شرح الحديث 144 من بَابُ فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ الْوَلَدُ - الأدب المفرد بشرح أبي فائزة البوجيسي

 

144 - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ طَلْقِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِصَبِيٍّ، فَقَالَتِ: "ادْعُ لَهُ، فَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: «احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ»

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ (ثقة ربما وهم: ت. 222 هـ):

عمر بن حفص بن غياث بن طلْقِ بْنِ معاويةَ النَّخَعِيُّ، أبو حفص الكوفي، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ م د ت س

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (ثقة فقيه تغير حفظه قليلا فى الآخر: ت. 194 أو 195 هـ):

حفص بن غياث بن طلق بن معاوية بن مالك بن الحارث النخعي، أبو عمر الكوفي (قاضيها، وولِيَ القضاء ببغداد أيضا)، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق،

 

* عَنْ طَلْقِ بْنِ مُعَاوِيَةَ (مقبول):

طلق بن معاوية النخعي، أبو غياث، الكوفي، (جد حفص بن غياث و طلق بن غنام)، من كبار التابعين، روى له:  بخ م س

 

وقال الذهبي في "الكاشف" (1/ 516) (رقم: 2489):

طلق بن معاوية جد الذي قبله عن شريح القاضي وأبي زرعة، وعنه حفيده حفص وجرير وشريك، ثقة مقل (م س)." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (41/ 229)

"هذا أولى من قوله في "التقريب": مقبول، لأنه روى عنه جماعة، ووثقه ابن حبّان،

والذهبيّ، وأخرج له مسلم، ولم يطعن فيه أحد، فهو ثقة، والله تعالى أعلم.

 

إكمال تهذيب الكمال (7/ 94)

ولما ذكره ابن خلفون في الثقات قال: كان والده معاوية بن الحارث بن ثعلبة ممن شهد القادسية وكان من أصحاب الخطط وكان عطاؤه ألفين.

 

تهذيب الكمال في أسماء الرجال (13/ 459):

ذكره ابنُ حِبَّان فِي كتاب "الثقات" [(6 / 491)]

 

الكنى والأسماء للإمام مسلم (2/ 668) (رقم: 2705):

أبو غياث: طلق بن معاوية النخعي سمع أبا زرعة بن عمرو، روى عنه الثوري وابن ابنه حفص بن غياث.

 

الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (4/ 491)

روى عنه الثوري وجرير وحفص بن غياث ومحمد بن جابر سمعت أبي يقول ذلك.

 

المؤتلف والمختلف للدارقطني (3/ 1697)

رَوَى عَنْه الثَّوْرِيّ , وحَفْص بن غِيَاث , وعبيدة بن حميد , وسليمان بن معاذ الضَّبِّي ,

 

* عَنْ أَبِي زُرْعَةَ (ثقة):

أبو زرعة بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلى الكوفي (قيل، اسمه هرم، وقيل: عمرو، وقيل: عبد الله، وقيل: عبد الرحمن، وقيل: جرير)، من الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (صحابي: ت. 57 هـ):

عبد الرحمن بن صخر الدوسي، أبو هريرة اليماني، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِصَبِيٍّ، فَقَالَتِ: "ادْعُ لَهُ، فَقَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، فَقَالَ: «احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ»

 

وفي رواية عند مسلم في "صحيحه" (4/ 2030):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:

جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنٍ لَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهُ يَشْتَكِي وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْهِ، قَدْ دَفَنْتُ ثَلَاثَةً، قَالَ: «لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ»

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 115):

"وقوله: (احتظرْتِ بحظار شديد من النار)، أي: امتنعْتِ مِنْهَا. والحظار كالحائط حول البساتين وغيرها، من عيدان وقضبان يصغر ويخطر بها عليها." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (16/ 183)

(لَقَدْ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ) أَيْ امْتَنَعْتِ بِمَانِعٍ وَثِيقٍ وَأَصْلُ الْحَظْرِ الْمَنْعُ وَأَصْلُ الْحِظَارِ بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِهَا مَا يُجْعَلُ حَوْلَ الْبُسْتَانِ وَغَيْرِهِ مِنْ قُضْبَانٍ وغيرها كالحائط

 

وقال القرطبيّ رحمه الله_ في "المفهم" (6/ 642):

"قوله: (لقد احتظرت بحظار شديد من النار)؛ أي: امتنعت. وأصل الحظر: المنع، والحظار: ما يُدار بالبستان من عِيدان، وقَصَب، سمّي بذلك؛ لأنه يمنع من يريد الدخول، والحظيرة، والمحظور منه. والحظار هنا: هو الحجاب المذكور في الحديث الآخر. انتهى

 

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 404)

والاحْتِظَار: فِعل الحِظَار، أَرَادَ لَقَدِ احْتَميت بِحِمًى عَظِيمٍ مِنَ النار يقِيك حرَّها ويُؤمِّنك دخولها.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 63) (رقم: 144 و 147)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2030/ 155_156) (رقم: 2636)، والنسائي في "سننه" (4/ 26) (رقم: 1877)، وفي "السنن الكبرى" (2/ 400) (رقم: 2012)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (3/ 36) (رقم: 11878)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1/ 213) (رقم: 169)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (2/ 419) (رقم: 9437)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (10/ 478) (رقم: 6091)، وتَمَّام الرازي في "فوائده" (2/ 39) (رقم: 1079)، وأبو عوانة في "المسند المستخرج" – ط. الجامعة الإسلامية (20/ 148 و 150) (رقم: 11500 و 11502)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 112) (رقم: 7141)، و"شعب الإيمان" (12/ 210) (رقم: 9290)، و"الآداب" (ص: 303) (رقم: 749)، والخطيب البغدادي في الكفاية في علم الرواية" (ص: 63)، شرف الدين الشافعي في "التسلي والاغتباط بثواب من تقدم من الأفراط" (ص: 34) (رقم: 15) كلهم من طريق حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ طَلْقِ بْنِ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وطلق _عند الحافظ_ مقبول، والمقبول من عداد الضعفاء،

 

إلا أن للحديث شواهد:

* الشاهد الأول: من حديث زهير بن علقمة

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (5/ 273) (رقم: 5307)[1]، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ، قَالَ:

"جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنٍ لَهَا مَاتَ، فَكَأَنَّ الْقَوْمَ عَنَّفُوهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ مَاتَ لِي اثْنَانِ مُذْ دَخَلْتُ الْإِسْلَامَ سِوَى هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«وَاللهِ لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ احْتِظَارًا شَدِيدًا»

وزهير هذا مختلف في صحبته، وعلى فرض إرساله، فهو صالح للاستشهاد به. وهذا الشاهد صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 444) (رقم: 2004).[2]

 

* الشاهد الثاني: عن أبي هريرة _رضي الله عنه_،

ثم وقفت على شاهد للحديث أخرجه أحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (2/ 536) (رقم: 10923):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ مِنْ وَلَدِ جَرِيرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ يذْكر، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:

"جَاءَتْ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِوَلَدٍ لَهَا مَرِيضٍ، يَدْعُو لَهُ بِالشِّفَاءِ وَالْعَافِيَةِ، فَقَالَتْ: "يَا رَسُولَ اللهِ، قَدْ مَاتَ لِي ثَلاَثَةٌ. قَالَ: (فِي الإِسْلاَمِ؟)، قَالَتْ: "فِي الإِسْلاَمِ"،

فَقَالَ: (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقَدِّمُ ثَلاَثَةً فِي الإِسْلاَمِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ يَحْتَسِبُهُمْ، إِلاَّ احْتَظَرَ بِحَظَرٍ مِنَ النَّارِ)."[3]

 

* الشاهد الثالث: عَنْ قَبِيصَة بْنِ بُرمَةَ الأَسَدِيِّ.

وهناك شاهد آخر أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" - بحواشي محمود خليل (7/ 174) (رقم: 783):

قال: عليّ بن أَبي هاشم، قال: حدَّثنا نُصَير بْن عُمَر بْن يَزِيد بْن قَبِيصَة بْنِ بُرمَة الأَسَدِيّ، قَالَ: حدَّثتني أُمي، عَنْ قَبِيصَة بْنِ بُرمَةَ الأَسَدِيِّ، قَالَ:

"كُنتُ عَندَ النَّبيِّ صَلى اللَّهُ عَلَيه وسَلم جالِسًا، إِذ أَتَتهُ امرَأَةٌ، فَقالت: يَا نَبِيَّ اللهِ، ادعُ اللهَ لِي، فَإِنَّهُ لَيسَ يَعِيشُ لِي ولَدٌ، قَالَ: فَكَم ماتَ؟ قَالَتْ: ثَلاَثَةُ بَنِينَ، قَالَ: لَقَدِ احتَظَرتِ مِنَ النّارِ بِحِظارٍ شَدِيدٍ. وأخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (4/ 2335) (رقم: 5741)

 

فالخلاصة: أن الحديث صحيح، صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 440) (رقم: 1994)، و"صحيح الأدب المفرد" (ص: 77) (رقم: 107).

 

من فوائد الحديث:

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 103_104):

* "في هذا الحديث من الفقه أن موت الولد الذي لم يبلغ الحنث مظنة انزعاج الإيمان إلا لمن ثبته الله بالقول الثابت من حيث إنه يراه طفلًا لم يأت من___المعاصي ما يكون ما ناله من المرض والموت جزاء لفعله، ولا بلغ به إلى حيث كان يؤمل من أمره، ولا تعي القلوب الضعيفة النظر ما المعنى في الإتيان به ثم أخذه من قبل بلوغ الأرب منه، فيلعب الشيطان به بعقول الآدميين عند مشاهدتهم تعذيب الأطفال، وموت من يموت منهم، فمن قوي إيمانه رأى أن الله جل جلاله في ذلك أسرارًا وحكمًا.

منها: أنه جل جلاله يخلق من خلقه أطفالًا لا تقدر أعمارهم إلى مدة معلومة من الصغر ليكون الموت محذورًا أبدًا، فلا يأمنه أحد في حال.

ومنها: أن عمل الوالد قد لا يبلغ إلى المقام المؤهل له في الآخرة فيتممه الله تعالى بأن يموت له من الولد الذي لم يبلغ الحنث من يموت مؤمن عند موته بالله سبحانه وتعالى، ويثبت لهذا الامتحان؛ فيكون ذلك مما يبلغه تلك المرتبة، ويقيه من عذاب النار.

* ومن ذلك: أن من الولد من لو بقي لأرهق أبويه طغياناً وكفراً؛ فيكون الله عز وجل قد من على العبد بأن أخرج ولده ذلك إلى الدنيا ثم أماته قبل أن يبلغه أن يرهق أبويه، فقلب سبحانه وتعالى ذلك الإرهاق للوالدين أجرًا ممن ثبت إيمانه بهذه الأحوال كان له في ذلك الأجر؛ ولأن الناس يحتاجون في القيامة إلى فراط يسبقونهم إلى الورود ويأتونهم بالماء يوم العطش الأكبر، فقدم الأطفال لذلك، وأما الولد الكبير فإنه بعد البلوغ يثبت له وعليه؛ فإذا ناله المرض وأدى إلى الموت كان في المعنى في حكمة أبيه، ولكل حميم يفقد حميمًا إذا صبر عليه ثواب." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (16/ 183)

وفي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ، وَقَدْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ فِيهِمْ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ

وَقَالَ الْمَازِرِيُّ أَمَّا أَوْلَادُ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ، فَالْإِجْمَاعُ مُتَحَقِّقٌ عَلَى أَنَّهُمْ في الجنة واما أَطْفَالُ مَنْ سِوَاهُمْ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ.

فَجَمَاهِيرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَطْعِ لَهُمْ بِالْجَنَّةِ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْإِجْمَاعَ فِي كَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَطْعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى_: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطور: 21]،

وَتَوَقَّفَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينِ فِيهَا، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لَهُمْ كَالْمُكَلَّفِينَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

وقال محمد بن محمد بن محمد، شمس الدين الْمَنْبِجِيُّ (المتوفى: 785 هـ) _رحمه الله_ في "تسلية أهل المصائب" (ص: 65_66):

"وفي هذه الأحاديث: دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة.

وقد نقل جماعة من العلماء إجماع المسلمين على ذلك.

قال الماوردي: أما أولاد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فالإجماع محقق في الأطفال على أنهم بالجنة. وأما أطفال من سواهم من المسلمين فجماهير العلماء على القطع لهم بالجنة.

قالوا: ويدل عليه قوله تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} وتوقف بعض المتكلمين منهم وأشار أنه لا يقطع لهم كالمكلفين، وهو خطأ.

ولكنهم مستندون إلى «حديث عائشة _رضي الله عنها_ في الصحيح:

"توفي صبي من الأنصار، فقالت عائشة: طوبى له عصفور من عصافير الجنة، لم يعمل السوء ولم يدركه." فقال: «أو غير ذلك يا عائشة، إن الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم» .

وفي___الحديث الآخر: «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع يوم القيامة كافراً» أجاب العلماء عن ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم: إنما نهى عائشة عن المسارعة إلى القطع، من غير أن يكون عندها دليل قاطع، كما أنكر على سعد بن أبي وقاص في قوله: أعطه إني لأراه مؤمناً، قال: أو مسلماً.

قال النووي _رحمه الله_ في "شرح مسلم":

"فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم قال هذا قبل أن يعلم أن أطفال المسلمين في الجنة، فلما علم قال ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم: «مامن مسلم يموت له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم» وغير ذلك.

انتهى كلامه.

وقد تقدم عدة من الأحاديث تدل على ذلك كما سيأتي ما هو أتم من ذلك وأبين." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (41/ 239)

"عندي الحقّ قول من قال: إن أولاد الناس في الجنّة، مسلميهم، وكافريهم؟ لقوّة الحجة في ذلك، ولا سيّما قصّة إبراهيم عليه السَّلام وحوله أولاد الناس، فقد أخرجه البخاريّ، والله تعالى أعلم." اهـ

 

وقال القنوجي في "حسن الأسوة بما ثبت من الله ورسوله في النسوة" (ص: 526) (رقم: 436):

"بَاب مَا ورد فِيمَن مَاتَ لَهُ ثَلَاثَة من الْأَوْلَاد أَو أثنان أَو وَاحِد."

 

وقال محمد لقمان الصديقي السلفي _رحمه الله_ في "رش البرد شرح الأدب المفرد" (ص97):

"فيه: بشارة بالجنة للمرأة التي فقدت الأولاد وصبرت محتسبةً الأجرَ من الله." اهـ

 

تسلية أهل المصائب (ص: 173)

قال بعض السلف: فقد الثواب على المصيبة أعظم من المصيبة، فإنه قد «ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: المصاب من حرم الثواب» وقد تقدم.

وتقدم في أثناء الكتاب أحاديث تشهد لهذا القول، والله أعلم.

 

إحياء علوم الدين (2/ 27)

وحكي أن بعض الصالحين كان يعرض عليه التزويج فيأبى برهةً من دهره قال فانتبه من نومه ذات يوم وقال زوجوني زوجوني فزوجوه فسئل عن ذلك فقال لعل الله يرزقني ولداً ويقبضه فيكون لي مقدمةً في الآخرة ثم قال رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وكأني في جملة الخلائق في الموقف وبي من العطش ما كاد أن يقطع عنقي وكذا الخلائق في شدة العطش والكرب فنحن كذلك إذ ولدان يتخللون الجمع عليهم مناديل من نور وبأيديهم أباريق من فضة وأكواب من ذهب وهم يسقون الواحد بعد الواحد يتخللون الجمع ويتجاوزون أكثر الناس فمددت يدي إلى أحدهم وقلت اسقني فقد أجهدني العطش فقال ليس لك فينا ولد إنما نسقي آباءنا فقلت ومن أنتم فقالوا نحن من مات من أطفال المسلمين

وأحد المعاني المذكورة في قوله تعالى {فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم} تقديم الأطفال إلى الآخرة فقد ظهر بهذه الوجوه الأربعة أن أكثر فضل النكاح لأجل كونه سبباً للولد." اهـ

 



[1] أخرجه البزار كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" (1/ 405) (رقم: 858).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/ 7) (رقم: 3978):

وَعَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَلْقَمَةَ قَالَ: «جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ابْنٍ لَهَا مَاتَ فَكَانَ الْقَوْمُ عَنَّفُوهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ مَاتَ لِي ابْنَانِ مُنْذُ دَخَلْتُ فِي الْإِسْلَامِ سِوَى هَذَا. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدِ احْتَظَرْتِ مِنَ النَّارِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ» ".

رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ." اهـ

وقال في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/ 8) (رقم: 3987): "رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ." اهـ

[2] وقال مجموعة من الباحثين في تعليقه على "المطالب العالية" لابن حجر – ط. دار العاصمة (5/ 238):

"ويشهد له أيضًا حديث زهير بن علقمة نحوه إلَّا أن فيه: قالت: مات لي ابنان .. أخرجه الطبراني في الكبير (5/ 314)، والبزار -كما في كشف الأستار (1/ 405) -، وسنده حسن، فيه عبيد الله بن إياد بن لقيط، قال الحافظ في التقريب (369: 4277): صدوق، ليّنه البزار وحده. وأورده المتقي الهندي في الكنز (3/ 166)، وعزاه للبغوي والبارودي وابن قانع." اهـ

قال العراقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" (2/ 949) (رقم: 1294): "رواه البزار والطبراني من حديث زهير بن أبي علقمة جاءت امرأة من الأنصار إلى رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله إنه مات لي اثنان سوى هذا فقال لقد احتظرت من دون النار بحظار شديد ولمسلم من حديث أبي هريرة وفي المرأة التي قالت دفنت ثلاثة قال لقد احتظرت بحظار شديد من النار اهـ.

قلت: حديث زهير بن أبي علقمة رواه أيضاً البغوي والباوردي وابن قانع وأبو مسعود الرازي في مسنده والضياء وحديث أبي هريرة رواه النسائي أيضاً." اهـ كلام العراقي.

[3] قواه الأرنؤوط في تخريج مسند أحمد ط الرسالة (16/ 538) (رقم: 10923)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين