شرح الحديث 93 من رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي

 

[53] وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى _رضي الله عنهما_:

أنَّ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ، فَقَالَ :

«يَا أيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ» .

ثُمَّ قَالَ النَّبيُّ _صلى الله عليه وسلم_ :

«اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ، وَهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وَانصُرْنَا عَلَيْهمْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، وبالله التوفيق.

 

ترجمة عبد الله بن أبي أوفى _رضي الله_ :

 

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (14/ 317) :

"عَبد اللَّهِ بن أَبي أوفى (4) ، واسمه علقمة بْن خَالِد بْن___الْحَارِث بْن أَبي أسيد بْن رفاعة بْن ثعلبة بْن هوازن بْن أسلم بْن أفصى بْن حارثة الأَسلميّ، أَبُو إِبْرَاهِيم (وقيل: أَبُو مُحَمَّد، وقيل: أَبُو مُعَاوِيَة)،

أَخُو زَيْد بْن أَبي أوفي، لهما ولأبيهما صحبة. شهد بيعة الرضوان." اهـ

 

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 428):

"عَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي أَوْفَى عَلْقَمَةَ بنِ خَالِدِ بنِ الحَارِثِ الأَسْلَمِيُّ * (ع): الفَقِيْهُ، المُعَمَّرُ، صَاحِبُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو مُعَاوِيَةَ الأَسْلَمِيُّ، الكُوْفِيُّ. مِنْ أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ، وَخَاتِمَةُ مَنْ مَاتَ بِالكُوْفَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَكَانَ أَبُوْهُ صَحَابِيّاً أَيْضاً." اهـ

 

وفي إكمال تهذيب الكمال (7/ 247) لمغلطاي الحنفي:

"وفي كتاب أبي عمر: شهد الحديبية وخيبر وما بعدهما. وفي كتاب أبي عمر : شهد الحديبية وخيبر وما بعدهما.

وفي كتاب أبي عيسى الترمذي: غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست غزوات.

وفي كتاب أبي نعيم الأصبهاني:

"وأصابته يوم حنين ضربةٌ في ذراعه، وكان له ضفيرتان.

وفي كتاب العسكري: غزا سبع غزوات.

وفي طبقات ابن سعد: شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير والخندق وقريظة.

قال محمد بن عمر: قد روى الكوفيون عنه ما ترى من مشاهده، وأما في روايتنا فأول مشهد شهده عندنا حنين وما بعد ذلك." اهـ

 

وفي مشاهير علماء الأمصار (ص: 83) لابن حبان :

"عبد الله بن أبى أوفى الاسلمي، واسم أبي أوفى: علقمة بن خالد، كنيته أبو إبراهيم، مات بعد ما عمى سنة سبع وثمانين (87 هـ) كان يخضب بالحناء وهو آخر من مات بالكوفة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم." اهـ

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (4/ 51) (رقم : 2965)، ومسلم في "صحيحه" (3/ 1362) (رقم : 1742)، وأب داود في "سننه" (3/ 42) (رقم : 2631).

 

نص الحديث:

 

وعن أبي إبراهيم عبدِ الله بن أبي أوفى _رضي الله عنهما_:

أنَّ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_ في بعْضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فِيهَا العَدُوَّ، انْتَظَرَ حَتَّى إِذَا مالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فيهمْ، فَقَالَ :

«يَا أيُّهَا النَّاسُ، لا تَتَمَنَّوا لِقَاءَ العَدُوِّ[1]، وَاسْأَلُوا الله العَافِيَةَ، فَإِذَا لقيتُمُوهُمْ فَاصْبرُوا، وَاعْلَمُوا أنّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلالِ السُّيوفِ[2]» .

 

من فوائد الحديث :

 

وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (12/ 45_46):

"إِنَّمَا نَهَى عَنْ تَمَنِّي لِقَاءِ الْعَدُوِّ لِمَا فِيهِ مِنْ صُورَةِ الْإِعْجَابِ وَالِاتِّكَالِ عَلَى النَّفْسِ وَالْوُثُوقِ بِالْقُوَّةِ، وَهُوَ نَوْعُ بَغْيٍ،

وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِمَنْ بُغِيَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْصُرَهُ، وَلِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قِلَّةَ الِاهْتِمَامِ___بِالْعَدُوِّ، وَاحْتِقَارَهُ،

وَهَذَا يُخَالِفُ الِاحْتِيَاطَ وَالْحَزْمَ،

وَتَأَوَّلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى النَّهْيِ عَنِ التَّمَنِّي فِي صُورَةٍ خَاصَّةٍ، وَهِيَ إِذَا شَكَّ فِي الْمَصْلَحَةِ فِيهِ وَحُصُولِ ضَرَرٍ،

وَإِلَّا فَالْقِتَالُ كُلُّهُ فَضِيلَةٌ وَطَاعَةٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَلِهَذَا تَمَّمَهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ بِقَوْلِهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (وَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ)."[3]اهـ

 

وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (12/ 46):

"وَقَدْ كَثُرَتِ الْأَحَادِيثُ فِي الْأَمْرِ بِسُؤَالِ الْعَافِيَةِ وَهِيَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ الْمُتَنَاوِلَةِ لِدَفْعِ جَمِيعِ الْمَكْرُوهَاتِ فِي الْبَدَنِ وَالْبَاطِنِ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ الْعَامَّةَ لِي وَلِأَحِبَّائِي وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِين." اهـ

 

وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (12/ 46):

"وَأَمَّا قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا)،

فَهَذَا حَثٌّ عَلَى الصَّبْرِ فِي الْقِتَالِ وَهُوَ آكَدُ أَرْكَانِهِ وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ آدَابَ القتال في قوله تَعَالَى :

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)}

{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ... (47)} [الأنفال: 45_47]." اهـ

 

وقال أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676 هـ) _رحمه الله_ في "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (12/ 46):

"قَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ :

(أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ قَامَ فِيهِمْ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ...إِلَى آخِرِهِ)،

وَقَدْ جَاءَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ كَانَ إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ انْتَظَرَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ،

قَالَ الْعُلَمَاءُ سَبَبُهُ أَنَّهُ أَمْكَنُ لِلْقِتَالِ فَإِنَّهُ وَقْتُ هُبُوبِ الرِّيحِ وَنَشَاطِ النُّفُوسِ، وَكُلَّمَا طَالَ، ازْدَادُوا نَشَاطًا وَإِقْدَامًا عَلَى عَدُوِّهِمْ،

وَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : "أَخَّرَ حَتَّى تَهُبَّ الْأَرْوَاحُ وَتَحْضُرَ الصَّلَاةُ"[4]،

قَالُوا : وَسَبَبُهُ___فَضِيلَةُ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَهَا." اهـ

 

شرح النووي على مسلم (12/ 47)

قَوْلُهُ (ثُمَّ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ اللِّقَاءِ وَالِاسْتِنْصَارُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ." اهـ

 

وقال أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ، الأنصاريُّ القرطبيُّ (المتوفى: 656 هـ) _رحمه الله_ في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (11/ 57):

"وقوله: ((اللهم مُنْزِلَ الكتاب، ومُجْرِيَ السحابِ، وهازمَ الأحزابِ، سريعَ الْحِسابِ))؛ دليل على جواز السَّجع في الدعاء إذا لم يتكلَّف." اهـ[5]

 

وقال أبو العبَّاس أحمَدُ بنُ عُمَرَ بنِ إبراهيمَ، الأنصاريُّ القرطبيُّ (المتوفى: 656 هـ) _رحمه الله_ في "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (11/ 58)

وقوله : ((الجنَّة تحت ظلال السيوف)) ؛ هذا من الكلام النفيس البديع ، الذي جمع ضروب البلاغة من جزالة اللفظ ، وعذوبته ، وحسن استعارته ، وشمول المعاني الكثيرة ، مع الألفاظ المعسولة الوجيزة ؛ بحيث يعجز الفصحاء اللسْن البلغاء عن إيراد مثله ، أو أن يأتوا بنظيره وشكله .

فإنه استفيد منه مع وجازته : الحضُّ على الجهاد ، والإخبار بالثواب عليه ، والحضّ على مقاربة العدو ، واستعمال السّيوف ، والاعتماد عليها ، واجتماع المقاتلين حين الزحف ، بعضهم لبعض ، حتى تكون سيوفهم بعضها يقع على العدوّ ، وبعضها يرتفع عنهم ؛ حتى كأن السيوف أظلت الضاربين بها ، ويعني : أن الضارب بالسيف في سبيل الله يدخله الله الجنة بذلك .

وهذا كما قاله في الحديث الآخر : ((الجنة تحت أقدام الأمهات))[6]؛ أي : من برَّ أمَّه ، وقام بحقها، دخل الجنَّة ." اهـ

 

وقال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك البكري، المعروف بـ"ابن بطال القرطبي" (المتوفى: 449 هـ) _رحمه الله_ في "شرح صحيح البخاري" (10/ 292):

"وجملة معناه: النهي عن تمنِّيْ المكروهاتِ والتصدِّيْ للمحذورات، ولذلك سأل السلف العافية من الفتن والمحن؛ لأن الناس مختلفون فى الصبر على البلاء." اهـ

 

وقال أبوْ الْفَرَجِ عبد الرحمن بن علي الدمشقي، المعروف بـ"ابن الجوزيِّ" (المتوفى: 597 هـ) _رحمه الله_ في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (3/ 429_430):

"اعْلَم أَن تمني لِقَاء الْعَدو يتَضَمَّن أَمريْن:

أَحدهمَا: استدعاء الْبلَاء.

وَالثَّانِي: ادِّعَاء الصَّبْر، وَمَا يدْرِي الْإِنْسَان كَيفَ يكون صبره على الْبلَاء. وَالْمُدَّعِي متوكل على قوته، معرض بِدَعْوَاهُ عَن مُلَاحظَة الأقدار وتصرفها، وَمن كَانَ كَذَلِك وكل إِلَى دَعْوَاهُ، كَمَا تمنى الَّذِي فَاتَتْهُمْ غزَاة بدر فَلم يثبتوا يَوْم أحد، وكما أعجبتهم كثرتهم يَوْم حنين فهزموا.

وَقد نبه هَذَا الحَدِيث على أَنه لَا يَنْبَغِي لأحد أَن يتَمَنَّى الْبلَاء بِحَال، وَقد قَالَ بعض السّلف: كنت أسأَل الله الْغَزْو، فَهَتَفَ بِي هَاتِف: "إِنَّك___إِن غزوت أسرت، وَإِن أسرت تنصرت." اهـ

 

وقال تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع المنفلوطي المصري الشافعي ، المعروف بـ"ابن دقيق العيد القشيري" (المتوفى: 702 هـ) _رحمه الله_ في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (2/ 300):

"فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِتَالِ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَقَدْ، وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ أَصْرَحُ مِنْ هَذَا، أَوْ أَثَرٌ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ." اهـ

 

وقال تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع المنفلوطي المصري الشافعي ، المعروف بـ"ابن دقيق العيد القشيري" (المتوفى: 702 هـ) _رحمه الله_ في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (2/ 300):

"وَلَمَّا كَانَ لِقَاءُ الْمَوْتِ مِنْ أَشَقِّ الْأَشْيَاءِ وَأَصْعَبِهَا عَلَى النُّفُوسِ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَكَانَتْ الْأُمُورُ الْمُقَدَّرَةُ عِنْدَ النَّفْسِ لَيْسَتْ كَالْأُمُورِ الْمُحَقَّقَةِ لَهَا: خَشِيَ أَنْ لَا تَكُونَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ كَمَا يَنْبَغِي فَكُرِهَ تَمَنِّي لِقَاءَ الْعَدُوِّ لِذَلِكَ، وَلِمَا فِيهِ - إنْ وَقَعَ - مِنْ احْتِمَالِ الْمُخَالَفَةِ لِمَا وَعَدَ الْإِنْسَانُ مِنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أُمِرَ بِالصَّبْرِ عِنْدَ وُقُوعِ الْحَقِيقَةِ، وَقَدْ، وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ مُطْلَقًا لِضُرٍّ نَزَلَ، وَفِي حَدِيثٍ «لَا تَتَمَنَّوْا الْمَوْتَ فَإِنَّ هَوْلَ الْمَطْلَعِ شَدِيدٌ» ، وَفِي الْجِهَادِ زِيَادَةٌ عَلَى مُطْلَقِ الْمَوْتِ." اهـ[7]

 

وقال تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع المنفلوطي المصري الشافعي ، المعروف بـ"ابن دقيق العيد القشيري" (المتوفى: 702 هـ) _رحمه الله_ في "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (2/ 301):

"وَهَذَا الدُّعَاءُ: لَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى ثَلَاثَةِ أَسْبَابٍ، تُطْلَبُ بِهَا الْإِجَابَةُ:

* أَحَدُهَا: طَلَبُ النَّصْرِ بِالْكِتَابِ الْمُنَزَّلِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - "مُنْزِلَ الْكِتَابِ" كَأَنَّهُ قَالَ: كَمَا أَنْزَلْته، فَانْصُرْهُ، وَأَعْلِهِ.

وَأَشَارَ إلَى الْقُدْرَةِ بِقَوْلِهِ "وَمُجْرِيَ السَّحَابِ."

وَأَشَارَ إلَى أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا: بِقَوْلِهِ "وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ." إلَى التَّفَرُّدِ بِالْفِعْلِ، وَتَجْرِيدِ التَّوَكُّلِ، وَاطِّرَاحِ الْأَسْبَابِ، وَاعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ، وَحْدَهُ هُوَ الْفَاعِلُ.

* وَالثَّانِي: التَّوَسُّلُ بِالنِّعْمَةِ السَّابِقَةِ إلَى النِّعْمَةِ اللَّاحِقَةِ وَقَدْ ضَمَّنَ الشُّعَرَاءُ هَذَا الْمَعْنَى أَشْعَارَهُمْ، بَعْدَمَا أَشَارَ إلَيْهِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي قَوْلِهِ {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]،

وَعَنْ إبْرَاهِيمَ _عَلَيْهِ السَّلَامُ_ فِي قَوْلِهِ {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47]." اهـ[8]

 

وقال محمد بن محمد بن محمد العبدري الفاسي المالكي، الشهير بـ"ابْنِ الْحَاجِّ" (المتوفى: 737 هـ) _رحمه الله_ في "المدخل" (3/ 23):

"فَشَأْنُ الْمُكَلَّفِ: امْتِثَالُ الْأَدَبِ بِتَرْكِ الدَّعَاوَى، وَغَيْرِهَا حَتَّى إذَا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ اسْتَعَانَ بِرَبِّهِ _تَعَالَى_، وَامْتَثَلَ أَمْرَهُ مُبْتَغِيًا بِذَلِكَ مَرْضَاتَهُ، وَمَا وَعَدَ عَلَيْهِ مِنْ جَزِيلِ الثَّوَابِ لِفَاعِلِهِ.

وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ الْأَحْوَالِ دَقِيقُهَا، وَجَلِيلُهَا فَلْيَكُنْ الْمَرْءُ مُتَيَقِّظًا لَهَا فَإِنَّهُ يُحْشَرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، وَالْجِهَادُ مَظِنَّةُ الْمَوْتِ غَالِبًا." اهـ

 

وقال محمود بن أحمد الغيتابى الحنفى، المعروف  بـ"بدر الدين العيني" (المتوفى: 855 هـ) _رحمه الله_ في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (14/ 274):

"وَفِي الحَدِيث: نهى عَن تمني لِقَاء الْعَدو لما فِيهِ من الْإِعْجَاب والاتكال على الْقُوَّة، وَلِأَن النَّاس يَخْتَلِفُونَ فِي الصَّبْر على الْبلَاء ألاَ يُرى الَّذِي أحرقته الْجراح فِي بعض الْمَغَازِي مَعَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقتل نَفسه،

وَقَالَ الصّديق _رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ_: "لِأَن أعافَى فأشكر أحب إِلَيّ من أَن أبتلى فأصبر."[9] اهـ

 

وقال علي بن إبراهيم بن داود بن سلمان بن سليمان، أبو الحسن الدمشقي الشافعي، الشهير بـ"علاء الدين ابن العطار" (المتوفى: 724 هـ) _رحمه الله_ في "العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار" (3/ 1674):

"لما كان ملاقاة العدو محلًا للتزلزل، وعدم الثبات على المطلوب، أمر الشرع فيه بالصبر؛ وهو كظم ما يؤلم. والصبر___المأمور به أن يكون جميلًا، فلا يكون فيه شكوى ولا جزع. وهذا أحد أركان القتال.

وقد جمع الله تعالى آداب القتال في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 45 - 47]." اهـ

 

وقال علي بن إبراهيم بن داود بن سلمان بن سليمان، أبو الحسن الدمشقي الشافعي، الشهير بـ"علاء الدين ابن العطار" (المتوفى: 724 هـ) _رحمه الله_ في "العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار" (3/ 1675):

"السبب الموصل إلى الجنة ورفع درجاتها: هو الضربُ بالسيوف في سبيل الله، مع المشي إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، فينبغي لكم أن تحضروا فيه بصدق، وتثبتوا." اهـ[10]

 

وقال علي بن إبراهيم بن داود بن سلمان بن سليمان، أبو الحسن الدمشقي الشافعي، الشهير بـ"علاء الدين ابن العطار" (المتوفى: 724 هـ) _رحمه الله_ في "العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار" (3/ 1676):

"وفي هذا الحديث دليل: على كراهة تمني الموت ولقاء العدو.

وفيه دليل: على الصبر عند اللقاء.

وفيه: استحباب القتال بعد زوال الشمس، واستحباب أن الإمام يعلم الناس ما يحتاجون إليه وقت حاجتهم.

وفيه: سؤال الله تعالى العافية.

وفيه: التنبيه على أسباب الجنة بالضرب بالسيوف.

وفيه: التحريض على القتال.

وفيه: سؤال الله تعالى بنعمته السابقة؛ لطلب نعمته اللاحقة.

وفيه: استحباب الدعاء عند القتال والاستنصار عند اللقاء.

وفيه: مراعاة انشراح النفوس وانبساطها لفعل الطاعات، والله أعلم." اهـ

 

وقال أبو حفص عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري المالكي، المشهور بـ"تاج الدين الفاكهاني" (المتوفى: 734هـ) _رحمه الله_ في "رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام" (5/ 535_536):

"وَالجهادُ منْ أفضل الأعمال وأزكاها عند اللَّه تعالى...وإنما كان الجهادُ من أفضلِ الأعمالِ؛ لما فيه من بذلِ النفس في ذات اللَّه -تعالى-، ومَنْ بذلَ نفسه في ذات اللَّه تعالى، فقد بلغَ الغايةَ التي لا يقدر على أكثرَ منها، ولذلك جازى اللَّه الشهداءَ الذين قُتلوا في سبيله بحياةِ الأبدِ.

فقال تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)} [آل عمران: 169 - 170]،

وفي الحديث من رواية أبي سعيد الخدري: "الشُّهَدَاءُ يَغْدُونَ وَيَرُوحُونَ إِلَى الجَنَّةِ، ثُمَّ يَكُونُ مَأْوَاهُمْ إِلَى قَنَادِيلَ مُعَلَّقَةٍ تَحْتَ العَرْشِ"[11]

 

وقال أبو حفص عمر بن علي بن سالم بن صدقة اللخمي الإسكندري المالكي، المشهور بـ"تاج الدين الفاكهاني" (المتوفى: 734هـ) _رحمه الله_ في "رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام" (5/ 537):

"فيه: استحبابُ المُصَافَّة بعدَ الزوال.

وفيه: استحبابُ ترغيبِ الإمام المقاتلةَ قبل اللقاء، والدعاء على العدو بالانهزام، وللمسلمين بالنصر والغلبة، ونحو ذلك.

وفيه: أنه يُستحب الدعاءُ بصفات اللَّه -تعالى- التي تناسب طِلْبةَ الداعي؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "وهازمَ الأَحزابِ اهْزِمْهُم".

وفيه: كراهةُ تمني لقاء العدو، وخشية اضطراب النفوس وتغيرها عما عزمت عليه، لصعوبة فَقْدِ الحياة عند الملاقاة، أو لغير ذلك مما استبدَّ بعلمه -عليه الصلاة والسلام-، وقد نهى عن تمني الموت مطلقًا لضررٍ نزلَ، وفي حديث آخر: "لَا تتمَنَّوُا المَوْتَ، فَإِنَّ______هَوْلَ المُطَّلَعِ شَدِيدٌ[12]". اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (11/ 85) للأمير الصنعاني :

"وفيه: أنه لا يتعرض العبد للشر، فإن عرض له صبر." اهـ

 

وقال أبو العون محمد بن أحمد بن سالم السفاريني الحنبلي (المتوفى: 1188 هـ) _رحمه الله_ في "كشف اللثام شرح عمدة الأحكام" (7/ 153_154):

"وفي الحديث من الفوائد: انتظارُ الأمر بالقتال إلى بعد الزوال؛ لتهب رياح النصر، ويحصل عوده للمسلمين عقبَ الصلوات للغزاة والمجاهدين.

وفيه: امتثال الجيش لأميرهم.___

وفيه: تعليم الأمير للجند ما ينبغي ويسوغ لهم من طرح الاعتماد على الكثرة والقوة، والتبري من الحول، والاعتماد على الله تعالى في جميع الأمور.

وفيه: الحث على الصبر والترغيب في الأجر، وسؤال العافية الجامعة لكل خير، وتنهيض النفوس والهمم إلى ما يوصل إلى دار النعيم والكرم.

وفيه: الدعاء على الكفار، والثناء على الله تعالى بما هو أهلُه مما يناسب المقام من الآثار، والدعاء بالمعونة والانتصار؛ كما في دعاء النبي المختار، - صلى الله عليه وسلم - ما تعاقب الليل والنهار." اهـ

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (1/ 286):

"وهذا دعاء ينبغي للمجاهد أن يدعو به إذا لقي العدو.

فهنا توسل النبي- عليه الصلاة والسلام- بالآيات الشرعية والآيات الكونية.

توسل بإنزال الكتاب وهو القرآن الكريم، ـو يشمل كل كتاب، ويكون المراد به الجنس، أي: منزل الكتب على محمد وعلى غيره." اهـ

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "شرح رياض الصالحين" (1/ 287_288) :

"ففي هذا الحديث عدة فوائد:

منها: أن لا يتمني الإنسان لفاء العدو، وهذا غير تمني الشهادة! تمني الشهادة جائز وليس منهيا عنه، بل قد يكون مأموراً به، أما تمني لقاء العدو، فلا تتمناه؛ لأن الرسول النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال: ((لا تتمنوا لقاء العدو)) .

ومنها: أن يسأل الإنسان الله العافية، لأن العافية والسلامة لا يعدلها شيء، فلا تتمن الحروب ولا المقاتلة، واسأل الله العافية والنصر لدينه، ولكن إذا لقيت العدو، فاصبر.

ومنها: أن الإنسان إذا لقي العدو فإن الواجب عليه أن يصبر، قال الله تعالي:) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (لأنفال: 45/46) .

ومنها: أنه ينبغي لأمير الجيش أو السرية أن يرفق بهم، وأن لا يبدأ القتال إلا في الوقت المناسب، سواء كان مناسباً من الناحية اليومية أو من الناحية الفصلية. فمثلاً في أيام الصيف لا ينبغي أن يتحرى القتال فيه؛ لأن فيه مشقة. وفي أيام البرد الشديد لا يتحر ذلك أيضاً؛ لأن في ذلك مشقة، لكن إذا أمكن أن يكون بين بين، بأن يكون في الربيع أو في الخريف، فهذا أحسن ما يكون.___

ومنها - أيضاً- أنه ينبغي للإنسان أن يدعو بهذا الدعاء: ((اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم ولنصرنا عليهم)) .

ومنها: الدعاء على الأعداء بالهزيمة؛ لأنهم أعداؤك وأعداء الله، فإن الكافر ليس عدواً لك وحدك، بل هو عدو لك ولربك ولأنبيائه ولملائكته ولرسله ولكل مؤمن. فالكافر عدو لكل مؤمن. وعدو لكل رسول، وعدو لكل نبي، وعدو لكل ملك، فهو عدو، فينبغي لك أن تسأل الله دائماً أن يخذل الأعداء من الكفار، وأن يهزمهم، وأن ينصرنا عليهم والله الموفق." اهـ

 

وقال عبد الله بن عبد الرحمن البسام التميمي (المتوفى: 1423هـ) _رحمه الله_ في "تيسير العلام شرح عمدة الأحكام" (ص: 739):

"ما يستفاد من الحديث:

1- تحين مناسبة الوقت للقتال.

والأولى أن يكون في أول النهار، فإن لم يمكن، فبعد الزوال. كما جاء في حديث آخر (كان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تهب الرياح وتحضر الصلاة) .

2- كراهة تَمنِّى القتال ومصادمة الأعداء، لأنَّ المتمنِّي ما يدرى ما عاقبة الأمر، وأيضاً دليل الغرور والعجب، وهو عنوان الخذلان، ودليل احتقار العدو وهو عنوان قلة الحزم والاحتياط،

3- سؤال العافية، وهي شاملة لعافية الدين والدنيا والأبدان.

4- الصبر عند لقاء العدو، لأنه السبب الأكبر في الظفر والانتصار.

5- فضيلة الجهاد، وأنه سبب قريب في دخول الجنة.

وفي قوله: [ظلال السيوف] إشارة إلى الإقدام والدنو من العدو، حتى تظلله سيوفهم ولا يُوَلًى عنهم. قال القرطبي: هو من الكلام النفيس الجامع الموجز المشتمل على ضروب من المبالغة مع الو جازة وعذوبة اللفظ.

6- الدعاء بهذه الدعوات المناسبات، عند لقاء الأعداء، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله." اهـ

 

وقال شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (المتوفى: 728هـ) _رحمه الله_ في "مجموع الفتاوى" (10/ 521):

"مَنْ اُبْتُلِيَ بِغَيْرِ تَعَرُّضٍ مِنْهُ أُعِينَ، وَمَنْ تَعَرَّضَ لِلْبَلَاءِ خِيفَ عَلَيْهِ." اهـ

 

وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 53):

"في هذا الحديث: الدعاء حال الشدائد، والخروج من الحول والقوة، والنهي عن تمنِّي لقاء العدو، والأَمر بالصبر والثبات عند اللقاء. وفيه: الحضُّ على الجهاد. وفيه: الجمع بين الأَخذ بالأَسباب، والتوكُّل على الله تعالى." اهـ

 

وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 730):

"قوله: «لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية» . قال ابن بطال: حكمة النهي أنه لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن.

قال الحافظ: "وفي الحديث: استحباب الدعاء عند اللقاء، ووصية المقاتلين بما فيه صلاح أمرهم، ومراعاة نشاط النفوس لفعل الطاعة، والحث على سلوك الأدب." اهـ

 

وقال فيصل بن عبد العزيز بن فيصل ابن حمد المبارك الحريملي النجدي (المتوفى: 1376 هـ) _رحمه الله_ في "تطريز رياض الصالحين" (ص: 740)

قال ابن بطال: "حكمة النهي، أن المرء لا يعلم ما يؤول إليه الأمر، وهو نظير سؤال العافية من الفتن.

وقال الصدِّيق: لأن أعافى فأشكر، أحب إليَّ من أن أبتلى فأصبر.

وكان عليٌّ يقول: لا تدعُ إلى المبارزة، فإذا دعيت فأجب تنصر، فإن الداعي باغٍ.

 

وقال نصر بن محمد، الشهير بـ"أبي الليث السمرقندي" (المتوفى: 373 هـ) _رحمه الله_ في "تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين" (ص: 505_506) :

وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ غَازِيًا حَقًّا، مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِالسُّنَّةِ، فَلْيُحَافِظْ عَلَى عَشْرِ خِصَالٍ:

أَوَّلُهَا: أَنْ لَا يَخْرُجَ إِلَّا بِرِضَا الْوَالِدَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يُؤَدِّيَ أَمَانَةَ اللَّهِ الَّتِي فِي عُنُقِهِ مِنَ الصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَالْكَفَّارَةِ، ثُمَّ يُؤَدِّي أَمَانَاتِ النَّاسِ الَّتِي فِي عُنُقِهِ مِنَ الْمَظَالِمِ وَالْغِيبَةِ وَقَوْلِ الزُّورِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَدَعَ لِأَهْلِهِ مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِيهِمْ، قَدْرَ إِقَامَتِهِ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ نَفَقَتُهُ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبَلُ إِلَّا الطَّيِّبَ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَسْمَعَ وَيُطِيعَ لِأَمِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا بَعْدَمَا كَانَ أَمِيرًا عَلَيْهِ.

وَالسَّادِسُ أَنْ يُؤَدِّيَ حَقَّ رَفِيقِهِ، وَيَبْتَسِمَ فِي وَجْهِهِ كُلَّمَا لَقِيَهُ، وَيُنْفِقَ أَكْثَرَ مِمَّا هُوَ يُنْفِقُ، وَيُمَرِّضَهُ، وَيَقُومُ فِي حَوَائِجِهِ.____

وَالسَّابِعُ: أَنْ لَا يُؤْذِيَ فِي طَرِيقِهِ مُسْلِمًا، وَلَا مُعَاهِدًا.

وَالثَّامِنُ: أَنْ لَا يَفِرَّ مِنَ الزَّحْفِ.

وَالتَّاسِعُ: أَنْ لَا يَغُلَّ مِنَ الْغَنِيمَةِ شَيْئًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161] .

الْآيَةَ.

وَالْعَاشِرُ: أَنْ يُرِيدَ بِغَزْوِهِ إِعْزَازَ الدِّينِ وَنُصْرَةَ الْمُؤْمِنِينَ." اهـ

 

وقال نصر بن محمد، الشهير بـ"أبي الليث السمرقندي" (المتوفى: 373 هـ) _رحمه الله_ في "تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين" (ص: 506):

وَيُقَالُ: يَنْبَغِي لِلْغَازِي أَنْ يَكُونَ لَهُ عَشْرَ خِصَالٍ فِي الْحُرُوبِ:

* أَوَّلُهَا : أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِ الْأَسَدِ لَا يَجْبُنُ،

* وَفِي كِبْرِ النَّمِرِ لَا يَتَوَاضَعُ لِعَدُوِّهِ،

* وَفِي شَجَاعَةِ الدُّبِّ يُقَاتِلُ بِجَمِيعِ جَوَارِحِهِ،

* وَفِي حَمْلَةِ الْخِنْزِيرِ لَا يُوَلِّي دُبُرَهُ، إِذَا حُمِلَ عَلَيْهِ،

* وَفِي إِغَارَةِ الذِّئْبِ إِذَا أَيِسَ مِنْ وَجْهٍ أَغَارَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ،

* وَفِي حَمْلِ الثَّقِيلِ كَالنَّمْلَةِ تَحْمِلُ أَضْعَافَ وَزْنِهَا،

* وَفِي ثَبَاتِهِ كَالْحَجَرِ لَا يَزُولُ مِنْ مَكَانِهِ،

* وَفِي صَبْرِهِ كَالْحِمَارِ إِذَا أَثْقَلَهُ نُصُولُ السِّهَامِ، وَضَرْبُ السُّيُوفِ،

* وَفِي وَفَاءِ الْكَلْبِ، لَوْ دَخَلَ سَيِّدُهُ النَّارَ لَاتَّبَعَ أَثَرَهُ ,

* وَفِي الْتِمَاسِ الْفُرَصِ كَالدِّيكِ،

* وَفِي الْهَزِيمَةِ كَالثَّعْلَبِ." اهـ



[1] وفي العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (3/ 1674) :

"وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية"؛

إنما نهى عن ذلك؛ خشيةَ ألا تكون الأمور المقدرة في النفس، كالأمور المحققة عند التحقيق، فكره تمني لقاء العدو لذلك، ونهى عنه خوفًا من إعجاب النفس والاتكال عليها والوثوق بالقوة، وهو نوع بغي؛ وقد ضمن الله تعالى لمن بُغي عليه أن ينصره، ولأنه يتضمن قلة الاهتمام بالعدو واحتقاره، وهذا كله يخالف الاحتياط والحزم.

وقد ثبت في الصحيح النهيُ عن تمني الموت؛ فإن قوله المطلع شديد، وفي الجهاد زيادة على مطلق الموت،

وتأول بعضهم النهي عن التمني على صورة خاصة، وهي: إذا شك في المصلحة فيه، وحصول ضرر، وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة.

والصحيح: الأول؛ ولهذا نبه - صلى الله عليه وسلم - عقب نهيه عن التمني بسؤال العافية؛ فينها لا يعدلها شيء، والسلامة الدنيوية والأخروية مطلوبة للشرع، ولهذا حذر من الفتن والاختلاف ومواضعها ومواقعها؛ طلبًا للسلامة.

فالتمني منهي عنه؛ لما يخشى فيه من عدم الثبات والافتتان. وطلبُ النصر والشهادة مأمور بهما؛ لما فيهما من إعزاز الدين، وإعلاء كلمة الله تعالى، والجزاء عليهما. وسؤالُ العافية مطلوب من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في الظاهر والباطن، في البدن والدين، والدنيا والآخرة.

وقد سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العافية في ذلك جميعه، والله أعلم."

[2] شرح النووي على مسلم (12/ 46) :

"وَأَمَّا قَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ (وَاعْلَمُوا أَنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ)، فَمَعْنَاهُ : ثَوَابُ اللَّهِ وَالسَّبَبُ الْمُوَصِّلُ إِلَى الْجَنَّةِ عِنْدَ الضَّرْبِ بِالسُّيُوفِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَشْيِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاحْضُرُوا فِيهِ بِصِدْقٍ وَاثْبُتُوا." اهـ

[3] وفي "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم" (11/ 56):

"قيل: إن فائدة هذا النهي أن لا يُستخف أمر العدو ، فيتساهل في الاستعداد له ، والتحرز منه ، وهذا لما فيه من المكاره ، والمحن، والنكال، ولذلك قال متصلاً به: (( واسألوا الله العافية )).

وقيل: لما يخاف من إدالة العدو، وظفره بالمسلمين. وقد روي في هذا الحديث: (( فإنهم يظفرون كما تنصرون )).

وقيل: لما يؤدي إليه من إذهاب حياة النفوس التي يزيد بها المؤمن خيرًا ، ويرجى للكافر فيها أن يراجع . وكل ذلك محتمل . والله تعالى أعلم.

ولا يقال: فلقاء العدو وقتاله طاعة يحصل منه إما الظفر بالعدو، وإما الشهادة، فكيف ينهى عنه؟ وقد حضّ الشرع على تمنّي الشهادة، ورغَّب فيه، فقال: ((من سأل الله الشهادة صادقًا من قلبه ، بلغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه)) لأنا نقول : لقاء العدو وإن كان جهاد وطاعة ومحصلاً لأحد الأمرين ، فلم يُنه عن تمتيه من هذه الجهات ، وإنما نهي عنه من جهات تلك الاحتمالات المتقدِّمة ، ثم هو ابتلاء ، وامتحان لا يعرف عن ماذا تسفر عاقبته ، وقد لا تحصل فيه لا غنيمة ولا شهادة ، بل ضد ذلك . وتحريره : أن تمني لقاء العدو المنهي عنه غير تمني الشهادة المرغب فيه ؛ لأنه قد يحصل اللقاء ولا تحصل الشهادة ، ولا الغنيمة ، فانفصلا ." اهـ

[4] ففي صحيح البخاري (4/ 97) (رقم: 3160):

"فَقَالَ النُّعْمَانُ: رُبَّمَا أَشْهَدَكَ اللَّهُ مِثْلَهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمْ يُنَدِّمْكَ، وَلَمْ يُخْزِكَ، وَلَكِنِّي شَهِدْتُ القِتَالَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «إِذَا لَمْ يُقَاتِلْ فِي أَوَّلِ النَّهَارِ، انْتَظَرَ حَتَّى تَهُبَّ الأَرْوَاحُ، وَتَحْضُرَ الصَّلَوَاتُ»."

النعمان: هو النُّعْمَانُ بْنَ مُقَرِّنٍ. (تحضر الصلوات) يعني بعد زوال الشمس وذهاب شدة الحر حتى يطيب القتال ويسهل على المقاتلين

[5] وفي كشف اللثام شرح عمدة الأحكام (7/ 153) للسفاريني :

"وقال الجلال السيوطي : "السجعُ: تواطؤ الفاصلتين على حرف واحد، وهو معنى قولهم: السجعُ في النثر كالقافية في الشعر.

فالجواب: أن السجعَ المنهيَّ عنه سجعُ الجاهلية، وسجعُ الكهان، والأسجاعُ المتكلَّفة، وأما إذا صدرَ اتفاقًا من غير تكلُّف ولا قصد، فهو حسن.

قال ابن التين : يكفي في حُسنه ورودُه في القرآن، ولا يقدح في ذلك حظرُه في بعض الآيات؛ لأن الحسن قد يقتضي المقام إلى ما هو أحسن منه.

وقال الخطابي: السجعُ محمود لا على الدوام، ولذلك لم تَجِىءْ فواصل القرآن كلُّها عليه، والله أعلم." اهـ

[6] أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (1/ 102) (رقم : 119)، والدولابي في الكنى والأسماء (3/ 1091) (رقم : 1911)، وأبو الشيخ الأصبهاني في الفوائد (ص: 58) (رقم : 25)، والخطيب البغدادي في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع (2/ 231) (رقم : 1702).

وفي إسناده مجهولان : منصور بن المهاجر وأبو النضر الأبَّار، فضعَّف الحديث لأجلهما المحدث الألباني _رحمه الله_ في ضعيف الجامع الصغير وزيادته (ص: 394) (رقم : 2666).

وفي رواية أحمد في مسنده (24/ 299) (رقم : 15538) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ، أَنَّ جَاهِمَةَ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَدْتُ الْغَزْوَ وَجِئْتُكَ أَسْتَشِيرُكَ. فَقَالَ: «هَلْ لَكَ مِنْ أُمٍّ؟» قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: «الْزَمْهَا فَإِنَّ الْجَنَّةَ عِنْدَ رِجْلِهَا» وحسَّن إسناده الأرنؤوطُ في تخريج المسند، وكذا الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 269) (رقم : 1249).

[7] وفي شرح الإلمام بأحاديث الأحكام (2/ 587) لابن دقيق العيد : "فالنهي عن التمني؛ لما فيه من التعرض للبلاء، وخوف الاغترارِ من النفس وخَورِها عند الحقيقة." اهـ

[8] وفي العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام لابن العطار (3/ 1675)

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ منزلَ الكتاب، ومجريَ السحاب، وهازمَ الأحزاب! اهزمْهم وانصرْنا عليهم!؛ هذا الدعاء إشارة إلى ثلاثة أسباب تطلب بها الإجابة؛ وهي: الإنزال، والقدرة بالإجراء، والهزم، وفي كل شيء سبب معنى يصلح السؤال به، فكأنه طلب النصر للكتاب المنزل بقوله: "منزل الكتاب"، فكما أنزلته، فانصره وأَعْلِه، وطلبَ بالقدرة على إجراء السحاب وهزم الأحزاب هزمَ الأعداء والنصرَ عليهم، وذلك إشارة إلى تفرده -سبحانه وتعالى- بالفعل، وتجريد التوكل واطراح الأسباب، واعتقاد أن الله -عزَّ وجلَّ- هو الفاعل، وهذه الأسباب توسل بالنعمة السابقة إلى نعمه اللاحقة، وقد ضمن الله ذلك في كتابه العزيز حكاية عن يحيى - صلى الله عليه وسلم - في قوله تعالى: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا} [مريم: 4]، وعن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى: {سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا (47)} [مريم: 47].

[9] لم أعثُرْ على الأثر عن أبي بكر الصديق، إنما ورد عن أبي الدرداء، ومطرف بن عبد الله بن الشخير.

[10] وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 397) للزيداني :

"الجنة تحصل للرجل عند استعمال السيوف في قتال الكفار، وإنما ذكر السيوف من بين آلات الحرب؛ لأن أكثر سلاح العرب السيوف، ولأن استعمال السيوف أشد من استعمال السهم؛ لأن استعمال السيوف إنما يكون بمقاربة العدو، ومقاربةُ العدو أشدُّ خوفًا من مباعدته." اهـ

[11] رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (11/ 60)، والخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (1/ 539)، وإسناده ضعيف.

ويغني عنه ما أخرجه مسلم في صحيحه (3/ 1502) (رقم : 1887) :

عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: سَأَلْنَا عَبْدَ اللهِ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: 169] قَالَ: أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:

«أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً»،

فَقَالَ: " هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا ".

[12] رواه الإمام أحمد في "المسند" (3/ 332)، وعبد بن حميد في "مسنده" (1155)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (10589)، من حديث جابر بن عبد اللَّه -رضي اللَّه عنهما-. قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (10/ 203). إسناده حسن.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين