شرح الحديث 2-3 من بلوغ المرام

 

 

2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:

"إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لاَ يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ". أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ وَصَحَّحَهُ أَحْمَدُ.

 

 

النجاسة في عرف الشرع: قذرٌ مخصوصٌ يمنع جنسه الصلاة؛ كالبول والدم.

 

ترجمة أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- :

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( خ م د ت س ق ) : سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبجر ، و هو خدرة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الأنصارى ، أبو سعيد الخدرى، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 168) (رقم : 28) : "أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ : سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانٍ * (ع) : الإِمَامُ، المُجَاهِدُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ." اهـ

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 169)

وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ المُجْتَهِدِيْنَ.

 

و أمه أنيسة بنت أبى حارثة ، من بنى عدى بن النجار.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 169)

وَأَخُو أَبِي سَعِيْدٍ لأُمِّهِ هُوَ: قَتَادَةُ بنُ النُّعْمَانِ الظَّفَرِيُّ، أَحَدُ البَدْرِيِّيْنَ.

اسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ مَالِكٌ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ أَبُو سَعِيْدٍ الخَنْدَقَ، وَبَيْعَةَ الرُّضْوَانِ.

 

استصغر يوم أحد[1]، و استشهد أبوه يومئذ ،

و غزا بعد ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتى عشرة غزوة . اهـ .

 

و قال حنظلة بن أبى سفيان عن أشياخه : لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفقهَ من أبى سعيد الخدرى, و فى رواية : أعلم .

 

وقال ابن عبد البر في "الاستيعاب في معرفة الأصحاب" (2/ 602) :

"أول مشاهده الخندق، وغزا مع رَسُول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ اثنتي عشرة غزوة، وكان ممن حفظ عن رَسُول اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ سننا كثيرة، وروى عنه علما جما، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم." اهـ

 

إكمال تهذيب الكمال (5/ 247)

قال: وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة بني المصطلق، وكانت في شعبان قبل الخندق بثلاثة أشهر.

 

تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية (1/ 192)

وورد المدائن في حياة حذيفة بْن اليمان، وبعد ذلك مع عَلِيّ بْن أَبِي طالب لما حارب الخوارج بالنهروان.

 

مختصر تاريخ دمشق (9/ 272)

شهد خطبة عمر بالجابية وقدم دمشق على معاوية.

 

إكمال تهذيب الكمال (5/ 247)

وذكره المرادي في كتاب «الزمنى» أنه عمي.

 

قال الحافظ في تهذيب التهذيب 3 / 481 :

و قال أبو الحسن المدائنى : مات سنة ثلاث و ستين .

و قال العسكرى : مات سنة خمس و ستين . اهـ .

 

معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1260)

كَانَ يَسْكُنُ الْمَدِينَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَلَهُ عَقِبٌ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً، كَانَ يُحْفِي شَارِبَهُ وَيُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ.

 

زاد بعضهم : بالمدينة .

 

روى له الجماعة . اهـ .

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 172)

مُسْنَدُ أَبِي سَعِيْدٍ: أَلْفٌ وَمائَةٌ وَسَبْعُوْنَ حَدِيْثاً، فَفِي (البُخَارِيِّ) وَ (مُسْلِمٍ) : ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ.

وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ: بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِيْنَ.

 

سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 170)

أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ، قَالَ:

عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ، فَإِنَّهُ رَأْسُ كُلِّ شَيْءٍ، وَعَلَيْكَ بِالجِهَادِ، فَإِنَّهُ رَهْبَانِيَةُ الإِسْلاَمِ، وَعَلَيْكَ بِذِكْرِ اللهِ وَتِلاَوَةِ القُرْآنِ، فَإِنَّهُ رُوْحُكَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ، وَذِكْرُكَ فِي أَهْلِ الأَرْضِ، وَعَلَيْكَ بِالصَّمْتِ إِلاَّ فِي حَقٍّ، فَإِنَّكَ تَغْلِبُ الشَّيْطَانَ

 

تخريج الحديث:

 

سنن أبي داود (1/ 17_18) (رقم: 66_67)، سنن الترمذي ت شاكر (1/ 95) (رقم: 66)، سنن النسائي (1/ 174) (رقم: 326 و 327)،

صححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 45) (رقم: 14):

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّهُ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ وَهِيَ بِئْرٌ يُطْرَحُ فِيهَا الْحِيَضُ وَلَحْمُ الْكِلَابِ وَالنَّتْنُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»

 

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وَهُوَ يُقَالُ لَهُ: "إِنَّهُ يُسْتَقَى لَكَ مِنْ بِئْرِ بُضَاعَةَ، وَهِيَ بِئْرٌ يُلْقَى فِيهَا لُحُومُ الْكِلَابِ، وَالْمَحَايِضُ وَعَذِرُ النَّاسِ؟"

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: «إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ»، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وسَمِعْت قُتَيْبَةَ بْنَ سَعِيدٍ، قَالَ: سَأَلْتُ قَيِّمَ بِئْرِ بُضَاعَةَ عَنْ عُمْقِهَا؟ قَالَ: أَكْثَرُ مَا يَكُونُ فِيهَا الْمَاءُ إِلَى الْعَانَةِ، قُلْتُ: فَإِذَا نَقَصَ، قَالَ: دُونَ الْعَوْرَةِ،

قَالَ أَبُو دَاوُدَ: " وَقَدَّرْتُ أَنَا بِئْرَ بُضَاعَةَ بِرِدَائِي مَدَدْتُهُ عَلَيْهَا، ثُمَّ ذَرَعْتُهُ فَإِذَا عَرْضُهَا سِتَّةُ أَذْرُعٍ، وَسَأَلْتُ الَّذِي فَتَحَ لِي بَابَ الْبُسْتَانِ فَأَدْخَلَنِي إِلَيْهِ، هَلْ غُيِّرَ بِنَاؤُهَا عَمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ؟ قَالَ: لَا، وَرَأَيْتُ فِيهَا مَاءً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ "

 

وقال ابن المنذر في "الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف" (1/ 269_270):

"فَهَذَا جَوَابُ النَّبِيِّ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فِي الْمَاءِ جَوَابٌ عَامٌّ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَاءٍ، وَإِنْ قَلَّ. وَمِنْهَا: أَنَّهُمْ مَجْمُوعُونَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ طَاهِرٌ قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ فِيهِ النَّجَاسَةُ،

وَلَمْ يُجْمِعُوا عَلَى أَنَّ النَّجَاسَةَ إِذَا حَلَّتْ فِيهِ، وَلَمْ تُغَيِّرِ الْمَاءَ لَوْنًا، وَلَا طَعْمًا، وَلَا رِيحًا أَنَّهُ نَجَسٌ، فَالْمَاءُ الْمَحْكُومُ لَهُ بِالطَّهَارَةِ طَاهِرٌ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ حُكْمُ النَّجَاسَةِ بِخَبَرٍ أَوْ إِجْمَاعٍ.

وَمِنْهَا: أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ النَّجِسَ إِذَا غُسِلَ بِالْمَاءِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَهُوَ طَاهِرٌ،

وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ الْقَلِيلُ إِذَا اخْتَلَطَ بِالنَّجَاسَةِ وَهُوَ غَالِبٌ عَلَيْهَا نَجَسَا، مَا طَهُرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ ثَوْبٌ أَبَدًا، إِلَّا أَنْ يُغْسَلَ فِي قَصْعَةٍ عَظِيمَةٍ أَوْ مَاءٍ جَارٍ،

وَذَلِكَ أَنَّ الثَّوْبَ إِذَا طُرِحَ فِي إِنَاءٍ وَصُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، اخْتَلَفَتِ النَّجَاسَةُ الَّتِي فِي الثَّوْبِ بِالْمَاءِ الْمَصْبُوبُ فِي الْإِنَاءِ،

فَإِذَا عُصِرَ بَقِيَ الثَّوْبُ نَجِسًا عَلَى حَالِهِ، ثُمَّ إِنْ طُرِحَ الثَّوْبُ النَّجَسُ الَّذِي هَذَا سَبِيلُهُ فِي الْإِنَاءِ ثَانِيًا اخْتَلَطَ الْمَاءُ الْمَصْبُوبُ فِي الْإِنَاءِ بِالنَّجَاسَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ ثَالِثًا أَوْ رَابِعًا،

وَلَا يَطْهُرُ ثَوْبٌ فِي قَوْلِ مَنْ نَجَّسَ الْمَاءَ الْقَلِيلَ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ___أَبَدًا،

وَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الثَّوْبَ يَطْهُرُ بِالْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ، إِذا لَمْ يَبْقَ فِيهِ أَثَرٌ لَمْ يُذْهِبْهُ الْمَاءُ، دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إِذَا غَلَبَ عَلَى النَّجَاسَةِ كَانَ طَاهِرًا بِكُلِّ حَالٍ.

وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْقَائِلِينَ بِالْقُلَّتَيْنِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 63)

"إن الماء طهور لا ينجسه شيء". كلمة "شيء" نكرة في سياق النفي فتعم، كل شيء يقع في الماء فإنه لا ينجسه،

ومن المعلوم أن هذا العموم غير مراد بلا شك، لأنه لو وقع في الماء نجاسة فغيرته؛ فإنه يكون نجسا بالإجماع، وعلى هذا فيكون هذا العموم مخصوصا بما تغير بالنجاسة؛ فإنه يكون نجسا بالإجماع،

وعلى هذا فيكون هذا العموم مخصوصا بما تغير بالنجاسة؛ فإنه يكون نجسا بالإجماع، ولهذا قال النبي - عليه الصلاة والسلام- في السمن تقع فيه الفأرة قال: "ألقوها وما حولها". [خ]،

لأنها هي وما حولها ستكون نجسة؛ لأنها إذا ماتت أنتنت رائحتها وأنتن معها السمن." اهـ

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 63)

في هذا الحديث من الفوائد: أن الماء طهور مطهر من كل نجاسة سواء كانت نجاسة مغلظة كنجاسة الكلب، أو مخففة كنجاسة الصبي الذي لم يأكل الطعام، أو بين ذلك، وسواء كانت الطهارة حدث أو طهارة خبث، فالماء يطهرها.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الأصل في الماء الطهارة لقوله: "إن الماء طهور". وعلى هذا فإذا شككنا في ماء هل هو طهور أو نجس؟ فهو طهور.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الماء إذا تغير بطاهر فإنه طهور لقوله: "لا ينجسه شيء".

ومن فوائد الحديث: طهارة الماء إذا غمس الإنسان يده فيه بعد قيامه من نوم الليل مع أن الرسول نهى الرجل إذا قام من النوم من الليل أن يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا، لكن الرسول - عليه الصلاة والسلام- لم يقل: إن الماء نجس، وإنما نهى عن الغمس فقط، وإذا كان لم يقل: إنه ينجس دخل في عموم هذا الحديث أنه يكون طهورا باقيا على طهوريته.

ومن فوائد هذا الحديث: جواز تخصيص السنة بالإجماع لقوله: "لا ينجسه شيء". قلنا: إن هذا مخصوص بالإجماع؛ لأن الماء إذا تغير بالنجاسة فإنه يكون نجسا على أن هذا التخصيص قد يعارض في كونه ثابتا بالإجماع؛ لأن هناك نصوصا تومئ إلى أن ما تغير بالنجاسة فهو نجس كما سنذكره - إن شاء الله- فيما بعد. اه

 

3 - وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ إِلاَّ مَا غَلَبَ عَلَى رِيْحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ». أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ.

وَلِلْبَيْهَقِيِّ: "الْمَاءُ طَهُورٌ إِلاَّ إِنْ تَغَيَّرَ رِيحُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ لَوْنُهُ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ"

 

ترجمة أبي أمامة البلوى الأنصارى الحارثي _رضي الله عنه_

 

قال المزي في تهذيب الكمال  :

( م د ت س ق ) : أبو أمامة البلوى الأنصارى ، له صحبة ، اسمه : إياس بن ثعلبة ، و يقال : عبد الله بن ثعلبة ، و يقال : ثعلبة بن عبد الله ، حليف بنى حارثة بن الحارث من الأنصار ، و هو ابن أخت أبى بردة بن نيار .

و قال أبو حاتم : اسمه ثعلبة بن سهل . اهـ .

و قال المزى :

روى له الجماعة سوى البخارى .

أخبرنا أبو الفرج بن قدامة ، و أبو الغنائم بن علان ، و أحمد بن شيبان ،

قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو على بن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعى ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن معبد بن كعب بن مالك ، عن أخيه عبد الله بن كعب ابن مالك ، عن أبى أمامة أحد بنى حارثة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" لا يقطع رجل حق رجل مسلم بيمينه إلا حرم الله عليه الجنة و أوجب عليه له النار " .

فقال رجل : يا رسول الله و إن كان شيئا يسيرا ؟ قال :

" و إن كان سواكا من أراك " .

أخرجه مسلم ، و النسائى من حديث إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن ، عن معبد بن كعب بن مالك ، و قد وقع لنا بعلو عنه .

و أخرجه مسلم أيضا و ابن ماجة من حديث الوليد بن كثير ، عن محمد بن كعب بن مالك عن أخيه عبد الله بن كعب بن مالك .

و أخبرنا أبو إسحاق ابن الدرجى ، قال : أنبأنا أبو جعفر الصيدلانى فى جماعة ، قالوا : أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله ، قالت : أخبرنا أبو بكر بن ريذة ، قال : أخبرنا أبو القاسم الطبرانى ، قال : حدثنا محمد بن معاذ الحلبى ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال : حدثنا سعيد بن سلمة بن أبى الحسام ، قال : حدثنى صالح ابن كيسان أن عبد الله بن أبى أمامة بن ثعلبة حدثه عن أبيه أنه كان يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن البذاذة من الإيمان ، إن البذاذة من

الإيمان " .

أخرجه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق ، و أخرجه ابن ماجة من حديث أسامة بن

زيد ، جميعا عن عبد الله بن أبى أمامة ، فوقع لنا عاليا .

و أخبرنا أبو الحسن بن البخارى ، و أبو الغنائم بن علان ، و أحمد بن شيبان ، قالوا : أخبرنا حنبل بن عبد الله ، قال : أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، قال : أخبرنا أبو على بن المذهب ، قال : أخبرنا أبو بكر بن مالك ، قال : حدثنا

عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثنى أبى ، قال : حدثنا يونس بن محمد ،

قال : حدثنا ليث بن سعد ، عن هشام بن سعد ، عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ التيمى ، عن أبى أمامة الأنصارى ، عن عبد الله بن أنيس الجهنى ، قال :

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

" إن من أكبر الكبائر : الشرك بالله ، و عقوق الوالدين ، و اليمين الغموس ،

و ما حلف حالف يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعله الله نكتة فى قلبه إلى يوم القيامة " .

رواه الترمذى عن عبد بن حميد ، عن يونس بن محمد ، فوقع لنا بدلا عاليا ،

و قال : حسن غريب ، و أبو أمامة الأنصارى هو ابن ثعلبة و لا يعرف اسمه ، و قد روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث . اهـ .

 

قال الحافظ في تهذيب التهذيب 12 / 13 :

قال أبو أحمد الحاكم : رده النبى صلى الله عليه وآله وسلم من بدر من أجل أمه ،

فلما رجع وجدها ماتت ، فصلى عليها . رواه عبد الله بن المنيب عن جده عبد الله

ابن أبى أمامة عن أبيه ، و رجح كونه إياس بن ثعلبة . اهـ .

 

سنن ابن ماجه (1/ 174) (رقم: 521)، السنن الكبرى للبيهقي (1/ 392) (رقم: 1228)، وضعفه الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (6/ 152_153) (رقم: 2644)، وقال: "وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات غير رشدين بن سعد"

 

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 65)

فبين في هذه الرواية أنه إذا تغير أحد الأوصاف ثبت الحكم، دليل ذلك قوله: "أو"، و "أو" هنا للتنويع بخلافها في رواية ابن ماجة؛ فإنه ذكره بالواو الدالة على الجمع، وعلى هذا فنقيد رواية ابن ماجه برواية البيهقي، ونقول إذا تغير الريح أو الطعم أو اللون بالنجاسة حكم بنجاسته.

في هذا الحديث فوائد، منها: أن الأصل في الماء الطهارة، وأنه لا يحكم بنجاسته إلا بالتغير.

ومنها: تقييد حديث أبي سعيد السابق؛ لأن حديث أبي سعيد مطلق، وهذا مقيد بماذا؟ بما إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه.

ومنها: أن الأدلة من الكتاب والسنة يحمل بعضها على بعض؛ لأنها خرجت من مشكاة واحدة، ولا يمكن أن نجعلها متفرقة متوزعة، فنكون ممن جعل القرآن عضين، بل نقول: إن القرآن يقيد بعضه بعضا ويخصص بعضه بعضا، وكذلك السنة، وهذا أمر متفق عليه، لكن قد يختلف العلماء في بعض الأشياء لسبب من الأسباب، وإلا فإن العلماء مجمعون على أن الشريعة واحدة، وما أطلق منها في موضع وقيد في موضع وجب اعتباره مقيدا.

ومن فوائد هذا الحديث: أن الماء إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه تغيرا ظاهرا بينا، انتقل من الطهورية إلى النجاسة.

ومن فوائده: أن الماء ينقسم إلى قسمين فقط: طهور، ونجس، وليس ثمت قسم ثالث يسمى طاهرا خلافا لما عليه كثير من الفقهاء من أن الماء إما طهور أو طاهر أو نجس، فإن كان طاهرا بنفسه مطهرا لغيره فهو طهور، وإن كان نجسا بنفسه منجسا لغيره فهو نجس، وإن كان طاهرا بنفسه ولكنه لا يطهر فإنه يكون طاهرا غير مطهر، ولكن هذا التقسيم أمر مهم لو كان من شريعة الله لكان مبينا في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: لأن هذا يترتب عليه أمور عظيمة، ماذا يترتب____

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 66)

عليه؟ يترتب عليه الصلاة التي هي من أعظم الأشياء، ولو كان هذا من شريعة الله ليبينه الله ورسوله بيانا شافيا كافيا، فلما لم يقع ذلك بل قال: "إن الماء لا ينجسه شيء"، "إن الماء طهور لا ينجسه شيء"، علمنا بأن ليس هناك قسم يسمى الطاهر، وهذا الذي دلت عليه الأحاديث هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحم الله وقال: إن الماء إما طهور وإما نجس وليس ثمت قسم ثالث.

عرفنا أن الماء ينقسم إلى قسمين لا ثالث لهما وعرفتم وجه الدلالة.

ثانيا: أن الماء لا ينجس إلا بالتغير لقوله: "لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه وطعمه ولونه". ورواية البيهقي بالتنويع: ريحه، أو طعمه، أو لونه، فإذا وقعت فيه نجاسة ولم تغيره فبناء على هذه القاعدة المبنية على الحديث يكون طهورا، قل أو كثر.

القاعدة الثالثة: أنه إذا تغير أحد أوصافه: الطعم أو اللون أو الريح بالنجاسة صار نجسا لقوله: "إلا أن تغير ريحه، أو طعمه، أو لونه".

القاعدة الرابعة: أن النجاسة التي تؤثر في الماء هي التي تحدث فيه، وعلى هذا فلة تغير ريح الماء بميتة حوله فإن الماء يكون طهورا؛ لأن في حديث البيهقي: "بنجاسة تحدث فيه"، وما كان خارج الماء فإنها ليست حادثة فيه، وقد حكى بعضهم إجماع العلماء على ذلك؛ أي: على أن الماء إذا تغير بالمجاورة من غير أن تحدث النجاسة فيه؛ فإنه يكون طهورا.

القاعدة الخامسة: أن الأصل في الماء الطهارة لقوله: "تحدث فيه" والحادث ليس قديما بل هو متأخر، وعلى هذا فإذا وجدت ماء وشككت هل هو طهور أو نجس؟ فهو طهور؛ لأنه لا يمكن أن ينتقل من الطهورية إلا بنجاسة تحدث فيه، والحدث يكون متأخرا عن القديم.

فإن قال قائل: بماذا نطهر الماء؛ يعني: إذا عرفنا أنه صار نجسا فبماذا يطهر؟

قلنا: يطهر بأي مزيل للنجاسة؛ أي مزيل للنجاسة فإنه يطهر به، لماذا؟ لأن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما، فما دام الشارع قد علق نجاسة الماء بتغير الطعم أو اللون أو الريح، فإنه متى زال ذلك صار طهورا بأي سبب، فمثلا لو أنا أضفنا إلى هذا الماء موادا كيماوية حتى زالت النجاسة لا طعم ولا لون ولا ريح؛ فإنه يكون طهورا يجوز الوضوء به، ويجوز سقي النخل والزرع، ويجوز شربه إذا لم يكن على الإنسان ضرر في ذلك؛ لأن الحكم يدور مع علته، كذلك أيضا لو كان مع الريح والشمس زالت النجاسة بنفسها بدون أي عمل يكون أيضا___

فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (1/ 67)

طهورا؛ لأن الحكم يدور مع علته، كذلك أيضا لو كانت النجاسة في جانب نرى أثرها في هذا الجانب اللون أو الطعم أو الريح لكن بقية الجوانب لم تتغير ثم أخذناها وما حولها مما تغير؛ بقي الباقي طهورا.

وهذا يكون إذا كان الماء فاترا بعض الشيء لا طبيعيا؛ لأن النجاسة لم تمتد إليه في هذه الحال، ويدل لهذا أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الفأرة تموت في السمن فقال: "ألقوها وما حولها، وكلوا سمنكم"، والحديث الذي فيه التفصيل: "إن كان مائعا فلا تقربوه، وإن كان جامدا فألقوها وما حولها" حديث لا يصح، فالذي في الصحيحين أنه قال: "ألقوها وما حولها وكلوا سمنكم"، ثم إن الغالب في السمن في الحجاز أنه لا يكون جامدا؛ لأن الحجاز منطقة حارة.

على كل حال: القاعدة في تطهير ما تنجس ما هي؟ أنه متى زالت النجاسة بأي مزيل أو زالت بنفسها فإنه يكون طهورا يطهر من الأحداث والأنجاس، أما مسألة الشرب إذا كانت طهورته بالمعالجة بالكيماويات فهذا يرجع إلى نظر الأطباء إذا قالوا: إنه لا يضر فليشرب لأنه زالت نجاسته.

 

توضيح الأحكام من بلوغ المرام (1/ 120)

- ريحه: الريح: هو النسيم، طيِّبًا أو نتنًا.

- طعمه: الطعم: ما تدركه حاسَّة الذوق من طعامٍ أو شرابٍ؛ كالحلاوة، والمرارة، والحموضة، وغيرها؛ يُقَال: تغيَّر طعم الشيء: خرج عن وضعه الطبيعي.

- لونه: اللون: صفة الجسم من السواد والبياض والحمرة، وما في هذا الباب.

وهذه الصفات الثلاث يسمِّيها فلاسفة الإِسلام: أعراضًا تفتقر إلى جوهرٍ تقوم به، والجوهر هو الجسم.

وفي الكيمياء الحديثة: صاروا يعدون هذه الصفات أيضًا جواهر، فهي آثار جسمية حسية؛ فالماء هنا جوهر، خالطه جوهرٌ آخر، وهو الطعم أو اللون أو الرائحة.

* ما يؤخذ من الحديثين:

1 - يدل الحديثان على أنَّ الأصل في الماء الطهارة.

2 - يُقَيَّد هذا الإطلاق بما إذا لاقته النجاسة، فظهر ريحها أو طعمها أو لونها فيه؛ فإنَّها تنجسه، قلَّ الماء أو كثر.

3 - الذي يقيد هذا الإطلاق هو إجماع الأمَّة على أنَّ الماء المتغيِّر بالنجاسة نجسٌ، سواءٌ كان قليلاً أو كثيرًا.

أمَّا الزيادة التي جاءت في حديث أبي أُمامة، فهي ضعيفة لا تقوم بها حجَّة، لكن قال النووي: أجمع العلماء على القول بحكم هذه الزيادة.

وقال ابن المنذر: أجمع العلماء على أنَّ الماء القليل والكثير إذا وقعت فيه نجاسة، فغيَّرت له طعمًا، أو لونًا، أو ريحًا، فهو نجس.

قال ابن الملقِّن: فتلخَّص أنَّ الاستثناء المذكور ضعيف؛ فتعيَّن الاحتجاج بالإجماع؛ كما قال الشافعي والبيهقي وغيرهما.

قال شيخ الإِسلام: ما أجمع عليه المسلمون فإنَّه يكون منصوصًا عليه؛ ولا نعلم مسألة واحدة أجمع عليها المسلمون ولا نصَّ فيها.



[1] وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 169)

وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي سَعِيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ:

عُرِضْتُ يَوْمَ أُحُدٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا ابْنُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ، فَجَعَلَ أَبِي يَأْخُذُ بِيَدِي، وَيَقُوْلُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! إِنَّهُ عَبْلُ العِظَامِ.

وَجَعَلَ نَبِيُّ اللهِ يُصَعِّدُ فِيَّ النَّظَرَ، وَيُصَوِّبُهُ، ثُمَّ قَالَ: (رُدَّهُ) . فَرَدَّنِي." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين