شرح الحديث 90 من الأدب المفرد لأبي فائزة البوجيسي

  

50- باب قبلة الصبيان

 

90 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟»

[قال الشيخ الألباني : صحيح]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ (ثقة فاضل: 212 هـ):

محمد بن يوسف بن واقد بن عثمان الضبى مولاهم ، أبو عبد الله الفريابى ( نزيل قيسارية من ساحل الشام )، من صغار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ (ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة: ت 161 هـ):

سفيان هنا يحتمل سُفْيَانَيْنِ: سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، إلا أن المراد به: هو الثوري على رواية أبي الفضل الزهري في "حديثه" (ص: 101) (رقم: 28).[1]

 

سفيان بن سعيد بن مسروق الثورى ، أبو عبد الله الكوفى، من كبار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

عَنْ هِشَامٍ (ثقة فقيه: 145 أو 146 هـ)

هشام بن عروة بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى ، أبو المنذر ، و قيل أبو عبد الله المدنى

الطبقة :  5  : من صغار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

عَنْ عُرْوَةَ (ثقة: 94 هـ على الصحيح):

عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشى الأسدى ، أبو عبد الله المدنى، الطبقة :  3  : من الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

عَنْ عَائِشَةَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا_ (ت: 57 هـ):

عائشة بنت أبى بكر : الصديق التيمية ، أم المؤمنين ، أم عبد الله، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث وشرحه:

 

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ[2] إِلَى النَّبِيِّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ فَقَالَ: "أَتُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ؟ فَمَا نُقَبِّلُهُمْ." فَقَالَ النَّبِيُّ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_:

«أَوَ أَمْلِكُ لَكَ أَنْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةَ؟»[3]

 

وهذا استفهام كما فسَّرتْه رواية أحمد في "مسنده":

«لَا أَمْلِكُ إِنْ كَانَ اللَّهُ _عَزَّ وَجَلَّ_ نَزَعَ مِنْكَ الرَّحْمَةَ»

 

وعن أَبي هريرة _رضي الله عنه_ قَالَ:

قَبَّلَ النَّبيُّ _صلى الله عليه وسلم_ الحَسَنَ بْنَ عَليٍّ _رضي الله عنهما_، وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِس،

فَقَالَ الأقْرَعُ: "إن لِي عَشرَةً مِنَ الوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ مِنْهُمْ أحَداً."

فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُول الله _صلى الله عليه وسلم_، فَقَالَ:

«مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ!» . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

ووقع نحو ذلك لعيينة بن حِصْن بن حُذيفة الفزاريّ، أخرجه أبو يعلى في

"مسنده" بسند رجاله ثقات، إلى أبي هريرة _رضي الله عنه_.

 

ففي "مسند أبي يعلى الموصلي" (10/ 385) (رقم: 5983): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:

"دَخَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_، فَرَآهُ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ،

فَقَالَ: "أَتُقَبِّلُهُمَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ عُيَيْنَةُ: وَإِنَّ لِي عَشَرَةً فَمَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمُ»

 

وقال أبوْ الْفَرَجِ عبد الرحمن بن علي الدمشقي، المعروف بـ"ابن الجوزيِّ" (المتوفى: 597 هـ) _رحمه الله_ في "تلقيح فهوم أهل الأثر" (ص: 502): "هَذَا الرجل قيل إِنَّه الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي وَقيل عُيَيْنَة بن حصن." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 46 و 48) (رقم: 90 و 98)، وفي "صحيحه" (8/ 7) (رقم: 5998)، ومسلم في "صحيحه" (4/ 1808) (رقم: 2317)، وابن ماجه في "سننه" (2/ 1209) (رقم: 3665)، وأحمد في "مسنده" - عالم الكتب (6/ 56 و 6/ 70) (رقم: 24291 و 24408)، وهناد بن السري في "الزهد" (2/ 620)، والحارث بن أبي أسامة في "مسنده" كما في "بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث" (2/ 849) (رقم: 901)، وابن أبي داود في "مسند عائشة" (ص: 53 و 54 و 72) (رقم: 13 و 15 و 50)، وابن حبان في "صحيحه" (12/ 407) (رقم: 5595)، وأبو الفضل الزهري في "حديثه" (ص: 100 و 101) (رقم: 26 و 28)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (7/ 162) (رقم: 13577)، وفي "شعب الإيمان" (13/ 377) (رقم: 10502)، "الآداب" (ص: 11) (رقم: 14)، وفي "الأربعين الصغرى" (ص: 133) (رقم: 74)، والبغوي في "شرح السنة" (13/ 34) (رقم: 3447).

 

من فوائد الحديث:

 

تطريز رياض الصالحين - (1 / 174)

في هذا الحديث: الشفقة على الأولاد، وتقبيلهم ورحمتهم.

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين - (3 / 11)

ما نزعه الله تعالى لا يقدر أحد على وضعه.

 

شرح رياض الصالحين - (2 / 554):

"وفي هذا: دليلٌ على تقبيل الصبيان شفقة عليهم ورقة لهم ورحمة بهم.

وفيه: دليلٌ على أن الله تعالى قد أنزل في قلب الإنسان الرحمة، وإذا أنزل الله في قلب الإنسان الرجمة فإنه يرحم غيره، وإذا رحم غيره رحمه الله عزّ وجلّ_." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار - (1 / 269)

وكذلك رحمة الأطفال الصغار والرقة عليهم ، وإدخال السرور عليهم من الرحمة ، وأما عدم المبالاة بهم ، وعدم الرقة عليهم ، فمن الجفاء والغلظة والقسوة."

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 282)

وقوله فى حديث الأقرع بن حابس أنه ذكر له أنه لا يقبل ولده: " إنه من لا يرحم لا يرحم " كلام عام، ليس هو راجع لخصوص رحمة الولد، إنما هو على عموم الرحمة

 

إكمال المعلم بفوائد مسلم (7/ 283)

المشروعة، كما قال فى الحديث الآخر: " من لا يرحم الناس لا يرحمه الله "، وكما قال:" إنما يرحم الله من عباده الرحماء "[خ م]

"ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء" [ت][4].

ومن الرحمة واجبة؛ وهى كف الأذى عن المسلمين، وإغاثة الملهوف، وفك العانى، وإحياء المضطر، واستنقاذ الغريق، والواقع فى هلكته وتسميته.

ومن ذلك: سد خلة الضعفاء والفقراء من الواجبات، فهذا كله من لم يرد حق الله فيه عافية الله ومنعه رحمته إذا أنفذ عليه وعيده، إن شاء عفا عنه وسمح له بفضل رحمته وسعتها." اهـ

 

وقال حمزة بن محمد بن قاسِمٍ الْمَغْرِبِيُّ (المتوفى 1431 هـ) _رحمه الله_ في "منار القاري شرح مختصر صحيح البخاري" (5/ 244):

"فقه الحديث: دل هذا الحديث على مشروعية معانقة الأطفال وتقبيلهم، وكونه سنة مستحبّة." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (37/ 474)

"وقال القرطبيّ -رحمه الله-:

"...وحكمة هذه الرحمة تسخير القويّ للضعيف، والكبير للصغير حتى ينحفظ نوعه، وتتمّ مصلحته، وذلك تدبير اللطيف الخبير،

وهذه الرحمة التي جعلها الله في القلوب في هذه الدار، وتحصل عنها هذه المصلحة العظيمة، هي رحمة واحدة من مائة رحمة ادَّخرها الله تعالى ليوم القيامة؛ فيرحم بها عباده المؤمنين وقت أهوالها، وشدائدها حتى يخصَّهم منها، ويدخلهم في جنته، وكرامته." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (37/ 477_480):

"في فوائده:

1 - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من شدّة الرأفة، والشفقة، والرحمة للصغير والكبير،

وهذا من فضل الله تعالى عليه، كما قال تعالى:

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [آل عمران: 159]،

فكان ذلك مصداقَ قوله _عز وجل_: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)} [التوبة: 128].

2 - (ومنها): بيان ما عليه الأعراب من بقايا الجفاء، وغلظ الطبع، وقسوة القلب الذي كانوا عليه قبل الإسلام، كما أخبر الله عز وجل عن ذلك بقوله:

{الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (97)} [التوبة: 97].

3 - (ومنها): أن من لا يرحم الناس لا يرحمهم الله تعالى. ومن يرحمهم، يرحمه جزاء وفاقًا، {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)} [الرحمن: 60].

4 - (ومنها): ما قال القرطبيّ رحمه الله: وفي هذه الأحاديث ما يدلّ على

جواز تقبيل الصغير على جهة الرحمة، والشفقة، وكراهة الامتناع من ذلك على

جهة الأَنفَة، وهذه القُبلة هي على الفم.

قال الجامع عفا الله عنه: قوله: "على الفم" مما لا دليل عليه، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال: ويُكره مثل ذلك في الكبار؛ إذ لم يكن ذلك معروفًا في الصدر___الأول، ولا يدلّ على شفقة،

فأما تقبيل الرأس، فإكرام عند من جرت عادتهم بذلك كالأب والأم، وأما تقبيل اليد، فكرهه مالك، ورآه من باب الكِبْر. وإذا كان ذلك مكروهًا في اليد كان أحرى وأَولى في الرِّجْل،

وقد أجاز تقبيل اليد والرِّجل بعض الناس، مستدلًا بأن اليهود قبَّلوا يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورجليه حين سألوه عن مسائل، فأخبرهم بها، ولا حجة في ذلك؛ لأنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد نزهه الله عن الكِبْر، وأُمِنَ ذلك عليه، وليس كذلك غيره؛ ولأن ذلك أظهر من اليهود تعظيمه، واعتقادهم صدقه، فأقرَّهم على ذلك ليبيِّن للحاضرين _بإذلالهم أنفسهم له_ ما عندهم من معرفتهم بصدقه، وأن كفرهم بذلك عناد وجحد، ولو فَهِمت الصحابة _رضي الله عنهم_ جواز تقبيل يده، ورِجله، لكانوا أوَّل سابق إلى ذلك،

فيفعلون ذلك به دائمًا، وفي كل وقت، كما كانوا يتبركون ببزاقه، ونخامته،

ويدْلُكُوْنَ بذلك وجوههم، ويتطيّبون بعرقه، ويقتتلون على وَضُوئه، ولم يُرْوَ قطُّ

عن واحد منهم بطريق صحيح أنه قبّل له يدًا ولا رجلًا؛ فصحَّ ما قلناه، والله

وليّ التوفيق. انتهى كلام القرطبيّ ["المفهم" 6/ 110].

قال الجامع _عفا الله عنه_:

هذا الذي قاله القرطبيّ من نفيه ثبوت تقبيل اليد والرِّجل ليس كما زعم، بل هو ثابت عنه _صلى الله عليه وسلم_، من وجوه كثيرة.

قال ابن بطّال رحمه الله: اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك، وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون، واحتجوا بما رُوي عن ابن عمر أنهم لما رجعوا من الغزو حيث فَرّوا قالوا: نحن الفرارون، فقال: بل أنتم العَكّارون، أنا فئة المؤمنين، قال: فقبّلنا يده،

قال: وقبّل أبو لبابة، وكعب بن مالك، وصاحباه يد النبيّ _صلى الله عليه وسلم_ حين تاب الله عليهم، ذكره الأبهريّ،

وقبّل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبّل زيد بن ثابت يد ابن عباس حين أخذ ابن عباس بركابه.

قال الأبهريّ: وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم،

وأما إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدِينه، أو لِعلمه، أو لِشرفه، فإن ذلك

جائز،

قال ابن بطال: وذكر الترمذيّ من حديث صفوان بن عسال: "أن___يهوديين أتيا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فسألاه عن تسع آيات. . . الحديث، وفي آخره: فقبّلا يده ورجله"، قال الترمذيّ: حسن صحيح.

قال الحافظ _رحمه الله_:

"حديث ابن عمر أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأبو داود،

وحديث أبي لبابة أخرجه البيهقيّ في "الدلائل"، وابن المقرئ،

وحديث كعب وصاحبيه أخرجه ابن المقرئ،

وحديث أبي عبيدة أخرجه سفيان في "جامعه"،

وحديث ابن عباس أخرجه الطبريّ، وابن المقرئ،

وحديث صفوان أخرجه أيضًا النسائيّ، وابن ماجه، وصححه الحاكم."

قال: "وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءًا في تقبيل اليد، سمعناه، أورد فيه أحاديث كثيرةً وآثارًا.

فمن جَيِّدها حديث الزارع العبديّ، وكان في وفد عبد القيس: "قال: فجعلنا نتبادر من رواحلنا، فنقبّل يد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ورِجله"، أخرجه أبو داود [حديث حسن، رواه أبو داود][5]،

ومن حديث مزيدة العَصَريّ مثله، ومن حديث أسامة بن شريك: "قال: قمنا إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقبّلنا يده"، وسنده قويّ،

ومن حديث جابر: أن عمر قام إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقبّل يده، ومن حديث بُريدة في قصة الأعرابيّ والشجرة: "فقال: يا رسول الله ائذن لي أن أقبّل رأسك، ورجليك، فأذن له".

وأخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" من رواية عبد الرحمن بن رزين:

قال: "أخرج لنا سلمة بن الأكوع كفًّا له ضخمة؛ كأنها كف بعير، فقمنا إليها،

فقبّلناها."

وعن ثابت: أنه قبّل يد أنس،

وأخرج أيضًا أن عليًّا قبّل يد العباس، ورِجله،

وأخرجه ابن المقرئ، وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعيّ قال: قلت لابن أبي أوفى:

"ناولني يدك التي بايعت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فناوَلنيها،

فقبّلتها." ["الفتح" 11/ 57]

قال الجامع _عفا الله عنه_:

قد ثبت بما ذُكر مشروعيّة تقبيل اليد والرِّجل؛ فإن هذه الأحاديث منها ما هو صحيح حجة بنفسه، ومنها ما هو ضعيف شاهد للصحيح،

وإنما كرهه من كرهه كمالك إذا كالن للتكبّر والتعظيم، كما سبق عن___الأبهريّ، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد،

وقد كنت كتبت فيه رسالة جمعت فيها ما ورد في التقبيل ونحوه، أسأل الله تعالى أن يرزقني إتمامها، والله تعالى أعلم." اهـ


[1] هذا ما صرحت به، ثم وقفت على كلام بدر الدين العيني _رحمه الله_ في "عمدة القاري شرح صحيح البخاري" (22/ 100): "وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ." اهـ

[2] وقال أبوْ الْفَرَجِ عبد الرحمن بن علي الدمشقي، المعروف بـ"ابن الجوزيِّ" (المتوفى: 597 هـ) _رحمه الله_ في "تلقيح فهوم أهل الأثر" (ص: 502): هَذَا الرجل قيل إِنَّه الْأَقْرَع بن حَابِس التَّمِيمِي وَقيل عُيَيْنَة بن حصن." اهـ

[3] وقال الإثيوبي _رحمه الله_ في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (37/ 473):

"هكذا النسخ، فيكون بتقدير همزة الاستفهام الإنكاريّ؛ أي: "أَوَ أملك لكم؟" ومعناه النفي؛ أي: (لا أملك لكم)؛ أي: لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلوبكم بعد أن نزعها الله منها، ووقع في بعض النسخ: "أو أملك لك؟ "،

وقال في "العمدة": الهمزة للاستفهام الإنكاريّ، والواو للعطف على مقدَّر بعد الهمزة، نحو: تقول. انتهى." اهـ

[4] أخرجه أبو داود في "سننه" (4/ 285) (رقم: 4941)، الترمذي في "سننه" – ت. شاكر (4/ 323) (رقم: 1924)، وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب" (2/ 549) (رقم: 2256)

[5] أخرجه أبو داود في سننه (4/ 357) (رقم: 5225)، وحسنه الألباني دون ذكر الرجلين في "تخريج المشكاة" (رقم: 4688) - التحقيق الثاني.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين