شرح الحديث 14 من بلوغ المرام

 

14 - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال: 

قَالَ رسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: 

"لاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

ترجمة حذيفة بن اليمان العبسي _رضي الله عنه_:

 

تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 277)

حُذَيْفَة بن اليَمَان، واسم اليَمان حِسْلٌ - ويقال: حُسَيْلٌ على التصغير - بن جابر بن أُسَيْد، وقيل: ابن عَمْرو، أَبُو عبد الله العبْسيّ، [المتوفى: 36 ه]

حليف الأنصار، وصاحب سرَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

وأحد المهاجرين.

 

تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 278)

وافتُتِحتِ الدِّينَوَرُ عَنْوَةً على يديه - رضي الله عنه -. وحديثه في الكُتُب السّتّة.

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/ 334)

وأمه امرأة من الأنصار من الأوس من بني عَبْد الأشهل، واسمها الرباب بنت كعب بن عدىّ بن عَبْد الأشهل، وإنما قيل لأبيه حسيل اليمان، لأنه من ولد اليمان جروة بن الحارث بن قطيعة بن عبس، وكان جروة بن الحارث أيضًا يقال له اليمان، لأنه أصاب في قومه دمًا فهرب إلى المدينة، فخالف بني عَبْد الأشهل، فسماه قومه اليمان، لأنه حالف اليمانية.

 

الإصابة في تمييز الصحابة (2/ 39_40) (رقم: 1652):

"حذيفة بن اليمان العبسيّ، من كبار الصّحابة. يأتي نسبه في ترجمة أبيه حسل قريبا. كان أبوه قد أصاب دما فهرب إلى المدينة، فحالف بني عبد الأشهل، فسماه قومه اليمان، لكونه حالف اليمانية. وتزوّج والدة حذيفة، فولد له بالمدينة، وأسلم حذيفة وأبوه، وأراد شهود بدر فصدّها المشركون، وشهدا أحدا، فاستشهد اليمان بها، وروى حديث شهوده أحدا واستشهاده بها البخاري، وشهد حذيفة الخندق وله بها ذكر حسن وما بعدها...

قال العجليّ: استعمله عمر على المدائن، فلم يزل بها حتى مات بعد قتل عثمان وبعد بيعة علي، بأربعين يوما.

قلت: وذلك في سنة ست وثلاثين.

وروى علي بن يزيد، عن سعيد بن المسيّب، عن حذيفة: خيرني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بين الهجرة والنصرة. فاخترت النصرة.___...

وشهد حذيفة فتوح العراق، وله بها آثار كثيرة." اهـ

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ:

قال رسُولُ اللهِ _صلى الله عليه وسلم_: "لاَ تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ والْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلَكُمْ فِي الْآخِرَةِ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

 

صحيح البخاري (7/ 112) (رقم: 5632): عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ:

كَانَ حُذَيْفَةُ، بِالْمَدَايِنِ، فَاسْتَسْقَى، فَأَتَاهُ دِهْقَانٌ بِقَدَحِ فِضَّةٍ فَرَمَاهُ بِهِ، فَقَالَ:

"إِنِّي لَمْ أَرْمِهِ إِلَّا أَنِّي نَهَيْتُهُ فَلَمْ يَنْتَهِ، وَإِنَّ النَّبِيَّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ نَهَانَا عَنِ الحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ، وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ،

وَقَالَ: «هُنَّ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَهِيَ لَكُمْ فِي الآخِرَةِ»

 

تخريج الحديث:

 

صحيح البخاري (7/ 77 و 7/ 112_133 و 7/ 149 و 7/ 150) (رقم: 5426 و 5632_5633 و 5831 و 5837)، صحيح مسلم (3/ 1637_1638/ 4_5) (رقم: 2067)، سنن أبي داود (3/ 337) (رقم: 3723)، سنن الترمذي ت شاكر (4/ 299) (رقم: 1878)، سنن النسائي (8/ 198) (رقم: 5301)، سنن ابن ماجه (2/ 1130) (رقم: 3414 و 3590 و 2/ 1187)، وغيرهم عن حذيفة رضي الله عنه_.

 

والحديث صحيح: صححه الألباني _رحمه الله_ في "إرواء الغليل" (1/ 67) (رقم: 32)، و"صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 491) (رقم: 2111)، و"صحيح الجامع الصغير وزيادته" (2/ 1225) (رقم: 7335).

 

من فوائد الحديث:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 153)

* ما يؤخذ من الحديث:

1 - النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة وصحافهما.

2 - النَّهي يقتضي التحريم والمنع.

3 - أنَّ الحكم عامٌّ في حقِّ الرِّجال والنِّساء.

4 - النَّهي عن استعمالهما في الأكل والشرب يعم استعمالهما لأي منفعة، إلاَّ ما أذن فيه، ممَّا سيأتي بيانه إنْ شاء الله تعالى.

5 - إذا كان استعمالهما حرامًا -وهو مظنَّة الحاجة والابتذال- فاتخاذهما أواني___

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 154)

زينة وتحفًا مثله في التحريم وأولى.

6 - ليس في الحديث إباحة استعمال أواني الذهب والفضة للكفَّار في الدنيا، وإنَّما المقصود بيان حالهم وما هم عليه؛ وإلاَّ فإنهم مخاطَبون ومعذَّبون على أصول الشريعة وفروعها، وعلى أوامرها ونواهيها.

أمَّا المسلمون المتقون الله تعالى في اجتنابها: فإنَّهم يتمتعون باستعمالها في الآخرة؛ جزاءً لهم على تركها في الدنيا، ابتغاء ثواب الله تعالى.

7 - النَّهي والتحريم عن استعمال أواني الذهب والفضة واتخاذها عامٌّ، سواءٌ كانت ذهبًا خالصًا أو فضَّةً خالصة، أو مموَّهًا أو مضبَّبًا بهما، أو غير ذلك من أنواع التجميل والتَّحلية؛ فالنَّهي والتحريم عامَّان.

قال النووي: انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيهما، وجميع أنواع الاستعمال في معنى الأكل والشرب بالإجماع.

8 - قوله: "فإنَّها لهم في الدنيا" معناه: أنَّه من استعملها، فقد شابههم في استحلالهم إيَّاها، ومن تشبَّه بقومٍ، فهو منهم، وأعظم ما يكون التشبه في الاعتقاد والتحليل والتحريم.

9 - الأصل في الأمر بمخالفة المشركين هو الوجوب، ما لم يَدُلَّ دليل على جواز ترك المخالفة: فمثلاً ما جاء في البخاري (5892)، ومسلم (259) من حديث ابن عمر؛ أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خالفوا المشركين وفِّروا الِّلحى"، لا نعلم وجود دليل صارف عن وجوب إعفاء اللحية، فيبقى الإعفاء واجبًا، وحلقها محرَّم؛ لأنَّ فيها تشبُّهًا بالمشركين.

أمَّا النوع الثاني: فقد روى أبو داود (652) بإسنادٍ صحيح من حديث شدَّاد بن أوس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خالفوا اليهود؛ فإنَّهم لا يُصلُّون في نعالهم ولا خفافهم"؛ فقد جاء في سنن أبي داود وابن ماجه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي حافيًا ومنتعلاً".___

 

فتح الباري لابن حجر (9/ 554)

فِيهِ النَّهْيُ عَنِ الشُّرْبِ فِي آنِيَّةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ،

وَيُؤْخَذُ : مَنْعُ الْأَكْلِ بِطَرِيقِ الْإِلْحَاقِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ.

وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ[1] كَمَا سَيَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ ذِكْرُ الْأَكْلِ فَيَكُونُ الْمَنْعُ مِنْهُ بِالنَّصِّ أَيْضًا وَهَذَا فِي الَّذِي جَمِيعُهُ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ."

 

فتح الباري لابن حجر (10/ 94_95)

وَنقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى تَحْرِيمِ الشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِلَّا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ أَحَدِ التَّابِعِينَ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ النَّهْيُ وَعَنِ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ،[2]

وَنَقَلَ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِ لِلتَّنْزِيهِ لِأَنَّ عِلَّتَهُ مَا فِيهِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْأَعَاجِمِ.

وَنَصَّ فِي الْجَدِيدِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ قَطَعَ بِهِ عَنْهُ. وَهَذَا اللَّائِقُ بِهِ لِثُبُوتِ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ بِالنَّارِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الَّذِي يَلِيهِ وَإِذَا ثَبَتَ مَا نُقِلَ عَنْهُ فَلَعَلَّهُ كَانَ قبل أَن يبلغهُ الحَدِيث الْمَذْكُور____

ويؤيدوهم النَّقْلِ أَيْضًا عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ أَنَّ صَاحِبَ التَّقْرِيبِ نَقَلَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ عَنْ نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ تَحْرِيمَ اتِّخَاذِ الْإِنَاءِ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ وَإِذَا حُرِّمَ الِاتِّخَاذُ،

فَتَحْرِيمُ الِاسْتِعْمَالِ أَوْلَى[3] وَالْعِلَّةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا لَيْسَتْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا بَلْ ذَكَرُوا لِلنَّهْيِ عِدَّةَ عِلَلٍ مِنْهَا مَا فِيهِ مِنْ كَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ أَوْ مِنَ الْخُيَلَاءِ وَالسَّرَفِ وَمِنْ تَضْيِيقِ النَّقْدَيْنِ." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (3/ 238)

"والشرب فى آنية الفضة واستعمالها حرام على الرجال والنساء، وكذلك آنية الذهب،

والتختم بالذهب حرام على الرجال خاصة، مباح للنساء، والحرير المصمت الذى لا يخالطه غيره لا يجوز لبسه للرجال." اهـ[4]

 

فتح الباري لابن حجر (10/ 97_98)

وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ تَحْرِيمُ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً وَلَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِالْحُلِيِّ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ التَّزَيُّنِ الَّذِي أُبِيحَ لَهَا فِي شَيْءٍ،

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ :

"فِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ اسْتِعْمَالِ أَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَيُلْحَقُ بِهِمَا مَا فِي مَعْنَاهُمَا مِثْلُ التَّطَيُّبِ وَالتَّكَحُّلِ وَسَائِرِ وُجُوهِ الِاسْتِعْمَالَاتِ، وَبِهَذَا قَالَ الْجُمْهُورُ وَأَغْرَبَتْ طَائِفَةٌ شَذَّتْ فَأَبَاحَتْ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَ التَّحْرِيمَ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ[5]، وَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى الشُّرْبِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى الزِّيَادَةِ فِي____الْأَكْلِ." اهـ[6]

 

فتح الباري لابن حجر (10/ 292)

قَوْلُهُ وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ حَدِيثَ حُذَيْفَةَ مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ لَيْسَ فِيهَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهِيَ قَوْلُهُ وَأَنْ نَجْلِسَ عَلَيْهِ وَهِيَ حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِمَنْ قَالَ بِمَنْعِ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَالْكُوفِيِّينَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ،[7]

وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ : بِأَنَّ لَفْظَ نَهَى لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّحْرِيمِ، وَبَعْضُهُمْ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ وَرَدَ عَنْ مَجْمُوعِ اللُّبْسِ وَالْجُلُوسِ لَا عَنِ الْجُلُوسِ بمفرده[8]،

وَهَذَا يرد على بن بَطَّالٍ دَعْوَاهُ أَنَّ الْحَدِيثَ نَصٌّ فِي تَحْرِيمِ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِنَصٍّ بَلْ هُوَ ظَاهر.

وَقد أخرج بن وَهْبٍ فِي جَامِعِهِ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ :

"لَأَنْ أَقْعُدَ عَلَى جَمْرِ الْغَضَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْعُدَ عَلَى مَجْلِسٍ مِنْ حَرِيرٍ."

وَأَدَارَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازَ وَالْمَنْعَ عَلَى اللُّبْسِ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ فِيهِ، قَالُوا : "وَالْجُلُوسُ لَيْسَ بِلُبْسٍ."

وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِحَدِيثِ أَنَسٍ : "فَقُمْتُ إِلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ."

وَلِأَنَّ لُبْسَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسْبِهِ[9]،

وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ النِّسَاءِ مِنَ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ خِطَابَ الذُّكُورِ لَا يتَنَاوَل الْمُؤَنَّث على الراجح.

وَلَعَلَّ الَّذِي قَالَ بِالْمَنْعِ تَمَسَّكَ فِيهِ بِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْعِ اسْتِعْمَالِهِنَّ آنِيَةَ الذَّهَبِ مَعَ جَوَازِ لُبْسِهِنَّ الْحُلِيَّ مِنْهُ فَكَذَلِكَ يَجُوزُ لُبْسُهُنَّ الْحَرِيرَ وَيُمْنَعْنَ مِنَ اسْتِعْمَالِهِ، وَهَذَا الْوَجْهُ صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ الْجَوَازَ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَنْعِ افْتِرَاشِ الرَّجُلِ الْحَرِيرَ مَعَ امْرَأَتِهِ فِي فِرَاشِهَا.

وَوَجْهُهُ الْمُجِيزُ لِذَلِكَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِرَاشُ الرَّجُلِ فَكَمَا جَازَ لَهُ أَنْ يَفْتَرِشَهَا وَعَلَيْهَا الْحلِيّ من الذَّهَب وَالْحَرِير فَكَذَلِك يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَجْلِسَ وَيَنَامَ مَعَهَا عَلَى فِرَاشِهَا الْمُبَاحِ لَهَا.

تَنْبِيهٌ :

الَّذِي يُمْنَعُ مِنَ الْجُلُوسِ عَلَيْهِ هُوَ مَا مُنِعَ مِنْ لُبْسِهِ وَهُوَ مَا صُنِعَ مِنْ حَرِيرٍ صِرْفٍ أَوْ كَانَ الْحَرِيرُ فِيهِ أَزْيَدَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا سبق تَقْرِيره." اهـ

 

الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1/ 318) :

"وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ مُحَرَّمٌ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لِنَهْيِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ وَكَرِهَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْوُضُوءَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛

وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَرَّمَ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ اسْتِعْمَالِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِهَا، كَانَ كَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ الْوُضُوءُ فِيهَا، لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ فِيهَا مُسْتَعْمِلٌ لَهَا وَمُنْتَفِعٌ بِهَا.

وَمِمَّنْ كَرِهَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ،[10]

وَلَوْ تَوَضَّأَ مُتَوَضِّئٌ فِيهَا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِعَادَةُ، وَفِعْلُهُ مَعْصِيَةٌ[11]،

وَقَدْ ذُكِرَ عَنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ وَالِادِّهَانِ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَلَا يَرَى بَأْسًا بِالْمُفَضَّضِ، وَكَانَ لَا يَرَى بِالْوُضُوءِ مِنْهُ بَأْسًا." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 499) لفيصل بن عبد العزيز الحريملي :

"خص الأكل والشرب بالذكر، لأنهما أغلب أنواع الاستعمال، وإلا فسائر استعمال الذهب والفضة حرام.

وفيه : تحريم الجلوس على الحرير، وهو قول الجمهور." اهـ

 

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (ص: 1113) :

"وفي الصحيح نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الشرب في آنية الذهب والفضةِ والأكل فيهما [خ]، وذلك للسرفِ والتشبه بالأعاجم، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة) [خ م]. وهذا نهي محرَّم باتفاق لأنه اقترن به وعيدٌ." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 118) للعثيمين :

"ففي هذا الحديث:

* أولا: تحريم آنية الذهب والفضة؛ لأن الأصل في النهي التحريم، ولأن في الحديث إشارة إلى أن من أكل أو شرب فيهما فإنه حري أن يحرمهما في الآخرة؛ لأن الله لم يبح ذلك لنا إلا في الآخرة.

* ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا فرق بين الآنية الكبيرة أو الصغيرة، أو الأكل الكثير أو الشرب اليسير، حتى لو جرعة من الماء في ملعقة فهي حرام، وكذلك أيضا لو كانت لقمة واحدة في ملعقة فهي حرام، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه". إذن نجتنب الأكل كله والشرب كله، ما نأكل لا بقليل ولا بكثير، ولا بآنية صغيرة.

* ومن فوائد هذا الحديث: حسن تعليم الرسول - عليه الصلاة والسلام- وذلك لذكر العلة عند ذكر الحكم؛ لأن ذكر العلة يوجب الطمأنينة واستقرار القلب، وكذلك يبين سمو الشريعة وأنه ليس فيها حكم إلا مقرون بحكمه، وهذه من أحسن التعليم وأبين البيان.

* ومن فوائد الحديث: جواز استعمال آنية الذهب والفضة في غير الأكل والشرب؛ لأن النهي عن الأكل والشرب فقط، فلو استعمل الإنسان آنية الذهب والفضة في أدوية يخزنها، أو في دارهم، أو في أي حاجة من الحاجات غير الأكل والشرب؛ فإنه لا بأس بها؛

وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح الناس وأنصح الناس وأعم الناس، ولو كان استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب حراما لبينه الرسول _عليه الصلاة والسلام_ بيانا واضحا، حتى لا يبقى إشكال،

ثم إن قول حذيفة رضي الله عنه: "إني أخبركم أني قد نهيت أن يسقيني بها".

يدل على أن حذيفة كانت عنده هذه الآنية، لكنه لا يستعملها في أكل أو شرب، وهذا واضح، ولا ينبغي لنا إطلاقا إذا ذكر الشارع شيئا خاصا أن نعممه؛ لأن ذلك يعني أنا ضيقنا ما وسعه الشارع،

ومعلوم أننا نتعبد بما دل عليه الكتاب والسنة لا نحجر على عباد الله، وفيه ثلاثة أمور: اتخاذ واستعمال في غير الأكل والشرب، واستعمال في الأكل والشرب. والاستعمال في الأكل والشرب حرام لا إشكال فيه، بل ظاهر النص أنه من كبائر الذنوب.

الاتخاذ الخلاف فيه معروف بمعنى: يتخذه الإنسان إما زينة أو لسبب من الأسباب لكن لا يستعملها، هذا الخلاف فيه معروف،

الاستعمال حكى بعض الناس أن العلماء أجمعوا على التحريم ولكن ليس بصحيح، لا يوجد فيه إجماع، وقد أنكر الشوكاني رحمه الله في نيل الأوطار____هذا إنكار عظيما وقال: إن السنة تدل على أن المحرم وهو الأكل والشرب فقط، والقياس ممنوع ولا يصح، وما ذهب إليه الشوكاني رحمه الله هو الذي تدل عليه الأدلة، وأن المحرم هو استعمالها في الأكل والشرب، وسيأتينا في حديث أم سلمة في النهي عن الشرب في إناء الفضة، وأنها هي _رضي الله عنها_ اتخذت جلجلا من فضة." اهـ

 

إعلام الموقعين عن رب العالمين (2/ 264)

وَلَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا النَّصُّ لَكَانَ النَّهْيُ عَنْ لُبْسِهِ مُتَنَاوِلًا لِافْتِرَاشِهِ كَمَا هُوَ مُتَنَاوِلٌ لِلِالْتِحَافِ بِهِ، وَذَلِكَ لُبْسٌ لُغَةً وَشَرْعًا كَمَا قَالَ أَنَسٌ: قُمْت إلَى حَصِيرٍ لَنَا قَدْ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ، وَلَوْ لَمْ يَأْتِ اللَّفْظُ الْعَامُّ الْمُتَنَاوِلُ لِافْتِرَاشِهِ بِالنَّهْيِ لَكَانَ الْقِيَاسُ الْمَحْضُ مُوجِبًا لِتَحْرِيمِهِ، إمَّا قِيَاسُ الْمِثْلِ أَوْ قِيَاسُ الْأَوْلَى؛ فَقَدْ دَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ الِافْتِرَاضِ النَّصُّ الْخَاصُّ وَاللَّفْظُ الْعَامُّ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ، وَلَا يَجُوزُ رَدُّ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ: {خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا} [البقرة: 29] وَمِنْ الْقِيَاسِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْحَرِيرُ بِطَانَةَ الْفِرَاشِ دُونَ ظِهَارَتِهِ؛ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ التَّحْرِيمُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ، وَالْفَرْقُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مُبَاشَرَةُ الْحَرِيرِ وَعَدَمُهَا كَحَشْوِ الْفِرَاشِ بِهِ؛ فَإِنْ صَحَّ الْفَرْقُ بَطَلَ الْقِيَاسُ، وَإِنْ بَطَلَ الْفَرْقُ مُنِعَ الْحُكْمُ، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِعُمُومِ النَّهْيِ عَنْ افْتِرَاشِ الْحَرِيرِ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ فَحَرَّمُوهُ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْخُرَاسَانِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَقَابَلَهُمْ مَنْ أَبَاحَهُ لِلنَّوْعَيْنِ، وَالصَّوَابُ التَّفْصِيلُ وَأَنَّ مَنْ أُبِيحَ لَهُ لُبْسُهُ أُبِيحَ لَهُ افْتِرَاشُهُ وَمَنْ حُرِّمَ عَلَيْهِ حُرِّمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ، وَهِيَ طَرِيقَةُ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ." اهـ

 

مجموع فتاوى ابن باز (6/ 378)

الأواني من الذهب والفضة محرمة بالنص والإجماع وقد ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تشربوا في آنية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (2) » متفق على صحته من حديث حذيفة رضي الله عنه، وثبت أيضا عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الذي يأكل ويشرب في آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم (3) » متفق على صحته من حديث أم سلمة رضي الله عنها وهذا لفظ مسلم.

فالذهب والفضة لا يجوز اتخاذهما أواني، ولا الأكل ولا الشرب فيها، وهكذا الوضوء والغسل، هذا كله محرم بنص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.

والواجب منع بيعها حتى لا يستعملها المسلم، وقد حرم الله عليه استعمالها فلا تستعمل في الشراب ولا في الأكل ولا في غيرهما، ولا يجوز أن يتخذ منها ملاعق ولا أكواب للقهوة أو الشاي كل هذا ممنوع؛ لأنها نوع من الأواني.

فالواجب على المسلم الحذر مما حرم الله عليه وأن يبتعد عن الإسراف والتبذير والتلاعب بالأموال، وإذا كان عنده سعة من الأموال فعنده الفقراء يتصدق عليهم، عنده المجاهدون في سبيل الله يعطيهم في سبيل الله يتصدق لا يلعب بالمال، المال له___حاجة وله من هو محتاج، فالواجب على المؤمن أن يصرف المال في جهته الخيرية كمواساة الفقراء والمحاويج وفي تعمير المساجد والمدارس وفي إصلاح الطرقات، وفي إصلاح القناطر، وفي مساعدة المجاهدين والمهاجرين الفقراء، وفي غير ذلك من وجوه الخير كقضاء دين المدينين العاجزين، وتزويج من لا يستطيع الزواج كل هذه طرق خيرية يشرع الإنفاق فيها.

أما التلاعب بها في أواني الذهب والفضة أو ملاعق أو أكواب منها أو مواسير وأشباه ذلك، كل هذا منكر يجب تركه والحذر منه، ويجب على من له شأن في البلاد التي فيها هذا العمل من العلماء والأمراء إنكار ذلك وأن يحولوا بين المسرفين وبين هذا التلاعب والله المستعان." اهـ

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (17/ 50)

وهذا الحديث دليلٌ على تحريم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب ، ويلحق بهما ما في معناهما مثل : التطيب ، والتكحل ، وما شابه ذلك . وبتحريم ذلك قال جمهور العلماء سلفًا وخلفًا . وروي عن بعض السلف إباحة ذلك . وهو خلاف شاذٌّ مطرح للأحاديث الصحيحة الكثيرة في هذا الباب .

 

العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (3/ 1654_1655)

وليس في الحديث حجةٌ لمن يقول: الكفار غير مخاطبين بفروع الشرع؛ لأنه لم يصرح بإباحتها لهم، وإنما أخبر عن الواقع في العادة أنهم هم الذين يستعملونه في الدنيا، وإن كان حرامًا عليهم كما هو حرام على المسلمين، وإنما__ذكر ذلك تنبيهًا على تحريم التشبه بهم فيما يعانونه من أمور الدنيا؛ تأكيدًا للمنع منه." اهـ

 

العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (3/ 1655)

وذكر أصحاب الشافعي أنه يجوز لبس الديباج الثخين الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح حالة القتال، وكأنهم يجعلون ذلك من الأمور المحتاج إليها أنها كإذنه - صلى الله عليه وسلم - في لبس الحرير للحكة، والله أعلم.

وفيه دليل: على تحريم استعمال أواني الذهب والفضة مطلقًا، وتخصيص الشرب والأكل بالنهي دون غيرهما من الحالات؛ لكونهما الغالب في الاستعمال، لا لتقييده بهما.

وللشافعي قول ضعيف: أن المنع منهما للتنزيه، وهو متفق على ضعفه.

واختلف في تعليل المنع منهما، فقيل: للسرف والخيلاء. وقيل: لتعليل النقدين؛ حيث إن الحكمة اقتضت الانتفاع بهما في المعاملات، فلا يُضيَّق على الناس في ذلك؛ بجعلهما في غيره، والله أعلم.

وفيه: التنبيه على منع التشبه بالكفار.

وفيه: التحضيض على الصبر عن ذلك احتسابًا لنيله في الآخرة؛ حيث إنها الباقية، وما عداها فانٍ، والتعلق بالباقي خير من التعلق بالزائل الفاني، والله أعلم.

 

فيض القدير (6/ 317)

(نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة) والنهي للتحريم لثبوت الوعيد عليه بالنار في عدة أخبار

 

التحبير لإيضاح معاني التيسير (1/ 415)

قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أنه لا يجوز لمسلم أن يأكل، أو يشرب في آنية الذهب، والفضة بعد علمه بالنهي.

 

سبل السلام (1/ 39)

وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَصِحَافِهِمَا، سَوَاءٌ كَانَ الْإِنَاءُ خَالِصًا ذَهَبًا أَوْ مَخْلُوطًا بِالْفِضَّةِ إذْ هُوَ مِمَّا يَشْمَلُهُ أَنَّهُ إنَاءُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: إنَّهُ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهِمَا.

 

نيل الأوطار (1/ 91)

وَلَا شَكَّ أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ.

وَأَمَّا سَائِرُ الِاسْتِعْمَالَاتِ فَلَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قِيَاسٌ مَعَ فَارِقٍ، فَإِنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ عَنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ هِيَ التَّشَبُّهُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ حَيْثُ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَذَلِكَ مَنَاطٌ مُعْتَبَرٌ لِلشَّارِعِ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ لَمَّا رَأَى رَجُلًا مُتَخَتِّمًا بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: «مَا لِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟» أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ، وَكَذَلِكَ فِي الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا لَزِمَ تَحْرِيمُ التَّحَلِّي بِالْحُلِيِّ وَالِافْتِرَاشِ لِلْحَرِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْمَالٌ، وَقَدْ جَوَّزَهُ الْبَعْضُ مِنْ الْقَائِلِينَ بِتَحْرِيمِ الِاسْتِعْمَالِ.

وَأَمَّا حِكَايَةُ النَّوَوِيِّ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى تَحْرِيمِ الِاسْتِعْمَالِ فَلَا تَتِمُّ مَعَ مُخَالَفَةِ دَاوُد وَالشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ الْإِمَامُ الْمَهْدِيُّ فِي الْبَحْرِ عَلَى نِسْبَةِ ذَلِكَ إلَى أَكْثَرِ الْأُمَّةِ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ مَا فِي حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ مِنْ النِّزَاعِ وَالْإِشْكَالَاتِ الَّتِي لَا مَخْلَصَ عَنْهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إلَّا بِدَلِيلِ يُسَلِّمهُ الْخَصْمُ، وَلَا دَلِيلَ فِي الْمَقَامِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَالْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ الْمُعْتَضَدِ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ وَظِيفَةُ الْمُنْصِفِ الَّذِي لَمْ يُخْبَطْ بِسَوْطِ هَيْبَةِ الْجُمْهُورِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ أَيَّدَ هَذَا الْأَصْلَ حَدِيثُ «وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا» . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد،

وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَلَفَ «أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ جَاءَتْ بِجُلْجُلٍ مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ شَعْرٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ فَخَضْخَضَتْ» . الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ وَقَدْ سَبَقَ،

وَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْعِلَّةَ فِي التَّحْرِيمِ: الْخُيَلَاءُ أَوْ كَسْرُ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ الْأَوَانِي مِنْ الْجَوَاهِرِ النَّفِيسَةِ وَغَالِبُهَا أَنْفَسُ وَأَكْثَرُ قِيمَةً مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْهَا إلَّا مَنْ شَذَّ.

وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الصَّبَّاغِ فِي الشَّامِلِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْجَوَازِ وَتَبِعَهُ الرَّافِعِيُّ وَمَنْ بَعْدَهُ. وَقِيلَ: الْعِلَّةُ: التَّشَبُّهُ بِالْأَعَاجِمِ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ لِثُبُوتِ الْوَعِيدِ لِفَاعِلِهِ وَمُجَرَّدُ التَّشَبُّهِ لَا يَصِلُ إلَى ذَلِكَ،.

وَأَمَّا اتِّخَاذُ الْأَوَانِي، بِدُونِ اسْتِعْمَالٍ، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى مَنْعِهِ، وَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ." اهـ

 

المنهل الحديث في شرح الحديث (4/ 98)

-[ويؤخذ من الحديث: ]-

1 - تحريم الحرير الخالص بأنواعه على الرجال دون النساء

2 - تحريم أواني الذهب والفضة استعمالا واقتناء

3 - الحض على مخالفة الكفار في عاداتهم وتقاليدهم



[1]  قد مر بنا برقم [778] عن أُمِّ سلمة رضي الله عنها : أنَّ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الَّذِي يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ، إنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» . متفقٌ عَلَيْهِِ.

وفي رواية لمسلم: «إنَّ الَّذِي يَأكُلُ أَوْ يَشْرَبُ في آنِيَةِ الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ»

[2]  وفي فتح الباري لابن حجر (10/ 98)

وَاخْتُلِفَ فِي اتِّخَاذِ الْأَوَانِي دُونَ اسْتِعْمَالِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالْأَشْهَرُ الْمَنْعُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَرَخَّصَتْ فِيهِ طَائِفَةٌ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعِلَّةِ فِي مَنْعِ الِاسْتِعْمَالِ." اهـ

وفي شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (2/ 309) لابن دقيق العيد : "والحديثُ الصحيح في التوعد عليه بالنار يُوجب الجزمَ بالتحريم، ويُبطل القول بالكراهة." اهـ

[3]  وفي القبس في شرح موطأ مالك بن أنس (ص: 1104_1105) لابن العربي المالكي :

"وأجمعت الأمة على أن استعمالها في غير الأكل____والشرب حرام لأنَ النهي عن الأكلِ والشرب لم يكن لذاتيهما، وإنما كانَ لينبه بذلك على تحريم استعمالهما في كل شيء وخص الأكل والشربَ لأنه الغالب، وإذا ثبت أن استعمالهما حرام لم يجز اتخاذهما لأن اتخاذهما لا منفعة فيه إلا للمعصية كالطنبور والصليب." اهـ

[4]  وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال (6/ 81_82) :

"العلماء متفقون أنه لا يجوز الأكل والشرب فى آنية الذهب والفضة؛ لأن ذلك من باب السرف، إذ جعل الله الذهب والفضة قوامًا للناس وأثمانًا لمعايشهم وقيمًا للأشياء، فكره استعمالها فى غير____ذلك إلا ما أباحته السنة للرجال من السيف والخاتم والمصحف، والحلى للنساء." اهـ

وفي التوضيح لشرح الجامع الصحيح (27/ 231) لابن الملقن :

"فأمَّا ما ذكره من تحلية السيف فهو بالفضة. وأمَّا الخاتم، فمن الفضة. والمصحف يحلى بالفضة للرجل، وللمرأة بذهب، وأمَّا الحلي فإجماع." اهـ

[5]  وفي تحفة الأحوذي (5/ 510) للمباركفوري :

"قُلْتُ : وَقَدْ أَجَازَ الْأَمِيرُ الْيَمَانِيُّ وَالْقَاضِي الشَّوْكَانِيُّ اسْتِعْمَالَ الْأَوَانِي مِنَ الْفِضَّةِ فِي غَيْرِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ كَالتَّطَيُّبِ وَالتَّكَحُّلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ الْأَمِيرُ فِي السُّبُلِ الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَصِحَافِهِمَا سَوَاءٌ أَكَانَ الْإِنَاءُ خَالِصًا ذَهَبًا أَوْ مَخْلُوطًا بِالْفِضَّةِ إِذْ هُوَ مِمَّا يَشْمَلُهُ أَنَّهُ إِنَاءُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ قَالَ وَهَذَا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيمَا ذُكِرَ لَا خِلَافَ فِيهِ وَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَفِيهَا الْخِلَافُ مِنْ سَائِرِ الِاسْتِعْمَالَاتِ قِيلَ لَا تَحْرُمُ لِأَنَّ النَّصَّ لَمْ يَرِدْ إِلَّا فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَقِيلَ تَحْرُمُ سَائِرُ الِاسْتِعْمَالَاتُ إِجْمَاعًا وَنَازَعَ فِي الْأَخِيرِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَالَ النَّصُّ فِي الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لَا غَيْرُ وَإِلْحَاقُ سَائِرِ الِاسْتِعْمَالَاتِ بِهِمَا قِيَاسًا لَا يَتِمُّ فِيهِ شَرَائِطُ الْقِيَاسِ وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْقَائِلُ بِعَدَمِ تَحْرِيمِ غَيْرِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فِيهِمَا إِذْ هُوَ الثَّابِتُ بِالنَّصِّ وَدَعْوَى الْإِجْمَاعِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ السُّبُلِ مُخْتَصَرًا

قَالَ الشَّوْكَانِيُّ فِي النَّيْلِ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَحَادِيثَ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَأَمَّا سَائِرُ الِاسْتِعْمَالَاتِ فَلَا وَالْقِيَاسُ عَلَى الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ هِيَ التَّشَبُّهُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ حَيْثُ يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَّةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَذَلِكَ مَنَاطٌ مُعْتَبَرٌ لِلشَّارِعِ كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ لَمَّا رَأَى رَجُلًا مُتَخَتِّمًا بِخَاتَمٍ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ مَالِي أَرَى عَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ الْجَنَّةِ." أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ.

وَكَذَلِكَ فِي الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا لَزِمَ تَحْرِيمُ التَّحَلِّي بِالْحُلِيِّ وَالِافْتِرَاشِ لِلْحَرِيرِ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِعْمَالٌ وَقَدْ جَوَّزَهُ الْبَعْضُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِتَحْرِيمِ الِاسْتِعْمَالِ

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَصْلَ الْحِلُّ فَلَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ إِلَّا بِدَلِيلٍ يُسَلِّمُهُ الْخَصْمُ وَلَا دَلِيلَ في المقام بهذ الصِّفَةِ فَالْوُقُوفُ عَلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ الْمُعْتَضِدِ بِالْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ هُوَ وَظِيفَةُ الْمُنْصِفِ الَّذِي لَمْ يُخْبَطْ بِسَوْطِ هَيْبَةِ الْجُمْهُورِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ أَيَّدَ هَذَا الْأَصْلَ حَدِيثُ وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِالْفِضَّةِ فَالْعَبُوا بِهَا لَعِبًا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا سَلَفَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ جَاءَتْ بِجُلْجُلٍ مِنْ فِضَّةٍ فِيهِ شَعْرٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّه فَخَضْخَضَتِ الْحَدِيثَ انْتَهَى كَلَامُ الشَّوْكَانِيِّ بِاخْتِصَارٍ." اهـ

وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 300) :

"وقد روى عن جماعة من العلماء أنهم أجازوا الوضوء فى آنية الفضة، وهم يكرهون الأكل والشرب فيها." اهـ

[6]  وفي الاستذكار (8/ 351) لابن عبد البر :

"وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ اتِّخَاذِ أَوَانِي الْفِضَّةِ بَعْدَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهَا لِشُرْبٍ وَلَا غَيْرِهِ

فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا كَمَا يَجُوزُ اتِّخَاذُ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَلَكِنَّهَا لَا يُسْتَعْمَلُ شَيْءٌ مِنْهَا وَتُزَكَّى إِنِ اتُّخِذَتْ

وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا وَلَا اسْتِعْمَالُهَا وَمَنِ اتَّخَذَهَا كَانَ عَاصِيًا بِاتِّخَاذِهَا

قَالَ أَبُو عُمَرَ مَعْلُومٌ أَنَّ مَنِ اتَّخَذَهَا لَا يَسْلَمُ مِنْ بِيعَهَا أَوِ اسْتِعْمَالِهَا لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَأْكُولَةً وَلَا مَشْرُوبَةً فَلَا فَائِدَةَ فِيهَا غَيْرَ اسْتِعْمَالِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ اتِّخَاذُهَا عِنْدَ جَمَاعَةِ الفقهاء وجمهور العلماء

وكلهم مُجْمِعُونَ عَلَى إِيجَابِ الزَّكَاةِ فِيهَا عَلَى مُتَّخِذِهَا إِذَا بَلَغَتِ النِّصَابَ مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ." اهـ

[7]  البدر التمام شرح بلوغ المرام (4/ 108) للمغربي :

"وقوله : (أن نجلس عليه) فيه دلالة على تحريم الجلوس على الحرير، وهو قول الجمهور، وقال به عمر وأبو عبيدة وسعد بن أَبي وقاص، وهذ الحديث حجة واضحة، وهو متفق على صحته، والخلاف في ذلك للقاسم وأبي طالب والمنصور وأبي حنيفة وأصحابه، فقالوا : يجوز افتراشه إذ هو موضع إهانة، وقياسًا____على الوسائد المحشوة قزا، وقال به ابن عباس وأنس وهذا التعليل لا يعارض النهي المذكور. والله أعلم." اهـ

[8]  وفي سبل السلام (1/ 457) للصنعاني : "قُلْت : وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُ هَذَا الْقَائِلِ، وَالْإِخْرَاجُ عَنْ الظَّاهِرِ بِلَا حَاجَةٍ!" اهـ

[9]  وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (2/ 636) للقاضي عياض :

"وفيه : حجة أن الافتراش لبسٌ وأن المفترش والمتوطأ والمتكأ عليه كله ملبوس، وأن من حلف ألا يلبس ثوباً ولم يكن له نيةٌ معينة فافترشه أنه حانث، وفيه حجة أن افتراش الحرير حرام؛ إذ هو من جملة اللباس المنهى عنه، على أن فى الحديث الصحيح النص على النهى عن الجلوس عليه، وهو مشهور مذهب مالك وكافة العلماء، خلافاً لعبد الملك بن الماجشون ومن قال بقوله فى إجازة الافتراش على ما نذكره بعد فى موضعه." اهـ

وفي التوضيح لشرح الجامع الصحيح (27/ 678) لابن الملقن : في افتراشه للنساء عندنا خلاف واختلف في الصحيح، والأصح: الحل." اهـ

وفي سبل السلام (1/ 458) : "وَأَمَّا افْتِرَاشُ النِّسَاءِ لِلْحَرِيرِ فَالْأَصْلُ جَوَازُهُ، وَقَدْ أُحِلَّ لَهُنَّ لُبْسُهُ وَمِنْهُ الِافْتِرَاشُ، وَمَنْ قَالَ بِمَنْعِهِنَّ عَنْ افْتِرَاشِهِ فَلَا حُجَّةَ لَهُ."اهـ

[10]  وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (3/ 89) للعيني : "قلت : أَبُو حنيفَة كَانَ يكره الْأكل فِي آنِية الذَّهَب أَيْضا، وَالْمرَاد من الْكَرَاهَة: كَرَاهَة التَّحْرِيم." اهـ

[11]  إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 562) للقاضي عياض :

"وأجمع العلماء أن الأكل والشرب فى آنية الفضة والذهب واستعمالها لا يحل، وما روى عن بعض السلف (3) فى إجازة ذلك فشاذ، والظن به أنه لم يبلغه السنة فى ذلك.

واختلفوا فى اقتنائها لغير الاستعمال، فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء: أنه لا يجوز، وذهبت طائفة من العلماء إلى جواز اتخاذها دون استعمالها، كاتخاذ ثياب الحرير واقتنائها، وذهب بعض شيوخنا إلى تخريج ذلك من مسائلنا فى التجارة بها، ولشيوخنا فى هذه المسائل تأويلات معروفة.

واختلف فى المتوضئ من ذلك، فعندنا: أنه يصح مع تحريم فعله." اهـ

رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام (5/ 486) : "وأما أواني الذهب والفضة، فالإجماعُ على تحريم استعمالها (3) للرجال والنساء. وفي اقتنائها عندنا قولان: والأصح: التحريم، وإن كان لم يختلف في تملكها." اهـ

قلت : اِقْتَنَى التَّاجِرُ ثَرْوَةً هَائِلَةً : جَمَعَها، اِتَّخَذَها لِنَفْسِهِ يَقْتَنِي الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ، يَقْتَنِي تُحَفاً أثَرِيَّةً : يَجْمَعُها وَيَخْتارُها لِلاحْتِفاظِ بِها.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين