شرح الحديث 125-126 من كتاب الأدب المفرد لأبي فائزة البوجيسي

 

125 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:

شَكَا رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارَهُ، فَقَالَ:

«احْمِلْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ» ،

فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ»، ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي شَكَا: «كُفِيتَ» أَوْ نَحْوَهُ

[قال الشيخ الألباني: حسن صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ (ثقة: ت. 231 هـ):

على بن حكيم بن ذبيان الأودى ، أبو الحسن الكوفي (أخو عثمان بن حكيم)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  بخ م س 

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ (صدوق يخطىء : ت. 140 هـ)[1]:

شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر القرش، أبو عبد الله المدني (وقيل: الليثى من أنفسهم، قاله الواقدى)، من صغار التابعين، روى له:  خ م د تم س ق 

 

عَنْ أَبِي عُمَرَ (مجهول):

أبو عمر الْمُنَبِّهِيُّ[2] النَّخَعِي أو البَجَلِيُّ، الكوفي، اسمه: نَشِيْطٌ (ووَهِمَ من خلطه بالصيني)، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  بخ ق 

 

عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (74 هـ):

وهب بن عبد الله (ويقال: ابن وهب)، أبو جحيفة السُّوَائِي (يقال له: وهب الخير، نزل الكوفة)، صحابي، روى له: خ م د ت س ق.

 

نص الحديث:

 

عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:

شَكَا رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارَهُ، فَقَالَ:

«احْمِلْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ» ،

فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ» ، ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي شَكَا: «كُفِيتَ» أَوْ نَحْوَهُ

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 57) (رقم: 125)، وأبو داود في "سننه" (4/ 339) (رقم: 5153)، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/ 134) (رقم: 356)، وفي "مكارم الأخلاق" (ص: 394) (رقم: 236)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (4/ 183) (رقم: 7303)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (12/ 96) (رقم: 9101).

 

والحديث حسن صحيح: صرح به الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 681) (رقم: 2558)

 

من فوائد الحديث:

 

الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (3/ 352)

الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

 

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 422) للهيتمي:

"(الْكَبِيرَةُ الْعَاشِرَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ):

إيذَاءُ الْجَارِ وَلَوْ ذِمِّيًّا كَأَنْ يُشْرِفَ عَلَى حُرَمِهِ أَوْ يَبْنِيَ مَا يُؤْذِيهِ مِمَّا لَا يُسَوَّغُ لَهُ شَرْعًا،

أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ»." اهـ

 

مسند أبي داود الطيالسي (1/ 375) (رقم: 470):

عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ:

"كَانَ الْحَدِيثُ يَبْلُغُنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَهُ فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ:

"يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّهُ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ الْحَدِيثُ، فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَكَ،

قَالَ: "لِلَّهِ أَبُوكَ، فَقَدْ لَقِيتَ، فَهَاتِ،

قُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَكُمْ

(أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ ثَلَاثَةً وَيُبْغِضُ ثَلَاثَةً)،

قَالَ: "مَا إِخَالُنِي أَنْ أَكْذِبَ عَلَى خَلِيلِي."

قُلْتُ: فَمَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّ؟

* قَالَ: رَجُلٌ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ " وَإِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ عِنْدَكُمْ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4]

* قُلْتُ: وَمَنْ؟ قَالَ: «رَجُلٌ لَهُ جَارُ سُوءٍ فَهُوَ يُؤْذِيهِ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ فَيَكْفِيهِ اللَّهُ إِيَّاهُ بِحَيَاةٍ أَوْ [ص:376] مَوْتٍ» ،

* قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ: «رَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فِي سَفَرٍ فَنَزَلُوا فَعَرَّسُوا وَقَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الْكَرَى وَالنُّعَاسُ وَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَنَامُوا وَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَهْبَةً لِلَّهِ وَرَغْبَةً إِلَيْهِ» ،

قُلْتُ: فَمَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ؟

* قَالَ: «الْبَخِيلُ الْمَنَّانُ وَالْمُخْتَالُ الْفَخُورُ»

وَإِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] قَالَ: فَمَنِ الثَّالِثُ؟ قَالَ: «التَّاجِرُ الْحَلَّافُ» أَوْ «الْبَائِعُ الْحَلَّافُ»." اهـ[3]

 

وقال جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر، المعروف بـ"أبو بكر الجزائري" (المتوفى 1439 هـ) _رحمه الله_ في "منهاج المسلم" (ص: 82):

"إذَا ابتليَ المسلمُ بجارِ سوءٍ، فليصبر عليهِ، فإنَّ صبرهُ سيكونُ سببَ خلاصهِ منهُ." اهـ

 

إحياء علوم الدين (2/ 214)

وقالت عائشة _رضي الله عنها_:

"خلال المكارم عَشْرٌ، تكون في الرجل ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، يقسمها الله _تعالى_ لمن أحب:

* صدق الحديث،

* وصدق الناس،

* وإعطاء السائل،  

* والمكافأة بالصنائع،

* وصلة الرحم،

* وحفظ الأمانة،

* والتذمم للجار،

* والتذمم للصاحب،

* وقِرَى الضيف،

* ورأسهن الحياء." اهـ

  

126 - حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ يَعْنِي ابْنَ مُبَشِّرٍ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ:

"جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يَسْتَعْدِيهِ عَلَى جَارِهِ، فَبَيْنَا هُوَ قَاعِدٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَرَآهُ الرَّجُلُ، وَهُوَ مُقَاوِمٌ رَجُلًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ عِنْدَ الْمَقَامِ حَيْثُ يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ،

فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُ مَعَكَ مُقَاوِمَكَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ؟"

قَالَ: «أَقَدْ رَأَيْتَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ،

قَالَ: «رَأَيْتَ خَيْرًا كَثِيرًا، ذَاكَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ رَبِّي، مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاعِلٌ لَهُ مِيرَاثًا»."

[قال الشيخ الألباني: ضعيف]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا مَخْلَدُ بْنُ مَالِكٍ (ثقة: ت 241 هـ بـ نيسابور):

مَخْلَدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَابِرٍ الْجَمَّالُ، أبو جعفر الرازِيُّ (نزيل نيسابور)، روى له:  خ 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُهَيْرٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ (صدوق تكلم فى حديثه عن الأعمش: ت 100 و بضع و تسعون هـ):

عَبْدُ الرحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ بْنِ عِيَاضٍ بْنِ الحارث بن عبد الله بن وهب الدوسي، أبو زهير الكوفي (سكن الريَّ، ووَلِيَ قَضَاءَ الْأُرْدُن)، من صغار أتباع التابعين، روى له:  بخ د ت س ق 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ يَعْنِي ابْنَ مُبَشِّرٍ (فيه لين):

الفضل بن مبشِّر الأنصاري، أبو بكر المدني (مشهور بكنيته)، من صغار التابعين، روى له:  بخ ق 

 

قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا (ت. 78 هـ):

جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصارى الخزرجي السَّلِمِي، أبو عبد الله المدني، روى له:  خ م د ت س ق

 

وفي "سير أعلام النبلاء" – ط. الرسالة (3/ 194): "(مُسْنَدُهُ): بَلَغَ أَلْفاً وَخَمْسَ مائَةٍ وَأَرْبَعِيْنَ حَدِيْثاً." اهـ

 

نص الحديث:

 

قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ:

"جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ يَسْتَعْدِيهِ عَلَى جَارِهِ، فَبَيْنَا هُوَ قَاعِدٌ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ إِذْ أَقْبَلَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَرَآهُ الرَّجُلُ، وَهُوَ مُقَاوِمٌ رَجُلًا عَلَيْهِ ثِيَابٌ بَيَاضٌ عِنْدَ الْمَقَامِ حَيْثُ يُصَلُّونَ عَلَى الْجَنَائِزِ،

فَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي رَأَيْتُ مَعَكَ مُقَاوِمَكَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ؟"

قَالَ: «أَقَدْ رَأَيْتَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ،

قَالَ: «رَأَيْتَ خَيْرًا كَثِيرًا، ذَاكَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولُ رَبِّي، مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ جَاعِلٌ لَهُ مِيرَاثًا»."

 

وفي "المنتخب" (رقم: 1129) لعبد بن حميد:

عَنْ جَابِرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْعَوَالِي وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِبْرِيلُ يُصَلِّيَانِ حَيْثُ يُصَلَّى عَلَى الْجَنَائِزِ فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هَذَا الَّذِي رَأَيْتُ مَعَكَ؟ قَالَ: «وَقَدْ رَأَيْتَهُ؟» قَالَ: نَعَمْ قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتَ خَيْرًا كَثِيرًا هَذَا جِبْرِيلُ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى رَأَيْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 57) (رقم: 126)، وعبد بن حميد في "المنتخب" - ت صبحي السامرائي (ص: 339) (رقم: 1129)، والبزار كما في "كشف الأستار عن زوائد البزار" (2/ 380) (رقم: 1897).

 

والحديث ضعيف: ضعفه الألباني في "ضعيف الأدب المفرد" (ص: 31) (رقم: 24)، لأجل الفضل بن مبشِّر الأنصاري، أبو بكر المدني

 

وفي مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (8/ 165):

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ الْفَضْلُ بْنُ مُبَشِّرٍ، وَثَّقَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَضَعَّفَهُ غَيْرُهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٌ.

 

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (8 / 285):

"وقال العجلى: لا بأس به.

و قال الدولابى: مدنى ضعيف الحديث.

و قال الدورى، عن ابن معين: الفضل بن مبشر المدني، روى عنه عبد الرحمن بن

الغسيل، ليس به بأس، روى عن جابر بن عبد الله . اهـ .


إلأ أنه ورد في شاهد للحديث في "مسند أحمد" - عالم الكتب (5/ 32) (رقم: 20350):

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، وَيَزِيدُ ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ الأَنْصَارِيِّ، (قَالَ يَزِيدُ: عَنْ رَجُلٍ ، مِنَ الأَنْصَارِ)، قَالَ:

"خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي أُرِيدُ النَّبِيَّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمٌ، وَرَجُلٌ مَعَهُ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُمَا حَاجَةً،

قَالَ: فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ:

وَاللَّهِ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ،

فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ: "يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ قَامَ بِكَ الرَّجُلُ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَكَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ،

قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (أَتَدْرِي مَنْ هُوَ؟) قُلْتُ: "لاَ"،

قَالَ: (ذَاكَ جِبْرِيلُ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ)،

ثُمَّ قَالَ: (أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلاَمَ)."

والحديث صحيح: صححه الأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (33/ 459) (رقم: 20350):

"إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين غير صحابيَّه الأنصاري." اهـ

 وأخرجه أحمد في "مسنده" (رقم: 16219 و 23093)، الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (7/ 222) (رقم: 2796)، والخرائطي في مكارم الأخلاق (ص: 87) (رقم: 214)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (6/ 3096) (رقم: 7148). 


فوائد الحديث :

 

وقال عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي القاهري، الشهير بـ"الْمُنَاوِيّ" (المتوفى: 1031هـ) _رحمه الله في "فيض القدير" (5 / 447):

"فمن التزم شرائع الإسلام، تَأَكَّدَ عليه إِكْرَامُ جَارِهِ لِعَظِيْمِ حَقِّهِ." اهـ

 

وقال عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي القاهري، الشهير بـ"الْمُنَاوِيّ" (المتوفى: 1031هـ) _رحمه الله في "فيض القدير" (5 / 448):

"وللجوار مراتب، منها: الملاصقة، ومنها: المخالطة بأن يجمعهما مسجد أو مدرسة أو سوق أو غير ذلك، ويتأكد الحق مع المسلم، ويبقى أصله مع الكافر." اهـ

 

وقال عبد الرؤوف بن تاج العارفين الحدادي القاهري، الشهير بـ"الْمُنَاوِيّ" (المتوفى: 1031هـ) _رحمه الله في "فيض القدير" (5 / 448)

قال في "العارضة":

"نبه بذلك على أن الحقوق إذا تأكدت بالأسباب، فأعظمها حُرْمَةُ الجِوارِ، وهو قرب الدار، فقد أنزل بذلك منزلة الرحم، وكاد يوجب له حقا في المال." اهـ

 

وقال محمد بن عبد الباقي بن يوسف المصري الأزهري المعروف بـ"أبي عبد الله الزُّرْقَانِيُّ المالكي" (المتوفى 1122 ه) _رحمه الله_ في "شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك" (4 / 384):

"قال القرطبي:

فمن كان مع هذا التأكيد الشديد مضرا لجاره كاشفا لعوراته حريصا على إنزال البوائق به، كان ذلك منه دليلاً على فساد اعتقادٍ ونفاقٍ، فيكون كافرا.

ولا شك أنه لا يدخل الجنة، وأما على امتهانه بما عظم الله من حرمة الجار، ومن تأكيد عهد الجوار، فيكون فاسقا فسقا عظيما، ومرتكبَ كبيرةٍ، يخاف عليه من الإصرار عليها أن يختم له بالكفر،

فإن المعاصي بريد الكفر، فيكون من الصنف الأول، فإن سلم من ذلك، ومات بلا توبة، فأمره إلى الله، وقد كانوا في الجاهلية يبالغون في رعايته وحفظ حقه." اهـ

 

وقال محمد بن عبد الباقي بن يوسف المصري الأزهري المعروف بـ"أبي عبد الله الزُّرْقَانِيُّ المالكي" (المتوفى 1122 ه) _رحمه الله_ في "شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك" (4 / 385):

"قال ابن أبي جمرة:

وإكرام الجار من كمال الإيمان، والذي يشمل جميعَ وجوه الإكرام إرادةُ الخيرِ له وموعظته بالحسنى والدعاء له بالهداية وترك الإضرار على اختلاف أنواعه حسيا كان أو معنويا، إلا في الموضع الذي يجب فيه الإضرار بالقول أو الفعل،

والذي يخص الصالح هو جميع ما تقدم وغير الصالح كفه عما يرتكبه بالحسنى على حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويعظ الكافر بعرض الإسلام عليه وإظهار محاسنه والترغيب فيه برفق والفاسق بما يليق به برفق فإن أفاد وإلا هجره قاصدا تأديبه مع إعلامه بالسبب." اهـ

 

وقال محمد بن عبد الباقي بن يوسف المصري الأزهري المعروف بـ"أبي عبد الله الزُّرْقَانِيُّ المالكي" (المتوفى 1122 ه) _رحمه الله_ في "شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك" (4 / 385):

"وهنا تنبيه وهو أنه إذا أمر بإكرام الجار مع الحائل بين الإنسان وبينه فينبغي أن يرعى حق الحافظين اللذين ليس بينه وبينهما جدار ولا حائل،

فلا يؤذيهما بأنواع المخالفات في مرور الساعات، فقد ورد أنهما يسران بالحسنات ويحزنان بالسيئات،

فينبغي إكرامهما ورعاية جانبهما بالإكثار من عمل الطاعات والمواظبة على تجنب المعاصي فهما أولى بالإكرام من كثير من الجيران." اهـ

 

وقال محمد بن عبد الباقي بن يوسف المصري الأزهري المعروف بـ"أبي عبد الله الزُّرْقَانِيُّ المالكي" (المتوفى 1122 ه) _رحمه الله_ في "شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك" (4 / 385):

"والذي يتحصل عند النظر أن الجار له مراتب:

الأول الملاصقة، والثاني المخالطة بأن يجمعهما مسجد أو مجلس أو بيوت ويتأكد الحق مع المسلم ويبقى أصله مع الكافر والمسلم وقد يكون مع العاصي بالتستر عليه." اهـ

 

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين - (1 / 56):

"وإكرامُه يكون بأن يصل إليه برُّه، وأن تحصل له السلامةُ من شرِّه، والجيران ثلاثة:

ـ جارٌ مسلم ذو قربى، له ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام.

ـ وجارٌ مسلم ليس بذي قُربى، له حق الإسلام والجوار.

ـ وجار ليس بمسلم ولا ذي قُربى، له حقُّ الجوار فقط.

وأولى الجيران بالإحسان مَن يكون أقربَهم باباً؛ لمشاهدته ما يدخل في بيت جاره، فيتطلَّع إلى إحسانه إليه." اهـ

 

قال الشيخ عطية بن محمد سالم المصري (المتوفى : 1420هـ) _رحمه الله_ في "شرح الأربعين النووية" (39 / 10):

"ويذكر لنا بعض شيوخنا في المدينة، وهو الشيخ عبد الرحمن الإفريقي _رحمه الله_، أنه كان يسكن في المدينة، وأولاده يلعبون مع أولاد الجيران، فتشاجر الأولاد مع بعض،

فجاء والد أحد الأولاد وضرب ولد الشيخ، وذهب الأولاد واشتكوا، فأخذ الرجل وحبس،

وفي الظهر علم الشيخ بذلك، فقال: أين الرجل؟ قالوا: محبوس، فذهب بنفسه إلى الشرطة وقال: هذا ولدي، وأنا وليه، وليس لنا دعوى على أحد." اهـ

 

وقال نصر بن محمد، الشهير بـ"أبي الليث السمرقندي" (المتوفى: 373 هـ) _رحمه الله_ في "تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين" (ص: 143):

"وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: "لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفُّ الْأَذَى عَنِ الْجَارِ، وَلَكِنْ حُسْنُ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى مِنَ الْجَارِ." اهـ

 

وقال نصر بن محمد، الشهير بـ"أبي الليث السمرقندي" (المتوفى: 373 هـ) _رحمه الله_ في "تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين" (ص: 144)

"وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ، أَنَّهُ قَالَ:

عَشْرَةُ أَشْيَاءَ مِنَ الْجَفَاءِ:

أَوَّلُهَا: رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ يَدْعُو لِنَفْسِهِ وَلَا يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ وَالْمُؤْمِنِينَ.

وَالثَّانِي: رَجُلٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَلَا يَقْرَأُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِائَةَ آيَةً.

وَالثَّالِثُ: رَجُلٌ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ رَكْعَتَيْنِ.

وَالرَّابِعُ: رَجُلٌ يَمُرُّ عَلَى الْمَقَابِرِ وَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ.

وَالْخَامِسُ: رَجُلٌ دَخَلَ مَدِينَةً فِي يَوْمِ الْجُمْعَةِ، ثُمَّ خَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ الْجُمْعَةَ.

وَالسَّادِسُ: رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ نَزَلَ فِي مَحِلَّتِهِمَا عَالَمٌ، وَلَمْ يَذْهَبْ إِلَيْهِ أَحَدٌ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهُ شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ.

وَالسَّابِعُ: رَجُلَانِ تَرَافَقَا وَلَمْ يَسْأَلْ أَحَدُهُمَا عَنِ اسْمِ صَاحِبِهِ.

وَالثَّامِنُ: رَجُلٌ دَعَاهُ رَجُلٌ إِلَى ضِيَافَةٍ فَلَمْ يَذْهَبْ إِلَى الضِّيَافَةِ.

وَالتَّاسِعُ: شَابٌّ يَضِيعُ شَبَابُهُ وَهُوَ فَارِغٌ وَلَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ وَالْأَدَبَ.

وَالْعَاشِرُ: رَجُلٌ شَبْعَانُ وَجَارُهُ جَائِعٌ وَلَا يُعْطِيهِ شَيْئًا مِنْ طَعَامِهِ." اهـ

تَمَامُ حُسْنِ الْجِوَارِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ:

أَوَّلُهَا: أَنْ يُوَاسِيهِ بِمَا عِنْدَهُ.

وَالثَّانِيْ: أَنْ لَا يَطْمَعَ فِيمَا عِنْدَهُ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَمْنَعَ أَذَاهُ عَنْهُ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَصْبِرَ عَلَى أَذَاهُ

 

شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري - (9 / 24):

"ويحصل امتثال الوصية بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطاقة: كالهدية، والسلام، وطلاقة الوجه عند لقائه، وتفقد حاله ومعاونته فيما يحتاج إليه، وكف أسباب الأذى عنه على اختلاف أنواعه، حسيةً كانت أو معنويةً." اهـ

 

وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (9 / 397)

"وفيه: رعاية حقه بعد الموت والجار يعم العدل والفاسق والقريب والبعيد،

ثم هم مراتب: فَجَارُ الدَّارِ الملاصِقُ أعظم حقًّا من البعيد، وجارُ المخالطةِ في مسجدٍ أوْ سُوْق، حَقُّهُ دونهما ونحْوُ ذلك،

فيجب رعاية حقه، وأهم الحقوق: تعليمُهُ الشرائِعُ ومناصحتُهُ في دينه. وحقوق الجار كثيرة، من أراد استفاءها، فعليه بالإحياء للإمام الغزالي[4]، فقد أطال نفسه في ذلك." اهـ

 

وقال محمد بن إسماعيل الحسني، الكحلاني، المعروف بـ"الأمير الصنعاني" (المتوفى: 1182هـ) _رحمه الله_ في "التنوير شرح الجامع الصغير" (9 / 398):

"فيه: تنبيه على أن للجار حقاً في مال جاره، فتُعِيْنُهُ إذا احتاج، وتُقْرِضُهُ إذا اقترض." اهـ

 

وقال عبد المحسن بن حمد بن عبد المحسن بن عبد الله بن حمد العباد البدر _حفظه الله_ في "شرح سنن أبي داود" – الشاملة (585 / 14):

"وهذا يدل على عظم شأن حق الجار، وأنه مادام بهذه المنزلة فحقيق أو حري أن يجعل له نصيب من مال الإنسان إذا مات.

فمعنى ذلك أن حق الجار عظيم، وأن الإنسان يحسن إليه ويهدي إليه، ويصل إليه معروفه في حياته مادام أن الرسول صلى الله عليه وسلم ظن أنه سيورث ويجعل له نصيب من ماله إذا مات، وإن لم يحصل التوريث، والتوريث إنما هو للأقارب كما جاء في الكتاب والسنة.

وجاءت أحاديث كثيرة تدل على حق الجار وعلى الابتعاد عن أذاه، وأن أذى الجار أعظم من إيذاء غيره؛ لأن له حقاً على جاره،

ولهذا جاء في الحديث عنه _صلى الله عليه وسلم_ أنه قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره) [خ م]،

وقال _صلى الله عليه وسلم_: (والله لا يؤمن، من لا يأمن جاره بوائقه) [خ] يعني: غوائله وشروره." اهـ

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (41/ 142_143):

"في فوائده:

1 - (منها): بيان التشديد في حقّ الجار، حتى إنه _صلى الله عليه وسلم_ من كثرة وصيّة جبريل _عَلَيْهِ السَّلامُ_ به ظنّ أنه سيجعله من جملة الورثة.

قال ابن عبد البرّ _رَحِمَهُ اللهُ_:

"في هذا الحديث الحضّ على برّ الجار، وإكرامه، وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - قوله: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره"،

والله -عَزَّ وَجَلَّ- قد أوصى بالجار ذي القربى، والجار الجنب." انتهى ["التمهيد لابن عبد البرّ" (21/ 41)].

2 - (ومنها): بيان شدّة عناية الشريعة الإسلاميّة بالمحافظة على حقوق الجوار، وهو من الأمور التي يستحسنها العقل، ولو لم يَرِدْ بها الشرع،

ولذا كان أهل الجاهليّة يتفاخرون بها، قال ابن عبد البرّ: وذكر مالك عن أبي حازم بن دينار، أنه قال: كان أهل الجاهلية أبرّ بالجار منكم، وهذا قائلهم يقول [من الكامل]:

نَارِي وَنَارُ الْجَارِ وَاحِدَةٌ ... وَإِلَيْهِ قَبْلِي يَنْزِلُ الْقِدْرُ

مَا ضرَّ جَارٌ أَلَّا أُجَاوِرَه ... أَلَّا يَكُونَ لِبَابِهِ سِتْرُ

أَعْمَى إِذَا مَا جَارَتِي بَرَزَتْ ... حَتَّى يُوَارِي جَارَتِي الْخِدْرُ

3 - (ومنها): أنه اختُلف في حدّ الجار، قال الإمام البخاريّ _رَحِمَهُ اللهُ_ في "صحيحه": "باب حقّ الجوار في قرب الأبواب" (5674) - حدّثنا حجاج بن منهال، حدّثنا شعبة، قال: أخبرني أبو عمران، قال: سمعت طلحة، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله إن لي جارين، فإلى أيهما أُهدي؟ قال: "إلى أقربهما منك باباً" ["صحيح البخاريّ" (5/ 2241)].

قال في "الفتح": "قوله: (أقربهما)؛ أي: أشدّهما قرباً، قيل: الحكمة فيه___أن الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره، من هدية وغيرها، فيتشوَّف لها، بخلاف الأبعد، وأن الأقرب أسرع إجابة لِمَا يقع لجاره من المهمات، ولا سيما في أوقات الغفلة، وقال ابن أبي جمرة: الإهداء إلى الأقرب مندوب؛ لأن الهدية في الأصل ليست واجبةً، فلا يكون الترتيب فيها واجباً،

ويؤخذ من الحديث أن الأخذ في العمل بما هو أعلى أَولى، وفيه تقديم العلم على العمل.

واختُلف في حدّ الجوار، فجاء عن عليّ - رضي الله عنه -: من سمع النداء فهو

جار، وقيل: من صلى معك صلاة الصبح في المسجد، فهو جار، وعن عائشة: حدّ الجوار أربعون داراً من كل جانب، وعن الأوزاعيّ مثله،

وأخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" مثله عن الحسن، وللطبرانيّ بسند ضعيف، عن كعب بن مالك، مرفوعاً: "ألا إن أربعين داراً جار"، وأخرج ابن وهب عن يونس، عن ابن شهاب: أربعون داراً عن يمينه، وعن يساره، ومن خلفه، ومن بين يديه، وهذا يَحْتَمِل كالأُولى، ويَحْتَمِل أن يريد التوزيع، فيكون من كل جانب عشرةً. انتهى ["الفتح" 13/ 568، كتاب "الأدب" رقم (6020)].

قال الجامع _عفا الله عنه_: "عندي أن من صلى الصلوات معك دائماً، ولا سيّما صلاة الصبح هو جار لك؛ لأن هذا يدلّ على قربه من دارك، ويرى كل ما يدخل في بيتك، أو بعضه، ولو صحّ حديث: "أربعون داراً جارٌ" لكان نصّاً في التحديد، لكنه ضعيف[5]، فلا يصلح للاحتجاج به، فتنبّه، والله تعالى

أعلم." اهـ



[1] وفي إكمال تهذيب الكمال (6/ 254) لمغلطاي الحنفي: "ولما ذكره ابن خلفون في «الثقات» قال: مات سنة أربع وأربعين ومائة." اهـ

[2] وفي تاريخ الإسلام ت بشار (4/ 516) "...الْمُنَبِّهِيِّ." اهـ

وفي اللباب في تهذيب الأنساب (1/ 520): "مُنَبّه بن نكرَة بن لكير بن أفصى بن عبد الْقَيْس."

الأنساب للصحاري (ص: 59): "...لُكَيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جَدِيلة بن أسد بن ربيعة بن نَزِار بن معد بن عدنان." اهـ

[3] صحيح: صححه الأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (35/ 421) (رقم: 21530)

[4] كان الغزالي _رحمه الله_ يمر بأربع مراحل: حرحلة الاعتزال، ومرحلة الكلام، ومرحلة التصوف، وفي المرحلة الأخيرة مال إلى إلى مذهب السلف أهل السنة الحقيقية، والله أعلم.

[5] راجع: "إرواء الغليل" للشيخ الألبانيّ -رَحِمَهُ اللهُ- (6/ 100).

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين