شرح الحديث 20 من الأربعين حديثا في التربية والمنهج

 

وقال الشيخ عبد العزيز بن محمد السدحان في "الأربعين حديثا في التربية والمنهج" (ص 47):


الحديث العشرون

 

عن مصعب بن سعد قال: رأى سعد رضي الله تعالى عنه أن له فضلا على من دونه فقال رسول الله ﷺ: «هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم؟». رواه البخاري

 

وفي رواية : «إنها ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم»"

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "صحيحه (4/ 36) (رقم: 2896)، النسائي في سننه (6/ (رقم: 45) (رقم: 3178)، والمعافى بن عمران الموصلي في "الزهد" (ص: 254) (رقم: 122)، وعبد الرزاق الصنعاني في "مصنفه" (5/ 303) (رقم: 9691)، وأحمد في مسنده – ط. عالم الكتب (1/ 173) (رقم: 1493)، والطبراني في "المعجم الصغير" (1/ 92) (رقم: 123)، وفي "المعجم الأوسط" (2/ 367) (رقم: 2249)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (13/ 99) (رقم: 10013)، والبغوي في "شرح السنة" (14/ 263) (رقم: 4061).

 

* فيه: عناية الإسلام بأمر الترابط بين جميع المسلمين.

* وفيه: شمولية الإسلام في إعطاء كل ذي حق حقه، ومن أكد ذلك حق الضعفاء لقلة الناصر لهم .

* وفيه: عظيم شأن الضعفاء، والحذرُ من ازدرائهم وإهمالِ شأنهم.

* وفيه: أن الصبر على الأقدار واحتساب الحال من أسباب الإخلاص وقبول الدعاء.
* وفيه: عدم احتقار المعروف، فقد يغلق بابا من أبواب النصر، بل قد يغلق باب النصر .

* وفيه: أن دعاة الخير هم أولى الناس بمحبة الضعفاء ومشاركتهم آلامهم وآمالهم.

* وفيه: تأكد العناية بشأن الضعفاء وبخاصة إذا كانوا طلبة علم؛ لشرف منزلة العلم وفضل أهله.

 

ومن فوائد الحديث:

 

فوائد الحديث :

&        عمدة القاري شرح صحيح البخاري - (14 / 179)

وَقَالَ الْمُهلب: إِنَّمَا أَرَادَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهَذَا القَوْل لسعدٍ الحض على التَّوَاضُع، وَنفي الْكبر والزهو على قُلُوب الْمُؤمنِينَ،

وَأخْبر _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_: أَنَّ بدعائهم ينْصرُونَ وَيُرْزَقُونَ، لِأَن عِبَادَتهم ودعاءهم أَشد إخلاصاً وَأكْثر خشوعاً لخلو قُلُوبهم من التَّعَلُّق بزخرف الدُّنْيَا وَزينتهَا، وصفاء ضمائرهم عَمَّا يقطعهم عَن الله تَعَالَى: جعلُوا هَمهمْ وَاحِدًا. فزكت أَعْمَالهم، وَأجِيب دعاؤهم.

 

نيل الأوطار - (8 / 74)

وقد روى عبد الرزاق من طريق مكحول في قصة سعد هذه زيادة مع إرسالها فقال " قال سعد يا رسول الله أرأيت رجلا يكون حامية القوم ويدفع عن أصحابه أيكون نصيبه كنصيب غيره " فذكر الحديث وعلى هذا فالمراد بالفضل إرادة الزيادة من الغنيمة فأعلمه صلى الله عليه وآله وسلم أن سهام المقاتلة سواء فإن كان القوى يترجح بفضل شجاعته فإن الضعيف يترجح بفضل دعائه واخلاصه

 

 

&        فتح الباري- تعليق ابن باز - (6 / 89)

قال ابن بطال: تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا.

 

&        شرح صحيح البخارى ـ لابن بطال - (5 / 90)

وتأويل ذلك أن عبادة الضعفاء ودعاءهم أشد إخلاصًا وأكثر خشوعًا ؛ لخلاء قلوبهم من التعلق بزخرف الدنيا وزينتها وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدًا ؛ فزكت أعمالهم ، وأجيب دعاؤهم

# قال المهلب : إنما أراد ( صلى الله عليه وسلم ) بهذا القول لسعد الحض على التواضع ونفى الكبر والزهو عن قلوب المؤمنين .

# ففيه من الفقه أن من زها على ما هو دونه أنه ينبغى أن يبين من_فضله ما يحدث له فى نفس المزهو مقدارًا أو فضلا حتى لا يحتقر أحدًا من المسلمين ؛ ألا ترى أن الرسول أبان من حال الضعفاء ما ليس لأهل القوة والغناء فأخبر أن بدعائهم وصلاتهم وصومهم ينصرون .

 

لعلك ترزق به

 

&        فيض القدير - (1 / 82)

هذا الحديث وما على منواله : " هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم " قد وقع التعارض ظاهرا بينه وبين خبر مسلم " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير " وعند التأمل لا تدافع إذ المراد بمدح القوة القوة في ذات الله وشدة العزيمة وبمدح الضعف لين الجانب ورقة القلب والانكسار بمشاهدة جلال الجبار أو المراد بذم القوة التجبر والاستكبار وبذم الضعف ضعف العزيمة في القيام بحق الواحد القهار على أنه لم يقل هنا أنهم ينصرون بقوة الضعفاء وإنما مراده بدعائهم أو بإخلاصهم أو نحو ذلك مما مر

 

&        فيض القدير - (6 / 354)

واستدل به الشافعية على ندب إخراج الشيوخ والصبيان في الاستسقاء

 

&        مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (8 / 3274)

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إِنَّمَا جَعَلَ النَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَقَدَّرَ تَوْسِيعَ الرِّزْقِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ بِبَرَكَةِ الْفُقَرَاءِ، فَأَكْرِمُوهُمْ وَلَا تَتَكَبَّرُوا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّهُمْ أَهْلُ سُلُوكِ الْمَحَبَّةِ عَلَى أَضْيَقِ الْمَحَجَّةِ، وَمُلُوكُ الْجَنَّةِ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الْمَعَزَّةِ.

 

&        مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (8 / 3274)

فَأَجَابَهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ تِلْكَ الشَّجَاعَةَ بِبَرَكَةِ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَتِلْكَ السَّخَاوَةُ أَيْضًا بِبَرَكَتِهِمْ، وَأَبْرَزَهُ فِي صُورَةِ الِاسْتِفْهَامِ لِيَدُلَّ عَلَى مَزِيدِ التَّعْزِيرِ وَالتَّوْبِيخِ

 

&        بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 239)

فهذا الحديث فيه : أنه لا ينبغي للأقوياء القادرين أن يستهينوا بالضعفاء العاجزين ، لا في أمور الجهاد والنصرة ، ولا في أمور الرزق وعجزهم عن الكسب .

بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قد يحدث النصر على الأعداء وبسط الرزق بأسباب الضعفاء ، بتوجههم ودعائهم ، واستنصارهم واسترزاقهم .

وذلك : أن الأسباب التي تحصل بها المقاصد نوعان .

نوع يشاهد بالحس ، وهو القوة بالشجاعة القولية والفعلية ، وبحصول الغنى والقدرة على الكسب . وهذا النوع هو الذي يغلب على قلوب أكثر الخلق ، ويعلقون به حصول النصر والرزق ، حتى وصلت الحال بكثير من أهل الجاهلية أن يقتلوا أولادهم خشية الفقر ، ووصلت بغيرهم إلى أن يتضجروا بعوائلهم الذين عدم كسبهم ، وفقدت قوتهم ، وهذا كله قصر نظر ، وضعف إيمان ، وقلة ثقة بوعد الله وكفايته ، ونظر للأمور على غير حقيقتها .

النوع الثاني : أسباب معنوية ، وهي قوة التوكل على الله في حصول المطالب الدينية والدنيوية ، وكمال الثقة به ، وقوة التوجه إليه والطلب منه .

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 240)

وهذه الأمور تقوي جدا من الضعفاء العاجزين الذين ألجأتهم الضرورة إلى أن يعلموا حق العلم ، أن كفايتهم ورزقهم ونصرهم من عند الله ، وأنهم في غاية العجز . فانكسرت قلوبهم ، وتوجهت إلى الله ، فأنزل لهم من نصره ورزقه - من دفع المكاره ، وجلب المنافع - ما لا يدركه القادرون . ويسر للقادرين بسببهم من الرزق ما لم يكن لهم في حساب ؛ فإن الله جعل لكل أحد رزقا مقدرا .

وقد جعل أرزاق هؤلاء العاجزين على يد القادرين ، وأعان القادرين على ذلك ، وخصوصا من قويت ثقتهم بالله ، واطمأنت نفوسهم لثوابه فإن الله يفتح لهؤلاء من أسباب النصر والرزق ما لم يكن لهم ببال ، ولا دار لهم في خيال .

فكم من إنسان كان رزقه مقترا ، فلما كثرت عائلته والمتعلقون به ، وسع الله له الرزق من جهات وأسباب شرعية قدرية إلهية .

ومن جهة وعد الله الذي لا يخلف : { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } [ سبأ : 39 ]

ومن جهة : دعاء الملائكة كل صباح يوم : « اللهم أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلقا » .

ومن جهة أن أرزاق هؤلاء الضعفاء توجهت إلى من قام بهم ، وكانت على يده .

ومن جهة أن يد المعطي هي العليا من جميع الوجوه .

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 241)

ومن جهة أن المعونة من الله تأتي على قدر المؤنة ، وأن البركة تشارك كل ما كان لوجهه ، ومرادا به ثوابه . ولهذا نقول :

ومن جهة إخلاص العبد لله ، وتقربه إليه بقلبه ولسانه ويده ، كلما أنفق ، توجه إلى الله وتقرب إليه . وما كان له فهو مبارك .

ومن جهة قوة التوكل ، وثقة المنفق ، وطمعه في فضل الله وبره . والطمع والرجاء من أكبر الأسباب لحصول المطلوب .

ومن جهة دعاء المستضعفين المنفق عليهم ، فإنهم يدعون الله - إن قاموا وقعدوا ، وفي كل أحوالهم - لمن قام بكفايتهم . والدعاء سبب قوي : { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [غافر : 60 ]

وكل هذا مجرب مشاهد ، فتبا للمحرومين ، وما أجل ربح الموفقين ، والله أعلم .

 

&        ذخيرة العقبى في شرح المجتبى - (26 / 311_312)

في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو استحباب طلب النصر على الأعداء من اللَّه تعالى بدعوة الضعفاء الصالحين. (ومنها): أن رفعة القدر عند اللَّه تعالى_ليست بالمظهر، وإنما هي بالتقوى، والإخلاص، والورع، كما قال اللَّه تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]. (ومنها): استحباب الغزو مع الضعفاء؛ رجاء النصر بسببهم. (ومنها): فضيلة الدعاء، والصلاة، والإخلاص للَّه سبحانه وتعالى، حيث كانت سببًا لانتصار الجيوش على أعداء الإسلام. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

 

&        الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري - (12 / 162)

وفيه أن نصرة السلاطين وأرزاق الملوك ليس إلا ببركة الفقراء والمساكين

 

&        كشف المشكل من حديث الصحيحين - (1 / 165)

إنما أراد النبي كسر سورته في اعتقاده فضله على غيره ليستعمل التواضع والذل فأعلمه أن الضعفاء في مقام انكسار وذل وهو المراد من العبد وهو المقتضي للرحمة والإنعام

 

&        مجموع الفتاوى ( ط: دار الوفاء - تحقيق أنور الباز ) - (28 / 270)

فَالْوَاجِبُ فِي الْمَغْنَمِ تَخْمِيسُهُ وَصَرْفُ الْخُمُسِ إلَى مَنْ ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى ؛ وَقِسْمَةُ الْبَاقِي بَيْنَ الْغَانِمِينَ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ . وَهُمْ الَّذِينَ شَهِدُوهَا لِلْقِتَالِ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا . وَيَجِبُ قَسَمُهَا بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ فَلَا يُحَابَى أَحَدٌ لَا لِرِيَاسَتِهِ وَلَا لِنَسَبِهِ وَلَا لِفَضْلِهِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاؤُهُ يَقْسِمُونَهَا . وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : { أَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ؟ }

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين