شرح الحديث 132 من الأدب المفرد

 

74- باب فضل من يعول يتيما له

 

132 - حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ:

أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قَالَتْ:

"جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا، فَسَأَلَتْنِيْ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي إِلَّا تَمْرَةً وَاحِدَةً، فَأَعْطَيْتُهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ،

فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ (ثقة ثبت: 222 هـ):

الحكم بن نافع البهرانى ، أبو اليمان الحمصي (مولى امرأةٍ مِنْ بَهْرَاءَ، يقال لها: أم سلمة، كانت عند عمر بن رؤبة التغْلِبِيُّ)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ (ثقة عابد: ت. 162 هـ):

شعيب بن أبى حمزة (دينار)، القرشي الأموي مولاهم، أبو بشر الحمصي، من كبار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

رتبته عند ابن حجر :  ثقة عابد ، قال ابن معين : من أثبت الناس فى الزهرى

 

* عَنِ الزُّهْرِيِّ (الفقيه الحافظ متفق على جلالته و إتقانه: ت. 125 هـ):

محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة القرشى الزهرى ، أبو بكر المدني، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

 

* قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ (ثقة: ت. 135 هـ):

عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصارى ، أبو محمد ، و يقال أبو بكر ، المدنى ، القاضي، من صغار التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ أَخْبَرَهُ (ثقة: ت. 94 هـ على الصحيح):

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشى الأسدي، أبو عبد الله المدني، من الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قالت (ت. 57 هـ على الصحيح):

عائشة بنت أبى بكر الصديق التَّيْمِيَّةُ، أم المؤمنين، أم عبد الله (وأمها: أم رومان بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس بن عتاب)، صحابية، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث وشرحه:

 

أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قَالَتْ:

"جَاءَتْنِي امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا، فَسَأَلَتْنِيْ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي إِلَّا تَمْرَةً وَاحِدَةً، فَأَعْطَيْتُهَا، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ،

فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثْتُهُ، فَقَالَ: «مَنْ يَلِي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ، كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ»

 

طرح التثريب في شرح التقريب - (7 / 67)

 الْمُرَادُ بِـ(الْإِحْسَانِ إلَيْهِنَّ): صِيَانَتُهُنَّ، وَالْقِيَامُ بِمَا يُصْلِحُهُنَّ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ وَغَيْرِهَا، وَالنَّظَرُ فِي أَصْلَحِ الْأَحْوَالِ لَهُنَّ، وَتَعْلِيمُهُنَّ مَا يَجِبُ تَعْلِيمُهُ، وَتَأْدِيبُهُنَّ وَزَجْرُهُنَّ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِنَّ،

فَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ الْإِحْسَانِ، وَإِنْ كَانَ بِنَهْرٍ أَوْ ضَرْبٍ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ." اهـ

 

فيض القدير (5/ 362):

(إلا كن له سترا من النار) أي وقاية من دخول نار جهنم لأنه كما سترهن في الدنيا عن ذل السؤال وهتك الأعراض باحتياجهن إلى الغير الذي ربما جر إلى الخنا والزنا جوزي بالستر من النار جزاء وفاقا." اهـ

 

وفي صحيح مسلم (4/ 2027/ 148) (رقم: 2630):

عَنْ عَائِشَةَ:

أَنَّهَا قَالَتْ: "جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا، فَأَطْعَمْتُهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا، فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا، فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ، الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا، فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا، فَذَكَرْتُ الَّذِي صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ، أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ»

 

سنن الترمذي ت شاكر (4/ 319)

عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ ابْتُلِيَ بِشَيْءٍ مِنَ البَنَاتِ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ»

 

سنن ابن ماجه (2/ 1210)

عَنْ صَعْصَعَةَ، عَمِّ الْأَحْنَفِ، قَالَ:

دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا، فَأَعْطَتْهَا ثَلَاثَ تَمَرَاتٍ، فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً، ثُمَّ صَدَعَتِ الْبَاقِيَةَ بَيْنَهُمَا، قَالَتْ: فَأَتَى النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَحَدَّثَتْهُ، فَقَالَ: «مَا عَجَبُكِ، لَقَدْ دَخَلَتْ بِهِ الْجَنَّةَ»

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في " الأدب المفرد" (ص: 59) (رقم: 132)، وفي "صحيحه" (2/ 110 و 8/ 7) (رقم: 1418 و 5995)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 2027/ 147) (رقم: 2629 و 2630)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/ 319 و 4/ 319) (رقم: 1913 و 1915)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1210) (رقم: 3668)

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (7/ 401) (رقم: 3143)، و"تخريج مشكاة المصابيح" (3/ 1384) (رقم: 4949)، صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1030) (رقم: 5932)، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 427) (رقم: 1968)، و"التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان" (4/ 474) (رقم: 2928)، و"صحيح الأدب المفرد" (ص: 74) (رقم: 99).

 

من فوائد الحديث:

 

طرح التثريب في شرح التقريب - (7 / 68):

وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُخْلِصَ نِيَّتَهُ فِي ذَلِكَ وَيَقْصِدَ بِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَمِنْ تَمَامِ الْإِحْسَانِ: أَنْ لَا يُظْهِرَ بِهِنَّ ضَجَرًا وَلَا قَلَقًا وَلَا كَرَاهَةً، وَلَا اسْتِثْقَالًا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُكَدِّرُ الْإِحْسَانَ." اهـ

 

طرح التثريب في شرح التقريب - (7 / 68)

قَوْلُهُ (كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ)، أَيْ: كُنَّ سَبَبًا فِي أَنْ يُبَاعِدَهُ اللَّهُ مِنْ النَّارِ وَيُجِيرَهُ مِنْ دُخُولِهَا، وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ النَّارَ دَخَلَ الْجَنَّةَ فَلَا مَنْزِلَ سِوَاهُمَا،

 

طرح التثريب في شرح التقريب - (7 / 68)

فِيهِ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ يُنِيلُ الْإِنْسَانَ الْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنْ النَّارِ بِالْعَمَلِ الْيَسِيرِ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فِي الصَّحِيحِ «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» ، وَكَمَا قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا»

 

فتح الباري- تعليق ابن باز - (10 / 428)

وقد اختلف في المراد بـ ((الإحسان)) هل يقتصر به على قدر الواجب أو بما زاد عليه؟

والظاهر الثاني، فإن عائشة أعطت المرأة التمرة فآثرت بها ابنتيها فوصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان بما أشار إليه من الحكم المذكور،

فدل على أن من فعل معروفا لم يكن واجبا عليه أو زاد على قدر الواجب عليه عد محسنا، والذي يقتصر على الواجب وإن كان يوصف بكونه محسنا، لكن المراد من الوصف المذكور قدر زائد،

وشرط الإحسان أن يوافق الشرع لا ما خالفه،

والظاهر أن الثواب المذكور إنما يحصل لفاعله إذا استمر إلى أن يحصل استغناؤهن عنه بزوج أو غيره كما أشير إليه في بعض ألفاظ الحديث،

والإحسان إلى كل أحد بحسب حاله، وقد جاء أن الثواب المذكور يحصل لمن أحسن لواحدة فقط." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين - (1 / 199)

قال القرطبي: يفيد هذا الحديث بعمومه أن الستر من النار يحصل بالإحسان إلى واحدة من البنات، فإذا عال زيادة على الواحدة فيحصل له زيادة على السترِ السبق مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الجنة كما في الحديث السابق.

 

وقال العثيمين في "شرح رياض الصالحين"  (3 / 108_109):

ومما ورد في هذا الحديث من العبر:

أولاً: بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أشرف بيوته، فيه أحب نسائه إليه، لا يوجد به إلا تمرة واحدة،

ونحن الآن في بلدنا هذا، يُقَدَّمُ للإنسان عند الأكل أربعةُ أصنافٍ شَتَّى، فلماذا فتحت علينا الدنيا وأغلقت عليهم؟! ألِكَوْنِنَا أحبَّ إلى اللهِ مِنْهُمْ؟! لا والله،

هُمْ أحب إلى الله منا، ولكن فضل الله يؤتيه من يشاء، ونحن ابتلينا بهذه النعم، فصارت هذه النعم عند كثير من الناس اليوم سبباً للشر والفساد والأَشِر والْبَطَر، حتى فسقوا والعياذ بالله،

ويخشى علينا من عقوبة الله عز وجل بسبب أن كثيراً منا بطروا هذه_النعم وكفروها، وجعلوها عوناً على معاصي الله سبحانه وتعالى _نسأل الله السلامة_." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (3 / 109)

ثانياً: وفيه أيضاً ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الإيثار، فإن عائشة ليس عندها إلا تمرة ومع ذلك آثرت بها هذه المسكينة، ونحن الآن عندنا أموال كثيرة ويأتي السائل ونرده.

لكن بلاءنا في الحقيقة في رد السائل هو أن كثيراً من السائلين كاذبون؛ يسأل وهو أغنى من المسؤول،

وكم من إنسان سأل ويسأل الناس ويلحف في المسألة. فإذا مات وجدت عنده دراهم الفضة والذهب الأحمر والأوراق الكثيرة من النقود!

وهذا هو الذي يجعل الإنسان لا يتشجع على إعطاء كل سائل، من أجل الكذب والخداع، حيث يظهرون بمظهر العجزة وبمظهر المعتوهين والفقراء وهم كاذبون.

ثالثاً: وفي هذا الحديث أيضاً من العبر أن الصحابة رضي الله عنهم يوجد فيهم الفقير كما يوجد فيهم الغني،

قال الله _تعالى_: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً) [الزخرف: 32]،

ولولا هذا التفاوت ما اتخذ بعضنا بعضاً سخرياً، ولو كنا على حد سواء واحتاج الإنسان منا مثلاً لعملٍ مَا كالبناء، فجاء إلى الآخر فقال: أريدك أن تبني لي بيتاً، فقال: لا أبني، أنا مثلك، أنا غني،

فإذا أردنا أن نصنع باباً، قال الآخر: لا أصنع، أنا غني مثلك؛ فهذا التفاوت جعل الناس يخدم بعضهم بعضاً:_

الناس للناس من بدو وحاضرة ... بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم

حتى التاجر الغني صاحب المليارات يخدم الفقير. كيف؟! يورد الأطعمة والأشربة والأكسية ومواد البناء وغيرها، يجلبها للفقير فينتفع بها،

فكل الناس بعضهم يحتاج لبعض، ويخدم بعضهم بعضاً؛ ذلك حكمة من الله _عز وجل_." اهـ

 

شرح رياض الصالحين - (3 / 110)

رابعاً: وفي هذا الحديث أيضاً دليل على فضل من أحسن إلى البنات بالمال، والكسوة، وطيب الخاطر، ومراعاة أنفسهن؛ لأنهن عاجزات قاصرات.

خامساً: وفيه ما أشرنا إليه أولاً من أن الذي يكلف بالنفقة وينفق هم الرجال، أما النساء فللبيوت ولمصالح البيوت، وكذلك للمصالح التي لا يقوم بها إلا النساء كمدارس البنات.

أما أن يجعلن موظفات مع الرجال في مكتب واحد، أو سكرتيرات كما يوجد في كثير من بلاد المسلمين، فإن هذا لا شك خطأ عظيم، وشر عظيم، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها)) ؛ لأن أولها قريب من الرجال فصار شراً، وآخرها بعيد عن الرجال فصار خيراً. فانظر

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (8 / 278_279)

* وَفِيه: قسْمَة الْمَرْأَة التمرة بَين ابنتيها لما جعل الله فِي قُلُوب الإمهات من الرَّحْمَة.

* وَفِيه: أَن النَّفَقَة على الْبَنَات وَالسَّعْي عَلَيْهِنَّ من أفضل أَعمال الْبر المنجية من النَّار،

* وَكَانَت عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا من أَجود النَّاس أَعْطَتْ فِي كَفَّارَة يَمِين أَرْبَعِينَ رَقَبَة، وَقيل: فَعَلَتْ ذَلِك_فِي نذر مُبْهَم، وَكَانَت ترى أَنَّهَا لم توف مِمَّا يلْزمهَا فِيهِ، وأعانتْ الْمُنْكَدِرَ فِي كِتَابَته بِعشْرَة آلَاف دِرْهَم."

 

فتح الباري- تعليق ابن باز - (3 / 284)

وفيه: شدة حرص عائشة على الصدقة امتثالا لوصيته صلى الله عليه وسلم لها حيث قال: "لا يرجع من عندك سائل ولو بشق تمرة" رواه البزار من حديث أبي هريرة[1]

 

طرح التثريب في شرح التقريب - (7 / 68)

إنَّمَا خَصَّ الْبَنَاتَ بِذَلِكَ لِضَعْفِ قُوَّتِهِنَّ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِنَّ وَعَدَمِ اسْتِقْلَالِهِنَّ وَاحْتِيَاجِهِنَّ إلَى التَّحْصِينِ وَزِيَادَةِ كُلْفَتِهِنَّ وَالِاسْتِثْقَالِ بِهِنَّ وَكَرَاهَتِهِنَّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ بِخِلَافِ الصِّبْيَانِ فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَهُنَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى وَاقِعَةٍ مَخْصُوصَةٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ مَفْهُومٌ، وَيَكُونُ الصِّبْيَانُ كَذَلِكَ، وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا وَرَدَ فِي كَافِلِ الْيَتِيمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ الْأُنْثَى،

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (8 / 278)

وَفِيه حض على الصَّدَقَة بِالْقَلِيلِ وَإِعْطَاء عَائِشَة التمرة لِئَلَّا ترد السَّائِل خائباً وَهِي تَجِد شَيْئا

 

شرح النووي على مسلم - (16 / 179)

إِنَّمَا سَمَّاهُ اِبْتِلَاء لِأَنَّ النَّاس يَكْرَهُونَهُنَّ فِي الْعَادَة وَقَالَ اللَّه تَعَالَى : {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدهمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهه مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيم} .

 

طرح التثريب في شرح التقريب - (7 / 67)

وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّمَا سَمَّاهُ ابْتِلَاءً لِأَنَّ النَّاسَ يَكْرَهُونَهُ فِي الْعَادَةِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ} [النحل: 58]،

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ مِنْ الْبَلَاءِ، وَالْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ مِنْ الِاخْتِبَارِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (9/ 213)

وقوله فى حديث عائشة: (من بلى من هذه البنات شيئًا كن له سترًا من النار) دليل أن أجر القيام على البنات أعظم من أجر القيام على البنين، إذ لم يذكر عليه السلام مثل فى القيام على البنين، وذلك والله أعلم من أجل أن مؤنة البنات والاهتمام بأمورهن أعظم من أمور البنين لأنهن عذرات لا يباشرون أمورهن ولا يتصرفن تصرف البنين." اهـ

 

شرح المصابيح لابن الملك (5/ 290)

احتياجهن إلى الإحسان كان أكثر حالَ الصغر والكبر، فمن سترهن بالإحسان يجازَى بالستر من النيران." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (41/ 175_176)

في فوائده:___

1 - (منها): بيان فضل الإحسان إلى البنات، والنفقة عليهنّ، والصبر

عليهنّ، وعلى سائر أمورهنّ.

2 - (ومنها): تأكيد حقّ البثات؛ لِمَا فيهنّ من الضعف غالباً عن القيام

بمصالح أنفسهنّ، بخلاف الذكور؛ لِمَا فيهم من قوة البدن، وجزالة الرأي،

وإمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال.

3 - (ومنها): جواز سؤال المحتاج، ولا سيّما إذا كانت امرأة معها

البنات 0

4 - (ومنها): سخاء عائشة - رضي الله عنها -؛ لكونها لم تجد إلا تمرة فآثرت بها.

5 - (ومنها): أن القليل لا يمتنع التصدق به؛ لحقارته، بل ينبغي

للمتصدق أن يتصدق بما تيسَّر له قَلّ أو كثر.

6 - (ومنها): جواز ذِكر المعروف، إن لم يكن على وجه الفخر، ولا

المنّة.

7 - (ومنها): ما قاله ابن بطال -رَحِمَهُ اللهُ-: إنما سمّاه ابتلاء؛ لأن الناس يكرهون البنات، فجاء الشرع بزجرهم عن ذلك، ورَغَّب في إبقائهنّ، وتَرْك قتلهنّ بما ذُكر من الثواب الموعود به مَنْ أحسن إليهنّ، وجاهد نفسه في الصبر

عليهنّ،

وقال الحافظ العراقيّ -رَحِمَهُ اللهُ- في "شرح الترمذيّ": يَحْتَمِل أن يكون معنى الابتلاء هنا: الاختبار؛ أي: من اختُبِر بشيء من البنات؛ ليُنظَر ما يفعل، أيُحسِن إليهنّ، أو يسيء؟

ولهذا قيّده في حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - بالتقوى، فإن من لا يتقي الله لا يأمن أن يتضجر بمن وَكَله الله إليه، أو يُقصّر عما أُمر بفعله، أو لا يقصد بفعله امتثال أمر الله، وتحصيل ثوابه، والله تعالى أعلم.

 



[1] أخرجه البيهقى فى شعب الإيمان (3/228 ، رقم 3041)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين