عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ

 

عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 193) :

"إِنَّ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً: أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هِمَّتُهُ الْعِبَادَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ.

وَالثَّالِثُ: قِلَّةُ الْقَوْلِ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ وَرِعًا فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنَ الْحَرَامِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ مَعَ الصَّالِحِينَ.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَوَاضِعًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ سَخِيًّا كَرِيمًا.

وَالتَّاسِعُ أَنْ يَكُونَ رَحِيمًا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لِلْخَلْقِ.

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ كَثِيرًا.

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 193_194) :

وَعَلَامَةُ الشَّقَاءِ أَيْضًا، إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً:

أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ , وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ نَهْمَتُهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ فِي الدُّنْيَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فَحَّاشًا فِي الْقَوْلِ مِكْثَارًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَهَاوِنًا فِي الصَّلَوَاتِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ مِنَ الْحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ، وَصُحْبَتُهُ مَعَ الْفُجَّارِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ سَيِّئَ الْخُلُقِ.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُخْتَالًا مُتَكَبِّرًا فَخُورًا.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَمْنَعَ مَنْفَعَتَهُ مِنَ النَّاسِ.

وَالتَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ قَلِيلَ الرَّحْمَةِ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا.____

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِلْمَوْتِ.

يَعْنِي : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ طَعَامَهُ مِنَ الْبَيْعِ وَيَرْحَمُ الْمُسْلِمِينَ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الزُّهَّادِ أَنَّهُ كَانَ فِي بَيْتِهِ وِقْرٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فَقَحَطَ النَّاسُ، فَبَاعَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْحِنْطَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَشْتَرِي لِحَاجَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُشَارِكَ النَّاسَ فِي غَمِّهِمْ.

وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ

 

شرح الأثر :

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 193_194) :

"إِنَّ عَلَامَاتِ السَّعَادَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً:

أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ زَاهِدًا فِي الدُّنْيَا رَاغِبًا فِي الْآخِرَةِ.

 

قال الجرجاني في التعريفات (ص: 115) :

"الزهد: في اللغة ترك الميل إلى الشيء، وفي اصطلاح أهل الحقيقة: هو بغض الدنيا والإعراض عنها، وقيل: هو ترك راحة الدنيا طلبًا لراحة الآخرة." اهـ

 

مجموع الفتاوى (10/ 21)

وَ " الزُّهْدُ الْمَشْرُوعُ " هُوَ تَرْكُ الرَّغْبَةِ فِيمَا لَا يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَهُوَ فُضُولُ الْمُبَاحِ الَّتِي لَا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ،

كَمَا أَنَّ " الْوَرَعَ الْمَشْرُوعَ " هُوَ تَرْكُ مَا قَدْ يَضُرُّ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَهُوَ تَرْكُ الْمُحَرَّمَاتِ وَالشُّبُهَاتِ الَّتِي لَا يَسْتَلْزِمُ تَرْكُهَا تَرْكَ مَا فِعْلُهُ أَرْجَحُ مِنْهَا كَالْوَاجِبَاتِ فَأَمَّا مَا يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ يُعِينُ عَلَى مَا يَنْفَعُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ فَالزُّهْدُ فِيهِ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ بَلْ صَاحِبُهُ دَاخِلٌ فِي قَوْله تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة: 87]." اهـ

 

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 12_15) :

"وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ مِنَ الْكَلَامِ فِي الزُّهْدِ وَكَلٌّ أَشَارَ إِلَى ذَوْقِهِ. وَنَطَقَ عَنْ حَالِهِ وَشَاهِدِهِ. فَإِنَّ غَالِبَ عِبَارَاتِ الْقَوْمِ عَنْ أَذْوَاقِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ. وَالْكَلَامُ بِلِسَانِ الْعِلْمِ أَوْسَعُ مِنَ الْكَلَامِ بِلِسَانِ الذَّوْقِ، وَأَقْرَبُ إِلَى الْحُجَّةِ وَالْبُرْهَانِ.

وَسَمِعْتُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ - قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ - يَقُولُ: الزُّهْدُ تَرْكُ مَا لَا يَنْفَعُ فِي الْآخِرَةِ. وَالْوَرَعُ تَرْكَ مَا تَخَافُ ضَرَرُهُ فِي الْآخِرَةِ.

وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الزُّهْدِ وَالْوَرَعِ وَأَجْمَعِهَا.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الْأَمَلِ. لَيْسَ بِأَكْلِ الْغَلِيظِ، وَلَا لُبْسِ الْعَبَاءِ.

وَقَالَ الْجُنَيْدُ: سَمِعْتُ سَرِيًّا يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ سَلَبَ الدُّنْيَا عَنْ أَوْلِيَائِهِ وَحَمَاهَا عَنْ أَصْفِيَائِهِ، وَأَخْرَجَهَا مِنْ قُلُوبِ أَهْلِ وِدَادِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَهَا لَهُمْ.

وَقَالَ: الزُّهْدُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [الحديد: 23] فَالزَّاهِدُ لَا يَفْرَحُ مِنَ الدُّنْيَا بِمَوْجُودٍ. وَلَا يَأْسَفُ مِنْهَا عَلَى مَفْقُودٍ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: الزُّهْدُ يُورِثُ السَّخَاءَ بِالْمُلْكِ، وَالْحُبُّ يُورِثُ السَّخَاءَ بِالرُّوحِ.

وَقَالَ ابْنُ الْجَلَاءِ: الزُّهْدُ هُوَ النَّظَرُ إِلَى الدُّنْيَا بِعَيْنِ الزَّوَالِ، فَتَصْغُرُ فِي عَيْنَيْكَ،____فَيَسْهُلُ عَلَيْكَ الْإِعْرَاضُ عَنْهَا.

وَقَالَ ابْنُ خَفِيفٍ: الزُّهْدُ وُجُودُ الرَّاحَةِ فِي الْخُرُوجِ مِنَ الْمُلْكِ.

وَقَالَ أَيْضًا: الزُّهْدُ سُلُوُّ الْقَلْبِ عَنِ الْأَسْبَابِ، وَنَفُضُّ الْأَيْدِي مِنَ الْأَمْلَاكِ.

وَقِيلَ: هُوَ عُزُوفُ الْقَلْبِ عَنِ الدُّنْيَا بِلَا تَكَلُّفٍ.

وَقَالَ الْجُنَيْدُ: الزُّهْدُ خُلُوُّ الْقَلْبِ عَمَّا خَلَتْ مِنْهُ الْيَدُ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا قِصَرُ الْأَمَلِ.

وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ عَدَمُ فَرَحِهِ بِإِقْبَالِهَا. وَلَا حُزْنِهِ عَلَى إِدْبَارِهَا. فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَكُونُ مَعَهُ أَلْفُ دِينَارٍ. هَلْ يَكُونُ زَاهِدًا؟ فَقَالَ: نَعَمْ. عَلَى شَرِيطَةِ أَنْ لَا يَفْرَحَ إِذَا زَادَتْ، وَلَا يَحْزَنَ إِذَا نَقَصَتْ.

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ: هُوَ الثِّقَةُ بِاللَّهِ مَعَ حُبِّ الْفَقْرِ. وَهَذَا قَوْلُ شَقِيقٍ وَيُوسُفَ بْنِ أَسْبَاطٍ.

وَقَالَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ: الزُّهْدُ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا وَالدِّرْهَمِ.

وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيُّ: تَرْكُ مَا يُشْغِلُ عَنِ اللَّهِ. وَهُوَ قَوْلُ الشِّبْلِيِّ.

وَسَأَلَ رُوَيْمٌ الْجُنَيْدَ عَنِ الزُّهْدِ؟ فَقَالَ: اسْتِصْغَارُ الدُّنْيَا، وَمَحْوُ آثَارِهَا مِنَ الْقَلْبِ.____

وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ خُلُوِّ الْيَدِ عَنِ الْمُلْكِ، وَالْقَلْبِ عَنِ التَّتَبُّعِ.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مُعَاذٍ: لَا يَبْلُغُ أَحَدٌ حَقِيقَةَ الزُّهْدِ حَتَّى يَكُونَ فِيهِ ثَلَاثُ خِصَالٍ: عَمَلٌ بِلَا عَلَاقَةٍ، وَقَوْلٌ بِلَا طَمَعٍ، وَعِزٌّ بِلَا رِيَاسَةٍ.

وَقَالَ أَيْضًا: الزَّاهِدُ يُسْعِطُكَ الْخَلَّ وَالْخَرْدَلَ، وَالْعَارِفُ يُشِمُّكَ الْمِسْكَ وَالْعَنْبَرَ.

وَقِيلَ: حَقِيقَتُهُ هُوَ الزُّهْدُ فِي النَّفْسِ. وَهَذَا قَوْلُ ذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ.

وَقِيلَ: الزُّهْدُ الْإِيثَارُ عِنْدَ الِاسْتِغْنَاءِ، وَالْفُتُوَّةُ: الْإِيثَارُ عِنْدَ الْحَاجَةِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] .

وَقَالَ رَجُلٌ لِيَحْيَى بْنِ مُعَاذٍ: مَتَى أَدْخُلُ حَانُوتَ التَّوَكُّلِ، وَأَلْبَسُ رِدَاءَ الزَّاهِدِينَ، وَأَقْعُدُ مَعَهُمْ؟ فَقَالَ: إِذَا صِرْتَ مِنْ رِيَاضَتِكَ لِنَفْسِكَ إِلَى حَدٍّ لَوْ قَطَعَ اللَّهُ الرِّزْقَ عَنْكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ تَضْعُفْ نَفْسُكَ. فَأَمَّا مَا لَمْ تَبْلُغْ إِلَى هَذِهِ الدَّرَجَةِ فَجُلُوسُكَ عَلَى بِسَاطِ الزَّاهِدِينَ جَهْلٌ، ثُمَّ لَا آمَنُ عَلَيْكَ أَنْ تَفْتَضِحَ.

وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: الزُّهْدُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ. الْأَوَّلُ تَرْكُ الْحَرَامِ. وَهُوَ زُهْدُ الْعَوَامِّ. وَالثَّانِي تَرْكُ الْفُضُولِ مِنَ الْحَلَالِ. وَهُوَ زُهْدُ الْخَوَاصِّ. وَالثَّالِثُ تَرْكُ مَا يَشْغَلُ عَنِ اللَّهِ. وَهُوَ زُهْدُ الْعَارِفِينَ.

وَهَذَا الْكَلَامُ مِنَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ كَلَامِ الْمَشَايِخِ، مَعَ زِيَادَةِ تَفْصِيلِهِ وَتَبْيِينِ دَرَجَاتِهِ. وَهُوَ مِنْ أَجْمَعِ الْكَلَامِ. وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ رِضَى اللَّهِ عَنْهُ مِنْ هَذَا الْعِلْمِ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى. وَقَدْ شَهِدَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ بِإِمَامَتِهِ فِي ثَمَانِيَةِ أَشْيَاءَ أَحَدُهَا الزُّهْدُ.____

وَالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعَارِفُونَ أَنَّ الزُّهْدَ سَفَرُ الْقَلْبِ مِنْ وَطَنِ الدُّنْيَا، وَأَخْذُهُ فِي مَنَازِلِ الْآخِرَةِ. وَعَلَى هَذَا صَنَّفَ الْمُتَقَدِّمُونَ كُتُبَ الزُّهْدِ. كَالزُّهْدِ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَلِوَكِيعٍ، وَلِهَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، وَلِغَيْرِهِمْ." اهـ

 

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 15_16)

"وَمُتَعَلِّقُهُ سِتَّةُ أَشْيَاءَ. لَا يَسْتَحِقُّ الْعَبْدُ اسْمَ الزُّهْدِ حَتَّى يَزْهَدَ فِيهَا. وَهِيَ: الْمَالُ، وَالصُّوَرُ، وَالرِّيَاسَةُ، وَالنَّاسُ، وَالنَّفْسُ، وَكُلُّ مَا دُونَ اللَّهِ.

وَلَيْسَ الْمُرَادُ رَفْضَهَا مِنَ الْمُلْكِ. فَقَدْ كَانَ سُلَيْمَانُ وَدَاوُدُ _عَلَيْهِمَا السَّلَامُ_ مِنْ أَزْهَدِ أَهْلِ زَمَانِهِمَا، وَلَهُمَا مِنَ الْمَالِ، وَالْمُلْكِ، وَالنِّسَاءِ مَا لَهُمَا.

وَكَانَ نَبِيُّنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَزْهَدِ الْبَشَرِ عَلَى الْإِطْلَاقِ. وَلَهُ تِسْعُ نِسْوَةٍ.

وَكَانَ عَلِيُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرُ وَعُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنَ الزُّهَّادِ. مَعَ مَا كَانَ لَهُمْ مِنَ الْأَمْوَالِ.

وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ مِنَ الزُّهَّادِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ أَكْثَرِ الْأُمَّةِ مَحَبَّةً لِلنِّسَاءِ وَنِكَاحًا لَهُنَّ، وَأَغْنَاهُمْ.

وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ مِنَ الْأَئِمَّةِ الزُّهَّادِ، مَعَ مَالٍ كَثِيرٍ. وَكَذَلِكَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ مِنْ____أَئِمَّةِ الزُّهَّادِ. وَكَانَ لَهُ رَأْسُ مَالٍ يَقُولُ: لَوْلَا هُوَ لَتَمَنْدَلَ بِنَا هَؤُلَاءِ.

وَمِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ فِي الزُّهْدِ: كَلَامُ الْحَسَنِ أَوْ غَيْرِهِ:

«لَيْسَ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا بِتَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَلَا إِضَاعَةِ الْمَالِ. وَلَكِنْ أَنْ تَكُونَ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَوْثَقُ مِنْكَ بِمَا فِي يَدِكَ، وَأَنْ تَكُونَ فِي ثَوَابِ الْمُصِيبَةِ - إِذَا أُصِبْتَ بِهَا - أَرْغَبُ مِنْكَ فِيهَا لَوْ لَمْ تُصِبْكَ» .

فَهَذَا مِنْ أَجْمَعِ كَلَامٍ فِي الزُّهْدِ وَأَحْسَنِهِ. وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا." اهـ

 

سنن ابن ماجه (2/ 1373) (رقم: 4102):

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ، قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ، فَقَالَ:

"يَا رَسُولَ اللَّهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ، إِذَا أَنَا عَمِلْتُهُ، أَحَبَّنِي اللَّهُ، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ؟"

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ، وَازْهَدْ فِيمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ يُحِبُّكَ النَّاسُ»." – حسن: صحيح الترغيب والترهيب (3/ 253) (رقم: 3213)

 

المعجم الأوسط (7/ 332) (رقم: 7650):

عن عبد الله بن عمرو _رضي الله عنه_ قَالَ: «صَلَاحُ أَوَّلِ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالزَّهَادَةِ وَالْيَقِينِ، وهَلَاكُهَا بِالْبُخْلِ وَالْأَمَلِ» - حديث حسن: صحيح الترغيب والترهيب (3/ 254) (رقم: 3215 )

 

الزهد لابن أبي الدنيا (ص: 142) (رقم: 297):

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «لَا يُصِيبُ عَبْدٌ مِنَ الدُّنْيَا شَيْئًا إِلَّا نَقَصَ مِنْ دَرَجَاتِهِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَرِيمًا» - صحيح: صحيح الترغيب والترهيب (3/ 255) (رقم: 3220)

 

مسند أحمد - عالم الكتب (5/ 197) (رقم: 21721):

عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ :

"قَالَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ، إِلاَّ بُعِثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ، يُسْمِعَانِ أَهْلَ الأَرْضِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى.") - صحيح الترغيب والترهيب (3/ 258) (رقم: 3226)

 

 

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ هِمَّتُهُ الْعِبَادَةَ وَتِلَاوَةَ الْقُرْآنِ.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية _رحمه الله في "العبودية" (ص: 44)

"الْعِبَادَة هِيَ اسْم جَامع لكل مَا يُحِبهُ الله ويرضاه من الْأَقْوَال والأعمال الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة."

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 244)

لما سمع الصحابة رضي الله عنهم قول الله عز وجل: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ} [البقرة: 148] .

{سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21]،

فهموا أن المراد من ذلك أن يجتهد كل واحد منهم أن يكون هو السابق لغيره إلى هذه الكرامة والمسارع إلى بلوغ هذه الدرجة العالية فكان أحدهم إذا رأى من يعمل عملا يعجز عنه خشي أن يكون صاحب ذلك العمل هو السابق له فيحزن لفوات سبقه فكان تنافسهم في درجات الآخرة واستباقهم إليها كما قال تعالى: {خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين:26]

ثم جاء من بعدهم فعكس الأمر فصار تنافسهم في الدنيا الدنية وحظوظها الفانية." اهـ

 

مصنف ابن أبي شيبة (7/ 188) (رقم: 35203): عن الْحَسَن، يَقُولُ: «إِذَا رَأَيْتَ الرَّجُلَ يُنَافِسُ فِي الدُّنْيَا، فَنَافِسْهُ فِي الْآخِرَةِ»

 

لطائف المعارف لابن رجب (ص: 244)

وقال بعض السلف: لو أن رجلا سمع بأحد أطوع لله منه كان ينبغي له أن يحزنه ذلك وقال غيره: لو أن رجلا سمع برجل أطوع لله منه فانصدع قلبه فمات لم يكن ذلك بعجب قال رجل لمالك بن دينار رأيت في المنام مناديا ينادي أيها الناس الرحيل الرحيل فما رأيت أحدا يرتحل إلا محمد بن واسع فصاح مالك وغشي عليه: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ، أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [الواقعة: 10, 12] قال عمر بن عبد العزيز في حجة حجها عند دفع الناس من عرفة ليس السابق اليوم من سبق به بعيره إنما السابق من غفر له.

كان رأس السابقين إلى الخيرات من هذه الأمة أبو بكر الصديق رضي الله عنه قال عمر: ما استبقنا إلى شيء من الخير إلا سبقنا أبو بكر وكان سباقا بالخيرات." اهـ

 

الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة (5/ 65_66) (رقم: 893):

"مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن عمر التركستاني نزيل الْقُدس الشَّيْخ شمس الدّين القرمي العابد الْمَشْهُور ولد سنة عشْرين وَسَبْعمائة تَقْرِيبًا....___

وَأَنه كَانَ يَقُول: (مَا بَلغنِي عَن أحد من النَّاس أَنه تعبد عبَادَة إِلَّا تعبدت نظيرها وزدت عَلَيْهِ)." اهـ

 

حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (1/ 303)

عَنْ نَافِعٍ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِشَاءِ فِي جَمَاعَةٍ أَحْيَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ، وَقَالَ بِشْرُ بْنُ مُوسَى: أَحْيَا لَيْلَتَهُ.

 

تاريخ الإسلام ت تدمري (4/ 145):

"اجْتَهَدَ الأَشْعَرِيُّ قَبْلَ مَوْتِهِ اجْتِهَادًا شَدِيدًا، فَقِيلَ لَهُ: "لَوْ رَفَقْتَ بِنَفْسِكَ"،

قَالَ: "إِنَّ الْخَيْلَ إِذَا أُرْسِلَتْ، فَقَارَبَتْ رَأْسَ مَجْرَاهَا، أَخْرَجَتْ جَمِيعَ مَا عِنْدَهَا، وَالَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ." اهـ

 

وَالثَّالِثُ: قِلَّةُ الْقَوْلِ فِيمَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.

 

فيه حث على حفظ اللسان عن الحرام وما ليس فيه نفع في الآخرة،

منطق الإنسان يُنبئ عمَّا يتحلَّى به مِن صِدق إيمان، وحياء جميل، وكرامة خُلق، ومُثل عُليا، والمراد باللسان القول. وأصلُه : جارحةُ الكلام، وقد تُكني العربُ باللسان عن الكلمة.

 

لقد حثنا الله في القرآن على حفظ اللسان، وأن لا نتكلم إلا فيه خير لدنيانا و آخرتنا.

قال الله _عز وجل_: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]

وقال _تعالى_ : {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12]

 

وقال الشافعي كما في "سير أعلام النبلاء" - ط الرسالة (10/ 98)

"اجتِنَابُ المَعَاصِي، وَتَرْكُ مَا لاَ يَعْنِيْكَ، يُنَوِّرُ القَلْبَ." اهـ

 

صحيح البخاري (8/ 11) (رقم: 6018):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ»

 

صحيح البخاري (8/ 100) (رقم: 6477):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:101] يَقُولُ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ، مَا يَتَبَيَّنُ فِيهَا، يَزِلُّ بِهَا فِي النَّارِ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ» [خ م]

 

سنن أبي داود (4/ 124) (رقم: 4343):

عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، قَالَ:

بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ، فَقَالَ:

«إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ، وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ، وَكَانُوا هَكَذَا» وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ،

قَالَ: فَقُمْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ: كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟

قَالَ: «الْزَمْ بَيْتَكَ، وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ» - صحيح الترغيب والترهيب (3/ 84) (رقم : 2854)

 

المعجم الأوسط (3/ 21) (رقم: 2340):

عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ:

قَالَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: «طُوبَى لِمَنْ مَلَكَ لِسَانَهُ، وَوَسِعَهُ بَيْتُهُ، وَبَكَى عَلَى خَطِيئَتِهِ»

حسن: صحيح الترغيب والترهيب (3/ 42) (رقم: 2740)

 

صحيح البخاري (8/ 100) (رقم: 6474):

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ»

 

سنن الترمذي ت شاكر (4/ 558) (رقم: 2317):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» [ت ق]

 

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُحَافِظًا عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ.

 

قال الله _تعالى_:

{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]

 

صحيح مسلم (1/ 453) (رقم: 654):

عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسعود _رضي الله عنه_، قَالَ:

«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللهَ غَدًا مُسْلِمًا، فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ، فَإِنَّ اللهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّهُنَّ مَنْ سُنَنَ الْهُدَى، وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ، لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ، ... وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ»

 

المعجم الكبير للطبراني (3/ 253) (رقم: 3324) عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، قَالَ:

تَزَوَّجَ الْحَارِثُ بْنُ حَسَّانَ - وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ - وَكَانَ الرَّجُلُ إِذْ ذَاكَ إِذَا تَزَوَّجَ تَخَدَّرَ أَيَّامًا، فَلَا يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَقِيلَ لَهُ: أتَخْرُجُ وَإِنَّمَا بَنَيْتَ بِأَهْلِكَ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ؟

قَالَ: «وَاللهِ إِنَّ امْرَأَةً تَمْنَعُنِي مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فِي جَمِيعٍ لَامْرَأَةُ سَوْءٍ»

 

ﻋﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ ﻗﺎﻝ : " ﺭﺃﻳﺖ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺯﻳﺪ ﺇﺫﺍ ﻓﺎﺗﺘﻪ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺃﺧﺬ ﺑﻠﺤﻴﺘﻪ ﻭﺑﻜﻰ."

📚 [ ﺍﻟﺤﻠﻴﺔ ‏: ( ٦ / ١٢٦ ) ‏] .

 

ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴَّﺐ : " ﻣﺎ ﻓﺎﺗﺘﻨﻲ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻨﺬ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ."

ﻭﻗﺎﻝ : " ﻣﺎ ﺃﺫﻥ ﺍﻟﻤﺆﺫﻥ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﺇﻻ ﻭﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ."

📚 [ ﺍﻟﺴﻴﺮ ‏: ( ٤ / ٢٢١ ) ‏] .

 

ﻗﺎﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻤﺎﻋﺔ : " ﻣﻜﺜﺖ ﺃﺭﺑﻌﻴﻦ ﺳﻨﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﺘﻨﻲ ﺍﻟﺘَّﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺇﻻ ﻳﻮﻡ ﻣﺎﺗﺖ ﺃﻣﻲ، ﻓﺼﻠﻴﺖ ﺧﻤﺴًﺎ ﻭﻋﺸﺮﻳﻦ ﺻﻼﺓً، ﺃﺭﻳﺪ ﺍﻟﺘَّﻀﻌﻴﻒ !

📚 [ ﺍﻟﺴِّﻴﺮ ‏: ( ١٠ / ٦٤٦ ) ‏] .

 

ﻗﺎﻝ ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺐ : " ﻣﻦ ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺼَّﻠﻮﺍﺕ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔٍ، ﻓﻘﺪ ﻣﻸ ﺍﻟﺒﺮَّ ﻭﺍﻟﺒﺤﺮ ﻋﺒﺎﺩﺓً ."

📚 [ ﺍﻟﺤﻠﻴﺔ ‏: ( ٢ / ١٦٠ ) ‏] .

 

ﻗﺎﻝ ﻭﻛﻴﻊ : " ﻣﻦ ﺗﻬﺎﻭﻥ ﺑﺎﻟﺘَّﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ : ﻓﺎﻏﺴﻞ ﻳﺪﻳﻚ ﻣﻨﻪ .

📚 [ ﺍﻟﺤﻠﻴﺔ ‏: ( ٨ / ٢٠٧ ) ] .

 

ﺳﻤﻊ ﺃﺑﻮ ﻣﺴﻠﻢ ﺍﻟﺨﻮﻻﻧﻲ ﺭﺟﻠًﺎ ﻳﻘﻮﻝ : " ﺳﺒﻖ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﻼﻥ ." ﻓﻘﺎﻝ : " ﺃﻧﺎ ﺍﻟﺴَّﺎﺑﻖ ." ﻗﺎﻟﻮﺍ : " ﻭﻛﻴﻒ ﻳﺎ ﺃﺑﺎ ﻣﺴﻠﻢ؟ " ﻗﺎﻝ : " ﻷﻧِّﻲ ﺃﺩﻟﺠﺖ ﻓﻜﻨﺖ ﺃﻭﻝ ﻣﻦ ﺩﺧﻞ ﻣﺴﺠﺪﻛﻢ"

📚 [ ﺍﻟﺴِّﻴﺮ ‏ : ( ٤ / ١٠ ‏) ] .

 

ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺴّﻠﻤﻲ ﺃﻧَّﻪ ﻛﺎﻥ ﻳﺄﻣﺮﻫﻢ ﺃﻥ ﻳﺤﻤﻠﻮﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻄِّﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﻄﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺠﺪ ﻭﻫﻮ ﻣﺮﻳﺾ .

📚 [ ﺍﻟﺰُّﻫﺪﻻﺑﻦ ﺍﻟﻤﺒﺎﺭﻙ : ‏( ١٤١ ‏) ]

 

ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪ ﺃﻧَّﻪ ﺳﻤﻊ ﺭﺟﻠًﺎ ﻣﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻨّﺒﻲّ - ﺻﻠّﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ - ﻣﻤَّﻦ ﺷﻬﺪ ﺑﺪﺭًﺍ ﻗﺎﻝ ﻻﺑﻨﻪ : ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺍﻟﺼَّﻼﺓ ﻣﻌﻨﺎ؟ ﻗﺎﻝ : ﻧﻌﻢ . ﻗﺎﻝ : ﺃﺩﺭﻛﺖ ﺍﻟﺘَّﻜﺒﻴﺮﺓ ﺍﻷﻭﻟﻰ؟ ﻗﺎﻝ : ﻻ . ﻗﺎﻝ : " ﻟﻤﺎ ﻓﺎﺗﻚ ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻴﺮٌ ﻣﻦ ﻣﺎﺋﺔ ﻧﺎﻗﺔٍ، ﻛﻠُّﻬﺎ ﺳﻮﺩ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ .

📚 [ ﺍﻟﻤﺼﻨﻒ ‏: ( ١ / ٥٢٨ ‏) ]

 

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ وَرِعًا فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ مِنَ الْحَرَامِ.

 

Ustadz Abdul Qodir Abu Fa'zah, Lc., [6 Okt 2023 19.54]

الوَرَعُ لُغةً:

(ورع) أصلٌ يدُلُّ على الكَفِّ والانقباضِ، ومنه الوَرَعُ: العِفَّةُ، وهي الكَفُّ عمَّا لا ينبغي، والوَرَعُ: التَّـقوى، والتَّحرُّجُ، والكفُّ عن المحارِمِ. مِن وَرِعَ الرَّجُلُ، كوَرِثَ، والوَرِعُ -بكسر الرَّاء-: الرَّجُلُ التَّقيُّ المتحَرِّجُ، والوَرَعُ في الأصلِ: الكَفُّ عن المحارِمِ والتَّحرُّجُ منها، ثمَّ استعير للكَفِّ عن المباحِ والحلالِ

 

الوَرَعُ لُغةً:

 

(ورع) أصلٌ يدُلُّ على الكَفِّ والانقباضِ، ومنه الوَرَعُ: العِفَّةُ، وهي الكَفُّ عمَّا لا ينبغي، والوَرَعُ: التَّـقوى، والتَّحرُّجُ، والكفُّ عن المحارِمِ. مِن وَرِعَ الرَّجُلُ، كوَرِثَ، والوَرِعُ -بكسر الرَّاء-: الرَّجُلُ التَّقيُّ المتحَرِّجُ، والوَرَعُ في الأصلِ: الكَفُّ عن المحارِمِ والتَّحرُّجُ منها، ثمَّ استعير للكَفِّ عن المباحِ والحلالِ

 

الوَرَعُ اصطلاحًا:

 

الوَرَعُ هو: (اجتنابُ الشُّبُهاتِ خوفًا من الوقوعِ في المحرَّماتِ) "التعريفات" للجرجاني (ص: 252)

وعرَّفه القَرافيُّ بقَولِه: (تَركُ ما لا بأسَ به؛ حذَرًا ممَّا به البأسُ) الفروق (4/210)

وقال الكَفَويُّ: (الوَرَعُ: الاجتنابُ عن الشُّبُهاتِ، سواءٌ كان تحصيلًا أو غيرَ تحصيلٍ) إذ قد يفعَلُ المرءُ فعلًا تورُّعًا، وقد يتركُه تورعًا أيضًا، ويستعمَلُ بمعنى التقوى، وهو الكفُّ عن المحرَّماتِ القطعيَّةِ. ((الكليات)) لأبي البقاء (ص: 944)

وقيل: (هو تَركُ ما يَريبُك ونَفيُ ما يَعيبُك، والأخذُ بالأوثَقِ) "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص: 336)

 

أقسامُ الوَرَعِ:

 

قال ابنُ تَيميَّةَ: (فأمَّا الوَرَعُ المشروعُ المُستحَبُّ، الذي بعث اللهُ به محمَّدًا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فهو: اتِّقاءُ ما يُخافُ أن يكونَ سَببًا للذِّمِّ والعذابِ عِندَ عَدَمِ المعارِضِ الرَّاجِحِ  ، ويدخُلُ في ذلك أداءُ الواجباتِ والمشتَبِهاتِ التي تُشبِهُ الواجِبَ، وتَركُ المحرَّماتِ والمُشتَبِهاتِ التي تُشبِهُ الحرامَ، وإن أدخَلْتَ فيها المكروهاتِ قلتَ: نخافُ أن يكونَ سَببًا للنَّقصِ والعذابِ)  .

1- الوَرَعُ الواجِبُ:

(وأمَّا الوَرَعُ الواجِبُ: فهو اتِّقاءُ ما يكونُ سَببًا للذَّمِّ والعذابِ، وهو فِعلُ الواجبِ وتَركُ المحرَّمِ)  .

2- الوَرَعُ الفاسِدُ:

قال ابنُ تَيميَّةَ: (كثيرٌ من النَّاسِ تَنفِرُ نفسُه عن أشياءَ لعادةٍ ونحوِها، فيكونُ ذلك ممَّا يقوِّي تحريمَها واشتباهَها عنده، ويكونُ بعضُهم في أوهامٍ وظنونٍ كاذبةٍ، فتكونُ تلك الظُّنونُ مبناها على الوَرَعِ الفاسِدِ، فيكونُ صاحبُه ممَّن قال اللهُ تعالى فيه: إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ [النجم: 23] ،

وهذه حالُ أهلِ الوَسوَسةِ في النَّجاساتِ؛ فإنَّهم من أهلِ الوَرَعِ الفاسِدِ المركَّبِ من نوعِ دينٍ، وضَعفِ عَقلٍ وعِلمٍ، وكذلك وَرَعُ قومٍ يَعُدُّون غالِبَ أموالِ النَّاسِ محرَّمةً أو مُشتَبِهةً أو كُلَّها، وآل الأمرُ ببعضِهم إلى إحلالِها لذي سُلطانٍ؛ لأنَّه مستَحِقٌّ لها، وإلى أنَّه لا يُقطَعُ بها يَدُ السَّارِقِ، ولا يُحكَمُ فيها بالأموالِ المغصوبةِ! وقد أنكَر حالَ هؤلاء الأئمَّةُ كأحمَدَ بنِ حنبلٍ وغيرِه، وذَمَّ المتنَطِّعين في الوَرَعِ. وقد روى مُسلِمٌ في صحيحِه عن عبدِ اللهِ بنِ مَسعودٍ قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((هلك المتنَطِّعون. قالها ثلاثًا))  .

وورَعُ أهلِ البِدَعِ كثيرٌ منه من هذا البابِ، بل ورعُ اليهودِ والنَّصارى والكُفَّارِ عن واجباتِ دينِ الإسلامِ من هذا البابِ، وكذلك ما ذمَّه اللهُ تعالى في القرآنِ مِن وَرَعِهم عما حرَّموه ولم يحَرِّمْه اللهُ تعالى، كالبَحيرةِ والسَّائبةِ والوَصيلةِ والحامِ. ومن هذا البابِ الوَرَعُ الذي ذمَّه الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الحديثِ الذي في الصَّحيحِ، لَمَّا ترخَّص في أشياءَ فبلغه أنَّ أقوامًا تنزَّهوا عنها فقال: ((ما بالُ رجالٍ يتنزَّهون عن أشياءَ أترخَّصُ فيها؟! واللهِ إني لأرجو أن أكونَ أعلَمَهم باللهِ وأخشاهم. وفي روايةٍ: أخشاهم وأعلَمَهم بحدودِه له))  .

ولهذا يحتاجُ المتدَيِّنُ المتوَرِّعُ إلى علمٍ كثيرٍ بالكتابِ والسُّنَّةِ والفِقهِ في الدِّينِ، وإلَّا فقد يُفسِدُ توَرُّعُه الفاسِدُ أكثَرَ ممَّا يُصلِحُه، كما فعَله الكُفَّارُ وأهلُ البِدَعِ من الخوارجِ والرَّوافضِ وغيرِهم. الثَّالثةُ: جهةُ المعارِضِ الرَّاجحِ. هذا أصعَبُ من الذي قبلَه؛ فإنَّ الشَّيءَ قد يكونُ جِهةُ فَسادِه يقتضي تركَه، فيَلحَظُه المتورِّعُ، ولا يلحَظُ ما يعارِضُه من الصَّلاح الرَّاجِحِ، وبالعَكسِ، فهذا هذا. وقد تبيَّن أنَّ من جعَل الوَرَعَ التَّركَ فقط، وأدخل في هذا الوَرَعِ أفعالَ قومٍ ذوي مقاصِدَ صالحةٍ بلا بصيرةٍ من دينِهم، وأعرَض عما فوَّتوه بورَعِهم من الحَسَناتِ الرَّاجِحةِ، فإنَّ الذي فاته من دينِ الإسلامِ أعظَمُ ممَّا أدركه؛ فإنَّه قد يعيبُ أقوامًا هم إلى النَّجاةِ والسَّعادةِ أقرَبُ)  .

3- الوَرَعُ المندوبُ: وهو الوقوفُ عن الشُّبُهاتِ  .

4- الوَرَعُ الذي هو فضيلةٌ: وهو الكَفُّ عن كثيرٍ من المباحاتِ، والاقتصارُ على أقَلِّ الضَّروراتِ، وذلك للنَّبيِّين، والصِّدِّيقين، والشُّهَداءِ، والصَّالحين  .

 

صحيح مسلم (3/ 1219) (رقم: 1599):

«إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ» خ م

 

أعلام الحديث (شرح صحيح البخاري) (2/ 996) للخطابي :

"هذا الحديث أصل في الورع، وفيما يجتنب من الشبه،

وكل شيء أشبه الحلال من وجهٍ، والحرامَ من وجهٍ فهو___شبهة، والورع أن يجتنب، فَلَا يَقْرَبْ، وهو معنى ما روي عن النبي _صلى الله عليه وسلم_ من قوله: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)[1]." اهـ

 

وَالسَّادِسُ: أَنْ تَكُونَ صُحْبَتُهُ مَعَ الصَّالِحِينَ.

 

للسلف أقوال في صحبة الصالحين يسَّر الله فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها.

 

• قال علي رضي الله عنه:

"عليكم بالإخوان، فإنهم عدة في الدنيا والآخرة، ألا تسمع إلى قول أهل النار: ﴿ فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ * وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ﴾ [الشعراء: 100، 101].

 

• قال أبو ذرٍّ رضي الله عنه: الجليسُ الصالح خيرٌ من الوحدة.

 

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله: العاقل يلزم صحبة الأخيار.

 

• قال السلمي رحمه الله: واجب على المؤمن أن يجتهد في معاشرة أهل الخير، ومَن يدلُّه على طلب الآخرة.

 

• قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: العزلة عن الأخيار مذمومة.

 

• قال الإمام النووي رحمه الله: فضيلة مجالسة الصالحين وأهل الخير والمروءة ومكارم الأخلاق والورع والعلم والأدب.

 

• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: استحباب احترام أهل الفضل وتوقيرهم ومصاحبتهم على أكمل الهيئات.

 

• قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: الوصية للشباب بصحبة الأخيار المعروفين بالاستقامة.

 

الحرص على مجالسة أهل العلم:

 

• قال أبو الدرداء رضي الله عنه: من فقه الرجل: ممشاه ومدخله ومخرجه ومجلسه مع أهل العلم.

 

• قال لقمان: يا بُنيَّ، جالِس العلماء، وزاحمهم بركبتيك؛ فإن القلوب لتحيا بالحكمة، كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر.

 

• قال جعفر بن محمد رحمه الله لابنه: يا بُنيَّ، من خالط العلماء وُقِّرَ.

 

• قال عمرو بن قيس رحمه الله: الشابُّ إن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يَسْلم.

 

• قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: ما عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم.

 

الحرص على مجالسة مَن ماتوا من السلف بقراءة كتبهم:

 

قال أبو داود: قلتُ لعبدالله بن المبارك: مَن تُجالس؟ قال: أجالس شعبة وسفيان، رحم الله الجميع، قال أبو داود: يعني أنظر في كتبهما.

 

الحرص على مجالسة مَن يُزهِّدك في الدنيا:

 

قال سفيان الثوري رحمه الله: ليكن جليسك من يُزهِّدك في الدنيا، ويُرغِّبك في الآخرة.

 

الحرص على صحبة العاقل:

 

• قال طاوس بن كيسان اليماني رحمه الله لابنه: يا بُنيَّ، صاحب العقلاء تُنسَب إليهم وإن لم تكن منهم.

 

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله:

- الواجب على العاقل...لزوم صحبة العاقل الأريب، وعشرة الفطن اللبيب.

- صحبة العاقل...إن لم يصبك الحظُّ من عقله أصابَكَ الاعتبار به.

 

• قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: صداقة العقلاء قرابة الأبد.

 

• قال الإمام الغزالي رحمه الله: ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته أن يكون عاقلًا.

 

الحرص على صحبة حسن الخلق:

 

قال الفضيل بن عياض رحمه الله: إذا خالطت...فخالط حسن الخلق؛ فإنه لا يدعو إلَّا إلى الخير، وصاحبه منه في راحة.

 

• قال الغزالي رحمه الله: ينبغي أن يكون فيمن تؤثر صحبته أن يكون حسن الخلق....إذ رُبَّ عاقل يدرك الأشياء على ما هي عليه؛ ولكن إذا غلبه غضب، أو شهوة، أو بخل، أو جبن أطاع هواه، وخالف ما هو المعلوم عنده لعجزه عن قهر صفاته وتقويم أخلاقه، فلا خير في صحبته. قال بعض الأدباء: لا تصحب إلا مَن يكتم سرَّك، ويستر عيبَك، ويكون معك في النوائب، ويؤثرك بالرغائب.

 

الحرص على صحبة مَن يُستحيا منه:

 

• قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: أحبُّوا الطاعات بمجالسة مَن يُستحيا منه.

 

• قال عبدالله بن أحمد بن حنبل رحمه الله: ما أوقعني في بلية إلا صحبة مَن لا أحتشمه.

 

• قال ابن نجيد رحمه الله: عاشر مَن تحتشمه، ولا تعاشر مَن لا تحتشمه.

 

• قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: كان يُقال: أحيوا الحياء بمجالسة مَن يُستحيا منه.

 

• قال السلمي رحمه الله: صحبة مَن يُستحيا منه ويحتشمه؛ ليزجره ذلك من المخالفات.

 

من فوائد صحبة الصالحين ومحبتهم:

 

• قال ابن مسعود رضي الله عنه: المتقون سادة، والفقهاء قادة، ومجالسهم زيادة.

 

• قال مجاهد بن جبر رحمه الله: صحبتُ ابنَ عمر رضي الله عنهما، وإني أريد أن أخدمه، فكان هو يخدمني.

 

• عن أبي الربيع الأعرج رحمه الله قال: صاحب أهل التقوى إن صحبْتَ؛ فإنهم أقل مؤنة، وأحسن معونة.

 

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله:

- مودة الأخيار سريعٌ اتصالها، بطيءٌ انقطاعُها.

- صحبة الأخيار تُورِث الخير.

 

• قال سلمة بن دينار رحمه الله: إن أدنيْتَ أهلَ الخير ذهب أهلُ الشرِّ.

 

• قال ذو النون: بصحبة الصالحين تطيبُ الحياةُ، والخيرُ مجموعٌ في القرين الصالح، إن نسيت ذكَّرك، وإن ذكرت أعانَك.

 

• قال رجل لداود بن نصير الطائي رحمه الله: أوْصِني، فقال: اصحَب أهل التقوى؛ فإنهم أيسَرُ أهل الدنيا مؤونة عليك، وأكثرُهم لك معونة.

 

• قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله: صحبةُ أهلِ الصلاح تُورِث في القلب الصلاحَ.

 

• قال الإمام القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: ﴿ وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ ﴾ [الكهف: 18]،

إذا كان بعض الكلاب قد نال هذه الدرجة العُلْيا بصحبته ومخالطته الصُّلَحاء والأولياء، حتى أخبر الله تعالى بذلك في كتابه، فما ظنُّك بالمؤمنين الموحِّدين المخالطين المحبِّين للأولياء والصالحين؟ قال ابن عطية: وحدثني أبي...قال سمعتُ أبا الفضل الجوهري في جامع مصر يقول على منبر وعظه سنة تسع وستين وأربعمائة: إنَّ مَن أحبَّ أهل الخير نال من بركتهم، كَلْب أحبَّ أهل فضل وصحبهم، فذكره اللهُ في مُحْكَمِ تنزيله.

 

• قال الإمام النووي رحمه الله:

- الحثُّ على مصاحبة أهل الدين في كل شيءٍ؛ لأن صاحبهم يستفيد من أخلاقهم،...وحسن طرائقهم، ويأمن المفسدة من جهتهم.

- ندب أهل التحقيق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعًا من التلبُّس بشيء من النقائص؛ احترامًا لهم، واستحياء منهم.

 

• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: الشاب، الكبير، الصغير، الرجل، المرأة، إذا كان بنفسه أتاه الشيطان، وأما إذا كان مع أصحاب له يُعينونه على الهدى، فهم جلاء القلب الذي يبعدون عنه الصدأ، ويجعلون الخير مُحبَّبًا إليه، ويجعلون الشرَّ مُبغَّضًا إليه.

 

من صفات الرفيق والصديق والجليس:

 

• وَقَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ: " يَا بُنَيَّ ثَلَاثَةٌ لَا يُعْرَفُونَ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ مَوَاطِنَ: لَا يُعْرَفُ الْحَلِيمُ إلَّا عِنْدَ الْغَضَبِ، وَلَا الشُّجَاعُ إلَّا عِنْدَ الْحَرْبِ، وَلَا الْأَخُ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ ". الآداب الشرعية والمنح المرعية (3/ 562)

 

• عن الأصمعي رحمه الله قال: إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ودوام عهده، فانظر إلى تشوُّقِه إلى إخوانه.

 

• قال يوسف بن الحسين رحمه الله: قلت لذي النون: أوْصِني، قال: عليك بصحبة من تَسْلم منه في ظاهر أمرك، ويبعثك على الخير صحبته، ويذكرك الله رؤيته.

 

• قال يحيى بن معاذ رحمه الله: أخوك من ذكَّرك العيوب، وصديقك من حذَّرك الذنوب.

 

• قيل لذي النون رحمه الله: مَنْ أُجالِس؟ قال: عليك بمجالسة من يُذكِّرك بالله رؤيته، وتقع هيبتُه على باطنك، ويزيد في عملك منطقه، ويُزهِّدك في الدنيا عملُه، ولا تعصي اللهَ تعالى ما دُمْتَ في قربه، يَعِظُك بلسان فعله، ولا يعِظُك بلسان قوله.

 

• قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: الأخ الذي يَعِظُكَ برؤيته قبل كلامه.

 

• قال الأحنف بن قيس: خيرُ الإخوان من إن استغنيتَ عنه لم يزدْك في المودَّة، وإن احتجت إليه لم ينقصك منها، وإن عثرت عضَّدك، وإن احتجت إلى مؤونته رفَدَك.

 

• قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: قال بعضهم: إن أحبَّ إخواني إليَّ مَن كثرت أياديه عليَّ.

 

• قال الإمام ابن حِبَّان رحمه الله: الواجب ألَّا يعد في الأدواء إخاء مَن لم يُواسِه في الضرَّاء، ولم يُشاركه في السرَّاء، ورُبَّ أخي إخاء خيرٌ من أخي ولادة.

 

• قال الإمام السلمي رحمه الله: لا يصحب إلا عاقلًا، وعالمًا، وحليمًا، وتقيًّا، قال ذو النون: ما خلع الله على عبدٍ من عبيده خلعة أحسن من العقل، ولا قلَّده الله قلادةً أجمل من العلم، ولا زيَّنَه بزينةٍ أفضل من الحِلْم، وكمال ذلك التقوى.

 

• قال الإمام النووي رحمه الله: صديق الإنسان ومحبُّه هو مَن سعى في عمارة آخرته، وإن أدَّى ذلك إلى نقص في دُنْياه، وعدوُّه مَن سعى في ذَهاب أو نقص آخرته وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دُنْياه.

 

• قال العلَّامة مُحِبُّ الدين الخطيب رحمه الله: كان لي أخٌ، هو أعظم الناس في عيني، وكان رأس ما عظمه في عيني صغر الدنيا في عينه،كان خارجًا من سلطان بطنه، فلا يشتهي ما لا يجد، ولا يُكثِر إذا وجد، وكان خارجًا من سلطان لسانه، فلا يتكلَّم بما لا يعلم، ولا يُماري فيما علم، وكان أكثر دهره صامتًا، فإذا قال بَذَّ القائلين، وكان يُرى ضعيفًا مستضعفًا، فإذا جد الجدُّ فهو الليث عاديًا، وكان لا يشكو وجعه إلا عند مَنْ يرجو عنده البرء، ولا يستشير صاحبًا إلا أن يرجو منه النصيحة.

 

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَوَاضِعًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ.

 


ورد في القرآن والسنة الكثير من الأدلة التي ترغب في التواضع وتحث عليه وتبين فضله، ومن ذلك:

قول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا} (الفرقان: 63)،

 

قال ابن القيِّم رحمه الله: (أي: سكينة ووقارًا، متواضعين غير أشرين ولا مَرِحين ولا متكبِّرين، قال الحسن: علماء حلماء. وقال محمَّد بن الحنفيَّة: أصحاب وقار وعفَّة، لا يسفِّهون، وإن سُفِه عليهم حلموا).

 

وقال الله تعالى مخاطبًا رسوله صلى الله عليه وسلم:

{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159)

 

كما أمره الله سبحانه وتعالى أن يلين جانبه للمؤمنين، وأن يتواضع لهم، فقال: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 88)

قال القرطبيُّ: (أي: أَلِن جانبك لمن آمن بك، وتواضعْ لهم)

 

قال عزَّ وجل: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الشُّعراء: 215)

قال ابن كثير رحمه الله: (هذه صفات المؤمنين الكُمَّل أن يكون أحدهم متواضعًا لأخيه ووليِّه، متعزِّزًا على خصمه وعدوِّه، كما قال تعالى: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ} (الفتح: 29)

 

وقوله تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (الإسراء: 24)، (حيث أمر الله بالتَّواضُع للوالدين ذلًّا لهما ورحمة واحتسابًا للأجر).

 

وقال سبحانه: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} (القصص: 83).

 

قال ابن كثير: (يخبر تعالى أنَّ الدَّار الآخرة ونعيمها المقيم الذي لا يحول ولا يزول، جعلها لعباده المؤمنين المتواضعين {لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ}، أي: ترفُّعًا على خلق الله وتعاظمًا عليهم وتجبُّرًا بهم، ولا فسادًا فيهم).

 

الرفعة في التواضع

قال صلى الله عليه وسلم: "ما نقصت صدقة مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله".

قال القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم "وما تواضع أحد لله إلَّا رفعه الله": (فيه وجهان: أحدهما: أنَّ الله تعالى يمنحه ذلك في الدُّنْيا جزاءً على تواضعه له، وأنَّ تواضعه يُثْبِتُ له في القلوب محبَّةً ومكانةً وعزَّةً.

والثَّاني: أن يكون ذلك ثوابه في الآخرة على تواضعه)

 

وعن عياض بن حمار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحدٌ على أحدٍ".

 

وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن ترك اللِّباس تواضعًا للَّه، وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيِّره مِن أيِّ حلل الإيمان شاء يلبسها." ت حسن - صحيح الترغيب والترهيب (2/ 474) (رقم: 2072)

 

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَكُونَ سَخِيًّا كَرِيمًا.

 

معنى السَّخاءِ لُغةً:

السَّخاوةُ والسَّخاءُ: الجُودُ والكَرَمُ. والسَّخيُّ: الجَوادُ، يقالُ: سخا وسَخِيَ وسَخُوَ، يَسْخَى ويَسْخو  .

 

معنى السَّخاءِ اصطِلاحًا:

قال المُناويُّ: (السَّخاءُ: الجُودُ، أو إعطاءُ ما ينبغي لمن ينبغي، أو بَذلُ النَّائِلِ  قبل إلحافِ السَّائِلِ) يُنظَر: ((التوقيف على مهمات التعاريف)) (ص: 192)

 

وقال الرَّاغِبُ: (السَّخاءُ: هيئةٌ للإنسانِ داعيةٌ إلى بَذلِ المُقتَنَياتِ، حصَل معه البَذْلُ أو لم يحصُلْ، وذلك خُلُقٌ)

يُنظَر: ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) (ص: 286)

 

وقال القاضي عِياضٌ: (السَّخاءُ: سُهولةُ الإنفاقِ، وتجنُّبُ اكتسابِ ما لا يُحمَدُ) يُنظَر: ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) (1/230)

 

وَالتَّاسِعُ أَنْ يَكُونَ رَحِيمًا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى.

 

1 - الرحمة من صفات المؤمنين:

 

قال تعالى: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾[1].

 

قال تعالى: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾[2].

 

 

 

روى الترمذي وقال: حسن صحيح، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، الرحِم شجنةٌ من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله[3].

 

 

 

روى أحمد وصححه الألباني عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على منبره يقول: ارحموا تُرحموا، واغفروا يغفر الله لكم، ويل لأقماع القول، ويلٌ للمُصرِّين الذين يُصرون على ما فعلوا وهم يعلمون[4].

 

 

 

2 - الرحمة بالحيوان سبب من أسباب المغفرة:

 

روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

"بينما كلبٌ يُطيف بركية كاد يقتله العطش؛ إذ رأته بغيٌّ من بغايا بني إسرائيل، فنزعت مُوقها فسقته فغُفر لها به."

 

ففي الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرحم الله من لا يرحم الناس

 

ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت:

جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تُقبلون الصبيان فما نُقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة

 

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ نَافِعًا لِلْخَلْقِ.

 

صحيح مسلم (4/ 2074) (رقم: 2699):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ

 

وفي "قضاء الحوائج" لابن أبي الدنيا (ص: 47) (رقم: 36): عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

قِيلَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ؟"

قَالَ: "أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٌ تَدْخِلُهُ عَلَى مُؤْمِنٍ: تَكْشِفُ عَنْهُ كَرْبًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخِي الْمُسْلِمِ فِي حَاجَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرَيْنِ فِي مَسْجِدٍ." اهـ

 

صحيح مسلم (4/ 1726) (رقم: 2199):

عَنْ جَابِرٍ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَنْفَعْهُ»

 

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ كَثِيرًا.

 

وعن أنسٍ رضي الله عنه؛

أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بمجلِسٍ وهم يضْحَكُونَ، فقال:

"أكثِروا مِنْ ذِكْرِ هاذمِ اللَّذَّاتِ -أحْسِبُه قال:-، فإنَّه ما ذَكَرة أحَدٌ في ضِيْقٍ مِنَ العَيْشِ إلا وَسَّعَهُ، ولا في سَعَةٍ إلا ضَيَّقَهُ علَيْهِ". رواه البزار

صحيح الترغيب والترهيب (3/ 303) (رقم: 3334)

 

سنن ابن ماجه (2/ 1423) (رقم: 4259):

عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ:

كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا»،

قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا، وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا، أُولَئِكَ الْأَكْيَاسُ»

 

سنن ابن ماجه (2/ 1403) (رقم: 4195):

عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ:

كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جِنَازَةٍ، فَجَلَسَ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ، فَبَكَى، حَتَّى بَلَّ الثَّرَى، ثُمَّ قَالَ: «يَا إِخْوَانِي لِمِثْلِ هَذَا فَأَعِدُّوا»

 

وقال الدقاق رحمه الله: (من أكثر من ذكر الموت أكرمه الله بثلاث بتعجيل التوبة وقناعة في القلب ونشاط في العبادة ومن نسي الموت عاقبه الله بثلاث تسويف التوبة وترك الرضا بالقليل وتكاسل في العبادة).

 

وقال الحسن البصري رحمه الله: (إن هذا الموت أفسد على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا عيشاً لا موت فيه).

 

وَعَلَامَةُ الشَّقَاءِ أَيْضًا، إِحْدَى عَشْرَةَ خَصْلَةً:

أَوَّلُهَا: أَنْ يَكُونَ حَرِيصًا عَلَى جَمْعِ الْمَالِ ,

وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ نَهْمَتُهُ فِي الشَّهَوَاتِ وَاللَّذَّاتِ فِي الدُّنْيَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فَحَّاشًا فِي الْقَوْلِ مِكْثَارًا.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُتَهَاوِنًا فِي الصَّلَوَاتِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ مِنَ الْحَرَامِ وَالشُّبُهَاتِ، وَصُحْبَتُهُ مَعَ الْفُجَّارِ.

وَالسَّادِسُ: أَنْ يَكُونَ سَيِّئَ الْخُلُقِ.

وَالسَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ مُخْتَالًا مُتَكَبِّرًا فَخُورًا.

وَالثَّامِنُ: أَنْ يَمْنَعَ مَنْفَعَتَهُ مِنَ النَّاسِ.

وَالتَّاسِعُ: أَنْ يَكُونَ قَلِيلَ الرَّحْمَةِ لِلْمُسْلِمِينَ.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يَكُونَ بَخِيلًا.____

وَالْحَادِي عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا لِلْمَوْتِ.

يَعْنِي : أَنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ ذَاكِرًا لِلْمَوْتِ، فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ طَعَامَهُ مِنَ الْبَيْعِ وَيَرْحَمُ الْمُسْلِمِينَ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الزُّهَّادِ أَنَّهُ كَانَ فِي بَيْتِهِ وِقْرٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فَقَحَطَ النَّاسُ، فَبَاعَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْحِنْطَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَشْتَرِي لِحَاجَتِهِ، فَقِيلَ لَهُ: لَوْ أَمْسَكْتَ مَا عِنْدَكَ؟ فَقَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أُشَارِكَ النَّاسَ فِي غَمِّهِمْ.

وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (10/ 98)

عَلَيْكَ بِالخَلْوَةِ، وَقِلَّةِ الأَكْلِ، إِيَّاكَ وَمُخَالَطَةُ السُّفَهَاءِ

 



[1] أخرجه الترمذي في سننه (4/ 668) (رقم: 2518)، والنسائي في سننه (8/ 327) (رقم: 5711). وهو صحيح : صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 324) (رقم: 1737)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين