شرح الحديث 70 من كتاب رياض الصالحين

 

[70] الثَّاني: عن أبي سعيد الخدري _رضي الله عنه_:

عن النَّبيّ _صلى الله عليه وسلم_ قَالَ :

«إنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرةٌ، وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ،

فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاء؛ فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ." رواه مسلم.


ترجمة أبي سعيد الخدري _رضي الله_ :

 

وفي إكمال تهذيب الكمال (5/ 244):

"سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبحر، وهو خدرة: أبو سعيد الخدري الأنصاري الخزرجي." اهـ

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 168_169 و 172):

"أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانٍ * (ع): الإِمَامُ، المُجَاهِدُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ___عُبَيْدِ بنِ الأَبْجَرِ بنِ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ. وَاسْمُ الأَبْجَرِ: خُدْرَةُ. اسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ مَالِكٌ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ أَبُو سَعِيْدٍ الخَنْدَقَ، وَبَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. وَحَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكْثَرَ، وَأَطَابَ، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَطَائِفَةٍ...

وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ المُجْتَهِدِيْنَ. مُسْنَدُ أَبِي سَعِيْدٍ: أَلْفٌ وَمائَةٌ وَسَبْعُوْنَ (1170) حَدِيْثاً، فَفِي (البُخَارِيِّ) وَ (مُسْلِمٍ) : ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ. وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ: بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِيْنَ." اهـ باختصار

 

وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1260):

"سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ وَقِيلَ: ابْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْأَبْجَرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، كَانَ يَسْكُنُ الْمَدِينَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَلَهُ عَقِبٌ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً." اهـ

 

وفي الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 602):

"أبو سعيد الخدري، هو مشهور بكنيته، أول مشاهده الخندق، وغزا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنتي عشرة غزوة، وكان ممن حفظ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سننا كثيرة، وروى عنه علما جما، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم. توفي سنة أربع وسبعين. روى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

* (عن أبي سعيد الخدري _رضي الله عنه_:

عن النَّبيّ _صلى الله عليه وسلم_ قَالَ :

«إنَّ الدُّنْيَا...)

 

وفي التحبير لإيضاح معاني التيسير (4/ 404) للأمير الصنعاني:

"والمراد بـ(الدنيا): كُلُّ مَا فِيْهِ لذَّةٌ للنفوْسِ مِنْ شَهَوَاتِهَا، ولذاتِهَا الحسنةِ، وغَيْرِ الْحَسَنَةِ. والإخبارُ عنها بما ذكر: تحذير عن الاغترار بها." اهـ

 

وقال القاسمي في "موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين" (ص: 216_217):

"دُنْيَاكَ وَآخِرَتُكَ عِبَارَةٌ عَنْ حَالَتَيْنِ مِنْ أَحْوَالِ قَلْبِكَ، فَالْقَرِيبُ الدَّانِي يُسَمَّى دُنْيَا، وَهُوَ كُلُّ مَا قَبْلَ الْمَوْتِ، وَالْمُتَرَاخِي الْمُتَأَخِّرُ يُسَمَّى آخِرَةً، وَهُوَ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَكُلُّ مَا لَكَ فِيهِ حَظٌّ وَنَصِيبٌ، وَغَرَضٌ، وَشَهْوَةٌ، وَلَذَّةٌ - عَاجِلُ الْحَالِ قَبْلَ الْوَفَاةِ، فَهِيَ الدُّنْيَا فِي حَقِّكَ، إِلَّا أَنَّ جَمِيعَ مَا لَكَ إِلَيْهِ مَيْلٌ وَفِيهِ نَصِيبٌ وَحَظٌّ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ، بَلْ هُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:

الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: مَا يَصْحَبُكَ فِي الْآخِرَةِ وَيَبْقَى مَعَكَ ثَمَرَتُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهُوَ الْعِلْمُ النَّافِعُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ.

الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ الْمُقَابِلُ لَهُ عَلَى الطَّرَفِ الْأَقْصَى: كُلُّ مَا فِيهِ حَظٌّ عَاجِلٌ وَلَا ثَمَرَةَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ أَصْلًا، كَالتَّلَذُّذِ بِالْمَعَاصِي كُلِّهَا، وَالتَّنَعُّمِ بِالْمُبَاحَاتِ الزَّائِدَةِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَاتِ، وَالضَّرُورَاتِ الدَّاخِلَةِ فِي جُمْلَةِ الرَّفَاهِيَةِ وَالرُّعُونَاتِ - أَيْ فِي السَّرَفِ - فَحَظُّ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا كُلِّهِ هِيَ الدُّنْيَا الْمَذْمُومَةُ.___

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ مُتَوَسِّطٌ بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ: كُلُّ حَظٍّ عَاجِلٍ مُعِينٍ عَلَى أَعْمَالِ الْآخِرَةِ، وَهُوَ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ لِيَتَأَتَّى لِلْإِنْسَانِ الْبَقَاءُ وَالصِّحَّةُ الَّتِي بِهَا يَصِلُ إِلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ مُعِينٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَوَسِيلَةٌ إِلَيْهِ، فَمَهْمَا تَنَاوَلَهُ الْعَبْدُ عَلَى قَصْدِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَى الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ بِهِ مُتَنَاوِلًا لِلدُّنْيَا، وَلَمْ يَصِرْ بِهِ مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَتِ الدُّنْيَا فِي حَقِّهِ مَزْرَعَةً لِلْآخِرَةِ، وَإِنْ أَخَذَ ذَلِكَ بِقَصْدِ حَظِّ النَّفْسِ فَهُوَ مِنَ الدُّنْيَا.

فَإِذَنِ الدُّنْيَا: حَظُّ نَفْسِكَ الْعَاجِلُ الَّذِي لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ لِأَمْرِ الْآخِرَةِ، وَيُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْهَوَى، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النَّازِعَاتِ: 40، 41]

وَمَجَامِعُ الْهَوَى خَمْسَةُ أُمُورٍ، وَهِيَ مَا جَمَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: (أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) [الْحَدِيدِ: 20] .

وَالْأَعْيَانُ الَّتِي تَحْصُلُ مِنْهَا هَذِهِ الْخَمْسَةُ سَبْعَةٌ، يَجْمَعُهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) [آلِ عِمْرَانَ: 14]

وَبِالْجُمْلَةِ، فَكُلُّ مَا لَيْسَ لِلَّهِ، فَهُوَ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا هُوَ لِلَّهِ، فَذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الدُّنْيَا." اهـ

 

موارد الظمآن لدروس الزمان (2/ 448_450):

"عباد الله لا شَيْء أفسد للقلب من التعلق بالدُّنْيَا والركون إليها، فَإِنَّ متاعها قليل ولا تطمعوا بالإقامة فيها، فَإِنَّ البقاء فيها مستحيل كيف لا والمنادي ينادي كُلّ يوم يَا عباد الله الرحيل، هُوَ الموت ما منه فوت ولا تعجيل ولا يقبل الفداء فاستعدوا لَهُ فإنه سيأتيكم عَنْ قريب.عباد الله لا شَيْء أفسد للقلب من التعلق بالدُّنْيَا والركون إليها وإيثارها على الآخِرَة فَإِنَّ هَذَا الفساد يقعد المسلم عَنْ التطلع إِلَى الآخِرَة والْعَمَل لها وإتعاب الجسد فِي سبيل الله والدعوة إليه وهيهات لقلب فاسد مريض أن يقوى على مهام الدعوة إِلَى الله،___

إِنَّ الدُّنْيَا فيها قابلية الإغراء للتعلق بها وحبها. ولهَذَا وصفها النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «إِنَّ الدُّنْيَا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدُّنْيَا واتقوا النساء» . وقَدْ حذرنا ربنا من الوقوع فِي شباكها والتعلق بها فقَالَ عز من قائل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ} . ووجه الاغترار بالدُّنْيَا أن فيها مباهج ومناظر وملذات للأنفس والأعين والأسماع تهواها نَفْسهُ بطبيعتها وتؤثرها على ما سواها، قَالَ تَعَالَى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا والآخِرَة * وَالآخِرَة خَيْرٌ وَأَبْقَى} ، وقَالَ عز من قائل: {كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الآخِرَة} . فإذا تركت النفس وشانها زَادَ تعلقها بالدُّنْيَا وزَادَ التصاقها بها حَتَّى تصبح هِيَ كُلّ غايتها ومنتهى أملها ومبلغ علمها، قَالَ الله جَلَّ وَعَلا: {فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ} . وإذا ما وصلت النفس إِلَى هَذَا الحد فقدت حاسة القبول والاعتبار وعَنْدَ ذَلِكَ لا يجدي معها وعظ ولا تذكير مهما بالغت فيه. فما هُوَ العلاج لمن وصل إِلَى هَذِهِ الدرجة؟

العلاج بإذن الله:

هُوَ تخليص الْقَلْب من أسرارها وتعلقه بها:

* وَذَلِكَ بان يجعل زَوَال الدُّنْيَا نصب عينيه ويتيقن لقاء الآخِرَة وبقاءها وما فيها من النَّعِيم الْمُقِيم.

* ويتدبر الآيات مثل قوله تَعَالَى: {مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَة وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُوراً} . وقوله تَعَالَى {قُلْ مَتَاعُ الدَّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَة خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى} ، وقوله: {فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَة إِلاَّ قَلِيلٌ} ، وقوله تَعَالَى: {مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَة نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَة مِن نَّصِيبٍ} . وقوله {إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ} الآية.

* ويتدبر الأحاديث مثل قوله - صلى الله عليه وسلم - لابن عمر: «كن فِي الدُّنْيَا غريب أَوْ عابر سبيل» . الْحَدِيث. وقوله: «ما لي وللدنيا» . ونحو ذَلِكَ من الآيات وَالأَحَادِيث التي مرت سابقًا حول أمثلة الدُّنْيَا.___

* ويقارن بين الأمرين فَإِنَّ كَانَ ذا عقل راجح آثر الآخِرَة على الدُّنْيَا وأيضًا لابد من قطع التسويف وطول الأمل حَتَّى يحس أنه فِي غربة وأنه مسافر عَنْ هَذِهِ الدار وأنه سيرحل عَنْهَا فِي أَيَّةِ ساعةٍ رغم أنفه شاء أم أبى." اهـ

 

* حُلْوَةٌ خَضِرةٌ...

 

وقال أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي (المتوفى سنة 401 هـ) _رحمه الله_ في "الغريبين في القرآن والحديث" (2/ 563)

وفي الحديث: (إن الدنيا حلوة خضرة) يعني غضة ناعمة طرية وأصله من خضرة الشجرة، وسمعت الأزهري يقول: يقال: أخذ الشيء خضرًا مضرًا إذا أخذه بغير ثمن، وقيل: غضا طريا، وذهب دمه خضرا مضرا، أي هدرا باطلا." اهـ[1]

 

وفي "المفاتيح في شرح المصابيح" (5/ 267) للزيداني :

"قوله : (إن الدنيا حلوة خضرة)؛ يعني : الدنيا طيبة مليحة، وعيون الناس وقلوبهم لا يشبعون من جمع المال ومن الجاه." اهـ

 

وفي شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (10/ 3265) :

"قوله : (حلوة خضرة) كناية عن كونها غرَّارة يفتتن الناس بلونها وطعمها وليس تحتها طائل." اهـ

 

وقال عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي (المتوفى: 911هـ) _رحمه الله_ في "الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج" (6/ 84):

"يحْتَمل أَن المُرَاد لذتها ونضارتها كالفاكهة الحلوة الخضراء أَو سرعَة فنائها، فَإِن الْفَاكِهَة الخضراء سريعة الذّهاب." اهـ

 

* وإنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا...

 

وفي "شرح المصابيح" لابن الملك (3/ 540):

"(وإن الله مستخلفكم فيها)؛ أي: جاعلكم خلفاء في الدنيا؛ يعني: أنتم بمنزلة الوكلاء في التصرف فيها، وإنما هي في الحقيقة لله _تعالى_." اهـ

 

* فَيَنْظُرَ كَيفَ تَعْمَلُونَ...

 

وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 11) للزيداني :

"فينظر: هل تتصرفون كما يحبُّ ويرضى، بالتصدق، وأداء الزكاة، ووجوب البر، أم تعصونه بصرف ما أعطاكم من المال في الفواحش." اهـ

 

* فَاتَّقُوا الدُّنْيَا...

 

وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 11) :

"قوله: (فاتقوا الدنيا)؛ أي: احذروا من الاغترار بما في الدنيا من الدولة والمال، فإنه فانٍ، وإنكم ستحاسبون يوم القيامة حتى بالنقير والقطمير." اهـ  

 

* وَاتَّقُوا النِّسَاء...

 

وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 11) :

"قوله: (واتقوا النساء)؛ أي: احذروا أن تميلوا إلى النساء بالحرام، أو تقبلوا قولهن فيما يقلن لكم، فإنهن ناقصات العقل، لا خير في كلامهن غالبًا، فميزوا الخير من الشر من كلامهن، واقبلوا الخير ودعوا الشر." اهـ

 

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3216) للقاري :

"(وَاتَّقَوُا النِّسَاءَ)، أَيْ: مَكْرَهُنَّ وَغَدْرَهُنَّ وَحُبَّهُنَّ الْبَالِغَ الْبَاعِثَ عَلَى جَمْعِ الْمَالِ الْمَانِعِ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ مِنْ أَسْبَابِ الْكَمَالِ." اهـ

 

* فإنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إسرائيلَ كَانَتْ في النِّسَاءِ." رواه مسلم.

 

وفي شرح المصابيح لابن الملك (3/ 540)

"(إن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)

قصة هذا يُرْوَى: أن رجلًا من بني إسرائيل اسمه (عاميل) طلب منه ابن أخيه أو ابن عمه أن يزوجه ابنته، فأبى،___فقتله لينكحها، وقيل: لينكح زوجته، وقيل: هو الذي نزلت فيه قصة ذبح البقرة." اهـ[2]

 

وفي صحيح البخاري (2/ 121) (رقم: 1465)، وصحيح مسلم (2/ 728/ 122) (رقم: 1052):

عن عَطَاء بْنِ يَسَارٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يُحَدِّثُ:

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ وَجَلَسْنَا حَوْلَهُ، فَقَالَ: «إِنِّي مِمَّا أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِي، مَا يُفْتَحُ عَلَيْكُمْ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوَيَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: مَا شَأْنُكَ؟ تُكَلِّمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلاَ يُكَلِّمُكَ؟ فَرَأَيْنَا أَنَّهُ يُنْزَلُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: فَمَسَحَ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ، فَقَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ، فَقَالَ: «إِنَّهُ لاَ يَأْتِي الخَيْرُ بِالشَّرِّ، وَإِنَّ مِمَّا يُنْبِتُ الرَّبِيعُ يَقْتُلُ أَوْ يُلِمُّ، إِلَّا آكِلَةَ الخَضْرَاءِ، أَكَلَتْ حَتَّى إِذَا امْتَدَّتْ خَاصِرَتَاهَا اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشَّمْسِ، فَثَلَطَتْ وَبَالَتْ، وَرَتَعَتْ، وَإِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَنِعْمَ صَاحِبُ المُسْلِمِ مَا أَعْطَى مِنْهُ المِسْكِينَ وَاليَتِيمَ وَابْنَ السَّبِيلِ - أَوْ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ مَنْ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ، وَيَكُونُ شَهِيدًا عَلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2098) (رقم : 2742)، والترمذي في سننه ت شاكر (4/ 483) (رقم : 2191)، وابن ماجه في سننه (2/ 1325) (رقم : 4000)

 

من فوائد الحديث :

 

شرح المصابيح لابن الملك (5/ 371):

"وفيه: تنبيهٌ على شدة انجذاب النفوس إليها؛ لأن كل واحد من هذَين الوصفَين تميل إليه النفوسُ، فإذا اجتمعتا كانت إليه أميلَ." اهـ

 

وفي "المفاتيح في شرح المصابيح" (5/ 267) للزيداني :

"قوله : (إن الدنيا حلوة خضرة)؛ يعني : الدنيا طيبة مليحة، وعيون الناس وقلوبهم لا يشبعون من جمع المال ومن الجاه." اهـ

 

وقال محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ) _رحمه الله_ في "تهذيب اللغة" (4/ 230)

فالخَضِرَةُ هَاهُنَا الناعمة الغَضَّةُ، وحَثَّ على إِعْطَاء الْمِسْكِين واليتيم مِنْهُ مَعَ حَلاَوَتِه ورغبته ورغبة النَّاس فِيهِ لِيَقِيَه الله وَبالَ نَعْمتها فِي دُنْيَاهُ وآخرته." اهـ

 

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (2/ 38) للسَّفِيْرِيِّ:

"ولقلة الصالحات فيهن وكثرة ضررهن وشؤمهن، ذَمَّهُنَّ اللهُ ورسولُهُ، وحذَّر الرجالَ مِنْهُنَّ،

قال الله _تعالى_ في كتابه العزيز في حقهن:

{إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [يوسف: 28]." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2044) :

"وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالْخَضِرَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الشَّيْءَ النَّاعِمَ خَضِرًا، أَوْ لِتَشَبُّهِهَا بِالْخُضْرَوَاتِ فِي سُرْعَةِ زَوَالِهَا." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3216) :

* "وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالْخَضِرَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الشَّيْءَ النَّاعِمَ خَضِرًا، أَوْ لِشَبَهِهَا بِالْخَضْرَاوَاتِ فِي ظُهُورِ كَمَالِهَا وَسُرْعَةِ زَوَالِهَا،

* وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّهَا غَدَّارَةٌ مَكَّارَةٌ سَحَّارَةٌ تَفْتِنُ النَّاسَ بِلَوْنِهَا وَطَعْمِهَا، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الدُّنْيَا طَيِّبَةٌ مَلِيحَةٌ فِي عُيُونِ أَرْبَابِهَا وَقُلُوبِ أَصْحَابِهَا لَا يَشْبَعُونَ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ، وَلَا مِنْ سَعَةِ الْجَاهِ، وَكَثْرَةِ الْإِقْبَالِ وَطُولِ الْآمَالِ،

* وَفِيهِ إِيذَانٌ بِشِدَّةِ انْجِذَابِ النُّفُوسِ إِلَيْهَا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ تَمِيلُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ النَّاقِصَةُ، فَإِنِ اجْتَمَعَا كَانَتْ إِلَيْهَا أَمْيَلَ وَعَلَيْهَا أَقْبَلَ." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 256) لابن علان :

"فشبه الدنيا للرغبة فيها والميل إليها بالفاكهة الحلوة الخضرة، فإن الحلو مرغوب فيه من حيث الذوق، والأخضر مرغوب فيه من حيث النظر، فإذا اجتمعا زادت الرغبة. وفيه إشارة إلى عدم بقائها." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 68) لفيصل آل مبارك :

"في هذا الحديث: التحذيرُ من الاغترار بالدنيا[3]، والميل إلى النساء، فإنهما فتنة لكل مفتون." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 313) :

"وفي الحديث: التحذير من فتنة المال، وفتنة النساء." اهـ

 

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 12) للمناوي  :

"فَمن استكثر مِنْهَا أهلكته كالبهيمة إِذا أكثرت من أكل الزَّرْع الْأَخْضَر." اهـ[4]

 

التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 135) للأمير الصنعاني :

"وفي تشبيهها بالخضرة التي تأكلها الأنعام إشارة إلى أن المستكثر منها كالبهيمة تستكثر من المرعى وإشارة إلى سرعة زوالها كزوال اخضرار الأرض." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 177) للسعدي :

"أخبر _صلّى الله عليه وسلم_ في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه من الوصف الذي يروق الناظرين والذائقين. ثم أخبر أن الله جعلها محنة وابتلاء للعباد. ثم أمر بفعل الأسباب، التي تقي من الوقوع في فتنتها." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 177):

"فإخباره بأنها حلوة خضرة يعم أوصافها التي هي عليها. فهي حلوة في مذاقها وطعمها، ولذاتها وشهواتها، خضرة في رونقها وحسنها الظاهر،

كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران:14] .

وقال تعالى :

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:7] .

فهذه اللذات المنوعة فيها، والمناظر البهيجة، جعلها الله ابتلاء منه وامتحاناً، واستخلف فيها العباد لينظر كيف يعملون؟

فمن تناولها من حلها، ووضعها في حقها، واستعان بها على ما خلق له من القيام بعبودية الله، كانت زاداً له وراحلة إلى دار أشرف منها وأبقى، وتمت له السعادة الدنيوية والأخروية.

ومن جعلها أكبر همه، وغاية علمه ومراده، لم يؤتَ منها إلا ما كتب له. وكان مآله بعد ذلك إلى الشقاء، ولم يهنأ بلذاتها ولا شهواتها إلا مدة قليلة. فكانت لذاته قليلة. وأحزانه طويلة." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 178) :

"وكل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة والاختبار. ولكن أبلغ ما يكون وأشد فتنة: النساء؛ فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها كبير؛ فإنهن مصائد الشيطان وحبائله، كما صاد بهن من مُعافى فأصبح أسير شهوته، رهين ذنبه، قد عَزَّ عليه الخلاص، والذنب ذنبه فإنه الذي لم يحترز من هذه البلية، وإلا فلو تحرز منها، ولم يدخل مداخل التهم، ولا تعرض للبلاء، واستعان باعتصامه بالمولى، لنجا من هذه الفتنة، وخلص من هذه المحنة.

ولهذا حذر النبي صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها على الخصوص. وأخبر بما جَرَّت على من قبلنا من الأمم؛ فإن في ذلك عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين. والله أعلم." اهـ[5]

 

اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 132):

فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة النساء، معللا بأن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.

وهذا نظير ما سنذكره من حديث معاوية عنه _صلى الله عليه وسلم_ ___أنه قال:

«إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» - يعني: وصل الشعر -.[6]

وكثير من مشابهات أهل الكتاب في أعيادهم وغيرها، إنما يدعو إليها النساء." اهـ كلام شيخ الإسلام _رحمه الله_[7]

 

الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (4/ 156) :

الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل،

والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس، وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك

 

السنن الكبرى للبيهقي (3/ 514)

بَابُ مَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ مِنْ قِصَرِ الْأَمَلِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 498)

في فوائده:

1 - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الشفقة بأمته، حيث كان يُحذّرهم مما يكون سبب هلاكهم في الدنيا والآخرة، فقد حذّرهم في هذا

الحديث عن الافتتان بالدنيا، والنساء.

2 - (ومنها): مشروعيّة ضرب الأمثال؛ لإيضاح المسائل.

3 - (ومنها): بيان كون الدنيا حسنة المنظر، حلو المذاق؛ لكنها سريعة الزوال، فلا ينبغي لعاقلٍ الاغترارُ بزخارفها.

4 - (ومنها): التحذير من الافتتان بالنساء، فإنهنّ أخطر ما يغترّ بهنّ الرجال، ولذا قدّمنهنّ الله - عَزَّوَجَلَّ - في تعداد شهوات النفس، فقال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} الآيةَ [آل عمران: 14] كما إشارة إلى عِظَم فتنتهنّ،

فالواجب على العاقل أن يأخذ الحذر منهنّ، ومن الدنيا، فيجتنب الميل إليهنّ، فيسلك مسلك التوسّط في ذلك، لا تفريط، ولا إفراط، والله تعالى أعلم.

5 - (ومنها): ما قاله في "الفتح": وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشدّ من الفتنة بغيرهنّ، ويشهد له قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} [آل عمران: 14]،

فجعلهنّ من حب الشهوات، وبدأ بهنّ قبل بقية الأنواع؛ إشارةً إلى أنَّهُنَّ الأصْلُ في ذلك، ويقع في المشاهدة حبّ الرجل ولده من امرأته التي هي عنده أكثر من حبه ولده من غيرها،

ومن أمثلة ذلك قصة النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - في الهبة،

وقد قال بعض الحكماء: النساء شرّ كلهنّ، وأشرّ ما فيهنّ عدم الاستغناء عنهنّ، ومع أنَّها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين، كشغله عن طلب أمور الدين، وحمله على التهالك على طلب الدنيا، وذلك أشدّ الفساد. انتهى ["الفتح" 11/ 369 - 370 رقم (5096)]،

والله تعالى أعلم. {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}." اهـ

 

الموافقات (3/ 534):

"التَّحْذِيرُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَالِ مَعَ أَصْلِ مَشْرُوعِيَّةِ الِاكْتِسَابِ لَهُ."

 

وقال العزيزي في "السراج المنير شرح الجامع الصغير في حديث البشير النذير" (4/ 117):

"ومقصود الحديث الحث على الزهد في الدنيا والتحذير عن الرغبة فيها." اهـ

 

وقال عبد الحق الدهلوي في "لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (8/ 379):

"فيه: أن أموالكم ليست لكم بل للَّه سبحانه، جعلكم في التصرف فيها بمنزلة الوكلاء." اهـ

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 310):

"ثم قال صلى الله عليه وسلم: "إن هذا المال خضرة حلوة" فأعاده مرة ثانية تحذيرا من الإغترار به فخضرته منظرة وحلاوته طيب طعمه فلذلك تشتهيه النفوس وتسارع إلى طلبه ولكن لو فكرت في عواقب لهربت من الدنيا في الحال، حلوة خضرة، وفي المآل مرة كدرة، نعمت المرضعة وبئست الفاطمة." اهـ



[1] وقال الخليل الفراهيدي في "العين" (4/ 176):

"وذهب دمه خِضْراً مِضْراً، وخَضِراً مَضِراً، إذا ذهب هدراً باطلا ولم يطلب. ويقال: خذ الشيء خَضِراً مَضِراً، أي: غضاً حسنا." اهـ

[2] وقال الإثيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 497): "هذه القصص ليس لها مستند يصحّ، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم." اهـ

[3]  فيض القدير (3/ 545) للمناوي :

وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة يتزود منها إليها بالطاعة والعمل الصالح ولهذا قال لقمان لابنه: خذ من الدنيا بلاغك وأنفق فضول كسبك لآخرتك ولا ترفض كل الرفض فتكون عيالا وعلى أعناق الرجال كَلًّا." اهـ

[4]  وفي فيض القدير (3/ 544) للمناوي :

"فمن استكثر منها أهلكته كالبهيمة إذا أكثرت من رعي الزرع الأخضر أهلكها، ففي تشبيه الدنيا بالخضرة التي ترعاها الأنعام إشارةٌ إلى أن المستكثر منها كالبهائم فغلى العاقل القنع بما تدعو الحاجة منها وتجنب الإفراط والتفريط في تناولها فإنه مهلك." اهـ

[5]  وفي مجموع فتاوى ابن باز (4/ 249) :

"ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب، وتبرجن فيه تبرج الجاهلية، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة___من أعظم أسباب الفتنة." اهـ

وفي مجموع فتاوى ابن باز (4/ 387) :

"ويكفينا عظة وعبرة ما وقع في غيرنا من الفساد الكبير والشر العظيم بسبب السماح بعمل الفتيات في ميدان الرجال، (والسعيد من وعظ بغيره) والعاقل الحكيم هو الذي ينظر في العواقب ويحسم وسائل الفساد ويسد الذرائع المفضية إليه."

[6]  أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 173) (رقم: 3468)، مسلم في "صحيحه" (3/ 1679/ 122) (رقم: 2127)

[7]  وقال ناصر العقل في "تعليقه على اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم" (1/ 133) :

"وهذا يعني أن النساء هن أول من يقع في التقليد والتشبه، وآخر من يفطن ويعقل خطر ذلك وسوء مغبته على الفرد والمجتمع، في الدين والدنيا، ونحن نجد نساء المسلمين اليوم مع الأسف أكثر انزلاقا ومتابعة للموضات (والموديلات) ، وأكثر شغفا بالتقاليد والعادات والأخلاق الوافدة من الكفار، السيئ والقبيح منها قبل الحسن.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين