شرح الحديث 119 من الأدب المفرد

 

66- باب لا يؤذى جاره

 

119 - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مَوْلَى جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

"قِيلَ لِلنَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

"يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةً تَقُومُ اللَّيْلَ، وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟"

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

«لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»،

قَالُوا: وَفُلَانَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَّدَّقُ بِأَثْوَارٍ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: «هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ»

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ (ثقة حافظ: 228 هـ):

مسدد بن مسرهد بن مسربل بن مستورد الأسدي، أبو الحسن البصري (ويقال: اسمه عبد الملك بن عبد العزيز، ومسددٌ لَقَبٌ)، روى له:  خ د ت س 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ (ثقة، فى حديثه عن الأعمش وحده مقال: 176 هـ):

عبد الواحد بن زياد العبدي مولاهم، أبو بشر البصري، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ (ثقة حافظ: ت 147 أو 148 هـ):

سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم، أبو محمد الكوفي الأعمش (وكاهل: هو ابن أسد بن خزيمة)، من صغار التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 عارف بالقراءات، ورع ، لكنه يدلس

 

قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى مَوْلَى جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ (مقبول)[1]:

أبو يحيى المدني، مولى آل جعدة بن هبيرة المخزومي (حديثه فى الكوفيين)، طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  بخ م ق

 

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ (57 هـ):

أبو هريرة الدوسي اليماني (حافظ الصحابة، اختلف فى اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، والمشهور أنه عبد الرحمن بن صخر الدوسي)، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ:

"قِيلَ لِلنَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

"يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ فُلَانَةً تَقُومُ اللَّيْلَ، وَتَصُومُ النَّهَارَ، وَتَفْعَلُ، وَتَصَّدَّقُ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا؟"

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

«لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ»،

قَالُوا: وَفُلَانَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَّدَّقُ بِأَثْوَارٍ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا؟

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: «هِيَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ»

 

وفي "الجامع" لابن وهب (ص: 431) (رقم: 315):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: " قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ: امْرَأَةٌ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «لَا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ فِي النَّارِ» . وَقِيلَ: امْرَأَةٌ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَصَّدَّقُ مِنْ أَثْوَارِ الْأَقِطِ، وَلَا تُؤْذِي أَحَدًا بِلِسَانِهَا، قَالَ: «هِيَ فِي الْجَنَّةِ»

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 54) (رقم: 119)، وابن وهب في "الجامع" – ت. مصطفى أبو الخير (ص: 431) (رقم: 315)، وإسحاق بن راهويه في "مسنده" (1/ 311) (رقم: 293)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (2/ 440) (رقم: 9675)، هناد بن السري في "الزهد" (2/ 505)، والحسين بن حرب المروزي في "البر والصلة" (ص: 124) (رقم: 242)، والخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (ص: 177 و 275) (رقم: 373 و 585)، وابن حبان في "صحيحه" (13/ 76) (رقم: 5764)، وابن سمعون الواعظ البغدادي في "الأمالي" (ص: 133) (رقم: 82)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (4/ 183_184) (رقم: 7304_7305)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (12/ 94_95) (رقم: 9098_9099)، والآبَنُوسِيِّ  في "مشيخته" (2/ 18) (رقم: 131)، والشجَري كما في "ترتيب الأمالي الخميسية" (1/ 43) (رقم: 139)، الفوائد المنتقاة الحسان للخلعي (الخلعيات) رواية السعدي-مخطوط (ن) (1/ 261) (رقم: 319).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 682) (رقم: 2560)، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (8/ 251) (رقم: 5734)، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 369) (رقم: 190)، وقال عقبه:

"قلت: وإسناده صحيح رجاله كلهم ثقات معروفون غير أبي يحيى هذا، وقد بيَّض

له الحافظ في "التهذيب"، فلم يذكر توثيقه عن أحد،

وبناء عليه، قال في "التقريب": (مقبول. أي لين الحديث). وهذا منه عجيب، فقد روى ابن أبي حاتم (4 / 2 / 457) عن ابن معين أنه قال فيه: (ثقة). واعتمده الذهبي في "الميزان" فقال أيضا: "ثقة". ويقوي ذلك أن مسلما أخرج له حديثا واحدا، كما في "تهذيب الكمال". والحديث أخرجه البزار وابن أبي شيبة كما في " الترغيب " (4 / 235) وصحح إسناده." اهـ كلام الألباني _رحمه الله_.

 

من فوائد الحديث:

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3127):

"مَدَارُ أَمْرِ الدِّينِ عَلَى اكْتِسَابِ الْفَرَائِضِ وَاجْتِنَابِ الْمَعَاصِي، إِذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَحْصِيلِ الْفُضُولِ وَتَضْيِيعِ الْأُصُولِ، وَكَمَا هُوَ وَاقِعٌ فِيهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ وَكَثِيرٌ مِنَ الصُّلَحَاءِ، حَيْثُ لَمْ يَقُمِ الْأَوَّلُونَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَمَلِ، وَلَمْ يُحَصِّلِ الْآخَرُونَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعِلْم." اهـ

 

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (19/ 219)

فيه اشارة إلى انها كانت تقتصر على الفرائض دون النوافل اخذا من قوله من قلت صيامها الخ،

وعلى فرض أنها كانت تقتصر في الفرائض، يقال: إن الله _عز وجل_ أطْلَعَ نبيه على أنها ستتوب وتؤدي ما فرض عليها، وذلك ببركة إحْسَانِهَا إلى جيرانها، والله اعلم." اهـ

 

البر والصلة للحسين بن حرب (ص: 106)

بَابُ مَا جَاءَ فِي كَفْلِ الْيَتِيمِ وَأَدَبِهِ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (13/ 76)

ذِكْرُ الْإِخْبَارِ عَمَّا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ مِنْ تَرْكِ الْوَقِيعَةِ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ تَشْمِيرُهُ فِي الطَّاعَاتِ كَثِيرًا

 

 

وقال أحمد بن أبي بكر البوصيري الكناني الشافعي (المتوفى: 840هـ) _رحمه الله_ في "إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة" (5/ 490):

"9 - باب الترهيب من أذى الجار وما جاء في تأكيد حقه." اهـ

 

بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار للكلاباذي (ص: 158)

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِمَ مِنَ الَّتِي تُؤْذِي جِيرَانَهَا إِعْجَابًا بِعَمَلِهَا مِنْ صَوْمِ نَهَارِهَا، وَقِيَامِ لَيْلِهَا، وَأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَتْ تُؤْذِي جِيرَانَهَا ازْدِرَاءً بِهِمْ، وَتَصْغِيرًا لَهُمْ، وَتَحْقِيرًا إِيَّاهُمْ بِرُؤْيَةِ الْفَضْلِ لَهَا عَلَيْهِمْ، فَاسْتَوْجَبَتِ النَّارَ بِذَلِكَ، وَالَّذِي كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَيَسْرِقُ إِذَا أَصْبَحَ يَنْظُرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ التَّقْصِيرِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ مَا يَأْتِيهِ مِنَ السَّرِقَةِ مَعْصِيَةٌ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهَا، وَالرُّجُوعُ عَنْهَا، وَأَنَّ قِيَامَهُ بِاللَّيْلِ لِرُؤْيَةِ افْتِقَارِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَطَلَبًا لِلْخَلَاصِ مِمَّا يَرَى أَنَّهُ لَوْ يَسْتَوْجِبُ بِسَرِقَتِهِ هَذَا مِنَ الَّذِينَ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا، وَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى التَّوْبَةَ عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 102] ، وَعَسَى مِنَ اللَّهِ [ص:159] وَاجِبٌ، وَأَمَّا الَّتِي تُؤْذِي جِيرَانَهَا، فَإِنَّهَا لَا تَرَى أَذَاهَا مِنْهَا لَهُمْ مَعْصِيَةً، فَتَرَى عَلَيْهَا تَوْبَةً مِنْهَا؛ لِأَنَّهَا إِنَّمَا كَانَ أَذَاهَا لِجِيرَانِهَا عَلَى مَعْنَى اسْتِدْعَائِهَا مِنْهُمْ تَعْظِيمًا، وَرَفْعِ قَدْرِهَا، وَتَحَمُّلِ مُؤْنِهَا لِرُؤْيَةِ الْفَضْلِ لَهَا عَلَيْهِمْ، فَبَايَنَهَا مَوْتُهَا وَهِيَ مُصِرَّةٌ، فَتَسْتَوْجِبُ النَّارَ , فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُؤْذِيَةُ جِيرَانَهَا إِنَّمَا أُعْجِبَتْ بِصَلَاتِهَا وَصِيَامِهَا، أَحْبَطَ أَعْمَالَهَا إِعْجَابُهَا، فَلَمْ يَحْصُلْ لَهَا عَمَلٌ يَعُودُ بِبَرَكَتِهِ عَنْهَا، فَيَنْهَاهَا عَنْ إِيذَائِهَا جِيرَانَهَا، وَالَّذِي يَسْرِقُ إِذَا أَصْبَحَ حَصَّلَ لَهُ عَمَلُهُ افْتِقَارَهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، وِإِشْفَاقَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَعَادَتْ بَرَكَةُ مَا حُصِّلَ لَهُ مِنْ صَالِحِ عَمَلِهِ الَّذِي خَلَطَهُ بِسَيِّئِهِ، فَنَهَاهُ صَالِحُ عَمَلِهِ عَنْ سَيِّئِهِ

 

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 422)

(الْكَبِيرَةُ الْعَاشِرَةُ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ) : إيذَاءُ الْجَارِ وَلَوْ ذِمِّيًّا كَأَنْ يُشْرِفَ عَلَى حُرَمِهِ أَوْ يَبْنِيَ مَا يُؤْذِيهِ مِمَّا لَا يُسَوَّغُ لَهُ شَرْعًا." اهـ

 

الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 427)

تَنْبِيهٌ: عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً هُوَ صَرِيحُ مَا فِي الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ الصَّحِيحَةِ وَبِهِ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ. فَإِنْ قُلْت: إيذَاءُ الْمُسْلِمِ كَبِيرَةٌ مُطْلَقًا فَمَا وَجْهُ تَخْصِيصِ الْجَارِ؟ قُلْت: كَأَنَّ وَجْهَ التَّخْصِيصِ أَنَّ إيذَاءَ غَيْرِ الْجَارِ لَا بُدَّ فِيهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَقْعٌ بِحَيْثُ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً بِخِلَافِ إيذَاءِ الْجَارِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي كَوْنِهِ كَبِيرَةً أَنْ يَصْدُقَ عَلَيْهِ عُرْفًا أَنَّهُ إيذَاءٌ. وَوَجْهُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ لِمَا عُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ مِنْ تَأَكُّدِ حُرْمَةِ الْجَارِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي رِعَايَةِ حُقُوقِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجِيرَانَ ثَلَاثَةٌ: قَرِيبٌ مُسْلِمٌ فَلَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ: حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الْقَرَابَةِ. وَمُسْلِمٌ فَقَطْ فَلَهُ الْحَقَّانِ الْأَوَّلَانِ، وَذِمِّيٌّ فَلَهُ الْحَقُّ الْأَوَّلُ فَيَتَعَيَّنُ صَوْنُهُ عَنْ إيذَائِهِ،

وَيَنْبَغِي الْإِحْسَانُ إلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنْتِجُ خَيْرًا كَثِيرًا كَمَا فَعَلَ سَهْلٌ التُّسْتَرِيُّ بِجَارِهِ الْمَجُوسِيِّ، فَإِنَّهُ انْفَتَحَ مِنْ خَلَائِهِ مَحَلٌّ لِدَارِ سَهْلٍ يَتَسَاقَطُ مِنْهُ الْقَذَرُ،

فَأَقَامَ سَهْلٌ مُدَّةً يُنَحِّي لَيْلًا مِمَّا يَجْتَمِعُ مِنْهُ فِي بَيْتِهِ نَهَارًا، فَلَمَّا مَرِضَ، أَحْضَرَ الْمَجُوسِيَّ وَأَخْبَرَهُ، وَاعْتَذَرَ بِأَنَّهُ خَشِيَ مِنْ وَرَثَتِهِ أَنَّهُمْ لَا يَحْتَمِلُونَ ذَلِكَ فَيُخَاصِمُونَهُ،

فَعَجِبَ الْمَجُوسِيُّ مِنْ صَبْرِهِ عَلَى هَذَا الْإِيذَاءِ الْعَظِيمِ قَالَ: "لَهُ تُعَامِلُنِي بِذَلِكَ مُنْذُ هَذَا الزَّمَانِ الطَّوِيلِ، وَأَنَا مُقِيمٌ عَلَى كُفْرِي، مُدَّ يَدَك لِأُسْلِمَ."

فَمَدَّ يَدَهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ سَهْلٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -. فَتَأَمَّلْ نَتِيجَةَ الصَّبْرِ وَعَاقِبَتَهُ وَفَّقَنَا اللَّهُ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ آمِينَ." اهـ

 

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين (ص: 148)

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ حَقُّ الْجِوَارِ كَفَّ الْأَذَى فَقَطْ بَلِ احْتِمَالَ الْأَذَى، بَلْ لَا بُدَّ فَوْقَهُ مِنَ الرِّفْقِ وَإِسْدَاءِ الْخَيْرِ وَالْمَعْرُوفِ، وَحُكِيَ أَنَّ «ابن المقفع» ، بَلَغَهُ أَنَّ جَارًا لَهُ يَبِيعُ دَارَهُ فِي دَيْنٍ رَكِبَهُ وَكَانَ يَجْلِسُ___

موعظة المؤمنين من إحياء علوم الدين (ص: 149)

فِي ظِلِّ دَارِهِ فَقَالَ: «مَا قُمْتُ إِذًا بِحُرْمَةِ ظِلِّ دَارِهِ إِنْ بَاعَهَا مُعْدَمًا» فَدَفَعَ إِلَيْهِ ثَمَنَ الدَّارِ وَقَالَ: «لَا تَبِعْهَا» . وَجُمْلَةُ حَقِّ الْجَارِ أَنْ يُبْدَأَ بِالسَّلَامِ، وَلَا يُكْثَرَ عَنْ حَالِهِ السُّؤَالُ، وَيَعُودَهُ فِي الْمَرَضِ، وَيُعَزِّيَهُ فِي الْمُصِيبَةِ، وَيَقُومَ مَعَهُ فِي الْعَزَاءِ، وَيُهَنِّئَهُ فِي الْفَرَحِ، وَيُظْهِرَ الشَّرِكَةَ فِي السُّرُورِ مَعَهُ، وَيَصْفَحَ عَنْ زَلَّاتِهِ، وَلَا يَطَّلِعُ مِنَ السَّطْحِ إِلَى عَوْرَاتِهِ، وَلَا يُضَايِقُهُ فِي وَضْعِ الْجِذْعِ عَلَى جِدَارِهِ، وَلَا يُضَيِّقُ طَرِيقَهُ إِلَى الدَّارِ، وَلَا يُتْبِعُهُ النَّظَرَ فِيمَا يَحْمِلُهُ إِلَى دَارِهِ، وَيَسْتُرُ مَا يَنْكَشِفُ لَهُ مِنْ عَوْرَاتِهِ، وَيُنْعِشُهُ مِنْ صَرْعَتِهِ إِذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ، وَلَا يَغْفُلُ عَنْ مُلَاحَظَةِ دَارِهِ عِنْدَ غَيْبَتِهِ، وَلَا يَسْمَعُ عَلَيْهِ كَلَامًا، وَيَغُضُّ بَصَرَهُ عَنْ حُرْمَتِهِ، وَلَا يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى خَادِمَتِهِ وَيَتَلَطَّفُ لِوَلَدِهِ فِي كَلِمَتِهِ، وَيُرْشِدُهُ إِلَى مَا يَجْهَلُهُ مِنْ أَمْرِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ. هَذَا إِلَى جُمْلَةِ الْحُقُوقِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ." اهـ


 

مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار (2/ 64)

ومن ذلك أن حسن الخلق أمر لازم وشرط لا بد منه للنجاة من النار والفوز بالجنة وأن إهمال هذا الشرط لا يغني عنه الصلاة والصيام

 

الزهد لهناد بن السري (2/ 501)

بَابُ حَقِّ الْجَارِ

 

مساوئ الأخلاق للخرائطي (ص: 177)

بَابُ مَا جَاءَ فِي سُوءِ الْجِوَارِ مِنَ الْكَرَاهَةِ وَالذَّمِّ

 

مساوئ الأخلاق للخرائطي (ص: 274)

بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ الْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ



[1] وفي "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9/ 457) (رقم: 2342): "أبو يحيى مولى جعدة، روى عن أبى هريرة، روى عنه الأعمش. سمعتُ أبي يقول ذلك. نا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: أبو يحيى مولى جعدة ثقة." اهـ

وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام في كتاب الأحكام" (4/ 148):

"وَهُنَاكَ جمَاعَة تروي عَن أبي هُرَيْرَة، كل وَاحِد مِنْهُم يُقَال لَهُ: أَبُو يحيى، مِنْهُم مولى جعدة، وَهُوَ ثِقَة، وَآخر اسْمه قيس، روى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، ذكره مُسلم، وَآخر لَا يُسمى، روى عَنهُ صَفْوَان بن سليم، يعد فِي أهل الْمَدِينَة، ذكره ابْن أبي حَاتِم.

قَالَ أَبُو أَحْمد الْحَاكِم فِي كِتَابه فِي الكنى: خليق أَن يكون هَذَا قيسا الَّذِي روى عَنهُ بكير بن الْأَشَج، فَاعْلَم ذَلِك." اهـ

وذكره ابن حبان في الثقات (5/ 577).

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين