الْوَجْه الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ من فضائل العلم - مفتاح دار السعادة

وقال ابن قيم الجوزية _رحمه الله_ في "مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة" (1/ 58):

"الْوَجْه الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ:

أنَّ أول سُورَة أنزلها الله فِي كِتَابه "سُورَةُ الْقَلَمِ"، فَذكر فِيهَا مَا مَنَّ بِهِ على الإنسانِ مِنْ تَعْلِيمه مَا لم يعلمْ. فَذكر فِيهَا فَضْلَه بتعليمه وتفضيلَهُ الْإِنْسَانَ بِمَا علَّمه إيَّاهُ.

 

وَذَلِكَ يدل على شرف التَّعْلِيمِ وَالْعْلْمِ، فَقَالَ _تَعَالَى_:

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 1 - 5]

 

فَافْتتحَ السُّورَة بالامر بِالْقِرَاءَةِ الناشئة عَن الْعلم، وَذكَر خلْقَهُ خُصُوصا وعموما، فَقَالَ:

{الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3)} [العلق: 1 - 3][1]

 

تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (24/ 519):

"عن قتادة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) قرأ حتى بلغ (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) قال: (القلم: نعمة من الله عظيمة، لولا ذلك لم يقم، ولم يصلح عيش)." اهـ

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (8/ 437):

"فَأَوَّلُ شَيْءٍ نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَاتُ الْمُبَارَكَاتُ، وهُنَّ أَوَّلُ رَحْمَةٍ رَحِم اللَّهُ بِهَا الْعِبَادَ، وَأَوَّلُ نِعْمَةٍ أَنْعَمَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِمْ." اهـ

 

تفسير الطبري = جامع البيان ت شاكر (24/ 519)

وقيل: إن هذه أوّل سورة نزلت في القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

صحيح البخاري (1/ 7) (رقم: 3): وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا، حَتَّى جَاءَهُ الحَقُّ، وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ،

فَجَاءَهُ المَلَكُ فَقَالَ: اقْرَأْ، قَالَ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»، قَالَ: " فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، قُلْتُ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»،

فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: اقْرَأْ، فَقُلْتُ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»،

فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي، فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ} [العلق: 2]

"فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ، فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي» فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الخَبَرَ: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي»

فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ..."

 

التحرير والتنوير (30/ 435) لابن عاشور التوْنسي:

"وَافْتِتَاحُ السُّورَةِ بِكَلِمَةِ اقْرَأْ إِيذَانٌ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَكُونُ قَارِئًا، أَيْ تَالِيًا كِتَابًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَلَا كِتَابًا قَالَ تَعَالَى: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ [العنكبوت:

48] ، أَيْ مِنْ قَبْلِ نُزُولِ الْقُرْآنِ، وَلِهَذَا

قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ حِينَ قَالَ لَهُ اقْرَأْ: «مَا أَنَا بِقَارِئٍ»

وَفِي هَذَا الِافْتِتَاحِ: بَرَاعَةُ اسْتِهْلَالٍ لِلْقُرْآنِ.

 

وَخص الإنسانَ مِنْ بَيْنِ الْمَخْلُوقَاتِ لِمَا أَوْدَعَهُ مِنْ عجائبه وآياتِهِ الدَّالَّةِ على ربوبيتِهِ وَقدْرتِه، وَعِلْمِهِ وحكْمتِهِ، وَكَمَالِ رَحمتِهِ، وأنه لَا إِلَه غَيْرُه، وَلَا ربَّ سِواهُ.

 

وَذكر هُنَا مَبْدَأَ خلْقِهِ مِنْ عَلَقٍ لكَون الْعَلَقَةِ مبدأَ الأَطْوارِ الَّتِي انْتَقَلت إلَيْهَا النُّطْفَةُ، فَهِيَ مبْدَأُ تعلُّق التخليقِ،

 

تفسير القرطبي (20/ 119):

"وَخَصَّ الْإِنْسَانَ بِالذِّكْرِ تَشْرِيفًا لَهُ. وَقِيلَ: أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ قَدْرَ نِعْمَتِهُ عَلَيْهِ، بِأَنْ خَلَقَهُ مِنْ عَلَقَةٍ مَهِينَةٍ، حَتَّى صَارَ بَشَرًا سَوِيًّا، وَعَاقِلًا مميزا." اهـ

 

التحرير والتنوير (30/ 438):

"وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِتَحْمِيقِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ ضَلُّوا عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنَّ دَلِيلَ الْوَحْدَانِيَّةِ قَائِمٌ فِي أَنْفُسِهِمْ." اهـ

ثمَّ أعاد الْأَمْرَ بِالْقِرَاءَةِ مُخْبِرًا عَنْ نَفسِهِ بِأَنَّهُ الأكرم، وَهُوَ الأفعل مِنْ الْكَرَمِ، وَهُوَ كَثْرَةُ الْخَيْرِ، وَلَا أحَدَ أولى بذلك مِنْهُ _سُبْحَانَهُ_، فَإِن الْخَيْرَ كُلَّه بيدَيْهِ، وَالْخَيْر كُلُّه مِنْهُ، وَالنِّعَمُ كلُّهَا هُوَ مُوَلِّيْهَا، والكمالُ كُلُّه وَالْمجْدُ كُله لَهُ، فَهُوَ الأكرمُ حَقًا.

 

ثمَّ ذكر تَعْلِيمه عُمُوما وخصوصا، فَقَالَ:

{الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} [العلق: 4]،

 

تفسير القرطبي (20/ 121):

"قَالَ عُلَمَاؤُنَا: (كَانَتِ الْعَرَبُ أَقَلَّ الْخَلْقِ مَعْرِفَةً بِالْكِتَابِ، وَأَقَلُّ الْعَرَبِ مَعْرِفَةً بِهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صُرِفَ عَنْ عِلْمِهِ، لِيَكُونَ ذَلِكَ أَثْبَتَ لِمُعْجِزَتِهِ، وَأَقْوَى فِي حُجَّتِهِ)." اهـ

 

تفسير القرطبي (20/ 120)

وَرَوَى مُجَاهِدٌ عَنْ أَبِي عُمَرَ قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الْحَيَوَانِ: (كُنْ)، فَكَانَ: الْقَلَمَ، وَالْعَرْشَ، وَجَنَّةَ عَدْنٍ، وَآدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

وَفِي (مَنْ عَلَّمَهُ بِالْقَلَمِ) ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ: أَحَدُّهَا: أَنَّهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ، قَالَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ. الثَّانِي: أَنَّهُ إِدْرِيسُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ. قَالَهُ الضَّحَّاكُ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَدْخَلَ كُلَّ مَنْ كَتَبَ بِالْقَلَمِ، لِأَنَّهُ مَا عُلِّمَ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَجَمَعَ بِذَلِكَ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ فِي خَلْقِهِ، وَبَيَّنَ نِعْمَتَهُ عَلَيْهِ فِي تَعْلِيمِهِ، اسْتِكْمَالًا لِلنِّعْمَةِ عليه.

 

تفسير القرطبي (20/ 120)

فَدَلَّ عَلَى كَمَالِ كَرَمِهِ سُبْحَانَهُ، بِأَنَّهُ عَلَّمَ عِبَادَهُ مَا لَمْ يَعْلَمُوا، وَنَقَلَهُمْ مِنْ ظُلْمَةِ الْجَهْلِ إِلَى نُورِ الْعِلْمِ، وَنَبَّهَ عَلَى فَضْلِ عِلْمِ الْكِتَابَةِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْمَنَافِعِ الْعَظِيمَةِ، الَّتِي لَا يُحِيطُ بِهَا إِلَّا هُوَ. وَمَا دُوِّنَتِ الْعُلُومُ، وَلَا قُيِّدَتِ الْحِكَمُ، وَلَا ضُبِطَتْ أَخْبَارُ الْأَوَّلِينَ وَمَقَالَاتُهُمْ، وَلَا كُتُبُ اللَّهِ الْمَنْزَلَةُ إِلَّا بِالْكِتَابَةِ، وَلَوْلَا هِيَ مَا اسْتَقَامَتْ أُمُورُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا. وَسُمِّيَ قَلَمًا لِأَنَّهُ يُقْلَمُ، أَيْ يُقْطَعُ، وَمِنْهُ تَقْلِيمُ الظُّفْرِ." اهـ

 

التحرير والتنوير (30/ 441_442):

"وَقَدْ حَصَلَتْ مِنْ ذِكْرِ التَّعْلِيمِ بِالْقَلَمِ وَالتَّعْلِيمِ الْأَعَمِّ إِشَارَةٌ إِلَى مَا يَتَلَقَّاهُ الْإِنْسَانُ مِنَ التَّعَالِيمِ سَوَاءٌ كَانَ بِالدَّرْسِ أَمْ بِمُطَالَعَةِ الْكُتُبِ وَأَنَّ تَحْصِيلَ الْعُلُومِ يَعْتَمِدُ أُمُورًا ثَلَاثَةً:

أَحَدُهَا: الْأَخْذُ عَنِ الْغَيْرِ بِالْمُرَاجَعَةِ، وَالْمُطَالَعَةِ، وَطَرِيقُهُمَا الْكِتَابَةُ وَقِرَاءَةُ الْكُتُبِ فَإِنَّ بِالْكِتَابَةِ أَمْكَنَ لِلْأُمَمِ تَدْوِينُ آرَاءِ عُلَمَاءِ الْبَشَرِ وَنَقْلُهَا إِلَى الْأَقْطَارِ النَّائِيَةِ وَفِي الْأَجْيَالِ الْجَائِيَةِ.

وَالثَّانِي: التَّلَقِّي مِنَ الْأَفْوَاهِ بِالدَّرْسِ وَالْإِمْلَاءِ.

وَالثَّالِثُ: مَا تَنْقَدِحُ بِهِ الْعُقُولُ مِنَ الْمُسْتَنْبَطَاتِ وَالْمُخْتَرَعَاتِ. وَهَذَانِ دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ تَعَالَى: عَلَّمَ الْإِنْسانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ وَفِي ذَلِكَ اطْمِئْنَانٌ لِنَفْسِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهِ الْكِتَابَةَ لَا يَحُولُ دُونَ قِرَاءَتِهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، فَالَّذِي عَلَّمَ الْقِرَاءَةَ لِأَصْحَابِ الْمَعْرِفَةِ بِالْكِتَابَةِ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُعَلِّمَكَ الْقِرَاءَةَ دُونَ سَبْقِ مَعْرِفَةٍ بِالْكِتَابَةِ.

وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الْعِلْمَ مَسْبُوقٌ بِالْجَهْلِ فَكُلُّ عِلْمٍ يَحْصُلُ فَهُوَ عِلْمُ مَا لَمْ يَكُنْ يُعْلَمُ مِنْ قَبْلُ، أَيْ فَلَا يُؤْيِسَنَّكَ مِنْ أَنْ تَصِيرَ عَالِمًا بِالْقُرْآنِ وَالشَّرِيعَةِ أَنَّكَ لَا تَعْرِفُ قِرَاءَةَ مَا يُكْتَبُ بِالْقَلَمِ. وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى الِاهْتِمَامِ بِعِلْمِ الْكِتَابَةِ وَبِأَنَّ اللَّهَ يُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ اتَّخَذَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُتَّابًا لِلْوَحْيِ من مبدإ بعثته.

وَفِي الِاقْتِصَارِ عَلَى أَمْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ ثُمَّ إِخْبَارِهِ بِأَنَّ اللَّهَ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ___بِالْقَلَمِ إِيمَاءٌ إِلَى اسْتِمْرَارِ صِفَةِ الْأُمِّيَّةِ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهَا وَصْفٌ مُكَمِّلٌ لِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ قَالَ تَعَالَى:

وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت: 48] .

وَهَذِهِ آخِرُ الْخَمْسِ الْآيَاتِ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ مَا أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَار حراء." اهـ

 

فَهَذَا يدْخُلُ فِيهِ تَعْلِيمُ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ، ثمَّ ذَكَرَ تَعْلِيمَ الانسانِ خُصُوصا، فَقَالَ:

{عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 5]،

 

تفسير القرطبي (20/ 122)

قِيلَ: الْإِنْسانَ هُنَا آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. عَلَّمَهُ أَسْمَاءَ كُلِّ شي، حَسَبَ مَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها. فَلَمْ يَبْقَ شي إِلَّا وَعَلَّمَ سُبْحَانَهُ آدَمَ اسْمَهُ بِكُلِّ لُغَةٍ،

وَذَكَرَهُ آدَمُ لِلْمَلَائِكَةِ كَمَا عُلِّمَهُ. وَبِذَلِكَ ظَهَرَ فَضْلُهُ، وَتَبَيَّنَ قَدْرُهُ، وَثَبَتَتْ نُبُوَّتُهُ، وَقَامَتْ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ وَحُجَّتُهُ، وَامْتَثَلَتِ الْمَلَائِكَةُ الْأَمْرَ لِمَا رَأَتْ مِنْ شَرَفِ الْحَالِ، وَرَأَتْ مِنْ جَلَالِ الْقُدْرَةِ، وَسَمِعَتْ مِنْ عَظِيمِ الْأَمْرِ. ثُمَّ تَوَارَثَتْ ذَلِكَ ذُرِّيَّتُهُ خَلَفًا بَعْدَ سَلَفٍ، وَتَنَاقَلُوهُ قَوْمًا عَنْ قَوْمٍ." اهـ

 

فاشتملتْ هَذِه الْكَلِمَات على أنه معطى الموجوداتِ كلِّهَا بِجَمِيعِ أقسامها، فإن الْوُجُودَ لَهُ مَرَاتِبُ أربعةٌ:

إحداها: مرتبتُها الخارِجِيَّةُ، الْمَدْلُولُ عَلَيْهَا بقوله: (خَلَقَ)،

الْمرتبَة الثَّانِيَة: الذهنية، الْمَدْلُولُ عَلَيْهَا بقوله: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 5]

الْمرتبَة الثَّالِثَة وَالرَّابِعَة: اللفظيةُ والخَطِّيَّةُ.

* فالخطية: مُصَرحٌ بِهَا فِي قَوْله: {لَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4)} [العلق: 4]،

* واللفظية: من لَوَازِم التَّعْلِيم بالقلم، فَإِن الْكِتَابَة فَرْعُ النُّطْقِ، والنطق فرْعُ التَّصَوُّرِ،

 

فاشتملت هَذِهِ الْكَلِمَاتُ على مَرَاتِب الْوُجُودِ كلِّهَا، وأنه _سُبْحَانَهُ_ هُوَ مُعْطِيْهَا بِخلْقِهِ وتعليمِه، فَهُوَ الْخَالِقُ الْمُعَلِّمُ،

 

وكلُّ شَيْءٍ فِي الْخَارِج، فبِخْلْقِهِ وُجِدَ. وكلُّ عِلْمٍ فِي الذِّهْن، فبتعليمه حصل. وكلُّ لفْظٍ فِي اللِّسَان اَوْ خطٍّ فِي الْبَنَانِ فبأقدارِه وخلْقِهِ وتعليمِهِ.

 

وَهَذَا من آيَات قدرتِهِ وبراهينِ حِكْمتِهِ، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} [البقرة: 163]،

وَالْمَقْصُود: أنه _سُبْحَانَهُ_ تَعَرَّفَ إِلَى عبادِهِ بِمَا علّمهمْ إِيَّاهُ بِحِكْمَتِهِ من الْخطِّ وَاللَّفْظِ وَالْمعْنَى، فَكَانَ الْعلم اَحَدُ الأدِلَّة الدَّالَّةِ عَلَيْهِ، بِلْ مِنْ أعْظَمِهَا وأظْهَرِها، وَكفى بِهَذَا شَرَفًا وَفْضْلاً لَهُ."

 

التحرير والتنوير (30/ 438)

وَمِنْ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ الْعِلْمِيِّ ذِكْرُ الْعَلَقَةِ لِأَنَّ الثَّابِتَ فِي الْعِلْمِ الْآنَ أَنَّ الْإِنْسَانَ يَتَخَلَّقُ مِنْ بُوَيْضَةٍ دَقِيقَةٍ جِدًّا لَا تُرَى إِلَّا بِالْمِرْآةِ الْمُكَبِّرَةِ أَضْعَافًا تَكُونُ فِي مَبْدَأِ ظُهُورِهَا كُرَوِيَّةَ الشَّكْلِ سَابِحَةً فِي دَمِ حَيْضِ الْمَرْأَةِ فَلَا تَقْبَلُ التَّخَلُّقَ حَتَّى تُخَالِطَهَا نُطْفَةُ الرَّجُلِ فَتَمْتَزِجَ مَعَهَا فَتَأْخُذَ فِي التَّخَلُّقِ إِذَا لَمْ يَعُقْهَا عَائِقٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ [الْحَج: 5] ، فَإِذَا أَخَذَتْ فِي التَّخَلُّقِ وَالنُّمُوِّ امْتَدَّ تَكَوُّرُهَا قَلِيلًا فَشَابَهَتِ الْعَلَقَةَ الَّتِي فِي الْمَاءِ مُشَابَهَةً تَامَّةً فِي دِقَّةِ الْجِسْمِ وَتَلَوُّنِهَا بِلَوْنِ الدَّمِ الَّذِي هِيَ سَابِحَةٌ فِيهِ وَفِي كَوْنِهَا سَابِحَةً فِي سَائِلٍ كَمَا تَسْبَحُ الْعَلَقَةُ." اهـ

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (8/ 437)

* وَفِيهَا: التَّنْبِيهُ عَلَى ابْتِدَاءِ خَلْقِ الْإِنْسَانِ مِنْ عَلَقَةٍ،

* وَأَنَّ مِنْ كَرَمه _تَعَالَى_: أَنْ عَلّم الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، فَشَرَّفَهُ وَكَرَّمَهُ بِالْعِلْمِ، وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي امْتَازَ بِهِ أَبُو الْبَرِيَّةِ آدَمُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ،

* وَالْعِلْمُ تَارَةً يَكُونُ فِي الْأَذْهَانِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي اللِّسَانِ، وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْكِتَابَةِ بِالْبَنَانِ، ذِهْنِيٌّ وَلَفْظِيٌّ وَرَسْمِيٌّ: وَالرَّسْمِيُّ يَسْتَلْزِمُهُمَا مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ،

فَلِهَذَا قَالَ: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [العلق: 3 - 5]،

وَفِي الْأَثَرِ: (قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابَةِ).

وَفِيهِ أَيْضًا: (مَنْ عَمِلِ بِمَا عَلِمَ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمْ)[2]." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (3/ 1017)

وقد يُيَسِّرُ الله لطالبِ العلم علوماً أُخَرَ ينتفع بها، وتكونُ موصلة إلى الجنَّة، كما قيل: من عَمِلَ بما عَلِمَ، أورثه الله علم ما لم يعلم، وكما قيل: ثوابُ الحسنة الحسنة بعدَها، وقد دلَّ على ذلك قولُه تعالى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76]، وقوله: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17][3]." اهـ

 

قلت: (قَيِّدُوا الْعِلْمَ بِالْكِتَابَةِ).

ورد الحديث عن عدة من الصحابة:

* عمر -رضي الله عنه- موقوفا، رواه ابن أبي شيبة في المصنف (5/ 313) (رقم: 26427)، والدارمي في سننه (1/ 437) (رقم: 514)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 188) (رقم: 360)، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص: 416) (رقم: 758)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل بين الراوي والواعي (ص: 377)، والخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص: 87_88)،

* علي بن أبي طالب: رواه الخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص: 90)

* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: رواه زهير بن حرب في العلم (ص: 34) (رقم: 148)، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص: 416) (رقم: 760)،الخطيب البغدادي في تقييد العلم (ص: 92)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 310) (رقم: 398)

* وعن أنس موقوفا: رواه الدارمي في سننه (1/ 432) (رقم: 508)، وزهير بن حرب في العلم (ص: 29) (رقم: 120)، والطبراني في المعجم الكبير (1/ 246) (رقم: 700)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل بين الراوي والواعي (ص: 368)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 188) (رقم: 361)، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص: 417) (رقم: 761)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 316) (رقم: 410)، تقييد العلم للخطيب البغدادي (ص: 97)

* وورد مرفوعا من حديث أنس: رواه لوين في "جزْئِهِ" (ص: 67) (رقم: 54)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل (ص 368)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص: 466) (رقم: 624)، والقضاعي في مسند الشهاب (1/ 370) (رقم: 637)، الخطيب في "تاريخ بغداد" ت بشار (11/ 234) (رقم: 3280)، و"تقييد العلم" (ص: 97)، و"الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/ 228) (رقم: 440)،

* ومن حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مرفوعا: رواه الطبراني في المعجم الأوسط (1/ 259) (رقم: 848)، والرامهرمزي في المحدث الفاصل بين الراوي والواعي (ص: 364_365)، رواه الحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 188) (رقم: 362)،  وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1/ 317) (رقم: 412)،  والخطيب البغدادي في "تقييد العلم" (ص: 68_69 و 75)، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (ص: 417) (رقم: 763).

وقيل: الموقوف أصح، إلا أن الألباني _رحمه الله_ صححه المرفوع منه بشواهده في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5/ 40) (رقم: 2026)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 816) (4434 ، ولله الحمد والمنة.

 

تفسير الآيات الخمس:

 

تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 930)

فإنه تعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئًا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم.

فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم، الذي به تحفظ العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة، الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور

 

تنبيه:

 

تفسير القرطبي (20/ 121)

وَثَبَتَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ:) أَوَّلُ ما خلق الله: القلم، فقال له اكتب، فَكَتَبَ مَا يَكُونُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَهُوَ عِنْدَهُ فِي الذِّكْرِ فَوْقَ عَرْشِهِ (. وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: [أَنَّهُ «1»] سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:) إِذَا مَرَّ بِالنُّطْفَةِ ثِنْتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً، بَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهَا مَلَكًا فَصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا وَبَصَرَهَا وَجِلْدَهَا وَلَحْمَهَا وَعَظْمَهَا، ثُمَّ يَقُولُ، يَا رَبِّ، أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَجَلُهُ، فَيَقُولُ ربك ما شاء، ويكتب الملك، ثم يقول يا رب رزقه، ليقضي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى مَا أُمِرَ وَلَا يَنْقُصُ،

وَقَالَ تَعَالَى: إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ. كِراماً كاتِبِينَ (الانفطار: 10).

قَالَ عُلَمَاؤُنَا:

"فَالْأَقْلَامُ فِي الْأَصْلِ ثَلَاثَةٌ:

* الْقَلَمُ الْأَوَّلُ: الَّذِي خَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَكْتُبَ.

* وَالْقَلَمُ الثَّانِي: أَقْلَامُ الْمَلَائِكَةِ، جَعَلَهَا اللَّهُ بِأَيْدِيهِمْ يَكْتُبُونَ بِهَا الْمَقَادِيرَ وَالْكَوَائِنَ وَالْأَعْمَالَ.

* وَالْقَلَمُ الثَّالِثُ: أَقْلَامُ النَّاسِ، جَعَلَهَا اللَّهُ بِأَيْدِيهِمْ، يَكْتُبُونَ بِهَا كَلَامَهُمْ، وَيَصِلُونَ بِهَا مَآرِبَهُمْ.

وَفِي الْكِتَابَةِ فَضَائِلٌ جَمَّةٌ. وَالْكِتَابَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْبَيَانِ، وَالْبَيَانُ مِمَّا اخْتُصَّ بِهِ الْآدَمِيُّ.

 



[1]  وفي التحرير والتنوير (30/ 439): "الْعِلْمُ بِالْقِرَاءَةِ يَحْصُلُ بِوَسَائِلَ أُخْرَى مِثْلَ الْإِمْلَاءِ وَالتَّلْقِينِ وَالْإِلْهَامِ وَقَدْ عَلَّمَ اللَّهُ آدَمَ الْأَسْمَاءَ وَلَمْ يَكُنْ آدَمُ قَارِئًا...هَذِهِ الْقِرَاءَةَ شَأْن من شؤون الرَّبِّ اخْتَصَّ بِهَا عَبْدَهُ إِتْمَامًا لِنِعْمَةِ الرُّبُوبِيَّةِ عَلَيْهِ." اهـ

وفي التحرير والتنوير (30/ 440):

"وَذُكِرُ أَنَّ ظُهُورَ الْخَطِّ فِي الْعَرَبِ أَوَّلَ مَا كَانَ عِنْدَ أَهْلِ الْأَنْبَارِ، وَأَدْخَلَ الْكِتَابَةَ إِلَى الْحِجَازِ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ تَعَلَّمَهُ مِنْ أَسْلَمَ بْنِ سِدْرَةَ وَتَعَلَّمَهُ أَسْلَمُ مِنْ مُرَامِرِ بْنِ مُرَّةَ وَكَانَ الْخَطُّ سَابِقًا عِنْدَ حِمْيَرَ بِالْيَمَنِ وَيُسَمَّى الْمُسْنَدَ." اهـ

[2]  أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (10/ 15) بإسناده:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ: «مَنْ عَمِلَ بِمَا يَعْلَمُ وَرَّثَهُ اللَّهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ»

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: ذَكَرَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الْكَلَامَ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ , عَنْ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَهِمَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ هَذَا الْإِسْنَادَ عَلَيْهِ لِسُهُولَتِهِ وَقُرْبِهِ، وَهَذَا الحَدِيثُ لَا يُحْتَمَلُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنْ أَحْمَدَ بِنِ حَنْبَلٍ." اهـ

وهو حديث موضوع: صرح بذلك الألباني في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (1/ 611) (رقم: 422)، وقال: "وفي الطريق إليه جماعة لم أعرفهم فلا أدري من وضعه منهم." اهـ

[3]  وفي "زاد المسير في علم التفسير" (4/ 118) لابن الجوزي:

"وفي معنى الهُدى قولان:

أحدهما: أنه العِلْم. والثاني: البصيرة.

وفي قوله: (وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) ثلاثة أقوال:

* أحدها: ثواب تقواهم في الآخرة، قاله السدي.

* والثاني: اتِّقاء المنسوخ والعمل بالناسخ، قاله عطية.

* والثالث: أعطاهم التقوى مع الهُدى، فاتَّقَوْا معصيته خوفاً من عقوبته، قاله أبو سليمان الدّمشقي." اهـ 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين