شرح الحديث 124-125 من الأدب المفرد

  

68- باب شكاية الجار

 

124 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَجُلٌ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي."

فَقَالَ: «انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ» ،

فَانْطَلَقَ، فَأَخْرِجَ مَتَاعَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ،

فَقَالُوا: "مَا شَأْنُكَ؟"

قَالَ: "لِي جَارٌ يُؤْذِينِي."

فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَ:

«انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ»،

فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: (اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْزِهِ).

فَبَلَغَهُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: (ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَوَاللَّهِ لَا أُؤْذِيكَ)."

[قال الشيخ الألباني: حسن صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ (ثقة ثبت إمام، أعلم أهل عصره بالحديث و علله:

234 هـ على الصحيح بـ سامراء):

علي بن عبد الله بن جعفر بن نجيح السعدي، أبو الحسن ابن المديني البصري (مولى عروة بن عطية السعدي)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ د ت س فق  (فق: ابن ماجه في التفسير)

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى (ثقة: 200 هـ):

صفوان بن عيسى القرشي الزهري، أبو محمد البصري، القسام، من صغار أتباع التابعين، روى له:  خت م د ت س ق 

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ (صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبى هريرة: 148 هـ بـ المدينة):

محمد بن عجلان القرشي، أبو عبد الله المدني، مولى فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، من صغار التابعين، روى له:  خت م د ت س ق 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي (لا بأس به: ت. 101 هـ):

عجلان القرشي المدني، مولى فاطمة بنت عتبة بن ربيعة (والِدُ محمدِ بْنِ عَجْلاَنَ)، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  خت م د ت س ق.

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (ت: 57 هـ):

أبو هريرة الدوسي اليماني (حافظ الصحابة)، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:

قَالَ رَجُلٌ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي."

فَقَالَ: «انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ» ،

فَانْطَلَقَ، فَأَخْرِجَ مَتَاعَهُ، فَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ،

فَقَالُوا: "مَا شَأْنُكَ؟"

قَالَ: "لِي جَارٌ يُؤْذِينِي."

فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَ:

«انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ إِلَى الطَّرِيقِ»،

فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: (اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْزِهِ).

فَبَلَغَهُ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: (ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَوَاللَّهِ لَا أُؤْذِيكَ)."

 

وفي شعب الإيمان (12/ 95_96) (رقم: 9100):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، يَشْكُو جَارَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (اصْبِرْ)،

ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ، يَشْكُو، فَقَالَ لَهُ النَّبِيَّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (اصْبِرْ)،

ثُمَّ أَتَاهُ يَشْكُو، فَقَالَ لَهُ: (اصْبِرْ)،

ثُمَّ أَتَاهُ الرَّابِعَةَ، يَشْكُوهُ، فَقَالَ:

(اذْهَبْ، فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ، فَضَعْهُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ)،

فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ، إِلَّا قَالَ لَهُ: "شَكَوْتُ جَارِي إِلَى رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَقَالَ: (اذْهَبْ، فَأَخْرِجْ مَتَاعَكَ، فَضَعْهُ عَلَى ظَهْرِ الطَّرِيقِ)،

فَجَعَلَ لَا يَمُرُّ بِهِ أَحَدٌ، إِلَّا قَالَ: "اللهُمَّ الْعَنْهُ، اللهُمَّ، أَخِّرْهُ."

قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ: "يَا فُلَانُ، ارْجِعْ إِلَى مَنْزِلِكَ، فَوَاللهِ، لَا أُوْذِيْكَ أَبَدًا."

 

الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 14)

وَرَوَى الْمَرُّوذِيُّ: عَنْ الْحَسَنِ لَيْسَ حُسْنُ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى، حُسْنُ الْجِوَارِ الصَّبْرُ عَلَى الْأَذَى.

 

شرح سنن أبي داود للعباد - شاملة (585/ 26):

"السؤال

حديث أبي هريرة في الرجل الذي جاء يشكو جاره، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اطرح متاعك في الطريق) استدل به بعض الناس على جواز المظاهرات، فهل هذا صحيح؟

الجواب

هؤلاء يتشبثون بخيوط العنكبوت كما يقال، ويبحثون عن شيء يبنون عليه باطلهم.

المظاهرات من قبيل الفوضى، وهذا الرجل أمره الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يفعل ذلك حتى إن جاره يتأثر بسبب ذلك.

ثم أيضاً في هذا الزمان لا يقال: إن كل من يشتكي جاره يكون مصيباً، قد يكون هذا الذي يشتكي جاره هو الأظلم، بخلاف هذا الذي أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه مظلوم.

في هذا الزمان بعض الجيران يحصل بينه وبين جاره شيءٌ، وكل واحد يقول: "إنه يؤذيني."

وقد يكون هذا الذي خرج، وأظهر متاعه أسوأَ مِنْ ذلك الذي لم يُخْرِجْ متاعه، فلا يقال: "إن الحديث على إطلاقه في كل جار؛ لأن أحوال الناس تتفاوت وتتغير،

مثل ما مر بنا في حديث ابن عمر في البر من كون أبيه عمر رضي الله عنه قال له: (طلق امرأتك!)،

فالناس يتفاوتون، فبعض الآباء قد يكون هو نفسه السيئ، وقد يكون نفسه هو الذي عنده انحراف وعنده فسق، والزوجة تكون صالحة،

فلا يقال: إن كل أب يكون مثل عمر، ولا يقال أيضاً: كل جار يكون مثل هذا الذي أرشده الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أن يخرج متاعه إلى الطريق.

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 56) (رقم: 124)، وأبو سعيد الأشَجُّ في "حديثه" (ص: 147) (رقم: 67)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (11/ 506) (رقم: 6630)، والبزار في "مسنده" = "البحرِ الزَّخَّارِ" (15/ 88) (رقم: 8344)، وأبو إسحاق العسكري في "مسند أبي هريرة" (ص: 53) (رقم: 26)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (4/ 183) (رقم: 7302)، وقوام السنة أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب والترهيب" (1/ 485) (رقم: 877)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (12/ 95) (رقم: 9100)، وسِبْطُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ في "مرآة الزمان في تواريخ الأعيان" (4/ 338)

 

والحديث حسن صحيح: صرح بذلك الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 71) (رقم: 92)، وصحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (2/ 288) (رقم: 1726)، والتعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (2/ 24) (رقم: 521)، صحيح الترغيب والترهيب (2/ 682) (رقم: 2559)

 

وله شاهد عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ _رضي الله عنه_، وسيأتي إنْ شاء الله في الحديث اللاحق

 

من فوائد الحديث:

 

رش البرد (ص ٨٦):

فقه الحديث

1 ـ توجيه الرسول ﷺ إلى اختيار الحكمة الشرعية لدفع العداء وسوء المعاملة

٢ ـ تأثير الأسلوب الحسن والسياسة الدقيقة أوقع في النفوس .

3 ـ المعاملة السيئة مع الجيران لا يرضاها العقلاء والأكارم .

 

الطرق الحكمية (ص: 33)

وَمِنْ أَنْوَاعِ الْفِرَاسَةِ: مَا أَرْشَدَتْ إلَيْهِ السُّنَّةُ النَّبَوِيَّةُ مِنْ التَّخَلُّصِ مِنْ الْمَكْرُوهِ بِأَمْرٍ سَهْلٍ جِدًّا، مِنْ تَعْرِيضٍ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ.

فَمِنْ ذَلِكَ: مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي، قَالَ: انْطَلِقْ، فَأَخْرِجْ مَتَاعَك إلَى الطَّرِيقِ، فَانْطَلَقَ، فَأَخْرَجَ مَتَاعَهُ. فَاجْتَمَعَ النَّاسُ إلَيْهِ. فَقَالُوا: مَا شَأْنُك؟ فَقَالَ: إنَّ لِي جَارًا يُؤْذِينِي. فَجَعَلُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُ، اللَّهُمَّ أَخْرِجْهُ. فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى مَنْزِلِك، فَوَاَللَّهِ لَا أُوذِيك أَبَدًا» فَهَذِهِ وَأَمْثَالُهَا هِيَ الْحِيَلُ الَّتِي أَبَاحَتْهَا الشَّرِيعَةُ.

وَهِيَ تَحَيُّلُ الْإِنْسَانِ بِفِعْلٍ مُبَاحٍ عَلَى تَخَلُّصِهِ مِنْ ظُلْمِ غَيْرِهِ وَأَذَاهُ، لَا الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَاسْتِبَاحَةِ مَحَارِمِهِ.

 

وقال عبد الكريم يونس الخطيب (المتوفى: بعد 1390هـ) في "التفسير القرآني للقرآن" (3/ 955)

فإذا رأى المظلوم أن التشنيع على الظالم، وكشف مساوئه للناس مما يعينه عليه، ويأخذ له بحقه منه- فذلك له، ولا حرج عليه فيه، وقد أذن الله للمسلمين بالقتال ليدفعوا الظلم الذي كان يساق إليهم

 

تفسير ابن كثير ت سلامة (2/ 443)

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ:

{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ } [النساء: 148]

قَالَ: ضَافَ رَجُلٌ رَجُلًا فَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيْهِ حَقَّ ضِيَافَتِهِ، فَلَمَّا خَرَجَ أَخْبَرَ النَّاسَ، فَقَالَ: "ضِفْتُ فُلَانًا فَلَمْ يُؤَدِّ إِلَيَّ حَقَّ ضِيَافَتِي". فَذَلِكَ الْجَهْرُ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مِنْ ظُلِمَ، حِينَ لَمْ يُؤَدِّ الْآخَرُ إِلَيْهِ حَقَّ ضِيَافَتِهِ.

 

وقال إبراهيم بن علي بن محمد، ابن فرحون، بُرْهَانُ الدينِ الْيَعْمُرِيُّ (المتوفى: 799هـ) _رحم الله_ "تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام" (2/ 143)

الْمُفْسِدَةَ إذَا ارْتَفَعَتْ وَانْدَفَعَتْ بِالْأَخَفِّ مِنْ الزَّوَاجِرِ لَمْ يُعْدَلْ إلَى الْأَعْلَى.

 

وقال علي بن عبد الله الغزولي البهائي الدمشقي (المتوفى: 815هـ) في "مطالع البدور ومنازل السرور" (ص: 5):

"وهذه من الحيل التي أباحها الشرع الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده."

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (2/ 278)

ذِكْرُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنَ التَّصَبُّرِ عِنْدَ أَذَى الْجِيرَانِ إِيَّاهُ

 

وقال محمد بن محمد الطوسي، الشهير بـ"أبي حامد الغزالي" (المتوفى: 505هـ)[1] _رحمه الله_ في "إحياء علوم الدين" (2/ 212):

"فَهَذِهِ جُمْلَةُ آدَابِ الْمُعَاشَرَةِ مَعَ أَصْنَافِ الْخَلْقِ حقوق الجوار. اعلم أن الجوار يقضي حَقًّا وَرَاءَ مَا تَقْتَضِيهِ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، فَيَسْتَحِقُّ الجار المسلم ما يستحقه كُلُّ مُسْلِمٍ وَزِيَادَةٌ...

إحياء علوم الدين (2/ 213)

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ حَقُّ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى فقط بل احتمال الأذى فإن الجار أيضاً قد كف أذاه فليس في ذلك قضاء حق ولا يكفي احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف...

إحياء علوم الدين (2/ 213)

وجملة حق الجار أن يبدأه بالسلام ولا يطيل معه الكلام وَلَا يُكْثَرَ عَنْ حَالِهِ السُّؤَالُ وَيَعُودَهُ فِي الْمَرَضِ وَيُعَزِّيَهُ فِي الْمُصِيبَةِ وَيَقُومَ مَعَهُ فِي الْعَزَاءِ وَيُهَنِّئَهُ فِي الْفَرَحِ وَيُظْهِرَ الشَّرِكَةَ فِي السرور معه ويصفح عن زلاته ولا يتطلع مِنَ السَّطْحِ إِلَى عَوْرَاتِهِ وَلَا يُضَايِقُهُ فِي وضع الجذع على جداره ولا في مصب الماء في ميزابه ولا في مطرح التراب في فنائه ولا يضيق طرقه إِلَى الدَّارِ وَلَا يُتْبِعُهُ النَّظَرَ فِيمَا يَحْمِلُهُ إِلَى دَارِهِ وَيَسْتُرُ مَا يَنْكَشِفُ لَهُ مِنْ عَوْرَاتِهِ وَيُنْعِشُهُ مِنْ صَرْعَتِهِ إِذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ وَلَا يَغْفُلُ عَنْ مُلَاحَظَةِ دَارِهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ وَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلَامًا وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ حُرْمَتِهِ وَلَا يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى خَادِمَتِهِ وَيَتَلَطَّفُ بولده فِي كَلِمَتِهِ وَيُرْشِدُهُ إِلَى مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ

 

125 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:

شَكَا رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارَهُ، فَقَالَ:

«احْمِلْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ» ،

فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ»، ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي شَكَا: «كُفِيتَ» أَوْ نَحْوَهُ

[قال الشيخ الألباني: حسن صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ الْأَوْدِيُّ (ثقة: ت. 231 هـ):

على بن حكيم بن ذبيان الأودى ، أبو الحسن الكوفي (أخو عثمان بن حكيم)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  بخ م س 

 

* قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ (صدوق يخطىء : ت. 140 هـ)[2]:

شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر القرش، أبو عبد الله المدني (وقيل: الليثى من أنفسهم، قاله الواقدى)، من صغار التابعين، روى له:  خ م د تم س ق 

 

عَنْ أَبِي عُمَرَ (مجهول):

أبو عمر الْمُنَبِّهِيُّ[3] النَّخَعِي أو البَجَلِيُّ، الكوفي، اسمه: نَشِيْطٌ (ووَهِمَ من خلطه بالصيني)، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  بخ ق 

 

عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ (74 هـ):

وهب بن عبد الله (ويقال: ابن وهب)، أبو جحيفة السُّوَائِي (يقال له: وهب الخير، نزل الكوفة)، صحابي، روى له: خ م د ت س ق.

 

نص الحديث:

 

عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ:

شَكَا رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَارَهُ، فَقَالَ:

«احْمِلْ مَتَاعَكَ فَضَعْهُ عَلَى الطَّرِيقِ، فَمَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ» ،

فَجَعَلَ كُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ يَلْعَنُهُ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا لَقِيتُ مِنَ النَّاسِ؟ فَقَالَ: «إِنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ فَوْقَ لَعْنَتِهِمْ» ، ثُمَّ قَالَ لِلَّذِي شَكَا: «كُفِيتَ» أَوْ نَحْوَهُ

 

تخريج الحديث:

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 57) (رقم: 125)، سنن أبي داود (4/ 339) (رقم: 5153)، المعجم الكبير للطبراني (22/ 134) (رقم: 356)، مكارم الأخلاق للطبراني (ص: 394) (رقم: 236)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (4/ 183) (رقم: 7303)، شعب الإيمان (12/ 96) (رقم: 9101)

 

والحديث حسن صحيح: صرح به الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/ 681) (رقم: 2558)

 

من فوائد الحديث:

 

الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (3/ 352)

الترهيب من أذى الجار، وما جاء في تأكيد حقه

 

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 422) للهيتمي:

"(الْكَبِيرَةُ الْعَاشِرَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ):

إيذَاءُ الْجَارِ وَلَوْ ذِمِّيًّا كَأَنْ يُشْرِفَ عَلَى حُرَمِهِ أَوْ يَبْنِيَ مَا يُؤْذِيهِ مِمَّا لَا يُسَوَّغُ لَهُ شَرْعًا،

أَخْرَجَ الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلَا يُؤْذِي جَارَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ»." اهـ

 

مسند أبي داود الطيالسي (1/ 375) (رقم: 470):

عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، قَالَ:

"كَانَ الْحَدِيثُ يَبْلُغُنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَهُ فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ:

"يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّهُ كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْكَ الْحَدِيثُ، فَكُنْتُ أَشْتَهِي لِقَاءَكَ،

قَالَ: "لِلَّهِ أَبُوكَ، فَقَدْ لَقِيتَ، فَهَاتِ،

قُلْتُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَكُمْ

(أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ ثَلَاثَةً وَيُبْغِضُ ثَلَاثَةً)،

قَالَ: "مَا إِخَالُنِي أَنْ أَكْذِبَ عَلَى خَلِيلِي."

قُلْتُ: فَمَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُحِبُّ؟

* قَالَ: رَجُلٌ لَقِيَ الْعَدُوَّ فَقَاتَلَ " وَإِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ عِنْدَكُمْ {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا} [الصف: 4]

* قُلْتُ: وَمَنْ؟ قَالَ: «رَجُلٌ لَهُ جَارُ سُوءٍ فَهُوَ يُؤْذِيهِ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُ فَيَكْفِيهِ اللَّهُ إِيَّاهُ بِحَيَاةٍ أَوْ [ص:376] مَوْتٍ» ،

* قَالَ: وَمَنْ؟ قَالَ: «رَجُلٌ كَانَ مَعَ قَوْمٍ فِي سَفَرٍ فَنَزَلُوا فَعَرَّسُوا وَقَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الْكَرَى وَالنُّعَاسُ وَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ فَنَامُوا وَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَهْبَةً لِلَّهِ وَرَغْبَةً إِلَيْهِ» ،

قُلْتُ: فَمَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ؟

* قَالَ: «الْبَخِيلُ الْمَنَّانُ وَالْمُخْتَالُ الْفَخُورُ»

وَإِنَّكُمْ لَتَجِدُونَ فِي كِتَابِ اللَّهِ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} [لقمان: 18] قَالَ: فَمَنِ الثَّالِثُ؟ قَالَ: «التَّاجِرُ الْحَلَّافُ» أَوْ «الْبَائِعُ الْحَلَّافُ»." اهـ[4]

 

وقال جابر بن موسى بن عبد القادر بن جابر، المعروف بـ"أبو بكر الجزائري" (المتوفى 1439 هـ) _رحمه الله_ في "منهاج المسلم" (ص: 82):

"إذَا ابتليَ المسلمُ بجارِ سوءٍ، فليصبر عليهِ، فإنَّ صبرهُ سيكونُ سببَ خلاصهِ منهُ." اهـ

 

إحياء علوم الدين (2/ 214)

وقالت عائشة _رضي الله عنها_:

"خلال المكارم عَشْرٌ، تكون في الرجل ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في سيده، يقسمها الله _تعالى_ لمن أحب:

* صدق الحديث،

* وصدق الناس،

* وإعطاء السائل،  

* والمكافأة بالصنائع،

* وصلة الرحم،

* وحفظ الأمانة،

* والتذمم للجار،

* والتذمم للصاحب،

* وقِرَى الضيف،

* ورأسهن الحياء." اهـ

 



[1] كان الغزالي _رحمه الله_ يمر بأربع مراحل: مرحلة الاعتزال، ومرحلة العشاعرة، ومرحلة التصوف، وفي المرحلة الأخيرة مال إلى مذهب السلف أهل السنه الحقيقية، والله أعلم.

[2] وفي إكمال تهذيب الكمال (6/ 254) لمغلطاي الحنفي: "ولما ذكره ابن خلفون في «الثقات» قال: مات سنة أربع وأربعين ومائة." اهـ

[3] وفي تاريخ الإسلام ت بشار (4/ 516) "...الْمُنَبِّهِيِّ." اهـ

وفي اللباب في تهذيب الأنساب (1/ 520): "مُنَبّه بن نكرَة بن لكير بن أفصى بن عبد الْقَيْس."

الأنساب للصحاري (ص: 59): "...لُكَيز بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جَدِيلة بن أسد بن ربيعة بن نَزِار بن معد بن عدنان." اهـ

[4] صحيح: صححه الأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (35/ 421) (رقم: 21530)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين