شرح الحديث 97 من صحيح الترغيب لأبي فائزة البوجيسي

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 151) :

 

4 - (الترغيب في مجالسة العلماء).

[قلت: ليس تحته حديث ثابت على شرط كتابنا]

 

5 - (الترغيب في إِكرام العلماء وإجلالهم وتوقيرهم، والترهيب من إضاعتهم وعدم المبالاة بهم).

 

97 - (1) [صحيح] عن جابر _رضي الله عنه_:

أنّ النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ كان يَجمعُ بين الرجلين من قتلى أُحدٍ -يعني في القبر-،

ثم يقول: "أيهما أكثرُ أخْذاً للقرآن؟ "،

فإذا أُشيرَ إلى أحدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ."

رواه البخاري.

 

ترجمة جابر بن عبد الله الأنصاري _رضي الله عنهما_:

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 189) :

جَابِرُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ حَرَامٍ السَّلِمِيُّ * (ع) : ابْنِ ثَعْلَبَةَ بنِ حَرَامِ بنِ كَعْبِ بنِ غَنْمِ بنِ كَعْبِ بنِ سَلِمَةَ، الإِمَامُ الكَبِيْرُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو عَبْدِ اللهِ، وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، الخَزْرَجِيُّ، السَّلِمِيُّ، المَدَنِيُّ، الفَقِيْهُ. مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَكَانَ آخِرَ مَنْ شَهِدَ لَيْلَةَ العَقَبَةِ الثَّانِيَةِ مَوْتاً.

رَوَى : عِلْماً كَثِيْراً عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَنْ: عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَطَائِفَةٍ." اهـ

 

وفي "تاريخ الإسلام" – ت. بشار (2/ 801) للذهبي:

"قَالَ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَالْوَاقِدِيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ عَاشَ أَرْبَعًا وتسعين سنة." اهـ

 

وفي "الأعلام" للزركلي (2/ 104):

"جابِر بن عبد الله (16 ق هـ - 78 هـ = 607 - 697 م)

جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري السملي: صحابي، من المكثرين في الرواية عن النبي صلّى الله عليه وسلم وروى عنه جماعة من الصحابة. له ولأبيه صحبة. غزا تسع عشرة غزوة. وكانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم. روى له البخاري ومسلم___وغيرهما 1540 حديثا." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

عن جابر _رضي الله عنه_:

أنّ النبي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ كان يَجمعُ بين الرجلين من قتلى أُحدٍ -يعني في القبر-،

ثم يقول: "أيهما أكثرُ أخْذاً للقرآن؟ "،

فإذا أُشيرَ إلى أحدِهِمَا، قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ."

رواه البخاري.

 

وفي صحيح البخاري (2/ 91)

1343 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ يَقُولُ: «أَيُّهُمْ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ»، فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ، وَقَالَ: «أَنَا شَهِيدٌ عَلَى هَؤُلاَءِ يَوْمَ القِيَامَةِ»، وَأَمَرَ بِدَفْنِهِمْ فِي دِمَائِهِمْ، وَلَمْ يُغَسَّلُوا، وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ

 

صحيح البخاري (2/ 92)

1348 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِقَتْلَى أُحُدٍ: «أَيُّ هَؤُلاَءِ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ؟» فَإِذَا أُشِيرَ لَهُ إِلَى رَجُلٍ قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ قَبْلَ صَاحِبِهِ، وَقَالَ جَابِرٌ: فَكُفِّنَ أَبِي وَعَمِّي فِي نَمِرَةٍ وَاحِدَةٍ

 

وفي مصنف عبد الرزاق الصنعاني (3/ 540)

6633 - عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي صَعِيرٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ أَشْرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَئِذٍ، فَقَالَ: «إِنِّي قَدْ شَهِدْتُ عَلَى هَؤُلَاءِ فَزَمِّلُوهُمْ بِدِمَائِهِمْ» فَكَانَ يَدْفِنُ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي الْقَبْرِ وَيَسْأَلُ أَيُّهُمْ كَانَ أَقْرَأَ لِلْقُرْآنِ."

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (2/ 91_92 و 2/ 93 و 5/ 102) (رقم: 1343_1347 و 1353 و 4079)، وأبو داود في "سننه" (3/ 196) (رقم : 3138)، والترمذي في "سننه" (3/ 345) (رقم : 1036)، والنسائي في "سننه" (4/ 62) (رقم : 1955)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 485) (رقم : 1514)

 

من فوائد الحديث :

 

فتح الباري- تعليق ابن باز - (3 / 213):

"وفيه فضيلة ظاهرة لقارئ القرآن، ويلحق به أهل الفقه والزهد وسائر وجوه الفضل." اهـ

 

شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك - (1 / 500)

فثبت أن تلاوة القرآن وحفظه من أفضل المناقب ولا يجوز أن يعاب به

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (3 / 1203):

فَإِنَّ الْقُرْآنَ إِمَامٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ فَيَكُونُ كَذَلِكَ قَارِئُهُ مُسْتَحَقَّ التَّقَدُّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْأُخْرَى، وَالْمَرَاتِبِ الْعُلْيَا فِي جَنَّةِ الْمَأْوَى.

 

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (8 / 154)

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: وَهُوَ على وُجُوه:

الأول: قَالَ ابْن التِّين: فِيهِ: جَوَاز الْجمع جمع الرجلَيْن فِي ثوب وَاحِد، وَقَالَ أَشهب: لَا يفعل ذَلِك إلاَّ لضَرُورَة، وَكَذَا الدّفن، وَعَن الْعَلامَة ابْن تَيْمِية، معنى الحَدِيث أَنه كَانَ يقسم الثَّوْب الْوَاحِد بَين الْجَمَاعَة فيكفن كل وَاحِد بِبَعْضِه للضَّرُورَة، وَإِن لم يستر إلاَّ بعض بدنه، يدل عَلَيْهِ تَمام الحَدِيث: أَنه كَانَ يسْأَل عَن أَكْثَرهم قُرْآنًا فَيقدمهُ فِي اللَّحْد، فَلَو أَنهم فِي ثوب وَاحِد جملَة لسأل عَن أفضلهم قبل ذَلِك كَيْلا يُؤَدِّي إِلَى نقض التَّكْفِين وإعادته.

وَقَالَ ابْن الْعَرَبِيّ: فِيهِ دَلِيل على أَن التَّكْلِيف قد ارْتَفع بِالْمَوْتِ، وإلاَّ فَلَا يجوز أَن يلصق الرجل بِالرجلِ إلاَّ عِنْد انْقِطَاع التَّكْلِيف أَو للضَّرُورَة.

الثَّانِي: فِيهِ التَّفْضِيل بِقِرَاءَة الْقُرْآن، فَإِذا اسْتَووا فِي الْقِرَاءَة قدم أكبرهم لِأَن للسن فَضِيلَة.

الثَّالِث فِيهِ: جَوَاز دفن الْإِثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة فِي قبر، وَبِه أَخذ غير وَاحِد من أهل الْعلم، وَكَرِهَهُ الْحسن الْبَصْرِيّ، وَلَا بَأْس أَن يدْفن الرجل وَالْمَرْأَة فِي الْقَبْر الْوَاحِد، وَهُوَ قَول مَالك وَأبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق، غير أَن الشَّافِعِي وَأحمد قَالَا ذَلِك فِي مَوضِع الضرورات، وحجتهم حَدِيث جَابر. وَقَالَ أَشهب: إِذا دفن اثْنَان فِي قبر لم يَجْعَل بَينهمَا حاجز من التُّرَاب، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا معنى لَهُ إلاَّ التَّضْيِيق. وَقَالَ ابْن أبي حَاتِم، ذكر أبي حَدِيثا رَوَاهُ ابْن وهب عَن ابْن جريج عَن قَتَادَة (عَن أنس: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جمع يَوْم أحد النَّفر فِي الْقَبْر الْوَاحِد، فَكَانَ يقدم فِي الْقَبْر إِلَى الْقبْلَة أقرأهم، ثمَّ ذَا السن يَلِي أقرأهم) . قَالَ: أبي يحيى هَذَا: هُوَ ابْن صبيح، وَفِي (سنَن الْكَجِّي) : حَدثنَا أَيُّوب عَن حميد بن هِلَال عَن أبي الدهماء (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: شكوا إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقرح يَوْم أحد، فَقَالَ: أحفروا وَاجْعَلُوا فِي الْقَبْر الْإِثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَة وَقدمُوا أَكْثَرهم قُرْآنًا) . وَقَالَ الْقَدُورِيّ فِي شَرحه، والسرخسي فِي (الْمَبْسُوط) : إِن وَقعت الْحَاجة إِلَى الزِّيَادَة فَلَا بَأْس أَن يدْفن الإثنان وَالثَّلَاثَة فِي قبر وَاحِد، وَفِي المرغيناني: أَو خَمْسَة، وَهُوَ إِجْمَاع، وَفِي (الْبَدَائِع) : وَيقدم أفضلهَا، وَيجْعَل بَين كل اثْنَيْنِ حاجز من التُّرَاب فَيكون فِي حكم قبرين، وَيقدم الرجل فِي اللَّحْد، وَفِي صَلَاة الْجِنَازَة تقدم الْمَرْأَة على الرجل إِلَى الْقبْلَة، وَيكون الرجل إِلَى الرجل أقرب وَالْمَرْأَة عَنهُ أبعد.

الرَّابِع: فِيهِ دفن الشَّهِيد بدمه، وروى النَّسَائِيّ من حَدِيث معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (زملوهم بدمائهم) .

الْخَامِس فِيهِ: أَن الشَّهِيد لَا يغسل، وَهَذَا لَا خلاف فِيهِ إلاَّ مَا روى عَن سعيد بن الْمسيب وَالْحسن ابْن أبي الْحسن من: أَنه يغسل. قَالَا: مَا مَاتَ ميت إلاَّ أجنب، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَنْهُمَا بِسَنَد صَحِيح، وَعَن الْحسن بِسَنَد صَحِيح: (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمر بِحَمْزَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَغسل) وَحكي عَن الشّعبِيّ وَغَيره أَن حَنْظَلَة بن الراهب غسلته الْمَلَائِكَة. وَأجِيب: بِأَنَّهُ كَانَ جنبا. وَقَالَ السُّهيْلي: فِي ترك غسل الشُّهَدَاء تَحْقِيق حياتهم وتصديق قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تحسبن الَّذين قتلوا فِي سَبِيل الله أَمْوَاتًا} (آل عمرَان: 961) . الْآيَة، وَلِأَن الدَّم أثر عبَادَة فَلَا يزَال، كَمَا قَالُوا فِي السِّوَاك للصَّائِم.

السَّادِس: فِيهِ أَن الشَّهِيد لَا يصلى عَلَيْهِ، وَهَذَا بَاب فِيهِ خلاف، وَقد ذَكرْنَاهُ فِي أول الْبَاب. وَقَالَ أَصْحَابنَا: الشَّهِيد يصلى عَلَيْهِ بِلَا غسل، وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِك بِحَدِيث عقبَة الْآتِي عَن قريب، وَبِمَا رَوَاهُ ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي بكر ابْن عَيَّاش عَن يزِيد بن أبي زِيَاد عَن مقسم (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: أَتَى بهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْم أحد فَجعل يُصَلِّي على عشرَة عشرَة وَحَمْزَة، وَهُوَ كَمَا هُوَ يرفعون وَهُوَ كَمَا هُوَ مَوْضُوع) ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيّ عَن إِبْرَاهِيم بن أبي دَاوُد عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش عَن يزِيد ابْن أبي زِيَاد عَن مقسم (عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ يوضع بَين يَدَيْهِ يَوْم أحد عشرَة فَيصَلي عَلَيْهِم وعَلى حَمْزَة، ثمَّ تُوضَع الْعشْرَة وَحَمْزَة مَوْضُوع، ثمَّ تُوضَع عشرَة فيصلى عَلَيْهِم وعَلى حَمْزَة مَعَهم) . وَأخرجه الْبَزَّار فِي (مُسْنده) بأتم مِنْهُ: حَدثنَا الْعَبَّاس، رَحمَه الله تَعَالَى، ابْن عبد الله الْبَغْدَادِيّ حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش حَدثنَا يزِيد بن أبي زِيَاد عَن مقسم (عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: لما قتل حَمْزَة يَوْم أحد أَقبلت صَفِيَّة تسْأَل: مَا صنع؟ فَلَقِيت عليا وَالزُّبَيْر، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَقَالَت: يَا عَليّ وَيَا زبير! مَا فعل حَمْزَة؟ فأوهماهما أَنَّهُمَا لَا يدريان، قَالَ: فَضَحِك النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: وَقَالَ: إِنِّي أَخَاف على عقلهَا، فَوضع يَده على صدرها فاسترجعت وبكت، ثمَّ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح - (10 / 60_61)

وفيه: جواز جمع الرجلين في ثوب، والظاهر أنه كان يقسمه بينهم للضرورة (4)، وإن لم يستر إلا بعض بدنه، يدل عليه تمام الحديث أنه كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه في اللحد، فلو أنهم في ثوب واحد جملة لسأل عن أفضلهم قبل ذلك؛ لئلا يؤدي إلى نقض التكفين وإعادته.

وفيه: التفضيلُ بقراءة القرآن، فإذا استووا في القراءة قدم أكبرهما؛ لأن السنن فضيلة. قَالَ أشهب: ولا يكفنان في كفن واحد إلا من ضرورة،____وكذا في الدفن. قَالَ أشهب: وإذا دفنا في قبر لم يجعل بينهما حاجز من التراب؛ (وذلك أنه لا معنى له إلا التضييق)

وفيه: دلالة علي ارتفاع التكليف بالموت، وإلا فلا يجوز أن يلصق الرجل بالرجل إلا عند انقطاع التكليف أو للضرورة، كذا قَالَ ابن العربي وكأنه فهم أن تكفينهم كان جملة، وفيه ما أسلفناه.

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (19/ 222)

في فوائده:

منها: ما بوّب له المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، وهو جواز ترك الصلاة على الشهداء الذين قُتلوا في معركة حرب الكفّار.

ومنها: عدم مشروعية غسلهم.

ومنها: جواز تكفين الرجلين في ثوب واحد للضرورة.

ومنها: جواز الجمع بين الرجلين، فصاعدًا في لحد واحد للضرورة أيضًا، ففي رواية عبد الرزّاق: "كان يَدْفِن الرجلين، والثلاثة في قبر واحد".

ورَوَى أبو داود، والترمذيّ، والنسائيّ (1)، بأسانيد صحيحة، من حديث هشام بن عامر الأنصاريّ، قال: جاءت الأنصار إلى رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يوم أحد، فقالوا: أصابنا قَرْح، وجَهْد، فكيف تأمرنا؟ قال: "احفروا، وأوسعوا، واجعلوا الرجلين، والثلاثة في قبر ... " الحديث.

ومثله في ذلك المرأتان، والثلاث.

ومنها: أنه يقدّم الأكثر أخذًا للقرآن على غيره، لفضيلة القرآن، كنظيره في الإمامة في الحياة. قيل: ويقاس عليه سائرُ جهات الفضل، إذا جمعوا في اللحد.

قال الجامع _عفا اللَّه تعالى عنه_:

في هذا القياس نظر، إذ لم يسأل النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - من جهات الفضل غير القرآن، مع أنه يوجد في الصحابة فاضل ومفضول في خصال متعدّدة، غير حفظ القرآن. فتأمل.

ومنها: إظهار تشريف الشهداء، حيث يشهد لهم النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - عند اللَّه تعالى شهادة خاصّة، وذلك تعظيمًا لشؤونهم، وإلا فالأمور كلها معلومة للَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين