شرح الحديث 62 من رياض الصالحين

 

[62] الثالث : عن ابنِ عباسٍ _رضي الله عنهما_ قَالَ :

"كنت خلف النَّبيّ _صلى الله عليه وسلم_ يوماً، فَقَالَ :

«يَا غُلامُ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ،

إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ.

وَاعْلَمْ: أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ،

وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح» .

وفي رواية غيرِ الترمذي:

«احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ،

وَاعْلَمْ : أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ،

وَاعْلَمْ : أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً» .


ترجمة عبد الله بن عباس _رضي الله عنهما_ :

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 331_359) للذهبي باختصار :

"عَبْدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ البَحْرُ أَبُو العَبَّاسِ الهَاشِمِيُّ * (ع) : حَبْرُ الأُمَّةِ، وَفَقِيْهُ العَصْرِ، وَإِمَامُ التَّفْسِيْرِ، أَبُو العَبَّاسِ عَبْدُ اللهِ، ابْنُ___عَمِّ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - العَبَّاسِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ شَيْبَةَ بنِ هَاشِمٍ،

وَاسْمُهُ: عَمْرُو بنُ عَبْدِ مَنَافٍ بنِ قُصَيِّ بنِ كِلاَبِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ بنِ فِهْرٍ القُرَشِيُّ، الهَاشِمِيُّ، المَكِّيُّ، الأَمِيْرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

مَوْلِدُهُ: بِشِعْبِ بَنِي هَاشِمٍ، قَبْلَ عَامِ الهِجْرَةِ بِثَلاَثِ سِنِيْنَ.

صَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْواً مِنْ ثَلاَثينَ شَهْراً، وَحَدَّثَ عَنْهُ بِجُمْلَةٍ صَالِحَةٍ.

انتَقَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ أَبَويهِ إِلَى دَارِ الهِجْرَةِ سَنَةَ الفَتْحِ، وَقَدْ أَسْلَمَ قَبلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ:

كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِيْنَ؛ أَنَا مِنَ الوِلْدَانِ، وَأُمِّي مِنَ النِّسَاءِ.

قَالَ عَلِيُّ بنُ المَدِيْنِيِّ: تُوُفِّيَ ابْنُ عَبَّاسٍ سَنَةَ ثَمَانٍ (68 هـ)، أَوْ سَبْعٍ وَسِتِّيْنَ (67 هـ).

وَقَالَ الوَاقِدِيُّ، وَالهَيْثَمُ، وَأَبُو نُعَيْمٍ: سَنَةَ ثَمَانٍ. وَقِيْلَ: عَاشَ إِحْدَى وَسَبْعِيْنَ سَنَةً.

و(مُسْنَدُهُ): أَلْفٌ وَسِتُّ مائَةٍ وَسِتُّوْنَ حَدِيثاً. وَلَهُ مِنْ ذَلِكَ فِي (الصَّحِيْحَيْنِ): خَمْسَةٌ وَسَبْعُوْنَ. وَتَفَرَّدَ: البُخَارِيُّ لَهُ بِمائَةٍ وَعِشْرِيْنَ حَدِيثاً، وَتَفَرَّدَ: مُسْلِمٌ بِتِسْعَةِ أَحَادِيْثَ." اهـ

 

نص الحديث:

 

عن ابنِ عباسٍ _رضي الله عنهما_ قَالَ :

"كنت خلف النَّبيّ _صلى الله عليه وسلم_ يوماً، فَقَالَ :

* «يَا غُلامُ، إنِّي أعلّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللهَ، يَحْفَظْكَ،

 

وقال الحسين بن عبد الله، المشهور بـ"شَرَفِ الدينِ الطِّيْبِيِّ" (743 هـ) _رحمه الله_ في "شرح المشكاة" المسمى بـ"الكاشف عن حقائق السنن" (10/ 3337) : "قوله : (احفظ الله) أي راع حق الله تعالى وتحر رضاه." اهـ

 

وقال الحسين بن عبد الله، المشهور بـ"شَرَفِ الدينِ الطِّيْبِيِّ" (743 هـ) _رحمه الله_ في "شرح المشكاة" المسمى بـ"الكاشف عن حقائق السنن" (10/ 3338) : "أي: احفظ حق الله حتى يحفظك الله من مكاره الدنيا والآخرة." اهـ

 

وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 462)

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (احْفَظِ اللَّهَ) يَعْنِي: احْفَظْ حُدُودَهُ، وَحُقُوقَهُ، وَأَوَامِرَهُ، وَنَوَاهِيَهُ، وَحِفْظُ ذَلِكَ: هُوَ الْوُقُوفُ عِنْدَ أَوَامِرِهِ بِالِامْتِثَالِ، وَعِنْدَ نَوَاهِيهِ بِالِاجْتِنَابِ، وَعِنْدَ حُدُودِهِ، فَلَا يَتَجَاوَزُ مَا أَمَرَ بِهِ، وَأَذِنَ فِيهِ إِلَى مَا نَهَى عَنْهُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَهُوَ مِنَ الْحَافِظِينَ لِحُدُودِ اللَّهِ الَّذِينَ مَدَحَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ،

وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ - مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} [ق: 32 - 33] [ق: 32 - 33]

وَفُسِّرَ الْحَفِيظُ هَاهُنَا بِالْحَافِظِ لِأَوَامِرِ اللَّهِ، وَبِالْحَافِظِ لِذُنُوبِهِ لِيَتُوبَ مِنْهَا." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 465 و 468)

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَحْفَظْكَ " يَعْنِي: أَنَّ مَنْ حَفِظَ حُدُودَ اللَّهِ، وَرَاعَى حُقُوقَهُ، حَفِظَهُ اللَّهُ، فَإِنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ...

وَحِفْظُ اللَّهِ لِعَبْدِهِ يَدْخُلُ فِيهِ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: حِفْظُهُ لَهُ فِي مَصَالِحِ دُنْيَاهُ، كَحِفْظِهِ فِي بَدَنِهِ وَوَلَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ،...__

النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الْحِفْظِ: وَهُوَ أَشْرَفُ النَّوْعَيْنِ: حِفْظُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ فِي دِينِهِ وَإِيمَانِهِ، فَيَحْفَظُهُ فِي حَيَاتِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ الْمُضِلَّةِ، وَمِنَ الشَّهَوَاتِ الْمُحَرَّمَةِ، وَيَحْفَظُ عَلَيْهِ دِينَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ، فَيَتَوَفَّاهُ عَلَى الْإِيمَانِ." اهـ باخصار

 

* (احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ)

 

وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 471) :

"وَقَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : «احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ» وَفِي رِوَايَةٍ: (أَمَامَكَ)،

مَعْنَاهُ: أَنَّ مَنْ حَفِظَ حُدُودَ اللَّهِ، وَرَاعَى حُقُوقَهُ، وَجَدَ اللَّهَ مَعَهُ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَ يَحُوطُهُ وَيَنْصُرُهُ وَيَحْفَظُهُ وَيُوَفِّقُهُ وَيُسَدِّدُهُ، فِـ {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} [النحل: 128] [النَّحْلِ: 128]

قَالَ قَتَادَةُ: (مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ، يَكُنْ مَعَهُ، وَمَنْ يَكُنِ اللَّهُ مَعَهُ، فَمَعَهُ الْفِئَةُ الَّتِي لَا تُغْلَبُ، وَالْحَارِسُ الَّذِي لَا يَنَامُ، وَالْهَادِي الَّذِي لَا يَضِلُّ." اهـ

 

* (إِذَا سَألْتَ فَاسأَلِ الله، وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ)

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 478_479)

وَأَمَّا السُّؤَالُ، فَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِمَسْأَلَتِهِ، فَقَالَ: {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} [النساء: 32] [النِّسَاءِ: 32] وَفِي " التِّرْمِذِيِّ " عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا: " «سَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ»___وَفِيهِ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: " مَنْ لَا يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ ". وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: " «لِيَسْأَلْ أَحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْأَلَ شِسْعَ نَعْلِهِ إِذَا انْقَطَعَ» ".

وَفِي النَّهْيِ عَنْ مَسْأَلَةِ الْمَخْلُوقِينَ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ صَحِيحَةٌ، وَقَدْ بَايَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنْ لَا يَسْأَلُوا النَّاسَ شَيْئًا: مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَثَوْبَانُ، وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَسْقُطُ سَوْطُهُ أَوْ خِطَامُ نَاقَتِهِ، فَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا أَنْ يُنَاوِلَهُ إِيَّاهُ." اهـ

وفي مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3323_3324) للقاري :

فَاسْأَلِ اللَّهَ وَحْدَهُ، فَإِنَّ خَزَائِنَ الْعَطَايَا عِنْدَهُ وَمَفَاتِيحَ الْمَوَاهِبِ وَالْمَزَايَا بِيَدِهِ، وَكُلُّ نِعْمَةٍ أَوْ نِقْمَةٍ دُنْيَوِيَّةٍ أَوْ أُخْرَوِيَّةٍ، فَإِنَّهَا تَصِلُ إِلَى الْعَبْدِ أَوْ تَنْدَفِعُ عَنْهُ بِرَحْمَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَائِبَةِ عَرَضٍ وَلَا ضَمِيمَةِ عِلَّةٍ ; لِأَنَّهُ الْجَوَّادُ الْمُطْلَقُ وَالْغَنِيُّ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُرْجَى إِلَّا رَحْمَتُهُ، وَلَا يُخْشَى إِلَّا نِقْمَتُهُ، وَيُلْتَجَأَ فِي عَظَائِمِ الْمَهَامِّ إِلَيْهِ، وَيُعْتَمَدَ فِي جُمْهُورِ الْأُمُورِ عَلَيْهِ، وَلَا يُسْأَلَ غَيْرُهُ ; لِأَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى الْعَطَاءِ وَالْمَنْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ وَجَلْبِ النَّفْعِ،___فَإِنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا، وَلَا يُتْرَكُ السُّؤَالُ بِلِسَانِ الْحَالِ أَوْ بِبَيَانِ الْمَقَالِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ، فَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» ، إِذِ السُّؤَالُ إِظْهَارُ شَعَائِرِ الِانْكِسَارِ، وَالْإِقْرَارُ بِسَمْتِ الْعَجْزِ وَالِافْتِقَارِ وَالْإِفْلَاسِ عَنْ ذُرْوَةِ الْقُوَّةِ وَالطَّاقَةِ إِلَى حَضِيضِ الِاسْتِكَانَةِ وَالْفَاقَةِ." اهـ

 

* وَاعْلَمْ: أنَّ الأُمَّةَ لَوْ اجْتَمَعَتْ عَلَى أنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبهُ اللهُ لَكَ،

وَإِن اجتَمَعُوا عَلَى أنْ يَضُرُّوكَ بِشَيءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بِشَيءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحفُ» . رواه الترمذي، وَقالَ: «حديث حسن صحيح»

 

وفي التعيين في شرح الأربعين (1/ 161) :

"أي: فرغ من الأمر وجفَّت كتابته، لأن الصحيفة حال كتابتها، لا بد أن تكون رطبة المداد أو بعضه، بخلاف ما إذا فرغ منها." اهـ

 

وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 482) :

«رُفِعَتِ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ»

هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ تَقَدُّمِ كِتَابَةِ الْمَقَادِيرِ كُلِّهَا، وَالْفَرَاغِ مِنْهَا مِنْ أَمَدٍ بَعِيدٍ، فَإِنَّ الْكِتَابَ إِذَا فُرِغَ مِنْ كِتَابَتِهِ، وَرُفِعَتِ الْأَقْلَامُ عَنْهُ، وَطَالَ عَهْدُهُ، فَقَدْ رُفِعَتْ عَنْهُ الْأَقْلَامُ، وَجَفَّتِ الْأَقْلَامُ الَّتِي كُتِبَ بِهَا مِنْ مِدَادِهَا، وَجَفَّتِ الصَّحِيفَةُ الَّتِي كُتِبَ فِيهَا بِالْمِدَادِ الْمَكْتُوبِ بِهِ فِيهَا، وَهَذَا مِنْ أَحْسَنِ الْكِنَايَاتِ وَأَبْلَغِهَا." اهـ كلام ابن رجب.

 

قلت: وفيه إثبات القلم الذي يكتب مقادير الخلائق إلى يوم القيامة.

 

* (وفي رواية غيرِ الترمذي:

«احْفَظِ الله تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعرَّفْ إِلَى اللهِ في الرَّخَاءِ يَعْرِفكَ في الشِّدَّةِ...)

 

وفي "جامع العلوم والحكم" - ت الأرنؤوط (1/ 473) :

"فَمَعْرِفَةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ نَوْعَانِ :

* أَحَدُهُمَا: الْمَعْرِفَةُ الْعَامَّةُ، وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْإِقْرَارِ بِهِ وَالتَّصْدِيقِ وَالْإِيمَانِ، وَهَذِهِ عَامَّةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

* وَالثَّانِي: مَعْرِفَةٌ خَاصَّةٌ تَقْتَضِي مَيْلَ الْقَلْبِ إِلَى اللَّهِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَالِانْقِطَاعَ إِلَيْهِ، وَالْأُنْسَ بِهِ، وَالطُّمَأْنِينَةَ بِذِكْرِهِ، وَالْحَيَاءَ مِنْهُ، وَالْهَيْبَةَ لَهُ، وَهَذِهِ الْمَعْرِفَةُ الْخَاصَّةُ هِيَ الَّتِي يَدُورُ حَوْلَهَا الْعَارِفُونَ،

كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: "مَسَاكِينُ أَهْلِ الدُّنْيَا، خَرَجُوا مِنْهَا، وَمَا ذَاقُوا أَطْيَبَ مَا فِيهَا"،

قِيلَ لَهُ : "وَمَا هُوَ؟" قَالَ : "مَعْرِفَةُ اللَّهِ _عَزَّ وَجَلَّ_".

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْطَاكِيُّ : "أُحِبُّ أَنْ لَا أَمُوتَ حَتَّى أَعْرِفَ مَوْلَايَ، وَلَيْسَ مَعْرِفَتُهُ الْإِقْرَارَ بِهِ، وَلَكِنَّ الْمَعْرِفَةَ إِذَا عَرَفْتَهُ اسْتَحْيَيْتَ مِنْهُ."

وَمَعْرِفَةُ اللَّهِ أَيْضًا لِعَبْدِهِ نَوْعَانِ:

* مَعْرِفَةٌ عَامَّةٌ: وَهِيَ عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ بِعِبَادِهِ، وَاطِّلَاعُهُ عَلَى مَا أَسَرُّوهُ وَمَا أَعْلَنُوهُ، كَمَا قَالَ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ} [ق: 16] [ق: 16] ، قَالَ: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} [النجم: 32] [النَّجْمِ: 32].

* وَالثَّانِي: مَعْرِفَةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ تَقْتَضِي مَحَبَّتَهُ لِعَبْدِهِ، وَتَقْرِيبَهُ إِلَيْهِ، وَإِجَابَةَ دُعَائِهِ، وَإِنْجَاءَهُ مِنَ الشَّدَائِدِ، وَهِيَ الْمُشَارُ إِلَيْهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يُحْكَى عَنْ رَبِّهِ " «وَلَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي___يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي، لِأُعِيذَنَّهُ» "، وَفِي رِوَايَةٍ: " «وَلَئِنْ دَعَانِي لِأُجِيبَنَّهُ» ". اهـ

 

وفي "التعيين في شرح الأربعين" (1/ 161) للطوفي:

"(تعرَّف إلى الله) بتشديد الراء، أي: تحبب إليه بالطاعة حتَّى يعرفك في الرخاء مطيعا، فإذا وقعت في الشدة عرفك بالطاعة، فجعلك ناجيا." اهـ

 

وفي "جامع العلوم والحكم" – ت. الأرنؤوط (1/ 472_473):

قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: «تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ فِي الرَّخَاءِ، يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ»،

يَعْنِي: أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا___اتَّقَى اللَّهَ، وَحَفِظَ حُدُودَهُ، وَرَاعَى حُقُوقَهُ فِي حَالِ رَخَائِهِ، فَقَدْ تَعَرَّفَ بِذَلِكَ إِلَى اللَّهِ، وَصَارَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ مَعْرِفَةٌ خَاصَّةٌ، فَعَرَفَهُ رَبُّهُ فِي الشِّدَّةِ، وَرَعَى لَهُ تَعَرُّفَهُ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ، فَنَجَّاهُ مِنَ الشَّدَائِدِ بِهَذِهِ الْمَعْرِفَةِ، وَهَذِهِ مَعْرِفَةٌ خَاصَّةٌ تَقْتَضِي قُرْبَ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ، وَمَحَبَّتَهُ لَهُ، وَإِجَابَتَهُ لِدُعَائِهِ." اهـ

 

* (وَاعْلَمْ : أنَّ مَا أَخْطَأكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبكَ، وَمَا أصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ،

وَاعْلَمْ : أنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ):

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 488)

"قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : «وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ».

هَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 249] [الْبَقَرَةِ: 249]،

وَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] [الْأَنْفَالِ: 66].

 

وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 490):

"فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ»

يَشْمَلُ النَّصْرَ فِي الْجِهَادَيْنِ: جِهَادِ الْعَدُوِّ الظَّاهِرِ، وَجِهَادِ الْعَدُوِّ الْبَاطِنِ،

فَمَنْ صَبَرَ فِيهِمَا، نُصِرَ وَظَفِرَ بِعَدُوِّهِ، وَمَنْ لَمْ يَصْبِرْ فِيهِمَا وَجَزِعَ، قُهِرَ وَصَارَ أَسِيرًا لِعَدُوِّهِ أَوْ قَتِيلًا لَهُ." اهـ

 

* (وَأَنَّ الفَرَجَ مَعَ الكَرْبِ):

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 490)

"وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ» ،

وَهَذَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] [الشُّورَى: 28].

وَقَالَ تَعَالَى: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا} [يوسف: 110] [يُوسُفَ: 110]

وَقَالَ: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214] [الْبَقَرَةِ: 214]

وَقَالَ حَاكِيًا عَنْ يَعْقُوبَ أَنَّهُ قَالَ لِبَنِيهِ: {يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ} [يوسف: 87] [يُوسُفَ: 87]

 

وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 491) :

"وَكَمْ قَصَّ سُبْحَانَهُ مِنْ قِصَصِ تَفْرِيجِ كُرُبَاتِ أَنْبِيَائِهِ عِنْدَ تَنَاهِي الْكَرْبِ كَإِنْجَاءِ نُوحٍ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ، وَإِنْجَاءِ إِبْرَاهِيمَ مِنَ النَّارِ، وَفِدَائِهِ لِوَلَدِهِ الَّذِي أُمِرَ بِذَبْحِهِ، وَإِنْجَاءِ مُوسَى وَقَوْمِهِ مِنَ الْيَمِّ، وَإِغْرَاقِ عَدُوِّهِمْ، وَقِصَّةِ أَيُّوبَ وَيُونُسَ، وَقِصَصِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَعْدَائِهِ، وَإِنْجَائِهِ مِنْهُمْ، كَقِصَّتِهِ فِي الْغَارِ، وَيَوْمِ بَدْرٍ، وَيَوْمِ أُحُدٍ، وَيَوْمِ الْأَحْزَابِ، وَيَوْمِ حُنَيْنٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ." اهـ

 

* وَأَنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْراً»

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا» " هُوَ مُنْتَزَعٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]،

وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا - إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 5 - 6] [الشَّرْحِ: 5 - 6] ." اهـ

 

وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 493_494) :

"وَمِنْ لَطَائِفِ أَسْرَارِ اقْتِرَانِ الْفَرَجِ بِالْكَرْبِ وَالْيُسْرِ بِالْعُسْرِ: أَنَّ الْكَرْبَ إِذَا اشْتَدَّ وَعَظُمَ وَتَنَاهَى، وَحَصَلَ لِلْعَبْدِ الْإِيَاسُ مِنْ كَشْفِهِ مِنْ جِهَةِ الْمَخْلُوقِينَ، وَتَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَهَذَا هُوَ حَقِيقَةُ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُطْلَبُ بِهَا الْحَوَائِجُ، فَإِنَّ اللَّهَ يَكْفِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3] [الطَّلَاقِ: 3] .___

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا اسْتَبْطَأَ الْفَرَجَ، وَأَيِسَ مِنْهُ بَعْدَ كَثْرَةِ دُعَائِهِ وَتَضَرُّعِهِ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَثَرُ الْإِجَابَةِ فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ بِاللَّائِمَةِ، وَقَالَ لَهَا: إِنَّمَا أُتِيتُ مِنْ قِبَلِكِ، وَلَوْ كَانَ فِيكَ خَيْرٌ لَأُجِبْتُ، وَهَذَا اللَّوْمُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الطَّاعَاتِ، فَإِنَّهُ يُوجِبُ انْكِسَارَ الْعَبْدِ لِمَوْلَاهُ وَاعْتِرَافَهُ لَهُ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِمَا نَزَلَ مِنَ الْبَلَاءِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ، فَلِذَلِكَ تُسْرِعُ إِلَيْهِ حِينَئِذٍ إِجَابَةُ الدُّعَاءِ وَتَفْرِيجُ الْكُرَبِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى عِنْدَ الْمُنْكَسِرَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ أَجْلِهِ."

 

تخريج الحديث :

 

الرواية الأولى : أخرجها الترمذي في سننه (4/ 667) (رقم : 2516)، وابن الجعد في مسنده (ص: 494) (رقم : 3445)، وأحمد في مسند (رقم : 2669 و 2763)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (4/ 430) (رقم : 2556)،  والطبراني في المعجم الكبير (12/ 238) (رقم : 12988)، والبيهقي في شعب الإيمان (1/ 374) (رقم : 192) وغيرهم

الحديث صحيح : صححه الألباني في تخريج مشكاة المصابيح (3/ 1459) (رقم : 5302)

 

الرواية الثانية : أخرجها مسند أحمد مخرجا (5/ 18) (رقم : 2803)، وعبد بن حميد في المنتخب، ت. صبحي السامرائي (ص: 214) (رقم : 636)، السنة لابن أبي عاصم (1/ 137) (رقم : 315)، القدر للفريابي مخرجا (ص: 131) (رقم : 156)، المعجم الكبير للطبراني (11/ 123) (رقم : 11243)، شعب الإيمان (2/ 350) (رقم : 1043)

الحديث صحيح : صححه الألباني في التوسل أنواعه وأحكامه (ص: 35)، وقال : "وإسناده صحيح لغيره كما بينته في "ظلال الجنة تخريج السنة" لابن أبي عاصم. يراجع "138"." اهـ

وكذا صححه الأرنؤوط في تخريجه لمسند أحمد، ط. الرسالة (5/ 18) (رقم : 2803)[1]

 

منزلة الحديث :

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 462) :

"وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَضَمَّنُ وَصَايَا عَظِيمَةً وَقَوَاعِدَ كُلِّيَّةً مِنْ أَهَمِّ أُمُورِ الدِّينِ، حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: تَدَبَّرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ، فَأَدْهَشَنِي وَكِدْتُ أَطِيشُ، فَوَا أَسَفَا مِنَ الْجَهْلِ بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقِلَّةِ التَّفَهُّمِ لِمَعْنَاهُ.

قُلْتُ : وَقَدْ أَفْرَدْتُ لِشَرْحِهِ جُزْءًا كَبِيرًا وَنَحْنُ نَذْكُرُ هَاهُنَا مَقَاصِدَهُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِصَارِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى." اهـ

 

المعين على تفهم الأربعين ت دغش (ص: 249) لابن الملقن :

وهو حديثٌ عَظِيمُ المَوْقع، وهو أصلٌ في رِعايَةِ حقوقِ الله، والتفويض لأمرهِ.

 

الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 370) للهيتمي :

"وهذا من أبلغ العبارات وأوجزها، وأجمعها لسائر أحكام الشريعة قليلها وكثيرها، فهو من بدائع جوامع كلمه صلى اللَّه عليه وسلم التي اختصَّه اللَّه تعالى بها." اهـ

 

من فوائد الحديث :

 

شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (ص: 76_77) :

"وقوله _صلى الله عليه وسلم_ : "إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله" أرشده إلى التوكل على مولاه وأن لا يتخذ إليها سواه ولا يتعلق بغيره في جميع أموره ما قل منها وما كثر وقال الله تعالى:

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ___عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]

فبقدر ما يركن الشخص إلى غير الله تعالى بطلبه أوبقلبه أو بأمله فقد أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه وكذلك الخوف من غير الله

 

شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (ص: 77) :

"ثم قال : (واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسراً)

فنبهه على أن الإنسان في الدنيا ولا سيما الصالحون معرضون للمصائب لقوله عز وجل:

{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة: 155 - 157].

وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]." اهـ[2]

 

التعيين في شرح الأربعين (1/ 160) لسليمان بن عبد القوي الطوفي :

فقوله : (كنت خلف النبي _صلى الله عليه وسلم_)، أي : على دابة فرس أو بعير أو غيره، كذلك جاء في بعض الروايات، وشبيه به قولُ معاذ : "كنت ردف النبي _صلى الله عليه وسلم_[3]،

وفيه : جواز الإرداف على الدابة." اهـ[4]

 

التعيين في شرح الأربعين (1/ 164)

واعلم أن كل أمر بالنسبة إلى كل إنسان فهو لذاته جائز أن يصيبه، وأن يخطئه على جهة الإمكان الخاص، وإنما تعين في بعض الأمور إصابة الشخص، وفي بعضها خطؤه له بتعلق الإرادة والعلم الأزليين بذلك، فقتل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب مثلًا هو لذاته كان جائزا أن يصيبهم، وأن لا يصيبهم، وإنما تعين وتحتم وقوعه بتخصيص الإرادة وتعلق العلم الأزليين بذلك.

 

التعيين في شرح الأربعين (1/ 166)

وهذا الحديث أصل في رعاية حقوق الله تعالى والتفويض لأمر الله سبحانه وتعالى.

 

الموافقات (3/ 553)

فَهُوَ كُلُّهُ نَصٌّ فِي تَرْكِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الْأَسْبَابِ[5]، وَفِي الِاعْتِمَادِ عَلَى اللَّهِ وَالْأَمْرِ بطاعة الله.

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 61) :

"هذا الحديث أصل عظيم في مراقبة الله، ومراعاة حقوقه، والتفويض لأمره، والتوكل عليه، وشهود توحيده وتفرُّده، وعجز الخلائق كلَّهم وافتقارهم إليه." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 469)

وَفِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَحْفَظُ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْحَافِظِ لِحُدُودِ دِينِهِ، وَيَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يُفْسِدُ عَلَيْهِ دِينَهُ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْحِفْظِ، وَقَدْ لَا يَشْعُرُ الْعَبْدُ بِبَعْضِهَا، وَقَدْ يَكُونُ كَارِهًا لَهُ، كَمَا قَالَ فِي حَقِّ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24] [يُوسُفَ: 24] .

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 481) :

وَاعْلَمْ أَنَّ سُؤَالَ اللَّهِ تَعَالَى دُونَ خَلْقِهِ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ، لِأَنَّ السُّؤَالَ فِيهِ إِظْهَارُ الذُّلِّ مِنَ السَّائِلِ وَالْمَسْكَنَةِ وَالْحَاجَةِ وَالِافْتِقَارِ، وَفِيهِ الِاعْتِرَافُ بِقُدْرَةِ الْمَسْئُولِ عَلَى دَفْعِ هَذَا الضَّرَرِ، وَنَيْلِ الْمَطْلُوبِ، وَجَلْبِ الْمَنَافِعِ، وَدَرْءِ الْمَضَارِّ، وَلَا يَصْلُحُ الذُّلُّ وَالِافْتِقَارُ إِلَّا لِلَّهِ وَحْدَهُ، لِأَنَّهُ حَقِيقَةُ الْعِبَادَةِ،

وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ يَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَمَا صُنْتَ وَجْهِي عَنِ السُّجُودِ لِغَيْرِكَ فَصُنْهُ عَنِ الْمَسْأَلَةِ لِغَيْرِكَ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى كَشْفِ الضُّرِّ وَجَلْبِ النَّفْعِ سِوَاهُ.

كَمَا قَالَ: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [يُونُسَ: 107] ،

وَقَالَ: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 2] [فَاطِرٍ: 2] .

وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ يُحِبُّ أَنْ يُسْأَلَ وَيُرْغَبَ إِلَيْهِ فِي الْحَوَائِجِ، وَيُلَحَّ فِي سُؤَالِهِ وَدُعَائِهِ، وَيَغْضَبَ عَلَى مَنْ لَا يَسْأَلُهُ، وَيَسْتَدْعِي مِنْ عِبَادِهِ سُؤَالَهُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِعْطَاءِ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ سُؤْلَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ مُلْكِهِ شَيْءٌ، وَالْمَخْلُوقُ بِخِلَافِ ذَلِكَ كُلِّهِ: يَكْرَهُ أَنْ يَسْأَلَ، وَيُحِبُّ أَنْ لَا يُسْأَلَ، لِعَجْزِهِ وَفَقْرِهِ وَحَاجَتِهِ، وَلِهَذَا قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ لِرَجُلٍ كَانَ يَأْتِي الْمُلُوكَ: وَيْحَكَ، تَأْتِي مَنْ يُغْلِقُ عَنْكَ بَابَهُ، وَيُظْهِرُ لَكَ فَقْرَهُ، وَيُوَارِي عَنْكَ غِنَاهُ، وَتَدَعُ مَنْ يَفْتَحُ لَكَ بَابَهُ نِصْفَ اللَّيْلِ وَنِصْفَ النَّهَارِ، وَيُظْهِرُ لَكَ غِنَاهُ، وَيَقُولُ ادْعُنِي أَسْتَجِبْ لَكَ؟ ! .

وَقَالَ طَاوُسٌ لِعَطَاءٍ: إِيَّاكَ أَنْ تَطْلُبَ حَوَائِجَكَ إِلَى مَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ دُونَكَ وَيَجْعَلُ دُونَهَا حُجَّابَهُ، وَعَلَيْكَ بِمَنْ بَابُهُ مَفْتُوحٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَمَرَكَ أَنْ تَسْأَلَهُ، وَوَعَدَكَ أَنْ يُجِيبَكَ.

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 482)[6] :

"وَهَذِهِ كَلِمَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، فَالْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى الِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ فِي فِعْلِ الْمَأْمُورَاتِ، وَتَرْكِ الْمَحْظُورَاتِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْمَقْدُورَاتِ كُلِّهَا فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ مِنْ أَهْوَالِ الْبَرْزَخِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى الْإِعَانَةِ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَمَنْ حَقَّقَ الِاسْتِعَانَةَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ أَعَانَهُ. وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ قَالَ : «احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ» .

وَمَنْ تَرَكَ الِاسْتِعَانَةَ بِاللَّهِ، وَاسْتَعَانَ بِغَيْرِهِ، وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى مَنِ اسْتَعَانَ بِهِ فَصَارَ مَخْذُولًا. كَتَبَ الْحَسَنُ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَا تَسْتَعِنْ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَيَكِلُكَ اللَّهُ إِلَيْهِ. وَمِنْ كَلَامِ بَعْضِ السَّلَفِ: يَا رَبِّ عَجِبْتُ لِمَنْ يَعْرِفُكَ كَيْفَ يَرْجُو غَيْرَكَ، وَعَجِبْتُ لِمَنْ يَعْرِفُكَ كَيْفَ يَسْتَعِينُ بِغَيْرِكَ." اهـ[7]

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 484_485) :

"وَاعْلَمْ أَنَّ مَدَارَ جَمِيعِ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ، وَمَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، فَهُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَيْهِ، وَرَاجِعٌ إِلَيْهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِذَا عَلِمَ أَنْ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَنَفْعٍ وَضُرٍّ، وَأَنَّ اجْتِهَادَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ عَلَى خِلَافِ الْمَقْدُورِ غَيْرُ مُفِيدٍ الْبَتَّةَ، عَلِمَ حِينَئِذٍ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ الضَّارُّ النَّافِعُ، الْمُعْطِي الْمَانِعُ،

فَأَوْجَبَ ذَلِكَ لِلْعَبْدِ تَوْحِيدَ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِفْرَادَهُ بِالطَّاعَةِ، وَحِفْظَ حُدُودِهِ، فَإِنَّ الْمَعْبُودَ إِنَّمَا يَقْصِدُ بِعِبَادَتِهِ جَلْبَ الْمَنَافِعِ وَدَفْعَ الْمَضَارِّ، وَلِهَذَا ذَمَّ اللَّهُ مَنْ يَعْبُدُ مَنْ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، وَلَا يُغْنِي عَنْ عَابِدِهِ شَيْئًا،

فَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ، وَلَا يُعْطِي وَلَا يَمْنَعُ غَيْرُ اللَّهِ، أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ إِفْرَادَهُ بِالْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ وَالْمَحَبَّةِ وَالسُّؤَالِ___وَالتَّضَرُّعِ وَالدُّعَاءِ، وَتَقْدِيمِ طَاعَتِهِ عَلَى طَاعَةِ الْخَلْقِ جَمِيعًا، وَأَنْ يَتَّقِيَ سُخْطَهُ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ سُخْطُ الْخَلْقِ جَمِيعًا، وَإِفْرَادُهُ بِالِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَالسُّؤَالِ لَهُ، وَإِخْلَاصِ الدُّعَاءِ لَهُ فِي حَالِ الشِّدَّةِ وَحَالِ الرَّخَاءِ، بِخِلَافِ مَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ مِنْ إِخْلَاصِ الدُّعَاءِ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ، وَنِسْيَانِهِ فِي الرَّخَاءِ، وَدُعَاءِ مَنْ يَرْجُونَ نَفْعَهُ مِنْ دُونِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} [الزمر: 38] [الزُّمَرِ: 38] ." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 485)

أَنَّ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ مِنَ الْمَصَائِبِ الْمُؤْلِمَةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْهِ إِذَا صَبَرَ عَلَيْهَا، كَانَ لَهُ فِي الصَّبْرِ خَيْرٌ كَثِيرٌ.

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 485)

حُصُول الْيَقِينِ لِلْقَلْبِ بِالْقَضَاءِ السَّابِقِ وَالتَّقْدِيرِ الْمَاضِي يُعِينُ الْعَبْدَ عَلَى أَنْ تَرْضَى نَفْسُهُ بِمَا أَصَابَهُ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَعْمَلَ فِي الْيَقِينِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ عَلَى الرِّضَا بِالْمَقْدُورِ، فَلْيَفْعَلْ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الرِّضَا، فَإِنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى الْمَكْرُوهِ خَيْرًا كَثِيرًا.

 

الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 372) للهيتمي :

"لما علمت أنه القادر على كل شيء، وغيره عاجزٌ عن كل شيء، حتى عن جلب مصالح نفسه، ودفع مضارِّها، والاستعانةُ إنما تكون بقادرٍ على الإعانة، وأما من هو كَلٌّ على مولاه، لا قدرة له على إنفاذ ما يهواه لنفسه فضلًا عن غيره. . فكيف يُؤهَّل للاستعانة به، أو يستمسك بسببه؟!" اهـ

 

الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 373_374) :

فعلم أن هذا تقريرٌ وتاكيدٌ لما قبله من الإيمان بالقَدَر خيره وشره، وتوحيده سبحانه وتعالى في لحوق الضُّرِّ والنفع على أبلغ برهان، وأوضح بيان، وحثٌّ على التوكل والاعتماد على اللَّه سبحانه وتعالى في جميع الأمور. وعلى شهود أنه سبحانه__وتعالى وحده هو المؤثِّر في الوجود، النافع الضار، وغيره ليس له من النفع ولا من الضر شيء. وعلى الإعراض عما سواه." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3323)

(وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا) أَيْ: رَدِيفَهُ،

وَفِيهِ : إِشْعَارٌ بِكَمَالِ حِفْظِهِ وَإِحْسَانِهِ وَاسْتِحْضَارِ لَفْظِهِ وَإِتْقَانِهِ، فَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ جُمْلَةِ أَحَادِيثِهِ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَإِلَّا فَأَكْثَرُ مَرْوِيَّاتِهِ بِالْوَاسِطَةِ، لَكِنَّهَا مُعْتَبَرَةٌ لِكَوْنِهَا مِنْ مَرَاسِيلِ الصَّحَابَةِ، وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَجْلِ صِغَرِهِ فِي زَمَانِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

 

البدر التمام شرح بلوغ المرام (10/ 244) للمغربي :

"وفي الحديث دلالة على أنه ينبغي للمؤمن إمحاض التوكل على الله تعالى، والاعتماد عليه في جميع أحواله فيما سأل ورغب في حصوله، وفيما استعاذ من حصوله والتجأ إلى الله تعالى في دفع مكروهه. والتوكل هو إسناد الأمر إلى الله تعالى والوثوق به، ويكون بما عند الله أوثق بما عنده، ولا ينافيه القيام بالأسباب، فإن الله سبحانه وتعالى جعل الأرزاق في الأغلب مشروطة بشروط، فإذا طلب الإنسان رزقه بسبب فإن كان قد كتب له سبحانه وتعالى إدراك شيء بذلك السبب شكر على حصوله، وإن حرم صبر على الحرمان ورضي بما قسم الله له، ويعتقد أن الذي وصل إليه من الرزق من النعم الواصلة من الله تعالى، وأن الفائت له منه لمصلحة له، فطلب الرزق لا ينافي التوكل على الله." اهـ

 

التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثا النووية (ص: 44)

يستفاد منه:

1 - جواز الإرداف على الدابة إن أطاقته.

2 - ذكر المعلم للمتعلم أنه يريد أن يعلمه قبل فعله، ليشتد شوقه إلى ما يعلم وتقبل نفسه عليه.

3 - الأمر بالمحافظة على رعاية حقوق الله تعالى.

4 - أن الجزاء قد يكون من جنس العمل.

5 - الأمر بالاعتماد على الله، والتوكل عليه دون غيره، إذ هو النافع الضار، قال الله تعالى: ((وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو، وإن يردك بخير فلا راد لفضله)) وقدر ما يركن الشخص إلى غير الله عز وجل بطلبه، أو بقلبه أو بأمله قد أعرض عن ربه بمن لا يضره ولا ينفعه، خصوصا إذا كانت الحاجة التي يسألها مما لم تجر العادة بجريانه على أيدي الخلق كالهداية، وشفاء المرض، وحصول العافية من بلاء الدنيا وعذاب الآخرة، ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله عز وجل.

6 - عجز الخلائق كلهم، وافتقارهم إلى الله عز وجل.

7 - التنبيه على أن هذه الدار عرضة للمصائب، فينبغي الصبر عليها.

8 - الرضاء بالقضاء والقدر." اهـ

 

شرح الأربعين النووية للعثيمين (ص: 204)

من فوائد الحديث:

1_ ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لمن هو دونه حيث قال: "يَا غُلام إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ"..

2_ أنه ينبغي لمن ألقي كلاماً ذا أهمية أن يقدم له ما يوجب لفت الانتباه، حيث قال: "يَا غُلاَمُ إني أُعَلِمُكَ كَلِماتٍ".

3_ أن من حفظ الله حفظه الله لقوله: "احفَظ الله يَحفَظكَ".

 

4_ أن من أضاع الله - أي أضاع دين الله - فإن الله يضيعه ولا يحفظه، قال تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (الحشر: 19)

5_ أن من حفظ الله _عزّ وجل_ هداه، ودله على ما فيه الخير، وأن من لازم حفظ الله له أن يمنع عنه الشر.

6_ أن الإنسان إذا احتاج إلى معونة، فليستعن بالله، ولكن لا مانع أن يستعين بغير الله ممن يمكنه أن يعينه لقول النبي _صلى الله عليه وسلم_ : "وتُعينَ الرجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحمِلَهُ عَليها أَو تَرْفَعَ لَهُ عَليها مَتَاعَهُ صَدَقَة".

7_ أن الأمة لن تستطيع أن تنفع أحداً إلا إذا كان الله قد كتبه له، ولن يستطيعوا أن يضروا أحداً إلا أن يكون الله تعالى قد كتب ذلك عليه.

8_ أنه يجب على المرء أن يكون معلقاً رجاءه بالله عزّ وجل وأن لايلتفت إلى المخلوقين، فإن المخلوقين لا يملكون له ضراً ولا نفعاً.

9_ أن كل شيء مكتوب منتهٍ منه، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن الله عزّ وجل كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة[8].

10_ في الرواية الأخرى أن الإنسان إذا تعرف إلى الله عزّ وجل بطاعته في الصحة___

والرخاء عرفه الله تعالى في حال الشدة فلطف به وأعانه وأزال شدته.

11_ أن الإنسان إذا كان قد كتب الله عليه شيئاً فإنه لا يخطئه، وأن الله عزّ وجل إذا لم يكتب عليه شيئاً فإنه لا يصيبه.

12_ البشارة العظيمة للصابرين، وأن النصر مقارن للصبر.

13_ فيه البشارة العظيمة أيضاً بأن تفريج الكربات وإزالة الشدائد مقرون بالكرب، فكلما كر ب الإنسان الأمر فرج الله عنه.

14_ البشارة العظيمة أن الإنسان إذا أصابه العسر فلينتظر اليسر، وقد ذكر الله تعالى ذلك في القرآن الكريم، فقال تعالى: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (الشرح: 5-6) فإذا عسرت بك الأمور فالتجيء إلى الله عزّ وجل منتظراً تيسيره مصدقاً بوعده.

15_ تسلية العبد عند حصول المصيبة، وفوات المحبوب على أحد المعنيين في قوله: "وَاعْلَم أن مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُن لِيُخطِئكَ، وَمَا أخطأَكَ لَمْ يَكُن لِيصيبَك" فالجملة الأولى تسلية في حصول المكروه، والثانية تسلية في فوات المحبوب. والله الموفق." اهـ كلام الشيخ العثيمين.

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (7/ 367)

قال النووي: فيه إشارة إلى أنَّ العبدَ لا ينبغي له أنْ يعلِّق سرَّه بغير الله، بل يتوكَّل عليه في جميع أموره:

ثمَّ إنْ كانت الحاجة التي يسألها لم تجر العادة بجريانها على أيدي خلقه؛ كمطلب الهداية، والعلم، والفهم في القرآن والسنَّة، وشفاء المرض، وحصول العافية من بلاء الدنيا، وعذاب الآخرة-: سأل ربه ذلك.

وإنْ كانت الحاجة التي يسألها جرت العادة أنَّ الله سبحانه وتعالى يجريها على أيدي خلقه، كالحاجات المتعلقة بأصحاب الحرف والصنائع وولاة الأمور-: سأل الله تعالى أنْ يعطِّف عليه قلوبهم.

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (7/ 368) :

"فالدعاء هو العبادة، فتضمَّن هذا الكلام أنْ يسأل الله تعالى، ولا يسأل غيره، وأنْ يستعين بالله دون غيره.

واعلم أنَّ سؤال الله عزَّ وجل دون خلقه هو المتعيِّن؛ لأنَّ السؤال فيه إظهار الذل من السَّائل، والمسكنة، والحاجة، والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضرر، وقيل المطلوب، وجلب المنافع، ودرء المضار، ولا يصلح الذل والافتقار إلاَّ لله وحده؛ لأنَّه حقيقة العبادة." اهـ

 

الأحاديث الأربعين النووية مع ما زاد عليها ابن رجب وعليها الشرح الموجز المفيد (ص: 38)[9]

الفوائد:

(1) جواز الإدراف على الدابة إذا كانت تطيق.

(3) الأمر بالمحافظة على حقوق الله وحقوق المخلوقين.

(3) أن الجزاء قد يكون من جنس العمل.

(4) الأمر بالاعتماد على الله والتوكل عليه دون غيره.

(5) عجز الخلق كلهم وافتقارها إلى الله عز وجل.

(6) التنبيه على أن دار الدنيا دار بلاء وامتحان فينبغي الصبر والرضى بالقضاء والقدر

(7) إن الخلق كلهم لو اجتمعوا على أن يخسروا أحدا أو ينفعوه لم يستطيعوا شيئا لم يقدره الله له أو عليه.

(8) إن الله ينصر الصابر, وأن مع كل ضيق فرجا ومخرجا {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً} ." اهـ

 

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 72)

مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 أنَّ مَن حفظ حدودَ الله حفظه في دينه ودنياه.

2 أنَّ مَن أضاع حدودَ الله لا يحصل له الحفظُ من الله، كما قال: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ}

3 أنَّ الجزاءَ من جنس العمل، فالعمل حفظ، والجزاء حفظ.

4 أنَّ العبدَ يخصُّ ربَّه بالعبادة والاستعانة.

5 الإيمان بالقدر.

6 أنَّ العبادَ لا ينفعون ولا يضرُّون إلاَّ إذا كان النفعُ والضَّرر مقدَّرَين من الله.

7 أنَّه لا يحصل لأحد نفعٌ إلاَّ إذا كان مقدَّراً، ولا يندفع عنه ضرر إلاَّ إذا كان مقدَّراً، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

8 أنَّ الصبر يعقبه النصر.

9 أنَّ الكرب يعقبه الفرَج.

10 أنَّ العُسرَ يعقبه اليُسر.

11 تواضعه صلى الله عليه وسلم وملاطفته الصغار.

12 التقديم بين يدي ذكر الأمر المهمِّ بما يحفز النفوس إليه؛ لقوله: "ألاَ أعلِّمك كلمات". اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 338)

ففي هذا الحديث من الفوائد:

أولاً : جواز الإرداف على الدابة بناء على قوله: «خلف النبي»

ولكن هذا مشروط بأمرين:

الأمر الأول : ألا يشق على الدابة فإن شق على الدابة فلا يجوز الإرداف.

الأمر الثاني : ألا يخاف سقوطاً فإن خلف سقوطاً فقد قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} كيف يخاف السقوط؟ أحيانا يكون ردف البعير منزلقاً فإذا ركبه الإنسان فربما يسقط على ظهره، فهنا نقول: لا تردف وهذا مراعاة لحال الراكب والأول لحال المركوب." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 338)

ومن فوائد الحديث : تواضع النبي (صلى الله عليه وسلم) بإرداف الصغار وهذا أمر لا يحتاج إلى إقامة البينة عليه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) عنده من التواضع الجم للحق وللخلق ما ليس عندنا." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 339)

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي في الحديث الهام أن تنادي الإنسان ولو كان أقرب قريب إليك، أن الرسول يكلم ابن عباس وهو رديفه على الدابة قريباً جدا لكن الحديث مهم. ومن فوائد الحديث: هذه الوصايا العظيمة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحفظ الله ... إلخ." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 339)

ومن فوائد الحديث: أن من حفظ حدود الله وشرائع الله حفظه الله في دينه وبدنه وماله وأهله وعرضه أيضا {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38].[10]

ومن فوائد الحديث: أن الجزاء من جنس العمل وأن الإنسان لما حفظ ربه حفظه الله.

ومن فوائد الحديث: أنه من الحزم أن يحفظ الإنسان ربه ولا يبالي بأحد يعني: يعبد الله لا يبالي بالناس يتجنب الحرام وإن انتهكه الناس لا يبالي «أحفظ الله يحفظك».

ومن فوائد الحديث: أن أهم من يوجه إليه هذا ولاة الأمور الصغير والكبير كل منهم يحب أن يحفظ في ماله وبدنه وعرضه، نقول: إذا كنت تريد ذلك فهناك مفتاح واحد وهو أن تحفظ الله." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 339)

ومن فوائد الحديث: أن من حفظ الله كان الله دليله ومن كان الله دليله فهو مهتد لقوله: «أحفظ الله تجده اتجاهك»

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (6/ 340)

ومن فوائد الحديث: أنه ينبغي للإنسان أن يعلق حاجاته بربه لقوله: «إذا سألت فأسأل الله»." اهـ

 



[1] وفي جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (1/ 460) :

"وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ عَلِيٍّ وَمَوْلَاهُ عِكْرِمَةَ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ___اللَّهِ، وَعُمَرَ مَوْلَى غُفْرَةَ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ وَغَيْرِهِمْ.

وَأَصَحُّ الطُّرُقِ كُلِّهَا طَرِيقُ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ الَّتِي خَرَّجَهَا التِّرْمِذِيُّ، كَذَا قَالَ ابْنُ مِنْدَهْ وَغَيْرُهُ." اهـ

[2] وفي الفتح المبين بشرح الأربعين (ص: 379) :

"الإنسان في هذه الدار ولا سيما الصالحون معرَّضون للمحن والمصائب، وطروق المنغصات والمتاعب؛

قال اللَّه تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} الآيات،

فينبغي للإنسان أن يصبر ويحتسب، ويرضى بالقضاء والقدر، وينتظر وعد اللَّه تعالى له بأن عليه صلوات من ربه ورحمة، وبأنه المهتدي." اهـ

[3] أخرجه البخاري ومسلم

[4] وفي المعين على تفهم الأربعين ت دغش (ص: 249) لابن الملقن :

"فيه جوازُ الإردَاف على الدَّابة، وقَد أفردَهُ ابن مندَه -رَحمه الله- بالتأليف، ومِنْ جُمْلَتِهِم: معاذ والحسن والحسين."

رسالة ابن منده بعنوان: "معرفة أسامي أرداف النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - " وقد طبعت بتحقيق يَحْيَى غزاوي، وقد ذكر (37) من الصّحابة - رضي الله عنهم -.

[5] ترك الاعتماد على الأسباب ليس تركًا للأسباب؛ لأن الاعتماد عليها عند المؤمن معناه النظر إليها بأنها إن لم تكن لا يوجد الله المسبب، كما هو مجرى العادة، وعدم الاعتماد عليها بهذا المعنى لا ينافي الأخذ بها امتثالًا للأمر مع إغفال مجرى العادة، كما هو دأب من يغلب عليهم شهود التوحيد في الأفعال. "د".

[6] هذه فائدة قالها ابن رجب أثناء تعليقه على قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ : (وإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ).

[7] وفي سبل السلام (2/ 648) : "وَفِي إفْرَادِهِ تَعَالَى بِالِاسْتِعَانَةِ فَائِدَتَانِ :

فَالْأُولَى : أَنَّ الْعَبْدَ عَاجِزٌ عَنْ الِاسْتِقْلَالِ بِنَفْسِهِ فِي الطَّاعَاتِ، وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُ لَا مُعِينَ لَهُ عَلَى مَصَالِحِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ إلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَمَنْ أَعَانَهُ اللَّهُ فَهُوَ الْمُعَانُ، وَمَنْ خَذَلَهُ فَهُوَ الْمَخْذُولُ." اهـ

[8] أخرجه مسلم في صحيحه

[9] المؤلف : الشيخ عبد الله بن صالح المحسن

[10] وفي بدائع الفوائد (2/ 239) لابن القيم : "فمن حفظ الله حفظه الله ووجده أمامه أينما توجه ومن كان الله حافظه وأمامه فممن يخاف ولمن يحذر." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين