تفسير الآيات الواردة في باب الصدق

 

وقال محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد المشهور بـ"ابن قيم الجوزية" (المتوفى: 751هـ) _رحمه الله_ في "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (2/ 258):

فَالصِّدْقُ: فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ[1].

* فَالصِّدْقُ فِي الْأَقْوَالِ: اسْتِوَاءُ اللِّسَانِ عَلَى الْأَقْوَالِ، كَاسْتِوَاءِ السُّنْبُلَةِ عَلَى سَاقِهَا.

* وَالصِّدْقُ فِي الْأَعْمَالِ: اسْتِوَاءُ الْأَفْعَالِ عَلَى الْأَمْرِ وَالْمُتَابَعَةِ. كَاسْتِوَاءِ الرَّأْسِ عَلَى الْجَسَدِ.

* وَالصِّدْقُ فِي الْأَحْوَالِ: اسْتِوَاءُ أَعْمَالِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ عَلَى الْإِخْلَاصِ. وَاسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ، وَبَذْلُ الطَّاقَةِ، فَبِذَلِكَ يَكُونُ الْعَبْدُ مِنَ الَّذِينَ جَاءُوا بِالصِّدْقِ.

وَبِحَسَبِ كَمَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِيهِ وَقِيَامِهَا بِهِ: تَكُونُ صِدِّيقِيَّتُهُ. وَلِذَلِكَ كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ: ذُرْوَةُ سَنَامِ الصِّدِّيقِيَّةِ، سُمِّيَ الصِّدِّيقَ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالصِّدِّيقُ أَبْلَغُ مِنَ الصَّدُوقِ، وَالصَّدُوقُ أَبْلَغُ مِنَ الصَّادِقِ.

فَأَعْلَى مَرَاتِبِ الصِّدْقِ: مَرْتَبَةُ الصِّدِّيقِيَّةِ. وَهِيَ كَمَالُ الِانْقِيَادِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَ كَمَالِ الْإِخْلَاصِ لِلْمُرْسِلِ." اهـ[2]


وقال محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد المشهور بـ"ابن قيم الجوزية" (المتوفى: 751هـ) _رحمه الله_ في "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين" (2/ 261_262)

وَمِنْ عَلَامَاتِ الصِّدْقِ: طُمَأْنِينَةُ الْقَلْبِ إِلَيْهِ. وَمِنْ عَلَامَاتِ الْكَذِبِ: حُصُولُ الرِّيبَةِ، كَمَا فِي التِّرْمِذِيِّ - مَرْفُوعًا - مِنْ حَدِيثِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

«الصِّدْقُ طُمَأْنِينَةٌ. وَالْكَذِبُ رِيبَةٌ»[3].

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ. وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا. وَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ. وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ. وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَكْذِبُ حَتَّى يُكْتُبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»

فَجَعَلَ الصِّدْقَ مِفْتَاحَ الصِّدِّيقِيَّةِ وَمَبْدَأَهَا. وَهِيَ غَايَتُهُ. فَلَا يَنَالُ دَرَجَتَهَا كَاذِبٌ أَلْبَتَّةَ. لَا فِي قَوْلِهِ:، وَلَا فِي عَمَلِهِ، وَلَا فِي حَالِهِ. وَلَا سِيَّمَا كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَنَفْيِ مَا أَثْبَتَهُ. أَوْ إِثْبَاتِ مَا نَفَاهُ عَنْ نَفْسِهِ. فَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ صِدِّيقٌ أَبَدًا.

وَكَذَلِكَ الْكَذِبُ عَلَيْهِ فِي دِينِهِ وَشَرْعِهِ. بِتَحْلِيلِ مَا حَرَّمَهُ. وَتَحْرِيمِ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ. وَإِسْقَاطِ مَا أَوْجَبَهُ، وَإِيجَابِ مَا لَمْ يُوجِبْهُ، وَكَرَاهَةِ مَا أَحَبَّهُ، وَاسْتِحْبَابِ مَا لَمْ يُحِبَّهُ. كُلُّ ذَلِكَ مُنَافٍ لِلصِّدِّيقِيَّةِ.

وَكَذَلِكَ الْكَذِبُ مَعَهُ فِي الْأَعْمَالِ: بِالتَّحَلِّي بِحِلْيَةِ الصَّادِقِينَ الْمُخْلِصِينَ، وَالزَّاهِدِينَ الْمُتَوَكِّلِينَ. وَلَيْسَ فِي الْحَقِيقَةِ مِنْهُمْ.

فَلِذَلِكَ كَانَتِ الصِّدِّيقِيَّةُ: كَمَالَ الْإِخْلَاصِ وَالِانْقِيَادِ، وَالْمُتَابَعَةَ لِلْخَبَرِ وَالْأَمْرِ، ظَاهِرًا___وَبَاطِنًا، حَتَّى إِنَّ صِدْقَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يُحِلُّ الْبَرَكَةَ فِي بَيْعِهِمَا. وَكَذِبَهُمَا يَمْحَقُ بَرَكَةَ بَيْعِهِمَا، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

«الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا. وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا: مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا» ." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قال المصنف الإمام النووي موردا بعض الآيات في الباب :

"قَالَ الله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة (119) ]."

 

تفسير المفردات:

 

وفي زاد المسير في علم التفسير (2/ 308)

وفي المراد بالصادقين خمسة أقوال :

أحدها: أنه النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ وأصحابه (قاله ابن عمر).

والثاني: أبو بكر وعمر، (قاله سعيد بن جبير، والضحاك).

وقد قرأ ابن السّميفع، وأبو المتوكّل، ومعاذ القارئ: «مع الصَّادِقَيْنِ» بفتح القاف وكسر النون على التثنية.

والثالث: أنهم الثلاثة الذين خُلِّفوا، صدقوا النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ عن تأخُّرهم (قاله السدي).

والرابع : أنهم المهاجرون، لأنهم لم يتخلّفوا عن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_ في الجهاد (قاله ابن جريج).

قال أبو سليمان الدمشقي:

"وقيل: إن أبا بكر الصديقَ احتج بهذه الآية يوم السقيفة، فقال: يا معشر الأنصار، إن الله يقول في كتابه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا} [الحشر: 8]...

إلى قوله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُون} [الحشر: 8]، من هم؟"

قالت الأنصار: "أنتم هم."

قال: "فإن الله _تعالى_ يقول: {اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: 119]،

فأمركم أن تكونوا معنا، ولم يأمرنا أن نكون معكم، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء.

والخامس: أنه عامّ (قاله قتادة).

و«مع» بمعنى: «مِنْ»، وكذلك هي في قراءة ابن مسعود : «وكونوا من الصادقين»." اهـ كلام ابن الجوزي.

 

تفسير إجمالي للآية:

 

جامع البيان، ت. شاكر (14/ 558) للطبري:

"يقول _تعالى ذكره_ للمؤمنين، معرِّفَهم سبيل النجاة من عقابه، والخلاصِ من أليم عذابه:

"(يا أيها الذين آمنوا) ، بالله ورسوله = (اتقوا الله) ، وراقبوه بأداء فرائضه، وتجنب حدوده = (وكونوا)، في الدنيا، من أهل ولاية الله وطاعته، تكونوا في الآخرة = (مع الصادقين)، في الجنة.

يعني: مع من صَدَق اللهَ الإيمانَ به، فحقَّق قوله بفعله، ولم يكن من أهل النفاق فيه، الذين يكذِّب قيلَهم فعلُهم.

وإنما معنى الكلام: وكونوا مع الصادقين في الآخرة باتقاء الله في الدنيا، كما قال جل ثناؤه: (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين) [سورة النساء: 69] .

* * *

وإنما قلنا ذلك معنى الكلام، لأن كون المنافق مع المؤمنين غيرُ نافعه بأيّ وجوه الكون كان معهم، إن لم يكن عاملا عملهم. وإذا عمل عملهم فهو منهم، وإذا كان منهم، كان وجْهُ الكلام أن يقال: (اتقوا الله وكونوا مع الصادقين)،

ولتوجيه الكلام إلى ما وجَّهنا من تأويله، فسَّر ذلك من فسَّره من أهل التأويل بأن قال:

"معناه: وكونوا مع أبي بكر وعمر، أو مع النبي _صلى الله عليه وسلم_، والمهاجرين _رحمةُ الله عليهم_." اهـ كلام أبي جعفر الطبري _رحمه الله_.

 

قلت: وتمام الآيات المشار إليها:

{لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} [التوبة: 117_ 119]

 

وقال القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (8/ 288):

"هَذَا الْأَمْرُ بِالْكَوْنِ مَعَ أَهْلِ الصِّدْقِ حَسَنٌ بَعْدَ قِصَّةِ الثَّلَاثَةِ حِينَ نَفَعَهُمُ الصِّدْقُ وَذَهَبَ بِهِمْ عَنْ مَنَازِلِ الْمُنَافِقِينَ.

قَالَ مُطَرِّفٌ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: قَلَّمَا كَانَ رَجُلٌ صَادِقًا لَا يَكْذِبُ إِلَّا مُتِّعَ بِعَقْلِهِ وَلَمْ يُصِبْهُ مَا يُصِيبُ غَيْرَهُ مِنَ الْهَرَمِ وَالْخَرَفِ." اهـ

 

لمحمد صديق حسن خان القنوجي في "فتح البيان في مقاصد القرآن" (5/ 420):

"هذا الأمر بالكون مع الصادقين بعد قصة الثلاثة يفيد الإشارة إلى أن هؤلاء الثلاثة حصل لهم بالصدق ما حصل من توبة الله، وظاهر الآية: الأمر للعباد على العموم." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

وقال المصنف الإمام النووي :

"وَقالَ تَعَالَى: {وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ} [الأحزاب (35) ] ."

 

وتمام الآية :

 

{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } [الأحزاب: 35]

 

سبب نزول الآية:

 

وفي زاد المسير في علم التفسير (3/ 464) لابن الجوزي :

"قوله _تعالى_ : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ) في سبب نزولها خمسة أقوال :

أحدها: أن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلّم قُلْنَ: ما له ليس يُذْكَر إِلاَّ المؤمنون، ولا يذكر المؤمنات بشيء؟! فنزلت هذه الآية، رواه أبو ظبيان عن ابن عباس.

والثاني: أن أُمَّ سَلَمَة قالت: يا رسول الله يُذْكَرُ الرجال ولا نُذْكَر! فنزلت هذه الآية، ونزل قوله تعالى: لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ «1» ، قاله مجاهد.

والثالث: أن أُمَّ عُمَارة الأنصارية قالت: قلت: يا رسول الله بأبي وأُمِّي ما بالُ الرجال يُذْكَرون، ولا تُذْكرَ النساء؟! فنزلت هذه الآية، قاله عكرمة. وذكر مقاتل بن سليمان أن أُمُّ سَلَمة وأُمُّ عُمَارة قالتا ذلك، فنزلت الآية في قولهما «2» .

والرابع: أن الله تعالى لمَّا ذكر أزواج رسوله دخل النساءُ المُسْلمات عليهنَّ فقُلْنَ: ذُكِرْتُنَّ ولم نُذْكَر، ولو كان فينا خيرٌ ذُكِرنا، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة.

والخامس: أن أسماء بنت عُمَيس لما رجعت من الحبشة دخلت على نساء___

رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن؟ قلن: لا، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلّم، فقالت: يا رسول الله إِن النساء لفي خَيْبة وخسار، قال: «ومم ذاك» ؟ قالت: لأنهنَّ لا يُذْكَرْنَ بخير كما يُذْكَر الرجال، فنزلت هذه الآية، ذكره مقاتل بن حيَّان." اهـ كلام ابن الجوزي _رحمه الله_

 

تفسير إجمالي للآية

 

جامع البيان، ت. شاكر (20/ 268) للطبري :

"يقول _تعالى ذكره_:

* إن المتذللين لله بالطاعة والمتذللات،

* والمصدقين والمصدقات رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما أتاهم به من عند الله،

* والقانتين والقانتات لله، والمطيعين لله والمطيعات له فيما أمرهم ونهاهم،

* والصادقين لله فيما عاهدوه عليه والصادقات فيه،

* والصابرين لله في البأساء والضراء على الثبات على دينه وحين البأس والصابرات،

* والخاشعة قلوبهم لله وجلا منه ومن عقابه____والخاشعات،

* والمتصدقين والمتصدقات وهم المؤدون حقوق الله من أموالهم والمؤديات،

* والصائمين شهر رمضان الذي فرض الله صومه عليهم والصائمات ذلك،

* والحافظين فروجهم إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم والحافظات ذلك إلا على أزواجهن إن كن حرائر أو من ملكهن إن كن إماء،

* والذاكرين الله بقلوبهم وألسنتهم وجوارحهم والذاكرات،

كذلك أعد الله لهم مغفرة لذنوبهم، وأجرًا عظيمًا: يعني ثوابًا في الآخرة على ذلك من أعمالهم عظيمًا، وذلك الجنة." اهـ

 

تيسير الكريم الرحمن (ص: 665) للسعدي :

"{أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ} أي : لهؤلاء الموصوفين بتلك الصفات الجميلة، والمناقب الجليلة، التي هي، ما بين اعتقادات، وأعمال قلوب، وأعمال جوارح، وأقوال لسان، ونفع متعد وقاصر، وما بين أفعال الخير، وترك الشر، الذي من قام بهن، فقد قام بالدين كله، ظاهره وباطنه، بالإسلام والإيمان والإحسان.

فجازاهم على عملهم " بِالْمَغْفِرَةِ " لذنوبهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات. {وَأَجْرًا عَظِيمًا} لا يقدر قدره، إلا الذي أعطاه، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، نسأل الله أن يجعلنا منهم." اهـ

 

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير (22/ 21)::

"وَالصِّدْقُ كُلُّهُ حَسَنٌ، وَالْكَذِبُ لَا خَيْرَ فِيهِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ.

وَشَمَلَ ذَلِكَ الْوَفَاءَ بِمَا يُلْتَزَمُ بِهِ مِنْ أُمُورِ الدِّيَانَةِ كَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَالْوَفَاءِ بِالنذرِ، وَتقدم عِنْد قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [177] .

 

قلت: أشار إلى قول الله _تعالى_:

{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة: 177]

 

التحرير والتنوير (22/ 22_24) لابن عاشور المالكي التونسي :

"وَقَدِ اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ الْعَشْرُ عَلَى جَوَامِعِ فُصُولِ الشَّرِيعَةِ كُلِّهَا.___

فَالْإِسْلَامُ: يَجْمَعُ قَوَاعِدَ الدِّينِ الْخَمْسَ الْمَفْرُوضَةَ الَّتِي هِيَ أَعْمَالٌ، وَالْإِيمَانُ يَجْمَعُ الِاعْتِقَادَاتِ الْقَلْبِيَّةَ الْمَفْرُوضَةَ وَهُوَ شَرْطُ أَعْمَالِ الْإِسْلَامِ كُلِّهَا، قَالَ تَعَالَى: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا [الْبَلَد: 17] .

وَالْقُنُوتُ: يَجْمَعُ الطَّاعَاتِ كُلَّهَا مَفْرُوضَهَا وَمَسْنُونَهَا، وَتَرْكَ الْمَنْهِيَّاتِ وَالْإِقْلَاعَ عَنْهَا مِمَّنْ هُوَ مُرْتَكِبُهَا، وَهُوَ مَعْنَى التَّوْبَةِ، فَالْقُنُوتُ هُوَ تَمَامُ الطَّاعَةِ، فَهُوَ مُسَاوٍ لِلتَّقْوَى. فَهَذِهِ جَوَامِعُ شَرَائِعِ الْمُكَلَّفِينَ فِي أَنْفُسِهِمْ.

وَالصِّدْقُ: يَجْمَعُ كُلَّ عَمَلٍ هُوَ مِنْ مُوَافَقَةِ الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ لِلْوَاقِعِ فِي الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالْعُقُودِ وَالِالْتِزَامَاتِ وَفِي الْمُعَامَلَاتِ بِالْوَفَاءِ بِهَا وَتَرْكِ الْخِيَانَةِ، وَمُطَابَقَةِ الظَّاهِرِ لِلْبَاطِنِ فِي الْمَرَاتِبِ كُلِّهَا. وَمِنَ الصِّدْقِ صِدْقُ الْأَفْعَالِ.

وَالصَّبْرُ: جَامِعٌ لِمَا يَخْتَصُّ بِتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ مِنَ الْأَعْمَالِ كَالْجِهَادِ وَالْحِسْبَةِ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ وَمُنَاصَحَةِ الْمُسْلِمِينَ وَتَحَمُّلِ الْأَذَى فِي اللَّهِ، وَهُوَ خُلُقٌ عَظِيمٌ هُوَ مِفْتَاحُ أَبْوَابِ مَحَامِدِ الْأَخْلَاقِ وَالْآدَابِ وَالْإِنْصَافِ مِنَ النَّفْسِ.

وَالْخُشُوعُ: الْإِخْلَاصُ بِالْقَلْبِ وَالظَّاهِرِ، وَهُوَ الِانْقِيَادُ وَتَجَنُّبُ الْمعاصِي، وَيدخل فِيهِ الْإِحْسَانِ وَهُوَ الْمُفَسَّرُ

فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ «أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ».

وَيَدْخُلُ تَحْتَ ذَلِكَ جَمِيعُ الْقُرَبِ النَّوَافِل فَإِنَّهَا مِنْ آثَارِ الْخُشُوعِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ التَّوْبَةُ مِمَّا اقْتَرَفَهُ الْمَرْءُ مِنَ الْكَبَائِرِ إِذْ لَا يَتَحَقَّقُ الْخُشُوعُ بِدُونِهَا.

وَالتَّصَدُّقُ : يَحْتَوِي جَمِيعَ أَنْوَاعِ الصَّدَقَاتِ والْعَطِيَّاتِ وَبَذْلِ الْمَعْرُوفِ وَالْإِرْفَاقِ.

وَالصَّوْمُ: عِبَادَةٌ عَظِيمَةٌ، فَلِذَلِكَ خُصِّصَتْ بِالذِّكْرِ مِعَ أَنَّ الْفَرْضَ مِنْهُ مَشْمُولٌ لِلْإِسْلَامِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ وَيَفِي صَوْمَ النَّافِلَةِ، فَالتَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الصَّوْمِ تَنْوِيهٌ بِهِ.

وَفِي الحَدِيث «قَالَ الله تَعَالَى: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ» .

وَحِفْظُ الْفُرُوجِ: أُرِيدَ بِهِ حِفْظُهَا عَمَّا وَرَدَ الشَّرْعُ بِحِفْظِهَا عَنْهُ، وَقَدِ انْدَرَجَ فِي هَذَا جَمِيعُ أَحْكَامِ النِّكَاحِ وَمَا يَتَفَرَّعُ عَنْهَا وَمَا هُوَ وَسِيلَةٌ لَهَا.

وَذِكْرُ اللَّهِ كَمَا عَلِمْتَ لَهُ مُحَمَلَانِ :___

أَحَدُهُمَا: ذِكْرُهُ اللِّسَانِيُّ فَيَدْخُلُ فِيهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَطَلَبُ الْعِلْمِ ودراسته.

قَالَ النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»،

فَفِي قَوْلِهِ: «وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ» إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جَنْسِ عَمَلِهِمْ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [الْبَقَرَة: 152]

وَقَالَ فِيمَا أخبر عَنهُ رَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ»

وَشَمَلَ مَا يُذْكَرُ عَقِبَ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْأَذْكَارِ.

وَالْمَحْمَلُ الثَّانِي: الذِّكْرُ الْقَلْبِيُّ وَهُوَ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَفْضَلُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ بِاللِّسَانِ ذِكْرُ اللَّهِ عِنْدَ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَهُوَ الَّذِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ [آل عمرَان: 135] فَدَخَلَ فِيهِ التَّوْبَةُ وَدَخَلَ فِيهَا الِارْتِدَاعُ عَنِ الْمَظَالِمِ كُلِّهَا مِنَ الْقَتْلِ وَأَخْذِ أَمْوَالِ النَّاسِ وَالْحِرَابَةِ وَالْإِضْرَارِ بِالنَّاسِ فِي الْمُعَامَلَاتِ. وَمِمَّا يُوضح شُمُوله لهَذِهِ الشَّرَائِع كُلِّهَا تَقْيِيدُهُ بِ كَثِيراً لِأَنَّ الْمَرْءَ إِذَا ذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا فَقَدِ اسْتَغْرَقَ ذِكْرُهُ عَلَى الْمَحْمَلَينِ جَمِيعَ مَا يُذْكَرُ اللَّهُ عِنْدَهُ.

وَيُرَاعَى فِي الِاتِّصَافِ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ أَنْ تَكُونَ جَارِيَةً عَلَى مَا حَدَّدَهُ الشَّرْعُ فِي تَفَاصِيلِهَا." اهـ

 

أيسر التفاسير للجزائري (4/ 270)

من هداية الآيات[4] :

1- بشرى المسلمين والمسلمات بمغفرة ذنوبهم ودخول الجنة إن اتصفوا بتلك الصفات المذكورة في هذه الآية وهي عشر صفات أولها الإسلام وآخرها ذكر الله تعالى.

2- فضل الصفات المذكورة إذ كانت سبباً في دخول الجنة بعد مغفرة الذنوب.

3- تقرير مبدأ التساوي بين الرجال والنساء في العمل والجزاء في العمل الذي كلف الله تعالى به النساء والرجال معاً، وأما ما خص به الرجال أو النساء فهو على خصوصيته للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن والله يقول الحق ويهدي السبيل." اهـ



[1] وبناء على هذه الأقسام ومقضياته، تنوعت عبارات العلماء في بيان حقيقة الصدق.

وفي بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (3/ 404) للفيرزآبادي :

وقد تَنوَّعَتْ كلمات السّادة فى حقيقة الصّدق. فقال عبد الواحد ابن زيد رحمه الله: الصّدق الوفاءُ لله بالعمل. وقيل: موافقة السرّ النطقَ. وقيل: استواءُ السرّ والعلانية، يعنى أَنَّ الكاذب علانيته خير من سريرته؛ كالمنافق الذى ظاهره خير من باطنه. وقيل: الصّدق: القول بالحقّ فى مَوَاطن الهَلَكة. وقيل: كلمة الحقّ عند من يخافه ويرجوه.

وقال الجُنَيد: الصادق يتقلّب فى اليوم أَربعين مرّة. المرائى يثبت على حالة واحدة أَربعين سنة. وذلك لأَنَّ العارضات والواردات التى ترِد على الصّادق لا ترد على الكذَّاب المرائى، بل فارغ منهما لا يُعارضه الشَّيطان كما يعارض الصّادق، وهذه الواردات توجب تقلّب قلبِ الصّادق بحسب اختلافها وتنوّعها، فلا تراه إِلاَّ هاربًا مِن مكانٍ إِلى مكان، ومن عملٍ إِلى عمل، ومن حالٍ إِلى حال؛ لأَنَّه يخاف فى كلّ ما يطمئنّ إِليه أَن يقطعه عن مطلوبه.

وقال بعضهم: لم يشمّ روائح الصّدق مَنْ داهن نفسه أَو غيره." اهـ

وقال بعضهم: الصّادق: الَّذى يتهيّأُ له أَن يموت ولا يستحى مِن سِرّه لو كُشف. قال تعالى: {فَتَمَنَّوُاْ الموت إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} .

وقال إِبراهيم الخوّاص: الصّادق لا يُرَى إِلاَّ فى فَرض يؤدّيه، أو فضل يعمل فيه.___

وقال الجنيد مرّة: حقيقة الصّدق أَن تَصدُق فى مواطن لا ينجيك منها إِلا الكذب.

وفى أَثَرٍ إِلَهىّ: مَن صَدَقنى فى سريرته صدَقته فى علانيته عند خَلْقى.

وقال سهل: أَوّل خيانة الصّديقين حديثهم مع أَنفسهم.

وقال يوسف بن أَسباط: لأَنْ أَبيتَ ليلة أُعامل الله بالصّدق أَحَبّ إلىّ من أَن أُحارب بسيفى فى سبيل الله." اهـ

وفي العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (2/ 1091) :

"وقد تكلم العلماء على حقيقة الصدق وأقله ودرجاته، فحقيقته: السعي عن مطالعة النفس بحيث لا يحصل لها إعجاب بالعمل، وأقله ما قاله القشيري -رحمه الله تعالى-: استواء السر والعلانية ، وقال سهل التستري - رحمه الله -. لا يشم رائحة الصدق، عبدٌ داهن نفسه أو غيره، ودرجاته غير منحصرة.

وبعد ذلك كلِّه: فالصادق مسؤول عن صدقه، قال الله تعالى: {لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ} [الأحزاب: 8]." اهـ

[2] المفردات في غريب القرآن (ص: 479) للراغب الأصفهاني :

"والصِّدِّيقُ: من كثر منه الصّدق، وقيل: بل يقال لمن لا يكذب قطّ، وقيل: بل لمن لا يتأتّى منه الكذب لتعوّده الصّدق، وقيل: بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقّق صدقه بفعله، قال:

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا [مريم/ 41] ، وقال: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا [مريم/ 56] ، وقال: وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ [المائدة/ 75] ،

وقال: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ [النساء/ 69] ،

فَالصِّدِّيقُونَ هم قوم دُوَيْنَ الأنبياء في الفضيلة على ما بيّنت في «الذّريعة إلى مكارم الشّريعة» «1» .

وقد يستعمل الصّدق والكذب في كلّ ما يحقّ ويحصل في الاعتقاد، نحو: صدق ظنّي وكذب، ويستعملان في أفعال الجوارح، فيقال:

صَدَقَ في القتال: إذا وفّى حقّه، وفعل ما يجب وكما يجب، وكذب في القتال: إذا كان بخلاف ذلك.

قال: رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ [الأحزاب/ 23] ،

أي: حقّقوا العهد بما أظهروه من أفعالهم، وقوله: لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ [الأحزاب/ 8] ، أي: يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها أنه لا يكفي الاعتراف بالحقّ دون تحرّيه بالفعل، وقوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ

[الفتح/ 27]،

فهذا صِدْقٌ بالفعل وهو التّحقّق، أي: حقّق رؤيته، وعلى ذلك قوله: وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ." اهـ

[3] أخرجه الترمذي في سننه (4/ 668) (رقم : 2518) وصححه الألباني في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 44) (رقم : 12) ، والأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد، ط. الرسالة (3/ 248) (رقم : 1723).

[4] يعني : من فوائد الآيات وأحكامها.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين