شرح الحديث 74 من رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي

 

وقال المصنف الإمام النووي _رحمه الله_ :

"والآيات في فَضْلِ التَّوَكُّل كثيرةٌ مَعْرُوفَةٌ. وأما الأحاديث :

 

[74] فالأول : عن ابن عباس _رضي الله عنهما_، قَالَ :

قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأيْتُ النَّبيّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ، والنبي وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، والنبيَّ ولَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فقيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ،

ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ، فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ،

فقيلَ لي: "انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ"، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ، فقيلَ لِي : "هذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفاً يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ".

ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ،

* فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -،

* وَقالَ بعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئاً".

* وذَكَرُوا أشيَاءَ.

فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ : «مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟»

فَأَخْبَرُوهُ فقالَ : «هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، وَلا يَسْتَرقُونَ، وَلا يَتَطَيَّرُونَ؛ وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون»

فقامَ عُكَّاشَةُ بنُ محصنٍ، فَقَالَ: "ادْعُ الله أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ"،

فَقَالَ: «أنْتَ مِنْهُمْ» .

ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ، فَقَالَ : "ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ"، فَقَالَ : «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

«الرُّهَيْطُ» بضم الراء تصغير رهط: وهم دون عشرة أنفس، ... وَ «الأُفقُ» الناحية والجانب. و «عُكَّاشَةُ» بضم العين وتشديد الكاف وبتخفيفها، والتشديد أفصح.

 

ترجمة عبد الله بن عباس _رضي الله عنهما_ :

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 331):

"عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ البَحْرُ أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ * (ع) : حَبْرُ الأُمَّةِ، وَفَقِيْهُ العَصْرِ، وَإِمَامُ التَّفْسِيْرِ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ، ابْنُ___عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ، وَاسْمُهُ عَمْرُو بنُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهْرٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَكِّيُّ، الأَمِيْرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 332):

مَوْلِدُهُ: بِشِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.

صَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْواً مِنْ ثَلاَثينَ شَهْراً، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِجُمْلَةٍ صَالِحَةٍ.

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 359):

"قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ، أَوْ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَالهَيْثَمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ: سَنَةَ ثَمَانٍ." اهـ

 

وفي الأعلام للزركلي (4/ 95_96) :

"ابن عبَّاس (3 ق هـ - 68 هـ = 619 - 687 م):

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس: حبر الامة، الصح أبي الجليل.

ولد بمكة. ونشأ في بدء عصر النبوّة، فلازم رسول الله صلّى الله عليه وسلم وروى عنه الأحاديث الصحيحة. وشهد مع علي الجمل وصفين. وكف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف، وتوفي بها. له في الصحيحين وغير هما 1660 حديثا.

قال ابن مسعود: نعم ترجمان عباس. وقال عمرو بن دينار: ما رأيت مجلسا كان أجمع لكل خير من مجلس ابن عباس، الحلال والحرام والعربية والأنساب والشعر. وقال عطاء: كان ناس يأتون ابن عباس في الشعر والأنساب، وناس يأتونه لأيام العرب ووقائعهم، وناس يأتونه للفقه والعلم، فما منهم صنف إلا يُقْبِلُ عليهم بما يشاؤون. وكان كثيرا ما يجعل أيامه يوما للفقه، ويوما للتأويل، ويوما للمغازي، ويوما للشعر، ويوما لوقائع العرب. وكان عمر إذا أعضلت عليه قضية دعا ابن عباس وقال له: أنت لها ولأمثالها، ثم يأخذ بقوله ولا يدعو لذلك أحدا سواه.

وكان آية في الحفظ، أنشده ابن أبي ربيعة قصيدته التي مطلعها: " أمن آل نعم أنت غاد فمبكر " فحفظها في مرة واحدة، وهي ثمانون بيتا، وكان إذا سمع النوادب سد أذنيه بأصابعه، مخافة أن يحفظ أقوالهن. ولحسان بن ثابت شعر في وصفه وذكر فضائله. وينسب إليه كتاب في " تفسير القرآن - ط " جمعه بعض أهل العلم من مرويات المفسرين عنه في كل آية فجاء تفسيرا حسنا. وأخباره كثيرة." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

وقال المصنف الإمام النووي _رحمه الله_ :

"والآيات في فَضْلِ التَّوَكُّل كثيرةٌ مَعْرُوفَةٌ. وأما الأحاديث :

 

[74] فالأول : عن ابن عباس _رضي الله عنهما_، قَالَ :

قَالَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - : «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ،

 

وفي القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 109) للعثيمين :

"عرض الأمم عليه - عليه الصلاة والسلام -؛ وهذا له فائدتان:

الفائدة الأولى: تسلية الرسول عليه الصلاة والسلام، حيث رأى من الأنبياء من ليس معه إلا الرجل والرجلان، ومن الأنبياء من ليس معه أحد; فيتسلى بذلك عليه الصلاة والسلام، ويقول: {مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9] .

الفائدة الثانية: بيان فضيلته _عليه الصلاة والسلام_ وشَرَفِهِ، حيث كان أكثرهم أتباعًا وأفضْلَهم، فصار في عرض الأمم عليه هاتان الفائدتان." اهـ

 

فَرَأيْتُ النَّبيّ ومَعَهُ الرُّهَيطُ،

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 245):

"قَوْله : (وَمَعَهُمْ الرَّهْط) وَهُوَ من الرِّجَال مَا دون الْعشْرَة. وَقيل: إِلَى الْأَرْبَعين، وَلَا يكون فيهم امْرَأَة وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَيجمع على أرهط وأرهاط، وأراهط جمع الْجمع.

 

والنبي وَمَعَهُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلانِ، والنبيَّ ولَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِذْ رُفِعَ لي سَوَادٌ عَظيمٌ،

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (15/ 308) : "قَوْله: (سواداً) ، وَهُوَ الَّذِي يعبر بِهِ عَن الْجَمَاعَة الْكَثِيرَة." اهـ

 

وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/ 607) للقاضي عياض :

"وقوله: (سوادٌ عظيمةٌ) : أى أشخاص، وكل شخص سواد، ومنه قولهم: لا يفارقُ سوادى سوادَك." اهـ

 

وفي المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (3/ 89) لأبي العباس القرطبي : "وقوله : (فإذا سواد عظيم) يعني به. أشخاصًا كثيرةً ، ويجمع أَسْوِدَة ، وقد تقدّم ." اهـ

 

فَظَنَنْتُ أَنَّهُمْ أُمَّتِي فقيلَ لِي: هَذَا مُوسَى وَقَومُهُ،

ولكنِ انْظُرْ إِلَى الأُفُقِ،

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (15/ 308): "والأفق (بالضمتين) وَاحِد آفَاق السَّمَاء وَالْأَرْض، وَهِي: نواحيهما. وَقَالَ ابْن الْأَثِير: "وَيجوز أَن يكون الْأُفق وَاحِدًا وجمعاً: كالفلك." اهـ

 

فَنَظَرتُ فَإِذا سَوادٌ عَظِيمٌ،

فقيلَ لي: "انْظُرْ إِلَى الأفُقِ الآخَرِ"، فَإِذَا سَوَادٌ عَظيمٌ، فقيلَ لِي: "هذِهِ أُمَّتُكَ وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفاً يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ".

ثُمَّ نَهَضَ فَدخَلَ مَنْزِلَهُ فَخَاضَ النَّاسُ في أُولئكَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ولا عَذَابٍ،

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 245)

قيل: هَل يدْخلُونَ وَإِن كَانُوا أَصْحَاب معاصي ومظالم؟ وَأجِيب: بِأَن الَّذين كَانُوا بِهَذِهِ الْأَوْصَاف الْأَرْبَعَة لَا يكونُونَ إلاَّ عُدُولًا مطهرين من الذُّنُوب، أَو ببركة هَذِه الصِّفَات يغْفر الله لَهُم وَيَعْفُو عَنْهُم." اهـ

 

* فَقَالَ بَعْضُهُمْ : فَلَعَلَّهُمْ الَّذينَ صَحِبوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -،

* وَقالَ بعْضُهُمْ: فَلَعَلَّهُمْ الَّذِينَ وُلِدُوا في الإِسْلامِ فَلَمْ يُشْرِكُوا بِالله شَيئاً".

* وذَكَرُوا أشيَاءَ.

فَخَرجَ عَلَيْهِمْ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ : «مَا الَّذِي تَخُوضُونَ فِيهِ؟»

فَأَخْبَرُوهُ فقالَ : «هُمُ الَّذِينَ لا يَرْقُونَ، وَلا يَسْتَرقُونَ،

 

وفي "الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم" (5/ 151) للأرمي :

"وفي هامش بعض المتون: قوله (لا يرقون) لم يُرَ في روايات البخاري ولم ير في المصابيح ولا في المشارق اهـ

 

وفي "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" (ص: 130) لابن القيم :

"وليس عند البخاري (لا يرقون)

قال شيخنا: وهو الصواب وهذه اللفظة وقعت مقحمة في الحديث وهي غلَطٌ من بعض الرواة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الوصف الذي يستحق به هؤلاء دخول الجنة بغير حساب هو تحقيق التوحيد وتجريده فلا يسألون غيرهم أن يرقيهم ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون والطيرة نوع من الشرك ويتوكلون على الله وحده لا على غيره وتركهم الاسترقاء والتطير هو من تمام التوكل على الله." اهـ

 

وفي "شرح رياض الصالحين" (1/ 549_550) للعثيمين :

"هذا لفظ مسلم، وفيه: (لا يرقون).

والمؤلف رحمه الله قال: إنه متفق عليه، وكان ينبغي أن يبين أن هذا اللفظ لفظُ مسلمٍ فقط، دون رواية البخاري، وذلك إن قوله: (لا يرقون)___كلمة غير صحيحة،

ولا تصح عن النبي علبه الصلاة والسلام، لان معني (لا يرقون)، أي: لا يقرؤون علي المرضي، وهذا باطل، فان الرسول _عليه الصلاة والسلام_ كان يرقي المرضي.

وأيضا القراءة علي المرضي إحسانٌ، فكيف يكون انتفاؤها سببا لدخول الجنة بغير حساب ولا عذاب.

فالمهم إن هذه اللفظة لفظة شاذة، وخطأٌ لا يجوز اعتمادها، والصواب: (هم الذين لا يسترقون) أي: لا يطلبون من أحد إن يقرأ عليهم، إذا أصابهم شئ، لانهم معتمدون علي الله، ولان الطلب فيه شئ من الذل، لأنه سؤال الغير، فربما تحرجه ولا يريد أن يقرأ، وربما إذا قرأ عليك لا يبرأ المرض فتتهمه، وما أشبه ذلك، لهذا قال: (لا يسترقون...)" اهـ

 

وفي الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 151) للأرمي : : "(ولا يسترقون) أي ولا يطلبون الرقية لأنفسهم ولا لغيرهم." اهـ

وفي شرح رياض الصالحين (1/ 553) للعثيمين :

"والذين يقرؤون علي الناس محسنون، ولكن الكلام علي الذين يسترقون، أي يطلبون من يقرا عليهم، او___يكتوون، أي: من يطلبون من يكويهم، والله الموفق." اهـ

 

وَلا يَتَطَيَّرُونَ؛

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (21/ 245) :

"قَوْله: (وَلَا يَتَطَيَّرُونَ) أَي: لَا يتشاءمون بالطيور وَنَحْوهَا كَمَا كَانَت عَادَتهم قبل الْإِسْلَام، والطيرة مَا يكون فِي الشَّرّ والفأل مَا يكون فِي الْخَيْر، وَكَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يحب الفأل." اهـ

 

وعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوكَّلُون»

 

وفي شرح رياض الصالحين (1/ 551) للعثيمين :

"أما قوله: (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) فمعناه: انهم يعتمدون علي الله وحده في كل شئ، لا يعتقدون علي غيره، لأنه جل وعلا قال في كتابه: (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (الطلاق: من الآية3) ، ومن كان الله حسبه فقد كفي كل شئ." اهـ

 

وفي رواية البخاري (5752) : "فَقَالَ: هُمُ الذِينَ لَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَسْتَرْقونَ وَلَا يَكْتَوُونَ وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكلُون".

 

وفي شرح رياض الصالحين (1/ 550) للعثيمين :

"قوله : (ولا يكتوون) يعني: لا يطلبون من أحد أن يكويهم إذا مرضوا، لان الكي عذاب بالنار، لا يلجا إليه إلا عند الحاجة." اهـ

 

وفي "تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد" (ص: 83)

قوله: "ولا يكتوون"، أي: لا يسألون غيرهم أن يكويهم، كما لا يسألون غيرهم أن يرقيهم استسلامًا للقضاء وتلذذًا بالبلاء.

أما الكي في نفسه، فجائز كما في " الصحيح " عن جابر بن عبد الله: "أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إلى أبي بن كعب طبيبًا، فقطع له عرقًا وكواه" [صحيح مسلم (4/ 1730/ 73 - (رقم: 2207)].

وفي " صحيح البخاري " عن أنس: "أنه كوي من ذات الجنب والنبي _صلى الله عليه وسلم_ حي"

 

فقامَ عُكَّاشَةُ بنُ محصنٍ، فَقَالَ: "ادْعُ الله أنْ يَجْعَلني مِنْهُمْ"،

فَقَالَ: «أنْتَ مِنْهُمْ» .

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 307) :

"عُكَّاشَةُ بنُ مِحْصَنٍ أَبُو مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ: السَّعِيْدُ الشَّهِيْدُ، أَبُو مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ، حَلِيْفُ قُرَيْشٍ، مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، البَدْرِيِّيْنَ، أَهْلِ الجَنَّةِ. اسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى سَرِيَّةِ الغَمْرِ، فَلَمْ يَلْقَوْا كَيْداً...

تُوُفِّيَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعُكَّاشَةُ ابْنُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِيْنَ سَنَةً. قَالَ: وَقُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِسَنَةٍ بِبُزَاخَةَ، فِي خِلاَفَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، سَنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ. وَكَانَ مِنْ أَجْمَلِ الرِّجَالِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-." اهـ

 

وفي تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص: 86) :

"ومناقبه مشهورة استشهد في قتال أهل الردة مع خالد بن الوليد، بيدي طليحة الأسدي سنةَ اثنتي عشرة، ثم أسلم طليحة بعد ذلك." اهـ

 

ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ آخَرُ

 

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3316) للقاري :

"وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: قِيلَ: إِنَّ الرَّجُلَ الثَّانِيَ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ تِلْكَ الْمَنْزِلَةَ، وَلَا كَانَ بِصِفَةِ أَهْلِهَا بِخِلَافِ عُكَّاشَةَ. وَفِي شَرْحِ الطِّيبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، قَالَ الشَّيْخُ: وَقَدْ ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِهِ فِي الْأَسْمَاءِ الْمُبْهَمَةِ: أَنَّهُ يُقَالُ: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ هُوَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَإِنْ صَحَّ هَذَا بَطَلَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُنَافِقٌ." اهـ

 

فَقَالَ : "ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلنِي مِنْهُمْ"، فَقَالَ : «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

تنبيه:

 

وفي رواية الترمذي في سننه (4/ 631) (رقم : 2446):

عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:

"لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَمُرُّ بِالنَّبِيِّ وَالنَّبِيَّيْنِ وَمَعَهُمُ القَوْمُ، وَالنَّبِيِّ وَالنَّبِيَّيْنِ وَمَعَهُمُ الرَّهْطُ، وَالنَّبِيِّ وَالنَّبِيَّيْنِ وَلَيْسَ مَعَهُمْ أَحَدٌ حَتَّى مَرَّ بِسَوَادٍ عَظِيمٍ، فَقُلْتُ: «مَنْ هَذَا»؟

قِيلَ: مُوسَى وَقَوْمُهُ وَلَكَنِ ارْفَعْ رَأْسَكَ فَانْظُرْ. قَالَ: «فَإِذَا هُوَ سَوَادٌ عَظِيمٌ قَدْ سَدَّ الأُفُقَ مِنْ ذَا الجَانِبِ وَمِنْ ذَا الجَانِبِ، فَقِيلَ هَؤُلَاءِ أُمَّتُكَ وَسِوَى هَؤُلَاءِ مِنْ أُمَّتِكَ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ»،

فَدَخَلَ وَلَمْ يَسْأَلُوهُ وَلَمْ يُفَسِّرْ لَهُمْ، فَقَالُوا: نَحْنُ هُمْ،

وَقَالَ قَائِلُونَ: هُمْ أَبْنَاءُ الَّذِينَ وُلِدُوا عَلَى الفِطْرَةِ وَالإِسْلَامِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هُمُ الَّذِينَ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ» فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، ثُمَّ قَامَ آخَرُ فَقَالَ: أَنَا مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ» وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن الترمذي.

 

وقال الأرمي الشافعي في الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 150) معلقا على رواية الترمذي : "وهذا نص في أن العرض في ليلة الإسراء والله أعلم." اهـ

 

إلا أن الحديث ضعيف لشذوذه، فإنه يقتضي أن يكون الإسراء مرتين.

 

وفي "الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها" (ص: 84_85):

"وهذا إسناد صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي حصين هذا وهو ثقة إلا أنه يبدو أنه وهم هو أو شيخه عبثر في ذكر الإسراء في هذا الحديث فقد رواه جمع من الثقات عن حصين بن عبد الرحمن به دون الإسراء.

أخرجه البخاري 3410 و 5705 و 5752 و 6472 و 6541 ومسلم 374 و 375 وأحمد 1/271.

وقد أشار الحافظ إلى شذوذ هذه الزيادة فقد ذكره بها من رواية الترمذي والنسائي ثم قال: "فإن كان ذلك محفوظا، كانت فيه قوة لمن ذهب إلى تعدد الإسراء وأنه وقع بالمدينة أيضا غير الذي وقع بمكة فقد وقع عند أحمد والبزار بسند صحيح قال:

أكرينا الحديث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذات ليلة] ثم غدونا إليه فقال: "عرضت علي الأنبياء الليلة بأممها فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة والنبي ومعه العصابة..". فذكر الحديث".

 

وفي مسند أبي داود الطيالسي (1/ 275) (رقم: 350) - حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

" أُرِيتُ الْأُمَمَ بِالْمَوْسِمِ فَرَأَيْتُ أُمَّتِي قَدْ مَلَئُوا السَّهْلَ وَالْجَبَلَ فَأَعْجَبَنِي كَثْرَتُهُمْ وَهَيْأَتُهُمْ فَقِيلَ لِي: أَرَضِيتَ؟ قُلْتُ: «نَعَمْ» ،

قَالَ: وَمَعَ هَؤُلَاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ لَا يَكْتَوُونَ وَلَا يَتَطَيَّرُونَ وَلَا يَسْتَرْقُونَ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ "،

فَقَامَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الْأَسَدِيُّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ»، فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ»

 

وقال الألباني في "الإسراء والمعراج وذكر أحاديثهما وتخريجها وبيان صحيحها" (ص: 86):

"قلت: وإسناده حسن وهو صريح أن العرض لم يكن ليلة الإسراء وإنما في موسم الحج والجمع الذي ذهب إليه الحافظ جيد لو كانت تلك الزيادة محفوظة أما وهي شاذة فلا داعي حينئذ للجمع. والله أعلم." اهـ

 

تنبيه:

 

صحيح البخاري (7/ 146) (رقم: 5811)، وصحيح مسلم (1/ 197/ 369) (رقم: 216):

أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ هِيَ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ»

فَقَامَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ الأَسَدِيُّ، يَرْفَعُ نَمِرَةً عَلَيْهِ، قَالَ: ادْعُ اللَّهَ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ» ثُمَّ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «سَبَقَكَ عُكَاشَةُ»

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في صحيحه (8/ 112) (رقم : 6541)، ومسلم في صحيحه (1/ 199) (رقم : 220)، والترمذي في سننه (4/ 631) (رقم : 2446)، وأحمد في مسنده (4/ 261) (رقم : 2448)، وأبو عوانة في المستخرج، ط. الجامعة الإسلامية (1/ 484) (رقم : 311)، وغيرهم.

 

من فوائد الحديث :

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (5/ 502_503)

في فوائده:

1 - (منها): بيان أن زُمرةً من هذه الأمة يدخلون الجنّة بغير حساب.

2 - (ومنها): بيان كرامة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على ربِّه - عَزَّ وَجَلَّ - حيث تفضّل الله تعالى على هذه الزمرة من أمته، فأدخلها الجنّة بغير حساب، {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113].

3 - (ومنها): بيان فضل هذه الأمة ببركة نبيّها - صلى الله عليه وسلم - حيث يدخل عدد كثير منهم الجَنَّة من غير أن يحاسبوا، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة: 54].

4 - (ومنها): أن فيه إثباتَ الحساب في الآخرة على الأعمال.

5 - (ومنها): أن جلّ الأمة يحاسبون على أعمالهم، وهذا الحساب ينقسم إلى قسمين: حساب عَرْضٍ، وحساب مناقشة، كما أخبر الله تعالى بذلك، حيث قال: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9) وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا (11) وَيَصْلَى سَعِيرًا (12)} [الانشقاق: 7 - 12].

وأخرج الشيخان عن عائشة - رضي الله عنهما -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلَّا هَلَك"، فقلت: يا رسول الله، أليس قد قال الله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)} [الانشقاق: 8]؟ ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما ذلكِ العرضُ، وليس أحد يُناقَش الحسابَ يوم القيامة إلَّا عُذِّب".

6 - (ومنها): حسن تلطّف النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وكريم أخلاقه، حيث لَمْ يقل للرجل الآخر: إنك لست منهم، بل أجمل الجواب، فقال: "سبق بها عكاشة"؛ لئلا ينكسر قلبه، فهذا مصداق قوله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم: 4].

7 - (ومنها): ما كان عليه الصحابة - رضي الله عنهم - من حبّهم المنافسة في الخير، وحرصهم على الوصول إليه، فقد قال عكاشة - رضي الله عنهم - للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا سمع هذا الخبر العظيم: "ادع الله أن يجعلني منهم".

8 - (ومنها): أنه يؤخذ من قوله: "تضيء وجوههم ... إلخ"، أن أنوار أهل الجَنَّة تتفاوت بحسب درجاتهم، وكذا صفاتهم في الجمال ونحوه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (24/ 66)

قَالَ أَبُو عُمَرَ :

مَعْنَاهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ مَا تَوَكَّلَ حَقَّ التَّوَكُّلِ مَنِ اسْتَرْقَى أَوِ اكْتَوَى لِأَنَّ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ تَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ وَعِلْمًا بِأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهُ وَأَنَّ أَيَّامَ الصِّحَّةِ لَا سَقَمَ فِيهَا كَانَ أَفْضَلَ مَنْزِلَةً وَأَعْلَى دَرَجَةً وَأَكْمَلَ يقين وتوكل وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ مِنَ الْكَيِّ هُوَ مَا يَكُونُ مِنْهُ قَبْلَ نُزُولِ الْبَلَاءِ حِفْظًا لِلصِّحَّةِ وَأَمَّا بَعْدَ نُزُولِ مَا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْكَيِّ فَلَا." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (3/ 65) لابن هبيرة :

* وفيه من الفقه أن الرقية جائزة وتركها توكلاً على الله تعالى أفضل منها، وكذلك الكي فإنه جائز وتركه أحسن، وأما الطيرة فلا تحل بحال.

* وأما قوله: (هذه أمتك ومعهم سبعون ألفًا) فإنه يدل على أن السبعين ألفًا غير الذين رآهم، فكأن السبعين ألفًا لم يحضروا الموقف إذ لا حساب عليهم.

* وأما التداوي فليس في هذا الحديث أنهم لا يتداوون، وإنما قال: (لا يكتوون) أي لا يبلغ بهم التنطع في التداوي إلى الكي، وهو آخر الأدوية، على كونه - على ما يرى الأطباء - لا يفيد طائلاً، وأما التداوي بالعسل والحجامة وغير ذلك مما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أذن فيه، فإنه لا يقدح في توكل الإنسان، بل ربما كان فضيلة يفضل فعله تركه بالنية فيه؛ من أجل أن معرفة الطب باب واسع من أبواب معرفة الله تعالى بالاستدلال عليه بما في تركيب الآدمي ومنافع الأدوية ومقاديرها وغير ذلك، فلا يشرع في سد باب من أبواب معرفة الله عز وجل." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 72) لفيصل بن عبد العزيز الحريملي النجدي :

"قوله: «لا يرقون ولا يسترقون» ، أي: لا يرقون غيرهم بالرقية المكروهة ولا يطلبون من الغير أن يرقاهم توكُّلاً على الله.

فالرقية مباحة ولا كراهة فيها إذا كانت بالقرآن أو الأدعية المعروفة. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا» .

قال القرطبي : الرقى والاسترقاء: ما كان منه برقى الجاهلية أو بما لا يُعرف فواجب اجتنابه على سائر المسلمين." اهـ

 

وفي القول المفيد على كتاب التوحيد (1/ 103) للعثيمين :

"وهنا استرقى; أي: طلب الرقية، أي لا يطلبون من أحد أن يقرأ عليهم; لما يلي:

1 - لقوة اعتمادهم على الله.

2 - لعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله.

3 - ولما في ذلك من التعلق بغير الله." اهـ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 309) للزيداني :

"وهذا تحريض للناس على المسارعة في الخيرات، وطلبِ الأدعية الصالحة من الصلحاء؛ لأن للتأخير موانع." اهـ[1]

 

فيض الباري على صحيح البخاري (6/ 49) لأنوار الكشميري :

واعلم أنَّ الكيَّ وإن كان نافعًا، إلا أن الشرع قد نهى عنه، فخرج منه أنه لا تعارضَ بين كون الشيء نافعًا، ومنهيًا عنه وبعبارة أخرى أن النهي عن الشيء لا يُوجب أن لا يكون في المنهى عنه فائدة. وهذا كالخمر، فإن القرآنَ قد نهى عنها، مع إقراره بالمنافع فيها." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 548) للعثيمين :

"إن الأنبياء_ عليهم الصلاة والسلام_ ليسوا كلهم قد أطاعهم قوهم، بل بعضهم لم يطعه أحد من قومهم، وبعضهم أطاعه الرهط، وبعضهم أطاعه الرجل والرجلان،

وانظر إن نوحا عليه الصلاة والسلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يذكرهم بالله، ويدعوهم إلى الله،

قال الله تعالى : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) (هود: من الآية40)،

كل هذه المدة ولم يلق منهم قبولا، بل ولا سلم من شرهم، قال نوح: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً) (نوح: 7)،

وكانوا يمرون به ويسخرون منه." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 549)

فالرسول صلي الله عليه وسلم اكثر الأنبياء تابعا، لأنه منذ بعث إلى يوم القيامة والناس يتبعونه، صلوات الله وسلامه عليه، فكان اكثر الأنبياء تابعا، قد ملا اتباعه ما بين الأفقين.

 

شرح رياض الصالحين (1/ 550_551)

والطيرة محرمة، لا يجوز لاحد إن يتطير لا بطيور، ولا بأيام، ولا بشهور، ولا بغيرها، وتطير العرب فيما سبق بشهر شوال إذا تزوج الإنسان فيه، ويقولون: إن الإنسان إذا تزوج في شهر شوال لم يوفق، فكانت____عائشة رضي الله عنها تقول: ((سبحان الله، إن النبي صلي الله عليه وسلم تزوجها في شوال، ودخل بها في شوال، وكانت احب نسائه إليه)) كيف يقال إن الذي يتزوج في شوال لا يوفق. وكانوا يتشاءمون بيوم الأربعاء، ويوم الأربعاء يوم كأيام الأسبوع ليس فيه تشاؤم. وكان بعضهم يتشاءم بالوجوه، إذا راء وجها ينكره تشاءم، حتى إن بعضهم إذا فتح دكانه، وكان أول من يأتيه رجل اعور أو اعمي، اغلق دكانه،

وقال اليوم لا رزق فيه. والتشاؤم، كما انه شرك اصغر، فهو حسرة علي الإنسان، فيتألم من كل شئ يراه، لكن لو اعتمد علي الله وترك هذه الخرافات، لسلم، ولصار عيشه صافيا سعيدا.

 

شرح رياض الصالحين (1/ 551) :

"هذا الحديث العظيم فيه صفات من يدخل الجنة بلا حساب ولا عذاب. فهذه أربع صفات : لا يسترقون، ولا يكتوون، ولا يتطيرون، وعلي ربهم يتوكلون. والشاهد للباب قوله : (وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ)." اهـ

 

الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم (5/ 151) للأُرَمِيِّ :

"وفي هذا إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع على جهة الاستفادة وإظهار الحق." اهـ

 

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص: 80) لسليمان بن عبد الله آل الشيخ :

"فيه أن الأنبياء متفاوتون في عدد أتباعهم، وأن بعضهم لا يتبعه أحد، وفيه الرد على من احتج بالأكثر، وزعم أن الحق محصور فيهم، وليس كذلك، بل الواجب اتباع الكتاب والسنة مع من كان وأين كان." اهـ

 

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص: 82) :

"وفيه عمق علم السلف لمعرفتهم أنهم لم ينالوا ذلك إلا بعملٍ، وفيه حرصهم على الخير." اهـ

 

زاد المعاد في هدي خير العباد (4/ 60)

فَقَدْ تَضَمَّنَتْ أَحَادِيثُ الْكَيِّ أَرْبَعَةَ أَنْوَاعٍ، أَحَدُهَا: فِعْلُهُ. وَالثَّانِي: عَدَمُ مَحَبَّتِهِ لَهُ. وَالثَّالِثُ: الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَرَكَهُ. وَالرَّابِعُ: النَّهْيُ عَنْهُ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهَا بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ فِعْلَهُ يَدُلُّ عَلَى جِوَازِهِ، وَعَدَمُ مَحَبَّتِهِ لَهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ. وَأَمَّا الثَّنَاءُ عَلَى تَارِكِهِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَرْكَهُ أَوْلَى وَأَفْضَلُ. وَأَمَّا النَّهْيُ عَنْهُ فَعَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ وَالْكَرَاهَةِ أَوْ عَنِ النَّوْعِ الَّذِي لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، بَلْ يُفْعَلُ خَوْفًا مِنْ حُدُوثِ الدَّاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص: 84)

قوله: "وعلى ربهم يتوكلون"1. ذكر الأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال وهو التوكل على الله، وصدق الالتجاء إليه، والاعتماد بالقلب عليه الذي هو خلاصة التفريد، ونهاية تحقيق التوحيد الذي يثمر كل مقام شريف من المحبة والخوف والرجاء، والرضى به ربًا وإلهًا، والرضى بقضائه، بل ربما أوصل العبد إلى التلذذ بالبلاء، وعده من النعماء، فسبحان من يتفضل على من يشاء بما يشاء، {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ، [البقرة، من الآية: 105] .

 

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص: 84)

واعلم أن الحديث لا يدل على أنهم لا يباشرون الأسباب أصلاً كما يظنه الجهلة، فإن مباشرة الأسباب في الجملة أمر فطري ضروري لا انفكاك لأحد عنه حتى الحيوان البهيم، بل نفس التوكل مباشرة لأعظم الأسباب كما قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 2، أي: كافيه إنما المراد أنهم يتركون الأمور المكروهة مع حاجتهم إليها توكلاً على الله، كالاسترقاء والاكتواء فتركهم له ليس لكونه سببا لكن لكونه سببا مكروهًا، لاسيما والمريض ـ يتشبث بما يظنه سببًا لشفائه ـ بخيط العنكبوت أما نفس مباشرة الأسباب، والتداوي على وجه لا كراهية فيه، فغير قادح في التوكل، فلا يكون تركه مشروعًا،

في " الصحيحين " : عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء".

 

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد (ص: 87) :

"وفيه استعمال المعاريض وحسن خلقه صلى الله عليه وسلم." اهـ

 

الملخص في شرح كتاب التوحيد (ص: 41) للفوزان :

1- فضيلة تحقيق التوحيد وثوابه.

2- إباحة المناظرة في العلم والمباحثة في نصوص الشرع للاستفادة وإظهار الحق.

3- عمق علم السلف لمعرفتهم أن المذكورين في الحديث لم ينالوا هذه المنزلة إلا بعمل.

4- حرص السلف على الخير والمنافسة على الأعمال الصالحة.

5- أن ترك الرقية والكي من تحقيق التوحيد.

6- طلب الدعاء من الفاضل في حياته.

7- علَم من أعلام نبوته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث أخبر أن عكاشة من السبعين الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب فقُتل شهيداً في حروب الردة رضي الله عنه.

8- فضيلة عكاشة بن محصن رضي الله عنه.

9- استعمال المعاريض وحسن خلقه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حيث لم يقل -للرجل الآخر- لست منهم.

10- سد الذرائع لئلا يقوم من ليس أهلاً فيُردُّ، والله أعلم.

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 85) للفوزان :

فهذا فيه دليل على أنه لا يُحتج بالكثرة، وإنما يُحتج بمن كان على الحق، ومعه الدليل، ولو كانوا قليلين، ولو كان شخصاً واحداً، فمن كان على الحق، ومعه دليل من كتاب الله وسنّة رسوله، فهذا هو الذي يُؤخذ بقوله ويُقتدى به، أما من خالف___وعلا : {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) } ،

فالكثرة ليست هي الضابط في إصابة الحق، ولا يُغتر بها، فربما تكون الكثرة على الباطل، إنما إذا اجتمع الكثرة مع إصابة الحق، فهذا طيّب، أما إذا كانت كثرة بدون حق فلا،

ولا يُزَهِّدُنا في الحق قلّة أتباعه، لأن بعض الناس اليوم إذا نُبّه على خطأ يقول: هذا عليه أكثر الناس، إذا قلت له- مثلاً- عن تحريم تأويل الصفات، قال: تسعة أعشار العالم الإسلامي أشاعرة يئولون الصفات،

وهذا ليس عذراً أمام الله _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ ما دام تبيّن الحق، وأما أمر الناس فهو موكول إلى الله سبحانه، ويجب على المسلم أنه يتبع الحق، ولا يكابر بكثرة من خالفه أو جانبه، نبي من أنبياء الله ليس معه إلاَّ دون عشرة، ونبي من أنبياء الله ليس معه إلاَّ رجل أو رجلان، ونبي من أنبياء الله ليس معه أحد. نسأل الله أن يوفقنا وإيّاكم لقول الحق والعمل به، ومخالفة الهوى والنفس والشيطان." اهـ

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 86)

"فظننت أنهم أمتي" ظن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن هذا السواد العظيم هم أمته، لأنه أكثر الأنبياء أتباعاً، عليه الصلاة والسلام.

"فقيل لي: هذا موسى وقومه" هذا فيه فضل موسى عليه السلام، كليم الله، وأنه اتبعه من قومه خَلْق كثير، آمنوا به واتبعوه، فهو من أكثر الرسل أتباعاً بعد نبينا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفيه فضيلة لموسى عليه الصلاة والسلام.

فهذا يدل على أن موسى عليه السلام آمن به خَلْقٌ كثير من بني إسرائيل، وإنما حدث التحريف والكفر بعد موسى عليه السلام.

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 87)

فقوله: "خاض الناس في أولئك" يعني: بحثوا من هم، وهذا من حرص الصحابة رضي الله عنهم على الخير، واهتمامهم بأمور الآخرة، لأنهم لا يهتمُّون بأمور الدنيا، وإنما يهتمُّون بأمور الآخرة، بخلاف أهل الدنيا، إذا سمعوا بتجارة صاروا يتحدثون عنها ولا يهمهم أمر الآخرة.

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 88)

فيه فضل من سَلِم من الشرك، بحيث إن الصحابة توقَّعوا أنهم هم الذين يدخلون الجنة بلا حساب ولا عذاب، ففيه فضل من سَلِم من الشرك، ولكن من وقع في الشرك ثم تاب تاب الله عليه، وصار من أفضل المسلمين لأن التوبة تَجُبُّ ما قبلها،

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 88)

وهذا- أيضاً- يدل على المحافظة على الأولاد، والمحافظة على فطرتهم. ويدل على وجوب التربية على الإسلام، والتربية على التّوحيد، وتصحيح العقيدة، لأن بعض الناس اليوم لا تهمهم العقيدة، ويقولون العقيدة أمرها سهل، والناس أحرار في عقائدهم، ولا يهتمون بأمر الشرك، ويقولون هذه اجتهادات، ولا يهتمون بالدعوة إلى التّوحيد، والتحذير من الشرك، وتصحيح العقائد.

 

إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (1/ 91_92)

فهذا حديث عظيم دلَّ على مسائل:

أولاً: دلَّ على جواز الرُّقية من العين ومن الحُمة وغيرهما، لأنه فعله حُصين بن عبد الرحمن، واستدل بحديث الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثانياً: في الحديث دليل على فضل موسى عليه السلام وأمته الذين آمنوا به.

ثالثاً: فيه دليل على عدم الاحتجاج بالكثرة، وهذه مسألة مهمة.[2]

ورابعاً: فيه حرص الصحابة على مسائل العلم ومعرفتها، حيث خاضوا في طلب معنى هذا الحديث الذي ألقاه عليهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبحثوا فيه، قال الشيخ: فيه المناظرة في العلم.___

خامساً: في الحديث دليل على كراهية سؤال الناس: "لا يَسْتَرْقُون، ولايُكْتَوُون"، ففيه كراهيّة سؤال الناس، وأن سؤال الناس فيه تنقيص للتوحيد، أما الاستغناء عنهم فهذا فيه كمال للتّوحيد، وهو من تحقيق التّوحيد.

سادساً: الحديث دليل على جواز العلاج بالكَيْ، مع الكراهة بشرط أن يكون المعالج به من أهل المعرفة، الذي يعرفون موضع الألم وموضع الكَيْ، ومقدار الكَيْ، وفيه دليل على أن الإصابة بالعين حق، وأنها تُعالج بالرُّقية، وتعالج بما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الاستغسال- أيضاً-.

سابعاً: فيه دليل على علم من أعلام نبوّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث أخبر أن عُكّاشة من السبعين الألف، وقد قُتل شهيداً في سبيل الله بعد ذلك.

ثامناً: وفيه دليل على استعمال المعاريض في الأمور التي يُكره مواجهة الناس بها، وحُسن خلقه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في تعامله مع أصحابه، وكذلك يجب أن يقتدي به أهل العلم وأهل الدعوة في مخاطبتهم للناس.

تاسعاً: وفيه دليل على طلب الدليل على المذهب، حيث إن سعيد بن جُبير طلب من حُصين بن عبد الرحمن الدليل على ما فعله من طلب الرقية فلما جاء بالدليل استحسنه، وقال له: "قد أحسن من انتهى إلى ما سمع".

عاشراً: وفيه دليل على ما تَرْجَم له المصنف، وهو الشاهد للباب أن من حقّق التّوحيد دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب، وأن تفسير ذلك بأن يترك الشرك الأكبر والأصغر، ويترك الأمور المكروهة، احتياطاً لعقيدته." اهـ

 

صحيح ابن حبان (14/ 339) لأبي حاتم البستي :

"ذِكْرُ عَرْضِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْأُمَمَ عَلَى الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ". اهـ

 



[1] وفي شرح المصابيح لابن الملك (5/ 434) : "وفيه: تحريض للناس على المسارعة إلى الخيرات وطلب الأدعية الصالحة من الصالحين والصالحات؛ لأن في التأخير آفاتٍ،." اهـ

[2] وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 755_756) للألباني :

"وفي الحديث دليل واضح على أن كثرة الأتباع وقلتهم، ليست معيارا لمعرفة كون الداعية على حق أو باطل، فهؤلاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مع كون دعوتهم واحدة، ودينهم واحدا، فقد اختلفوا من حيث عدد أتباعهم قلة وكثرة، حتى كان فيهم من لم يصدقه إلا رجل واحد، بل ومن ليس معه أحد!

ففي ذلك عبرة بالغة للداعية والمدعوين في هذا العصر، فالداعية عليه أن يتذكر هذه الحقيقة، ويمضي قدما في سبيل الدعوة إلى الله تعالى، ولا يبالي بقلة المستجيبين له، لأنه ليس عليه إلا البلاغ المبين، وله أسوة حسنة بالأنبياء السابقين___في الدعوة الحق وترك الإيمان بها، فضلا عن أن يتخذ ذلك دليلا على بطلان دعوته بحجة أنه لم يتبعه أحد، أو إنما اتبعه الأقلون! ولو كانت دعوته صادقة لاتبعه جماهير الناس! والله عز وجل يقول : {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]" اهـ.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين