شرح الحديث 20 من بلوغ المرام لأبي فائزة البوجيسي

 

20 - وَعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا_:

"أَنَّ النَّبِيَّ _صلى الله عليه وسلم_ وَأَصْحَابَهُ تَوَضَّؤُوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشْرِكَةٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ

 

ترجمة عمران بن حصين الخزاعي _رضي الله عنه_

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( خ م د ت س ق ) : عمران بن حصين بن عبيد بن خلف بن عبد نهم بن سالم بن غاضرة ابن سلول بن حبشية بن سلول بن كعب بن عمرو بن ربيعة (وهو لحى) بن حارثة بن عمرو ابن عامر بن حارثة بن امرىء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت ابن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجُب بن يعْرُب بن قحطان الخزاعى : أبو نجيد ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

أسلم هو و أبو هريرة عام خيبر . اهـ .

 

و قال المزى :

نزل البصرة و كان قاضيا بها استقضاه عبد الله بن عامر فأقام أياما ثم استعفاه ، فأعفاه و مات بها سنة اثنتين و خمسين ، و كان الحسن البصرى يحلف بالله ما قدمها يعنى البصرة ـ راكبٌ خيرٌ لهم من عمران بن حصين .

 

روى له الجماعة . اهـ .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 508)

105 - عِمْرَانُ بنُ حُصَيْنِ بنِ عُبَيْدِ بنِ خَلَفٍ الخُزَاعِيُّ * (ع)

القُدْوَةُ، الإِمَامُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبُو نُجَيْدٍ الخُزَاعِيُّ.

أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوْهُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي وَقْتٍ، سَنَةَ سَبْعٍ.

وَلَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ.

وَوَلِيَ قَضَاءَ البَصْرَةِ، وَكَانَ عُمَرُ بَعَثَهُ إِلَى أَهْلِ البَصْرَةِ (1) لِيُفَقِّهَهُمْ؛ فَكَانَ الحَسَنُ يَحْلِفُ: مَا قَدِمَ عَلَيْهِمُ البَصْرَةَ خَيْرٌ لَهُم مِنْ عِمْرَانَ بنِ الحُصَيْنِ.

 

صحيح مسلم (2/ 899)

(1226) وحَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أُحَدِّثُكَ حَدِيثًا عَسَى اللهُ أَنْ يَنْفَعَكَ بِهِ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «جَمَعَ بَيْنَ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ، ثُمَّ لَمْ يَنْهَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ، وَلَمْ يَنْزِلْ فِيهِ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهُ، وَقَدْ كَانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ، حَتَّى اكْتَوَيْتُ، فَتُرِكْتُ، ثُمَّ تَرَكْتُ الْكَيَّ فَعَادَ»

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 509)

وَرَوَى: هِشَامٌ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ:

مَا قَدِمَ البَصْرَةَ أَحَدٌ يُفَضَّلُ عَلَى عِمْرَانَ بنِ حُصَيْنٍ.

قَالَ قَتَادَةُ: بَلَغَنِي أَنَّ عِمْرَانَ قَالَ: وَدِدْتُ أَنِي رَمَادٌ تَذْرُوْنِي الرِّيَاحُ .

قُلْتُ: وَكَانَ مِمَّنِ اعْتَزَلَ الفِتْنَةَ، وَلَمْ يُحَارِبْ مَعَ عَلِيٍّ.

 

ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ

 قال الحافظ في تهذيب التهذيب 8 / 126 :

و كذا قال ابن سيرين نحوه .

و سياق النسب هنا من عند ابن عبد البر . . . . . . . .

و كذا ذكره ابن الكلبى و من تبعه أن عبد نهم بن حذيفة بن جهم بن غاضرة ( كذا ) .

و قال ابن سعد : استقضاه زياد ثم استعفاه ، و كانت الملائكة تصافحه قبل أن يكتوى .

و قال ابن البرقى : كان صاحب راية خزاعة يوم الفتح .

و حكى ابن مندة قولا : أنه مات سنة ثلاث و خمسين (53 هـ). اهـ .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (2/ 511)

تُوُفِّيَ عِمْرَانُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَخَمْسِيْنَ (52 هـ) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

مُسْنَدُهُ: مائَةٌ وَثَمَانُوْنَ حَدِيْثاً.

 

قال الحافظ فى "تقريب التهذيب" ص / 429 :

أسلم عام خيبر ، و صحب ، و كان فاضلا . اهـ .

 

 

تخريج الحديث:

 

صحيح البخاري (1/ 76) (رقم: 344): حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَوْفٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ، عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ:

"كُنَّا فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وَإِنَّا أَسْرَيْنَا حَتَّى كُنَّا فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَقَعْنَا وَقْعَةً، وَلاَ وَقْعَةَ أَحْلَى عِنْدَ المُسَافِرِ مِنْهَا،

فَمَا أَيْقَظَنَا إِلَّا حَرُّ الشَّمْسِ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ فُلاَنٌ، ثُمَّ فُلاَنٌ، ثُمَّ فُلاَنٌ، - يُسَمِّيهِمْ أَبُو رَجَاءٍ فَنَسِيَ عَوْفٌ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ الرَّابِعُ -،

وَكَانَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ إِذَا نَامَ، لَمْ يُوقَظْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ يَسْتَيْقِظُ، لِأَنَّا لاَ نَدْرِي مَا يَحْدُثُ لَهُ فِي نَوْمِهِ،

فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ عُمَرُ، وَرَأَى مَا أَصَابَ النَّاسَ وَكَانَ رَجُلًا جَلِيدًا، فَكَبَّرَ، وَرَفَعَ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ، فَمَا زَالَ يُكَبِّرُ، وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّكْبِيرِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ بِصَوْتِهِ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_،

فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ، شَكَوْا إِلَيْهِ الَّذِي أَصَابَهُمْ، قَالَ: «لاَ ضَيْرَ - أَوْ لاَ يَضِيرُ - ارْتَحِلُوا»،

فَارْتَحَلَ، فَسَارَ غَيْرَ بَعِيدٍ، ثُمَّ نَزَلَ فَدَعَا بِالوَضُوءِ، فَتَوَضَّأَ، وَنُودِيَ بِالصَّلاَةِ، فَصَلَّى بِالنَّاسِ،

فَلَمَّا انْفَتَلَ مِنْ صَلاَتِهِ، إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ مُعْتَزِلٍ لَمْ يُصَلِّ مَعَ القَوْمِ، قَالَ: «مَا مَنَعَكَ يَا فُلاَنُ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَ القَوْمِ؟»

قَالَ: "أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلاَ مَاءَ."

قَالَ: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكَ»،

ثُمَّ سَارَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَاشْتَكَى إِلَيْهِ النَّاسُ مِنَ العَطَشِ، فَنَزَلَ، فَدَعَا فُلاَنًا - كَانَ يُسَمِّيهِ أَبُو رَجَاءٍ، نَسِيَهُ عَوْفٌ - وَدَعَا عَلِيًّا، فَقَالَ: «اذْهَبَا، فَابْتَغِيَا المَاءَ»،

فَانْطَلَقَا، فَتَلَقَّيَا امْرَأَةً بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ - أَوْ سَطِيحَتَيْنِ - مِنْ مَاءٍ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا، فَقَالاَ لَهَا: "أَيْنَ المَاءُ؟"

قَالَتْ: "عَهْدِي بِالْمَاءِ أَمْسِ هَذِهِ السَّاعَةَ، وَنَفَرُنَا خُلُوفٌ."

قَالاَ لَهَا: "انْطَلِقِي"، إِذَا قَالَتْ: "إِلَى أَيْنَ؟"

قَالاَ: "إِلَى رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_."

قَالَتْ: "الَّذِي يُقَالُ لَهُ الصَّابِئُ."

قَالاَ: "هُوَ الَّذِي تَعْنِينَ، فَانْطَلِقِي."

فَجَاءَا بِهَا إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، وَحَدَّثَاهُ الحَدِيثَ،

قَالَ: فَاسْتَنْزَلُوهَا عَنْ بَعِيرِهَا، وَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاءٍ، فَفَرَّغَ فِيهِ مِنْ أَفْوَاهِ المَزَادَتَيْنِ - أَوْ سَطِيحَتَيْنِ - وَأَوْكَأَ أَفْوَاهَهُمَا، وَأَطْلَقَ العَزَالِيَ، وَنُودِيَ فِي النَّاسِ: "اسْقُوا، وَاسْتَقُوا."

فَسَقَى مَنْ شَاءَ وَاسْتَقَى مَنْ شَاءَ، وَكَانَ آخِرُ ذَاكَ أَنْ أَعْطَى الَّذِي أَصَابَتْهُ الجَنَابَةُ إِنَاءً مِنْ مَاءٍ، قَالَ: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ»،

وَهِيَ قَائِمَةٌ تَنْظُرُ إِلَى مَا يُفْعَلُ بِمَائِهَا. وَايْمُ اللَّهِ، لَقَدْ أُقْلِعَ عَنْهَا، وَإِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْنَا أَنَّهَا أَشَدُّ مِلْأَةً مِنْهَا حِينَ ابْتَدَأَ فِيهَا،

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجْمَعُوا لَهَا»،

فَجَمَعُوا لَهَا مِنْ بَيْنِ عَجْوَةٍ وَدَقِيقَةٍ وَسَوِيقَةٍ حَتَّى جَمَعُوا لَهَا طَعَامًا، فَجَعَلُوهَا فِي ثَوْبٍ وَحَمَلُوهَا عَلَى بَعِيرِهَا وَوَضَعُوا الثَّوْبَ بَيْنَ يَدَيْهَا،

قَالَ لَهَا: «تَعْلَمِينَ، مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا»،

فَأَتَتْ أَهْلَهَا وَقَدِ احْتَبَسَتْ عَنْهُمْ، قَالُوا: "مَا حَبَسَكِ، يَا فُلاَنَةُ؟"

قَالَتْ: "العَجَبُ لَقِيَنِي رَجُلاَنِ، فَذَهَبَا بِي إِلَى هَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ "الصَّابِئُ"، فَفَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَوَاللَّهِ إِنَّهُ لَأَسْحَرُ النَّاسِ مِنْ بَيْنِ هَذِهِ وَهَذِهِ،

وَقَالَتْ: بِإِصْبَعَيْهَا الوُسْطَى وَالسَّبَّابَةِ، فَرَفَعَتْهُمَا إِلَى السَّمَاءِ - تَعْنِي السَّمَاءَ وَالأَرْضَ - أَوْ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ حَقًّا،

فَكَانَ المُسْلِمُونَ بَعْدَ ذَلِكَ يُغِيرُونَ عَلَى مَنْ حَوْلَهَا مِنَ المُشْرِكِينَ، وَلاَ يُصِيبُونَ الصِّرْمَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ، فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا: "مَا أُرَى أَنَّ هَؤُلاَءِ القَوْمَ يَدعُونَكُمْ عَمْدًا، فَهَلْ لَكُمْ فِي الإِسْلاَمِ؟"

فَأَطَاعُوهَا، فَدَخَلُوا فِي الإِسْلاَمِ."

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: " صَبَأَ: خَرَجَ مِنْ دِينٍ إِلَى غَيْرِهِ " وَقَالَ أَبُو العَالِيَةِ: «الصَّابِئِينَ فِرْقَةٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ»

 

صحيح البخاري (4/ 191) (رقم: 3571): فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ المَرْأَةِ، فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا

 

تخريج الحديث:

 

وأخرجه: البخاري في "صحيحه" (1/ 76 و 1/ 78 و 4/ 191) (رقم: 344 و 348 و 3571)، مسلم في "صحيحه" (1/ 474/ 312) (رقم: 682)، وأبو داود في "سننه" (1/ 121) (رقم: 443)، والنسائي في "سننه" (1/ 171) (رقم: 321)، وفي "السنن الكبرى" (1/ 195) (رقم: 306).

 

من فوائد الحديث:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 164_165):

* ما يؤخذ من الحديث:

1 - جواز استعمال جلد الميتة بعد الدبغ حتَّى في المائعات، فوضوؤه -صلى الله عليه وسلم- من ماء المزادة إقرارٌ للاستعمال، ورضا به.

2 - أنَّ الماء الذي في جلد الميتة المدبوغ طهور؛ ذلك أنَّ ذبيحة المشرك ميتة محرَّمة نجسة، لكن طهَّر جلدها الدباغ الذي أذهب فضلاتها النجسة.

3 - الميتة: هي ما مات حتف أنفه أو قتل على هيئة غير مشروعة، وإذا ذكَّاه مشرك، فقد قتل على هيئة غير مشروعة.

4 - أواني الكفَّار المجهول حالها طاهرة؛ لأنَّ الأصل الطهارة، فلا تزول بالشك في نجاستها من استعمالهم لها.

أمَّا نجاسة الكفَّار في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}؛ فهي نجاسة اعتقاد، وليست نجاسة حسية.___

ولذا فلا يجب بجماع الكتابية إلاَّ ما يجب بجماع المسلمة، وهي كالمسلمة في قيامها بشؤون المنزل، من إعداد طعام وشراب، وغير ذلك." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 586)

واستُدِلّ به على جواز تأخير الفائتة عن وقت ذكرها، إذا لم يكن عن تغافل أو استهانة.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 587)

وفي رواية البخاريّ: "فسار غير بعيد، ثم نزل، فدعا بالوَضُوء، فتوضّأ، ونُودي بالصلاة، فصلّى بالناس".

واستُدِلّ به على مشروعيّة الأذان للفوائت، وتُعُقّب بأن النداء أعمّ من الأذان، فيَحْتَمِل أن يراد به هنا الإقامة، وأجيب بأنه وقع التصريح بالتأذين في حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- الماضي، وقد ترجم له البخاريّ بقوله: "باب الأذان بعد ذهاب الوقت"، ثم أورد حديث أبي قتادة -رضي اللَّه عنه- المذكور، أفاده في "الفتح".

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 588)

فالحقّ أنه لا قضاء على من صلّى بالتيمّم، وقد مضى البحث مستوفًى في أبواب التيمّم، فراجعه تستفد، وباللَّه تعالى التوفيق.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 592)

ضرورة العطش تبيح للمسلم الماء المملوك لغيره على عِوَضٍ، وإلا فنفس الشارع تُفَدَّى بكل شيء على سبيل الوجوب. انتهى [راجع: "الفتح" 1/ 539.]

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 599)

في فوائده:

1 - (منها): استحباب سلوك الأدب مع الأكابر، كما في فعل عمر -رضي اللَّه عنه- في إيقاظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

2 - (ومنها): إظهار التأسّف لفوات أمر من أمور الدين.

3 - (ومنها): أنه لا حرج على من تفوته صلاة لا بتقصير منه؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم- في رواية عوف الأعرابيّ التالية: "لا ضير".

4 - (ومنها): أن من أجنب، ولم يجد ماءً، فإنه يتيمم؛ لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليك بالصعيد"، وفي رواية: "عليك بالصعيد، فإنه يكفيك"، وفيه دليل على أن التيمم للجنابة كالتيمم للحدث الأصغر، ودليل على أن عادم الماء يكفيه الصعيد من الماء، ولهذه المعنى جعله البخاريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- دليلًا له على إقامة التيمم مقام الطهارة بالماء عتد عدم الماء، فيؤخذ من هذا أنه يصلي به كما يصلي بالماء، كما هو اختيار البخاري ومن قال بقوله من العلماء (1).

5 - (ومنها): أن العالم إذا رأى أمرًا محتملًا، يسأل فاعله عنه؛ ليُوَضِّحه، فيُوَضِّح له هو وجه الصواب، فقد سأل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الرجل المعتزل عن سبب اعتزاله، فأخبره بحاله، فبيّن له أن واجبه التيمّم بالصعيد.___

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 600)

6 - (ومنها): استحباب الملاطفة والرفق في الإنكار على أحد فيما فعله.

7 - (ومنها): التحريض على الصلاة بالجماعة ولو كانت فائتة، وأنه يؤذّن لها، ويقام، كما ثبت في بعض طرق الحديث.

8 - (ومنها): الإنكار على ترك الشخص الصلاة بحضرة المصلين بغير عذر.

9 - (ومنها): أن قضاء الفوائت واجبٌ، ولا يسقط بالتأخير، ويأثم بتأخيره بغير عذر.

10 - (ومنها): أن من حَلّت به فتنة في بلد، فليخرُج منه، وليهرُب من الفتنة بدينه، كما فعل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه، حيث ارتحلوا عن بطن الوادي الذي حضرهم فيه الشيطان.

11 - (ومنها): أنه استَدَلّ به بعضهم على جواز أخذ أموال الناس عند الضرورة بثمن، إن كان له ثمن، قال في "الفتح": وفيه نظرٌ؛ لأنه بناه على أن الماء كان مملوكًا للمرأة، وأنها كانت معصومة النفس والمال، ويُحتاج إلى ثبوت ذلك، وإنما قدمناه احتمالًا، وأما قوله: "بثمن"، فكأنه أخذه من إعطائها ما ذُكِرَ، وليس بمستقيم؛ لأن العطية المذكورة متقوَّمة، والماء مثليّ، وضمان المثليّ إنما يكون بالمثل، وينعكس ما قاله من جهة أخرى، وهو أن المأخوذ من فضل الماء للضرورة لا يجب العوض عنه.

وقال بعضهم: فيه جواز طعام المخارجة؛ لأنهم تخارجوا في عوض الماء، وهو مبني على ما تقدم.

12 - (ومنها): أن فيه دليلًا على أنه لا يجب طلب الماء إذا غلب على الظن عدمه أو قطع بذلك، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر الرجل بالتيمم، ولم يأمره بطلب، ولا بسؤال رفقته.

13 - (ومنها): أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لما جاءه الماء أعطى الرجل الجنب ماءً، وأمره أن يغتسل به، وهذا مثل قوله في حديث أبي ذر -رضي اللَّه عنه-: "فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك" [انظر "المسند" 5/ 146.]،

وفيه رد على أبي سلمة في قوله: إنه لا غسل عليه.

14 - (ومنها): أن فيه معجزةً عظيمة، وعَلَمٌ من أعلام نبوة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ____

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 601)

بتكثير الماء القليل ببركته -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإرواء العِطاش منه، واستعمالهم، وأخذهم منه في قِرَبهم من غير أن ينقُص الماء المأخوذ منه شيئًا، ولذلك قال للمرأة: "ما رزئنا من مائك شيئًا، وإنما سقانا اللَّه عزَّ وجلَّ".

وإنما لم يستأذن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المرأة أولًا في الشرب من مائها، والأخذ منه؛ لأن انتفاعهم إنما كان بالماء الذي أمدّه اللَّه تعالى بالبركة لم يكن من نفس مائها، ولذلك قال لها: "ما رَزِئنا من مائك شيئًا، وإنما سقانا اللَّه".

ونظير هذا: أن جابرًا صنع للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- طعامًا يسيرًا في عام الخندق، وجاء إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فسارّه بذلك، وقال له: تعال أنت في نفر معك، فصاح النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا أهل الخندق، إن جابرًا قد صنع لكم سُورًا، فحيهلا بكم"، ثم جاء بهم جميعًا، فأكلوا حتى شبعوا، والطعام بحاله.

فإن أكل أهل الخندق إنما كان مما حصلت فيه البركة بسبب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فكان -صلى اللَّه عليه وسلم- هو الداعي لأهل الخندق كلهم إلى الطعام في الحقيقة، فلذلك لم يحتج في استئذان جابر في ذلك.

وهذا بخلاف ما جرى لأبي شعيب اللحام لما دعاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وجلساءه، فلما قاموا تبعهم رجل لم يكن معهم حين دعوا، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لصاحب المنزل: "إنه اتبعنا رجل لم يكن معنا حين دعوتنا، فإن أذنت له دخل" فأذن له فدخل.

وقد خرّجاه في "الصحيحين" بمعناه من حديث أبي مسعود، فإن ذلك اليوم لم يحصل فيه ما حصل في طعام جابر وماء المرأة المشركة -واللَّه سبحانه وتعالى أعلم-، فإن غالب ما كان يقع منه -صلى اللَّه عليه وسلم- تكثير الطعام والشراب في أوقات الحاجة العامة إليه, قاله الحافظ ابن رجب -رَحِمَهُ اللَّهُ- ["فتح الباري" لابن رجب (2/ 276)]

وقال في "العمدة": فيه فوائد من دلائل النبوة، حيث توضؤوا، وشربوا، وسَقَوا، واغتسل الجنب مما سقط من العزالي، وبقيت المزادتان مملوءتين ببركته، وعظيم برهانه، وكانوا أربعين نصّ عليه في رواية سَلْم بن زَرِير، وأنهم ملأوا كل قِرْبة معهم.

وقال القاضي عياض: وظاهر هذه الرواية أن جملة من حضر هذه القصة___

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 602)

كانوا أربعين، ولا نعلم مخرجًا لرسول اللَّه يخرج في هذا العدد، فلعل الركب الذين عَجَّلهم بين يديه لطلب الماء، وأنهم وجدوا المرأة، وأنهم استسقوا النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قبل الناس، وشَرِبوا، ثم شرب الناس بعدهم.

وفيه أن جميع ما أخذوه من الماء مما زاده اللَّه، وأوجده وأنه لم يختلط فيه شيء من ماء تلك المرأة في الحقيقة، وإن كان في الظاهر مختلطًا، وهذا أبدع وأغرب في المعجزة، وفيه دلالة أن عمر -رضي اللَّه عنه- أجلد المسلمين، وأصلبهم في أمر اللَّه تعالى. انتهى ["عمدة القاري" 4/ 32].

15 - (ومنها): أن العطشان يُقَدَّم على الجنب عند صرف الماء إلى الناس.

16 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إن بعض العلماء أخذ بهذا، فقال: من انتبه من نوم عن صلاة فاتته في سفر، فليتحول عن موضعه، وإن كان واديًا، فيخرج عنه، وقيل: إنما يلزم في ذلك الوادي بعينه، وقيل: هو خاصّ بالنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأنه لا يعلم من حال ذلك الوادي ولا غيره ذلك إلا هو، وقال غيره: يؤخذ منه أن مَن حَصَلت له غفلة في مكان عن عبادة استُحِبّ له التحوّل منه، ومنه أمر الناعس في سماع الخطبة يوم الجمعة بالتحوّل من مكانه إلى مكان آخر. انتهى.

17 - (ومنها): جواز الاجتهاد بحضرة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ لأن سياق القصة يدل على أن التيمم كان معلومًا عندهم، لكنه صريح في الآية عن الحدث الأصغر؛ بناءً على أن المراد بالملامسة ما دون الجماع، وأما الحدث الأكبر فليست صريحة فيه، فكأنه كان يعتقد أن الجنب لا يتيمم، فعمل بذلك مع قدرته على أن يسأل النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن هذا الحكم، ويَحْتَمِل أنه كان لا يعلم مشروعية التيمم أصلًا، فكان حكمه حكم فاقد الطهورين.

18 - (ومنها): جواز استعمال ماء المشركين الذي في قِربهم، ونحوها من أوعية الماء المعدّة له.

19 - (ومنها): تقديم مصلحة شرب الآدميّ، والحيوان على غيره، كمصلحة الطهارة بالماء.

20 - (ومنها): أن فيه مراعاةَ ذِمَام الكافر، والمحافظة به، كما حَفِظ النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 453)

قَوْلُهُ فَقَالَتْ يَوْمًا لِقَوْمِهَا مَا أَرَى هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا هَذِهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَر قَالَ بن مَالِكٍ مَا مَوْصُولَةٌ وَأَرَى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ بِمَعْنَى أَعْلَمُ وَالْمَعْنَى الَّذِي أَعْتَقِدُهُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَتْرُكُونَكُمْ عَمْدًا لَا غَفْلَةً وَلَا نِسْيَانًا بَلْ مُرَاعَاةً لِمَا سَبَقَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ وَهَذِهِ الْغَايَةُ فِي مُرَاعَاةِ الصُّحْبَةِ الْيَسِيرَةِ وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ سَبَبًا لِرَغْبَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مَا أرى إِن هَؤُلَاءِ الْقَوْم وَقَالَ بن مَالِكٍ أَيْضًا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَا أَدْرِي يَعْنِي رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ قَالَ وَمَا مَوْصُولَةٌ وَأَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ مَا نَافِيَةٌ وَأَنَّ بِمَعْنَى لَعَلَّ وَقِيلَ مَا نَافِيَةٌ وَإِنَّ بِالْكَسْرِ وَمَعْنَاهُ لَا أَعْلَمُ حَالَكُمْ فِي تَخَلُّفِكُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ مَعَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ عَمْدًا وَمُحَصَّلُ الْقِصَّةِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ صَارُوا يُرَاعُونَ قَوْمَهَا عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْلَافِ لَهُمْ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِمْ

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 272)

وقوله: ((ما أيقظنا إلاّ حر الشمس)) ، يدل على أن الشمس كانت قد ارتفعت وزال وقت النهي عن الصلاة، لأن حرها لا يكاد يوجد ألا بعد ذلك، ففي هذا دليل على أن ارتحالهم عن ذلك المكان لم يكن للامتناع من القضاء في وقت النهي عن الصلاة، بل كان تباعدا عن المكان الذي حضرهم فيه الشيطان، كما جاء التصريح به في حديث آخر." اهـ

 

قلت: ففي صحيح مسلم (1/ 471/ 310) (رقم: 680): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ نَبِيِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ»،

قَالَ: فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالْمَاءِ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: ثُمَّ صَلَّى سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْغَدَاةَ

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 272)

وقوله: ((فدعا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالوضوء فتوضأ)) يدل على أن من معه ماء وكان في مفازة فإنه يتوضأ منه، ولا يتيمم ويحبسه خشية أن يبتلى هو أو أحد من رفقته بعطش.

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 274)

وفي الحديث: دليل على أن الفوائت يؤذن لها وتصلى جماعة.

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 274)

قَالَ: ((عليك بالصعيد، فإنه يكفيك)) فيه دليل على التيمم للجنابة كالتيمم للحدث الأصغر، ودليل على أن عادم الماء يكفيه الصعيد من الماء.

ولهذه الكلمة خرج البخاري هذا الحديث في هذا الباب، وجعله دليلا له على إقامة التيمم مقام الطهارة بالماء عند عدم الماء، فيؤخذ من هذا أنه يصلي به كما يصلي بالماء، كما هو اختيار البخاري ومن قال بقوله من العلماء.

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 274_275):

وفية دليل على أنه لا يجب طلب الماء إذا غلب على الظن عدمه أو___قطع بذلك، فإنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمره بالتيمم، ولم يأمره بطلب، ولا بسؤال رفقته.

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 276)

وفي الحديث معجزة عظيمة، وعلم من أعلام نبوة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بتكثير الماء القليل ببركته، وإرواء العطاش منه، واستعمالهم وأخذهم منه في قربهم، من غير أن ينقص الماء المأخوذ منه شيئا، ولذلك قال للمرآة: ((ما رزئناك من مائك شيئا، وإنما سقانا الله - عز وجل -)) .

 

فتح الباري لابن رجب (2/ 277):

"وفي حديث عمران - أيضا - دليل على جواز استعمال ماء المشركين الذين في قربهم ونحوها من أوعية الماء المعدة له." اهـ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (4/ 31)

(ذكر استنباط الْأَحْكَام مِنْهُ):

* الأول: فِيهِ اسْتِحْبَاب سلوك الْأَدَب مَعَ الأكابر كَمَا فِي فعل عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي إيقاظ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.

* الثَّانِي: فِيهِ إِظْهَار التأسف لفَوَات أَمر من أُمُور الدّين.

* الثَّالِث: فِيهِ لَا حرج على من تفوته صَلَاة لَا بتقصير مِنْهُ لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " لَا ضير ".

* الرَّابِع: فِيهِ أَن من أجنب وَلم يجد مَاء فَإِنَّهُ يَتِيم لقَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " عَلَيْكُم بالصعيد ".

* الْخَامِس: فِيهِ أَن الْعَالم إِذا رأى أمرا مُجملا يسْأَل فَاعله عَنهُ ليوضحه فيوضح لَهُ هُوَ وَجه الصَّوَاب.

* السَّادِس: فِيهِ اسْتِحْبَاب الملاطفة والرفق فِي الْإِنْكَار على أحد فِيمَا فعله.

* السَّابِع: فِيهِ التحريض على الصَّلَاة بِالْجَمَاعَة.

* الثَّامِن: فِيهِ الْإِنْكَار على ترك الشَّخْص الصَّلَاة بِحَضْرَة الْمُصَلِّين بِغَيْر عذر.

* التَّاسِع: فِيهِ أَن قَضَاء الْفَوَائِت وَاجِب وَلَا يسْقط بِالتَّأْخِيرِ وَيَأْثَم بِتَأْخِيرِهِ بِغَيْر عذر.

* الْعَاشِر: فِيهِ أَن من حلت بِهِ فتْنَة فِي بلد فَليخْرجْ مِنْهُ وليهرب من الْفِتْنَة بِدِينِهِ كَمَا فعل الشَّارِع بارتحاله عَن بطن الْوَادي الَّذِي تشاءم بِهِ لأجل الشَّيْطَان.

* الْحَادِي عشر: فِيهِ أَن من ذكر صَلَاة فَائِتَة لَهُ أَن يَأْخُذ من يصلح من وضوء وطهارة وابتغاء بقْعَة تطمئِن نَفسه للصَّلَاة عَلَيْهَا كَمَا فعل الشَّارِع بعد أَن ذكر الْفَائِتَة فارتحل بعد الذّكر ثمَّ تَوَضَّأ وَتَوَضَّأ النَّاس.

* الثَّانِي عشر: فِيهِ اسْتِحْبَاب الْأَذَان للفائتة.

* الثَّالِث عشر: فِيهِ جَوَاز أَدَاء الْفَائِتَة بِالْجَمَاعَة.

* الرَّابِع عشر فِيهِ طلب المَاء للشُّرْب وَالْوُضُوء.

* الْخَامِس عشر: فِيهِ أَخذ المَاء الْمَمْلُوك لغيره لضَرُورَة الْعَطش بعوض وَفِيه أَن العطشان يقدم على الْجنب عِنْد صرف المَاء إِلَى النَّاس.

* السَّادِس عشر فِيهِ جَوَاز المعاطاة فِي الهبات والإباحات من غير لفظ من الْجَانِبَيْنِ. السَّابِع عشر فِيهِ تَقْدِيم____مصلحَة شرب الْآدَمِيّ وَالْحَيَوَان على غَيره كمصلحة الطَّهَارَة بِالْمَاءِ

(فَإِن قلت) قد وَقع فِي رِوَايَة سلم بن زرير " غير أَنا لم نَسْقِ بَعِيرًا " (قلت) هَذَا مَحْمُول على أَن الْإِبِل لم تكن محتاجة إِذْ ذَاك إِلَى السَّقْي.

* الثَّامِن عشر: فِيهِ جَوَاز الْخلْوَة بالأجنبية عِنْد أَمن الْفِتْنَة فِي حَالَة الضَّرُورَة الشَّرْعِيَّة.

* التَّاسِع عشر: فِيهِ جَوَاز اسْتِعْمَال أواني الْمُشْركين مَا لم يتَيَقَّن فِيهَا نَجَاسَة.

* الْعشْرُونَ: فِيهِ جَوَاز أَخذ مَال النَّاس عِنْد الضَّرُورَة بِثمن إِن كَانَ لَهُ ثمن كَذَا اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم وَفِيه نظر.

* الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: فِيهِ جَوَاز اجْتِهَاد الصَّحَابَة بِحَضْرَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِيه خلاف مَشْهُور وَقد ذَكرْنَاهُ عَن قريب.

* الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: فِيهِ جَوَاز تَأْخِير الْفَائِتَة عَن وَقت ذكرهَا إِذا لم يكن عَن تغافل أَو استهانة وَذَلِكَ من قَوْله " ارتحلوا " بِصِيغَة الْأَمر فَافْهَم.

* الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: فِيهِ مُرَاعَاة ذمام الْكَافِر والمحافظة بِهِ كَمَا حفظ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هَذِه الْمَرْأَة فِي قَومهَا وبلادها فراعى فِي قَومهَا ذمامها وَإِن كَانَت من صميمهم.

* الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: فِيهِ جَوَاز الْحلف من غير الِاسْتِحْلَاف.

* الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: فِيهِ جَوَاز الشكوى من الرعايا إِلَى الإِمَام عِنْد حُلُول أَمر شَدِيد.

* السَّادِس وَالْعشْرُونَ: فِيهِ اسْتِحْبَاب التَّعْرِيس للْمُسَافِر إِذا غَلبه النّوم.

* السَّابِع وَالْعشْرُونَ فِيهِ مَشْرُوعِيَّة قَضَاء الْفَائِت الْوَاجِب وَأَنه لَا يسْقط بِالتَّأْخِيرِ.

* الثَّامِن وَالْعشْرُونَ فِيهِ جَوَاز الْأَخْذ للمحتاج بِرِضا الْمَطْلُوب مِنْهُ وَبِغير رِضَاهُ إِن تعين.

* التَّاسِع وَالْعشْرُونَ فِيهِ جَوَاز النّوم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كنوم وَاحِد منا فِي بعض الْأَوْقَات وَقد مر التَّحْقِيق فِيهِ.

* الثَّلَاثُونَ: فِيهِ إِبَاحَة السّفر من غير أَن يعين يَوْمًا أَو شهر

فَوَائِد:

* فِيهِ: من دَلَائِل النُّبُوَّة حَيْثُ توضؤوا وَشَرِبُوا وَسقوا واغتسل الْجند مِمَّا سقط من العزالي وَبقيت المزادتان مملوءتان ببركته وعظيم برهانه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَكَانُوا أَرْبَعِينَ،

نَص عَلَيْهِ فِي رِوَايَة سلم بن زرير: وَإِنَّهُم ملأوا كل قربَة مَعَهم وَقَالَ القَاضِي عِيَاض وَظَاهر هَذِه الرِّوَايَة أَن جملَة من حضر هَذِه الْقِصَّة كَانُوا أَرْبَعِينَ وَلَا نعلم مخرجا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخرج فِي هَذَا الْعدَد فَلَعَلَّ الركب الَّذين عجلهم بَين يَدَيْهِ لطلب المَاء وَأَنَّهُمْ وجدوا الْمَرْأَة وَأَنَّهُمْ أسقوا لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل النَّاس وَشَرِبُوا ثمَّ شرب النَّاس بعدهمْ.

* وَفِيه أَن جَمِيع مَا أَخَذُوهُ من المَاء مِمَّا زَاده الله وأوجده وَأَنه لم يخْتَلط فِيهِ شَيْء من مَاء تِلْكَ الْمَرْأَة فِي الْحَقِيقَة وَإِن كَانَ فِي الظَّاهِر مختلطا وَهَذَا أبدع وَأغْرب فِي المعجزة.

* وَفِيه دلَالَة أَن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أجلد الْمُسلمين وأصلبهم فِي أَمر الله تَعَالَى.

 

 

العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (1/ 241)

وفي الحديث: دليل على: أن العالم إذا رأى أمرًا يخالف الشرع، أن يسأل عنه المخالفَ قصدًا؛ لتعليمه ما جهله.

وفيه دليل على: وجوب تبيين الحكم والصواب على الفور من غير تأخير.

وفيه دليل على: أن التيمم قائمٌ مقامَ الغسل عند عدم الماء، والله أعلم.

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 132)

يؤخذ من هذا الحديث فوائد منها: جواز استنزال صاحب الماء عند الضرورة؛ لأن الصحابة أتوا بها إلى الرسول - عليه الصلاة والسلام- واستنزلوها وقالا: انزلي عن البعير، فنزلت وتصرفوا في مائها.___

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 133)

ومنها: آية من آيات الرسول - عليه الصلاة والسلام-، وذلك ببركة هذا الماء.

ومنها: أنه ينبغي إلى من صنع إليه معروفا أن يكافئ صاحبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كافأ هذه المرأة بأن أعطاها طعاما.

ومنها: طهارة جلد الميتة إذا دبغ، وهذا هو الشاهد من هذا الحديث، وهو الذي ساقه المؤلف رحمه الله من أجله.

شك أنه من محاسن الدين الإسلامي، نحن نبغض المشركين وكل كافر، لكن إاذ صنعوا إلينا معروفا فعلينا أن نكافئهم، أخلاق الإسلام أعلى وأسمح من ألا يكافأ صاحب المعروف، وعلى هذا فمن صنع إلينا معروفا من دول الكفر مثلا فإننا نكافئه على معروفه، لكن بما لا يكون بيعا لديننا من أجله، بمعنى: أن نسلم من أن يضر ديننا شيء من أعمالهم، ولكننا لا نترك لهم المنة علينا بل نكافئهم.

هل نأخذ منها جواز مخاطبة المرأة؟ نعم، جواز مخاطبة المرأة الأجنبية، ولكن بشرط أمن الفتنة، وشرط آخر: الحاجة إلى مخاطبتها إلا من جرت العادة بمخاطبته من غير المحارم فلا بأس، فقد جرت العادة مثلا أن الرجل يخاطب زوجة أخيه ويسلم عليها إذا دخل وهي في البيت وهي أيضا تسلم عليه ولا يألو الناس بذلك بأسا.

و[هل] من فوائد هذا الحديث: جواز سفر المرأة وحدها؟ لا؛ لأنها مشركة إذن ليس فيه دليل، والمرأة المشركة لا تلزم بأحكام الإسلام إلا إذا أسلمت، على أن فيه احتمالا قويا جدا أن هذا قبل الأمر باتخاذ المحرم في السفر؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام- إنما خطب ومنع السفر بلا محرم عند حجة الوداع، على كل حال: الجواب الأول مؤكد، والثاني فيه احتمال؛ لأننا لا نعلم التاريخ بالضبط، لكن الأول لا إشكال فيه وهي أن الكافر لا يلزم بأحكام الإسلام إلا بعد أن يسلم.

 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين