شرح الحديث 71 من كتاب رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي

 

[71] الثالث : عن ابن مسعودٍ _رضي الله عنه_:

أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول :

«اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى، وَالتُّقَى، وَالعَفَافَ، وَالغِنَى» رواه مسلم.

 

ترجمة عبد الله بن مسعود أبي عبد الرحمن الهذلي _رضي الله عنه_:

 

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (16/ 121) للمزي :

"عَبد اللَّهِ بن مسعود بن غافل بن حبيب بْن____شمخ بن مخزوم، (ويُقال: ابْن شمخ بْن فار) بْن مخزوم بْن صاهلة بْن كاهل بْن الحارث بْن تميم بْن سعد بْن هذيل بْن مدركة بْن إلياس بْن مضر بْن نزار بن معد بن عدنان، أبو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهذلي، صاحب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وكان أبو مسعود بْن غافل، قد حالف عبد بْن الحارث بْن زهرة فِي الجاهلية،

وأمه: أم عبد بنت ود بْن سواء من هذيل أَيْضًا، لها صحبة.

أسلم بمكة قديما، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا، والمشاهد كلها مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وهُوَ صاحب نعل رَسُول اللَّهِ صلى___الله عليه وسلم. كَانَ يلبسه إياها إِذَا قام، فإذا جلس أدخلها فِي ذراعه.

وكَانَ كثير الولوج عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم." اهـ

 

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (16/ 127):

"وَقَال أَبُو بَكْر بْن أَبي خيثمة، عَن يحيى بْن مَعِين: مات سنة ثلاث أَوِ اثنتين وثلاثين." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

* الثالث : عن ابن مسعودٍ _رضي الله عنه_:

أنَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يقول :

«اللَّهُمَّ إنِّي أَسألُكَ الهُدَى

 

في شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (6/ 1924) :

"قوله: ((أسألك الهدى)) أطلق ((الهدى والتقى))؛ ليتناول كل ما ينبغي أن يهتدي إليه من أمر المعاش والمعاد، ومكارم الأخلاق، وكل ما يجب أن يتقي منه من الشرك والمعاصي، ورذائل الأخلاق.

وطلب العفاف والغنى تخصيص بعد تعميم، وهذا أيضاً من الجوامع." اهـ

 

وفي التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 219) للمناوي :

"(الْهُدَى): الْهِدَايَةُ إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم." اهـ

 

* وَالتُّقَى:

 

وفي التيسير بشرح الجامع الصغير (1/ 219) للمناوي :

"(والتقى): الْخَوْف من الله والحذر من مُخَالفَته." اهـ

 

* وَالعَفَافَ:

 

وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 224) للقاضي عياض:

"و(العفة والعفاف): هو التنزه عما لا يباح والكف عنه،

 

وفي فيض القدير (2/ 137) للمناوي: "و(العفاف): الصيانة عن مطامع الدنيا." اهـ

 

* وَالغِنَى:

 

وفي شرح النووي على مسلم (17/ 41) :

"وَ(الْغِنَى) هُنَا: غِنَى النَّفْسِ، وَالِاسْتِغْنَاءُ عَنِ النَّاسِ وَعَمَّا فِي أَيْدِيهِمْ." اهـ

 

وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (8/ 224) للقاضي عياض:

و(الغنى): هو غنى النفس والاستغناء عما فى أيدى الناس." اهـ

 

وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 248_249):

وقال في___المعتصر:  "ليس المراد بـ(الغنى) غنى المال، بل غنى النفس القاطع عن المال الذي يقطع المرء عن الطاعات ويشغل القلب عن الله تعالى فالغنى المحمود هو الغنى الذي يتفرغ به القلب عن الدنيا وعن الاهتمام بها فقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما أحب أن لي أحدًا ذهبًا تأتي عليّ ليلة وعندي منه دينار إلا دينارًا أرصده لدين أو أقول به في عباد الله هكذا وهكذا. [خ م]" اهـ

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 2087) (رقم : 2721)، والترمذي في "سننه" (5/ 522) (رقم : 3489)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1260) (رقم : 3832).

 

من فوائد الحديث :

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 89) للسعدي :

"ومن دعاء النبي _صلّى الله عليه وسلم_ : "اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى"،

فجمع الخير كله في هذا الدعاء.

فالهدى : هو العلم النافع. والتقى: العمل الصالح، وترك المحرمات كلها. وهذا صلاح الدين.

وتمام ذلك بصلاح القلب، وطمأنينته بالعفاف عن الخلق، والغنى بالله.

ومن كان غنياً بالله فهو الغني حقاً، وإن قلت حواصله. فليس الغنى عن كثرة العَرَض، إنما الغنى غنى القلب[1]. وبالعفاف والغنى يتم للعبد الحياةُ الطيبة، والنعيمُ الدنيوي، والقناعةُ بما آتاه الله." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 205) :

هذا الدعاء من أجمع الأدعية وأنفعها. وهو يتضمن سؤال خير الدين وخير الدنيا؛

فإن "الهدى" : هو العلم النافع. و"التقى" : العمل الصالح، وترك ما نهى الله ورسوله عنه.

وبذلك يصلح الدين. فإن الدين علوم نافعة، ومعارف صادقة. فهي الهدى، وقيام بطاعة الله ورسوله: فهو التقى.

و"العفاف والغنى" يتضمن العفافَ عن الخلق، وعدمَ تعليق القلب بهم.

والغنى بالله وبرزقه، والقناعة بما فيه، وحصول ما يطمئن به القلب من الكفاية. وبذلك تتم سعادة الحياة الدنيا، والراحة القلبية، وهي الحياة الطيبة." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 205)

فمَنْ رُزِقَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافُ وَالْغِنَى، نال السعادتين، وحصل له كل مطلوب. ونجا من كل مرهوب. والله أعلم.

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (2/ 128) لابن هبيرة الشيباني:

"* في هذا الحديث: ما يدل على أن المهدي هادي الهدى، وقد سأل من الله عز وجل (الهدى).

* فيه _أيضًا_ : جواز أن يكون سأل الهدى لأمته إلى يوم القيامة، فإن الهدى مما قال الله _عز وجل_ فيه : {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} [الليل: 12]

* وقد سأل _صلى الله عليه وسلم_ مع الهدى (التقى)، وهذه التاء في التقى مبدلة من الواو.

والتقوى نطق قد تكرر في القرآن، وأصل التقوى: تقوى الشرك ثم ترتفع في الدرجات فهي كلمة شاملة إلا أنها راجعة إلى الحذر.

* ثم سأل _صلى الله عليه وسلم_ (العفاف)، والعفاف قد يكون منه العفاف عن الرذائل على كثرتها، ومنه العفاف عن أموال الناس، ومنه العفاف عن سؤال الأجر على تبليغ الحق، ومنه العفاف الذي يؤدي إلى العون عما لا يحل من النظر فما فوقه، ومنه العفاف عما جاوز الكفاية بالمعروف في كل معنى.

* ثم سأل _صلى الله عليه وسلم_ (الغنى) وقد جاء عنه أنه _صلى الله عليه وسلم_ قال: (الغنى غنى النفس) وكذلك هو.

وهو الذي سأله رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، لأن الغنى مطلقٌ ينصرف إليه، إذ غنى الأعراض قد يكون فقرًا من وجوه كثيرة؛ منها الاشتغال بها، والخدمة لها، والحاجة إلى دوامها وغير ذلك." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (7/ 275) لابن علان الصديقي :

"وقدم الهدى لأنه الأصل، والتقى مبني عليه، وعطف عليه العفاف عطفا خاصا على عام اهتماماً به، لأن النفس تدعو إلى ضده فسأل من الله الإعانة على تركه،

وبعد أن أتم مطالب الدين توجه لبعض مطالب الدنيا، وهو الغنى أي: عدم الحاجة إلى الناس." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 68_69) :

"الهدى: الرشاد.الهدى: الرشاد.___

والتقى: امتثال الأوامر واجتناب النواهي.

والعفاف: التنزه عما لا يباح، وما لا يليق بالمروءة.

والغنى: غنى النفس، والاغتناء عما في أيدي الناس.

وفيه : شرف هذه الخصال والالتجاء إلى الله في سائر الأحوال.

 

شرح رياض الصالحين (1/ 529_531) :

" * ينبغي لنا أن نقتدي بالرسول _عليه الصلاة والسلام_ في هذا الدعاء، وأنْ نسأل الله الهدي والتقي والعفاف والغني.

* وفي هذا الحديث: دليل علي إن النبي صلي الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، وان الذي يملك ذلك هو الله.

وفي دليل أيضا: على إبطال من تعلقوا بالأولياء والصالحين في جلب___المنافع ودفع المضار، كما يفعل بعض الجهال الذين يدعون الرسول عليه الصلاة والسلام إذا كانوا عند قبره، أو يدعون من يزعمون أهم

أولياء من دون الله، فان هؤلاء ضالون في دينهم، سفهاء في عقولهم، لان هؤلاء المدعوين هم بأنفسهم لا يملكون لأنفسهم شيئا، قال الله تعالى لنبيه صلي الله عليه وسلم :

{قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الأنعام: 50]،

وقال له : {قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188]،

وقال له : {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22)} [الجن: 21، 22].

فالإنسان يجب إن يعلم إن البشر مهما أتوا من الوجاهة عند الله عز وجل، ومن النزلة والمرتبة عند الله، فانهم ليسوا بمستحقين إن يدعوا من دون الله، بل انهم_ اعني من لهم جاه عند الله من الأنبياء والصالحين_ يبرؤون تبرؤنا تاما ممن يدعونهم من دون الله عز وجل. قال عيسي عليه الصلاة والسلام لما قال له الله :

{أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [المائدة: 116]،

ليس من حق عيسي ولا غيره إن يقول للناس اتخذوني إلها من دون الله:

{إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (116) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ} [المائدة: 116، 117]

فالحاصل إنما نسمع عن بعض جهال المسلمين في بعض الأقطار الإسلامية، الذين يأتون إلى قبور من يزعموهم أولياء، فيدعون هؤلاء الأولياء، فان هذا العمل سفه في العقل، وزلال في الدين.

وهؤلاء لن___ينفعوا أحدا أبدا، فهم جثث هامدة، هم بانفسهم لا يستطيعون الحراك فكيف يتحركون لغيرهم، والله الموفق." اهـ

 

الفواكه الشهية في الخطب المنبرية والخطب المنبرية على المناسبات (ص: 277) للسعدي :

"فالهداية التامة هي الهداية للعلم النافع، والعمل الصالح، وهو الهدى ودين الحق. فمن عرف الحق، فاتبعه وعرف الباطل فاجتنبه، فقد هدي إلى صراط مستقيم، ومن قام بحقوق الله وحقوق عباده فهو المهتدي إلى جنات النعيم." اهـ

 

صحيح ابن حبان (3/ 182) :

"ذِكْرُ مَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَرْءِ سُؤَالَ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا الزِّيَادَةَ لَهُ فِي الْهُدَى وَالتَّقْوَى". اهـ

 

الدعاء للطبراني (ص: 414) :

"بَابُ : مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهِ فِي سَائِرِ نَهَارِهِ."

 

جامع بيان العلم وفضله (1/ 730) لابن عبد البر :

"وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ التَّقَلُّلَ مِنَ الدُّنْيَا وَالِاقْتِصَادَ فِيهَا وَالرِّضَا بِالْكَفَافِ مِنْهَا وَالِاقْتِصَارَ عَلَى مَا يَكْفِي وَيُغْنِي عَنِ النَّاسِ: أَفْضَلُ مِنَ الِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا وَالرَّغْبَةِ فِيهَا، وَأَقْرَبُ إِلَى السَّلَامَةِ ". اهـ

 

القضاء والقدر للبيهقي (ص: 262)

بَابُ ذِكْرِ الْبَيَانِ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ الْمُعْطِي بِمَنِّهِ وَفَضْلِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عَبِيدِهِ الْإِيمَانَ وَهُوَ مُحَبِّبُهُ إِلَيْهِ وَمُزَيِّنُهُ فِي قَلْبِهِ وَشَارِحُ صَدْرِهِ لَهُ وَهَادِيهِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَمُثَبِّتُهُ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ." اهـ



[1]  شرح مشكل الآثار (15/ 323_324) :

"فَقَالَ قَائِلٌ : فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، أَنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْغَنِيَّ، وَفِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْهُمَا سُؤَالُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْغِنَى، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى تَفْضِيلِهِ الْغَنِيَّ عَلَى الْفَقِيرِ.

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ الْغِنَى الْمَذْكُورَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَ هُوَ الْغِنَى بِالْمَالِ، وَكَيْفَ يُظَنُّ ذَلِكَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو ذَرٍّ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا، أَنَّهُ قَالَ: " مَا أُحِبُّ أَنَّ لِيَ أُحُدًا ذَهَبًا يَأْتِي عَلَيَّ لَيْلَةٌ، وَعِنْدِي مِنْهُ دِينَارٌ، إِلَّا دِينَارًا أَرْصُدُهُ لِدَيْنٍ، أَوْ أَقُولُ بِهِ فِي عِبَادِ اللهِ هَكَذَا، وَهَكَذَا، وَهَكَذَا "، وَلَكِنَّ الْغِنَى الْمَذْكُورَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، غِنَى النَّفْسِ الْقَاطِعِ عَنِ الْمَالِ الَّذِي يَقْطَعُ عَنْ طاعاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَيَشْغَلُ الْقُلُوبَ عَمَّا سِوَاهُ، وَيَقْطَعُهُ عَنْهُ___

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ مُحَمَّد___بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَيْسَ الْغِنَى عَنْ كَثْرَةِ الْعَرَضِ، إِنَّمَا الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ "

فَالْغِنَى الْمَحْمُودُ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلِينَ : هُوَ هَذَا الْغِنَى الَّذِي تَتَفَرَّغُ بِهِ الْقُلُوبُ عَنِ الدُّنْيَا، وَعَنِ الِاهْتِمَامِ لَهَا، وَتُقْبِلُ مَعَهَا إِلَى أَضْدَادِ ذَلِكَ، مِمَّا يَحْمَدُهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَهْلِهِ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُظَنَّ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خِلَافُ هَذَا، أَوْ يَكُونُ أَحَدٌ عِنْدَ اللهِ بِمَنْزِلَةٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَنْزِلَةِ الَّتِي هُوَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا مِنَ الْأَحْوَالِ الَّتِي هِيَ أَضَّدَادُ مَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ أَنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَادَهُ فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَبِاللهِ التَّوْفِيقُ. اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين