شرح الحديث 85 من صحيح الترغيب

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 145):

85 - (2) [صحيح] وعن زِرِّ (1) بنِ حُبيشٍ قال: أتيتُ صَفوانَ بنَ عسّالٍ المُراديّ رضي الله عنه، قال: ما جاء بك؟ قلت: أنبُطُ العِلمَ. قال: فإني سمعت رسول الله يقول:

"ما مِنْ خارجٍ خرجَ من بيتِهِ في طلبِ العلمِ؛ إلا وَضَعتْ له الملائكة أجْنحتها رضىً بما يصنعُ".

رواه الترمذي وصححه، وابن ماجه واللفظ له، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم وقال: "صحيح الإسناد".

 

قوله: (أنبُط العلمَ)؛ أي: أطلبه وأستخرجه.[1]

__________

(1) في الأصل وغيره : (ذر) بالذال! وقيده عَمَارة بكسر الذال! وكل ذلك خطأ.

 

ترجمة زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ الأسدي الكوفي:

 

زر بن حبيش بن حباشة بن أوس بن بلال الأسدي الكوفي، ويكنى بـ"أبي مريم"، وهو من كبار التابعين، توفي سنة 81 هـ.

 

الطبقات الكبرى ط العلمية (6/ 103):

"عَنْ زِرٍّ قَالَ: وَفَدْتُ فِي خِلافَةِ عُثْمَانَ، وَإِنَّمَا حَمَلَنِي عَلَى الْوِفَادَةِ، لُقِيُّ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَلَقِيتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ الْمُرَادِيَّ." اهـ

 

ترجمة صفوان بن عسال المرادي _رضي الله عنه_ :

 

وفي "إكمال تهذيب الكمال" (6/ 384) لعلاء الدين مغلطاي الحنفي:

"صفوان بن عسال المرادي ثم الربضي من بني الربض بن زاهر بن عامر بن عوثبان بن زاهر بن مراد." اهـ

 

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (4/ 348)

(المُرَادِيَّ) أي المنسوب إلى بطن من مَذْحِج، وهو يحابر بن مالك بن أُدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ، ومالك بن أُدد هو مَذْحِج. قاله في "اللباب" 3/ 188

 

وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1501) :

"صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ الْمُرَادِيُّ مِنْ بَنِي الرَّبْضِ بْنِ زَاهِرِ بْنُ مُرَادٍ، وَكَانَ عِدَادُهُ فِي بَنِي حَمَلٍ، غَزَا مَعَ رَسُولِ اللهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، سَكَنَ الْكُوفَةَ." اهـ

 

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 377) للذهبي : "صَفْوان بْن عَسّال المُرَادِيّ. [الوفاة: 35 - 40 ه] : غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثِنْتَيْ عشرة غزوة. وله أحاديث." اهـ

 

إكمال تهذيب الكمال (6/ 385)

وذكره ابن سعد في الطبقة الرابعة طبقة الفتحيين.

 

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه الترمذي في سننه (5/ 546) (رقم : 3536)، وابن ماجه في سننه (1/ 82) (رقم : 226)، وابن خزيمة في صحيحه (1/ 97) (رقم : 193)، وابن حبان في صحيحه (1/ 285) (رقم : 85) و (4/ 155) (رقم : 1325)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 180) (رقم : 340)، والضياء المقدسي في الأحاديث المختارة = المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما (8/ 37) (رقم : 30)، وابن المنذر في الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (1/ 142) (رقم : 34)

 

والحديث حسن صحيح: صرح به الألباني في "صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان" (1/ 121) (رقم: 67)

 

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (4/ 350)

حديث صفوان بن عسّال -رضي الله عنه- هذا صحيح.

[تنبيه]: هذا الحديث روي مطوّلًا، ومختصرًا، وممن ساقه مطولًا الإمام أحمد -رحمه الله-، فقال في "مسنده":

(17401) حدثنا سفيان بن عيينة، قال: حدثنا عاصم، سمع زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان بن عَسّال المرادي، فقال: ما جاء بك؟ فقلت: ابتغاء العلم، قال: فإن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم؛ رضا بما يطلب، قلت: حَكّ في نفسي مسح على الخفين، وقال سفيان مرة: أو في صدري بعد الغائط والبول، وكنت امرأ من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتيتك: أسألك، هل سمعت منه في ذلك شيئًا؟ قال: نعم كان يأمرنا إذا كنا سَفْرًا، أو مسافرين أن لا نَنْزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم، قال: قلت له هل سمعته يذكر الْهَوَى، قال: نعم بينما نحن معه في مسيرة، إذ ناداه أعرابي بصوت جَهْوَريّ، فقال: يا محمد، فقلنا ويحك، اغضض من صوتك، فإنك قد نُهيت عن ذلك، فقال: والله لا أغضض من صوتي، فقال رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: "هاء، وأجابه على نحو من مسألته، وقال سفيان مرة: وأجابه نحوا مما تكلم به، فقال: أرأيت رجلًا أَحَبَّ قومًا، ولمّا يلحق بهم؟ قال: "هو مع من أحب"، قال: ثم لم يزل يحدثنا حتى قال: "إن من قبل المغرب لبابًا مسيرة عرضه سبعون، أو أربعون عامًا، فتحه الله -عز وجل- للتوبة، يوم خلق السموات والأرض، ولا يغلقه حتى تطلع الشمس منه.

وفي رواية: وذلك قول الله -عز وجل-: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا} الآية [الأنعام: 158].

 

من فوائد الحديث :

 

فضائل الأعمال للمقدسي (ص: 116)

فضل الْخُرُوج فِي طلب الْعلم

 

قلت:

وكان لرحلات العلماء في طلب الحديث أثرٌ بعيد في انتشار السُنَّةِ، فمما لا شك فيه أن الراوي يرى مَنْ يَرْوِي عَنْهُ، ويقف على سيرته، ويسأل أهل بلده عنه، وكثيرًا ما كانوا يتشددون في السؤال عن الراوي، حتى يقال لهم: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تُزَوِّجُوهُ؟»

 

ففي الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (ص: 92):

عن الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ يَقُولُ: " كُنَّا إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَكْتُبَ عَنِ الرَّجُلِ سَأَلْنَا عَنْهُ , حَتَّى يُقَالَ لَنَا: أَتُرِيدُونَ أَنْ تُزَوِّجُوهُ "

 

سنن ابن ماجه (1/ 79)

بَابُ فَضْلِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (1/ 285) :

"ذِكْرُ بَسْطِ الْمَلَائِكَةِ أَجْنِحَتَهَا لِطَلَبَةِ الْعِلْمِ، رِضًا بِصَنِيعِهِمْ ذَلِكَ"

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (4/ 155)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ إِنَّمَا أُبِيحَ إِذَا أَدْخَلَ الْمَرْءُ رِجْلَيْهِ فِي الْخُفَّيْنِ وَهُوَ عَلَى طُهُورٍ

 

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 33)

الواجب على العاقل إذا فرغ من إصلاح سريرته: أن يثني بطلب العلم والمداومة عَلَيْهِ، إذ لا وصول للمرء إلى صفاءِ شَيْءٍ من أسباب الدنيا، إلا بصفاء العلم فيه.

وحكم العاقل: أن لا يقصر في سلوك حالة توجب له بسط الملائكة أجنحتها رضا بصنيعه ذلك.

ولا يجب أن يكون متأملا في سعيه الدنو من السلاطين أو نوال الدنيا به فما أقبح بالعالم التذلل لأهل الدنيا." اهـ

 

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 34)

"قَالَ الشعبي:

(إنما كان يطلب هذا العلم من اجتمعت فيه خصلتان: العقل، والنسك.

فإن كان عاقلا، ولم يك ناسكا، قِيلَ: "هذا أمر لا يناله إلا النساك"، فلم يطلبْهُ).

وإن كان ناسكا، ولم يكن عاقلا، قِيلَ: "هذا أمر لا يناله، إلا العقلاء"، فلم يطلبه.

قَالَ الشعبي:

(فلقد رهبت أن يكون يطلبه اليوم من ليس فيه واحدة منهما لا عقل ولا نسك)."

قال أَبُو حاتم: العاقل لا يبيع حظ آخرته بما قصد في العلم لما يناله من حطام هذه الدنيا لأن العلم ليس القصد فيه نفسه دون غيره لأن المتبغي من الأشياء كلها نفعها لا نفسها والعلم ونفس العلم شيئان فمن أعضى عَن نفعه لم ينتفع بنفسه وكان كالذي يأكل ولا يشبع والعلم له أول وآخر

 

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 36):

عَن سُفْيَان الثوري قَالَ:

"العالم طبيب الدين والدرهم داء الدين فإذا اجتر الطبيب الداء إلى نفسه فمتى يداوي غيره." اهـ

 

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 37)

عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَقَبْضُهُ أَنْ يَذْهَبَ أَصْحَابُهُ وَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ أَقْوَامًا يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَكُمْ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَقَدْ نَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَتَى يفتقر أو يفتقر إليه عِنْدَهُ وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ وَإِيَّاكُمْ وَالْبِدَعَ وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ

 

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 39)

عن المعتمر بْن سليمان قَالَ:

"كتب إلي أَبِي، وأنا بالكوفة: (اشتر الصحف، واكتب العلم، فإن المال يفنى والعلم يبقى)." اهـ

 

روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (ص: 39)

قال أَبُو حاتم: اقتناء المرء عمره بكثرة الأسفار ومباينة الأهل والأوطان في طلب العلم دون العمل به أو الحفظ له ليس من شيم العقلاء ولا من زي الألباء وإن من أجرد مَا يستعين المرء به على الحفظ الطبع الجيد مع الهمة واجتناب المعاصي

 

وقال الهيثمي (المتوفى: 807هـ) _رحمه الله_ في موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (ص: 48):

"3- بَاب طلب الْعلم والرحلة فِيهِ." اهـ

 

مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (4/ 351)

في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف، وهو بيان فضل العلماء، والحثّ على طلب العلم.

2 - (ومنها): بيان الخروج في طلب العلم.

3 - (ومنها): بيان محبّة الملائكة لطالب العلم، وبسط أجنحتها له؛ رضًا بصنيعه.

4 - (ومنها): بيان شرف الآدميّ المطيع لربّه، حيث تخضع له الملائكة الكرام، وتحفّه بأجنحتها، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الحديد: 21]،

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

 

شرح سنن ابن ماجة - الراجحي (15/ 7، بترقيم الشاملة آليا)

وهذا الحديث شهد له الحديث السابق: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع) وهذا في فضل العلم وطلب العلم.

 

شرح صحيح ابن حبان - الراجحي (4/ 24، بترقيم الشاملة آليا)

فيه فضل طلب العلم، والمراد بالعلم إذا أطلق العلم الشرعي من الكتاب والسنة، أما غيره من العلوم فينبغي أن يقيد ويقال: علم الطب، علم الصيدلة، علم الفلك، علم الزراعة، علم النجارة، علم الحدادة، وهكذا.

حتى إنهم يقولون: العالم، عالم الفضاء، يطلقون العالم على من يعلم العلوم الشرعية، أما غيره فيقيدون ويقولون: عالم الفضاء، عالم الطب.

 

شرح صحيح ابن خزيمة - الراجحي (11/ 7، بترقيم الشاملة آليا)

والحديث فيه فوائد منها فضل طلب العلم وأن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضاءً بما صنع،

ومنها: تمام الطهارة في لبس الخفين وأنه لابد أن تتم الطهارة، فلو غسل رجلاً وألبسها الخف قبل غسل الأخرى فلا يجوز له المسح، لأنه ما تمت الطهارة، فلابد أن يغسل رجليه أولاً ثم يلبس الخفين، وفيه أيضاً تحديد المدة وأن المسافر يمسح ثلاثة أيام، والمقيم يمسح يوماً وليلة، وفيه قبول توبة التائب قبل أن تطلع الشمس من مغربها.

 



[1] وفي مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه (4/ 349): "نضبَطَ الماءُ يَنْبطُ -يعني من بابي ضرب، ونصر-: نبَعَ، والْبِئْرَ: استخرجَ ماءَهَا."

وقال محمد الأمين بن عبد الله بن يوسف بن حسن الأُرمي العَلًوي الأثيوبي الهَرَري الكري البُوَيطي _رحمه الله_ في "مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه والقول المكتفى على سنن المصطفى" (2/ 284)

"والمراد: أطلب العلم وأستخرجه من قلوب العلماء وأحصله في قلبي." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين