شرح ومقدمة لباب الوضوء من بلوغ المرام لأبي فائزة البوجيسي

 

باب الوضوء

 

تعريف الوضوء لغة وشرعا:

 

الوضوء لغةً: بضم الواو: مصدر هو الفعل، مأخوذٌ من الوضاءة، وهي النظافة والحُسْن؛ وأمَّا بالفتح: فالماء الذي يُتوضأ به.

قال النووي: بالضم (إذا أُريد الفعل الذي هو المصدر)، وبالفتح (إذا أُريد الماء).

[انظر: لسان العرب (1/ 194) لابن منظور، و"الصحاح" للجوهري (1/ 80)]

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 192):

"والوضوء شرعًا: استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة، على صفةٍ مخصوصة في الشرع، بأنْ يأتي بها مرتَّبة متوالية."

 

أدلة الوضوء:

 

وهو ثابتٌ بالكتاب والسنَّة والإجماع.

فالكتاب: آية المائدة:

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6]

 

قال الشيخ الفوزان في "الملخص الفقهي" (1/ 40):

"فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة، وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء، وحددت مواقع الوضوء منها، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله بيانا كافيا." اهـ

 

والأحاديث فيه قولاً وفعلاً وتقريرًا كثيرة كما سيأتي إن شاء الله _تعالى_ بعد قليل.

ففي "صحيح مسلم" (1/ 204/ 2) (رقم: 225): عن أَبِي هُرَيْرَةَ،

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ»

 

وأجمع العلماء: على أنَّ الطهارة من الحدَثِ شَرْطٌ لصحَّةِ الصلاةِ." اهـ

 

فقال أبو الحسن ابن القطان (المتوفى: 628 هـ) _رحمه الله_ في "الإقناع في مسائل الإجماع" (1/ 70) (رقم: 269):

"وأجمع أهل العلم أن الصلاة لا تجزئ إلا بطهارة." اهـ

 

وقَالَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ النَّيْسَابُورِيُّ (المتوفى: 319 هـ) _رَحِمَهُ اللهُ_ في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (1/ 107):

"أَوْجَبَ اللهُ تَعَالَى الطَّهَارَةَ لِلصَّلَاةِ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} الْآيَةَ، وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] الْآيَةَ،

وَدَلَّتِ الْأَخْبَارُ الثَّابِتَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وُجُوبِ فَرْضِ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ.

وَاتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْأُمَّةِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تُجْزِي إِلَّا بِهَا إِذَا وُجِدَ السَّبِيلُ إِلَيْهَا." اهـ

 

شروط الوضوء:

 

قال عبد العزيز بن عبد الله بن باز (المتوفى: 1420هـ) _رحمه الله_ في "الدروس المهمة لعامة الأمة" (ص: 19):

"شروط الوضوء، وهي عشرة:

1/ الإسلام،

2/ والعقل،

3/ والتمييز،

4/ والنية،

5/ واستصحاب حكمها بأن لا ينوي قطعها حتى تتم طهارته،

6/ وانقطاع موجب الوضوء،

7/ واستنجاء أو استجمار قبله،

8/ وطهورية ماءه وإباحته،

9/ وإزالة ما يمنع وصوله إلى البشرة،

10/ ودخول وقت الصلاة في حق من حَدَثُهُ دَائِمٌ.

 

فروض الوضوء:

 

الدروس المهمة لعامة الأمة (ص: 19)

فروض الوضوء، وهي ستة:

1/ غسل الوجه (ومنه: المضمضة، والاستنشاق)،

2/ وغسل اليدين مع المرفقين،

3/ ومسح جميع الرأس (ومنه: الأذنان)،

4/ وغَسْلُ الرجلين مع الكعبين،

5/ والترتيب،

6/ والموالاة." اهـ

 

نواقض الوضوء:

 

الدروس المهمة لعامة الأمة (ص: 20_21):

نواقض الوضوء، وهي ستة:

1/ الخارج من السبيلين،

2/ والخارج الفاحش النجس من الجسد[1]،

3/ وزوال العقل بنوم أو غيره،

4/ ومس الفرج باليد قُبُلاً كان أو دُبُرًا من غَيْرِ حائِلٍ،

5/ وأكل لحم الإبل،

6/ والردة عن الإسلام، أعاذنا الله والمسلمين من ذلك.

تنبيه هام:

أما غسل الميت: فالصحيح أنه لا ينقض الوضوء، وهو قول أكثر أهل العلم؛ لعدم الدليل على ذلك، لكن لو أصابت يد الغاسل فرج الميت من غير حائل، وجب عليه الوضوء.___

والواجب عليه ألا يمس فرج الميت إلا من وراء حائل، وهكذا مس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقا، سواء كان ذلك عن شهوة، أو غير شهوة في أصح قولي العلماء ما لم يخرج منه شيء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ.

أما قول الله سبحانه في آيتي النساء، والمائدة: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [النساء: 43] فالمراد به: الجماع، في الأصح من قولي العلماء، وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وجماعة من السلف والخلف. والله ولي التوفيق.

 

ما يعرف من حِكمة الوضوء:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 192_193):

"جوهر الصلاة وروحها هو أنْ يتصوَّر العبد أنَّه أمام الله تعالى، ولكي يتهيأ ذهنه لذلك، ويتخلَّص من شواغل الحياة، فُرِض الوضوءُ قبل القيام بالعبادة؛ لكون الوضوء آله هادئة لتنبيه ذهنه المستَغْرِقِ في أعمال الحياة إلى أداء الصلاة.

فإنَّ المستغرق بفكره في أعمال تجارته أو صناعته ونحوهما، لو قيل له: قم للعبادة، لوجد صعوبة في تأديتها، وهنا كانت حكمة الوضوء؛ لأنَّه يساعد على ترك التفكير الأوَّل، ويعطيه الوقت الكافي ليبدأ في تفكيرٍ عميقٍ من نوع آخر.

وبالجملة: فللنَّفْسِ انتقالٌ واقعيٌّ، وتنبيه من خصلة إلى خصلة، هو العمدة في المعالجات النفسية، وإنَّما يحصل هذا التنبيه بمراكز في صميم طبائعهم وجذور نفوسهم.

وتقتصر الطهارة الصغرى على غسل الأطراف التي جرت العادة بانكشافها وخروجِهَا من اللباس، فتسرع إليها الأوساخ، كما جرت العادة بنظافتها عند الأعمال النظيفة، وعند الدخول على الكبراء، وتقابُلِ النَّاس بعضهم ببعض.

كما أنَّ غسل هذه الأعضاء الأربعة فيه تنبيه للنَّفس من النوم والكسل.

 

قال شيخ الإِسلام _رحمه الله_ في "مجموع الفتاوى" (21/ 12):

"جَاءَتْ السُّنَّةُ بِتَجَنُّبِ الْخَبَائِثِ الْجُسْمَانِيَّةِ وَالتَّطَهُّرِ مِنْهَا.

كَذَلِكَ جَاءَتْ بِتَجَنُّبِ الْخَبَائِثِ الرُّوحَانِيَّةِ وَالتَّطَهُّرِ مِنْهَا. حَتَّى قَالَ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: {إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَسْتَنْشِقْ بِمَنْخَرَيْهِ مِنْ الْمَاءِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلَى خَيْشُومِهِ} [خ م]

وَقَالَ: {إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ؟} [خ م]

فَعَلَّلَ الْأَمْرَ بِالْغَسْلِ بِمَبِيتِ الشَّيْطَانِ عَلَى خَيْشُومِهِ فَعُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ سَبَبٌ لِلطَّهَارَةِ مِنْ غَيْرِ النَّجَاسَةِ الظَّاهِرَةِ فَلَا يُسْتَبْعَدُ أَنْ يَكُونَ هُوَ السَّبَبَ لِغَسْلِ يَدِ الْقَائِمِ مَنْ نَوْمِ اللَّيْلِ." اهـ

 

أهمية الوضوء وزمن فرضيته:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 193):

* "والوضوء من أهم شروط الصلاة؛ لما في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا: "إنَّ الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتَّى يتوضأ"،

ولما روى مسلم: "الوضوء شطر الإيمان"،

* ونزلت فريضته من السماء في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} الآية.

واختلف العلماء هل فرض في مكَّة أو في المدينة؟ والمحققون: على أنَّه فرض بالمدينة؛ لعدم النص النَّاهض على خلافه." اهـ

 

تنبيه: الوضوء ليس من خصوصية هذه الأمة، بل من شرائع الأنبياء وأممهم. فقد ورد في عدة أحاديث:

 

* ففي "الترغيب في فضائل الأعمال" لابن شاهين (ص: 15) (رقم: 23):

حَدَّثَنَا عُمَرُ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ، فَقَالَ: أنا مُحَمَّدُ بْنُ مُصَفًّى، أنا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: " دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوئِهِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ مَرَّةً وَيَدَيْهِ مَرَّةً وَرِجْلَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءٌ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الصَّلَاةَ إِلَّا بِهِ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَقَالَ: هَذَا وُضُوءٌ، مَنْ تَوَضَّأَ ضَاعَفَ لَهُ الْأَجْرَ مَرَّتَيْنٍ، ثُمَّ دَعَا بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَقَالَ: هَكَذَا وُضُوءُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُضُوءُ النَّبِيِّينَ قَبْلَهُ، أَوْ قَالَ: هَذَا وُضُوئِي وَوُضُوءُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي "

وحسنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 523) (رقم: 261)، و"تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 132) (رقم: 424)

 

* صحيح البخاري (3/ 80_81) (رقم: 2217):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" هَاجَرَ إِبْرَاهِيمُ _عَلَيْهِ السَّلاَمُ_ بِسَارَةَ، فَدَخَلَ بِهَا قَرْيَةً، فِيهَا مَلِكٌ مِنَ المُلُوكِ، أَوْ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ[2]،

فَقِيلَ: دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ بِامْرَأَةٍ هِيَ مِنْ أَحْسَنِ النِّسَاءِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ: "أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ مَنْ هَذِهِ الَّتِي مَعَكَ؟"

قَالَ: "أُخْتِي." ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهَا، فَقَالَ: "لاَ تُكَذِّبِي حَدِيثِي، فَإِنِّي أَخْبَرْتُهُمْ أَنَّكِ أُخْتِي، وَاللَّهِ، إِنْ عَلَى الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ."

فَأَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ فَقَامَ إِلَيْهَا، فَقَامَتْ تَوَضَّأُ وَتُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتُ آمَنْتُ بِكَ وَبِرَسُولِكَ، وَأَحْصَنْتُ فَرْجِي، إِلَّا عَلَى زَوْجِي فَلاَ تُسَلِّطْ عَلَيَّ الكَافِرَ، فَغُطَّ حَتَّى رَكَضَ بِرِجْلِهِ."

 

* وفي "صحيح البخاري" (4/ 165_166) (رقم: 3436)، و"صحيح مسلم" (4/ 1976/ 8) (رقم: 2550):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قَالَ:

" لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي المَهْدِ إِلَّا ثَلاَثَةٌ: عِيسَى، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ، كَانَ يُصَلِّي، جَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي، فَقَالَتْ: اللَّهُمَّ لاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ وُجُوهَ المُومِسَاتِ،

وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَتَعَرَّضَتْ لَهُ امْرَأَةٌ وَكَلَّمَتْهُ فَأَبَى، فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا، فَقَالَتْ: "مِنْ جُرَيْجٍ."

فَأَتَوْهُ فَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ وَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أَتَى الغُلاَمَ، فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلاَمُ؟ قَالَ: "الرَّاعِي."

قَالُوا: "نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟" قَالَ: "لاَ، إِلَّا مِنْ طِينٍ."

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (6/ 321)

والحاصل أن الوضوء ليس خاصًّا بهذه الأمة، وإنما خصّها الله تعالى على سائر الأمم بالغرّة والتحجيل؛ زيادة في رفعة درجتها؛ لرفعة درجة نبيّها - صلى الله عليه وسلم -، فإن الله تعالى خصّه بفضله العظيم، كما قال عزَّ وجلَّ: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (38/ 127)

(ومنها): بيان أن الوضوء كان مشروعًا للأمم قبلنا، وليس مختصًّا

بهذه الأمة، ولا بالأنبياء؛ لثبوت ذلك عن سارة، وإنما الذي اختصتّ به هذه

الأمة هو الغرة والتحجيل، وذهب بعضهم إلى نبوّة سارّة، والجمهور على أنَّها

ليست بنبيّة

 

من فضائل الوضوء:

 

1/ الوضوء مكفر للذنوب

ففي "صحيح مسلم" (1/ 216/ 33) (رقم: 245):

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِهِ»

 

2/ الوضوء شطر الإيمان

صحيح مسلم (1/ 203/ 1) (رقم: 223):

عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ»

 

3/ المحافظة على الوضوء من علامات أهل الإيمان

سنن ابن ماجه (1/ 101) (رقم: 277):

عَنْ ثَوْبَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«اسْتَقِيمُوا، وَلَنْ تُحْصُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةَ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ»

صحيح لغيره: صحيح الترغيب والترهيب (1/ 198) (رقم: 197)

 

4/ الوضوء من سيما أهل الإيمان يوم القيامة

صحيح البخاري (1/ 39) (رقم: 136)، وصحيح مسلم (1/ 216/ 35) (رقم: 246):

عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ، قَالَ: رَقِيتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ المَسْجِدِ، فَتَوَضَّأَ، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ

«إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ»



[1]  شرح الدروس المهمة لعامة الأمة للشيخ عبد الكريم الخضير (3/ 9) - شاملة:

"القيء مثلاً، القيء نجس، فإذا كثر فإنه ناقض للوضوء، والدم عند جمهور العلماء إذا كثر فإنه ينقض الوضوء؛ لأنه نجس عند الجمهور وهو فاحش، وعلى كلام الشيخ يكون ناقضاً من نواقض الوضوء." اهـ

الأحكام الملمة على الدروس المهمة لعامة الأمة (ص: 63) لعبد العزيز بن داود الفايز:

"وهذا ينتقض كثيره أما اليسير منه فلا ينقض الوضوء مثل الدم إذا فحش فإنه ينقض، وإن كان يسيرا فلا ينقض لقول ابن عباس في الدم: "إذا كان فاحشا فعليه الإعادة" وابن عمر عصر بثرة فخرج دم فصلى ولم يتوضأ. ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة فكان إجماعا." اهـ

[2]  وفي "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (38/ 118) للإثيوبي:

"واسم الجبار المذكور: عمرو بن امرئ القيس بن سبأ، وأنه كان على مصر، ذكره السهيليّ، وهو قول ابن هشام في "التيجان"، وقيل: اسمه صادوق، وحكاه ابن قتيبة، وكان على الأردنّ، وقيل: سنان بن علوان بن عبيد بن عريج بن عملاق بن لاود بن سام بن نوح، حكاه الطبريّ، ويقال: إنه أخو الضحاك الذي مَلَك الأقاليم." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين