شرح الحديث 89 من صحيح الترغيب

 

3 - (الترغيب في سماع الحديث وتبليغه ونسخه، والترهيب من الكذب على رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -).

 

89 - (1) [حسن صحيح] عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"نضَّر الله امرأً سمع منا شيئاً فبلّغه كما سمعه، فَرُبَّ مُبلَّغٍ أوْعى من سامعٍ".

رَواه أبو داود (1) والترمذي، وابن حبان في "صحيحه"، إلا أنه قال:

"رَحِمَ الله امرأً".[1]

وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

 

قوله: (نضّر) هو بتشديد الضاد المعجمة وتخفيفها، حكاه الخطابي. ومعناه: الدعاء له بالنضارة، وهي النعمة والبهجة والحُسن، فيكون تقديره: جمّله الله وزيَّنه. وقيل غير ذلك.

__________

(1) قلت: ذكْر أبي داود في هذا الحديث وهم، فإنه لم يخرجه من حديث ابن مسعود، وإنما من حديث زيد بن ثابت الآتي بعده.

 

ترجمة عبد الله بن مسعود الهذلي (000 - 32 هـ = 000 - 653 م)

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 461)

87 - عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدِ بنِ غَافِلِ بنِ حَبِيْبٍ الهُذَلِيُّ * (ع)

ابْنِ شَمْخِ بنِ فَارِ بنِ مَخْزُوْمِ بنِ صَاهِلَةَ بنِ كَاهِلِ بنِ الحَارِثِ بنِ تَمِيْمِ بنِ سَعْدِ بنِ هُذَيْلِ بنِ مُدْرَكَةَ بنِ إِلْيَاسِ بنِ مُضَرَ بنِ نِزَارٍ.

الإِمَامُ الحَبْرُ، فَقِيْهُ الأُمَّةِ، أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الهُذَلِيُّ، المَكِّيُّ، المُهَاجِرِيُّ، البَدْرِيُّ، حَلِيْفُ بَنِي زُهْرَةَ.

كَانَ مِنَ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ، وَمِنَ النُّجَبَاءِ العَالِمِيْنَ، شَهِدَ بَدْراً، وَهَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَكَانَ يَوْمَ اليَرْمُوْكِ عَلَى النَّفْلِ، وَمَنَاقِبُهُ غَزِيْرَةٌ، رَوَى عِلْماً كَثِيْراً.

 

تهذيب الكمال في أسماء الرجال (16/ 122_123):

أسلم بمكة قديما، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرا والمشاهد كلها مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وهُوَ صاحب نعل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. كَانَ يلبسه إياها إِذَا قام، فإذا جلس أدخلها فِي ذراعه.

وكَانَ كثير الولوج عَلَى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وَقَال لَهُ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذنك علي أن ترفع الحجاب، وأن تسمع سوادي حَتَّى أنهاك". والسواد: السرار.

ومناقبه وفضائله كثيرة جدا." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 462)

وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:

كَانَ عَبْدُ اللهِ رَجُلاً نَحِيْفاً، قَصِيْراً، شَدِيْدَ الأُدْمَةِ، وَكَانَ لاَ يُغَيِّرُ شَيْبَهُ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 462)

وَكَانَ يُعْرَفُ أَيْضاً بِأُمِّهِ، فَيُقَالُ لَهُ: ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ.

قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ:

أُمُّهُ: هِيَ أُمُّ عَبْدٍ بِنْتُ عَبْدِ وُدٍّ بنِ سُوَيٍّ (1) ، مِنْ بَنِي زُهْرَةَ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 464)

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَسْلَمَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ بَعْدَ اثْنَيْنِ وَعِشْرِيْنَ نَفْساً.

وَعَنْ يَزِيْدَ بنِ رُوْمَانَ، قَالَ:

أَسْلَمَ عَبْدُ اللهِ قَبْلَ دُخُوْلِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَارَ الأَرْقَمِ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 465):

"عَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ:

كُنْتُ أَرْعَى غَنَماً لِعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، فَمَرَّ بِي رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: (يَا غُلاَمُ! هَلْ مِنْ لَبَنٍ؟) .

قُلْتُ: نَعَمْ، وَلَكِنِّي مُؤْتَمَنٌ.

قَالَ: فَهَلْ مِنْ شَاةٍ لَمْ يَنْزُ عَلَيْهَا الفَحْلُ؟

فَأَتَيْتُهُ بِشَاةٍ، فَمَسَحَ ضِرْعَهَا، فَنَزَلَ لَبَنٌ، فَحَلَبَ فِي إِنَاءٍ، فَشَرِبَ، وَسَقَى أَبَا بَكْرٍ.

ثُمَّ قَالَ لِلضِّرْعِ: (اقْلُصْ) .

فَقَلَصَ.

زَادَ أَحْمَدُ، قَالَ: ثُمَّ أَتَيْتُهُ بَعْدَ هَذَا.

ثُمَّ اتَّفَقَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! عَلِّمْنِي مِنْ هَذَا القَوْلِ.

فَمَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: (يَرْحَمُكَ اللهُ، إِنَّكَ غُلَيِّمٌ مُعَلَّمٌ) .

هَذَا حَدِيْثٌ صَحِيْحُ الإِسْنَاد." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 465)

وَرَوَاهُ: أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بنِ بَهْدَلَةَ، وَفِيْهِ زِيَادَةٌ، مِنْهَا:

فَلَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِيْهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَبْعِيْنَ سُوْرَةً، مَا نَازَعَنِي فِيْهَا بَشَرٌ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 466)

ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بنُ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

أَوَّلُ مَنْ جَهَرَ بِالقُرْآنِ بِمَكَّةَ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ (4) .

أَبُو بَكْرٍ: عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، قَالَ:

أَوَّلُ مَنْ قَرَأَ آيَةً عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ: عَبْدُ اللهِ بنُ مَسْعُوْدٍ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 467)

أَبُو دَاوُدَ فِي (سُنَنِهِ) : حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- آخَى بَيْنَ الزُّبَيْرِ وَابْنِ مَسْعُوْدٍ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 468)

وَأَخْرَجَ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيْثِ أَبِي مُوْسَى، قَالَ:

قَدِمْتُ أَنَا وَأَخِي مِنَ اليَمَنِ، فَمَكَثْنَا حِيْناً، وَمَا نَحْسِبُ ابْنَ مَسْعُوْدٍ وَأُمَّهُ إِلاَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِكَثْرَةِ دُخُوْلِهِم وَخُرُوْجِهِم عَلَيْهِ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (1/ 469)

وَعَنْ عُبَيْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ، قَالَ:

كَانَ ابْنُ مَسْعُوْدٍ صَاحِبَ سِوَادِ رَسُوْلِ اللهِ (يَعْنِي: سِرَّهُ)، وَوِسَادِهِ (يَعْنِي: فِرَاشَهُ) وَسِوَاكِهِ، وَنَعْلَيْهِ، وَطَهُوْرِهِ، وَهَذَا يَكُوْنُ فِي السَّفَرِ." اهـ

 

وفي مسند أحمد – ط. عالم الكتب (1/ 114) (رقم: 920):

عَنْ أُمِّ مُوسَى، قَالَتْ : سَمِعْتُ عَلِيًّا ، يَقُولُ :

أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَصَعِدَ عَلَى شَجَرَةٍ أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَهُ مِنْهَا بِشَيْءٍ، فَنَظَرَ أَصْحَابُهُ إِلَى سَاقِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ حِينَ صَعِدَ الشَّجَرَةَ ، فَضَحِكُوا مِنْ حُمُوشَةِ سَاقَيْهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : "مَا تَضْحَكُونَ؟" لَرِجْلُ عَبْدِ اللهِ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أُحُدٍ."[2]

 

وفي "الأعلام" لِلزِّرِكْلِيِّ (4/ 137):

عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب الهذلي، أبو عبد الرحمن: صحابي. من أكابرهم، فضلا وعقلا، وقربا من رسول الله _صلّى الله عليه وسلم_، وهو من أهل مكة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول من جهر بقراءة القرآن بمكة. وكان خادم رسول الله الامين،___وصاحب سره، ورفيقه في حله وترحاله وغزواته، يدخل عليه كل وقت ويمشي معه. نظر إليه عمر يوما وقال: وعاء ملئ علما. وولي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيت مال الكوفة.

ثم قدم المدينة في خلافة عثمان، فتوفي فيها عن نحو ستين عاما. وكان قصيرا جدا، يكاد الجلوس يوارونه. وكان يحب الإكثار من التطيب. فإذا خرج من بيته عرف جيران الطريق أنه مر، من طيب رائحته. له 848 حديثا." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال:

سمعتُ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"نضَّر الله امرأً سمع منا شيئاً فبلّغه كما سمعه، فَرُبَّ مُبلَّغٍ أوْعى من سامعٍ".

رَواه أبو داود (1) والترمذي، وابن حبان في "صحيحه"، إلا أنه قال:

"رَحِمَ الله امرأً".[3]

وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح".

 

وفي رواية الترمذي (5/ 34) (رقم: 2658): عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ _رضي الله عنه_ عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، قَالَ:

«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا وَبَلَّغَهَا، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»

 

وفي "سنن أبي داود" (3/ 322) (رقم: 3660) وغيره:

عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

«نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا، فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ»

 

وفي "شرح رياض الصالحين" (5/ 447) للعثيمين:

"(نضر الله)، يعني: حسَّنَهُ، لأن (نضَّر) بالضاد مِنَ الْحُسْنِ،

ومنه قوله _تعالى_: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} [القيامة: 22، 23]،

يعني: حَسَنَةٌ إلى ربها ناظرة، يعني: تنظر بالعين إلى الله _عز وجل_، جعلنا الله وإياكم منهم.

وكذلك أيضا قال الله _تبارك وتعالى_: {فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا} [الإنسان: 11]،

أيْ: حَسَنًا وسُرُوْرًا، حَسَنًا في الوجوه، وسرورا في القلوب،

هنا يقول نضر الله امرءا سمع منا يعني مقالا، فأداه كما سمعه،

والمراد بذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للإنسان إذا سمع حديثا عن رسول الله فبلغه كما سمعه أن يحسن الله تعالى وجهه يوم القيامة." اهـ

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه الترمذي في سننه (5/ 34) (رقم : 2657)، وابن ماجه في سننه (1/ 85) (رقم : 232)، وابن أبي شيبة في مسنده (1/ 200) (رقم : 296)، وأحمد في مسنده (7/ 221) (رقم : 4157)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (9/ 198) (رقم : 5296) والبزار في مسنده = البحر الزخار (5/ 382 و 385) (رقم : 2014 و 2019)، والشاشي في مسنده (1/ 314) (رقم : 276)، وابن حبان صحيحه (1/ 268 و 271) (رقم : 66 و 69)، والطبراني في المعجم الأوسط (2/ 78) (رقم : 1304) و (7/ 348) (رقم : 7690)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 247) (رقم : 1607)، وفي دلائل النبوة (6/ 540)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 179) (رقم : 189)، والخليلي في الإرشاد في معرفة علماء الحديث (2/ 699).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "تخريج مشكاة المصابيح" (1/ 78) (رقم: 230)

 

من فوائد الحديث:

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 760)

وفيه: فضيلة للضابط الحافظ ألفاظ السنَّة.

وروى الشافعي وغيره: (نضر الله عبدًا سمع مقالتي فحفظها ووعاها، فَرُبَّ حاملِ فقهٍ غير فقيه، ورُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه) .

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 84)

ولا شك في أنَّ نقل اللفظ كما سُمِعَ هو الأَوْلَى والأسلم، والأعظم للأجر؛ لقوله ِ_صلى الله عليه وسلم_:

(نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي، فَوَعَاهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا؛ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ)." اهـ

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (15/ 129)

وقوله : ((ألا ليبلِّغ الشاهد الغائب))؛ أمرٌ بتبليغ العلم، ونشره. وهو فرض من فروض الكفايات.

وقوله: (( فلعل بعض من يبلغه يكون أوعى له ممن سمعه )) ؛ حجة على جواز أخذ العلم والحديث عمَّن لا يفقه ما ينقل ؛ إذا أدَّاه كما سمعه. وهذا كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما خرَّجه الترمذي :

((نضَّر الله امرأً سمع منَّا حديثًا فبلَّغه غيره كما سمعه ، فربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ، وربَّ حامل فقه ليس بفقيه)).

 

معالم السنن (4/ 187)

وفي قوله (رب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) دليل على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بالمتناهي في الفقه، لأنه إذا فعل ذلك، فقد قطع طريق الاستنباط والاستدلال لمعاني الكلام من طريق التفهم،

وفي ضمنه وجوب التفقه والحث على استنباط معاني الحديث واستخراج المكنون من سره." اهـ

 

وقال ابن الأثير (المتوفى: 606هـ) _رحمه الله_ في الشافي في شرح مسند الشافعي (5/ 557):

"فإن راوي الحديث، ليس الفقه من شرطه الحفظَ، فأما الفهم والتدبر فعلى الفقيه." اهـ

 

الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (1/ 108):

"خصه بالسرور والبهجة بما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس في الدنيا، وبنعمة في الآخرة، حتى يرى عليه رونق الرخاء ورفيق النعمة، وإنما خص حافظ سنته ومبلغها بهذا الدعاء؛ لأنه سعى في نضارة العلم، وتجديد السنة؛ فجازاه في دعائه له بما يناسب حاله في المعاملة." اهـ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 324):

"وإنما قال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: (نضر الله امرءًا) في مُبَلِّغ الحديث؛ لأن تبليغَ الحديث تجديدُ الدين وإظهاره وتزيينه، فدعا رسول الله - عليه السلام - بأن يعطيه نضرة وسرورًا، وحسن الحال مجازاة له بتجديد الدين." اهـ

 

وقال ابن المنير الجذامي الجروي الإسكندراني (المتوفى: 683هـ) _رحمه الله_ في "المتواري على أبواب البخاري" (ص: 34)

من الْحُقُوق الْوَاجِبَة نشرها [أي: نشر السنة] على النَّاس قاطبة يحملهَا الْآخِذ إِلَى الْغَالِب، ويبلغها الشَّاهِد إِلَى الْغَائِب. وَقَالَ رَسُول _صلى الله عَلَيْهِ وَسلم_:

(نضر الله امْرَءًا سمع مَقَالَتي فوعاها، ثمَّ أَدَّاهَا كَمَا سَمعهَا فَرب مبلغ أوعى من سامع).

فوظيفة الْحَامِل الْجَاهِل فِي هَذِه الْأَمَانَة: أَن يُؤَدِّيهَا إِلَى أَهلهَا بِالْوَفَاءِ وَالتَّسْلِيم، ووظيفة الْحَامِل الحاذق أَيْضا: أَن يُؤَدِّيهَا إِلَى من عساه أحذق مِنْهُ فِي الْفَهم والتفهيم، وليحذر أَن يحجب عَن الْمَزِيد باعتقاد أَنه ذَلِك الْعَظِيم. ففوق كل ذِي علم عليم.___

وَمهما ظن أَنه لَيْسَ وَرَاء قدره مرمى، فقد حرم بركَة قَوْله عز وَجل {وَقل رب زِدْنِي علما} [طه: 114] .

وَقد كَانَ الْعلمَاء الربانيون من هَذِه الْأمة على مَا وهبوه من الْقُوَّة فِي غَايَة الخزع والهلع، يتدرعون الْعَجز الَّذِي يأباه الْيَوْم لكع بن لكع، حَتَّى كَانَ مَالك رَحمَه الله وَهُوَ الَّذِي لَا يقرى أحد كَمَا يقرى أَهْون مَا عَلَيْهِ أَن يَقُول فِيمَا لَا يدْرِي أَنه لَا يدْرِي، وَيُشِير بهَا إِلَى الأفاضل والأمائل، وَيَقُول: جنَّة الْعَالم لَا أَدْرِي فَإِذا أخطأها أُصِيبَت مِنْهُ الْمقَاتل." اهـ

 

المعين على تفهم الأربعين ت دغش (ص: 70)

وقال بعضهم: "إني لأرى في وجوه أهل الحديث نضرًا لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (نضَّر الله امرأً ..) الحديث". يعني: أنها دعوةٌ أجيبت.وقال الرُّوياني في "بحره": "الأجود التخفيف".

قال: "وفي الخبر بيان أنَّ الفقة هو: الاستنباط والاستدراكُ لمعاني الكَلام، وفي ضمنه وجوب التفقه والحث على استنباط معاني الحديث"

 

شرح المصابيح لابن الملك (1/ 210)

"فرُبَّ حاملِ فقهٍ غيرِ فقيهٍ": صفة لـ (حامل)، وهذا تعليل للحفظ والوعي؛ فإن الحاملَ قد لا يكون فقيهاً، فيجب عليه أن يحفظَ كلام الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويؤدِّيَه إلي الفقيه ليَفهمَ المرادَ به.

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 306)

قِيلَ: وَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ، فَلِذَلِكَ تَجِدُ أَهْلَ الْحَدِيثِ أَحْسَنَ النَّاسِ وَجْهًا وَأَجْمَلَهُمْ هَيْئَةً. وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ أَحَدٍ يَطْلُبُ الْحَدِيثَ إِلَّا وَفِي وَجْهِهِ نَضْرَةٌ، أَيْ: بَهْجَةٌ صُورِيَّةٌ أَوْ مَعْنَوِيَّةٌ

 

فيض القدير (6/ 284)

وفيه وجوب تبليغ العلم وهو الميثاق المأخوذ على العلماء وأنه يكون في آخر الزمان من له الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه لكنه قليل بدلالة رب ذكره بعضهم ومنعه ابن جماعة بمنع دلالته على المدعي فإن حامل السنة يجوز أن يؤخذ عنه وإن كان جاهلا بمعناها فهو مأجور على نقلها وإن لم يفهمها وأن اختصار الحديث لغير المبحر ممنوع وأن النقل بالمعنى مدفوع إلا على المتأهل ففيه خلف وجه المنع أنه سد لطريق الاستنباط على من بعده." اهـ

 

فيض القدير (6/ 285)

وفيه كالذي قبله على أن أساس كل خير حسن الاستماع {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: 23]،

وقد حقق العارفون أن كلام الله رسالة من الله لعبيده ومخاطبة لهم وهو البحر المشتمل على جواهر العلم المتضمن لظاهره وباطنه.

ولهذا قاموا بأدب سماعه ورعوه حق رعايته وقد تجلى لخلقه في كلامه {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: 23]،

وكذا كلام رسوله مما يتعين حسن الاستماع لأنه لا ينطق عن الهوى." اهـ

 

حجة الله البالغة (1/ 290)

قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " نضر الله عبدا سمع مَقَالَتي فحفظها ووعاها وأداها كَمَا سَمعهَا " أَقُول: سَبَب هَذَا الْفضل أَنه مَظَنَّة لحمل الْهِدَايَة النَّبَوِيَّة إِلَى الْخلق.

 

التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 503)

وفيه فضيلة لمن أدى الأحاديث باللفظ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 504)

وفيه أن حفظ الأحاديث غايته الإبلاغ إلى الغير

 

التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 504)

ففيه أن حفاظ الحديث فقيه وغير فقيه،

وأن عمدة البلاغ الحفظ،

وفيه حثما على إبلاغ الأحاديث لأنه قد يستنبط المبلَغون ما لا يعرفه الحفاظ المبلِغون

 

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (1/ 9)

لعلم الحديث مكانته السامية، وكان لأهل الحديث مكانتهم المرموقة بين العلماء. ويكفيهم شرفاً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نوَّه بشأنهم، ودعا لهم بالوجاهة بين الناس،...

منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري (1/ 10)

وقد استجاب الله تعالى دعوة نبيه - صلى الله عليه وسلم - لأهل الحديث كما قال سفيان بن عيينة رحمه الله: فما من أحد يطلب حديثاً إلا وفي وجهِه نضرةٌ. والمراد أنه لا يوجد أحد من طلاب الحديث إلاّ وقد منحه الله تعالى نشاطاً وقوةً في جسمه، وصفاءً في لونه، وبهجةً في صورته ووجاهةً بين الناس. وإنما دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذه الدعوة المباركة، لأنه سعى في تجديد سنة المصطفى، فكان جزاؤه من جنس عمله، أفاده القسطلاني.

قال بعض السلف: ويرجى لأهل الحديث أن يفوزوا بنضرة النعيم في الدار الآخرة. ولا عجب فأهل الحديثِ هم خلفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على سنته.

 

شرح سنن أبي داود للعباد (1/ 12، بترقيم الشاملة آليا)

فهذا الحديث المتواتر مشتمل على دعاء من النبي عليه الصلاة السلام لمن اشتغل بسنته عليه الصلاة والسلام وبلغها وعمل بها أن يجعله ذا نضرة وبهجة، بحيث يكون وجهه مشرقاً مضيئاً في الدنيا والآخرة، فتكون عليه البهجة في الدنيا، ويكون ذا نضرة وبهجة في الآخرة.

 

لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (1/ 564)

خصه اللَّه بالبهجة والسرور والشرف والقدر؛ لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة ورفع قدر العلم ومنزلته، وكفى باعثًا على طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة وغناء في الدارين أن يستفاد بركة هذا الدعاء المبارك من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، رزقنا اللَّه.

 

 

 

 

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 147) :

90 - (2) [صحيح] وعن زيد بن ثابت قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"نضّر الله امرأً سمع منا حديثاً فبلّغه غيرَه، فربَّ حاملِ فقهٍ إلى من هو أفقهُ منهُ، وربَّ حاملِ فقهٍ ليس بفقيه،

ثلاث لا يَغِلُّ (2) عليهن قلبُ مسلمٍ: إخلاصُ العملِ لله، ومناصحةُ ولاةِ الأمرِ، ولزومُ الجماعة؛ فإن دعوتَهم تُحيط مَنْ وراءَهم.

ومن كانت الدنيا نِيَّتَه؛ فرَّقَ الله عليه أمرَه، وجعل فقرَه بين___عينَيه، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما كُتِب له، ومن كانت الآخرةُ نيَّتَه؛ جمع الله أمرَه، وجعل غناه في قلبِه، وأتَتْه الدنيا وهي راغمة".

رواه ابن حبان في "صحيحه"، والبيهقي بتقديم وتأخير.

ورَوى صدره إلى قوله: "ليس بفقيه" أبو داود والترمذي، وحسنه،

والنسائي وابن ماجه بزيادة عليهما.[4]

__________

(2) يروى بفتح الياء وضمها، فمن فتح؛ جعله من (الغل): وهو الضغن والحقد، يقول: لا يدخله حقد يزيله عن الحق، من ضمَّ؛ جعله من الخيانة، و (الإغلال): الخيانة في كل شيء. كذا في "الكواكب الدراري" لابن عروة الحنبلي (1/ 23/ 2).

 

ترجمة زيد بن ثابت _رضي الله عنه_:

 

الأعلام للزركلي (3/ 57)

زَيْد بن ثابت

(11 ق هـ - 45 هـ = 611 - 665 م)

زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الخزرجي، أبو خارجة: صحابي، من أكابرهم.

كان كاتب الوحي.

ولد في المدينة ونشأ بمكة، وقتل أبوه وهو ابن ست سنين. وهاجر مع النبي _صلّى الله عليه وسلم_، وهو ابن 11 سنة، وتعلم وتفقه في الدين، فكان رأسا بالمدينة في القضاء والفتوى والقراءة والفرائض.

وكان عمر يستخلفه على المدينة إذا سافر، فقلما رجع إلّا أقطعه حديقة من نخل. وكان ابن عباس - على جلالة قدره وسعة علمه - يأتيه إلى بيته للأخذ عنه، ويقول: العلم يؤتى ولا يأتي. وأخذ ابن عباس بركاب زيد، فنهاه زيد، فقال ابن عباس: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا، فأخذ زيد كفه وقبَّلها، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بآل بيت نبينا.

وكان أحد الذين جمعوا القرآن في عهد النبي صلّى الله عليه وسلم من الأنصار، وعرضه عليه. وهو الّذي كتبه في المصحف لأبي بكر، ثم لعثمان حين جهز المصاحف إلى الأمصار.

ولما توفي رثاه حسان بن ثابت، وقال أبو هريرة: اليوم مات حبر هذه الأمة وعسى الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفا. له في كتب الحديث 92 حديثا." اهـ

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 540)

اختلف في وقت وفاة زيد بن ثابت.

فقيل: مات سنة خمس وأربعين. وقيل: سنة اثنتين وقيل: سنة ثلاث وأربعين، وهو ابن ست وخمسين. وقيل: ابن أربع وخمسين. وقيل: بل توفي سنة إحدى أو اثنتين وخمسين. وقيل سنة خمسين. وقيل سنة خمس وخمسين، وصلى عليه مروان. وَقَالَ المدائني: توفي زيد بن ثابت سنة ست وخمسين." اهـ

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 537):

"وأمّه النوار بنت مالك ابن معاوية بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار،

يكنى أبا سعيد. وقيل: يكنى أبا عبد الرحمن، قاله الهيثم بن عدي. وقيل: يكنى أبا خارجة بابنه خارجة،

يقَالُ: إنه كان في حين قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ابن إحدى عشرة سنة، وكان يوم بعاث ابن ست سنين، وفيها قتل أبوه.

وَقَالَ الواقدي: استصغر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم بدر جماعة فردهم، منهم زيد بن ثابت، فلم يشهد بدرا.

قَالَ أبو عمر: ثم شهد أحدا وما بعدها من المشاهد. وقيل: إن أول مشاهده الخندق. قبل: وكان ينقل التراب يومئذ مع المسلمين." اهـ

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 539)

وروى أبو معاوية، عن الأعمش، عن ثابت بن عبيد، قَالَ: كان زيد بن ثابت من أفكه الناس إذا خلا مع أهله، وأصمتهم إذا جلس مع القوم.

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 539_540):

"وَرَوَى الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ وُهَيْبٍ (عَبْدٌ كَانَ لِزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ)، وَكَانَ زَيْدٌ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، فَدَخَلَ عُثْمَانُ فَأَبْصَرَ وُهَيْبًا يُعِينُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ زَيْدٌ: مَمْلُوكٌ لِي

فَقَالَ عُثْمَانَ: أَرَاهُ يُعِينُ الْمُسْلِمِينَ وَلَهُ حَقٌّ. وَإِنَّا نَفْرِضُ لَهُ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفَيْنِ فَقَالَ زَيْدٌ: وَاللَّهِ لا نَفْرِضُ لِعَبْدٍ أَلْفَيْنِ، فَفَرَضَ لَهُ أَلْفًا.

قَالَ أبو عمر: كان عثمان يحب زيد بن ثابت، وكان زيد عثمانيا، ولم يكن فيمن شهد شيئا من مشاهد علي مع الأنصار، وكان مع ذَلِكَ يفضل عليا ويظهر حبه. وكان فقيها رحمه الله.

 

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه أبو داود في سننه (3/ 322) (رقم : 3660)، والترمذي في سننه (5/ 33) (رقم : 2656)، وابن ماجه في سننه (1/ 84) (رقم : 230) و (2/ 1375) (رقم : 4105)، والنسائي في السنن الكبرى (5/ 363) (رقم : 5816)، وابن حبان في صحيحه (2/ 454) (رقم : 680)، والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 245) (رقم : 1606)، وفي الآداب (ص: 349) (رقم : 863)

 

من فوائد الحديث:

 

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (4/ 378_379)

"في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو بيان فضل من بلّغ علمًا، وهو واضح.

2 - (ومنها): أن فيه الإخبار بأن رواة الأحاديث في وجوههم نضرة بسبب دعوة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لهم بذلك.

3 - (ومنها): أن الشرط في رواية الحديث كونه حافظًا له، لا كونه فقيهًا، عالمًا بمعناه.

4 - (ومنها): بيان تفاوت العلماء في الأفهام، فإنه ربما يكون الشيخ أقلّ علمًا وفهمًا___من تلميذه.

5 - (ومنها): بيان فائدة تبليغ الحديث، وذلك أن السامع ربما لا يستطيع أن يستنبط منه العلوم، فإذا بلغه من هو أفهم له منه استنبط منه فوائد كثيرة، تنتفع بها الأمة. (ومنها): الحثّ على هذه الأشياء المذكورة في الحديث، وأنه ينبغي للمسلم أن يتحلّى بها، فمنها: إخلاص العمل، وهو الركن الأساسيّ لقبوله، فإنه إذا لم يوجد كان العمل هباء منثورًا، ومنها: مناصحة ولاة الأمور، فإن فيه مصالح عظيمة؛ إذ يستلزم ذلك مناصحة كل الأمة؛ لكونهم القادة، فإذ لم ينصلح لهم فقد أساء إليهم وإلى الرعيّة جميعًا، ويؤخذ من هذا أن الرئيس الأعلى للأمة هو النبي -صلى الله عليه وسلم-، فنصيحته مطلوبة بالدرجة الأولى؛ إذ نصيحته تتضمن نصيحة أمته جميعًا، فمن نصيحته نشر سنته بين الأمة، والذبّ عنها، وقمع البدعة، ومقاطعة أهلها.

6 - (ومنها): أن فيه بيان فضل لزوم الجماعة؛ إذ فيه الانتظام في سلكهم، ونيل بركتهم؛ إذ دعواتهم تحيط بهم، فمن خرج عنهم خرج عن السُّورِ المحيط بهم، وصار عُرْضة للشيطان؛ لأنه ذئب الإنسان، فيحبّ المنفرد عن الجماعة، كما يحب الذئب الشاة القاصية من الغنم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.



[1] أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في "تفسيره" (2/ 44) (رقم: 783)، زهير بن حرب في "العلم" (ص: 27) (رقم: 113) ابن حبان في "صحيحه" (1/ 271) (رقم : 68)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 169 و 7/ 348) (رقم : 1609 و 7690): عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  «رَحِمَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَ مِنِّي حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ»

صححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (1/ 193) (رقم: 68)، وحسنه شعيب الأرنؤوط في "تخريج الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" (1/ 271) (رقم: 68).

[2] صححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 106) (رقم: 176)،

وصححه أيضا الأرنؤوط، وقال في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (2/ 244): "صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن، أم موسى كانت سُرية لعلي." اهـ

[3] أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في "تفسيره" (2/ 44) (رقم: 783)، زهير بن حرب في "العلم" (ص: 27) (رقم: 113) ابن حبان في "صحيحه" (1/ 271) (رقم : 68)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (2/ 169 و 7/ 348) (رقم : 1609 و 7690): عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  «رَحِمَ اللَّهُ مَنْ سَمِعَ مِنِّي حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ كَمَا سَمِعَهُ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ»

صححه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (1/ 193) (رقم: 68)، وحسنه شعيب الأرنؤوط في "تخريج الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان" (1/ 271) (رقم: 68).

[4] انظر تفصيل الكلام على الحديث في سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 760) (رقم :404)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين