شرح الحديث 98 من صحيح الترغيب

 

5 - (الترغيب في إِكرام العلماء إجلالهم وتوقيرهم، والترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم).


98 - (2) [حسن] وعن أبي موسى _رضي الله عنه_؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"إنّ من إجلالِ الله إكرامَ ذِي الشيبةِ المسلم، وحاملِ القرآن، غيرِ الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرامَ ذي السلطان المُقْسِطِ". رواه أبو داود.

 

ترجمة أبي موسى الأشعري _رضي الله عنه_

 

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 451) للذهبي :

"أَبُو موسى الأشعري هُوَ عَبْد اللَّهِ بن قيس بن سليم بن حضّار اليماني، [الوفاة: 41 - 50 ه] : صَاحِبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قدِم عَلَيْهِ مسلما سَنَة سبع، مع أصحاب السفينتين من الحبشة، وَكَانَ قِدم مكة، فحالف بِهَا أبو أحَيحة سَعِيد بن العاص، ثُمَّ رجع إِلَى بلاده،

ثُمَّ خرج منها في خَمْسِينَ من قومه قَدْ أسلموا، فألقتهم سفينتهم والرياح إِلَى أَرْضِ الحبشة، فأقاموا عند جعفر بن أَبِي طالب، ثُمَّ قدموا معه.

اسْتَعْمَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا موسى عَلَى زبيد وعدن، ثُمَّ ولي الْكُوفَة والْبَصْرَة لعمر.

وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم الكثير، وَعَن أَبِي بكر، وعمر، ومُعاذ، وأبي بن كعب، وَكَانَ من أجِلاء الصحابة وفضلائهم.

وفُتحت أصبهان عَلَى يده وتُسْتر وغير ذلك، وَلَمْ يكن في الصحابة أطيب صوتًا مِنْهُ.

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ أُوتِيَ أَبُو مُوسَى مِنْ مَزَامِيرَ آلِ دَاوُدَ ".

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: قضاة هَذِهِ الأمة أربعة: عمر، وعلي، وزيد بن ثابت، وأَبُو موسى."

 

تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 454):

قَالَ أَبُو نُعَيم، وابن نُمَيْر، وأَبُو بكر بن أَبِي شيبة، وقَعْنَب: تُوُفِّيَ سَنَة أربع وَأَرْبَعِينَ.

وَقَالَ الهيثم: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وَأَرْبَعِينَ، وحكاه ابن مَنْده.

وَقَالَ الْوَاقدي: تُوُفِّيَ سَنَة اثنتين وخمسين. وَقَالَ المدائني: تُوُفِّيَ سَنَة ثلاث وخمسين." اهـ

 

وفي مشاهير علماء الأمصار (ص: 65) لابن حبان :

"أبو موسى الاشعري عبد الله بن قيس بن وهب يلي الكوفة مدة والبصرة زمانا إلا أنه ممن استوطن البصرة مات سنة أربع وأربعين وهو بن بضع وستين سنة." اهـ

 

وفي الأعلام للزركلي (4/ 114) : "أَبُو مُوسى الأشْعَري (21 ق هـ - 44 هـ = 602 - 665 م) :

"عبد الله بن قيس بن سليم بن حضَّار ابن حرب، أبو موسى، من بني الأشعر، من قحطان: صحابي، من الشجعان الولاة الفاتحين، وأحد الحكمين اللذين رضي بهما علي ومعاوية بعد حرب صفين.

ولد في زبيد (باليمن) وقدم مكة عند ظهور الإسلام، فأسلم، وهاجر إلى إلى أرض الحبشة. ثم استعمله رسول الله صلّى الله عليه وسلم على زبيد وعدن. وولاه عمر بن الخطاب البصرة سنة 17 هـ، فافتتح أصبهان والأهواز.

فارتد أبو موسى إلى الكوفة، فتوفي فيها. وكان أحسن الصحابة صوتا في التلاوة، خفيف الجسم، قصيرا.

وفي الحديث: سيد الفوارس أبو موسى. له 355 حديثا" اهـ باختصار

 

نص الحديث وشرحه:

 

* وعن أبي موسى رضي الله عنه؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"إنّ من إجلالِ الله إكرامَ ذِي الشيبةِ المسلم،

 

لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (8/ 254)

وقوله: (إكرام ذي الشيبة المسلم) التخصيص بالمسلم إما لكمال العناية والاهتمام، أو للفرق بين التوقير والإكرام، فتدبر.

 

ففي سنن الترمذي ت شاكر (4/ 172) (رقم: 1634)، وسنن النسائي (6/ 27) (رقم: 3144):

قال رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

«مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الإِسْلَامِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ القِيَامَةِ» وصححه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (2/ 1266) (رقم: 4459)

 

* وحاملِ القرآن، غيرِ الغالي فيه، ولا الجافي عنه،

 

شرح المصابيح لابن الملك (5/ 301)

"إكرامَ ذي الشيبة المسلم وحاملِ القرآن غيرِ الغالي فيه"؛ أي: المجاوِزِ فيه عن الحد لفظاً ومعنى، أو الخائنِ فيه بتحريفه أو في معناه بتأويله بباطل.

"والجافي عنه"؛ أي: المتباعد عنه، المُعْرِضِ عن تلاوته والعمل به.

 

شرح سنن أبي داود للعباد (549/ 25، بترقيم الشاملة آليا)

الغالي فيه: هو المتجاوز للحد، ويكون ذلك بالتكلف والتنطع، أن يتكلف في قراءته أو يتكلف في معانيه، وكذلك الجافي عنه الذي يهمله ويهجره ولا يبالي، فالغالي والجافي ضدان، الغالي في جانب الإفراط والجافي في جانب التفريط، فهذا مفرِط وهذا مفرَّط، فالغالي مفرط؛ لأنه متجاوز للحد، والجافي مفرَّط؛ لأنه متساهل ومتهاون وغافل وغير مقبل عليه، وغير مشتغل بقراءته.

 

ومن فضائل حامل القرآن:

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"خيرُكم من تعلَّم القرآن وعَلَّمَه". رواه البخاري ومسلم

 

وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛

أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

"ما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوتِ الله يتلون كتابَ الله، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نَزَلَتْ عليهم السكينَةُ، وغشيتْهم الرحمةُ، وحفَّتْهم الملائكة، وذكرهم اللهُ فيمن عنده".

رواه مسلم وأبو داود وغيرهما

 

وعن عائشة رضي الله عنها قالت:

قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"الماهرُ بالقرآنِ مع السفرةِ الكرامِ البررةِ." رواه البخاري ومسلم -واللفظ له-

 

قال الله _تعالى_: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } [الفرقان: 30]

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (6/ 108)

وَكَانُوا إِذَا تُلِيَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالْكَلَامَ فِي غَيْرِهِ، حَتَّى لَا يَسْمَعُوهُ. فَهَذَا مِنْ هُجْرَانِهِ، وَتَرْكُ عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ أَيْضًا مِنْ هُجْرَانِهِ، وَتَرْكُ الْإِيمَانِ بِهِ وَتَصْدِيقِهِ مِنْ هُجْرَانِهِ، وَتَرْكُ تَدَبُّرِهِ وَتَفْهُّمِهِ مِنْ هُجْرَانِهِ، وَتَرْكُ الْعَمَلِ بِهِ وَامْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ زَوَاجِرِهِ مِنْ هُجْرَانِهِ، والعدولُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ -مَنْ شِعْرٍ أَوْ قَوْلٍ أَوْ غِنَاءٍ أَوْ لَهْوٍ أَوْ كَلَامٍ أَوْ طَرِيقَةٍ مَأْخُوذَةٍ مِنْ غَيْرِهِ -مِنْ هُجْرَانِهِ

 

الفوائد لابن القيم (ص: 82)

هجر الْقُرْآن أَنْوَاع:

* أَحدهَا هجر سَمَاعه وَالْإِيمَان بِهِ والإصغاء إِلَيْهِ

* وَالثَّانِي هجر الْعَمَل بِهِ وَالْوُقُوف عِنْد حَلَاله وَحَرَامه وَإِن قَرَأَهُ وآمن بِهِ

* وَالثَّالِث هجر تحكيمه والتحاكم إِلَيْهِ فِي أصُول الدّين وفروعه واعتقاد أَنه لَا يُفِيد الْيَقِين وَأَن أدلته لفظية لَا تحصّل الْعلم

* وَالرَّابِع هجر تدبّره وتفهّمه وَمَعْرِفَة مَا أَرَادَ الْمُتَكَلّم بِهِ مِنْهُ

* وَالْخَامِس هجر الِاسْتِشْفَاء والتداوي بِهِ فِي جَمِيع أمراض الْقلب وأدوائها فيطلب شِفَاء دائه من غَيره ويهجر التَّدَاوِي بِهِ.

وكل هَذَا دَاخل فِي قَوْله: {وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا } [الفرقان: 30]، وَإِن كَانَ بعض الهجر أَهْون من بعض." اهـ

 

* وإكرامَ ذي السلطان المُقْسِطِ". رواه أبو داود.

 

صحيح البخاري (8/ 163) (رقم: 6806)، و صحيح مسلم (2/ 715/ 91) (رقم: 1031):  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلاَءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسْجِدِ، وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا، قَالَ: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ "

 

السنة لابن أبي عاصم (2/ 492)

1025 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ، ثنا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ، ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، يَقُولُ: مَنْ أَجَلَّ سُلْطَانَ اللَّهِ أَجَّلَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وحسنه ألألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (5/ 375) (رقم: 2297)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1032) (رقم: 5951)

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه أبو داود في "سننه" (4/ 261_262) (رقم : 4843)، وابن المبارك في "الزهد والرقائق" (1/ 131) (رقم : 389)، وابن زنجويه في "الأموال" (1/ 87) (رقم: 52)، والبزار في "مسنده" = "البحر الزخار" (8/ 74) (رقم : 3070)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (8/ 282) (رقم : 16658)، وفي "شعب الإيمان" (4/ 224) (رقم : 2431) و (13/ 358) (رقم : 10480)، وفي "الآداب" (ص: 18) (رقم : 37).

 

والحديث حسن: حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد (ص: 143) (رقم: 274)، وفي مشكاة المصابيح (3/ 1388) (رقم: 4972)، والأرنؤوط في "تخريج سنن أبي داود" (7/ 212) (رقم: 4843)

 

من فوائد الحديث:

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 243)

فيه: إكرام هؤلاء الثلاثة مما يرضاه الله تعالى ويثيب عليه.

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (18/ 51)

"وحاصل ذلك: الحث على إكرام الشيخ المسلم ، واحترامه." اهـ

 

عون المعبود وحاشية ابن القيم (13/ 132)

قِيلَ اشْتَغِلْ بِالْعِلْمِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعَمَلِ وَاشْتَغِلْ بِالْعَمَلِ بِحَيْثُ لَا يَمْنَعُكَ عَنِ الْعِلْمِ وَحَاصِلُهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ طَرَفَيِ الْإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ مَذْمُومٌ وَالْمَحْمُودُ هُوَ الْوَسَطُ الْعَدْلُ الْمُطَابِقُ لِحَالِهِ___ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ شَرْحُ الْمِشْكَاةِ." اهـ

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3186)

من جملة تعظيم الله تعالى وتوقيره أن يكرم موضع وقاره وهو شيبة المسلم؛ ولهذا السر قال الخليل: زدني وقارا! قال تعالى: {وتعزروه وتوقروه}.

((حس)): قال طاوس: من السنة أن توقر أربعة: العالم وذا الشيبة والسلطان والوالد.

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3186)

من أخلاقه صلوات الله عليه وآدابه التي أمر بها القصد في الأمور، وخير الأمور أوساطها. وكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

 

الحكم الجديرة بالإذاعة (ص: 47)

فالغلو من صفات النصارى، والجفاء من صفات اليهود، والقصد هو المأمور به.

وقد كان السلف الصالح ينهون عن تعظيمهم غاية النهي كأنس الثوري وأحمد. وكان أحمد يقول: من أنا حتى تجيئون إلى؟ اذهبوا اكتبوا الحديث، وكان إذا سئل عن شيء، يقول: سلوا العلماء. وإذا سئل عن شيء من الورع يقول: أنا لا يحل لي أن أتكلم في الورع، لو كان بشر حياً تكلم في هذا.

وسئل مرة عن الإخلاص فقال: اذهب إلى الزهاد، إي شيء نحن تجيء إلينا؟ وجاء إليه رجل فمسح يده ثيابه ومسح بهما وجهه، فغضب الإمام أحمد وأنكر ذلك أشد الإنكار وقال: عمن أخذتم هذا الأمر؟

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3115)

فَإِذَا كَانَ الْأَبُ شَيْخًا وَحَامِلًا لِلْقُرْآنِ وَسُلْطَانًا ظَاهِرِيًّا فَيَزْدَادُ إِجْلَالُهُ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ تَعْظِيمُهُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ.

 

فيض القدير (3/ 57)

وقد عد العسكري هذا الحديث من الأمثال والحكم وقال: هذا مما أدب به المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته من إيفاء الناس حقوقهم من تعظيم العلماء والأولياء وإكرام ذي الشيبة وإجلال الكبير وما أشبهه

 

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 321)

قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى إيجَابِ تَوْقِيرِ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ وَالنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ وَالْفَاضِلُ وَالْعَالِمُ، وَمَا عَدَا مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الَّذِينَ يُقَامُ لَهُمْ مِنْ السُّلْطَانِ وَالْعَالِمِ وَالْوَالِدِ وَالسَّيِّدِ وَمَنْ نَبَّهْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْكَرِيمِ وَالْحَسِيبِ وَالشَّائِب

 

التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 115):

"من إجلالكم الله تعالى أن تكرموا ذا الشيبة المسلم، فتعظيمكم إياه وتوقيره إجلال لله _تعالى_." اهـ

 

إحياء علوم الدين (2/ 196)

ومن تمام توقير المشايخ أن لا يتكلم بين أيديهم إلا بالإذن،

وقال جابر قدم وفد جهينة على النبي _صلى الله عليه وسلم_، فقام غلام ليتكلم، فقال _صلى الله عليه وسلم_: "مه، فأين الكبير."

 

قلت: والحديث ما وقفت عليه، إلأ أنه ورد في صحيح البخاري (4/ 101) (رقم: 3173):

عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ، إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ، وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» وَهُوَ أَحْدَثُ القَوْمِ، فَسَكَتَ فَتَكَلَّمَا." اهـ

 

آداب الصحبة لأبي عبد الرحمن السلمي (ص: 111)

وَمِنْ آدَابِهَا: تَعْظِيمُ حُرْمَةِ الْمَشَايخِ، وَالرَّحْمَةُ وَالشَّفَقَةُ عَلَى الْإِخْوَانِ

 

الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه (ص: 84)

قَالَ أَبُو هِلالٍ: وَجَعَلَ الْحُكَمَاءُ مَنْزِلَةَ الْعُلَمَاءِ مِثْلَ مَنْزِلَةِ الْمُلُوكِ.

فَقَالُوا: مِنْ أَدَبِ الدَّاخِلِ على العلام أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَصْحَابِهِ عَامَّةً، وَيَخُصَّهُ بِالتَّحِيَّةِ، وَيَجْلِسَ قُدَّامِهِ، وَلا يُشِيرَ بِيَدِهِ، وَلا يَغْمِزَ بِعَيْنِهِ، وَلا يَقُولَ بِخِلافِ قَوْلِهِ، وَلا يَغْتَابَ عِنْدَهُ أحدا، وَلا يسَار فِي مَجْلِسِهِ، وَلا يُلِحَّ عَلَيْهِ إِذَا كَسِلَ، وَلا يَعْرِضَ عَنْ كَلامِهِ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ النَّخْلَةِ، لَا يَزَالُ يَسْقُطُ عَلَيْكَ مِنْهَا شَيْءٌ ينَفْعُكَ.

 

وقال محمد بن عبد الرحمن، أبو حامد، جمال الدين الحبيشي الوَصَابي الشافعي (المتوفى: 786هـ) في "نشر طي التعريف في فضل حملة العلم الشريف والرد على ماقتهم السخيف" (ص: 59_60):

"وَقد كَانُوا يُوَقِّرُوْنَ علماءَهم ويتواضعون لَهُم وَإِن كَانُوا فِي النّسَب دونهم

هَذَا ابْن عَبَّاس _رَضِي الله عَنْهُمَا_ لَا يُجْهَلُ شَرَفُهُ وَنَسَبُهُ، إِذْ هُوَ ابْنُ عَمِّ رَسُولِ الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_ كَانَ يَأْخُذ بركاب زيد بن ثَابت الخزرجي، إِذا أَرَادَ أَن يركب ليضع رجله فِي الركاب، قِيْلَ لَهُ: "تُمْسِكُ بِرِكَابِه، وَأَنت ابْنُ عَمِّ رَسُول الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_؟"

فَقَالَ: "إِنَّا هَكَذَا نصْنَع بِالْعُلَمَاءِ."

وَكَانَ زيد هَذَا من فُقَهَاء الْأَنْصَار _رَضِي الله عَنْهُم_.

وَعَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا:

(من آذَى فَقِيها، فقد آذَى رَسُول الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_، وَمن آذَى رَسُول الله _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_، فقد آذَى الله _عز وَجل_."

ذكره الْخَطِيب فِي كتاب "الْفَقِيه والمتفقه."

وَقد أخبر الله تَعَالَى فِي كِتَابه عَن الْجَزَاء لمن آذاه مَا هُوَ، فَقَالَ تَعَالَى_: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا} [الأحزاب: 57]___

وَقَالَ أَبُو مَنْصُور الثعالبي رَحمَه الله فِي "كتاب الفرائد والقلائد": (لَا يستخف بِالْعلمِ وَأَهله إِلَّا رفيع جَاهِل أَو وضيع خامل)." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين