شرح الحديث 86-87 من صحيح الترغيب

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 145)

86 - (3) [حسن صحيح] وعن أبي أُمامةَ :

عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال :

"من غدا إلى المسجدِ لا يريد إلاّ أنْ يتعلم خيراً أو يُعلِّمه، كان له كأجرِ حاجٍّ، تامّاً حجَّتُهُ".

رواه الطبراني في "الكبير" بإسناد لا بأس به (2).

__________

(2) قلت: وقال الحافظ العراقي (2/ 317): "وإسناده جيد"، وفيه هشام بن عمار.

قلت: وأخرجه الحاكم (1/ 91) بلفظ: ". . . أجر معتمر تام العمرة". وزاد: "ومن راح إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيراً، أو يعلمه؛ فله أجر حاج تام الحجة". وصحّحه على شرط البخاري، ووافقه الذهبي.

 

ترجمة أبي أمامة الباهلي _رضي الله عنه_:

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 359) (رقم: 52): "أَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ * (ع): صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزِيلُ حِمْصَ. رَوَى: عِلْماً كَثِيْراً. " اهـ

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1602)

سكن أَبُو أمامة الباهلي مصر، ثم انتقل منها إِلَى حمص فسكنها، ومات بها، وَكَانَ من المكثرين فِي الرواية عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكثر حديثه عند الشاميين.

 

إكمال تهذيب الكمال (6/ 367) (رقم: 2499): "(ع) صدي بن عجلان بن وهب (ويقال: ابنِ عَمْرٍو) أبو أمامة الباهلي. وباهلة: هم بنو سعد مناة ومعن ابني مالك بن أعصر بن سعد بن قيس غيلان بن مضر.

 

مختصر تاريخ دمشق (11/ 77)

سكن أبو أمامة الشام، وسكن حمص، وهو الصدي بن عجلان بن وهب بن عَريب بن وهب بن رياح بن الحارث بن مَعْن بن مالك بن أعصُر. من أهل الشام.

 

مختصر تاريخ دمشق (11/ 78)

نُسب إلى باهلة. وباهلة بنت أود بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يشحب بن يعرب بن قحطان. هي امرأة معن بن زيد بن أعصُر بن قيس عيلان.

 

الأعلام للزركلي (3/ 203):

"صُدَيّ بن عَجْلان (000 - 81 هـ = 000 - 700 م)

صدي بن عجلان بن وهب الباهلي، أبو أمامة: صحابي. كان مع علي في (صفين) وسكن الشام، فتوفي في أرض حمص. وهو آخر من مات من الصحابة بالشام. له في الصحيحين 250 حديثا." اهـ

 

إكمال تهذيب الكمال (6/ 369):

"وفي «الاستيعاب»: "كان من المكثرين في الرواية. وذكره ابن منده في «الأرداف»." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360)

قَالَ سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. قُلْتُ لأَبِي أُمَامَةَ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360):

"وَرُوِيَ: أَنَّهُ بَايعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ." اهـ[1]

 

كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ) _رحمه الله_ في "بغية الطلب فى تاريخ حلب" (10/ 4328):

"أبو أمامة الباهلي: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه صدي بن عجلان، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، تقدم ذكره." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360)

وَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ.

قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ) .

فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ، وَامْرَأَتُهُ، وَخَادِمُهُ لاَ يُلْفَوْنَ إِلاَّ صِيَاماً." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 363)

قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ أَبُو أُمَامَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 736)

"توفي سنة إحدى وثمانين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة. ويقَالَ: مات سنة ست وثمانين.[2]

قَالَ سفيان بن عيينة: كان أبو أمامة الباهلي آخر من بقى بالشام من أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قال أبو عمر: قد بقى بالشام بعده عبد الله بن بسر، هو آخر من مات بالشام من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." اهـ

 

الطبقات الكبرى ط دار صادر (7/ 412)

قَالُوا: وَتُوُفِّيَ أَبُو أُمَامَةَ بِالشَّامِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً

 

تاريخ دمشق لابن عساكر (24/ 75)

عبد الصمد بن سعيد القاضي قال في تسمية من نزل حمص من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبو أمامة صدي بن عجلان سكن حمص ثم سلس بوله فاستأذن الوالي إلى أن يصير إلى دنوة، فأذن له، فمات بها، وخلف ابنا يقال له المغلس

 

تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 1022)

وقال الوليد بن مسلم: حدثنا ابن جَابِرٍ، عَنْ مَوْلاةٍ لِأَبِي أُمَامَةَ، قَالَتْ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ يُحِبُّ الصَّدَقَةَ، وَلا يَقِفَ بِهِ سائل إلا أعطاه، فأصبحنا يوما وليس عندنا إِلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ، فَوَقَفَ بِهِ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ دِينَارًا، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، قُلْتُ: "لَمْ يَبْقَ لَنَا شَيْءٌ."

ثُمَّ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِه صَائِمًا، فَرَقَقْتُ لَهُ، وَاقْتَرَضْتُ لَهُ ثَمَنَ عَشَاءٍ، وَأَصْلَحْتُ فِرَاشَهُ، فَإِذَا تَحْتَ الْمِرْفَقَةِ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ،

فَلَمَّا دَخَلَ وَرَأَى مَا هَيَّأْتُ لَهُ حَمَدَ اللَّهَ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: هَذَا خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَعَشَّى، فَقُلْتُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ جِئْتَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ،

قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: "الذَّهَبُ". وَرَفَعْتُ الْمِرْفَقَةَ، فَفَزِعَ لِمَا رَأَى تَحْتَهَا وَقَالَ: مَا هَذَا وَيْحَكِ! قُلْتُ: لا عِلْم لِي. فَكَثُرَ فَزَعُهُ." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360_361):

"عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:

أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَاهِلَةَ، فَأَتَيتُهُم، فَرَحَّبُوا بِي، فَقُلْتُ:

جِئْتُ لأَنْهَاكُم عَنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَأَنَا رَسُوْلُ رَسُوْلِ اللهِ لِتُؤْمِنُوا بِهِ.

فَكَذَّبُوْنِي، وَرَدُّونِي، فَانْطَلقتُ وَأَنَا جَائِعٌ ظَمْآنُ، فَنِمْتُ، فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي بِشَربَةٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبتُ، فَشَبِعتُ، فَعَظُمَ بَطْنِي.

فَقَالَ القَوْمُ: [أَتَاكُم] رَجُلٌ مِنْ___أَشْرَافِكُم وَخِيَارِكُم، فَرَدَدْتُمُوْهُ؟

قَالَ: فَأَتَوْنِي بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ، فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي.

فَنَظَرُوا إِلَى حَالِي؛ فآمَنُوا." اهـ

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (8/ 94) (رقم : 7473)، وفي "مسند الشاميين" (1/ 238) (رقم : 423)، المجروحين لابن حبان (2/ 225) (رقم: 898)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 169) (رقم : 311)، والبيهقي في "الآداب" (ص: 347) (رقم : 860)، وفي "المدخل إلى السنن الكبرى" (ص: 263) (رقم : 370)، والدولابي في "الكنى والأسماء" (1/ 439) (رقم : 785)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء وطبقات الأصفياء" (6/ 97)، تاريخ دمشق لابن عساكر (16/ 456)

 

شرح الحديث وفوائده:

 

الزهد لهناد بن السري (2/ 471)

بَابُ فَضْلِ الْمَسْجِدِ وَالْجُلُوسِ فِيهِ

 

فضائل الأعمال للمقدسي (ص: 118)

فضل من يعلم النَّاس

 

تفسير الموطأ للقنازعي (1/ 204_205):

* قَوْلُ أَبي بَكرِ بن عبدِ الرحمن: "مَنْ غدَا أو رَاحَ إلى المَسجِدِ لَا يُرِيدُ غَيْرَهُ لِيتعلَّمَ خَيْرَاً أَو لِيُعَلِّمُهُ كَانَ كَالمُجَاهِدِ في سَبِيلِ اللهِ."

فيهِ مِنَ الفِقْه: أنَّ العَالِمَ___والمُتَعَلِّمَ في الأَجْرِ سَوَاءٌ، وكَذَلِكَ قالَ أَبو الدَّرْدَاءِ: إنَّ العَالِمَ والمُتَعَلمَ شرِيكَانِ في الأَجْرِ." اهـ

 

المسالك في شرح موطأ مالك (3/ 129)

والخيرُ يشتملُ على جميع أنواع الصَّلاة وغيرها، وإدخاله في هذا الباب، وليس فيه ذكر الصَّلاة، على أنَ الصَّلاة من جملة الخير، فكلٌّ من جلسَ في المسجد فإنه في خيرٍ."

 

شرح البخاري للسفيري = المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (2/ 85):

"وإنما فضل العالم على العابد، لأن الشيطان يدع البدعة للناس، فينظرها العالم فيزيلها، والعابدُ مقبلٌ على عبادته، لا يتوجه إليها ولا يعرف بها." اهـ

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 455)

قال الشوكاني:

* فيه: أن الثواب المذكور إنما يتسبب عن هذه الطاعة الخاصة لا عن كل طاعة،

* وفيه: أيضاً التنويه بشرف تعلم العلم وتعليمه، لأنه هو الخير الذي لا يقاوم قدره، وهذا إن جعل تنكير الخير للتعظيم،

ويمكن إدراج كل تعلم وتعليم لخير، أي خير كان تحت ذلك، فيدخل كل ما فيه قربة يتعلمها الداخل أو يعلمها غيره،

* وفيه: أيضاً الإرشاد إلى أن التعليم والتعلم في المسجد أفضل من سائر الأمكنة." اهـ

 

1_ فيه: الحث على الخروج والرحلة في طلب العلم

2_ فيه: الحض على تعلم العلم الشرعي وتعيلمه

3_ فيه: أن المسلم ينبغي أن لا يخرج، إلأ إلى أماكن فيها خير.

4_ فيه: أن المساجد إنما بني لذكر الله وطاعته.

5_ فيه فضل العلم والدعوة إليه.

المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (ص: 247)

"بَابُ فَضْلِ الْعِلْمِ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَالْفَضْلُ فِي هَذِهِ الدَّرَجَةِ مِنَ الْعِلْمِ لِمَنْ قَامَ بِهَا عَلَى مَنْ عَطَّلَهَا."

6_ فيه عظم فضل من غدا إلى المسجد لطلب العلم.

7_ فيه بيان عظمة أجر الحج."

 

============================

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 146)

87 - (4) [صحيح] ورُوي عن أبي هريرةَ قال: سمعتُ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:

"من جاء مسجدي هذا، لم يأتِهِ إلا لخيرٍ يتعلَّمُه، أو يُعلِّمُهُ فهو بمنزلةِ المجاهدين في سبيل الله، ومن جاء لغير ذلك، فهو بمنزلةِ الرجلِ ينظر إلى متاعِ غيرِهِ".

رواه ابن ماجه والبيهقي، وليس في إسناده من تُرِكَ، ولا أُجمعَ على ضعفه (1).

__________

(1) قلت: بل إسناد ابن ماجه صحيح على شرط مسلم؛ كما قال البوصيري في "الزوائد" (16/ 2)، وقد أخرجه الحاكم أيضاً، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي. وإنما هو على شرط مسلم فقط. فتصدير الحديث بقوله: "رُوي" المشير إلى تضعيف الحديث ليس بجيد.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه ابن ماجه في سننه (1/ 82) (رقم : 227)، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 148) (رقم : 7517) و (6/ 416) (رقم : 32521)، وأحمد في مسنده (15/ 245) (رقم : 9419)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده (11/ 359) (رقم : 6472) والبيهقي في شعب الإيمان (3/ 222) (رقم : 1575)، وفي الآداب (ص: 347) (رقم : 861)

 

صحيح: صححه في صحيح الجامع الصغير وزيادته (2/ 1064) (رقم: 6184)

 

من فوائد الحديث:

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 622)

وَفِيهِ دَلَالَةٌ ظَاهِرَةٌ عَلَى جَوَازِ التَّدْرِيسِ فِي الْمَسْجِدِ خِلَافًا لِمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَلَعَلَّهُ مَنَعَ رَفْعَ الصَّوْتِ الْمُشَوِّشِ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 622)

(فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : مِنْ حَيْثُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُرِيدُ إِعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ الْعُلْيَا، أَوْ لِأَنَّ الْعِلْمَ وَالْجِهَادَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ، وَقَدْ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ، أَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عِبَادَةٌ نَفْعُهَا مُتَعَدٍّ إِلَى عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ.

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 622)

( «فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يَنْظُرُ إِلَى مَتَاعِ غَيْرِهِ» ) ، أَيْ: فَهُوَ مُتَحَسِّرٌ مَحْرُومٌ عَمَّا يَنْتَفِعُ بِهِ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ وَالثَّنَاءِ الْجَمِيلِ، وَفِي الْعُقْبَى مِنَ الدَّرَجَاتِ وَالْجَزَاءِ الْجَزِيلِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: شَبَّهَ حَالَةَ مَنْ أَتَى الْمَسْجِدَ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ وَالتَّعْلِيمِ، بِحَالَةِ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى مَتَاعِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَقْصِدْ تَمَلُّكَهُ بِوَجْهٍ شَرْعِيٍّ فَإِنَّ ذَلِكَ مَحْظُورٌ، وَكَذَلِكَ إِتْيَانُ الْمَسْجِدِ لِغَيْرِ مَا بُنِيَ مَحْظُورٌ، وَلَاسِيَّمَا مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ.

 

حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 100)

وَجْهُ مُشَابَهَةِ طَلَبِ الْعِلْمِ بِالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ إِحْيَاءٌ لِلدِّينِ وَإِذْلَالٌ لِلشَّيْطَانِ وَإِتْعَابٌ النَّفْسِ وَكَسْرُ ذُرَى اللَّذَّةِ كَيْفَ وَقَدْ أُبِيحَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجِهَادِ فَقَالَ تَعَالَى {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا} [التوبة: 122] الْآيَةَ

 

وقال عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري الدِّهلوي الحنفي «المتوفى بها سنة (1052 هـ) _رحمه اللَّه تعالى_» في "لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (2/ 493):

"وقوله: (فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره)

المقصود بيان التحسر والتألم بالنظر إلى ثواب غيره ممن جاء لخير ويعمل في المسجد أعمال الخير، كما يحصل لمن ينظر إلى متاع غيره بنظر إعجاب واستحسان، وليس له مثله، وفي شرح الشيخ: ينظر هذا الجائي يوم القيامة إلى ثواب الجائين للخير، وقال الطيبي (1): المقصود بيان أن إتيان المسجد لا لخير محظور كالنظر إلى متاع الغير بغير إذنه، ولم يقصد تمليكه بوجه، فليفهم.

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (3/ 956)

شبه حالة من أتى المسجد لغير الصلاة والتعلم بحالة من ينظر إلي متاع الغير بغير إذنه، ومع ذلك لم يقصد تملكه بوجه شرعي، فإن ذلك محظور وكذلك إتيان المسجد لغير ما بني له محظور، لاسيما مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يجب توقيره وتعظيمه إجلالاً وتبجيلاً لمكانة صاحبه صلى الله عليه وسلم ولا يدخله عبثاً، ولا ماراً، فكيف بغيرهما؟" اهـ

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 456)

وقيل المقصود: أن من لم يأت المسجد لخير يتعلمه أو يعلمه ينظر يوم القيامة إلى ثواب غيره ممن يعمل أعمال الخير في المسجد كمن ينظر إلى متاع غيره نظر إعجاب واستحسان وليس له مثله

 

وقال محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأُرمي العَلًوي الأثيوبي الهَرَري الكري البُوَيطي _رحمه الله_ في "مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه والقول المكتفى على سنن المصطفى" (2/ 287)

(فهو بمنزلة الرجل) الذي يدخل السوق، حالة كونه (ينظر إلى متاع غيره)، وليس له ما يبيعه ولا ما يشتريه، بل لينظر إلى أمتعة الناس، فهل يحصل له فائدة بذلك؟ فكذلك هذا،

وفيه أن مسجده صلى الله عليه وسلم سوق العلم ومركز الدين ومأخذه، فينبغي للناس شراء العلم بالتعلم والتعليم.

 

حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 101)

وَفِيهِ أَنَّ مَسْجِدَهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سُوقُ الْعِلْمِ فَيَنْبَغِي لِلنَّاسِ شِرَاءُ الْعِلْمِ بِالتَّعَلُّمِ وَالتَّعْلِيمِ

 

مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 456)

وقال الشوكاني: ظاهر الحديث أن كل ما ليس فيه تعليم ولا تعلم من أنواع الخير لا يجوز فعله في المسجد، ولا بد من تقييده بما عدا الصلاة، والذكر والاعتكاف، ونحوها مما ورد فعله في المسجد أو الإرشاد إلى فعله فيه



[1]  وفي مختصر تاريخ دمشق (11/ 78):

"قال أبو أمامة: لما نزل: " لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ " قال أبو أمامة: قلت: يا رسول الله: أنا ممن بايعك تحت الشجرة. قال: يا أبا أمامة، أنت مني وأنا منك." اهـ

[2]  وهذا الأخير رجحه الذهبي قائلا في "تاريخ الإسلام" – ت. بشار (2/ 1023): "قَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَشَذَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين