شرح الحديث 113 من الأدب المفرد

 

62- بَابُ يُكْثِرُ مَاءَ الْمَرَقِ فَيَقْسِمُ فِي الْجِيرَانِ

 

113 - حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:

أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ:

* أَسْمَعُ وَأُطِيعُ، وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ،

* وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً، فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهُ بِمَعْرُوفٍ،

* وَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا،

فَإِنْ وَجَدْتَ الْإِمَامَ قَدْ صَلَّى، فَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَةٌ "

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ (صدوق رمى بالإرجاء: 224 هـ):

بشر بن محمد السختيانى ، أبو محمد المروزي، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له:  خ 

 

* قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ (ثقة ثبت: ت 181 هـ بـ هيت):

عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلى التميمى مولاهم، أبو عبد الرحمن المروزي، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* قَالَ: أخبرنا شُعْبَةُ (ثقة حافظ متقن: ت 160 هـ بـ البصرة):

شعبة بن الحجاج بن الورد العَتَكِيُّ[1] مولاهم الأزدي، أبو بِسطام الواسطي ثم البصري (مولى عبدة بن الأغر، وعبدةُ مولى يزيد بن المهلب)[2]، من كبار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ (ثقة: ت 128 هـ):

عبد الملك بن حبيب الأزدي، أبو عمران الجونى البصرى

الطبقة :  4  : طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ (ثقة : بعد 70 هـ ):

عبد الله بن الصامت الغفاري البصري (ابن أخى أبي ذر)، من الوسطى من التابعين، روى له:  خت م د ت س ق 

 

* عَنْ أَبِي ذَرٍّ (32 هـ بـ الربذة):

جندب بن جنادة (أخو عمرو بن عبسة لأمه)، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ:

"أَوْصَانِي خَلِيلِي _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِثَلَاثٍ:

* أَسْمَعُ وَأُطِيعُ، وَلَوْ لِعَبْدٍ مُجَدَّعِ الْأَطْرَافِ،

* وَإِذَا صَنَعْتَ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا، ثُمَّ انْظُرْ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ جِيرَانِكَ، فَأَصِبْهُمْ مِنْهُ بِمَعْرُوفٍ،

* وَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ وَجَدْتَ الْإِمَامَ قَدْ صَلَّى، فَقَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ، وَإِلَّا فَهِيَ نَافِلَةٌ."[3]

 

تبين معنى الحديث جليا في رواية صحيح مسلم (1/ 448/ 238) (رقم: 648):

عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ:

«كَيْفَ أَنْتَ إِذَا كَانَتْ عَلَيْكَ أُمَرَاءُ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟ - أَوْ - يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ عَنْ وَقْتِهَا؟»

قَالَ: قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتَهَا مَعَهُمْ، فَصَلِّ، فَإِنَّهَا لَكَ نَافِلَةٌ»

 

شرح النووي على مسلم (5/ 148):

"قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا، كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً، وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ)،

مَعْنَاهُ: إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا،

ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ، فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ، وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً، (وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ) بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، أَيْ: حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها." اهـ

 

وفي "صحيح مسلم" (1/ 449/ 242) (رقم: 648):

وَقَالَ: «صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ مَعَهُمْ فَصَلِّ، وَلَا تَقُلْ إِنِّي قَدْ صَلَّيْتُ فَلَا أُصَلِّي»

 

وفي رواية لمسلم في "صحيحه" (4/ 2026) (رقم: 2626): عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ»

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 52) (رقم: 113)، ومسلم في "صحيحه" (1/ 448/ 238_244 و 3/ 1467/ 36 و 4/ 2025/ 142_143) (رقم: 648 و 1837 و 2625)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 398 و 2/ 955 و 2/ 1116) (رقم: 1256 و 2862 و 3362).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الأدب المفرد" (ص: 67) (رقم: 83)، و«ظلال الجنة» (رقم: 1052) ، و«السلسلة الصحيحة» (رقم: 1368)

 

وأخرج الشطر الثالث منه: صحيح مسلم (1/ 448/ 238) (رقم: 648)، وأبو داود في "سننه" (1/ 117) (رقم: 431)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 332) (رقم: 176)، والنسائي في "سننه" (2/ 75 و 2/ 113) (رقم: 778 و 859)، وابن ماجه في "سننه" (1/ 398) (رقم: 1256).

 

من فوائد الحديث:

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (14/ 161_162)

في فوائده:

1 - (منها): الحثّ بالصلاة في أول وقتها، وأن من صلّى أول الوقت، ثم أُقيمت الجماعة صلّى معهم ثانيًا.

2 - (ومنها): مشروعيّة إعادة الصلاة، وفيه خلاف بين العلماء، سيأتي تحقيقه -إن شاء اللَّه تعالى-.

3 - (ومنها): بيان أن الإمام إذا أخَّر الصلاة عن أول الوقت المستحبّ___ينبغي للشخص أن يصليها في أول الوقت منفردًا، ثم يصليها مع الإمام إن أدركه، فيجمع بين فضيلتي أول الوقت، والجماعة.

قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: فلو أراد الاقتصار على إحداهما، فهل الأفضل الاقتصار على فعلها منفردًا في أول الوقت، أم الاقتصار على فعلها جماعة في آخر الوقت؟ فيه خلاف مشهور لأصحابنا -يعني الشافعية- واختلفوا في الراجح، والمختارُ استحباب الانتظار إن لم يَفْحُش التأخير.

4 - (ومنها): الحثّ على موافقة الأمراء في غير معصية؛ لئلا تتفرق الكلمة، وتقع الفتنة، ولهذا قال أبو ذرّ -رضي اللَّه عنه- في الرواية الآتية: "إن خليلي أوصاني أن أسمع، وأطيع، وإن كان عبدًا مجدَّع الأطراف".

5 - (ومنها): أن فيه عَلَمًا من أعلام النبوة، حيث أخبر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بما سيكون بعده من تحوّل الأمراء عن طريق الحقّ، بحيث إنهم لا يبالون بتأخير الصلاة التي هي من أعظم أركان الدين، فكيف بما دونها من تغيير السنن، وإحداث البدع، وهذا من معجزاته -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث وقع طبْقًا لما أخبر به، قال اللَّه تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3، 4].

6 - (ومنها): اهتمامه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأصحابه الذين يتأخرون بعده، ويتولى عليهم من يغيّر الأمور، فأرشدهم إلى كيفية معايشتهم، وحَثَّهم على عدم الخروج عليهم، وأمرهم بالإحسان معهم إذا أحسنوا، واجتنابهم إذا أساءوا.

7 - (ومنها): أن العالم ينبغي له أن يبدأ بالمسألة من غير أن يُسألَ، إذا كان الناس في حاجة إليها.

8 - (ومنها): أنه ينبغي للجاهل أن يطلب من العالم حَلَّ المسألة، وتوضيحها إذا لم يتبين له وجهها، فإن أبا ذر -رضي اللَّه عنه- قال: "فما تأمرني"، فقد سأل كيف يكون حلّ هذه المشكلة، فبيّن له -صلى اللَّه عليه وسلم- بأن يحرز بين المصلحتين: مصلحة الصلاة في وقتها، ومصلحة عدم مخالفة الجماعة.

9 - (ومنها): بيان جواز الصلاة خلف أئمة الجور، وسيأتي تحقيق الخلاف فيه قريبًا، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (5/ 147_148):

"وَفِي هَذَا الحديث:___الْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ،

* وَفِيهِ: أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ، فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ.

فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا، فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ؟

فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا، واختلفوا في الراجح، وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ،

وَالْمُخْتَارُ: اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ، إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ،

* وَفِيهِ: الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: (إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ)

* وَفِيهِ: أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا، وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا،

وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:

* الصَّحِيحُ: أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ، وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا،

* وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا،

* وَالثَّالِثُ: كِلَاهُمَا فَرْضٌ،

* وَالرَّابِعُ: الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ

* وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا،

وَلَنَا وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ، لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ، وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا.

وَوَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ، لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا، وَهُوَ ضَعِيفٌ." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (5/ 148):

"قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ)،

فِيهِ: دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (5/ 149)

"قوله:___(أَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ)، أَيْ: مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ. وَالْجَدْعُ _بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ_: الْقَطْعُ.

وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ.

وَفِي هَذَا: الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً.

فَإِنْ قِيلَ: "كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا، وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ؟"

فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ، وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ، وَانْتَصَبَ إِمَامًا، فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ، وَتَجِبُ طَاعَتُهُ، وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا.

الْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا، بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِك." اهـ

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (6/ 59)

"وفيه: جواز فعل الصلاة مرتين. ومحمل النهي عن إعادة الصلاة: على إعادتها من غير سبب." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (41/ 154)

في فوائده:

1 - (منها): الحض على إتيان المعروف، وفَضْله، وما تيسّر منه ولو

قليلاً، حتى طلاقة الوجه عند اللقاء.

2 - (ومنها): النهي عن التهاون بالمعروف، وإن قلّ.

3 - (ومنها): الحثّ على طلاقة الوجه، وبشاشته، فينبغي للمسلم أن

يكون طلق الوجه غير عبوس، ولا منقبض، والله تعالى أعلم." اهـ

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (9/ 628_529):

"في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنف، وهو جواز الصلاة خلف أئمة الجَور، وسيأتي تحقيق اختلاف العلماء فيه في مسائل الحديث التالي، إن شاء الله تعالى.

ومنها: أن فيه ما يسمى في مصطلح أهل الحديث بالمسلسل، وهو -كما قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في تقريبه-: ما تتابع رجال إسناده على صفة، أو حالة؛ للرواة تارة، وللرواية تارة أخرى، وصفاتُ الرواة: إما أقوال، أو أفعال، وأنواع كثيرة غيُرهما، كمسلسل التشبيك باليد، والعدّ فيها، وكاتفاق أسماء الرواة، أو صفاتهم، أو نسبتهم، كأحاديثَ رويناها، كلُّ رجالها دمشقيون، وكمسلسل الفقهاء، وصفاتُ الرواية، كالمسلسل بـ "سمعت"، أو بـ "أخبرنا فلان والله".

وأفضله ما دلّ على الاتصال، ومن فوائده: زيادة الضبط، وقلّما يسلم عن خلل في التسلسل، وقد ينقطع تسلسله في وسطه، كمسلسل أولُ حديث سمعته، على ما هو الصحيح فيه.___انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى___

ومنها: الحث على الصلاة أول الوقت. وأن من صلى أول الوقت، ثم أقيمت الجماعة صلى مع الجماعة ثانياً، ولا يقول: إني قد صليت، فلا أصلي.

ومنها: مشروعية إعادة الصلاة، وسيأتي اختلاف أهل العلم في ذلك (53/ 857) إن شاء الله تعالى. والله تعالى أعلم، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

 

المنهل العذب المورود شرح سنن أبي داود (4/ 14_15):

(ففه الحديث) دلّ الحديث على أن الإمام إذا أخر الصلاة عن أول وقتها المستحب___يطلب من المأموم أن يصليها أول الوقت منفردا ثم يصليها مع الإمام إن أدركه فيجمع بين فضيلتي أول الوقت والجماعة فإن أراد الاقتصار على أحدهما فهل الأفضل الاقتصار على فعلها منفردا أول الوقت أم فعلها آخره في جماعة خلاف والمختار استحباب الانتظار إن لم يفحش التأخير، ودلّ أيضا على طلب موافقة الأمراء في غير معصية لئلا تتفرق الكلمة وتقع الفتنة، وعلى الحثّ على الصلاة في جماعة، وعلى رعاية الوقت المستحب للصلاة، وعلى ذمّ من أخر الصلاة عن وقتها، وفيه من دلائل النبوّة أنه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أخبر عن الأمراء الذين يميتون الصلاة وقد وقع في زمن بنى أمية ومن بعدهم إلى زماننا هذا، ودلّ أيضا على عظيم ملاطفته صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لأصحابه، وعلى أن الجاهل بالحكم يطلب منه أن يسأل عنه العالم به

 

صحيح ابن حبان - محققا (4/ 622)

ذِكْرُ لَفْظَةٍ قَدْ تُوهِمُ غَيْرَ الْمُتَبَحِّرِ فِي صِنَاعَةِ الْعِلْمِ أَنَّ الصَّلَاةَ بِلَا نِيَّةٍ جَائِزَةٌ



[1] وفي "اللباب في تهذيب الأنساب" (2/ 322) لابن الأثير:

"الْعَتكِي (بِفَتْح الْعين وَالتَّاء الْمُثَنَّاة من فَوْقهَا وَفِي آخرهَا كَاف): هَذِه النِّسْبَة إِلَى العتيك وَهُوَ بطن من الأزد، وَهُوَ عتِيك بن النَّضر بن الأزد. ينْسب إِلَيْهِ خلقٌ كثيرٌ، مِنْهُم: أَبُو بسطَام شُعْبَة بن الْحجَّاج بن الْورْد الْعَتكِي مَوْلَاهُم من أهل وَاسِط

[2] وقال النووي (المتوفى: 676هـ) _رحمه الله_ في "تهذيب الأسماء واللغات" (1/ 245):

"هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى الأزدى، مولاهم الواسطى، ثم البصرى، مولى عبدة بن الأغر، وعبدة مولى يزيد بن المهلب الأزدي. كان شعبة من واسط، ثم انتقل إلى البصرة فاستوطنها، وهو من تابعى التابعين، وأعلام المحدثين، وكبار المحققين، رأى الحسن ومحمد ابن سيرين، وسمع أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، والشعبى، وخلائق لا يحصون من التابعين، وخلائق من غيرهم." اهـ

[3] ورد معناه فيما أخرجه النسائي في "سننه" (2/ 75) (رقم: 779):

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود _رضي الله عنه_ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

«لَعَلَّكُمْ سَتُدْرِكُونَ أَقْوَامًا يُصَلُّونَ الصَّلَاةَ لِغَيْرِ وَقْتِهَا، فَإِنْ أَدْرَكْتُمُوهُمْ فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَصَلُّوا مَعَهُمْ وَاجْعَلُوهَا سُبْحَةً»

والحديث حسن: حسنه الأرنؤوط في "تخريج مسند أحمد" – ط. الرسالة (6/ 85) (رقم: 3601).

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين