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة" (12/ 818) (رقم: 5894)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين