شرح الحدريث 3-4 من بلوغ المرام

 

3 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيْحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ». أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

وَلِلْبَيْهَقِيِّ: "الْمَاءُ طَهُورٌ إِلاَّ إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ"

 

ترجمة أبي أمامة الباهلي _رضي الله عنه_:

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 359) (رقم: 52): "أَبُو أُمَامَةَ البَاهِلِيُّ * (ع): صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزِيلُ حِمْصَ. رَوَى: عِلْماً كَثِيْراً. " اهـ

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/ 1602)

سكن أَبُو أمامة الباهلي مصر، ثم انتقل منها إِلَى حمص فسكنها، ومات بها، وَكَانَ من المكثرين فِي الرواية عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأكثر حديثه عند الشاميين.

 

إكمال تهذيب الكمال (6/ 367) (رقم: 2499): "(ع) صدي بن عجلان بن وهب (ويقال: ابنِ عَمْرٍو) أبو أمامة الباهلي. وباهلة: هم بنو سعد مناة ومعن ابني مالك بن أعصر بن سعد بن قيس غيلان بن مضر.

 

مختصر تاريخ دمشق (11/ 77)

سكن أبو أمامة الشام، وسكن حمص، وهو الصدي بن عجلان بن وهب بن عَريب بن وهب بن رياح بن الحارث بن مَعْن بن مالك بن أعصُر. من أهل الشام.

 

مختصر تاريخ دمشق (11/ 78)

نُسب إلى باهلة. وباهلة بنت أود بن صعب بن سعد العشيرة بن مالك بن أدد بن زيد بن يشحب بن يعرب بن قحطان. هي امرأة معن بن زيد بن أعصُر بن قيس عيلان.

 

الأعلام للزركلي (3/ 203):

"صُدَيّ بن عَجْلان (000 - 81 هـ = 000 - 700 م)

صدي بن عجلان بن وهب الباهلي، أبو أمامة: صحابي. كان مع علي في (صفين) وسكن الشام، فتوفي في أرض حمص. وهو آخر من مات من الصحابة بالشام. له في الصحيحين 250 حديثا." اهـ

 

إكمال تهذيب الكمال (6/ 369):

"وفي «الاستيعاب»: "كان من المكثرين في الرواية. وذكره ابن منده في «الأرداف»." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360)

قَالَ سُلَيْمُ بنُ عَامِرٍ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُوْلُ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ. قُلْتُ لأَبِي أُمَامَةَ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: أَنَا يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَلاَثِيْنَ سَنَةً." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360):

"وَرُوِيَ: أَنَّهُ بَايعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ." اهـ[1]

 

كمال الدين ابن العديم (المتوفى: 660هـ) _رحمه الله_ في "بغية الطلب فى تاريخ حلب" (10/ 4328):

"أبو أمامة الباهلي: صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه صدي بن عجلان، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، تقدم ذكره." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360)

وَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، مُرْنِي بِعَمَلٍ.

قَالَ: (عَلَيْكَ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لاَ مِثْلَ لَهُ) .

فَكَانَ أَبُو أُمَامَةَ، وَامْرَأَتُهُ، وَخَادِمُهُ لاَ يُلْفَوْنَ إِلاَّ صِيَاماً." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 363)

قَالَ المَدَائِنِيُّ، وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ أَبُو أُمَامَةَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِيْنَ.

وَقَالَ إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَيَّاشٍ: مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ.

 

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 736)

"توفي سنة إحدى وثمانين، وهو ابن إحدى وتسعين سنة. ويقَالَ: مات سنة ست وثمانين.[2]

قَالَ سفيان بن عيينة: كان أبو أمامة الباهلي آخر من بقى بالشام من أصحاب رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قال أبو عمر: قد بقى بالشام بعده عبد الله بن بسر، هو آخر من مات بالشام من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ." اهـ

 

الطبقات الكبرى ط دار صادر (7/ 412)

قَالُوا: وَتُوُفِّيَ أَبُو أُمَامَةَ بِالشَّامِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ، فِي خِلَافَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَهُوَ ابْنُ إِحْدَى وَسِتِّينَ سَنَةً

 

تاريخ دمشق لابن عساكر (24/ 75)

عبد الصمد بن سعيد القاضي قال في تسمية من نزل حمص من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبو أمامة صدي بن عجلان سكن حمص ثم سلس بوله فاستأذن الوالي إلى أن يصير إلى دنوة، فأذن له، فمات بها، وخلف ابنا يقال له المغلس

 

تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 1022)

وقال الوليد بن مسلم: حدثنا ابن جَابِرٍ، عَنْ مَوْلاةٍ لِأَبِي أُمَامَةَ، قَالَتْ: كَانَ أَبُو أُمَامَةَ يُحِبُّ الصَّدَقَةَ، وَلا يَقِفَ بِهِ سائل إلا أعطاه، فأصبحنا يوما وليس عندنا إِلا ثَلاثَةَ دَنَانِيرَ، فَوَقَفَ بِهِ سَائِلٌ، فَأَعْطَاهُ دِينَارًا، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، ثُمَّ آخَرُ فَكَذَلِكَ، قُلْتُ: "لَمْ يَبْقَ لَنَا شَيْءٌ."

ثُمَّ رَاحَ إِلَى مَسْجِدِه صَائِمًا، فَرَقَقْتُ لَهُ، وَاقْتَرَضْتُ لَهُ ثَمَنَ عَشَاءٍ، وَأَصْلَحْتُ فِرَاشَهُ، فَإِذَا تَحْتَ الْمِرْفَقَةِ ثَلاثُمِائَةِ دِينَارٍ،

فَلَمَّا دَخَلَ وَرَأَى مَا هَيَّأْتُ لَهُ حَمَدَ اللَّهَ وَتَبَسَّمَ وَقَالَ: هَذَا خَيْرٌ مِنْ غَيْرِهِ، ثُمَّ تَعَشَّى، فَقُلْتُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ جِئْتَ بِمَا جِئْتَ بِهِ، ثُمَّ تَرَكْتُهُ بِمَوْضِعِ مَضْيَعَةٍ،

قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: "الذَّهَبُ". وَرَفَعْتُ الْمِرْفَقَةَ، فَفَزِعَ لِمَا رَأَى تَحْتَهَا وَقَالَ: مَا هَذَا وَيْحَكِ! قُلْتُ: لا عِلْم لِي. فَكَثُرَ فَزَعُهُ." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 360_361):

"عَنْ أَبِي أُمَامَةَ:

أَرْسَلَنِي النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى بَاهِلَةَ، فَأَتَيتُهُم، فَرَحَّبُوا بِي، فَقُلْتُ:

جِئْتُ لأَنْهَاكُم عَنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَأَنَا رَسُوْلُ رَسُوْلِ اللهِ لِتُؤْمِنُوا بِهِ.

فَكَذَّبُوْنِي، وَرَدُّونِي، فَانْطَلقتُ وَأَنَا جَائِعٌ ظَمْآنُ، فَنِمْتُ، فَأُتِيتُ فِي مَنَامِي بِشَربَةٍ مِنْ لَبَنٍ، فَشَرِبتُ، فَشَبِعتُ، فَعَظُمَ بَطْنِي.

فَقَالَ القَوْمُ: [أَتَاكُم] رَجُلٌ مِنْ___أَشْرَافِكُم وَخِيَارِكُم، فَرَدَدْتُمُوْهُ؟

قَالَ: فَأَتَوْنِي بِطَعَامٍ وَشَرَابٍ، فَقُلْتُ: لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهِ، إِنَّ اللهَ قَدْ أَطْعَمَنِي وَسَقَانِي.

فَنَظَرُوا إِلَى حَالِي؛ فآمَنُوا." اهـ

 

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1/ 174) (رقم: 521)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (1/ 392) (رقم: 1228).

 

والحديث ضعيف: وضعفه الألباني _رحمه الله_ في "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (6/ 152_153) (رقم: 2644)، وقال: "وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير رشدين بن سعد"

 

من فوائد الحديث:

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 65_67):

"فبين في هذه الرواية أنه إذا تغير أحد الأوصاف ثبت الحكم،

دليل ذلك قوله: "أو"، و "أو" هنا للتنويع بخلافها في رواية ابن ماجة؛ فإنه ذكره بالواو الدالة على الجمع، وعلى هذا فنقيد رواية ابن ماجه برواية البيهقي.

ونقول: إذا تغير الريح أو الطعم أو اللون بالنجاسة حكم بنجاسته.

في هذا الحديث فوائد:

* منها: أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يحكم بنجاسته إلا بالتغير.

* ومنها: تقييد حديث أبي سعيد السابق؛ لأن حديث أبي سعيد مطلق، وهذا مقيد بماذا؟ بما إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه.

* ومنها: أن الأدلة من الكتاب والسنة يحمل بعضها على بعض؛ لأنها خرجت من مشكاة واحدة، ولا يمكن أن نجعلها متفرقة متوزعة، فنكون ممن جعل القرآن عضين، بل نقول: إن القرآن يقيد بعضه بعضا ويخصص بعضه بعضا، وكذلك السنة، وهذا أمر متفق عليه، لكن قد يختلف العلماء في بعض الأشياء لسبب من الأسباب، وإلا فإن العلماء مجمعون على أن الشريعة واحدة، وما أطلق منها في موضع وقيد في موضع وجب اعتباره مقيدا.

* ومن فوائد هذا الحديث: أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه تغيرا ظاهرا بينا، انتقل من الطهورية إلى النجاسة.

* ومن فوائده: أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط: طهور، ونجس، وليس ثمت قسم ثالث يسمى طاهرا خلافا لما عليه كثير من الفقهاء من أن الماء إما طهور أو طاهر أو نجس، فإن كان طاهرا بنفسه مطهرا لغيره فهو طهور، وإن كان نجسا بنفسه منجسا لغيره فهو نجس، وإن كان طاهرا بنفسه ولكنه لا يطهر، فإنه يكون طاهرا غير مطهر، ولكن هذا التقسيم أمر مهم لو كان من شريعة الله لكان مبينا في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: لأن هذا يترتب عليه أمور عظيمة، ماذا يترتب____عليه؟ يترتب عليه الصلاة التي هي من أعظم الأشياء،

ولو كان هذا من شريعة الله ليبينه الله ورسوله بيانا شافيا كافيا، فلما لم يقع ذلك بل قال: "إن الماء لا ينجسه شيء"، "إن الماء طهور لا ينجسه شيء"، علمنا بأن ليس هناك قسم يسمى الطاهر،

وهذا الذي دلت عليه الأحاديث هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله وقال: إن الماء إما طهور وإما نجس وليس ثمت قسم ثالث.

عرفنا أن الماء ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهما وعرفتم وجه الدلالة.

ثانيا: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير لقوله: "لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه". ورواية البيهقي بالتنويع: ريحه، أو طعمه، أو لونه، فإذا وقعت فيه نجاسة ولم تغيره فبناء على هذه القاعدة المبنية على الحديث يكون طهورا، قل أو كثر.

القاعدة الثالثة: أنه إذا تغير أحد أوصافه: الطعم أو اللون أو الريح بالنجاسة صار نجسا لقوله: "إلا أن تغير ريحه، أو طعمه، أو لونه".

القاعدة الرابعة: أن النجاسة التي تؤثر في الماء هي التي تحدث فيه، وعلى هذا فلة تغير ريح الماء بميتة حوله فإن الماء يكون طهورا؛ لأن في حديث البيهقي: "بنجاسة تحدث فيه"، وما كان خارج الماء فإنها ليست حادثة فيه، وقد حكى بعضهم إجماع العلماء على ذلك؛ أي: على أن الماء إذا تغير بالمجاورة من غير أن تحدث النجاسة فيه؛ فإنه يكون طهورا.

القاعدة الخامسة: أن الأصل في الماء الطهارة لقوله: "تحدث فيه" والحادث ليس قديما بل هو متأخر، وعلى هذا فإذا وجدت ماء وشككت هل هو طهور أو نجس؟ فهو طهور؛ لأنه لا يمكن أن ينتقل من الطهورية إلا بنجاسة تحدث فيه، والحدث يكون متأخرا عن القديم.

فإن قال قائل: بماذا نطهر الماء؛ يعني: إذا عرفنا أنه صار نجسا فبماذا يطهر؟

قلنا: يطهر بأي مزيل للنجاسة؛ أي مزيل للنجاسة فإنه يطهر به، لماذا؟ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فما دام الشارع قد علق نجاسة الماء بتغير الطعم أو اللون أو الريح، فإنه متى زال ذلك صار طهورا بأي سبب، فمثلا لو أنا أضفنا إلى هذا الماء موادا كيماوية حتى زالت النجاسة لا طعم ولا لون ولا ريح؛ فإنه يكون طهورا يجوز الوضوء به، ويجوز سقي النخل والزرع، ويجوز شربه إذا لم يكن على الإنسان ضرر في ذلك؛ لأن الحكم يدور مع علته، كذلك أيضا لو كان مع الريح والشمس زالت النجاسة بنفسها بدون أي عمل يكون أيضا___طهورا؛ لأن الحكم يدور مع علته، كذلك أيضا لو كانت النجاسة في جانب نرى أثرها في هذا الجانب اللون أو الطعم أو الريح لكن بقية الجوانب لم تتغير ثم أخذناها وما حولها مما تغير؛ بقي الباقي طهورا.

وهذا يكون إذا كان الماء فاترا بعض الشيء لا طبيعيا؛ لأن النجاسة لم تمتد إليه في هذه الحال، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن فقال: "ألقوها وما حولها، وكلوا سمنكم"، والحديث الذي فيه التفصيل: "إن كان مائعا فلا تقربوه، وإن كان جامدا فألقوها وما حولها" حديث لا يصح، فالذي في الصحيحين أنه قال: "ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم"، ثم إن الغالب في السمن في الحجاز أنه لا يكون جامدا؛ لأن الحجاز منطقة حارة.

على كل حال: القاعدة في تطهير ما تنجس ما هي؟ أنه متى زالت النجاسة بأي مزيل أو زالت بنفسها فإنه يكون طهورا يطهر من الأحداث والأنجاس، أما مسألة الشرب إذا كانت طهورته بالمعالجة بالكيماويات فهذا يرجع إلى نظر الأطباء إذا قالوا: إنه لا يضر فليشرب لأنه زالت نجاسته." اهـ

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 120):

"* ما يؤخذ من الحديثين:

1 - يدل الحديثان على أنَّ الأصل في الماء الطهارة.

2 - يُقَيَّد هذا الإطلاق بما إذا لاقته النجاسة، فظهر ريحها أو طعمها أو لونها فيه؛ فإنَّها تنجسه، قلَّ الماء أو كثر.

3 - الذي يقيد هذا الإطلاق هو إجماع الأمَّة على أنَّ الماء المتغيِّر بالنجاسة نجسٌ، سواءٌ كان قليلاً أو كثيرًا.

أمَّا الزيادة التي جاءت في حديث أبي أُمامة، فهي ضعيفة لا تقوم بها حجَّة، لكن قال النووي: أجمع العلماء على القول بحكم هذه الزيادة.

وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنَّ الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيَّرت له طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا، فهو نجس.

قال ابن الملقِّن: فتلخَّص أنَّ الاستثناء المذكور ضعيف؛ فتعيَّن الاحتجاج بالإجماع؛ كما قال الشافعي والبيهقي وغيرهما.

قال شيخ الإِسلام: ما أجمع عليه المسلمون فإنَّه يكون منصوصًا عليه؛ ولا نعلم مسألة واحدة أجمع عليها المسلمون ولا نصَّ فيها." اهـ

 

 

 

 

4 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الخَبَثَ". وَفِي لَفْظٍ: "لَمْ يَنْجُسْ" أَخْرَجَهُ الْأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ، وَالحَاكِمُ، وَابْنُ حِبَّانَ

 

ترجمة عبد الله بن عمر بن الخطاب العدوي –رضي الله عنهما-

 

( خ م د ت س ق ) : عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن عبد الله بن قُرْط بن رِياح[3] بن رَزاح[4] بن عديِّ ابن كعب بن لُؤَيِّ بن غالب بن فهر (قريش) بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنَ إِلْيَاسَ بْنَ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ : القرشى العدوى[5]،

 

كنيته : أبو عبد الرحمن المكى ثم المدنى،

 

إسلامه وفضائله:

 

أسلم قديما مع أبيه و هو صغير لم يبلغ الحلم ، و هاجر معه ، و قدمه فى ثقله ، و استصغر يوم أحد ، و شهد الخندق و ما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 209)

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيْعِيُّ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ آدَمَ، جَسِيْماً، إِزَارُهُ إِلَى نِصْفِ السَّاقَيْنِ، يَطُوْفُ.

وَقَالَ هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ لَهُ جُمَّةٌ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 204)

أَسْلَمَ وَهُوَ صَغِيْرٌ، ثُمَّ هَاجَرَ مَعَ أَبِيْهِ لَمْ يَحْتَلِمْ، وَاسْتُصْغِرَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَأَوَّلُ غَزَوَاتِهِ الخَنْدَقُ، وَهُوَ مِمَّنْ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 210)

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: شَهِدَ ابْنُ عُمَرَ الفَتْحَ، وَلَهُ عِشْرُوْنَ سَنَةً.

 

و هو شقيق حفصة أم المؤمنين ، أمهما زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون. اهـ .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 204)

رَوَى: عِلْماً كَثِيْراً نَافِعاً عَنِ: النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَعَنْ : أَبِيْهِ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَبِلاَلٍ، وَصُهَيْبٍ، وَعَامِرِ بنِ رَبِيْعَةَ، وَزَيْدِ بنِ ثَابِتٍ، وَزَيْدٍ عَمِّهِ، وَسَعْدٍ، وَابْنِ مَسْعُوْدٍ، وَعُثْمَانَ بنِ طَلْحَةَ، وَأَسْلَمَ، وَحَفْصَةَ أُخْتِهِ، وَعَائِشَةَ، وَغَيْرِهِم.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 208)

عَنْ نَافِعٍ : أَنَّ ابْنَ عُمَرَ بَارَزَ رَجُلاً فِي قِتَالِ أَهْلِ العِرَاقِ، فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ سَلَبَهُ

 

صحيح البخاري (9/ 40) (رقم : 7029) : عن حَفْصَةُ، عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ، لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ» فَقَالَ نَافِعٌ: «فَلَمْ يَزَلْ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ»

 

وفي رواية :

صحيح البخاري (9/ 41) (رقم : 7031) : قَالَ الزُّهْرِيُّ: «وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ يُكْثِرُ الصَّلاَةَ مِنَ اللَّيْلِ»

 

و قال عبد الله بن مسعود : أن من أملك شباب قريش لنفسه عن الدنيا عبد الله بن عمر .

 

و قال جابر بن عبد الله : ما منا أحد أدرك الدنيا إلا مالت به و مال بها ، إلا عبد الله بن عمر .

 

و قال سعيد بن المسيب : مات ابن عمر يوم مات ، و ما فى الأرض أحد أحب إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منه .

 

و قال الزهرى : لا نعدل برأى ابن عمر ، فإنه أقام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستين سنة، فلم يخف عليه شىء من أمره ، و لا من أمر أصحابه .

 

و قال مالك : بلغ ابن عمر ستا و ثمانين سنة ، وافى فى الإسلام ستين سنة تقدم عليه وفود الناس .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 211)

وَعَنْ عَائِشَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَلْزَمَ لِلأَمْرِ الأَوَّلِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ.

قَالَ أَبُو سُفْيَانَ بنُ العَلاَءِ المَازِنِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَتِيْقٍ، قَالَ:

قَالَتْ عَائِشَةُ لابْنِ عُمَرَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيْرِي؟

قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلاً قَدِ اسْتَوْلَى عَلَيْكِ، وَظَنَنْتُ أَنَّكِ لَنْ تُخَالِفِيْهِ - يَعْنِي: ابْنَ الزُّبَيْرِ -.

قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ وَهُوَ فِي الفَضْلِ مِثْلُ أَبِيْهِ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 213)

عَنْ نَافِعٍ، قَالَ:

لَوْ نَظرْتَ إِلَى ابْنِ عُمَرَ إِذَا اتَّبعَ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقُلْتَ: هَذَا مَجنُوْنٌ

 

و قال نافع ، عن ابن عمر : عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر

و أنا ابن ثلاث عشرة ، فردنى ، و عرضت عليه يوم أحد ، و أنا ابن أربع عشرة

فردنى ، و عرضت عليه يوم الخندق و أنا ابن خمس عشرة فأجازنى .

 

و قال الزبير بن بكار: "هاجر و هو ابن عشر سنين ، و شهد الخندق وهو ابن خمس عشرة، ومات سنة ثلاث و سبعين."

 

و قال الواقدى ، و كاتبه محمد بن سعد ، و خليفة بن خياط ، و غير واحد : مات سنة أربع و سبعين .

 

قال أبو سليمان بن زبر: "وهذا أثبت، أن ابن عمر مات فى هذه السنة ، وأن أبا نعيم قد أخطأ فى ذكره فى سنة ثلاث و سبعين ، فإن رافع بن خديج مات سنة أربع ، وابن عمر حى وحضر جنازته."

 

و قال رجاء بن حيوة : أتانا نعى ابن عمر ، و نحن فى مجلس ابن محيريز ، فقال:

ابن محيريز : والله إن كنت لأعد بقاء ابن عمر أمانا لأهل الأرض .

 

و مناقبة و فضائلة كثيرة جدا .

 

روى له الجماعة . اهـ .

ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ

 قال الحافظ في تهذيب التهذيب 5 / 330 :

و قال ابن يونس : شهد فتح مصر .

 

و قال أبو نعيم الحافظ : أعطى ابن عمر القوة فى الجهاد ، و العبادة ، و البضاع ، و المعرفة بالآخرة ، و الإيثار لها ، و كان من التمسك بآثار النبى صلى الله عليه و آله وسلم بالسبيل المتين ، و ما مات حتى أعتق ألف إنسان أو أزيد ،

 

و توفى بعد الحج .

 

و ذكر الزبير : أن عبد الملك لما أرسل إلى الحجاج أن لا يخالف ابن عمر شق عليه

ذلك فأمر رجلا معه حربة يقال إنها كانت مسمومة ، فلما دفع الناس من عرفة لصق ذلك الرجل به فأمر الحربة على قدمه ، فمرض منها أياما ثم مات رضى الله عنه . اهـ .

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه سنن أبي داود (1/ 17) (رقم: 63_65)، سنن الترمذي ت شاكر (1/ 97) (رقم: 67)، سنن النسائي (1/ 46 و 1/ 175) (رقم: 52 و 328)، وفي السنن الكبرى (1/ 91) (رقم: 50)، سنن ابن ماجه (1/ 172) (رقم: 517 و 518).

 

والحديث صحيح: صححه الألباني في "إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل" (1/ 60) (رقم: 23)

 

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (2/ 10)

هذا الحديث صحيح، قال الحافظ أبو الفضل العراقي في أماليه: قد صحح هذا الحديث الجم الغفير من أئمة الحفاظ: الشافعي، وأبو عبيد، وأحمد، وإسحاق، ويحيى بن معين، وابن خزيمة، والطحاوي، وابن

حبان، والدارقطني، وابن منده، والحاكم، والخطابي، والبيهقي،__

ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (2/ 11)

وابن حزم، وآخرون. كذا في قوت المغتذي، وقال الحافظ في الفتح: رواته ثقات، وصححه جماعة من أهل العلم. اهـ وقال في التلخيص: قال الحاكم: صحيح على شرطهما، وقد احتجا بجميع رواته،

وقال ابن منده: "إسناده على شرط مسلم."

وقال ابن معين: "الحديث جيد الإسناد."

وقال ابن دقيق العيد:

"هذا الحديث قد صححه بعضهم، وهو صحيح على طريق الفقهاء؛ لأنه وإن كان مضطرب الإسناد، مختلفا في بعض ألفاظه، فإنه يجاب عنه بجواب صحيح، بأن يمكن الجمع بين الروايات." اهـ تحفة الأحوذي (1/ 217)." اهـ

 

مفردات الحديث:

 

"قلتين: بضم القاف، تثنية قلة، وهي الجرَّة الكبيرة من الفخار، والجمع: قلال بكسر القاف،

والقلتان: خمسمائة رطل عراقي، والرطل العراقي تسعون مثقالاً، وبالصاع: (93.75) صاعًا؛ كما رجَّح ذلك شيخ الإِسلام ابن تيمية في "شرح العمدة له (1/ 67)." اهـ من توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 122)

 

قلت: وبالكيلوجرام (224,8 kg)

خلاف العلماء:

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 123_125):

"ذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأتباعهم: إلى أنَّ "القليل" من الماء ينجَّس بمجرَّد ملاقاة النجاسة، ولو لم تتغير صفة من صفاته.

و"القليل" عند أبي حنيفة: هو الذي إذا حركت ناحية منه تحركت الناحية الأخرى.

أمَّا "القليل" عند الشافعية والحنابلة فما دون القلتين.

وذهب الإمام مالك والظاهرية وشيخ الإِسلام ابن تيمية وابن القيم والشيغ محمد بن عبد الوهاب وعلماء الدعوة السلفية بنجد وغيرهم من المحققين إلى أنَّ الماء لا ينجس بملاقاة النجاسة، ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة: الطعم أو اللون أو الريح.

استدل القائلون بنجاسة الماء بمجرد الملاقاة بمفهوم حديث ابن عمر في القلتين؛ فإنَّ مفهومه -عندهم- أنَّ ما دون القلتين يحمل الخبث، وفي رواية: "إذا بلغ قلتين، لم ينجسه شيء"؛ فمفهومه: أنَّ ما دون القلتين ينجس بمجرَّد الملاقاة.

كما استدلوا بحديث الأمر بإراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب، ولم يعتبر التغير.

وحديث القلتين لا يخالف فيه الحنفية؛ ذلك أنَّ القلتين إذا صبتا في موضعٍ، فإنَّه لا يتحرك أحد جانبيه بتحريك الآخر.

وأمَّا أدلَّة الذين لا يرون التنجيس إلاَّ بالتغيُّر، فمنها: حديث القلتين؛ فإنَّ معنى الحديث: أنَّ الماء الذي بلغ قلتين لا ينجس بمجرَّد الملاقاة؛ لأنَّه لا يحمل الأنجاس وتضمحل فيه، وأمَّا مفهوم الحديث: فغير لازمٍ؛ فقد يحصل التنجُّس إذا غيرت النجاسة صفة من صفاته، وقد لا يحمل النجاسة.

كما يستدلون على ذلك بحديث صب الذَّنُوب على بول الأعرابي، وغير ذلك من الأدلة.

قال ابن القيم؛ الذي تقتضيه الأصول: أنَّ الماء إذا لم تغيره النجاسة،___فإنَّه لا ينجس؛ ذلك أنَّه باقٍ على أصل خلقته، وهو طيِّبٌ، داخلٌ تحت قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} وهذا هو القياس في المائعات جميعها، إذا وقع فيها نجاسة فلم يظهر لها لونٌ ولا طعمٌ ولا ريحٌ. أهـ.

 

صحيح أبي داود - الأم (1/ 109)

(فائدة) : مفهوم الحديث على أن الماء ينجس إذا كان أقل من القلتين، وهو

معارض لعموم الحديث الآتي في الباب الذي بعد هذا؛ فلذلك- ولأمور أخرى

ذكرها ابن القيم رحمه الله في "التهذيب "-: الأرجح عندنا العمل بهذا العموم

وترك هذا المفهوم. والله أعلم.[6]

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 68)

فلننظر الآن: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" يعني: لم ينجس فهل هذا على عمومه؟ لا شك أنه ليس على عمومه بالإجماع، لأننا لو أخذنا بعمومه لكان ظاهره أنه لا ينجس سواء تغير أم لم يتغير وهذا خلاف الإجماع، فإن العلماء مجمعون على أن الماء إذا تغير بالنجاسة فهو نجس، وعلى هذا فلا يصح الأخذ بعمومه، ف "لم ينجس" لنا مفهومه وهو أنه إذا لم يبلغ قلتين صار نجسا، وظاهره - ظاهر المفهوم- أنه سواء تغير أم لم يتغير، وحينئذ يكون مخالفا لحديث أبي أمامة السابق الدال على أنه لا ينجس الماء إلا بالتغير، ودلالة حديث أبي أمامة على أن الماء لا ينجس إلا بالتغير دلالة منطوق، ودلالة حديث ابن عمر هذا دلالة مفهوم، والعلماء يقولون: إذا تعارضت الدلالتان المنطوقية والمفهومية؛ فإنه يقدم على أن المفهوم

 

من شرح بلوغ المرام للطريفي – الشاملة (ص: 39):

"فخبر القلتين هنا يؤخذ منه:

* أن الماء إذا كان كثيراً؛ من قلتين فأكثر أن يقل احتمال ورود النجاسة عليه،

* وأنه إن كان دون القلتين فإنه حينئذٍ يغلب على الظن ورود النجاسة وغلبتها عليه، مع لزوم ذلك الضابط وهو: أن يتغير ريحه أو لونه أو طعمه من تلك النجاسة التي تحدث فيه.

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 123)

* ما يؤخذ من الحديث:

1 - أنَّ الماء إذا بلغ قلتين، فإنَّه يدفع النجاسة عن نفسه، فتضمحل فيه، ولا تؤثِّر فيه، ما لم تغيره؛ وهذا منطوق الحديث.

2 - مفهوم الحديث: أنَّ ما دون القلتين تؤثِّر فيه النجاسة، فينجس بملاقاتها، تغير بالنجاسة أو لا.

3 - مناط التنجيس هو كون الماء الذي لاقته النجاسة قليلاً، أي: دون القلتين.

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 125_126):

"أصدر مجلس هيئة كبار العلماء قرارًا بشأن المياه المتلوثة بالنجاسات إذا عولجت بواسطة الوسائل الفنية ثمَّ زالت منها النجاسة فقرَّر ما يلي:

قرار رقم 64 في 25/ 10 / 1398 هـ الآتي

بعد البحث والمداولة والمناقشة قرَّر المجلس ما يلي:

بناءً على ما ذكره أهل العلم من أنَّ الماء الكثير المتغيِّر بنجاسةٍ، يطهر إذا زال تغيره بنفسه، أو بإضافة ماءٍ طهورٍ إليه، أو زال تغيره بطول مكثٍ، أو تأثير الشمس، ومرور الرياح عليه، أو نحو ذلك؛ لزوال الحكم بزوال علَّته.

وحيث إنَّ المياه المتنجِّسة يمكن التخلُّص من نجاستها بعدة وسائل، وحيث إنَّ تنقيتها وتخليصها -ممَّا طرأ عليها من النجاسات بواسطة الطرق الفنية الحديثة لأعمال التنقية- يعتبر من أحسن وسائل التطهير؛ حيث يُبذل الكثير من الأسباب المادية لتخليص هذه المياه من النجاسات، كما يشهد بذلك ويقرره الخبراء المختصون بذلك ممَّن لا يتطرَّق الشك إليهم في عملهم وخبرتهم وتجاربهم.

لذلك فإنَّ المجلس يرى طهارتها بعد تنقيتها التنقية الكاملة؛ بحيث تعود إلى خلقتها الأولى، لا يُرى فيها تغيُّر بنجاسةٍ في طعمٍ ولا لونٍ ولا ريحٍ.

ويجوز استعمالها في إزالة الأحداث والأخباث، وتحصل الطهارة بها منها.

كما يجوز شربها، إلاَّ إذا كانت هناك أضرارٌ صحية تنشأ عن استعمالها، فيمتنع ذلك محافظةً على النفس، وتفاديًا للضرر، لا لنجاستها.

والمجلس إذ يقرِّر ذلك، يستحسن الاستغناء عنها في استعمالها للشرب___متى وُجِدَ إلى ذلك سبيلٌ؛ احتياطًا للصحة، واتِّقاءً للضرر، وتنزُّهًا عمَّا تستقذره النفوس، وتنفر منه الطباع.

والله الموفق. وصلَّى الله على نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه وسلَّم.

هيئة كبار العلماء." اهـ



[1]  وفي مختصر تاريخ دمشق (11/ 78):

"قال أبو أمامة: لما نزل: " لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المؤْمِنِيْنَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ " قال أبو أمامة: قلت: يا رسول الله: أنا ممن بايعك تحت الشجرة. قال: يا أبا أمامة، أنت مني وأنا منك." اهـ

[2]  وهذا الأخير رجحه الذهبي قائلا في "تاريخ الإسلام" – ت. بشار (2/ 1023): "قَالَ الْمَدَائِنِيُّ، وَخَلِيفَةُ وَجَمَاعَةٌ: تُوُفِّيَ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ. وَشَذَّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، فَقَالَ: تُوُفِّيَ سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِينَ." اهـ

[3] وفي العقد الثمين فى تاريخ البلد الأمين (5/ 330) لتقي الدين محمد بن أحمد الحسني الفاسى المكي (المتوفى: 832 هـ) : براء مهملة مكسورة وياء مثناة من تحت." اهـ

[4] وفي المؤتلف والمختلف للدارقطني (2/ 992) : وأمَّا رَزَاح , بفتح الراء , هو جد عُمَر بن الخطاب بن نُفَيل بن عبد العُزَّى بن رياح عَبد الله بن قرط بن رَزَاح بن عَدِيّ بن كَعْب.

[5] وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (1/ 38) (رقم : 127) : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ حُمَيْدٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ :

«عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بْنِ نُفَيْلِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِيَاحِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُرْطِ بْنِ رَزَاحِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَهُوَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنَ إِلْيَاسَ بْنَ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ»

[6]  وقال الألباني في "تمام المنة في التعليق على فقه السنة" (ص: 46): "وأقول: كلا بل هو حديث صحيح وقد صححه جمع منهم أبو جعفر الطحاوي الحنفي والاضطراب الذي أشار إليه إنما هو في بعض طرقه الضعيفة كما بينته في "صحيح أبي داود" 56 - 58 وأشرت إليه في "إرواء الغليل" (23 و 172). نعم مفهوم الحديث معارض لعموم حديث أبي سعيد: "الماء طهور لا ينجسه شيء" وعليه الاعتماد في هذا الباب كما شرحه ابن القيم في "تهذيب سنن أبي داود" فليراجعه من شاء التحقيق فإنه بحث عزيز هام وكذلك راجع له "السيل الجرار" للشوكاني (1 / 55)." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين