شرح الحديث 58 من رياض الصالحين

  

[58] الخامس: عن أبي هريرةَ[1] - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «غَزَا نبيٌّ مِنَ الأنْبِياءِ[2] _صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهمْ_ فَقَالَ لِقَومهِ :

"لا يَتْبَعَنِّي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأةٍ[3]، وَهُوَ يُريدُ أنْ يَبْنِي بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلا أحَدٌ بَنَى بُيُوتاً لَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلا أحَدٌ اشْتَرَى غَنَماً أَوْ خَلِفَاتٍ[4]، وَهُوَ يَنْتَظِرُ أَوْلادَها".

فَغَزا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاةَ العَصْرِ أَوْ قَريباً مِنْ ذلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ :

"إِنَّكِ مَأمُورَةٌ، وَأنَا مَأمُورٌ[5]، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا[6]

فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللهُ عَلَيهِ،

فَجَمَعَ الغَنَائِمَ فَجَاءتْ _يعني : النَّارَ_ لِتَأكُلَهَا فَلَمْ تَطعَمْها، فَقَالَ :

"إنَّ فِيكُمْ غُلُولاً[7]، فَلْيُبايعْنِي مِنْ كُلِّ قَبيلةٍ رَجُلٌ"،

فَلَزِقَتْ يدُ رجل بِيَدِهِ[8]، فَقَالَ :

"فِيكُمُ الغُلُولُ فلتبايعني قبيلتك"،

فلزقت يد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال : "فيكم الغلول".

فَجَاؤُوا بِرَأْس مثل رأس بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعَهَا، فَجاءت النَّارُ فَأكَلَتْها. فَلَمْ تَحلَّ الغَنَائِمُ لأحَدٍ قَبْلَنَا، ثُمَّ أحَلَّ الله لَنَا الغَنَائِمَ لَمَّا رَأَى ضَعْفَنا وَعَجْزَنَا فَأحَلَّهَا لَنَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

«الخَلِفَاتُ» بفتحِ الخَاءِ المعجمة وكسر اللامِ: جمع خِلفة، وهي الناقة الحامِل.

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 86) (رقم: 3124)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1366) (رقم: 1747)، وأحمد في "مسنده" (13/ 538) (رقم: 8238)، والنسائي في "السنن الكبرى" (8/ 144) (رقم : 8827)، وأبو عوانة في "مستخرجه" (4/ 226_227) (رقم: 6603 و 6604 و 6605)، وابن حبان في "صحيحه" (رقم : 4807 و 4808)، والطبراني في "المعجم الأوسط" (6/ 352) (رقم: 6600)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (6/ 475) (رقم : 12707)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (2/ 151) (رقم : 2618) وغيرهم.

 

من فوائد الحديث :

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 54) للقاضي عياض :

* "وفيه معاقبة الجماعة بفعل سفهائها،

* وأن من فعل الإنسان ما يكون بوحى ومعجزة مثل هذا، أو مثل قصة البقرة، ومنها ما هو بالاجتهاد وأجزأ الأمور على ظواهرها لغيرهم،

* وفيه كل تعظيم لأمر الغلول." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 278) :

"وكانت المغانم للأنبياء المتقدمين يجمعونها فى برية، فتأتى نار من السماء فتحرقها، فإن كان فيها غلول أو مالاً يحل لم تأكلها، وكذلك كانوا يفعلون فى قربانهم، كان المتقبل تأكله النار وما لا يتقبل يبقى على حاله لا تأكله." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 278) :

"ودعاء هذا النبى قومه بالمبايعة بمصافحة أيديهم، اختبار منه للقبيل الذى فيهم الغلول، من أجل ظهور هذه الآية، وهى لصوق يد المبايع بيد النبي." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 278_279)

وفيه: أن الأنبياء قد يحكمون فى الأشياء المعجزات بآيات يظهرها الله على أيديهم شهادة على ما التبس من أمر الحكم، وقد يحكمون أيضًا بحكم لا يكون آية معجزة، ويكون النبى وغيره من الحكام سواء، أو يكون اجتهادهم على حسب ما يتأدى إليهم من مقالة الخصمين؛ فذلك إنما هو ليكون سنة لمن بعدهم. وفيه: أن الغنائم لم تحل لأحد غير محمد وأمته.

وفيه: دليل على تجديد البيعة إذا احتيج إلى ذلك لأمر وقع، وقد فعل ذلك (صلى الله عليه وسلم) تحت الشجرة.___

وفيه: جواز إحراق أموال المشركين وما غنم منها[9]." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 223)

"وَفِيهِ : إِشْعَارٌ بِأَنَّ إِظْهَارَ الْعَجْزِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى يَسْتَوْجِبُ ثُبُوتَ الْفَضْلِ،

* وَفِيهِ: اخْتِصَاصُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِحِلِّ الْغَنِيمَةِ وَكَانَ ابْتِدَاءُ ذَلِكَ مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ وَفِيهَا نَزَلَ قَوْلُهُ _تَعَالَى_ :

{فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 69]

فَأَحَلَّ اللَّهُ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ،

وَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيح من حَدِيث بن عَبَّاسٍ، وَقَدْ قَدَّمْتُ فِي أَوَائِلِ فَرْضِ الْخُمُسِ : أَنَّ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ خُمِّسَتْ غَنِيمَةُ السَّرِيَّةِ الَّتِي خَرَجَ فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ بَدْرٍ بِشَهْرَيْنِ.

وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِمَا ذَكَرَ بن سَعْدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَ غَنِيمَةَ تِلْكَ السَّرِيَّةِ حَتَّى رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ فَقَسَّمَهَا مَعَ غَنَائِمِ بَدْرٍ." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 223)

قَالَ الْمُهَلَّبُ :

* فِي هَذَا الْحَدِيثِ : أَنَّ فِتَنَ الدُّنْيَا تَدْعُو النَّفْسَ إِلَى الْهَلَعِ وَمَحَبَّةِ الْبَقَاءِ، لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ دَخَلَ بِهَا، وَكَانَ عَلَى قُرْبٍ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ قَلْبَهُ مُتَعَلِّقٌ بِالرُّجُوعِ إِلَيْهَا، وَيَجِدُ الشَّيْطَانُ السَّبِيلَ إِلَى شَغْلِ قَلْبِهِ عَمَّا هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الطَّاعَةِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمَرْأَةِ مِنْ أَحْوَالِ الدُّنْيَا."[10]

وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنْ تَقَدَّمَ مَا يُعَكِّرُ عَلَى إِلْحَاقِهِ بِمَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَإِنْ لَمْ يَطُلْ بِمَا قَبْلَهُ وَيَدُلُّ عَلَى التَّعْمِيمِ فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مِنَ الزِّيَادَةِ أَوْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الرُّجُوعِ

* وَفِيهِ : أَنَّ الْأُمُورَ الْمُهِمَّةَ لَا يَنْبَغِي أَنْ تُفَوَّضَ___إِلَّا لِحَازِمٍ فَارِغِ الْبَالِ لَهَا، لِأَنَّ مَنْ لَهُ تَعَلُّقٌ رُبَّمَا ضَعُفَتْ عَزِيمَتُهُ، وَقَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِي الطَّاعَةِ[11]. وَالْقَلْبُ إِذَا تَفَرَّقَ، ضَعُفَ فِعْلُ الْجَوَارِحِ. وَإِذَا اجْتَمَعَ، قَوِيَ.

* وَفِيهِ : أَنَّ مَنْ مَضَى كَانُوا يَغْزُونَ وَيَأْخُذُونَ أَمْوَالَ أَعْدَائِهِمْ وَأَسْلَابَهُمْ، لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا، بَلْ يَجْمَعُونَهَا، وَعَلَامَةُ قَبُولِ غَزْوِهِمْ ذَلِكَ : أَنْ تَنْزِلَ النَّارُ مِنَ السَّمَاءِ، فَتَأْكُلَهَا. وَعَلَامَةُ عَدَمِ قَبُولِهِ : أَنْ لَا تَنْزِلَ. وَمِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الْقَبُولِ : أَنْ يَقَعَ فِيهِمُ الْغُلُولُ.

وَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحِمَهَا لِشَرَفِ نَبِيِّهَا عِنْدَهُ، فَأَحَلَّ لَهُمُ الْغَنِيمَةَ وَسَتَرَ عَلَيْهِمُ الْغُلُولَ، فَطَوَى عَنْهُمْ فَضِيحَةَ أَمْرِ عَدَمِ الْقَبُولِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى نِعَمِهِ تَتْرَى، وَدَخَلَ فِي عُمُومِ أَكْلِ النَّارِ الْغَنِيمَةُ وَالسَّبْيُ، وَفِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ إِهْلَاكُ الذُّرِّيَّةِ وَمَنْ لَمْ يُقَاتِلْ مِنَ النِّسَاءِ،

وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ وَيَلْزَمُ اسْتِثْنَاؤُهُمْ مِنْ تَحْرِيمِ الْغَنَائِمِ عَلَيْهِمْ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ كَانَتْ لَهُمْ عَبِيدٌ وَإِمَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَجُزْ لَهُمُ السَّبْيُ لَمَا كَانَ لَهُمْ أَرِقَّاءُ.

وَيُشْكِلُ عَلَى الْحَصْرِ أَنَّهُ كَانَ السَّارِقُ يَسْتَرِقُ كَمَا فِي قِصَّةِ يُوسُفَ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ.

* وَفِيهِ : مُعَاقَبَةُ الْجَمَاعَةِ بِفِعْلِ سُفَهَائِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحْكَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ الْأَمْرِ الْبَاطِنِ كَمَا فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ وَقَدْ تَكُونُ بِحَسَبِ الْأَمْرِ الظَّاهِرِ كَمَا فِي حَدِيثِ :

"إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ." الْحَدِيثَ،

وَاسْتدلَّ بِهِ ابن بَطَّالٍ عَلَى جَوَازِ إِحْرَاقِ أَمْوَالِ الْمُشْرِكِينَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ وَقَدْ نُسِخَ بِحِلِّ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ،

وَأُجِيبَ عَنْهُ : بِأَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ اسْتُنْبِطَ مِنْ إِحْرَاقِ الْغَنِيمَةِ بِأَكْلِ النَّارِ جَوَازُ إِحْرَاقِ أموات الْكُفَّارِ إِذَا لَمْ يُوجَدِ السَّبِيلُ إِلَى أَخْذِهَا غَنِيمَةً، وَهُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَمْ يَرِدِ التَّصْرِيحُ بِنَسْخِهِ فَهُوَ مُحْتَمَلٌ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا مَا لَمْ يَرِدْ نَاسِخُهُ.

وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ قِتَالَ آخِرِ النَّهَارِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ! لِأَنَّ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِنَّمَا وَقَعَ اتِّفَاقًا كَمَا تَقَدَّمَ نَعَمْ فِي قِصَّةِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ مَعَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فِي قِتَالِ الْفُرْسِ التَّصْرِيحُ بِاسْتِحْبَابِ الْقِتَالِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ وَتَهُبُّ الرِّيَاحُ فَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ يُغْنِي عَن هَذَا." اهـ

 

الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (11/ 64) لابن المنذر النيسابوري :

"ذِكْرُ الحُكْمِ كَانَ فِي الْأُمَم قبل أمة مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتغليظ كَانَ عَلَيْهِم فِي الْغلُول وإحلال الله الْغَنَائِم لهَذِهِ الْأمة." اهـ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (15/ 44) للعيني :

"فَإِن قلت: مَا الْحِكْمَة فِي أكل النَّار غنائمهم والتحليل لنا؟ قلت: جعل هَذَا فِي حَقهم حَتَّى لَا يكون قِتَالهمْ لأجل الْغَنِيمَة لقصورهم فِي الْإِخْلَاص، وَأما تحليلها فِي حق هَذِه الْأمة فلكون الْإِخْلَاص غَالِبا عَلَيْهِم، فَلم يحْتَج إِلَى باعث آخر."

 

شرح النووي على مسلم (12/ 52_53)

هَذِهِ كَانَتْ عَادَةَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فِي الْغَنَائِمِ أَنْ يَجْمَعُوهَا فَتَجِيءَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلَهَا فَيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً لِقَبُولِهَا وَعَدَمِ الْغُلُولِ فَلَمَّا جَاءَتْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ فَأَبَتْ أَنْ تَأْكُلَهَا عُلِمَ أَنَّ فِيهِمْ غُلُولًا فَلَمَّا رَدُّوهُ جَاءَتْ فَأَكَلَتْهَا وَكَذَلِكَ كَانَ أَمْرُ قُرْبَانِهِمْ إِذَا تُقُبِّلَ جَاءَتْ نَارٌ مِنَ___السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهُ." اهـ[12]

 

شرح النووي على مسلم (12/ 53) :

* "وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : إِبَاحَةُ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ _زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا_،

* وَأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (12/ 52) للقاضي عياض :

"اخْتُلِفَ فِي حَبْسِ الشَّمْسِ الْمَذْكُورِ هُنَا، فَقِيلَ : رُدَّتْ عَلَى أَدْرَاجِهَا. وَقِيلَ : وُقِفَتْ وَلَمْ تُرَدَّ وَقِيلَ أُبْطِئَ بِحَرَكَتِهَا. وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ[13]، قَالَ وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي حُبِسَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 205_207) للقاضي ابن هبيرة الشيباني الحنبلي :

* في هذا الحديث من الفقه : تعليم الغزاة ألا يستعين واحدًا جاء له لم يبن، ترك قلبه وراءه، فلا يؤمن من أن يحمله ما في قلبه على أن يفر من المعركة في وقت، فيكون عدمه أنفع للجيش من حضوره؛ والذي ملك بضع امرأة ولم يبن بها، فإن تملك الرجل بضع المرأة يقوي قومه إلى الغشيان.___

* وإن عامر البيوت التي لم تسقف، شديد الحرص على تكملة ما بدأ به من البنيان، ومالك الحوامل شديد التوقع لما فتح له، ولا يؤمن على واحد من هؤلاء أن يستثير له الشيطان.

* وفيه أيضًا دليل على بطلان ما يزعمه المنجمون من أن الأفلاك لا يتصور وقوفها، بل قد وقف الله عز وجل جريان الأفلاك لدعوة ذلك العبد الصالح.

* وفيه أيضًا ما يزيدك أن دعوات المؤمنين إنما تزيد حسنًا إذا قوي إيمانهم فيها؛ لأن الله سبحانه وتعالى يخرق العوائد فلا يدعونه دعاء الجبناء؛ الذين يقفون مع العوائد، فإنهم إذا فكروا في ذلك لم يؤمن أن يكونوا كالمشركين بالعوائد.

* فيه أيضًا ما يدل على أن الغلول إذا كان في جزء من مال يمنع قبول الله عز وجل جميع ذلك المال.

* وفيه: أنه لما كان الغلول من اثنين في جماعة، وكان شياع التهمة تعم غيرهما، يلطف النبي عليه السلام إلى أن علم ذلك بقدرة من الله تعالى في سر لصقها بحيث لصقت بيده يد الغال حتى رد الغلول، فقبل الله ذلك، ونزلت النار فأكلت الغنيمة.

وأما كون الغنائم قد كانت العلامة في قبول الله لها أن تأكلها النار، فإني لأرى الحكمة في ذلك إلا ليكون جهاد المجاهدين خالصًا لله سبحانه من غير أن يشاب بطمع من غنيمة تحصل للمجاهدين؛ ليكون المجاهد في سبيل الله قد علم هو خصمه أنه لا يقاتل على عرض يأخذه، ما يغنمه المجاهد بفرض أن تنزل نار من عند الله فتأكله.___

فكان هذا مما صفى العبادة لله عز وجل، فلما عمت السلامة من سوء القصد هذه الأمة أبيحت لها الغنائم، فكان الإخلاص النهائي: القتال لوجهه عز وجل. فلم يسلبهم أخذ غنيمة، وإذا يظل لهم وفيمن أذعنه الغرض؛ لكونه لم يؤمن عليه فتنة، وفيمن أبيح له تناول ذلك؛ لأنه أمن عليه ما منعه؛ بان التفاوت الذي يبين قوله عز وجل: {كنتم خير أمة أخرجت الناس}." اهـ

 

التوضيح لشرح الجامع الصحيح (24/ 493)

وفيه من الفقه: وجوب استثبات البصائر في الغزو، والحض على جمع الكلمة والنيات؛ لأن الكلمة إذا اجتمعت واختلفت النيات كان ذريعة إلى اختلاف ذات البين، وقد جعل الله تعالى الخذلان في الاختلاف، وجعل الاعتصام في الجماعة، فقال: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103] فلما كان قلب الرجل معلقًا بابتنائه بأهله أو ببنيان يخاف فساده قبل تمامه، أو يحب الرجوع إليه، لم يوثق بثباته عند الحرب، فقطعت الذريعة في ذَلِكَ.

 

طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 248)

* وَأَمْرُهُ بِأَنْ يُبَايِعَهُ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ لِيَظْهَرَ الْغَالُّ بِلُصُوقِ يَدِهِ، وَهَذِهِ مُعْجِزَةٌ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا بِوَحْيٍ،

* وَفِيهِ : مُعَاقَبَةُ الْجَمَاعَةِ بِفِعْلِ سِفْلَتِهَا لِلُّصُوقِ يَدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ الْغُلُولُ مِنْ بَعْضِ قَبِيلَتِهِ، وَلِعَدَمِ قَبُولِ الْغَنِيمَةِ مَعَ أَنَّ الْغُلُولَ إنَّمَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ الْغَانِمِينَ،

* وَفِيهِ أَنَّ أَحْكَامَ الْأَنْبِيَاءِ بِوَحْيٍ وَمُعْجِزَةٍ بِحَسَبِ بَاطِنِ الْأَمْرِ كَمَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَقَدْ يَكُونُ بِحَسَبِ ظَاهِرِ الْأَمْرِ كَغَيْرِهِمْ مِنْ الْحُكَّامِ، وَعَلَيْهِ جَاءَ الْحَدِيثُ «فَمَنْ قَضَيْت لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ بِشَيْءٍ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ النَّارِ» ." اهـ

 

طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 249) :

فِيهِ إبَاحَةُ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأَمَةِ، وَأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِذَلِكَ، وَكَانَ ابْتِدَاءُ تَحْلِيلِ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأَمَةِ فِي وَقْعَةِ بَدْرٍ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ أَخْذِهِمْ فِدَاءَ الْأُسَارَى وَفِي آخِرِهِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} [الأنفال: 67] إلَى قَوْلِهِ {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا} [الأنفال: 69] فَأَحَلَّ اللَّهُ الْغَنِيمَةَ لَهُمْ فَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ حِينَئِذٍ أُحِلَّتْ لَهُ الْغَنَائِمُ لَكِنْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ حِينَ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ أَصْحَابِهِ سَرِيَّةً إلَى بَطْنِ نَخْلَةٍ فِي شَهْرِ رَجَبٍ قَبْلَ بَدْرٍ الْكُبْرَى، وَأَخَذُوا الْعِيرَ وَالْأَسِيرِينَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِأَصْحَابِهِ إنَّ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا غَنِمْتُمْ الْخُمُسَ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ اللَّهُ الْخُمُسَ مِنْ الْمَغَانِمِ فَعَزَلَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خُمُسَ الْعِيرِ، وَقَسَمَ سَائِرَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي آخَرِ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ رَجَبٍ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَمَرْتُكُمْ بِقِتَالٍ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ فَوَقَفَ الْعِيرَ وَالْأَسِيرِينَ، وَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى نَزَلَتْ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} [البقرة: 217] فَحِينَئِذٍ قَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعِيرَ وَالْأَسِيرِينَ» ، وَهَذِهِ الْقِصَّةُ لَيْسَ إسْنَادُهَا بِمُتَّصِلٍ وَلَا ثَابِتٍ فَإِنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ قَالَ فِيهَا، وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لِأَصْحَابِهِ يَذْكُرُ ذَلِكَ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: وَيُقَالُ «إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَفَ غَنَائِمَ نَخْلَةَ حَتَّى رَجَعَ مِنْ بَدْرٍ فَقَسَمَهَا مَعَ غَنَائِمِ أَهْلِ بَدْرٍ، وَأَعْطَى كُلَّ قَوْمٍ حَقَّهُمْ» قَالَ: وَيُقَالُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ خَمَّسَ مَا غَنِمَ وَقَسَمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ سَائِرَ الْغَنَائِمِ فَكَانَ أَوَّلَ خُمُسٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ." اهـ

 

مصابيح الجامع (6/ 427) بدر الدين الدماميني[14] (المتوفى: 827 هـ) :

"وكان إلزاقُ يدِ الغالّ بيد النبيِّ تنبيهاً على أنها يدٌ عليها حقٌّ يطلب أن يتخلص منه، أو دليلاً على أنها يد ينبغي أن يُضرب عليها، ويُحبس صاحبُها حتى يؤدي الحقَّ إلى الإمام، وهو من جنس شهادة اليد على صاحبها يوم القيامة." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 56_57) لفيصل بن عبد العزيز آل مبارك النجدي :

"في هذا الحديث : أنَّ فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع ومحبةِ البقاء.

وفيه : أنَّ الأمور المهمّة لا ينبغي أن تفوَّض إلا لحازم فارغ البال لها.

قال القرطبي : نهي النبيُّ قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال؛ لأنَّ أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم، وتفتر رغباتهم___في الجهاد والشهادة، وربّما يفرط ذلك التعلّق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير.

ومقصود هذا النبي - صلى الله عليه وسلم - تفرغهم من العوائق والاشتغال إلى تمنَّي الشهادة بنيِّة صادقة، وعزم حازم، ليتحصَّلوا على الحظ الأوفر والأجر الأكبر.[15]." اهـ

 

 

شرح رياض الصالحين (1/ 315) للعثيمين :

دل على أنه ينبغي للإنسان إذا أراد طاعة أن يفرغ قلبه وبدنه لها، حتى يأتيها وهو مشتاق إليها، وحتى يؤديها على مهل وطمأنينة وإنشراح صدر." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 316_319)

ففي هذا الحديث دليل على فوائد عديدة:

منها: أن الجهاد مشروع في الأمم السابقة كما هو مشروع في هذه الأمة، وقد دل علي هذا كتاب الله في قوله:) وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا) (آل عمران: من الآية146) ، وكذلك قصة طالوت وجالوت وداود - عليه الصلاة والسلام- في سورة البقرة، الآيات 246/252.

ومنها أيضاً من الفوائد : دليل على عظمة الله عز وجل، وأنه هو مدبر الكون، وأنه- سبحانه وتعالي- يجري الأمور على غير طبائعها، أما لتأييد الرسول، وأما لدفع شر عنه، وإما لمصلحة في الإسلام.

المهم أن آيات الأنبياء فيها تأييد لهم بأي وجه كانت. وذلك لأن الشمس حسب طبيعتها التي خلقها الله عليها تجري دائما ولا تقف ولا تتقدم ولا تتأخر إلا بأمر الله، لكن الله هنا أمرها أن تنحس، فطال وقت ما بين صلاة العصر إلي الغروب، حتى فتح الله على يد النبي صلي الله عليه وسلم.

وفي هذا رد على أهل الطبيعة الذين يقولون إن الأفلاك لا تتغير؟! سبحان الله من الذي خلق الأفلاك؟ الله عز وجل، فالذي خلقها قادر على تغييرها، ولكن هم يرون أن هذه الأفلاك تجري بحسب الطبيعة ولا أحد يتصرف فيها والعياذ بالله؛ لأنهم ينكرون الخالق.___

وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على أن الأفلاك تتغير بأمر الله؛ فهذا النبي دعا الله ووقفت الشمس، ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب منه المشركون أن يريهم آية تدل على صدقة فأشار صلى الله عليه وسلم إلى القمر فانشق شقتين وهم يشاهدون، شقة على الصفا وشقة على المروة.

وفي هذا يقول الله عز وجل: (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (القمر 1، 2) .

قالوا: هذا محمد سحرنا والقمر لم ينشق، بل محمد سحرنا، أفسد نظرنا وعيوننا، لأن الكافر ـ والعياذ بالله ـ الذي حقت عليه كلمة الله لا يؤمن، كما قال الله: (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ) (وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ) (يونس: 96، 97) . نسأل الله لنا ولكم العافية، وأن يهدي قلوبنا.

القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ويصرفها كيف يشاء. فالذي حقت عليه كلمة العذاب لا يؤمن أبدا ولو جئته بكل آية، ولهذا طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم آية، وأراهم هذه الآية العجيبة، التي لم يقدر أحد عليها، وقالوا:) اسِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) (القمر 2، 3) .

وفي هذا الحديث من الفوائد : بيان نعمة الله على هذه الأمة، حيث أحل لها المغانم التي تنغمها من الكفار ـ وكانت حراما على من سبقا ـ لأن هذه الغنائم فيها خير كثير على الأمة الإسلامية، تساعد على الجهاد وتعينها عليه.____

فهم يغنمون من الكفار أموالا يقاتلون بها مرة أخرى، وهذا من فضل الله، كما قال النبي صلي الله عليه وسلم: ((أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي. . . وذكر منها: وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي))

وفي الحديث أيضا من آيات الله أن الذين غلوا لزقت أيديهم بأيدي النبي، وهذا خلاف العادة، ولكن الله على كل شيء قدير؛ لأن العادة إذا صافحت اليد يدا أخرى أنها تنطلق، ولكن الذين غلوا لم تنطلق أيديهم، أمسكوا بيد النبي، فهذه علامة، فالنبي لا يعلم الغيب.

ومن فوائد الحديث: أن الأنبياء لا يعلمون الغيب ـ وهو واضح ـ إلا ما أطلعهم الله عليه، أما هم فلا يعلمون الغيب.

وشواهد كثيرة فيما جرى لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام، حيث يخفى أشياء كثيرة، كما قال الله: (قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) (التحريم: 3) ، أما هو فلا يعلم الغيب.

وأصحابه ـ رضوان الله عنهم ـ يكونون معه يخفون عليه، فكان معه ذات يوم أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ وكان عليه جنابة، فانخنس ليغتسل، فقال له عندما رجع من غسل الجنابة: ((أين كنت يا أبا هريرة؟)) ، إذا فالرسول___ _عليه الصلاة والسلام_ لا يعلم الغيب، ولا أحد من الخلق يعلم الغيب، كما قال الله عز وجل: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً) (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً) (الجن 26، 27) .

وفي هذا الحديث أيضا : دليل على قدرة الله من جهة أن هذه النار لا يدرى من اين جاءت، بل تنزل من السماء، لا هي من أشجار الأرض، ولا من حطب الأرض، بل من السماء يأمرها الله، فتنزل، فتأكل هذه الغنيمة التي جمعت. والله الموفق."

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (11/ 135)

ذِكْرُ تَحْلِيلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْغَنَائِمَ لِأُمَّةِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (11/ 136)

ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْغَنَائِمَ لَمْ تَحِلَّ لِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ خَلَا هَذِهِ الْأُمَّةِ." اهـ

 

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 399_401) للألباني :

"من فوائد الحديث

 

1 - قال المهلب: فيه أن فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع ومحبة البقاء. لأن من ملك بضع امرأة، ولم يدخل بها، أو دخل بها، وكان على قرب من ذلك، فإن قلبه متعلق بالرجوع إليها، ويجد الشيطان السبيل إلى شغل قلبه عما هو عليه، وكذلك غير المرأة من أحوال الدنيا."

2 - قال ابن المنير: يستفاد منه الرد على العامة في تقديمهم الحج على الزواج، ظنا منهم أن التعفف إنما يتأكد بعد الحج، بل الأولى أن يتعفف ثم يحج.

قلت : وقد روي في موضوع الحج قبل الزواج أو بعده حديثان كلاهما عن أبي هريرة مرفوعا، ولكنهما موضوعان، كما بينته في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (رقم 221 - 222) .

3 - وفيه أن الشمس لم تحبس لأحد إلا ليوشع عليه السلام، ففيه إشارة إلى ضعف ما يروى أنه وقع ذلك لغيره، ومن تمام الفائدة أن أسوق ما وقفنا عليه من ذلك :

1 - ما ذكره ابن إسحاق في " المبتدأ " من طريق يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه : "أن الشمس حبست لموسى عليه السلام لما حمل تابوت يوسف صلى الله عليه وسلم."

قلت : وهذا موقوف، والظاهر أنه من الإسرائيليات. وقصة نقل موسى لعظام يوسف عليهما السلام من قبره في مصر في " المستدرك " (2 / 571 - 572) بسند صحيح عنه _صلى الله عليه وسلم_، وليس فيها ذكر لحبس الشمس.

2 - أنها حبست لداود عليه السلام.

أخرجه الخطيب في " ذم النجوم " له من طريق أبي حذيفة، وابن إسحاق في " المبتدأ " بإسناد له عن علي موقوفا مطولا.

قال الحافظ :___"وإسناده ضعيف جدا، وحديث أبي هريرة المشار إليه عند أحمد أولى، فإن رجال

إسناده محتج بهم في الصحيح، فالمعتمد أنها لم تحبس إلا ليوشع ".

3 - أنها حبست لسليمان بن داود _عليهما السلام_، في قصة عرضه للخيل، وقوله الذي حكاه الله عنه في القرآن: " ردوها علي ". رواه الثعلبي ثم البغوي عن ابن عباس.

قال الحافظ: " وهذا لا يثبت عن ابن عباس ولا عن غيره، والثابت عن جمهور أهل العلم بالتفسير من الصحابة ومن بعدهم أن الضمير المؤنث في قوله: (ردوها علي)

للخيل. والله أعلم ".

4 - ما حكاه عياض أن الشمس ردت للنبي _صلى الله عليه وسلم_ يوم الخندق لما شغلوا عن صلاة العصر حتى غربت الشمس، فردها الله عليه حتى صلى العصر.

قال الحافظ :

" كذا قال! وعزاه للطحاوي، والذي رأيته في " مشكل الآثار " للطحاوي ما قدمت ذكره من حديث أسماء ".

قلت : ويأتي حديث أسماء قريبا إن شاء الله تعالى. وقصة انشغاله _صلى الله عليه وسلم_ عن صلاة العصر في " الصحيحين " وغيرهما وليس فيها ذكر لرد الشمس

عليه صلى الله عليه وسلم، انظر " نصب الراية " (2 / 164) .

5 - ومن هذا القبيل ما ذكره يونس بن بكير في زياداته في " مغازي ابن إسحاق " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر قريشا صبيحة الإسراء أنه رأى العير التي لهم وأنها تقدم مع شروق الشمس، فدعا الله فحبست الشمس حتى دخلت العير.

قلت : وهذا معضل، وأما الحافظ فقال :___" وهذا منقطع، لكن وقع في " الأوسط " للطبراني من حديث جابر أن النبي _صلى الله عليه وسلم أمر الشمس فتأخرت ساعة من النهار. وإسناده حسن ". اهـ



[1] ترجمة أبي هريرة الدوسي :

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي :

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة." اهـ

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) : "وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 561) للذهبي :

"قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت: روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين حديثًا (5370). في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

[2] وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 221) :

قَوْلُهُ (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ)، أَيْ : أَرَادَ أَنْ يَغْزُوَ.

وَهَذَا النَّبِيُّ : هُوَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ كَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَبَيَّنَ تَسْمِيَةَ الْقَرْيَةِ، كَمَا سَيَأْتِي.

وَقَدْ وَرَدَ أَصْلُهُ مِنْ طَرِيقٍ مَرْفُوعَةٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : (إِنَّ الشَّمْسَ لَمْ تُحْبَسْ لِبَشَرٍ إِلَّا لِيُوشَعَ بْنِ نُونٍ لَيَالِيَ سَارَ إِلَى بَيْتِ الْمُقَدّس)." اهـ

قلت: الحديث الذي ساقه الحافظ عن قصة يوشع أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (14/ 65) (رقم : 8315)، وصححه الأرنؤوط، وكذا الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 393) (رقم : 202)

ووقال ابن كثير _رحمه الله_ في "البداية والنهاية" – ط. الفكر (1/ 323):

"ذَكَرَ أَهْلُ الْكِتَابِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ التَّارِيخِ أَنَّهُ قَطَعَ بنى إِسْرَائِيلَ نَهْرَ الْأُرْدُنِّ وَانْتَهَى إِلَى أَرِيحَا وَكَانَتْ مَنْ أَحْصَنِ الْمَدَائِنَ سُورًا وَأَعْلَاهَا قُصُورًا وَأَكْثَرِهَا أَهْلًا فَحَاصَرَهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ. ثُمَّ إِنَّهُمْ أَحَاطُوا بِهَا يَوْمًا وَضَرَبُوا بِالْقُرُونِ يَعْنِي الْأَبْوَاقَ وَكَبَّرُوا تَكْبِيرَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَتَفَسَّخَ سُورُهَا وَسَقَطَ وَجْبَةً وَاحِدَةً، فَدَخَلُوهَا وَأَخَذُوا مَا وَجَدُوا فِيهَا مِنَ الْغَنَائِمِ وَقَتَلُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَحَارَبُوا مُلُوكًا كَثِيرَةً.

وَيُقَالُ: إِنَّ يُوشَعَ ظَهَرَ عَلَى أَحَدٍ وَثَلَاثِينَ مَلِكًا مِنْ مُلُوكِ الشَّامِ. وَذَكَرُوا أَنَّهُ انْتَهَى مُحَاصَرَتُهُ لَهَا إِلَى يَوْمِ جُمُعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ. فَلَمَّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ أَوْ كَادَتْ تَغْرُبُ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِمُ السَّبْتُ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِمْ وَشُرِعَ لَهُمْ ذَلِكَ الزَّمَانَ قَالَ لَهَا إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهمّ احْبِسْهَا عَلَيَّ فَحَبَسَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِ الْبَلَد". اهـ

ثم قال في البداية والنهاية ط الفكر (1/ 323) :

"وَلَكِنَّ ذِكْرَهُمْ أَنَّ هَذَا فِي فَتْحِ أَرِيحَا فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَشْبَهُ _وَاللَّهُ أَعْلَمُ_ : أَنَّ هَذَا كَانَ فِي فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّذِي هُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ. وَفَتْحُ أَرِيحَا كَانَ وَسِيلَةً إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

[3] وفي شرح النووي على مسلم (12/ 51) : "أَمَّا الْبُضْعُ، فَهُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ، وَهُوَ : فَرْجُ الْمَرْأَةِ." اهـ

[4] وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 222) : "قَوْلُهُ (أَوْ خَلِفَاتٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ بَعْدَهَا فَاءٌ خَفِيفَةٌ جَمْعُ خَلِفَةٍ وَهِيَ الْحَامِلُ مِنَ النُّوقِ." اهـ

[5] وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 222) :

"قَوْلُهُ (فَقَالَ لِلشَّمْسِ : "إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ"، فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : (فَلَقِيَ الْعَدُوَّ عِنْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّمْسِ)،

وَبَيَّنَ الْحَاكِمُ فِي رِوَايَته عَن___كَعْبٍ سَبَبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ : أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى الْقَرْيَةِ وَقْتَ عَصْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَكَادَتِ الشَّمْسُ أَنْ تَغْرُبَ، وَيَدْخُلَ اللَّيْلُ."

وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأَنَا مَأْمُورٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَأْمُورِينَ أَنَّ أَمْرَ الْجَمَادَاتِ أَمْرُ تَسْخِيرٍ وَأَمْرَ الْعُقَلَاءِ أَمْرُ تَكْلِيفٍ." اهـ

[6] وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 223) : "أَيْ : قَدْرَ مَا تَنْقَضِي حَاجَتُنَا مِنْ فَتْحِ الْبَلَدِ." اهـ

[7] وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 223) : "قَوْلُهُ (فَقَالَ : "إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا") هُوَ السَّرِقَةُ مِنَ الْغَنِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ." اهـ

[8] وفي فتح الباري لابن حجر (6/ 223) :

"قَوْلُهُ (فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ)، فِي رِوَايَةِ أَبِي يَعْلَى (فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ)، وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ (رجلَانِ) بِالْجَزْمِ،

قَالَ بن الْمُنِيرِ : "جَعَلَ اللَّهُ عَلَامَةَ الْغُلُولِ إِلْزَاقَ يَدِ الْغَالِّ، وَفِيهِ تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهَا يَدٌ عَلَيْهَا حَقٌّ يُطْلَبُ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْهُ أَوْ أَنَّهَا يَدٌ يَنْبَغِي أَنْ يُضْرَبَ عَلَيْهَا وَيُحْبَسَ صَاحِبُهَا حَتَّى يُؤَدِّيَ الْحَقَّ إِلَى الْإِمَامِ وَهُوَ مِنْ جِنْسِ شَهَادَةِ الْيَدِ عَلَى صَاحِبِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ." اهـ

[9] وفي طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 248) للعراقي :

"وَهُوَ عَجِيبٌ لِأَنَّ تِلْكَ شَرِيعَةٌ مَنْسُوخَةٌ لَا عَمَلَ عَلَيْهَا عِنْدَنَا، وَلِأَنَّ ذَلِكَ الْإِحْرَاقُ لَيْسَ بِفِعْلِهِمْ، وَإِنَّمَا هُوَ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُمْ فِيهِ." اهـ

[10] وفي شرح صحيح البخارى لابن بطال (5/ 277) :

"قال المهلب: فى حديث النبى الذى أمر ألا يتبعه من لم يتزوج: فيه دليل أن فتن الدنيا تدعو النفس إلى الهلع وتخيبها؛ لأن من ملك بضع امرأة، ولم يبن بها، أو بنى بها، وكان على طراوة منها، فإن قلبه متعلق بالرجوع إليها، وشغله الشيطان عما هو فيه من الطاعة، فرمى فى قلبه الجزع، وكذلك ما فى الدنيا من متاعها وقنيتها." اهـ

[11] وفي شرح النووي على مسلم (12/ 51_52) : "وَفِي هذا الحديث أن الأمور المهمة ينبغي أن لا تُفَوَّضَ إِلَّا إِلَى أُولِي الْحَزْمِ وَفَرَاغِ الْبَالِ لَهَا وَلَا تُفَوَّضُ إِلَى مُتَعَلِّقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهَا،__لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ عَزْمَهُ وَيُفَوِّتُ كَمَالَ بَذْلِ وُسْعِهِ فِيهِ."

وفي طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 246_247) : "فِيهِ أَنَّ الْأُمُورَ الْمُهِمَّةَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تُفَوَّضَ إلَّا إلَى أُولِي الْحُزَمِ وَفَرَاغِ___الْبَالِ لَهَا، وَلَا تُفَوَّضُ إلَى مُتَعَلِّقِ الْقَلْبِ بِغَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُ عَزَمَهُ، وَيُفَوِّتُ كَمَالَ بَذْلِ وُسْعِهِ فِيهِ." اهـ

[12] وفي طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 248) للعراقي :

"وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَةَ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ فِي الْغَنَائِمِ أَنْ يَجْمَعُوهَا فَتَجِيءَ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَتَأْكُلَهَا فَيَكُونَ ذَلِكَ عَلَامَةً لِقَبُولِهَا وَعَدَمِ الْغُلُولِ فِيهَا فَلَمَّا أَبَتْ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ أَنْ تَأْكُلَهَا عَرَفَ أَنَّ فِيهِمْ غُلُولًا فَلَمَّا رَدُّوهُ جَاءَتْ فَأَكَلَتْهَا، وَكَذَلِكَ كَانَ أَمْرُ قُرْبَانِهِمْ إذَا يُقْبَلُ جَاءَتْ نَارٌ مِنْ السَّمَاءِ فَأَكَلَتْهُ.."

[13] وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 53) للقاضي عياض : "وذلك كله من علامات النبوة وخصائص كراماتها. ويقال: إن الذى حبست عليه الشمس هو يوشع بن نون - والله أعلم." اهـ

وفي إكمال المعلم بفوائد مسلم (6/ 54) : "فقال : (فيكم غلول) من دلائل النبوة وخصائصها." اهـ

[14] وفي لب اللباب في تحريرالأنساب (ص: 107) للسيوطي : "والدماميني: بالفتح إلى دَمَامِين بلد بصعيد مصر." اهـ

[15] وفي دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 214) لابن علان الصديقي :

"قال القرطبي : "نهى النبي قومه عن اتباعه على أحد هذه الأحوال، لأن أصحابها يكونون متعلقي النفوس بهذه الأسباب فتضعف عزائمهم وتفتر رغباتهم في الجهاد والشهادة وربما يفرط ذلك التعلق فيفضي إلى كراهة الجهاد وأعمال الخير؛ ومقصود هذا النبي تفرغهم من العوائق والاشتغال إلى تمني الشهادة بنية صادقة وعزم حازم ليحصلوا على الحظّ الأوفر والأجر الأكبر." اهـ.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين