شرح الحديث 84 من صحيح الترغيب لأبي فائزة البوجيسي

 

2 - (الترغيب في الرحلة في طلب العلم)

 

84 - (1) [صحيح] عن أبي هريرة؛ أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:

". . . ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً، سَهَّلَ الله له به طريقاً إلى الجنة".

رواه مسلم وغيره. وتقدّم بتمامه في الباب قبله [الحديث الثالث].[1]

 

شرح الحديث:

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 175)

وَسَيَأْتِي عَن بن مَسْعُودٍ فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ قَوْلُهُ: (لَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ بِكِتَابِ اللَّهِ مِنِّي لَرَحَلْتُ إِلَيْهِ)، 

وَأَخْرَجَ الْخَطِيبُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةَ قَالَ: (كُنَّا نَسْمَعُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَلَا نَرْضَى حَتَّى خَرَجْنَا إِلَيْهِمْ، فَسَمِعْنَا مِنْهُمْ) 

وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: ("رَجُلٌ يَطْلُبُ الْعِلْمَ، يَلْزَمُ رَجُلًا عِنْدَهُ عِلْمٌ كَثِيرٌ أَوْ يَرْحَلُ." قَالَ: يَرْحَلُ، يَكْتُبُ عَنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، فَيُشَافِهُ النَّاسَ، وَيَتَعَلَّمُ مِنْهُمْ.") 

وَفِيهِ: مَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى تَحْصِيلِ السُّنَنِ النَّبَوِيَّةِ وَفِيهِ جَوَازُ اعْتِنَاقِ الْقَادِمِ حَيْثُ لَا تَحْصُلُ الرِّيبَةُ

 

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (2/ 666)

قوله: ((ومن سلك طريقاً)) التنكير فيه للشيوع، أي تسبب بسبب أي سبب كان، من مفارقة الأوطان، والضرب في البلدان، والإنفاق فيه، والتعلم والتعليم، والتصنيف، والكدح فيه، مما لا يحصى كثرة.

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 297_298):

"وَقَوْلُهُ: «سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ»

قَدْ يُرَادُ بِذَلِكَ:

* أَنَّ اللَّهَ يُسَهِّلُ لَهُ الْعِلْمَ الَّذِي طَلَبَهُ، وَسَلَكَ طَرِيقَهُ، وَيُيَسِّرُهُ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْعِلْمَ طَرِيقٌ مُوَصِّلٌ إِلَى الْجَنَّةِ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: 17] [الْقَمَرِ: 17] . قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: هَلْ مِنْ طَالِبِ عِلْمٍ فَيُعَانُ عَلَيْهِ؟ .

* وَقَدْ يُرَادُ أَيْضًا: أَنَّ اللَّهَ يُيَسِّرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ إِذَا قَصَدَ بِطَلَبِهِ وَجْهَ اللَّهِ الِانْتِفَاعَ بِهِ وَالْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُ، فَيَكُونُ سَبَبًا لِهِدَايَتِهِ وَلِدُخُولِ الْجَنَّةِ بِذَلِكَ.

وَقَدْ يُيَسِّرُ اللَّهُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ عُلُومًا أُخَرَ يَنْتَفِعُ بِهَا، وَتَكُونُ مُوَصِّلَةً لَهُ إِلَى الْجَنَّةِ، كَمَا قِيلَ: مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ، أَوْرَثَهُ اللَّهُ عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَكَمَا قِيلَ: ثَوَابُ الْحَسَنَةِ الْحَسَنَةُ بَعْدَهَا، وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى} [مريم: 76] [مَرْيَمَ: 76] ، وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} [محمد: 17] [مُحَمَّدٍ: 17] .

* وَقَدْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَيْضًا تَسْهِيلُ طَرِيقِ الْجَنَّةِ الْحِسِّيِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ - وَهُوَ الصِّرَاطُ - وَمَا قَبْلَهُ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَهْوَالِ، فَيُيَسِّرُ ذَلِكَ عَلَى طَالِبِ الْعِلْمِ لِلِانْتِفَاعِ___بِهِ،

فَإِنَّ الْعِلْمَ يَدُلُّ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَقْرَبِ الطَّرِيقِ إِلَيْهِ، فَمَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُ، وَلَمْ يَعْرُجْ عَنْهُ، وَصَلَ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الْجَنَّةِ مِنْ أَقْرَبِ الطُّرُقِ وَأَسْهَلِهَا فَسَهُلَتْ عَلَيْهِ الطُّرُقُ الْمُوَصِّلَةُ إِلَى الْجَنَّةِ كُلُّهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ،

فَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَإِلَى الْوُصُولِ إِلَى رِضْوَانِهِ وَالْفَوْزِ بِقُرْبِهِ وَمُجَاوَرَتِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِالْعِلْمِ النَّافِعِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، فَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُهْتَدَى فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالشُّبَهِ وَالشُّكُوكِ، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهَ كِتَابَهُ نُورًا؛ لِأَنَّهُ يُهْتَدَى بِهِ فِي الظُّلُمَاتِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16] [الْمَائِدَةِ: 15 - 16] ." اهـ

 

وقال الطوفي في "التعيين في شرح الأربعين" (1/ 312):

"فإن قلت: قوله: "من سلك طريقا يلتمس فيه علما" عام في كل علم شرعي أو فلسفي، فلم خصصتموه بالعلم الشرعي؟.

قلنا: بدليل قوله: "سهل الله له به طريقا إلى الجنة" والعلوم التي يطلب بها الجنة ويسهل بها طريقها هي الشرعية دون غيرها." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه مسلم في "صحيحه" (4/ 2074) (رقم : 2699)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 82) (رقم : 225)

 

من فوائد الحديث:

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 179_181):

6 - (ومنها): فضل المشي في طلب العلم، والمراد به: العلم الشرعيّ، علم الكتاب والسُّنَّة، لا العلم المتعلّق بامور الدنيا، فإن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يُبعث له،

فقد أخرج مسلم عن أنس -رضي الله عنه-؛ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مَرّ بقوم يُلَقِّحون، فقال: "لو لم تفعلوا لصلح"،

قال: فخرج شِيصًا، فمرّ بهم، فقال: "ما لنخلكم؟ "

قالوا: قلت كذا وكذا، قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".

ومما يتعيّن على طالب العلم أن يقصد به وجه تعالى، وهو وإن كان شرطًا في كل عبادة، لكن عادة العلماء يقيّدون هذه المسألة به؛ لكونه قد يَتساهل فيه بعض الناس، ويغفُل عنه بعض المبتدئين ونحوهم، قاله النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (1).

7 - (ومنها): بيان استحباب الرحلة في طلب العلم، وقد ذهب

موسى عليه السلام في طلب الخضر عليه السلام لذلك، فقال له: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ___مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]، ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن

أنيس -رضي الله عنهم- مسيرة شهر في حديث واحد، كما علّقه البخاريّ رَحِمَهُ اللهُ في "صحيحه" في "باب الخروج في طلب العلم"، وأخرج قصة موسى والخضر عليه السلام في ذلك الباب.

قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: الحديث فيه الحضّ والترغيب في الرحلة في طلب

العلم، والاجتهاد في تحصيله،

وقد ذكر أبو داود هذا الحديث من حديث أبي الدرداء، وزاد زيادات حسنة، فقال: عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:

"من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لَتَضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا، ولا درهمًا، ورَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر".

وهذا حديث عظيم يدلّ على أن طلب العلم أفضل الأعمال، وأنه لا يبلغ أحد رتبة العلماء، وإن رتبتهم ثانية عن رتبة الأنبياء.

وقوله: "إن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم": قيل: معناه: تخضع له، وتعظّمه، وقيل: تبسطها له بالدعاء؛ لأنَّ جناح الطائر يده.

وقوله: "وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض"؛

يعني بـ "من" هنا: من يعقل، وما لا يعقل، غير أنه غلب عليه من يعقل، بدليل أن هذا الكلام قد جاء في غير كتاب أبي داود، فقال: "حتى النملة في جُحرها، وحتى الحوت في جوف الماء"،

وعلى هذا المعنى يدلّ -من حديث أبي داود هذا- عَطْف الحيتان بالواو على "من في السموات، ومن في الأرض"، فإنَّه يفيد أن من يعقل، وما لا يعقل يستغفر للعالم، فأمَّا استغفار من يعقل فواضح، فإنَّه دعاء بالمغفرة، وأما استغفار ما لا يعقل، فهو -والله أعلم- أن الله يغفر له، ويأجره بعدد كل شيء لَحِقه أثرٌ من علم العالم.

وبيان ذلك: أن العالم يبيّن حكم الله تعالى في السموات وفي الأرض، وفي كل ما فيهما، وما بينهما، فيغفر له ذنبه، ويعظم له أجره بحسب ذلك.___

وَيحْتَمِل أن يكون ذلك على جهة الإغياء، والأوّل أَولى، والله تعالى أعلم.

وقوله: "إن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب": هذه المفاضلة لا تصحّ حتى يكون كل واحد منهما قائمًا بما وجب عليه من العلم والعمل،

فإنَّ العابد لو ترك شيئًا من الواجبات، أو عَمِله على جهل لم يستحقّ اسم العابد، ولا تصحّ له عبادة، والعالم لو ترك شيئًا من الواجبات لكان مذمومًا، ولم يستحقّ اسم العالم،

فإذًا محلّ التفضيل إنما هو في النوافل، فالعابد يستعمل أزمانه في النوافل من الصلاة، والصوم، والذكر، وغير ذلك،

والعالم يستعمل أزمانه في طلب العلم، وحِفظه، وتقييده، وتعليمه، فهذا هو الذي شئهه بالبدر؛ لأنَّه قد كَمُل في نفسه، واستضاء به كل شيء في العالم، من حيث إن علمه تعدّى لغيره، وليس كذلك العابد،

فإنَّ غايته أن ينتفع في نفسه، ولذلك شبَّهه بالكوكب الذي غايته أن يُظهر نفسه.

وقوله: "وإن العلماء ورثة الأنبياء" إنما خصّ العلماء بالوراثة، وإن كان العبّاد أيضًا قد ورثوا العلم بما صاروا به عبّادًا؛ لأنَّ العلماء هم الذين نابوا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حَمْلهم العلم عنه، وتبليغهم إياه لأمته، وإرشادهم لهم، وهدايتهم.

وبالجملة فالعلماء هم العالمون بمصالح الأمة بعده، الذابّون عن سُنَّته، الحافظون لشريعته، فهؤلاء الأحقّ بالوراثة، والأولى بالنيابة والخلافة، وأما العبّاد فلم يُطلق عليهم اسم الوراثة؛ لقصور نفعهم، وقلّة حظهم.

وقوله: "إن الأنيياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا"؛ يعني: أنهم -صلوات الله عليهم- كان الغالب عليهم الزهد، فلا يتركون ما يورَث عنهم، ومن ترك منهم شيئًا، يصحّ أن يورَث عنه تصذق به قبل موته، كما فعل نبينا -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "لا نورَث، ما تركنا صدقة"، متّفقٌ عليه.

وقوله: "فمن أخذه أخذ بحظ وافر"؛ أي: بحظ عظيم، لا شيء أعظم

منه، ولا أفضل، كما ذكرناه. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (1)، وهو بحث نفيش،

والله تعالى أعلم." اهـ

 

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 123):

"فيه الحثُّ على طلب العلم الشرعيِّ وسلوك الطرق الموصلة إلى تحصيله، سواء كان ذلك بالسفر لطلبه؛ أو بالأخذ بأسباب تحصيله، من اقتناء الكتب المفيدة وقراءتها والاستفادة منها، وملازمة العلماء والأخذ عنهم وغير ذلك،

والجزاء على ذلك من الله تسهيل الطريق التي يصل بها طالب العلم إلى الجنَّة، وذلك يكون بإعانته على تحصيل ما قصد، فيكون بذلك محصِّلاً للعلم،

ويكون أيضاً بإعانته على العمل بما علمه من أحكام الشريعة، وذلك يفضي به إلى دخول الجنَّة." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 756):

"في هذا الحديث: فضل طلب العلم الديني، وأنّ الله تعالى يوفّق طالبه لسلوك طريق الجنة." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 160)

وَفِيهِ بِشَارَةٌ بِتَسْهِيلِ الْعِلْمِ عَلَى طَالِبِهِ لِأَنَّ طَلَبَهُ مِنَ الطُّرُقِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الْجَنَّةِ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 306)

"من طلبَ العلم يَعْرِفُ بِهِ طريْقَ الديْنِ، وطريق الدين: هو الطريق الذي يوصل العبد إلى الجنة، والعلم هو الدليل إلى الجنة." اهـ

 

شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد (ص: 120)

"وفي الحديث: فضل التيسير على المعسر وفضل السعي في طلب العلم. ويلزم من ذلك فضل الاشتغال بالعلم والمراد العلم الشرعي ويشترط أن يقصد به وجه الله تعالى وإن كان شرطاً في كل عبادة." اهـ

 

جامع العلوم والحكم ت الأرنؤوط (2/ 298)

 فَلَا طَرِيقَ إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَإِلَى الْوُصُولِ إِلَى رِضْوَانِهِ وَالْفَوْزِ بِقُرْبِهِ وَمُجَاوَرَتِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا بِالْعِلْمِ النَّافِعِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رُسُلَهُ، وَأَنْزَلَ بِهِ كُتُبَهُ، فَهُوَ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُهْتَدَى فِي ظُلُمَاتِ الْجَهْلِ وَالشُّبَهِ وَالشُّكُوكِ، وَلِهَذَا سَمَّى اللَّهَ كِتَابَهُ نُورًا؛ لِأَنَّهُ يُهْتَدَى بِهِ فِي الظُّلُمَاتِ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16] [الْمَائِدَةِ: 15 - 16] .

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 286_287):

"وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَقَدْ ذَهَبَ مُوسَى إِلَى الْخَضِرِ عَلَيْهِمَا___الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَقَالَ لَهُ: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66] وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ مَسِيرَةِ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ. كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْمَلَكِ

 

فيض القدير (6/ 154)

العلم إنما يحصل بتعب ونصب وأفضل الأعمال أحزمها فمن تحمل المشقة في طلبه سهلت له سبل الجنة سيما إن حصل المطلوب

قال ابن جماعة:

"والأظهر: أن المراد أن يجازيه يوم القيامة بأن يسلك به طريقا لا صعوبة له فيه ولا هول إلى أن يدخله الجنة سالما فأبان أن العلم ساعد السعادة وأس السيادة والمرقاة إلى النجاة في الآخرة والمقوم لأخلاق النفوس الباطنة والظاهرة،

فهو نعم الدليل والمرشد إلى سواء السبيل وتقديم الظرفين للإختصاص لأن تسهيل طريق الجنة خاص بالله وغيره في مقابلته كالعدم لأنه في حقه غير مفيد وكذا بالنسبة لسببه فإن غير هذا السبب من أسباب التسهيل كالعدم لأنه أقوى الأسباب المسهلة.

* وفيه: حجة باهرة على شرف العلم وأهله في الدنيا والآخرة لكن الكلام في العلم النافع لأنه الذي يترتب عليه الجزاء المذكور كما تقرر." اهـ

 

حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 97)

هُوَ إِمَّا كِنَايَةٌ عَنِ التَّوْفِيقِ لِلْخَيْرَاتِ فِي الدُّنْيَا أَوْ عَنْ إِدْخَالِ الْجَنَّةِ بِلَا تَعَبٍ فِي الْآخِرَةِ." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 265)

إن طلب العلم سبب لتيسير البشرى وفيه فضل العلم

 

العلم للعثيمين (ص: 45)

يتعين على طالب العلم أن يبذل الجهد في إدراك العلم والصبر عليه وأن يحتفظ به بعد تحصيله، فإن العلم لا يُنَال براحة الجسم، فيسلك المتعلم جميع الطرق الموصلة إلى العلم وهو مُثَاب على ذلك

 

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 439_440):

"يُقَالُ:

مَنِ انْتَهَى إِلَى الْعَالِمِ، وَجَلَسَ مَعَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَحْفَظَ الْعِلْمَ، فَلَهُ سَبْعُ كَرَامَاتٍ

أَوَّلُهَا: يَنَالُ فَضْلَ الْمُتَعَلِّمِينَ.___

وَالثَّانِي: مَا دَامَ جَالِسًا عِنْدَهُ كَانَ مَحْبُوسًا عَنِ الذُّنُوبِ وَالْخَطَأِ.

وَالثَّالِثُ: إِذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ تَنْزِلُ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ.

وَالرَّابِعُ: إِذَا جَلَسَ عِنْدَهُ، فَتَنْزِلُ عَلَيْهِمُ الرَّحْمَةُ، فَتُصِيبُهُ بِبَرَكَتِهِمْ.

وَالْخَامِسُ: مَا دَامَ مُسْتَمِعًا تُكْتَبُ لَهُ الْحَسَنَةُ.

وَالسَّادِسُ: تَحُفُّ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا رِضًا وَهُوَ فِيهِمْ.

وَالسَّابِعُ: كُلُّ قَدَمٍ يَرْفَعُهُ، وَيَضَعُهُ يَكُونُ كَفَّارَةً لِلذُّنُوبِ، وَرَفْعًا لِلدَّرَجَاتِ لَهُ، وَزِيَادَةً فِي الْحَسَنَاتِ، ثُمَّ يُكْرِمُهُ اللَّهُ تَعَالَى بِسِتِّ كَرَامَاتٍ أُخْرَى: أَوَّلُهَا: يُكْرِمُهُ بِحُبِّ شُهُودِ مَجْلِسِ الْعُلَمَاءِ.

وَالثَّانِي: كُلُّ مَنْ يَقْتَدِي بِهِمْ، فَلَهُ مِثْلُ أُجُورِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ.

وَالثَّالِثُ لَوْ غَفَرَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ يَشْفَعُ لَهُ.

وَالرَّابِعُ: يُبَرِّدُ قَلْبَهُ مِنْ مَجْلِسِ الْفُسَّاقِ.

وَالْخَامِسُ: يَدْخُلُ فِي طَرِيقِ الْمُتَعَلِّمِينَ وَالصَّالِحِينَ.

وَالسَّادِسُ: يُقِيمُ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى، قَالَ: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79] ، يَعْنِي الْعُلَمَاءَ وَالْفُقَهَاءَ.

هَذَا لِمَنْ لَمْ يَحْفَظْ شَيْئًا، وَأَمَّا الَّذِي يَحْفَظُ فَلَهُ أَضْعَافٌ مُضَاعَفَةٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: إِنَّ لِلَّهِ تَعَالَى جَنَّةً فِي الدُّنْيَا، مَنْ دَخَلَهَا طَابَ عَيْشُهُ.

قِيلَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: مَجْلِسُ الذِّكْرِ." اهـ

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 405):

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ الْأَنْطَاكِيُّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: دَوَاءُ الْقَلْبِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ، مُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ، وَإِخْلَاءُ الْبَطْنِ مِنَ الْحَرَامِ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ، وَالتَّضَرُّعُ عِنْدَ الصُّبْحِ.

 

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 440)

وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ:

"إِنَّ الرَّجُلَ لَيَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ، وَعَلَيْهِ مِنَ الذُّنُوبِ مِثْلُ جِبَالِ تِهَامَةَ، فَإِذَا سَمِعَ الْعِلْمَ خَافَ، وَاسْتَرْجَعَ عَنْ ذُنُوبِهِ، فَانْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ، فَلَا تُفَارِقُوا مَجَالِسَ الْعُلَمَاءِ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بُقْعَةً أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ مِنْ مَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ." اهـ

 

الآداب الشرعية والمنح المرعية (2/ 35)

وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودِ: إنَّ أَحَدَكُمْ لَمْ يُولَدْ عَالِمًا وَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَقَالَ أَيْضًا: اُغْدُ عَالِمًا، أَوْ مُتَعَلِّمًا وَلَا تَغْدُ إمَّعَةً بَيْنَ ذَلِكَ وَقَالَ أَيْضًا: اُغْدُ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا، أَوْ مُسْتَمِعًا وَلَا تَكُنْ الرَّابِعَ فَتَهْلَكَ

وَقَالَ حَمَّادُ بْن حُمَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ كُنَّ عَالِمًا أَوْ مُتَعَلِّمًا أَوْ مُحِبًّا، أَوْ مُتَّبِعًا وَلَا تَكُنْ الْخَامِسَ فَتَهْلَكَ قَالَ الْحَسَنُ هُوَ الْمُبْتَدِعُ

قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَرُوِيَ مَرْفُوعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: الْعَالِمُ وَالْمُتَعَلِّمُ فِي الْأَجْرِ سَوَاءٌ وَسَائِرُ النَّاسِ هَمَجٌ لَا خَيْرَ فِيهِمْ." اهـ



[1] تقدم في الحديث (رقم : 69)

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين