شرح الحديث 105 باب 6 الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى - من صحيح الترغيب لأبي فائزة البوجيسي

 

6 - (الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى).

105 - (1) [صحيح لغيره] عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"من تعلَّم علماً ممّا يُبتغى به وجهُ الله تعالى، لا يتعلمه إلا ليُصيبَ به عَرَضاً من الدنيا[1]؛ لم يَجِدْ عَرْفَ الجنّة يوم القيامة". يعني ريحها.

رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" والحاكم،

وقال: "صحيح على شرط البخاري ومسلم".

 

وتقدم حديث أبي هريرة في أول "باب الرياء" [1 - حديث]، وفيه:

". . . رجلٌ تعلَّمَ العلمَ وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتِيَ به فعرَّفه نِعمه، فعرفها. فقال: فما عمِلتَ فيها؟ قال: تعلمتُ العلمَ وعلَّمتُه، وقرأتُ فيك القرآن؛ قال: كذَبتَ، ولكنّك تعلمتَ ليقالَ: عالمٌ، وقرأتَ القرآنَ ليقالَ: هو قارئٌ، فقد قيلَ، ثم أُمِرَ به فَسُحب على وجهه حتى ألقِيَ في النار. . . " الحديث.

رواه مسلم وغيره.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه أبو داود في "سننه" (3/ 323) (رقم: 3664)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 92) (رقم: 252)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (5/ 285) (رقم: 26127)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (2/ 338) (رقم: 8457)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (11/ 260) (رقم: 6373)، وابن أبي حاتم في "علل الحديث" (6/ 631) (رقم: 2819)، والعقيلي في "الضعفاء الكبير" (3/ 466)، وأبو بكر الدِّيْنَوَرِيُّ في "المجالسة وجواهر العلم" (3/ 349) (رقم: 976)، وابن حبان في "صحيحه" (1/ 279) (رقم: 78)، والآجري في "أخلاق أهل القرآن" (ص: 127) (رقم: 57)، وابن المقرئ في "المعجم" (ص: 49) (رقم: 56)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 160) (رقم: 288_289)، وأبو القاسم الجرجاني في "تاريخ جرجان" (ص: 165) (رقم: 193)، وأبو نعيم في "تسمية ما انتهى إلينا من الرواة عن سعيد بن منصور" (ص: 55_57) (رقم: 15_16)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (3/ 268) (رقم: 1634)، وفي "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 311) (رقم: 477)، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله" (1/ 658) (رقم: 1143)، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد – ت. بشار (3/ 307 و 8/ 633) (رقم: 634 و 2625)، "اقتضاءِ الْعِلْمِ العمَلَ" (ص: 65) (رقم: 102)، وفي "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/ 84) (رقم: 17)، و"الفقيه والمتفقه" (2/ 175)، و"الْمُتَّفِق والْمُفْتَرِق" (3/ 1845) (رقم: 1422)، وأبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام وأهله" (1/ 157) (رقم: 134)، والقاضي عياض في "الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع" (ص: 55)، وعبد الغني المقدسي في "نهاية المراد من كلام خير العباد" (2/ 109) (رقم: 103).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 77) (رقم: 227)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1060) (رقم: 6159)، و"التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (1/ 198) (رقم: 78).

 

وقال أبو الحسن ابن القطان (المتوفى : 628 هـ) _رحمه الله_ في "بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام" (4/ 40):

"وَاعْلَم أَن الحَدِيث الْمَذْكُور فِيمَن تعلم علما مِمَّا يبتغى بِهِ وَجه الله، يرْوى من حَدِيث ابْن عمر بِإِسْنَاد حسن، نَكْتُبهُ إِن شَاءَ الله فِي بَاب الْأَحَادِيث الَّتِي أوردهَا ضَعِيفَة، وَلها طرق صَحِيحَة، أَو حَسَنَة فَاعْلَم ذَلِك." اهـ

 

وقال عبد القادر الأرنؤوط _رحمه الله_ في "تعليقه على جامع الأصول" (4/ 544):

"وفي سنده فُليح بن سلمان بن أبي المغيرة الخزاعي الأسلمي أبو يحيى المدني، وهو صدوق كثير الخطأ، ومع ذلك فقد صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وجود إسناده الحافظ العراقي. أقول: ولكن توبع في " جامع بيان العلم " 1 / 190، فهو به حسن." اهـ

 

وقال الأرنؤوط في "سنن أبي داود" – ط. دار الرسالة العالمية (5/ 505):

"حديث صحيح لغيره، فليح -وهو ابن سليمان- وإن تُكلِّم فيه، يعتبر به في المتابعات والشواهد، وباقي رجاله ثقات. وقد سكت عبد الحق الإشبيلي عن هذا الحديث مصححاً له.

وهو في "مصنف ابن أبي شيبة" 8/ 731، وعنه ابن ماجه (252).

وهو في "مسند أحمد" (8457)، و "صحيح ابن حبان" (78).

ويشهد له حديث عبد الله بن عُمر عند الترمذي (2846)، وابن ماجه (258)، والنسائي في "الكبرى" (5879)، ولفظه: "من تعلم علماً لِغير الله، أو أراد به غيرَ الله، فليتبوأ مقعده من النار، وحسنه الترمذي، وصححه ابن القطان في "الوهم والايهام" 5/ 217 مع أن راويه عن ابن عمر خالدُ بن دُرَيك، ولم يدركه.

وحديث جابر عند ابن حبان (77): "لا تعلَّموا العِلْمَ لِتباهوا به العلماءَ، ولا تُماروا به السُّفهاء، ولا تَخَّيرُوا به المجالسَ، فَمَن فَعَلَ ذلك، فالنار النار". اهـ كلام الأرنؤوط

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه" (4/ 478):

"[فإن قلت]: كيف يصحّ، وفي سنده فُليح بن سليمان متكلّم فيه؟.

[قلت]: فُليح وإن تكلّم فيه الأكثرون، إلا أن البخاريّ ومسلمًا اعتمدا عليه، وأخرجا له، ولحديثه هذا شواهد، من حديث ابن عمر، وجابر، وأنس، وكعب بن مالك، وحُذيفة، وسيأتي معظمها في هذا الباب _إن شاء الله تعالى_، وهي وإن كان في معظم طرقها كلام، إلا أن مجموعها يتقوى بعضه ببعض، والله تعالى أعلم." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

6 - (الترهيب من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى).

105 - (1) [صحيح لغيره] عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"من تعلَّم علماً ممّا يُبتغى به وجهُ الله تعالى، لا يتعلمه إلا ليُصيبَ به عَرَضاً من الدنيا[2]؛ لم يَجِدْ عَرْفَ الجنّة يوم القيامة". يعني ريحها.

رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" والحاكم،

وقال: "صحيح على شرط البخاري ومسلم".

 

وقال السخاوي (المتوفى: 902هـ) _رحمه الله_ في "فتح المغيث بشرح ألفية الحديث" (3/ 273):

"قَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: (مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا يُرِيدُ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ، آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْعِلْمِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ).

وَقَالَ إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ بْنَ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ: (مَنْ طَلَبَ هَذَا الْعِلْمَ لِلَّهِ شَرُفَ وَسَعِدَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ لِلَّهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ).

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ - أَيْ: رِيحَهَا - يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ) .

وَقِيلَ لِابْنِ الْمُبَارَكِ: مَنَ الْغَوْغَاءُ؟ قَالَ: (الَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْحَدِيثَ يَتَأَكَّلُونَ بِهِ النَّاسَ).

وَعَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: (مَنْ طَلَبَ الْحَدِيثَ لِغَيْرِ اللَّهِ، مَكَرَ بِهِ).

وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي عَاصِمٍ: (مَنِ اسْتَخَفَّ بِالْحَدِيثِ، اسْتَخَفَّ بِهِ الْحَدِيثُ).

وَفَسَّرَهُ ابْنُ مَنْدَهْ بِطَلَبِهِ لِلْحُجَّةِ عَلَى الْخَصْمِ، لَا لِلْإِيمَانِ بِهِ، وَالْعَمَلِ بِمَضْمُونِهِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: (أَخْشَى أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ أَنْ لَا يَنْتَفِعَ بِهِ)." اهـ

 

تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي (2/ 583):

"وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_: (مَا أَعْلَمُ عَمَلًا هُوَ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ _تَعَالَى_)." اهـ

 

شرح المفردات:

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 304)

(عَرَضًا) : بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيُسَكَّنُ أَيْ: حَظًّا مَالًا أَوْ جَاهًا (مِنَ الدُّنْيَا) : يُقَالُ: الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهُ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَنَكِرَةٌ لِيَتَنَاوَلَ الْأَنْوَاعَ وَيَنْدَرِجَ فِيهِ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَفِي الْأَزْهَارِ: الْعَرَضُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالرَّاءِ الْمَالُ، وَقِيلَ: مَا يُتَمَتَّعُ بِهِ، وَقَالَ الْجِيلِيُّ: الْعَرْضُ بِالسُّكُونِ أَصْنَافُ الْمَالِ غَيْرَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَبِحَرَكَةِ الرَّاءِ جَمِيعُ الْمَالِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْعُرُوضِ كُلِّهَا، كَذَا نَقَلَهُ الْأَبْهَرِيُّ.

 

لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (1/ 562)

وقوله: (عرضًا من الدنيا) العرض بفتح الراء، وهو متاع الدنيا وحطامها، وأما العرض بالسكون فيما سوى النقدين.

 

تنبيه:

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 322_323)

قوله: (لم يجد عَرْفَ الجنة)،

* يحتمل أن يُريد به: التهديد والزجر عن طلب الدنيا بعمل الآخرة،

* ويحتمل أن يريد به: أنه لا يجد رائحتها ولا يدخلها قَبْلَ العذاب، بل يُعذب بقدر ذنوبه في طلب الدنيا بعمل الآخرة، ثم يدخل الجنة.

وليس المراد به أن لا يدخل الجنة أبدًا؛ لأن المؤمن تكون عاقبته دخول الجنة، وإن كان له ذنوب عظيمة." اهـ

 

من فوائد الحديث:

 

تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم (ص: 9)

واعلم أن جميع ما ذُكِرَ من فضيلة العلم والعلماء إنما هو في حق العلماء العاملين الأبرار المتقين الذين قصدوا به وجه الله الكريم، والزلفى لديه في جنات النعيم، لا من طلبه بسوء نية أو خبث طوية أو لأغراض دنيوية من جاه أو مال أو مكاثرة في الأتباع والطلاب[3]." اهـ

 

وقال الخطيب البغدادي في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (1/ 80):

"يَجِبُ عَلَى طَالِبِ الْحَدِيثِ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتَهُ فِي طَلَبِهِ، وَيَكُونَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ _سُبْحَانَهُ_." اهـ

 

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (2/ 519)

فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْحِيحِ النِّيَّةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ. فَقَدْ نَقَلَ مُهَنَّا صَاحِبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ يَعْنِي الْإِمَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ لِمَنْ صَحَّتْ نِيَّتُهُ. قِيلَ فَأَيُّ شَيْءٍ تَصْحِيحُ النِّيَّةِ؟ قَالَ يَنْوِي أَنْ يَتَوَاضَعَ فِيهِ وَيَنْفِيَ عَنْهُ الْجَهْلَ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لِأَبِي دَاوُد: شَرْطُ النِّيَّةِ شَدِيدٌ حُبِّبَ إلَيَّ فَجَمَعْتُهُ.

وَقَالَ لِابْنِ هَانِئٍ: الْعِلْمُ لَا يَعْدِلُهُ شَيْءٌ.

 

العلم للعثيمين (ص: 138)

ومن إخلاص النية في طلب العلم أن ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره من الأمة، وعلامة ذلك أن الرجل تجده بعد طلب العلم متأثرًا بما طلب، متغيرًا في سلوكه ومنهاجه، وتجده حريصًا على نفع غيره، وهذا يدل على أن نيته في طلب العلم رفع الجهل عنه وعن غيره فيكون قدوة، صالحًا مصلحًا، وهذا ما كان عليه السلف الصالح، أما ما عليه الخلف اليوم فيختلف كثيرًا عن ذلك، فتجد الأعداد الكبيرة من الطلاب في الجامعات والمعاهد، منهم من نيته لا تنفعه في الدنيا والآخرة، بل تضره، فهو ينوي أن يصل إلى الشهادة لكي يتوصل بها إلى الدنيا فقط

 

الذخيرة للقرافي (1/ 47)

اعْلَمْ أَنَّ أَعْظَمَهَا الْإِخْلَاصُ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فَإِنَّهُ إِذَا فُقِدَ انْتَقَلَ الْعِلْمُ مِنْ أَفْضَلِ الطَّاعَاتِ إِلَى أَقْبَحِ الْمُخَالَفَاتِ،

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [الماعون: 4 - 7]،

وروى ابْن زَيْدٍ فِي جَامِعِ الْمُخْتَصَرِ أَنَّهُ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_ قَالَ: (وَيْلٌ لِمَنْ عَلِمَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ) سَبْعَ مَرَّاتٍ.

 

الذخيرة للقرافي (1/ 48_49)

وَحَقِيقَةُ الرِّيَاءِ أَنْ يَعْمَلَ الطَّاعَةَ لِلَّهِ وَلِلنَّاسِ وَيُسَمَّى رِيَاءَ الشِّرْكِ أَوْ لِلنَّاسِ خَاصَّةً وَيُسَمَّى رِيَاءَ الْإِخْلَاصِ وَكِلَاهُمَا يُصَيِّرُ الطَّاعَةَ مَعْصِيَةً وَأَغْرَاضُ الرِّيَاءِ الْبَاعِثَةِ عَلَيْهِ مُنْحَصِرَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ جَلْبِ الْخُيُورِ وَدَفْعِ الشُّرُورِ وَالتَّعْظِيمِ وَيَلْحَقُ بِالرِّيَاءِ التَّسْمِيعُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ عَلِمْتُ كَذَا أَوْ حَفِظْتُ كَذَا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَالتَّسْمِيعُ يَكُونُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْعِبَادَةِ مَعْصِيَةً عَلَى الرِّيَاءِ وَبَعْدَ انْعِقَادِهَا طَاعَةً مَعَ الْإِخْلَاصِ لَكِنَّ فِي الْأَوَّلِ يَكُونُ جَامِعًا بَيْنَ مَعْصِيَتَيِ الرِّيَاءِ وَالتَّسْمِيعِ وَفِي الثَّانِي هُوَ عَاصٍ بِالتَّسْمِيعِ فَقَطْ فَتُقَابِلُ سَيِّئَةُ التَّسْمِيعِ حَسَنَةَ الطَّاعَةِ الْمُسَمَّعِ بِهَا فِي الْمُوَازَنَةِ فَرُبَّمَا اسْتَوَيَا وَرُبَّمَا رَجَحَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى حَسَبِ مَقَادِيرِ الطَّاعَاتِ والتسميع وَالْأَصْل فِي التسميع قَول عَلَيْهِ السَّلَامُ مَنْ سَمَّعَ سَمَّعَ اللَّهُ بِهِ أَسَامِعَ خَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

أَيْ يُنَادِي مُنَادٍ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ تَعَالَى عَبْدِي فُلَانٌ عَمِلَ عَمَلًا لِي ثُمَّ تَقَرَّبَ بِهِ لِغَيْرِي نَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ هَذَا مَقَامٌ تَشِيبُ مِنْهُ النَّوَاصِي وَلَا يُعْتَصَمُ مِنْهُ بِالصَّيَاصِي فَيَنْبَغِي لَكَ أَنْ تُوَفِّرَ الْعِنَايَةَ عَلَيْهِ وَالْجِدَّ فِيهِ مُسْتَعِينًا بِاللَّهِ تَعَالَى فَمَنْ لَمْ يُسَاعِدْهُ الْقَدَرُ وَلم يَنْفَعهُ الحذر وَلَقَد قطع الْكِبْرِ مَنِ اسْتَكْبَرَ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 322)

فمن طلب شيئًا مِنْ هذه العلوم لطلب مال الدنيا تكون له العقوبة؛ لأنه طلب الدنيا بعمل الآخرة؛ فقد وجد ثواب سعيه في طلب العلم؛ لأن نيته في طلب العلم جمع المال، وقد وُجِدَ، فإذا وجد ثوابه في الدنيا لا يكون له في الآخرة ثواب.

 

شرح المصابيح لابن الملك (1/ 210)

وهذا تهديدٌ وزجرٌ عن طلب الدنيا بعمل الآخرة.

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 305)

وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا الْوَعِيدُ مُطْلَقٌ إِنِ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ لِأَنَّ تَحْرِيمَ طَلَبِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْقَصْدِ فَقَطْ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَمَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ وَمَفْهُومِ الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ أَخْلَصَ قَصْدَهُ فَتَعَلَّمَ لِلَّهِ لَا يَضُرُّهُ حُصُولُ الدُّنْيَا لَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدِهَا بِتَعَلُّمِهِ، بَلْ مِنْ شَأْنِ الْإِخْلَاصِ بِالْعِلْمِ أَنْ تَأْتِيَ الدُّنْيَا لِصَاحِبِهِ رَاغِمَةً، كَمَا وَرَدَ: " «مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَتَأْتِيهِ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ» ": (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ)

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 760)

فيه: وعيد شديد لمن تعلّم علوم الدين، ولا يقصد بذلك إلا الدنيا.

قال الله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود (15، 16) ] .

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 911)

فيه: وعيد شديد لمن تعلم العلم الشرعي لأجل الدنيا فقط.

 

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 151):

"الْكَبِيرَةُ الثَّالِثَةُ وَالْأَرْبَعُونَ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ لِلدُّنْيَا." اهـ

 

وقال عبد الهادي بن محمد العجيمي _رحمه الله_ في "تحقيق التجريد في شرح كتاب التوحيد" (2/ 380)

وأغلظها[4]: أن يكون مقصد الإنسان التمكنَ من معصية الله _تعالى_، كالذي يرائي بعبادته، ويُظْهِرُ التقوى والورع، وغرضه: أن يُعْرَفَ بالأمانة حتى يُوَلَّى القضاء والأوقاف والوصايا ومالُ اليتيم، لأجل أن يأكلها." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (5/ 450_452):

"وهذا وعيد شديد والعياذ بالله يدل على أن من قصد بتعلم الشرع شيئا من أمور الدنيا فإنه قد أتى كبيرة من كبائر الذنوب ولا يبارك له في علمه يعني مثلا قال أريد أن أتعلم من أجل أن أصرف وجوه الناس إلي حتى يحترموني ويعظموني أريد أن أتعلم حتى أكون مدرسا فآخذ راتبا وما أشبه ذلك هذا والعياذ بالله لا يجد ريح الجنة يوم القيامة،

وقد أشكل على هذا أو قد روع هذا بعض الذين يقرءون في المدارس النظامية كالمعاهد والكليات من أجل أن ينالوا الشهادة فيقال نيل الشهادة ليس للدنيا وحدها قد يكون للدنيا وحدها، وقد يكون للآخرة فإذا قال الطالب أنا أطلب العلم لأنال الشهادة حتى أتمكن من وظائف التدريس وأنفع الناس بذلك أو حتى أكون مديرا في دائرة أوجه من فيها إلى الخير فهذا خير ونية طيبة ولا فيها إثم ولا حرج.[5]

وذلك أنه مع الأسف في الوقت الحاضر صار المقياس في كفاءة الناس هذه الشهادات معك شهادة توظف وتولي قيادة على حسب هذه الشهادة ممكن يأتي إنسان يحمل شهادة دكتوراه فيولى التدريس في الكليات والجامعات وهو من أجهل الناس لو جاء طالب في الثانوية العامة لكان خيرا منه وهذا مشاهد يوجد الآن من يحمل شهادة دكتوراه لكنه لا يعرف من العلم شيئا أبدا إما أنه نجح بغش أو نجح نجاحا سطحيا لم يرسخ العلم في ذهنه لكن يوظف لأن معه شهادة دكتوراة يأتي إنسان طالب علم جيد هو خير للناس وخير لنفسه من هذا الدكتور ألف مرة لكن لا يوفق لا يدرس في الكليات لماذا لأنه لا يحمل شهادة دكتوراه فنظرا لأن الأحوال تغيرت وانقلبت إلى هذه المآل نقول إذا طلبت العلم من أجل أن تنال الشهادة التي تتمكن بها من تولى التدريس___

شرح رياض الصالحين (5/ 451):

لا لأجل الدنيا لكن لأجل نفع الخلق فإن هذا لا بأس به ولا تعد قاصدا بذلك الدنيا ولا ينالك هذا الوعيد فالحمد لله إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى الحمد لله هذا ميزان انظر قلبك ماذا نوى فعلى هذا فالذي يطلب العلم في الجامعة من أجل أن ينال الشهادة نقول ما الذي تريده هل أنت تريد أن تنال الشهادة من أجل أن تكون المرتبة الفلانية وراتبك كذا وكذا إذا نعم أنا فقير أنا أريد هذا نقول خبت وخسرت ما دمت تريد الدنيا أما إذا قال لا أنا أريد أن أنفع الخلق لأن الأمور الآن لا يمكن الوصول إلى نفع الخلق بالتدريس إلا بالشهادات وأنا أريد أن أصل إلى هذا أو لا يوظف الإنسان وظيفة كبيرة يكون قائد فيها على جماعة من المسلمين إلا بالشهادة وأنا أريد هذا قلنا الحمد لله هذه نية طيبة وليس عليك شيء والأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى المهم احذر أخي طالب العلم احذر من النيات السيئة العلم الشرعي أعز وأرفع وأعلى من أن تريد به عرضا من الدنيا عرض الدنيا ما الذي تنتفع به آخر أمره أن يكون في محل القاذورات تأكل وتشرب ويذهب للمرحاض وألذ ما يتطلبه الإنسان هو الأكل والشرب في المنافع البدنية ومع ذلك نهايته المرحاض أيضا لو بقيت عندك الدنيا فلابد إما أن تفارقها أو تفارقك إما أن تفتقر وتعدم المال وإما أن تموت ويذهب المال لغيرك.

لكن أمور الآخرة تبقى فلماذا تجعل العلم الشرعي الذي هو من أجل العبادات وأفضل العبادات تجعله سلما لتنال به عرضا من الدنيا هذا سفه في العقل وضلال في الدين العلم الشرعي اجعله لله عز وجل ولحماية شريعة الله ورفع الجهل عن نفسك وعن إخوانك المسلمين وللدلالة على الهدى ولتنال ميراث النبي صلى الله عليه وسلم لأن العلماء ورثة الأنبياء نسأل الله أن يخلص لنا ولكم النية ويصلح العمل إنه على كل شيء قدير.

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 78)

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِثَلَاثٍ: لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِتُجَادِلُوا بِهِ الْفُقَهَاءَ، أَوْ لِتَصْرِفُوا بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ، وَابْتَغُوا بِقَوْلِكُمْ وَفِعْلِكُمْ مَا عِنْدَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ يَبْقَى وَيَذْهَبُ مَا سِوَاهُ. وَقَدْ وَرَدَ الْوَعِيدُ عَلَى الْعَمَلِ لِغَيْرِ اللَّهِ عُمُومًا

 

شرح رياض الصالحين (5/ 449)

العلوم تنقسم إلى قسمين:

* قسم: يراد به وجه الله وهو العلوم الشرعية وما يساندها من علوم عربية وقسم آخر علم الدنيا كعلم الهندسة والبناء والميكانيكا وما أشبه ذلك

* فأما الثاني: علم الدنيا فلا بأس أن يطلب الإنسان به عرض الدنيا يتعلم الهندسة ليكون مهندسا يأخذ راتبا وأجرة يتعلم الميكانيكا من أجل أن يكون ميكانيكيا يعمل ويكدح وينوي الدنيا،

هذا لا حرج عليه أن ينوي في تعلمه الدنيا، لكن لو نوى نفع المسلمين بما تعلم لكان ذلك خيرا له، وينال بذلك الدين والدنيا،

يعني: لو قال أنا أريد تعلم الهندسة من أجل أن أكفي المسلمين أن يجلبوا مهندسين كفارا مثلا، لكان هذا طيبا أو يتعلم الميكانيكا من أجل أن يسد حاجة المسلمين فيما إذا احتاجوا ميكانيكيين، فهذا خير وله أجر على ذلك،

لكن لو لم يرد إلا الدنيا فله ذلك ولا إثم___عليه كالذي يبيع ويشتري من أجل زيادة المال.

أما القسم الأول الذي يتعلم شريعة الله عز وجل وما يساندها فهذا علم لا يبتغي به إلا وجه الله إذا أراد به الدنيا فإنه لا يجد ريح الجنة يوم القيامة

 

الموافقات (1/ 86):

"الْعِلْمُ جَمَالٌ وَمَالٌ وَرُتْبَةٌ لَا تُوَازِيهَا رُتْبَةٌ، وَأَهْلُهُ أَحْيَاءٌ أَبَدَ الدَّهْرِ، ... إِلَى سَائِرِ مَا لَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْمَنَاقِبِ الْحَمِيدَةِ، وَالْمَآثِرِ الْحَسَنَةِ، وَالْمَنَازِلِ الرَّفِيعَةِ؛ فَذَلِكَ كُلُّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنَ الْعِلْمِ شَرْعًا، كَمَا أَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ مِنَ الْعِبَادَةِ وَالِانْقِطَاعِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ يَنَالُهُ." اهـ

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (2/ 683)

وفيه أن من تعلم لرضى الله مع إصابة العرض الدنيوي لا يدخل تحت هذا الوعيد؛ لأن ابتغاء وجه الله تعالى يأبى إلا أن يكون متبوعاً غالباً، فيكون العرض تابعاً، قال الله تعالى: ((من كان يريد ثواب الدنيا فعند الله ثواب الدنيا والآخرة)). فيه تقريع وتوبيخ للمريد؛ لأن من تعلم العلم أو جاهد لينال عرضاً من أعراض الدنيا يجب أن يوبخ، ويقال في حقه: ما هذه الدناءة؟ أرضيت بالخسيس الفاني وتركت الرفيع الباقي؟ ما لك لا تريد به وجه الله وطلب مرضاته ليمنحك ما تريده، ويتبعه هذا الخسيس أيضاً؟ راغماً أنفه، كما ورد: ((من كان همه الآخرة جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبه، وتأتيه الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيته الدنيا فرق الله ضيعته عليه)). [حم][6]." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/ 184):

* في الحديث: إيماء إلى أن من صح قصده في طلب العلم الشرعي يمده الله برائحة الجنة يوم القيامة، تقوية لقلبه، وإزالة لكربه، بخلاف من لم يكن كذلك، فإنه لمرض قلبه يصير يوم القيامة كذي مرض بدماغه يمنعه من إدراك الروائح.

* وفي الحديث: إيماء إلى أن من أخلص في طلبه لله ثم جاءته الدنيا من غير قصدها به لا يضره ذلك." اهـ

 

وقال الشيخ ابن باز في "مجموع فتاواه" (1/ 349) فيما يتعلق بالفائدة الأولى ضمن كلام ابن علان:

"ومن أهم الأسباب لإدراك المطلوب والفوز بالمرغوب فيه من العلم الشرعي: الإخلاص لله في ذلك، والحذر من طلبه لغرض آخر كالرياء أو نحوه من أغراض الدنيا." اهـ

 

حجة الله البالغة (1/ 291)

يحرم طلب الْعلم الديني لأجل الدُّنْيَا وَيحرم تَعْلِيم من يرى فِيهِ الْغَرَض الْفَاسِد لوجوه: مِنْهَا أَن مثله لَا يَخْلُو غَالِبا من تَحْرِيف الدّين لأغراض الدُّنْيَا بِتَأْوِيل ضَعِيف، فَوَجَبَ سد الذريعة وَمِنْهَا ترك حُرْمَة الْقُرْآن وَالسّنَن وَعدم الاكتراث بهَا.

 

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 53):

وَسُئِلَ الْحَسَنُ: "مَا عُقُوبَةُ الْعَالِمِ؟" قَالَ: "مَوْتُ الْقَلْبِ"، قِيلَ: "وَمَا مَوْتُ الْقَلْبِ؟" قَالَ: "طَلَبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ." اهـ

 

وقال أبو العباس، أحمد بن عبد الرحمن بن قدامة المقدسي (المتوفى: 689 هـ) في "مختصر منهاج القاصدين" (ص: 23):

"علماء السوء: هم الذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا، والتوصل إلى المنزلة عند أهلها." اهـ

 

شرح سنن أبي داود للعباد (415/ 8، بترقيم الشاملة آليا)

وقوله: (يبتغى به وجه الله) فيه إثبات صفة الوجه لله عز وجل، وإثبات لازم الصفة التي هي رضا الله عز وجل، وأما إذا فسر برضا الله فقط فهذا لا يسوغ؛ لأن الوجه صفة، ورضا الله صفة، فإذا فسر الوجه بأنه الرضا فمعناه: أنه لم يثبت الوجه، ولكن إذا أثبت الوجه وأثبت الرضا الذي هو لازم هذه الصفة في ابتغاء وجه الله عز وجل فإن ذلك صحيح، أما إذا لم تثبت الصفة التي هي: الوجه وقيل: إن معناها رضا الله فقط دون إثبات صفة الوجه فهذا باطل لا يسوغ، وهذا نظير قول القائل في تفسير قول الله عز وجل: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك:1] قال: في ملكه وتحت تصرفه، فإذا كان يقصد من قوله: في ملكه وتحت تصرفه أن هذا هو معنى اليد وليس لها معنى آخر، وأنها ليست صفة من صفات الله عز وجل؛ فهذا باطل، وإن أريد به إثبات الصفة وإثبات لازم الصفة وهو أن كل شيء في يد الله وكل شيء فهو في ملكه وتحت تصرفه سبحانه تعالى فهذا حق." اهـ

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه" (4/ 478_480):

"في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو الانتفاع بالعلم والعمل به، ووجه ذلك أن من تعلم للدنيا لم ينتفع بعلمه، ولم يحصل له الغرض المطلوب منه.

2 - (ومنها): أن فيه دلالةً على الوعيد المذكور لمن لم يقصد بعلمه إلا الدنيا؛ لأنه عبّر بأداة الحصر، فقال: "إلا ليصيب عرضًا إلخ"، فأما من طلب بعلمه رضا الله تعالى، ومع ذلك له ميلٌ ما إلى الدنيا، فخارج عن هذا الوعيد،

قال الطيبيّ رحمه الله: فيه أن من تعلّم لرضا الله تعالى مع إصابة العرض الدنيويّ لا يدخل تحت الوعيد؛ لأن ابتغاء وجه الله تعالى يأبى إلا أن يكون متبوعًا غالبًا، ويكون العرض تابعًا، قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ} [النساء: 134]،

ففيه تقريع وتوبيخ للمريد؛ لأن من تعلّم العلم، أو جاهد لينال عرضًا من أعراض الدنيا يجب أن يوبّخ، ويقال في حقّه: ما هذه الدناءة؟ أرضيت بالخسيس الفاني، وتركت الرفيع الباقي؟ ما لك لا تريد به وجه الله، وطلب مرضاته؛ ليمنحك ما تريده، ويتبعه___هذا الخسيس أيضًا راغمًا أنفه، ففي حديث زيد بن ثابت -رضي الله عنه- مرفوعًا: "من كانت الدنيا هَمَّهُ فَرّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة" [حديث صحيح، سيأتي للمصنّف في "كتاب الزهد" برقم (4105)].

3 - (ومنها): أن طلب الدنيا بعلم الفلسفة ونحوه، مما ليس بعلم شرعيّ لا يدخل في هذا الوعيد.

4 - (ومنها): ما قاله التوربشيّ رحمه الله تعالى: قد حُمِل هذا المعنى على المبالغة في تحريم الجنة على المختصّ بهذا الوعيد، كقولك: ما شممت قُتَار قِدره للمبالغة في التبري عن تناول طعامه، أي ما شممت رائحتها، فكيف بالتناول عنها؟، وليس كذلك، فإن المختصّ بهذا الوعيد إن كان من أهل الإيمان فلا بدّ وأن يدخل الجنة، عُرِف ذلك بالنصوص الصحيحة، فتأويل هذا الحديث أن يكون تهديدًا وزجرًا عن طلب الدنيا بعمل الآخرة، وأيضًا يوم القيامة يوم موصوف، وذلك من حين يُحشر الناس إلى أن ينتهي بهم الأمر إما إلى الجنّة، وإما إلى النار، ولا يلزم من عدم وجدانها يوم القيامة فقط عدم وجدانها مطلقًا، وبيان ذلك أن الآمنين من الفزع الأكبر، وهي النفخة الأخيرة إذا وردوا القيامة يُمَدُّون برائحة الجنة تقويةً لقلوبهم وأبدانهم، وتسليةً لهمومهم وأشجانهم على مقدار حالهم في العرفة وإيقانهم، ومن تعلّم للأغراض الفانية، وكان من حقّه أن لا يتعلّمه إلا ابتغاء وجه الله يكون كمن حَدَثَ مرضٌ في دماغه يمنعه عن إدراك الروائح، فلا يجد رائحة الجنة، لما في قلبه من الأغراض المخِلّة بالقوى الإيمانيّة. انتهى [راجع "المرقاة" 1/ 484].

وقد سبق أن بعضهم حمله على من استحلّ ذلك، فيكون على ظاهره؛ لأن___استحلال الحرام كفر.

5 - (ومنها): أن من أشدّ ما ورد من الوعيد في طلب العلم لغير وجه الله تعالى ما أخرجه مسلم في "صحيحه"، قال رحمه الله تعالى:

حدثنا يحيى بن حبيب الحارثيّ، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا ابن جريج، حدثني يونس بن يوسف، عن سليمان بن يسار، قال: تفرق الناس عن أبي هريرة، فقال له ناتل[7] أهل الشام، أيها الشيخ حَدِّثنا حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: نعم سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:

"إن أولَ الناس يُقضَى يوم القيامة عليه:

* رجلٌ استُشهِد، فأُتي به، فعَرَّفه نعمه، فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدتُ، قال: كذبتَ، ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء، فقد قيل، ثم أُمِر به، فسُحِب على وجهه حتى ألقي في النار،

* ورجلٌ تَعَلَّم العلم وعلمه، وقرأ القرآن، فأُتي به، فعَرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت، ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمِر يه فسُحِب على وجهه حتى أُلقي في النار،

* ورجلٌ وَسَّعَ اللهُ عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأُتي به فعرَّفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تُحِبُّ أن يُنفَقَ فيها إلا أنفقت فيها لك، قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد، فقد قيل، ثم أُمر به، فسُحب على وجهه ثم ألقي في النار."[8]

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل." اهـ

 

مجموع فتاوى ابن باز (2/ 322)

فلا ريب أن طلب العلم من أفضل القربات، ومن أسباب الفوز بالجنة والكرامة لمن عمل به. ومن أهم المهمات الإخلاص في طلبه، وذلك بأن يكون طلبه لله لا لغرض آخر؛ لأن ذلك هو سبيل الانتفاع به، وسبب التوفيق لبلوغ المراتب العالية في الدنيا والآخرة." اهـ[9]

 

مجموع رسائل ابن رجب (1/ 79)

فَإِذَا طلبَ بشيء من هذا عَرضَ الدُّنْيَا الفاني فهو -أيضَا- نوعانِ:

أحدهما: أن يطلبَ به المالَ، فهذا من نوعِ الحرصِ عَلَى المالِ وطلبهِ بالأَسبابِ المحرَّمةِ.

وفي هذا الحديث عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: " «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضَ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» يعني: رِيحَها.

خرّجهُ الإمامُ أحمد، وأبو داود، وابنُ ماجه، وابنُ حبانَ في "صحيحه" من حديث أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وسببُ هذا -واللُّه أعلمُ-: أَنَّ في الدُّنْيَا جنةً مُعجَّلةً، وهي معرفةُ الله ومحبتُهُ، والأُنسُ به والشَّوقُ إِلَى لقائِهِ، وخشيتُهُ وطاعتُهُ، والعلمُ النافعُ يدلُّ عَلَى ذلك، فمن دلَّهُ علمهُ عَلَى دخول هذه الجنةِ المُعجَّلةِ في الدُّنْيَا دَخَلَ الجنةَ في الآخرةِ، ومن لم يشُم رائحتَها لم يشُم رائحةَ الجنةِ في الآخرةِ.

ولهذا كان أشد الناس عذابًا في الآخرة عالمٌ لم ينفعهُ اللَّه بعلمهِ، وهو أشدُّ الناسِ حسرةً يومَ القيامةِ، حيثُ كان معهُ آلةٌ يتوصَّلُ بها إِلَى أعلى الدَّرجاتِ وأَرفعِ المقاماتِ، فلم يستعملها إلا في التوصُّل إِلَى أَخَسِّ الأمورِ وأدناهَا وأحقرِهَا، فهو كمن كان معهُ جواهرُ نفيسةٌ لها قيمةٌ، فباعَها ببعر أو شيءٍ مستقذَرٍ لا يُنتفَعُ بهِ، بل حالُ من يطلبُ الدُّنْيَا بعلمهِ، أقبح وأقبحُ وكذلك من يطلبُها بإظهارِ الزهدِ فيها، فإنَّ ذلكَ خداعٌ قبيحٌ جدًّا.

مجموع رسائل ابن رجب (1/ 80)

النوع الثاني: مَن يطلبُ بالعمل والعلم والزهد الرياسة عَلَى الخلقِ والتعاظُمَ عليهم، وأن ينقادَ الخلقُ ويخضعونَ لهُ ويصرفُونَ وُجوههُم إليهِ، وأن يُظهرَ للناسِ زيادةَ علمهِ عَلَى العُلماءِ ليَعلوَ بهِ عليهِم ونحو ذلك.

فهذا موعدُهُ النارُ؛ لأنَّ قَصْدَ التَّكبرِ عَلَى الخلقِ مُحَرَّمٌ في نفسهِ، فَإِذَا استعملَ فيهِ آلة الآخرةِ كان أقبحَ وأَفحشَ من أن يستعملَ فيهِ آلاتِ الدُّنْيَا من المالِ والسلطانِ.

وفي " السنن " عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بهِ السُّفَهَاءَ أَوْ يُجَارِي بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ يَصْرِفَ وُجُوهَ الناسِ إِلَيهِ أَدْخَلَهُ الله النَّارَ".

خرجه الترمذيُّ[10] من حديث كعبِ بنِ مالكٍ.

 

وقال مصطفى بن عبد الله كاتب جلبي القسطنطيني المشهور اسم بـ"حاجي خليفة" أو "الحاج خليفة" (المتوفى: 1067 هـ) _رحمه الله_ في "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" (1/ 21):

"فالعلوم ليس الغرض منها: الاكتساب، بل الاطلاع على الحقائق، وتهذيب الأخلاق، على أنه من تعلم علما للاحتراف، لم يأت عالما، إنما جاء شبيها بالعلماء." اهـ[11]

 

من طرائف العلم:

 

وفي "الدرر السنية في الأجوبة النجدية" (16/ 9_10):

"وذكر لنا الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد عن العاصمي، فقال ما معناه:

إن أول مدرسة نظامية بنيت ببغداد، وطلب لها العلماء، وأجري لهم ولطلاب العلم مرتبات، والتحق بها كثير؛ ولما علم علماء بخارى بكوا بكاء شديدا، متأسفين على العلوم الإسلامية.

فقيل لهم: ما هذا البكاء؟ وما هذا الجزع؟ ما هي إلا مدرسة دينية للعلم، كالتفسير، والحديث، والفقه، وغيرها;

فقال العلماء: إن العلم شريف في نفسه سام، لا يحمله إلا النفوس السامية الزكية الشريفة، ويشرفون بشرف العلم.

أما إذا أجريت المرتبات لطلابه، أقبل إليه من لا خير فيه، من السقطة والأراذل الذين يريدون بتعلمهم العلم لنيل المناصب، والوظائف، وأخذ المرتبات، فيزول العلم ويسقط بسقوط وإزالة حملته، فيصبح العلم الشريف لا قيمة له.___

ثم قال العاصمي: أما اليوم فلا طالب ولا مطلوب، ولا راغب فيه ولا مرغوب، لفساد الزمان. انتهى.

وذلك في تلك العصور المعروف عن أهلها الجد في العلم النافع، واتساعه في أقطار الأرض؛ وفي هذا العصر، في العقد التاسع من القرن الرابع عشر، خلت المساجد، وبنيت المدارس، وأجريت الأجور، وأثبتت الشهادات لكل فصل، لمقادير الأجور والرتب. فيا حسرتاه! واحزناه! وارباه! واحر قلباه!

لقد غزانا في هذه البقعة المباركة، التي ازدهرت فيها هذه الدعوة المباركة، وفيها مهابط الوحي: الألوف من أهل الخارج، ذكورا وإناثا، باسم التعليم والتربية، والتمريض، وغيرها.

وفي برنامجهم: الحقوق، والطبيعة، والتصوير، والمادة وغيرها مما يزيد على ثلاثين فنا لإضعاف العلم النافع، أمنية أعداء الإسلام ليملكوا المسلمين. فيا لله! يا للمسلمين! وفيما ذكره علماؤنا الذين لهم غيرة لله كفاية." اهـ

 

 



[1]  وفي "شرح سنن أبي داود" للعباد:

"أي: يطلبه لدنيا أو لسمعة وشهرة ولم يكن قصده أن يعرف الحق ويعمل به ويدعو إلى الله عز وجل على بصيرة، وإنما الدافع له والباعث له على طلب العلم هو الدنيا أو طلب الجاه وعلو المنزلة والشهرة وما إلى ذلك، دون أن يكون الباعث له هو ابتغاء وجه الله عز وجل والدار الآخرة ومعرفة الحق للعمل به والدعوة إليه." اهـ

[2]  وفي "شرح سنن أبي داود" للعباد:

"أي: يطلبه لدنيا أو لسمعة وشهرة ولم يكن قصده أن يعرف الحق ويعمل به ويدعو إلى الله عز وجل على بصيرة، وإنما الدافع له والباعث له على طلب العلم هو الدنيا أو طلب الجاه وعلو المنزلة والشهرة وما إلى ذلك، دون أن يكون الباعث له هو ابتغاء وجه الله عز وجل والدار الآخرة ومعرفة الحق للعمل به والدعوة إليه." اهـ

[3]  وفي فتح الرحمن في بيان هجر القرآن (ص: 99):

"ينبغي للقارئ أن يقصد بتلاوة القرآن رضا الله - تعالى - وما عنده من الأجر والثواب، وأن لا يقصد به توصلاً إلى غرض من أغراض الدنيا من مال، أو رياسة، أو وجاهة، أو ارتفاع على أقرانه، أو ثناء عند الناس، أو صرف وجوه الناس إليه، أو نحو ذلك." اهـ

[4]  يعنى: الإرادة.

[5]  وفي شرح رياض الصالحين (6/ 353) للعثيمين:

"والحديث الذي فيه الوعيد مقيد بالعلم الذي يبتغي به وجه الله.

فإن قال قائل: كثير من الطلبة الآن يدرسون في الكليات يريدون الشهادة الشهادة العليا فيقال إنما الأعمال بالنيات إذا كان يريد بالشهادات العليا أن ينال الوظيفة والمرتبة، فهذا أراد به عرضا من الدنيا وإن أراد بذلك أن يتبوأ مكانا لينفع الناس ليكون مدرسا ليكون مديرا ليكون موجها فهذا خير ولا بأس به، لأن الناس أصبحوا الآن لا يقدرون الإنسان بعلمه وإنما يقدرونه بشهادته.

فإذا قال قائل _مثلا_: لو أبقيت بدون شهادة مهما بلغت من العلم لن يجعلوني معلما لكني أتعلم وآخذ شهادة لأجل أن أكون معلما أنفع المسلمين فهذه نية طيبة وليس فيها شيء والله الموفق." اهـ

وقال شيخنا عبد المحسن العباد البدر _حفظه الله_ في "شرح سنن أبي داود":

"وأما هل يدخل في هذا من يدرس ليصبح مدرساً ويحصل على الراتب؟ فإذا كان غرضه الدنيا فقط فله نصيب من هذا الحديث، وإن كان قصده أنه يتعلم الحق ويعمل به وينفع الناس به فهذا من الثواب المعجل الذي يعجله الله له في الدنيا قبل الآخرة؛ لأن الإنسان قد يعلم ويرشد الناس ويفيد التلاميذ ويكون سبباً في هدايتهم وفي استقامتهم مع كونه مدرساً ويأخذ الراتب الذي يعطى للمدرسين،

فإذا كان الباعث له أن يفيد الناس وأن يفيد الطلاب وأن يكون عوناً لهم على معرفة الحق والهدى فلا شك أنه على خير كما قال صلى الله عليه وسلم: (ولكل امرئ ما نوى).

[6]  أخرجه أحمد في مسنده – ط. عالم الكتب (5/ 183) (رقم: 21925)، وصححه الأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (35/ 467) (رقم: 21590)

[7]  أي مُقَدَّمُهُم.

[8]  أخرجه مسلم في "صحيحه" (3/ 1513/ 152) (رقم: 1905)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/ 591) (رقم: 2382)، والنسائي في "سننه" (6/ 23) (رقم: 3137)

[9]  قال الشيخ عبد العزيز الراجحي _حفظه الله_ في "شرح سنن ابن ماجة " (17/ 5) - الشاملة):

فتعلم العلم من أجل القربات، وأفضل الطاعات، فيجب على الإنسان أن يخلصه لله، وأن يخلص نيته لله في طلبه للعلم، ويقصد به وجه الله والدار الآخرة، فيتعلم العلم من أجل أن يرفع الجهل عن نفسه وعن غيره، من أجل أن يعبد الله على بصيرة، يتعلمه طاعة لله وابتغاء مرضاته وتعبداً له؛ لأن تعلم العلم من أفضل القربات وأجل الطاعات، حتى قال العلماء:

"إنه أفضل من نوافل العبادة وأفضل من أن تتفرغ للعبادة."

فإذا كان يمنعك صلاة النافلة أو صوم النافلة من طلب العلم، فطلب العلم مقدم،

فالواجب على طالب العلم أن يخلص نيته لله، وأن يقصد في تعلمه للعلم وجهَ الله والدارَ الآخرة، وأن يرفع عن نفسه الجهل،

سئل الإمام أحمد _رحمه الله_: "كيف يخلص نيته لله؟" قال: "ينوي رفع الجهل عن نفسه وعن غيره"؛

فيعبد ربه على بصيرة، وينوي رفع الجهل عن غيره ويعلم غيره؛ لأن الإنسان خرج من بطن أمه لا يعلم شيئاً ثم علمه الله، قال تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل:78]." اهـ

[10]  أخرجه الترمذي في سننه – ت. شاكر (5/ 32) (رقم: 2654)، وهو حديث حسن: حسنه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1091) (رقم: 6383)، بل صححه لغيره في صحيح الترغيب والترهيب (1/ 153) (رقم: 106)

[11]  نقله عنه أبو الطيب محمد صديق حسن خان الحسني القِنَّوْجِيُّ _رحمه الله_ في "أبجد العلوم" – ط. دار ابن حزم (ص: 67)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين