شرح الحديث 108-111 من صحيح الترغيب

108 - (4) [صحيح لغيره] ورواه ابن ماجه أيضاً بنحوه من حديث حُذيفة.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 96) (رقم: 259): حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَشْعَثَ بْنَ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ حُذَيْفَةَ، قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يَقُولُ:

«لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِتَصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَهُوَ فِي النَّارِ»

 

وأخرجه: الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/ 86) (رقم: 22)

 

وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه" (1/ 38)

هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف فِيهِ بشير بن مَيْمُون

قَالَ ابْن معِين اجْمَعُوا على طرح حَدِيثه وَقَالَ البُخَارِيّ مُنكر الحَدِيث مُتَّهم بِالْوَضْعِ

 

وقال الأرنؤوط في "تخريج سنن ابن ماجه" (1/ 174):

"إسناده تالف، بشير بن ميمون متروك، قال البخاري: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: متهم بالوضع، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون، وقال في موضع آخر: متروك الحديث." اهـ

 

وأخرجه: معجم الصحابة لابن قانع (1/ 191)، اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي (ص: 64) (رقم: 100)، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (1/ 85) (رقم: 21)،

 

وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي _حفظه الله_ في "شرح سنن ابن ماجة" – الشاملة (17/ 12): "وقد حسن الحديث ابن ماجة وذلك لكثرة شواهده." اهـ

 

والخلاصة: أن الحديث حسن، حسنه الألباني في "صحيح الجامع" (رقم: 7370)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

109 - (5) [صحيح لغيره] ورُوي عن ابن عُمر:

عن النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

"من طلب العلمَ، لِيُباهيَ به العلماءَ، ويُماريَ به السفهاءَ، أو لِيصرِفَ وجوه الناسِ إليه؛ فهو في النار".

رواه ابن ماجه.

 

تخريج الحديث:

 

سنن ابن ماجه (1/ 93) (رقم: 253): حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو كَرِبٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَهُوَ فِي النَّارِ»

 

وفي إسناده حَمَّاد بن عبد الرَّحْمَن الكلبي ووَأبو كرب الأزدي. وقال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (1/ 37): "هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف لضعف حَمَّاد بن عبد الرَّحْمَن وَأبي كرب." اهـ

 

وقال الذهبي في "ديوان الضعفاء" (ص: 466) (رقم: 5008): أبو كرِب الأزدي: عن نافع مولى ابن عمر: (مجهول)." اهـ

 

تهذيب الكمال في أسماء الرجال (7/ 281) عن حال حماد:

"قال أَبُو زُرْعَة: يروي أحاديث مناكير.

وَقَال أَبُو حاتم: شيخ مجهول، منكر الحديث، ضعيف الحديث. وَقَال ابن عدي: قليل الرواية." اهـ [انظر: الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (3/ 143) (رقم: 628)، الكامل في ضعفاء الرجال (3/ 14) (رقم: 418)]

 

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (4/ 483_484):

"حديث ابن عمر _رضي الله عنهما_ هذا من أفراد المصنّف، وهو ضعيف الإسناد، قال البوصيريّ رحمه الله: وإسناده ضعيف؛ لضعف حمّاد بن عبد الرحمن، وأبي كَرِب، ورواه الترمذيّ في جامعه من حديث كعب بن مالك، وقال: حديث غريبٌ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه. انتهى.

لكن الحديث صحيح، لشواهده، فإنه روي من حديث كعب بن مالك عند الترمذيّ، وجابر بن عبد الله، في الحديث التالي، وحديث أبي هريرة، كما سيأتي برقم (260)، وكلها وإن كان في أسانيدها مقال، إلا أنه يتقوى بعضها ببعض، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل." اهـ

 

والحديث له شواهد يرتقي بها إلى درجة الصحة، فصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6158).

 

من فوائد الحديث:

 

وقال الراجحي في "شرح سنن ابن ماجة" (17/ 6) - الشاملة:

وتعلم العلم عبادة عظيمة، فيجب على طالب العلم أن يخلص نيته في طلبه لله ويجاهد نفسه، ويدافع الوساوس والخواطر الرديئة، فلا يتعلم لأجل المال، ولا لأجل الدنيا، ولا من أجل الشهرة، ولا من أجل المنصب،

فكل هذه الأمور لا ينبغي أن تكون على بال طالب العلم، فالعلم أسمى من ذلك وأعلى، وما يعطاه من المكافأة وغيرها مما يعينه على تعلم العلم ويشجعه، فينبغي ألا تكون له مقاصد سيئة.

 

شرح سنن ابن ماجة - الراجحي (17/ 6، بترقيم الشاملة آليا)

وقوله صلى الله عليه وسلم: (أو ليباهي به العلماء) أي: ليفاخر العلماء، أو ليصرف وجوه الناس إليه، وهذا الوعيد الشديد يدل على أنه من الكبائر، وللحديث له شواهد يرتقي بها.

وينبغي للإنسان أن يكون تعلمه العلم لله، أما إذا كانت النية مشتركة كما جاء في حديث: (الرجل يجاهد لإعلاء كلمة الله وللمغنم)، فعلى حسب ما غلب عليه، فإن غلب الإخلاص فهو مخلص، وإن غلبت نية الدنيا فهو لها، لكن ينبغي للإنسان في كل حال أن يجاهد نفسه حتى يكون طلبه للعلم لله، مثلما قال بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله فأبى إلا أن يكون لله، فيجاهد ويدافع الخواطر الرديئة، والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69]، وقال سبحانه: {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [العنكبوت:6].

وإذا لم يدخل في العلم إلا ليماري العلماء، أو يصرف وجوه الناس فقد يعاقب بهذه النية السيئة.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

110 - (6) [صحيح لغيره] ورُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"من تعلَّم العلمَ ليُباهيَ به العلماء، ويماريَ به السفهاءَ، ويصرفَ به وجوهَ الناس؛ أدخلَه الله جهنَّم".

رواه ابن ماجه أيضاً.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/ 96) (رقم: 260)، وقال:

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: أَنْبَأَنَا وَهْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَيُجَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ»

 

وقال البصيري في "مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه: (1/ 38) (رقم: 105):

"هَذَا إِسْنَاد ضَعِيف لاتفاقهم على ضعف عبد الله بن سعيد." اهـ

 

وقال الأرنؤوط في "تخريج سنن ابن ماجه" (1/ 175):

"إسناده ضعيف جدًا، عبد الله بن سعيد المقبري متروك، واتهمه يحيى بن سعيد بالكذب، وقال أحمد: منكر الحديث، متروك الحديث، وضعفه ابن معين، وأبو زرعة وغيرهما. محمَّد بن إسماعيل: هو ابن سمرة الأحمسي.

 

والحديث صحيح لغيره: له شواهد عدة يرتقي بها إلى درجة الصحة، فصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1060) (رقم: 6158)، صحيح الترغيب والترهيب (1/ 154) (رقم: 110)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

111 - (7) [صحيح لغيره موقوف] وعن ابن مسعود رضي الله عنه؛ أنه قال:

"كيف بكم إذا لبستْكم فتنةٌ، يَربو فيها الصغيرُ، ويَهرَمُ فيها الكبيرُ، وتُتَّخَذُ سنةً، فإن غُيَّرَتْ يوماً قيلَ: (هذا منكرٌ!)"

قيل: ومتى ذلك؟ قال، إذا قلَّت أُمناؤكم، وكَثُرتْ أُمراؤُكُم، وقَلَّتْ فقهاؤكُم، وكَثُرتْ قراؤكم، وتُفُقِّهَ لِغيرِ الدين، والتُمست الدنيا بعملِ الآخرةِ.

رواه عبد الرزاق في "كتابه" (1) موقوفاً.

__________

(1) أي: "المصنَّف" وهو فيه (11/ 352) بإسناد منقطع، فكان الأَوْلى عزوه إلى من وصله بإسناد صحيح، كالدارمي والحاكم وغيرهما.

 

الأعلام للزركلي (4/ 137)

ابن مَسْعُود

(000 - 32 هـ = 000 - 653 م)

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن: صحابي. من أكابرهم، فضلا وعقلا، وقربا من رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو من أهل مكة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. وكان خادم رسول الله الامين،___وصاحب سره، ورفيقه في حله وترحاله وغزواته، يدخل عليه كل وقت ويمشي معه. نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال الكوفة.

ثم قدم المدينة في خلافة عثمان، فتوفي فيها عن نحو ستين عاما. وكان قصيرا جدا، يكاد الجلوس يوارونه. وكان يحب الإكثار من التطيب. فإذا خرج من بيته عرف جيران الطريق أنه مر، من طيب رائحته. له 848 حديثا. وأورد الجاحظ (في البيان والتبيين) خطبة له ومختارات من كلامه

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في "المصنف" (11/ 359) (رقم: 20742)، ونُعيم بن حماد في "الفتن" (1/ 41 و 1/ 48) (رقم: 51 و 69)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (7/ 452) (رقم: 37156)، والدارمي في "سننه" (1/ 278) (رقم: 191 و 192)، والشاشي في "المسند" (2/ 90) (رقم: 613)، وابن وضاح القرطبي في "البدع" (2/ 72 و 2/ 175) (رقم: 80 و264)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (2/ 594) (رقم: 758)، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" (1/ 103) (رقم: 123)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (4/ 560) (رقم: 8570، والخطابي في "العزلة" (ص: 84)، وأبو نعيم الأصبهاني في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (1/ 136)، وأبو عمرو الداني في "السنن الواردة في الفتن" (3/ 618) (رقم: 281)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (9/ 212) (رقم: 6552)، و"المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 453) (رقم: 858)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1/ 654) (رقم: 1135)،  

 

من فوائد الحديث:

 

1_ فيه إخبار بتغير الزمان

 

سنن الدارمي (1/ 278)

بَابُ تَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَمَا يَحْدُثُ فِيهِ

 

حمود التويجري في "غربة الإسلام" (1/ 30)

وقد وردت أحاديث كثيرة وآثار بما سيقع في آخر الزمان عند اشتداد غربة الإسلام والسنة؛ من تغيُّر الأحوال وظهور النقص في أمور الدين، وكثرة الشر والفساد.

وقد ظهر مصداق أكثرها من أزمان متطاولة، وما زال الشر يزداد على ممر الأوقات أو كاد أن يتكامل ظهور الجميع في هذه الأزمان كما لا يخفى على من له أدنى علم وفهم للأحاديث ومعرفة بالواقع. ونذكر من ذلك ما يسره الله تعالى من صحيح وحسن وضعيف مما هو مطابق للواقع، وكفى بالواقع برهانا على صحة الضعيف منها، وشاهدا بخروجه من مشكاة النبوة.

 

2_ هجر العمل بالقرآن الكريم سبب من أسباب الفتنة

 

وقال أبو أنس محمد بن فتحي آل عبد العزيز في "فتح الرحمن في بيان هجر القرآن" (ص: 261):

"هجر العمل بالقرآن الكريم سبب من أسباب الفتنة، وعلامة من علامات الساعة." اهـ

 

3_ وجوب إخلاص العمل لله _عز وجل_ وترك الرياء

 

شعب الإيمان (9/ 141):

45_ إخلاص العمل لله _عز وجل_ وترك الرياء

4_ ذَمِّ الْفَاجِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَمِّ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلْمُبَاهَاةِ وَالدُّنْيَا

 

جامع بيان العلم وفضله (1/ 648)

بَابُ ذَمِّ الْفَاجِرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَذَمِّ طَلَبِ الْعِلْمِ لِلْمُبَاهَاةِ وَالدُّنْيَا

 

5_ آفَة الْعلم ذهَاب اهله

 

محمد بن علي بن محمد الأصبحي الأندلسي، أبو عبد الله، شمس الدين الغرناطي ابن الأزرق (المتوفى: 896هـ) في بدائع السلك في طبائع الملك (2/ 451)

قَالَ الْخطابِيّ:

قد اعْلَم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن آفَة الْعلم ذهَاب اهله وانتحال الْجُهَّال لَهُ وترؤسهم على النَّاس باسمه وحذر النَّاس أَن يقتدوا بِمن كَانَ من أهل هَذِه الصّفة وَاخْبَرْ انهم ضلال مضلون

 

6_ فيه تَغَيُّرِ الْبِدَعِ

 

البدع لابن وضاح (2/ 78)

بَابُ تَغَيُّرِ الْبِدَعِ

7_ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ واتِّبَاعِ الْآثَارِ

 

البدع لابن وضاح (2/ 87)

مَا جَاءَ فِي اتِّبَاعِ الْآثَارِ

 

شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة (1/ 82)

سِيَاقُ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْحَثِّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , وَعَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ , وَالْخَالِفِينَ لَهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ

8_ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ أَمْرَ الْفِتَنِ

 

الإبانة الكبرى لابن بطة (2/ 577)

بَابُ إِعْلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ أَمْرَ الْفِتَنِ الْجَارِيَةِ , وَأَمْرِهِ لَهُمْ بِلُزُومِ الْبُيُوتِ , وَفَضْلِ الْقُعُودِ , وَلُزُومِ الْعُقَلَاءِ بُيُوتَهُمْ , وَتَخَوُّفِهِمْ عَلَى قُلُوبِهِمْ مِنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى , وَصِيَانَتِهِمْ لِأَلْسِنَتِهِمْ وَأَدْيَانِهِمْ

 

9_ ذِكْرِ آخِرِ الزَّمَانِ , وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ , وَأَمَارَاتُهَا

 

ترتيب الأمالي الخميسية للشجري (2/ 351)

فِي ذِكْرِ آخِرِ الزَّمَانِ , وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ , وَأَمَارَاتُهَا , وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ

 

وقال الألباني في "قيام رمضان" (ص: 4_5):

"فقد صح عن ابن مسعود موقوفاً, وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حُكْماً, أنه قال:

"كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير, ويربو فيها الصغير, ويتخذها الناس سنة, إذا ترك منها شيء" قيل: تركت السنة؟ قالوا: ومتى ذاك؟ قال: "إذا ذهبت علماؤكم, وكثرت قُراؤكم, وقَلَّت فقهاؤكم, وكَثُرت أمراؤكم, وقلَّتْ أمناؤكم, والتُمِسَتِ الدنيا بعمل الآخرة, وتُفُقهَ لغير الدين". [رواه الدارمي 1/64 بإسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن، والحاكم 4/514 وغيرهما]

قلت: وهذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته, فإن كل فقرة من فقراته, قد تحقق في العصر الحاضر, ومن ذلك كثرة البدع وافتتان الناس بها حتى اتخذوها سنة, وجعلوها ديناً___يُتَّبع, فإذا أعرض عنها أهل السنة حقيقة, إلى السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم قيل: تُركت السنة!

 

سلسلة الآثار الصحيحة أو الصحيح المسند من أقوال الصحابة والتابعين (1/ 92)

فقه الأثر:

* فيه: تشخيصٌ دقيق لواقعنا في هذا الزمان من تبدّل الحال على ما كان عليه الزمن الأول؛ زمن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وأصحابه.___

* أن العبرة ليست بكثرة العُبّاد والقرّاء، بل العبرة بفقه هذه العبادة والقراءة والعمل بها وتنزيلها في الحياة.

وأدلّ دليلٍ على هذا؛ حال الخوارج -وقد وصفهم النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بكثرة العبادة والقراءة، لكن هذه العبادة والقراءة لم تنفعهم، إذ هم: "يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية." [خ م]

فالعبرة إذًا بموافقة السنة، والله الموفق.

* فيه: أن الناس إذا اعتادوا أمرًا جعلوه سنة، وهذا مشاهد في عصرنا؛ إذ فشت البدع وسمّيت سننًا، فإذا جاء السُّنيُّ ينكرها أنكر الناس عليه ذلك واتهموه في دينه. وإذا أتى يقيم السنة استنكروا واستغربوا، كأنها بدعةٌ تقام، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

* وفيه أيضًا: تشخيص لحال الفقهاء والقراء الذين اتخذوا هذا الأمر مهنة ووظيفة، فالتمسوا الدنيا بعمل الآخرة، فصارت النيات زائغة عند الكثير، فهو يريد أن يكون قارئًا كي يدُرَّ عليه من المال الوفير، وآخر إن رُتّب له راتب من المال، دعا إلى الله، وإلا فلا!!

وهذا الأثر يعدُّ من أعظم الآثار الواردة عن الصحابة وأجلّها، وفيه فوائد وعبر كثيرة غير ما ذكرنا، وهذا ما فتح أدنه به، والحمد الله أولًا وآخرًا.

 

وقال عبد العزيز بن محمد بن عبد المحسن السلمان (المتوفى: 1422هـ) في "موارد الظمآن لدروس الزمان" (5/ 284)

فَهَذَا الحَدِيثُ عَلَمٌ مِنْ أَعْلامِ نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِدْقِ رِسَالَتِهِ، فَإِنَّ كُلَّ فَقَرَةٍ مِنْ فَقَرَاتِهِ قَدْ تَحَقَّقَتْ فِي العَصْرِ الحَاضِرِ عَصْرُ المَلاهِي وَالمُنْكَرَاتِ وَالفِتَنِ وَالشُّرُورِ، وَالسُّفُورِ والتلفزيون والفِيديُواتِ وَالمذَايِيعِ وَالكُراتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا أَلْهَى وَأَشْغَلَ عَنْ طَاعَةِ اللهِ.

 

موارد الظمآن لدروس الزمان (5/ 284)

"وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ اليوم يَتَعَلَّمُونَ لأجْلِ الحُصُولَ عَلَى شَهَادَةَ المَاجِسْتِير أَو الدكتوراه أو البكاريُوس أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لا لأجْلِ إِزَالَةِ الجهل عن نفسِهِ وَنَفْع المسلمين بِتَعْلِيمهم بل لأجلِ الدُّنْيَا فَهْوَ تَعَلُّمٌ لِغَيْرِ الدِّينَ نسأل الله العافية وهؤلاء يَنْطَبِقُ عليهم قول الشاعر:

... هَوِّنْ عَلَيْكَ فَمَا تَعْدُ شَهَادَتُهُمْ ... جَوَازَ سَفْرٍ إِلَى نَيْلِ الوُرَيْقَاتِ." اهـ

 

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 151)

الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ تَعَلُّمُ الْعِلْمِ لِلدُّنْيَا

 

أصول الإيمان لمحمد بن عبد الوهاب - ضمن مجموع مؤلفاته (ص: 262)

باب تحريضه صلى الله عليه وسلم على لزوم السنة والترغيب في ذلك، وترك البدع والتفرق والاختلاف والتحذير من ذلك

وقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]

وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} [الشورى: 13]." اهـ

 

المدخل لابن الحاج (1/ 66_67):

"وَمِنْ كِتَابِ (مَرَاقِي الزُّلْفَى) لِلْإِمَامِ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ _رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى_ قَالَ:

"فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يَنْسِبُ الْحِكْمَةَ لِغَيْرِ أَهْلِهَا أَمَّا الْحِكْمَةُ فَقَدْ صَارَ هَذَا الِاسْمُ يُطْلَقُ عَلَى الطَّبِيبِ، وَعَلَى الشَّاعِرِ، وَعَلَى الْمُنَجِّمِ حَتَّى عَلَى الَّذِي يُخْرِجُ الْقُرْعَةَ وَاَلَّذِي يَجْلِسُ عَلَى شَوَارِعِ الطُّرُقِ لِلْحِسَابِ فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ،

وَالْحِكْمَةُ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الَّتِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهَا فَقَالَ: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269] ،

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَلِمَةٌ مِنْ الْحِكْمَةِ يَتَعَلَّمُهَا الرَّجُلُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الدُّنْيَا»[1].

ثُمَّ قَالَ:

"وَانْظُرْ كُلَّ مَا ارْتَضَاهُ السَّلَفُ مِنْ الْعُلُومِ قَدْ انْدَرَسَ وَمَا رَكِبَ النَّاسُ عَلَيْهِ الْيَوْمَ فَأَكْثَرُهُ مُبْتَدَعٌ مُحْدَثٌ،

وَقَدْ صَحَّ قَوْلُ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ: وَمَنْ الْغُرَبَاءُ؟ فَقَالَ: الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي وَاَلَّذِينَ يُحْيُونَ مَا أَمَاتُوهُ مِنْ سُنَّتِي» [ت: ضعيف الجامع الصغير وزيادته (ص: 208) (رقم: 1441)]

وَفِي خَبَرٍ آخَرَ مَرْوِيٍّ «هُمْ الْمُتَمَسِّكُونَ بِمَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ الْيَوْمَ»[2].

وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «نَاسٌ قَلِيلُونَ صَالِحُونَ بَيْنَ نَاسٍ كَثِيرٍ مَنْ يَبْغُضُهُمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُحِبُّهُمْ» ،

وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: إذَا رَأَيْتُمْ الْعَالِمَ كَثِيرَ الْأَصْدِقَاءِ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ مُخْلِطٌ؛ لِأَنَّهُ___إنْ نَطَقَ بِالْحَقِّ أَبْغَضُوهُ انْتَهَى." اهـ

 

[تعليق] ففي "مسند أحمد" – ط. عالم الكتب (2/ 177) (رقم: 6650):

عن عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ : طُوبَى لِلْغُرَبَاءِ ، فَقِيلَ : مَنِ الْغُرَبَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : أُنَاسٌ صَالِحُونَ ، فِي أُنَاسِ سُوءٍ كَثِيرٍ ، مَنْ يَعْصِيهِمْ أَكْثَرُ مِمَّنْ يُطِيعُهُمْ.

حسنه الأرنؤوط في مسند أحمد ط الرسالة (11/ 230) (رقم: 6650)، وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4/ 153) (رقم: 1619)

 

الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 64)

وَقَالَ شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ:

"مَا لِي أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَذْهَبُونَ. وَلَا أَرَى جُهَّالَكُمْ يَتَعَلَّمُونَ، مَا لِي أَرَاكُمْ تَحْرِصُونَ عَلَى مَا قَدْ تَكَفَّلَ لَكُمْ، وَتَدَعُونَ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ، تَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، وَرَفْعُ الْعِلْمِ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ، لَأَنَا أَعْلَمُ بِشِرَارِكُمْ مِنْ الْبَيْطَارِ بِالْفَرَسِ هُمْ الَّذِينَ لَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلَّا دَبْرًا، وَلَا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ إلَّا هَجْرًا، وَلَا يَعْتِقُ مُحَرَّرُوهُمْ." اهـ



[1]  وقال محمود الحداد في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" (1/ 142) (رقم: 116):

(وقال - صلى الله عليه وسلم - كلمة من الحكمة يتعلمها الرجل خير له من الدنيا وما فيها)

قال العراقي: تقدم بنحوه اهـ

وكأنه يشير إلى ما ذكره المصنف أول باب من العلم يتعلمه الرجل خير له من الدنيا وما فيها، وذكر أنه موقوف على الحسن البصري أو إلى حديث كلمة من الخير يسمعها المؤمن فيعمل بها ويعلمها خير له من عبادة سنة وذكر أنه من مراسيل زيد بن أسلم وقد أخرج الديلمي عن أبي هريرة كلمة حكمة يسمعها الرجل خير له من عبادة سنة، وسنده ضعيف.

قال ابن السبكي: (6/ 288) لم أجد له إسناداً." اهـ

[2]  وم وقفت عليه، والله المستعان

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين