الْوَجْه السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من فضائلل العلم من كتاب مفتاح دار السعادة

 

مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 57)

الْوَجْه السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ:

أنه _سُبْحَانَهُ_ ذكر فَضْلَهُ ومِنَّته على أنبيائه وَرُسُله وأوليائه وعباده بِمَا آتَاهُم من الْعلم، فَذكر نعْمَته على خَاتم أنبيائه وَرُسُله بقوله:

{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } [النساء: 113]،

وَقد تقدّمت هَذِه الآية،

 

وَقَالَ فِي يُوسُف:

{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } [يوسف: 22]،

 

وَقَالَ فِي كليمه مُوسَى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [القصص: 14]،

 

وَلما كَانَ الَّذِي آتَاهُ مُوسَى من ذَلِك أمْرًا عَظِيمًا، خصّه بِهِ على غَيره، وَلَا يثبت لَهُ إِلَّا الأقوياء أولو الْعَزْم، هيأه لَهُ بعد أَن بلغ أشده واستوى (يَعْنِي: تمّ، كلمت قوته)

 

وَقَالَ فِي حق الْمَسِيح: {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [المائدة: 110]

 

وَقَالَ فِي حَقه: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} [آل عمران: 48]،

فَجعل تَعْلِيمه مِمَّا بشر بِهِ أمهِ وأقر عينهَا بِهِ

 

وَقَالَ فِي حق دَاوُد: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} [ص: 20]،

 

وَقَالَ فِي حق الْخضر صَاحب مُوسَى وفتاه:

{فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: 65]،

فَذكر من نعمه عَلَيْهِ تَعْلِيمه وَمَا آتَاهُ من رَحمته،

 

وَقَالَ تَعَالَى يذكر نعْمَته على دَاوُد وَسليمَان:

{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} [الأنبياء: 78، 79]،

 

فَذكر النَّبِيَّيْنِ الكرِيْمَيْنِ وَأثْنى عَلَيْهِمَا بـ(الحكم وَالْعلم) وَخص بفهم الْقَضِيَّة أحدهما،

وَقدْ ذَكَرَتْ الْحكمَيْنِ الداوودي والسليماني ووجههما وَمن صَار من الائمة الى هَذَا وَمن صَار الى هَذَا وترجيح الحكم السُّلَيْمَانِي من عدَّة وُجُوه وموافقته للْقِيَاس وقواعد الشَّرْع فِي كتاب الِاجْتِهَاد والتقليد

 

وَقَالَ _تَعَالَى_: {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 91]،

يَعْنِي: الَّذِي أنزله،

 

جعل سُبْحَانَهُ تعليمَهم مَا لم يعلمُوا هم وَلَا آباؤهم دَلِيلا على صِحَة النُّبُوَّة والرسالة، إِذْ لَا ينَال هَذَا الْعلم إِلَّا من جِهَة الرُّسُل،

 

فَكيف يَقُولُونَ: {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 91]،

وَهَذَا من فضل الْعلم وشرفه وَأَنه دَلِيلٌ على صِحَة النُّبُوَّة والرسالة، وَالله الْمُوفق للرشاد.

 

وَقَالَ _تَعَالَى_:

{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: 164]،

 

وَقَالَ _تَعَالَى_:

{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)} [الجمعة: 2 - 4]،

يَعْنِي: وَبعث فِي آخَرين مِنْهُم لما يلْحقُوا بهم،

 

وَقد اخْتلف فِي هَذَا اللحاق الْمَنْفِيّ:

* فَقيل: هُوَ اللحاق فِي الزَّمَان، أَيْ: يتَأَخَّرُ زمانهم عَنْهُم،

* وَقيل: هُوَ اللحاق فِي الْفضل والسبق،

 

وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ، فامتن عَلَيْهِم _سُبْحَانَهُ_ بَأنَّ علمهمْ بعد الْجَهْل وهداهم بعد الضَّلَالَة، ويا لها من مِنَّةٍ عَظِيمَةٍ، فَأتَت المنن، وجلتْ أن يقدر الْعباد لَهَا على ثمن." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين