شرح الحديث 6_7 من بلوغ المرام

 

6 - وَعَنْ رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ أَوْ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ, وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ


7 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ مَيْمُونَةَ" أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَصْحَابِ السُّنَنِ: "اغْتَسَلَ بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي جَفْنَةٍ, فَجَاءَ لِيَغْتَسِلَ مِنْهَا, فَقَالَتْ: إِنِّي كُنْتُ جُنُبًا، فَقَالَ: إِنَّ الْمَاءَ لَا يَجْنُبُ" وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ.

 

ترجمة عبد الله بن سرجس المزني المخزومي _رضي الله عنه_

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( م د ت س ق ) عبد الله بن سَرْجِس المُزَنِيُّ (وقيل: المخزومى)، حليف لهم، له صحبة ، سكن البصرة . اهـ .

 

الإصابة في تمييز الصحابة (4/ 92) (رقم : 4723) :

"عبد اللَّه بن سَرْجِسَ (بفتح المهملة وسكون الراء وكسر الجيم وبعدها مهملة) المزني، حليف بني مخزوم." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 426) (رقم : 74) :

"عَبْدُ اللهِ بنُ سَرْجِسَ المُزَنِيُّ * (م، 4) : الصَّحَابِيُّ، المُعَمَّرُ، نَزِيْلُ البَصْرَةِ، مِنْ حُلفَاءِ بَنِي مَخْزُوْمٍ. صَحَّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَغْفَرَ لَهُ

 

وقال الأرنؤوط في تعليقه على "سير أعلام النبلاء"، ط. الرسالة (3/ 426)

"أخرجه مسلم في " صحيحه " (2346) من طريق عبد الواحد بن زياد، حدثنا عاصم الاحول، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ خُبْزًا وَلَحْمًا، أَوْ قَالَ ثَرِيدًا، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: أَسْتَغْفَرَ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلَكَ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] قَالَ: ثُمَّ دُرْتُ خَلْفَهُ «فَنَظَرْتُ إِلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ. عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى. جُمْعًا عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ»

وهو في " المسند " 5 / 82، وابن سعد 7 / 58.

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/ 916)

روى عَنْهُ عَاصِم الأحول، وقتادة، قال عَاصِم الأحول: عَبْد اللَّهِ بْن سرجس رأى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يكن لَهُ صحبة.

وقال أَبُو عُمَر: لا يختلفون فِي ذكره فِي الصحابة، ويقولون: لَهُ صحبة على مذهبهم فِي اللقاء والرؤية والسماع، وأما عَاصِم الأحول فأحسبه أراد الصحبة التي يذهب إليها العلماء، وأولئك قليل كَالْعَشَرَةِ." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 427)

مَاتَ ابْنُ سَرْجِسَ: فِي دَوْلَةِ عَبْدِ المَلِكِ بنِ مَرْوَانَ، سَنَةَ نَيِّفٍ وَثَمَانِيْنَ، بِالبَصْرَةِ.

 

نص الحديث وشرحه:

 

وَعَنْ رَجُلٍ صَحِبَ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:

"نَهَى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَغْتَسِلَ الْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ أَوْ الرَّجُلُ بِفَضْلِ الْمَرْأَةِ, وَلْيَغْتَرِفَا جَمِيعًا" أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ

 

والذي يظهر أن الرجل هو عبد الله بن سَرْجِس الْمُزَنِيُّ _رضي الله عنه_ على ما أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/ 133) (رقم: 374):

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ يَغْتَسِلَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةُ بِفَضْلِ الرَّجُلِ، وَلَكِنْ يَشْرَعَانِ جَمِيعًا»

 

وفي سنن أبي داود (1/ 8) (رقم: 28):

عَنْ حُمَيْدٍ الْحِمْيَرِيِّ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:

"لَقِيتُ رَجُلًا صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَحِبَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمْتَشِطَ أَحَدُنَا كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ يَبُولَ فِي مُغْتَسَلِهِ»."[1]

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه أبو داود في "سننه" (1/ 21) (رقم: 81)، والترمذي في "سننه" – ت. شاكر (1/ 92) (رقم: 63)، والنسائي في "سننه" (1/ 130) (رقم: 238)، وفي "السنن الكبرى" (1/ 166) (رقم: 235)، وأحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (4/ 111 و 5/ 369) (رقم: 17012 و 23132)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 294) (رقم: 913)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص: 67) (رقم: 51).                                      

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "صحيح أبي داود" - الأم (1/ 141) (رقم: 75)

 

من فوائد الحديث:

 

وقال العثيمين _رحمه الله_ في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" – ط. المكتبة الإسلامية (1/ 80):

* "في هذا الحديث توجيه من رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ وأدَبٌ رفيعٌ، وهو أن الرجل مع زوجته إذا وجب عليهما الغُسْلُ، فلا ينبغي أن يذهب الرجل يغتسل وحده، ثم تأتي بعده المرأة، أو المرأةُ ثم يأتي بعدها الرجُلُ،

بل الأفضل أن يغترفا جميعا، وهذا الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يفعله؛

فقد كان هو صلى الله عليه وسلم وعائشة رضي الله عنها يغتسلان من إناء واحد تختلف فيه أيديهما حتى إنها تقول: "دع لي، دع لي".[2] إذا سبقها وتختلف الأيدي فيه،

وهذا يقتضي أنها إلى جَنْبِ زَوْجِهَا تَغْتَسِلُ؛ فصار في هذا سنةٌ قوليةٌ،

* وفيه أيضا من الإلفة والاقتصاد في الماء ما هو معلوم؛ لأن الرجل إذا كان قد رفع الكلفة بينه وبين أهله فإن هذا يوجب زيادة الثقة وزيادة المودة.

* في هذا الحديث من الفوائد: إرشاد النبي _صلى الله عليه وسلم_ إلى ما هو مصلحة للأمة حتى في الأمور التي قد يستحيا من ذكرها؛ لأن هذا قد يستحيي بعض الناس من ذكره.

* ومن فوائده: أن الأولى للإنسان ألا يفرد أهله بغسل ونفسَه بغسل.

* ومن فوائد الحديث: أنه يجوز للرجل أن ينظر إلى أهله وليس بينه وبين أهله عورة؛ يعني: يجوز أن يغتسل وهو عار وتغتسل هي أيضا وهي عارية ولا بأس بذلك،

وأما الحديث الذي___يروى عن عائشة قالت: "ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني: الفرج- ولا رآه مني"؛ فهذا ليس بصحيح، إذن يؤخذ من ذلك: جواز تعري الرجل أمام زوجته والمرأة أما زوجها.

* ومن فوائد هذا الحديث: أنه ينبغي للزوج أن يفعل كل ما يكون فيه الإلفة بينه وبين زوجته ورفع الكلفة، فإن هذه الصورة التي ذكرها الرسول - عليه الصلاة والسلام- وأرشد إليها لا شك أن فيها الإلفة ورفع الكلفة.

يرى بعض أهل العلم أن الرجل لو اغتسل بفضل المرأة فإنه لا يرتفع حدثه لكنهم اشترطوا شروطا:

منها: أن تكون خالية به.

ومنها: أن يكون قليلا.

ومنها: أن يكون خلوها به عن حدث لا عن نجاسة.

وذكروا أشياء، لكن الشأن أنهم يقولون: إن الرجل لو تطهر به لم يرتفع حدثه، فإن لم يجد غيره تطهر به وتيمم، وهذا قول لا أساس له من الصحة لماذا؟

أولا: أن الرسول - عليه الصلاة والسلام- بين أن هذا النهي ليس نهي تحريخم ولكنه نهي تأديب لقوله: "وليغترفا جميعا".

ثانيا: أنه لو فرض أنه نهي تحريم فليس في ذلك إشارة إلى أنه لو فعل لم يرتفع الحدث.

وقد لقول قائل: إنه لو فعل لم يرتفع حدثه؛ لأنه فعل ما لم يؤمر به، فعمل عملا ليس عليه أمر الله ورسوله فيكون مردودا.

نقول: لو سلمنا هذا جدلا فلماذا يفرق بين الرجل والمرأة، لماذا لا يقال: إذا اغتسل الرجل بالماء خاليا به فإن المرأة لا تغتسل به، أليس هذا هو مقتضى العدل في حديث واحد النهي واحد؟ فنقول في جانب منه: إن الطهارة غير صحيحة، وفي جانب آخر نقول: إن الطهارة صحيحة هذا تحكم واضح، ولولا أننا نشهد أن هؤلاء العلماء الذين ذهبوا هذا المذهب إنما أرادوا الحق، لكن نشهد أن هذا ليس بصحيح، القول غير صحيح، والمسلك غير سليم، كيف تحتج بحديث واحد على مسألتين دل عليهما الحديث، وتفوق أنت بينهما؟ هذا شيء عجيب! !

على كل حال نقول: إن هذا النهي من باب التوجيه والإرشاد وليس من باب التحريم؛ لأنه أرشد إلى صفة أحسن من هذه الصفة وهي: أن يغترفا جميعا." اهـ

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 131)

* ما يؤخذ من الحديث:

1 - نهي الرجل أنْ يغتسل بفضل طهور المرأة.

2 - نهي المرأة أنْ تغتسل بفضل طهور الرجل.

3 - المشروع هو أنْ يغتسلا ويغترفا معًا. وقد جاء في صحيح البخاري (193) عن ابن عمر: "أنَّ الرجال والنساء كانوا يتوضَّؤون في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جميعًا"، وفي رواية هشام بن عمَّار عن مالك قال فيها: "من إناء واحد" [رواه ابن ماجه (376)، ورواه أبو داود (77) من وجهٍ آخر].

4 - هذا الإطلاق مقيَّدٌ بأنهُ ليس المراد به الرجال الأجانب من النساء، وإنَّما المراد الزوجات، أو من يحل له أن يرى منها مواضع الوضوء.

5 - ما جاء في حديث الباب فهو يبين حكم الغسل، وحديث ابن عمر الذي في البخاري يبين حكم الوضوء الذي جاء صريحًا بما رواه الحكم بن عمرو الغفاري قال: "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنْ يتوضأ الرجل بفضل طهور المرأة"، رواه أحمد وأصحاب السنن. والمشهور عند الحنابلة: أنَّه طهور إلاَّ بحق الرجل." اهـ

 

حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 151_152):

"وَبِالْجُمْلَةِ فَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ فَضْلِ الطَّهُورِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمُ الْوُضُوءُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ___قَوْلُ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيُّ." اهـ

 



[1]  صححه الألباني في "صحيح أبي داود" - الأم (1/ 57) (رقم: 22).

[2]  ففي صحيح البخاري (1/ 63) (رقم: 273)، و"صحيح مسلم" (1/ 257) (رقم: 321): عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ إِنَاءٍ بَيْنِي وَبَيْنَهُ وَاحِدٍ، فَيُبَادِرُنِي حَتَّى أَقُولَ: دَعْ لِي، دَعْ لِي. قَالَتْ: وَهُمَا جُنُبَانِ." واللفظ لمسلم.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين