شرح الحديث 93 من الأدب المفرد

  

93 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقُرَشِيُّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ، عَنْ عَامِرٍ:

أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُهُ فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا."

فَقَالَ: «أَكُلَّ وَلَدَكَ نَحَلْتَ؟» قَالَ: "لَا."

قَالَ: «فَأَشْهِدْ غَيْرِي» ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟»

قَالَ: "بَلَى."

قَالَ: «فَلَا إِذًا»،

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: "لَيْسَ الشَّهَادَةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةً."

[قال الشيخ الألباني: صحيح]

 

رواة الحديث:

 

* حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ (ثقة ثبت: ت 227 هـ):

محمد بن سلام بن الفرج السلمي مولاهم، أبو عبد الله البخاري البيكندي، روى له:  خ. 

 

* قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقُرَشِيُّ (ثقة: ت 189 هـ):

عبد الأعلى بن عبد الأعلى بن محمد و قيل ابن شراحيل القرشى البصري السامي، أبو محمد (ولقبه: أبو همام)، من الوسطى من أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ (ثقة متقن، كان يهم بأخرة: ت 140 هـ):

داود بن أبى هند (دينار) بن عذافر القشيرى مولاهم، أبو بكر البصرِيُّ الخراساني، من صغار التابعين، روى له:  خت م د ت س ق 

 

* عَنْ عَامِرٍ (ثقة مشهور فقيه فاضل: ت 109 هـ):

عامر بن شراحيل الشعبي[1]، أبو عمرو الكوفي، من الوسطى من التابعين، روى له:  خ م د ت س ق 

 

* أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ (65 هـ بـ حمص):

النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن الْجُلاَسِ الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الله المدني (أمه عمرة بنت رواحة) _رضي الله عنهم_، روى له :  خ م د ت س ق 

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه (البخاريّ) في "الهبة" (2586 و 2587 و 2650)، وفي الأدب المفرد (ص: 47) (رقم: 93)، (مسلم) [3/ 4170 و 4171 و 4172 و 4173 و 4174 و 4175 و 4176 و 4177 و 4178 و 4179] (1623)، و (أبو داود) في "البيوع" (3543)، و (الترمذيّ) في "الأحكام" (1367)، و (النسائيّ) في "النُّحْل" (6/ 258 - 259) و"الكبرى" (4/ 117 - 118)، و (ابن ماجه) في "الهبات" (2376)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (16491 و 16492 و 16493)، و (الحميديّ) في "مسنده" (922)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (11/ 220)، و (أحمد) في "مسنده" (4/ 268 و 270)، و (ابن الجارود) في "المنتقى" (991)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (5097 و 5098 و 5099 و 5100 و 5101 و 5102 و 5103 و 5104)، و (الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (4/ 84 و 87)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (3/ 456)، و (الدارقطنيّ) في "سننه" (3/ 42)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (6/ 176) و"الصغرى" (5/ 491)، والله تعالى أعلم.

 

نص الحديث

 

أَنَّ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ انْطَلَقَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْمِلُهُ فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا."

فَقَالَ: «أَكُلَّ وَلَدَكَ نَحَلْتَ؟» قَالَ: "لَا."

قَالَ: «فَأَشْهِدْ غَيْرِي» ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَيْسَ يَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟»

قَالَ: "بَلَى."

قَالَ: «فَلَا إِذًا»،

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيُّ: "لَيْسَ الشَّهَادَةُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُخْصَةً."

 

وفي سنن النسائي (6/ 260) _رقم: 3681): عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ:

"أَنَّ أُمَّهُ ابْنَةَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهِبَةِ مِنْ مَالِهِ لِابْنِهَا، فَالْتَوَى بِهَا سَنَةً، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لَهُ، فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أُمَّ هَذَا ابْنَةَ رَوَاحَةَ قَاتَلَتْنِي عَلَى الَّذِي وَهَبْتُ لَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا بَشِيرُ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟» قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفَكُلُّهُمْ وَهَبْتَ لَهُمْ مِثْلَ الَّذِي وَهَبْتَ لِابْنِكَ هَذَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ»

 

من فوائد الحديث:

 

في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 283_286):

"(المسألة الثالثة): في فوائده:

1 - (منها): بيان مشروعيّة الهبة إذا لم يكن هناك ما يمنعه، من تفضيل بعض الأولاد على بعض.

2 - (ومنها): الندب إلى التأليف بين الإخوة، وتركُ ما يوقع بينهم الشحناء، أو يورث العقوق للآباء، قاله في "الفتح" ["الفتح" (6/ 443)]،

وقال القرطبيّ رحمه الله: "دلّ الحديث على حضِّ الأب على سلوك الطرق المفضية بابنه إلى برِّه، وتجنّب ما يفضي إلى نقيض ذلك." انتهى (1).

3 - (ومنها): أن عطيّة الأب لابنه الصغير في حِجره لا تحتاج إلى قبض، وأن الإشهاد فيها يُغني عن القبض، وقيل: إن كانت الهبة ذهبًا، أو فضّةً فلا بدّ من عزلها، وإفرازها.

4 - (ومنها): أنه لا ينبغي تحمّل الشهادة فيما ليس بمباح.

5 - (ومنها): مشروعيّة الإشهاد في الهبة، وليس بواجب.

6 - (ومنها): جواز الميل إلى بعض الأولاد، والزوجات، دون بعض، وإن وجبت التسوية بينهم في غير ذلك.

7 - (ومنها): أن للإمام الأعظم أن يتحمّل الشهادة، وتظهر فائدتها، إما ليحكم في ذلك بعلمه عند من يُجيزه، أو يؤدّيها عند بعض نُوّابه.

8 - (ومنها): مشروعيّة استفصال الحاكم، والمفتي عما يحتمل الاستفصال، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ألك ولدٌ غيره؟ "، فلما قال: نعم، قال: "أفكلهم أعطيت مثله؟ "، فلما قال: لا، قال: "لا أشهد"، فيفهم منه أنه لو قال: نعم، لشهد.

9 - (ومنها): جواز تسمية الهبة صدقةً.

10 - (ومنها): أن للإمام كلامًا في مصلحة الولد.

11 - (ومنها): المبادرة إلى قبول الحقّ، وأمْر الحاكم، والمفتي بتقوى الله عز وجل في كلّ حمال.

12 - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى سوء عاقبة الحرص، والتنطّع؛ لأن عمرة لو رضيت بما وهبه زوجها لولده لَمَا رجع فيه، فلما اشتدّ حرصها في تثبيت ذلك أفضى إلى بطلانه.

13 - (ومنها): ما قال المهلّب: فيه أن للإمام أن يردّ الهبة، والوصيّة ممن يعرف منه هروبًا عن بعض الورثة.

14 - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن للأب أن يرجع فيما وهبه لابنه،___وكذلك الأمّ، وهو قول أكثر الفقهاء، وقد تقدّم تحقيق المذاهب، وأدلّتها في الباب الماضي، فراجعه تستفد علمًا جمًّا، وبالله تعالى التوفيق.

15 - (ومنها): أنه يدلّ على الاحتياط في العقود بشهادات الأفضل والأكبر.

16 - (ومنها): أن فيه دليلًا: على أن حَوْز الأب لابنه الصغير ما وهبه له جائز، ولا يحتاج إلى أن يحوزه غيره؛ فإن النُّعمان كان صغيرًا، وقد جاء به أبوه إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وهو يحمله.

قال عياض: ولا خلاف في هذا بين العلماء فيما يُعرف لا بعينه، واختلف المذهب فيما لا يُعرف بعينه، كالمكيل، والموزون، وكالدراهم: هل يجزئ تعيينه، والإشهاد عليه، والختم عليه في الحوز، أم لا يجزىء ذلك حتى يخرجها من يده إلى يد غيره؟ وأجاز ذلك أبو حنيفة وإن لم يخرجه من يده[2]، وكذلك اختُلف في هبته له جزءًا من ماله مشاعًا.

قال القرطبيّ: وهذا الحكم إنما ينتزعه من هذا الحديث من حمل قوله: "فارجعه" على الاعتصار. [3]

واختلف العلماء فيما لم يُقْبَض من الهبات، هل تلزم بالقول، أم لا حتى تُقْبَض؟ فذهب الحسن البصريّ، وحمَّاد بن أبي سليمان، وأبو ثور، وأحمد بن حنبل إلى أنَّها تلزم بالقول، ولا تحتاج إلى حوزٍ، كالبيع.

وقال أبو حنيفة، والشافعيّ: لا تلزم بالقول، بل بالحوز.

وذهب مالك: إلى أنها تلزم بالقول، وتتم بالحوز، وقد تقدم ذلك، والعلماء مُجْمِعُون على لزومها بالقبض، وهبة المشاع جائزة عند الجمهور، ومنعها أبو حنيفة. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله___

قال الجامع عفا الله عنه: القول باشتراط القبض في الهبة مما يحتاج إلى دليل، فالأرجح ما ذهب إليه الأولون، من لزوم الهبة بالقول، وإن لم تُقبض، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 289_291):

"والحاصل أن المذهب الأول القائل بوجوب التسوية بين الأولاد، وحَمْل النهي على التحريم هو الحقّ؛ لوضوح حجّته، واستنارة محجّته، فيجب التسوية بينهم في العطيّة مطلقًا، سواء كانوا ذُكورًا أو إناثًا، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد.

ثم رأيت تحقيقًا للعلامة أبي العبّاس القرطبيّ، وإن كان مضى في كلام الحافظ، إلا أنه أجاد فيه، وأفاد، فأردت إلحاقه بما مضى؛ تتميمًا للفائدة، وتثبيتًا للعائدة، قال رحمه الله:

"لا يجوز أن يَخُصَّ بعض ولده بعطاء ابتداءً، وهل ذلك على جهة التحريم، أو الكراهة؟ قولان لأهل العلم، وإلى التحريم ذهب طاووس، ومجاهد، والثوريّ، وأحمد، وإسحاق، وأن ذلك يُفْسَخُ إن وقع، وذهب الجمهور: مالك في المشهور عنه، والشافعيّ، وأبو حنيفة، وغيرهم: إلى أن ذلك لا يُفْسَخ إذا وقع، وقد حَكَى ابن المنذر عن مالك وغيره جواز ذلك؛ ولو أعطاه ماله كله، وحَكَى غيره عن مالك: أنَّه إن أعطاه ماله كله أرتجعه، قال___سحنون: من أعطى ماله كله ولدًا أو غيره، ولم يبق له ما يقوم به؛ لم يَجُز فِعْله.

فمن قال بالتحريم تمسَّك بظاهر النهي، وبقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصلح هذا، ولا أشهد على جوْر"، وبقوله: "اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم"، وبأمره بردّ ذلك، ومن قال بالكراهة انصرف عن ذلك الظاهر بقوله: "أشهدْ على هذا غيري"، قال: ولو كان حرامًا لَمَا قال هذا، وأنه كان يذمُّ من فَعَلَ ذلك، ومن يَشْهَد فيه، ويغلِّظ عليه، كعادته في المعقود المحرَّمة، وبقوله: "أيسرُّك أن يكونوا لك في البرِّ سواء؟ "، فإنه نبَّه على مراعاة الأحسن، وبأن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- نَحَل عائشة -رضي الله عنهما- جادَّ عشرين وسقًا من ماله بالغابة، ولم ينحل غيرها من ولده شيئًا من ذلك، ولأن الأصل جواز تصرُّف الإنسان في ماله مطلقًا، وتأوّل هؤلاء ما احتجَّ به المتقدِّمون من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يصلح هذا"، وأن ذلك "جَوْر" على أن ذلك على الكراهة؛ لأن من عدل عن الأَوْلى والأصلح يصدُق عليه مثل ذلك الإطلاق؛ لأنه مما لا ينبغي أن يُقْدِم عليه، ولذلك لم يشهد فيه النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وأما أمْره بارتجاع ذلك؛ لأنه يجوز للأب أن يرجع فيما وهب لولده، كما تقدَّم، وهو يدل على صحَّة الهبة المتقدمة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "مُره فليراجعها"، وكان ذلك دليلًا على صحة الطلاق الواقع في الحيض.

وللطائفة الأولى أن تنفصل عن ذلك بمنع: أن قوله: "أشهد على هذا غيري" ليس إذنًا في الشهادة، وإنَّما هو زجرٌ عنها؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- قد سمَّاه جورًا، وامتنع من الشهادة فيه، فلا يمكن أن يشهد أحد من المسلمين في ذلك بوجه.

وعن قوله في قوله: "أيسرك أن يكونوا في البر سواء؟ ": أن ذلك تنبيهٌ على الأحسن، بأن ذلك ممنوع، بل ذلك تنبيهٌ على مدخل المفسدة الناشئة عنه، وهو العقوق؛ الذي هو من الكبائر.

وعن نُحْلِ أبي بكر -رضي الله عنه-: أن ذلك يَحتمل أنَّه كان قد نحل أولاده نُحلًا يعادل ذلك، ولم يُنقَل، ثم إن ذلك الفعل منه لا يعارض به قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، وعن التمسك بالأصل: أن ذلك غير قادح؛ لأن الأصل الكلِّيّ والواقعة المعيّنة المخالفة لذلك الأصل في حكمه لا تعارض بينهما، كالعموم والخصوص، وقد___تقرر في الأصول: أن الصحيح بناء العام على الخاص، وعن التأويل: أن ذلك مجاز، وهو على خلاف الأصل، وعن الارتجاع: بمنع أن يُحْمَل ذلك على الاعتصار؛ فإن لفظ الردِّ ظاهر في الفسخ، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ"، أي: مفسوخ، ويؤيد ذلك قوله: "فردَّ أبي تلك الصدقة"، والصَّدقة لا يعتصرها الأب بالاتفاق.

وعند هذا الانفصال يتبيَّن للناظر: أن القائل بالتحريم هو الذي صال، وأمَّا القول بالجواز، فلم يَظْهَر له وجه فيه يُجَاز.

[تنبيه]: مِن أبعد تأويلات ذلك الحديث قول من قال: إن النهي فيه إنَّما يتناول من وهب ماله كلَّه لبعض ولده، وكأنه لم يسمع في الحديث نفسه: إن الموهوب كان غلامًا فقط.

وإنما وهبه له لمَّا سألته أمُّه بعض الموهبة من ماله، وهذا يُعلم منه على القطع: أنه كان له مالٌ غيره. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (1)، وهو بحثٌ نفيسٌ جدًّا." اهـ

 



[1] قال ابن الأثير _رحمه الله_ في "اللباب في تهذيب الأنساب" (2/ 198):

"الشّعبِيّ (بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وَفِي آخرهَا بَاء مُوَحدَة):

هَذِه النِّسْبَة إِلَى شعب وَهُوَ بطن من هَمدَان وَالْمَشْهُور بِهَذِهِ النِّسْبَة أَبُو عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ من أهل الْكُوفَة من كبار التَّابِعين وفقهائهم روى عَن خمس وَمِائَة من أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ومولده سنة عشْرين وَقيل سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَمَات سنة تسع وَمِائَة وَقيل سنة خمس وَقيل سنة ارْبَعْ وَمِائَة." اهـ

وقال الذهبي _رحمه الله_ في "سير أعلام النبلاء" – ط. الرسالة (4/ 297):

"وَقَبِيْلَتُهُ: مَنْ كَانَ مِنْهُم بِالكُوْفَةِ، قِيْلَ: شَعْبِيٌّ. وَمَنْ كَانَ بِمِصْرَ، قِيْلَ: الأُشْعُوْبِيُّ. وَمَنْ كَانَ بِاليَمَنِ، قِيْلَ لَهُم: آلُ ذِي شَعْبَيْنِ. وَمَنْ كَانَ بِالشَّامِ، قِيْلَ: الشَّعْبَانِيُّ. وَأُرَى قَبِيْلَةَ شَعْبَانَ نَزَلَتْ بِمَرْجِ كَفْرَ بَطْنَا، فَعُرِفَ بِهِم، وَهُمْ جَمِيْعاً وَلَدُ حَسَّانِ بنِ عَمْرِو بنِ شَعْبَيْنِ." اهـ

[2] وفي "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (28/ 285): "لا يخفى أن ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمه الله من عدم إخراجه من يده هو الأرجح؛ لحديث الباب، فتأمله." اهـ

[3] وفي "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (28/ 285): البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (28/ 285): "الاعتصار": هو ارتجاع المعطي هبته دون عِوَض، لا بطوع الْمُعْطَى. قاله الأبيّ رحمه الله في "شرحه" 4/ 330." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين