شرح الحديث 69 من صحيح الترغيب لأبي فائزة البوجيسي

 

صحيح الترغيب والترهيب (1/ 137_138)

3 - كتاب العِلم

1 - (الترغيب في العلم وطلبه وتعلمه وتعليمه، وما جاء في فضل العلماء والمتعلمين).


(فصل)

69 - (3) [صحيح] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

* من نفّس (1) عن مؤمنٍ كُربةً من كُربِ (2) الدنيا، نفَّس الله عنه كُرْبةً من كُرَبِ يومِ القيامةِ،

* ومن ستر مسلماً (3)، سَتَره الله في الدنيا والآخرةِ،

* ومن يسّر على مُعسرٍ (4)، يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة،

* والله في عونِ العبدِ (5) ما كان العبدُ في عونِ أخيه،

* ومن سَلَك طريقاً[1] يلتمسُ (6) فيه علماً[2]، سهّل الله له به طريقاً إلى الجنَّةِ،

* وما اجتمع قومٌ في بيتٍ من بيوت الله[3]، يتلُونَ كتابَ الله[4]، ويتدارسونهُ (7) بينهم[5]، إلا حفّتهم الملائكةُ، ونزلت عليهم السّكينةُ (8)[6]، وغشيتْهم الرحمةُ[7]، وذكرَهُم الله فيمَن عنده[8]،

* ومن بطّأ (9) به عملُهُ، لم يُسرِعْ به نَسبُه[9]".

رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال:

"صحيح على شرطهما" (10).

__________

(1) بتشديد الفاء، أي: فرج وأزال بماله أو بجاهه أو إشارته أو إعانته أو وساطته أو دعائه وشفاعته.

(2) هو بضم الكاف وفتح الراء المهملة جمع (كربة)، وهي في أصل اللغة: ما يأخذ النفس من الغم. والمعنى: فرج وأزال هماً واحداً من هموم الدنيا أي هم كان، صغيراً أو كبيراً؛ من عِرضه وغرضه، وعَده وعُدده، وهذا فيما يجوز شرعاً، وأما ما كان محَرماً أو مكروها، فلا يجوز تفريجه، ولا تنفيسه.

(3) أي: بدنه باللباس، أو عيوبه عن الناس، وهذا إذا لم يكن معروفاً بالفساد، بأنْ يكون من ذوي الهيئات، لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم؛ إلا الحدود". وهو حديث صحيح خرجته في "الصحيحة" برقم (638)، ويلزم أن يقيد بما يتعلق بحقوق الله تعالى، كالزنا وشرب الخمر وشبههما دون حقوق الناس، كالقتل والسرقة ونحوهما، فإن الستر هنا حرام، والإخبار به واجب.

(4) هو من ركبه الدَّين، وتعسر عليه قضاؤه بالإنظار أو بالإبراء، أو يراد بالعسر مطلق الفقر، فيسهل عليه أمره، بالهبة أو الصدقة أو القرض.

(5) أي: إعانته، (ما كان العبد) أي: مدة دوام كونه في عون أخيه، أي: إعانته بماله أو جاهه أو قلبه أو بدنه.

(6) أي: يطلب. وقوله: (في بيت من بيوت الله)؛ أي: مسجد أو مدرسة أو رباط، فلذلك لم يقل: من المساجد.

(7) يشمل هذا ما يناط بالقرآن من تعليم وتعلم. وتدارس بعضهم على بعض، والاستكشاف والتفسير، والتحقيق في مبناه ومعناه.

(8) أي: ما يسكن إليه القلب من الطمأنينة والوقار والثبات وصفاء القلب.

وقوله: (غشيتهم الرحمة) أي: غطتهم، وقوله: (حفتهم الملائكة): أحدقت بهم وأحاطت.

(9) هو بتشديد الطاء، أي: من أخَّره عمَلُهُ السَّيِّئُ وتفريطُه في العمل الصالح، لم ينفعه في الآخرة شرف النسب وفضيلة الآباء، ولا يسرع به إلى الجنة، بل يُقدّم العامل بالطاعة -ولو كان عبداً حبشياً- على غير العامل -ولو كان شريفاً قرشياً- قال الله تعالى: {إن أكرَمَكم عندَ الله أتقاكم}.

(10) في هذا التخريج أوهام عجيبة نبَّهَ عليها الشيخ الناجي -رحمه الله تعالى-، (ق 16 - 18)، يطول الكلام بذكرها، لكن المهم هنا التذكير بأن سياق الحديث إنما هو لابن ماجه فقط دون مسلم وغيره ممن قرن معه، وسنده صحيح على شرط الشيخين.[10]

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه مسلم في صحيحه (4/ 2074) (رقم : 2699)، و(أبو داود) في "الأدب" (3643 و 4946)، و (الترمذيّ) في "الحدود" (1425) و"البرّ والصلة" (1931) و"القراءات" (2946)، و (ابن ماجه) في "المقدّمة" (225) و"الحدود" (2572)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (9/ 85 - 86)، و (أحمد) في "مسنده" (2/ 252 و 274 و 325 و 406 و 500 و 514 و 522)، و (الدارميّ) في "سننه" (351)، و (ابن حبّان) في "صحيحه" (534 و 5045)، و (أبو نعيم) في "الحلية" (8/ 119)، و(القُضاعيّ) في "مسند الشهاب" (458)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة" (127). والله تعالى أعلم.

 

من فوائد الحديث:

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 172)

(وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا)؛ أي: في

قبيحِ يفعله، فلا يَفْضحه، أو كساه ثوبًا، قاله القاري، وقال غيره: أي: ستر بدنه باللباس، أو عيوبه بعدم الغيبة له، والذبّ عن معايبه،

وهذا على من ليس معروفًا بالفساد، وأما المعروف به، فيُستحب أن تُرفع قصته إلى الوالي،

ولو رآه في معصية، فينكرها بحسب القدرة، وإن عجز يرفعها إلى الحاكم، إذا لم يترتب عليه مفسدة، وأما جرح الرواة والشهود، وأمناء الصدقات، فواجب." اهـ

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 172):

"وفيه إشارة إلى فضيلة عون الأخ على أموره، والمكافأة عليها بجنسها من العناية الإلهية، سواء كان بقلبه، أو بدنه، أو بهما؛ لدفع المضارّ، أو جلب المسارّ؛ إذ الكل عون." اهـ

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 173):

"ولمّا فرغ من الحثّ على الشفقة على خَلْق الله تعالى، أتبعه بما يُنبئ عن التعظيم لأمر الله تعالى؛ لأن العلم وسيلة إلى العمل، ومقدّمة له، ومن ثمّ ختمه بقوله: (ومن بطّأ به عمله)." اهـ

 

وقال الشيخ الألباني _رحمه الله_ معلقا على الحديث في "صحيح الترغيب والترهيب" (1/ 138):

"من أخره عمله السيئ وتفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب وفضيلة الآباء، ولا يسرع به إلى الجنة، بل يُقدّم العامل بالطاعة -ولو كان عبداً حبشياً- على غير العامل -ولو كان شريفاً قرشياً- قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13]." اهـ

 

وقال محمد بن علي بن آدم بن موسى الإثيوبي الوَلَّوِي (المتوفى 1442 هـ) _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 179_184):

"في فوائده:

1 - (منها): أن هذا الحديث حديث عظيم، جامع لأنواع من العلوم

والقواعد، والآداب.

2 - (ومنها): بيان فضل التنفيس عن المسلم، والحثّ عليه.

3 - (ومنها): بيان فضل الستر على المسلم، وعدم كشف معايبه، وهذا

مخصوص بمن كان مستقيمًا، وأما الفاسق المنتهك لحرمات الله عز وجل فلا يُستر

عليه، بل يجب ردعه عن جرائمه بحسب ما يقتضيه الحال.

4 - (ومنها): بيان فضل العلماء، والحثّ على العلم.

4 - (ومنها): بيان فضل إنظار المعسر، والتخفيف عنه.

5 - (ومنها): بيان فضل قيام العبد بعون أخيه المسلم، وقضاء حوائجه،

ونَفْعه بما تيسّر، من علم، أو مال، أو معاونة، أو إشارة بمصلحة، أو

نصيحة، أو غير ذلك.

6 - (ومنها): فضل المشي في طلب العلم، والمراد به: العلم الشرعيّ،

علم الكتاب والسُّنَّة، لا العلم المتعلّق بامور الدنيا، فإن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لم يُبعث له،

فقد أخرج مسلم عن أنس -رضي الله عنه-؛ أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مَرّ بقوم يُلَقِّحون، فقال: "لو لم

تفعلوا لصلح"، قال: فخرج شِيصًا، فمرّ بهم، فقال: "ما لنخلكم؟ " قالوا:

قلت كذا وكذا، قال: "أنتم أعلم بأمر دنياكم".

ومما يتعيّن على طالب العلم أن يقصد به وجه تعالى، وهو وإن كان

شرطًا في كل عبادة، لكن عادة العلماء يقيّدون هذه المسألة به؛ لكونه قد

يَتساهل فيه بعض الناس، ويغفُل عنه بعض المبتدئين ونحوهم، قاله

النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (1).

7 - (ومنها): بيان استحباب الرحلة في طلب العلم، وقد ذهب

موسى عليه السلام في طلب الخضر عليه السلام لذلك، فقال له: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ___

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 180)

مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]، ورحل جابر بن عبد الله إلى عبد الله بن

أنيس -رضي الله عنهم- مسيرة شهر في حديث واحد، كما علّقه البخاريّ رَحِمَهُ اللهُ في "صحيحه"

في "باب الخروج في طلب العلم"، وأخرج قصة موسى والخضر عليه السلام في ذلك

الباب.

قال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: الحديث فيه الحضّ والترغيب في الرحلة في طلب

العلم، والاجتهاد في تحصيله، وقد ذكر أبو داود هذا الحديث من حديث أبي

الدرداء، وزاد زيادات حسنة، فقال: عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: سمعت

رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سلك الله به طريقًا من

طرق الجنة، وإن الملائكة لَتَضع أجنحتها رضًا لطالب العلم، وإن العالم

ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن

فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن

العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورّثوا دينارًا، ولا درهمًا، ورَّثوا العلم،

فمن أخذه أخذ بحظ وافر".

وهذا حديث عظيم يدلّ على أن طلب العلم أفضل الأعمال، وأنه لا يبلغ

أحد رتبة العلماء، وإن رتبتهم ثانية عن رتبة الأنبياء.

وقوله: "إن الملائكة لتضع أجنحتها رضًا لطالب العلم": قيل: معناه:

تخضع له، وتعظّمه، وقيل: تبسطها له بالدعاء؛ لأنَّ جناح الطائر يده.

وقوله: "وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض"؛ يعني

بـ "من" هنا: من يعقل، وما لا يعقل، غير أنه غلب عليه من يعقل، بدليل أن

هذا الكلام قد جاء في غير كتاب أبي داود، فقال: "حتى النملة في جُحرها،

وحتى الحوت في جوف الماء"، وعلى هذا المعنى يدلّ -من حديث أبي داود

هذا- عَطْف الحيتان بالواو على "من في السموات، ومن في الأرض"، فإنَّه

يفيد أن من يعقل، وما لا يعقل يستغفر للعالم، فأمَّا استغفار من يعقل فواضح،

فإنَّه دعاء بالمغفرة، وأما استغفار ما لا يعقل، فهو -والله أعلم- أن الله يغفر

له، ويأجره بعدد كل شيء لَحِقه أثرٌ من علم العالم.

وبيان ذلك: أن العالم يبيّن حكم الله تعالى في السموات وفي الأرض،

وفي كل ما فيهما، وما بينهما، فيغفر له ذنبه، ويعظم له أجره بحسب ذلك.___

وَيحْتَمِل أن يكون ذلك على جهة الإغياء، والأوّل أَولى، والله تعالى

أعلم.

وقوله: "إن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب": هذه المفاضلة لا تصحّ حتى يكون كل واحد منهما قائمًا بما وجب عليه من العلم والعمل، فمانَّ العابد لو ترك شيئًا من الواجبات، أو عَمِله على جهل لم يستحقّ اسم العابد، ولا تصحّ له عبادة، والعالم لو ترك شيئًا من الواجبات لكان مذمومًا، ولم يستحقّ اسم العالم، فإذًا محلّ التفضيل إنما هو في النوافل، فالعابد يستعمل أزمانه في النوافل من الصلاة، والصوم، والذكر، وغير ذلك، والعالم يستعمل أزمانه في طلب العلم، وحِفظه، وتقييده، وتعليمه، فهذا هو الذي شئهه بالبدر؛ لأنَّه قد كَمُل في نفسه، واستضاء به كل شيء في العالم، من حيث إن علمه تعدّى لغيره، وليس كذلك العابد،

فإنَّ غايته أن ينتفع في نفسه، ولذلك شبَّهه بالكوكب الذي غايته أن يُظهر نفسه.

وقوله: "وإن العلماء ورثة الأنبياء" إنما خصّ العلماء بالوراثة، وإن كان العبّاد أيضًا قد ورثوا العلم بما صاروا به عبّادًا؛ لأنَّ العلماء هم الذين نابوا عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في حَمْلهم العلم عنه، وتبليغهم إياه لأمته، وإرشادهم لهم، وهدايتهم.

وبالجملة فالعلماء هم العالمون بمصالح الأمة بعده، الذابّون عن سُنَّته، الحافظون لشريعته، فهؤلاء الأحقّ بالوراثة، والأولى بالنيابة والخلافة، وأما العبّاد فلم يُطلق عليهم اسم الوراثة؛ لقصور نفعهم، وقلّة حظهم.

وقوله: "إن الأنيياء لم يورّثوا دينارًا ولا درهمًا"؛ يعني: أنهم -صلوات الله عليهم- كان الغالب عليهم الزهد، فلا يتركون ما يورَث عنهم، ومن ترك منهم شيئًا، يصحّ أن يورَث عنه تصذق به قبل موته، كما فعل نبينا -صلى الله عليه وسلم- حين قال: "لا نورَث، ما تركنا صدقة"، متّفقٌ عليه.

وقوله: "فمن أخذه أخذ بحظ وافر"؛ أي: بحظ عظيم، لا شيء أعظم

منه، ولا أفضل، كما ذكرناه. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (1)، وهو بحث نفيش،

والله تعالى أعلم.___

8 - (ومنها): بيان فضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد، قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور، وقال مالك: يكره،

وتأوله بعض أصحابه، ويُلحق بالمسجد في تحصيل هذه الفضيلة: الاجتماع في مدرسة، ورِباط، ونحوهما -إن شاء الله تعالى-، ويدلّ عليه إطلاقه في رواية لمسلم عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنهما- بلفظ: "لا يقعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفتهم الملائكة ... " الحديث، فإنه مطلق يتناول جميع المواضع، ويكون التقييد في الحديث الأول خرج مخرج الغالب، لا سيما في ذلك الزمان، فلا يكون له مفهوم يُعمل به، قاله النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (1).

9 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: فيه ما يدلّ على جواز تعليم القرآن في المساجد، أما للكبار الذين يتحفّظون بالمسجد فلا إشكال فيه، ولا يُختلف فيه، وأما الصغار الذين لا يتحفّظون بالمساجد، فلا يجوز، لأنه تعريض للمسجد للقذر والعبث، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "جنّبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" (2).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الحديث ضعيف، فلا يصلح حجةً للمسألة، والله تعالى أعلم.

قال: وقد تمسّك بهذا الحديث من يُجيز قراءة القرآن على لسان واحد، كما يُفعل عندنا بالمغرب، وقد كره بعض علمائنا ذلك، ورأوا أنها بدعة؛ إذ لم تكن كذلك قراءة السلف، وإنما الحديث محمول على أن كلّ واحد يدرس___لنفسه، أو مع من يُصلح عليه، وليستعين به. انتهى (1).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بالكراهة هو الصواب؛ لأن ذلك ليس من

هدي السلف، بل هو مما أحدثه الناس في الأزمان المتأخّرة، والله تعالى

المستعان.

10 - (ومنها): أن العبرة بالأعمال الصالحات، لا بالنسب الشريف، ولذا ترى أكثر العلماء من السلف والخلف لا أنساب لهم يتفاخرون بها، بل كثير منهم من الموالي، ومع ذلك هم سادات الأمة، وينابيع الحكمة، وذو النسب الشريف الذي لم يتّبع الهدى صار نِسْيًا منسيًّا، ولذا قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا، ويضع به آخرين"، رواه مسلم، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-

قال: قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أنزل الله عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)}

[الشعراء: 214]، قالى: "يا معشر قريش اشتروا أنفسكم، لا أغني عنكم من الله

شيئًا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئًا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا صفية عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا أغني عنك من الله شيئًا، ويا فاطمة بنت محمد-صلى الله عليه وسلم- سليني ما شئت من مالي، لا أغني عنك من الله شيئًا"، متّفقٌ عليه.

ولبعضهم شعرً [أمن البسيط]:

مَا بَالُ نَفْسِكَ أَنْ تَرْضَى تُدَنِّسُهَا ... وَثَوْبُ جِسْمِكَ مَغْسُولٌ مِنَ الدَّنِس

تَرْجُو النَّجَاةَ وَلَمْ تَسْلُكْ مَسَالِكَهَا ... إِنَّ السَّفِينَةَ لَا تَجْرِي عَلَى الْيَبَسِ (2)

وقال آخر [من الطويل]:

عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فِي كُلِّ حَالَةٍ ... وَلَا تَتْرُكِ التَّقْوَى اتِّكَالًا عَلَى النَّسَبْ

فَقَدْ رَفَعَ الإِسْلَامُ سَلْمَانَ فَارِسٍ ... وَقَدْ وَضَعَ الْكُفْرُ الشَّرِيفَ أَبَا لَهَبْ

ولآخر [من الكامل]:

إِنَّا وَإِنْ كَرُمَتْ أَوَائِلُنَا ... لَسْنَا عَلَى الأَحْسَابِ نَتَّكِلُ

نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أَوَائِلُنَا ... تَبْنِي وَنَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلُوا

ولآخر:___

كُنِ ابْنَ مَنْ شِئْتَ وَاكْتَسِبْ أَدَبًا ... يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ

إِنَّ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ هَا أَنَا ذَا ... لَيْسَ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ كَانَ أَبِي

والله تعالى أعلم." اهـ

 

وقال الشيخ إسماعيل بن محمد بن ماحي السعدي الأنصاري (المتوفى: 1417هـ) _رحمه الله_ في "التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثا النووية" (ص: 83_84):

"يستفاد منه:

1 - فضل قضاء حاجات المسلمين ونفعهم بما تيسر من علم. أو جاه أو مال، أو إشارة، أو نصح، أو دلالة على خير، أو إعانة بنفسه، أو بوساطته، أو الدعاء بظهر الغيب.___

التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثا النووية (ص: 84)

2 - الترغيب في التيسير على المعسر. والأحاديث في فضل ذلك كثيرة، منها خبر مسلم: ((من سره أن ينجيه الله تعالى من كرب يوم القيامة، فليقض عن معسر أو يضع عنه)).

3 - الترغيب في ستر المسلم الذي لم يكن معروفا بالفساد أما المعروف الذي لا يبالي ما ارتكب منه، ولا بما قيل له، فلا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر إن لم يخف من ذلك مفسدة، لأن الستر على ذلك يطغيه في الفساد وانتهاك الحرمات، ويجزيء غيره على مثل فعله. وهذا كله إنما هو في معصية انقضت، أما التي رآه عليها وهو بعد متلبس بها فتجب المبادرة بإنكارها، ومنعه منها على من قدر على ذلك، ولا يحل له التأخير، فإن عجز لزمه رفع ذلك إلى ولي الأمر إذا لم تترتب على ذلك مفسدة.

4 - أن العبد إذا عزم على معاونة أخيه فينبغي له أن لا يجبن عن إنفاذ قوله وصدعه بالحق، إيمانا بأن الله تعالى في عونه.

5 - فضل الاشتغال بطلب العلم.

6 - الحث على الاجتماع على تلاوة القرآن في المساجد.

7 - أن الجزاء إنما رتبه الله على الأعمال لا على الأنساب.

8 - أن الجزاء تارة يكون من جنس الفعل." اهـ

 

وقال الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421 هـ) _رحمه الله_ في "شرح الأربعين النووية" (ص: 358_368):

"من فوائد هذا الحديث:

1_ الحث على تنفيس الكرب عن المؤمنين، لقوله: "مَنْ نَفَّس عَنْ مُؤمِن كُربَةً مِن كُرَبِ الدُّنيَا نَفَّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَوم القيامَةِ".

وهذا يشمل: كُرَب المال، وكرب البدن، وكرب الحرب وغيرها فكل كربة تنفس بها عن المؤمن فهي داخلة في هذا الحديث.___

2_ أن الجزاء من جنس العمل، تنفيس بتنفيس، وهذا من كمال عدل الله عزّ وجل ولكن يختلف النوع، لأن الثواب أعظم من العمل، فالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف..

3_ إثبات يوم القيامة، لقوله: "نَفّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَوم القيامَةِ".

 

4_ أن في يوم القيامة كرباً عظيمة، لكن مع هذا والحمد لله هي على المسلم يسيرة، لقول الله تعالى:

{وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا } [الفرقان: 26]،

وقال الله _عزّ وجل_: {عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [المدثر: 10]،

وقال عزّ وجل: {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [القمر: 8]،

أما المؤمن، فإن الله _عزّ وجل_ ييسره عليه ويخففه عنه والناس درجات، حتى المؤمنون يختلف يسر هذا اليوم بالنسبة إليهم حسب ما عندهم من الإيمان والعمل الصالح.

5_ الحث على التيسير على المعسر، وأنه ييسر عليه في الدنيا والآخرة.

والمعسر تارة يكون معسراً بحق خاص لك، وتارة يكون معسراً بحق لغيرك، والحديث يشمل الأمرين: "مَنْ يَسّرَ على مُعسَرٍ يَسّرَ الله عَلَيهِ".

لكن إذا كان الحق لك فالتيسير واجب، وإن كان لغيرك فالتيسير مستحب، مثال ذلك: رجل يطلب شخصاً ألف ريال، والشخص معسر، فهنا يجب التيسير عليه لقول الله تعالى: ({وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } [البقرة: 280]،

ولا يجوز أن تطلبه منه ولا أن تعرض بذلك، ولا أن تطالبه عند القاضي لقوله تعالى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } [البقرة: 280]،

ومن هنا نعرف خطأ أولئك القوم الذين يطلبون المعسرين ويرفعونهم للقضاء ويطالبون بحبسهم، وأن هؤلاء _والعياذ بالله_ قد عصوا الله _عزّ وجل_ ورسوله،

فإن الله _تعالى_ يقول: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } [البقرة: 280].____

فإن قال قائل: ما أكثر أهل الباطل في الوقت الحاضر الذين يدعون الإعسار وليسوا بمعسرين، فصاحب الحق لا يثق بادعائهم الإعسار؟

فنقول: نعم، الأمانات اليوم اختلفت لا شك، وقد يدعي الإعسار من ليس بمعسر، وقد يأتي بالشهود على أنه معسر، لكن أنت إذا تحققت أو غلب على ظنك أنه معسر، وجب عليك الكف عن طلبه ومطالبته.

أما إذا علمت أن الرجل صاحب حيلة وأنه موسر لكن ادعى الإعسار من أجل أن يماطل بحقك فهنا لك الحق أن تطلب وتطالب، هذا بالنسبة للمعسر بحق لك.

 

أما إذا كان معسراً بحق لغيرك فإن التيسير عليه سنة وليس بواجب، اللهم إلا أن تخشى أن يُساء إلى هذا الرجل المعسر ويحبس بغير حق وما أشبه ذلك، فهنا قد نقول بوجوب إنقاذه من ذلك، ويكون هذا واجباً عليك مادمت قادراً.

6_أن التيسير على المعسر فيه أجران: أجر في الدنيا وأجر في الآخرة.

فإن قال قائل: لماذا لم يذكر الدنيا في الأول: "مَنْ نَفّسَ عَنْ مُؤمِن كُربَةً مِن كُرَبِ الدُنيَا نَفّسَ اللهُ عَنهُ كُربَةً مِنْ كُرَبِ يَوم القيامَةِ" فقط؟

قلنا: الفرق ظاهر، لأن من نفس الكربة أزالها فقط، لكن الميسر على المعسر فيه زيادة عمل وهو التيسير، وفرق بين من يرفع الضرر ومن يحدث الخير.

فالميسر محدث للخير وجالب للتيسير، والمفرج للكربة رافع للكربة فقط، هذا والله أعلم وجه كون الأول لا يجازى إلا في الآخرة، والثاني يجازى في الدنيا والآخرة.

7_ الحث على الستر على المسلم لقوله: "وَمَنْ سَتَرَ مُسلِمَاً سَتَرَهُ الله في الدُّنيَا وَالآخِرَة".

ولكن دلت النصوص على أن هذا مقيد بما إذا كان الستر خيراً، والستر ثلاثة أقسام:____

القسم الأول: أن يكون خيراً.

 

والقسم الثاني: أن يكون شراً.

والقسم الثالث: لا يدرى أَيَكُوْنُ خَيْراً أَمْ شَرًّا

أما إذا كان خيراً فالستر محمود ومطلوب.

مثاله: رأيت رجلاً صاحب خلق ودين وهيئة- أي صاحب سمعة حسنة - فرأيته في خطأ، وتعلم أن هذا الرجل قد أتى الخطأ قضاءً وقدراً وأنه نادم، فمثل هذا ستره محمود، وستره خير.

الثاني: إذا كان الستر ضرراً: كالرجل وجدته على معصية، أو على عدوان على الناس. وإذا سترته، لم يزدد إلا شراً وطغياناً،

فهنا ستره مذموم، ويجب أن يكشف أمرُه لمن يقوم بتأديبه، إن كانت زوجةً، فترفع إلى زوجها، وإن كان ولداً، فيرفع إلى أبيه، وإن كان مدرساً يرفع إلى مدير المدرسة، وهلم جرا.

المهم: أن مثل هذا لا يستر! ويرفع إلى من يؤدبه على أي وجه كان، لأن مثل هذا إذا ستر _نسأل الله السلامة_، ذهب يفعل ما فعل ولم يبالِ.

الثالث: أن لا تعلم هل ستره خير أم كشفه هو الخير: فالأصل أن الستر خير، ولهذا يذكر في الأثر (لأن أخطىء في العفو أحب إليّ من أن أخطىء في العقوبة)[11].

فعلى هذا نقول: إذا ترددت هل الستر خير أم بيان أمره خير، فالستر أولى، ولكن في هذه الحال تتبع أمره، لا تهمله، لأنه ربما يتبين بعد ذلك أن هذا الرجل ليس أهلاً للستر.____

8_ أن الله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه، ففيه الحث على عون إخوانه من المسلمين في كل ما يحتاجون إلى العون فيه حتى في تقديم نعليه له إذا كان يشق على صاحب النعلين أن يقدمهما، وحتى في إركابه السيارة، وحتى في إدناء فراشه له إذا كان في بَرٍّ أو ما أشبه ذلك.

فباب المعونة واسع، والله تعالى في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

9_ علم الله عزّ وجل بأمور الخلق، وأنه يَعْلَمُ مَنْ نفَّس عن مؤمن كربة، ومن يسر على معسر، ومن ستر مسلماً، ومن أعان مسلماً، فالله تعالى عليم بذلك كله.

 

10_ بيان كمال عدل الله عزّ وجل، لأنه جعل الجزاء من جنس العمل، وليتنا نتأدب بهذا الحديث ونحرص على تفريج الكربات وعلى التيسير على المعسر، وعلى ستر من يستحق الستر، وعلى معونة من يحتاج إلى معونة، لأن هذه الآداب ليس المراد بها مجرد أن ننظر فيها وأن نعرفها، بل المراد أن نتخلق بها،

فرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ساقها من أجل أن نتخلق بها، لا يريد منا أن نعلمها فقط، بل يريد أن نتخلق بها،

ولذلك كان سلفنا الصالح من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين - رحمهم الله - يتخلقون بالأخلاق التي يعلمهم نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم.

11_ الحث على معونة أخيك المسلم، ولكن هذا مقيد بما إذا كان على بر وتقوى، لقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) (المائدة: الآية2) أما على غير البر والتقوى فينظر:

إن كان على إثم فحرام، لقوله تعالى: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: الآية2)

وإن كان على شيء مباح فإن كان فيه مصلحة للمعان فهذا من الإحسان، وهو داخل في عموم قول الله تعالى: (وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (المائدة: 93) وإن لم يكن فيه مصلحة للمعان فإن معونته إياه أن ينصحه عنه، وأن يقول: تجنب هذا، ولا خير لك فيه.___

12_ أن الجزاء من جنس العمل، بل الجزاء أفضل، لأنك إذا أعنت أخاك كان الله في عونك، وإذا كان الله في عونك كان الجزاء أكبر من العمل.

13_ الحث على سلوك الطرق الموصلة للعلم، وذلك بالترغيب فيما ذكر من ثوابه.

14_ الإشارة إلى النية الخالصة، لقوله: "يَلتَمِسُ فيهِ عِلمَاً" أي يطلب العلم للعلم، فإن كان طلبه رياءً وهو مما يبتغى به وجه الله عزّ وجل كان ذلك إثماً عليه.

وما ذكر عن بعض العلماء من قولهم: (طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله) فمرادهم أنهم في أول طلبهم لم يستحضروا نية كونه لله عزّ وجل ثم فتح الله عليهم ولا يظهر أنهم أرادوا أنهم طلبوا العلم رياءً، لأن هذا بعيد لا سيما في الصدر الأول.

15_ إطلاق الطريق الموصل للعلم، فيشمل الطريق الحسي الذي تطرقه الأقدام، والطريق المعنوي الذي تدركه الأفهام.

الطريق الحسي الذي تطرقه الأقدام: مثل أن يأتي الإنسان من بيته إلى مدرسته، أو من بيته إلى مسجده، أو من بيته إلى حلقة علم في أي مكان.

أما الذي تدركه الأفهام: فمثل أن يتلقى العلم من أهل العلم، أو يطالع الكتب، أوأن يستمع إلى الأشرطة وما أشبه ذلك.

16_ أن الجزاء من جنس العمل، فكلما سلك الطريق يلتمس فيه العلم سهل الله له به طريقاً إلى الجنة.

17_ أنه ينبغي الإسراع في إدراك العلم وذلك بالجد والاجتهاد، لأن كل إنسان يحب أن يصل إلى الجنة على وجه السرعة، فإذا كنت تريد هذا فاعمل العمل الذي يوصل إليها بسرعة..

18_ أن الأمور بيد الله عزّ وجل، فبيده التسهيل، وبيده ضده، وإذا آمنت بهذا فلا تطلب التسهيل إلا من الله عزّ وجل.___

19_ الحث على الاجتماع على كتاب الله عزّ وجل، ثم إذا اجتمعوا فلهم ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن يقرؤوا جميعاً بفم واحد وصوت واحد، وهذا على سبيل التعليم لا بأس به، كما يقرأ المعلم الآية ثم يتبعه المتعلمون بصوت واحد، وإن كان على سبيل التعبد فبدعة، لأن ذلك لم يؤثر عن الصحابة ولا عن التابعين.

الحال الثانية: أن يجتمع القوم فيقرأ أحدهم وينصت الآخرون، ثم يقرأ الثاني ثم الثالث ثم الرابع وهلم جراً، وهذا له وجهان:

 

الوجه الأول: أن يكرروا المقروء، فيقرأ الأول مثلاً صفحة، ثم يقرأ الثاني نفس الصفحة، ثم الثالث نفس الصفحة وهكذا، وهذا لا بأس به، ولا سيما لحفاظ القرآن الذين يريدون تثبيت حفظهم.

الوجه الثاني: أن يقرأ الأول قراءة خاصة به أو مشتركة، ثم يقرأ الثاني غيرَ ما قرأ الأول، وهذا أيضاً لا بأس به.

وكان علماؤنا ومشايخنا يفعلون هذا، فيقرأ _مثلاً_ الأول من البقرة، ويقرأ الثاني الثمن الثاني، ويقرأ الثالث الثمنَ الثالث وهلم جراً،

فيكون أحدهم قارئاً والآخرون مستمعين، والمستمع له حكم القارىء في الثواب، ولهذا قال الله _عزّ وجل_ في قصة موسى وهارون: (قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا) (يونس: الآية89)

والداعي موسى عليه السلام، كما قال الله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ* قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا) (يونس: 88-89)

قيل: إن موسى يدعو وهارون يؤمن، ولهذا شرع للإنسان المستمع لقراءة القارىء إذا سجد القارىء أن يسجد.___

الحال الثالثة: أن يجتمعوا وكل إنسان يقرأ لنفسه دون أن يستمع له الآخرون، وهذه هو الذي عليه الناس الآن، فتجد الناس في الصف في المسجد كلٌّ يقرأ لنفسه والآخرون لا يستمعون إليه.

20_ إضافة المساجد إلى الله تشريفاً لها لأنها محل ذكره وعبادته.

والمضاف إلى الله عزّ وجل إما صفة، وإما عين قائمة بنفسها، وإما وصف في عين قائمة بنفسها.

الأول الذي من صفات الله عزّ وجل كقدرة الله وعزة الله، وحكمة الله وما أشبه ذلك.

الثاني: العين القائمة بنفسها مثل: ناقة الله، مساجد الله، بيت الله، فهذا يكون مخلوقاً من مخلوقات الله عزّ وجل لكن أضافه الله إلى نفسه تشريفاً وتعظيماً.

الثالث: أن يكون عين قائمة بنفسها ولكنها في عين أخرى مثل: روح الله كما قال الله عزّ وجل: (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) (التحريم: الآية12) وقال في آدم: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) (الحجر: الآية29) فهنا ليس المراد روح الله عزّ وجل نفسه، بل المراد من الأرواح التي خلقها، لكن أضافها إلى نفسه تشريفاً وتعظيماً.

21_ أن رحمة الله عزّ وجل تحيط بهؤلاء المجتمعين على كتاب الله، لقوله: "وَغَشيتهم الرَّحمَةُ" أي أحاطت بهم من كل جانب كالغشاء وهو الغطاء يكون على الإنسان.

23_ أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت من بيوت الله، لينالوا بذلك شرف المكان، لأن أفضل البقاع المساجد.

24_ تسخير الملائكة لبني آدم، لقوله: "حَفَّتهم المَلائِكة" فإن هذا الحف إكرام لهؤلاء التالين لكتاب الله عزّ وجل.

25_ إثبات الملائكة، والملائكة عالم غيبي، كما سبق الكلام عليهم في شرح حديث____جبريل عليه السلام.

26_علم الله عزّ وجل بأعمال العباد، لقوله: "وَذَكَرَهُمُ اللهُ فيمَن عِنده" جزاء لذكرهم ربهم عزّ وجل بتلاوة كتابه.

27_ أن الله عزّ وجل يجازي العبد بحسب عمله، فإن هؤلاء القوم لما تذاكروا بينهم، وكان كل واحد منهم يسمع الآخر، ذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة تنويهاً بهم ورفعة لذكرهم.

وفي الحديث الصحيح أن الله تعالى قال: "أَنَا عِند ظَنِّ عَبدي بي، وَأَنَا مَعَهُ، إِذَا ذَكَرَني في نَفسِهِ ذَكَرتهُ في نَفسي، وَإِن ذَكَرَني في مَلأ ذَكَرتهُ في مَلأ خير مِنهُم" [خ م].

28_ أن النسب لا ينفع صاحبه إذا أخره عن صالح الأعمال لقوله: "مَن بطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ" يعني أخَّره "لَم يُسرِع بِهِ نَسَبُهُُ".

فإن لم يبطىء به العمل وسارع إلى الخير وسبق إليه، فهل يسرع به النسب؟

فالجواب: لا شك أن النسب له تأثير وله ميزة، ولهذا نقول: جنس العرب خير من غيرهم من الأجناس، وبنو هاشم أفضل من غيرهم من قريش، كما جاء في الحديث "إن الله اصطفى من بني إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" (2) وقال "خياركم في الإسلام خياركم في الجاهلية إذا فقهوا" (3) .

فالنسب له تأثير، لذلك تجد طبائع العرب غير طبائع غيرهم، فهم خير في الفهم، وخير في الجلادة وخير في الشجاعة وخير في العلم، لكن إذا أبطأ بهم العمل صاروا___شراً من غيرهم.

انظر إلى أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم ماذا كانت أحواله؟

كانت أحواله أن الله تعالى أنزل فيه سورة كاملة (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ* مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ* سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ* فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) (المسد: 1-5) .

29_ أنه ينبغي للإنسان أن لا يغتر بنسبه وأن يهتم بعمله الصالح حتى ينال به الدرجات العلى والله الموفق." اهـ

 

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 124)

مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 الترغيب في تنفيس الكرب في الدنيا، وأنَّ الله تعالى ينفِّس بها كرب يوم القيامة.

2 أنَّ الجزاء من جنس العمل، فالعمل تنفيس كربة، والجزاء تنفيس كربة.

3 الترغيب في التيسير على المعسرين، وأنَّ الجزاء عليه تيسير في الدنيا والآخرة.

4 الترغيب في ستر العيوب حين تكون المصلحة في سترها، وأنَّ الجزاء عليها ستر في الدنيا والآخرة.

فتح القوي المتين في شرح الأربعين وتتمة الخمسين للنووي وابن رجب رحمهما الله (ص: 124)

مِمَّا يُستفاد من الحديث:

1 الترغيب في تنفيس الكرب في الدنيا، وأنَّ الله تعالى ينفِّس بها كرب يوم القيامة.

2 أنَّ الجزاء من جنس العمل، فالعمل تنفيس كربة، والجزاء تنفيس كربة.

3 الترغيب في التيسير على المعسرين، وأنَّ الجزاء عليه تيسير في الدنيا والآخرة.

4 الترغيب في ستر العيوب حين تكون المصلحة في سترها، وأنَّ الجزاء عليها ستر في الدنيا والآخرة.



[1] وقال الإثيوبي في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 173):

"(طَرِيقًا)؛ أي: قريبًا، أو بعيدًا،

قيل: التنوين للتعميم؛ إذ النكرة في الإثبات قد تفيد العموم؛ أي: سببًا، أيّ سبب كان، من التعلّم، والتعليم، والتصنيف، والكدح فيه، ومفارقة الأوطان، والضرب في البلدان، والإنفاق فيه، وغير ذلك مما لا يُحصى كثرةً،

وقال [عبيد الله الرحمني] في "المرعاة": (أومن سلك طريقًا" حقيقيًّا حسّيّا، وهو المشي بالأقدام إلى مجالس العلماء، أو معنويًّا، مثل حِفظ العلم، ومدارسته، ومذاكرته، ومطالعته، وكتابته، والتفهّم له، ونحوِ ذلك من الطرق المعنويّة التي يُتوصّل بها إلى العلم." انتهى." اهـ

[2] وقال الإثيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 173)

(عِلْمًا) نَكّره؛ ليشمل كل نوع من أنواع علوم الدِّين، قليله، أو كثيره، إذا كان بنيّة القربة، والنفع، والانتفاع، وفيه استحباب الرحلة في طلب العلم، وقد___ذهب موسى إلى الخضر -عليهما الصلاة والسلام-، وقال له: {هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الكهف: 66]، ، ورَحَلَ جابرُ بْنُ عبدِ اللهِ مسيرةَ شهرٍ إلى عبد الله بن أُنَيْسٍ في حديثٍ واحدٍ." اهـ

[3] وقال الإثيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 174):

"(وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ)؛ أي: مجمع (مِنْ بُيُوتِ اللهِ) بضمّ الباء، وتكسر، وإنما عدل عن المساجد إلى بيوت الله؛ ليشمل كل ما يبنى تقربًا إلى الله تعالى، من المساجد، والمدارس، والرُّبُط.

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: بيوت الله هي المساجد، كما قال تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [النور: 36]. انتهى، والأول أقرب، والله تعالى أعلم." اهـ

[4] وقال الإثيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 174)

أي؛ القرآن الكريم، مع التدبّر فيما يتعلق بذات الله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، ومعرفة الحلال والحرام، وغير ذلك مما حواه الكتاب من عجائب الدنيا والآخرة. ." اهـ

[5] وقال الإثيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 174):

"(وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ) قيل: المراد بالتدارس: قراءة بعضهم على بعض تصحيحًا لألفاظه، أو كشفًا لمعانيه، والأظهر: إجراؤه على عمومه، فيشمل جميع ما يتعلّق بالقرآن، من التعليم، والتعلم، والتفسير، والتحقيق في مبانيه، والاستكشاف عن دقائق معانيه." اهـ

[6] وقال الإثيوبي في البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 174_175):

"(السَّكِينَةُ) قيل: المراد بالسكينة هنا: الرحمة، وهو الذي___اختاره القاضي عياض، قال النوويّ: وهو ضعيف؛ لِعَطْف الرحمة عليه،

وقيل: الطمأنينة، والوقار، وهو أحسن. انتهى ["شرح النوويّ" (17/ 21)]،

وقيل: إنها شيء من مخلوقات الله تعالى، فيه طمأنينة، ورحمة، ومعه الملائكة،

وقال القرطبيّ: هي إما السكون، والوقار، والخشوع، وإما الملائكة الذين يستمعون القرآن، سُمُّوا بذلك؛ لِمَا هم عليه من السكون والخشوع. انتهى ["المفهم" (6/ 687 – 688)]." اهـ

[7] وقال الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 175):

(وَغَشِيَتْهُمُ)؛ أي: أتتهم، وعَلَتهم، وغطّتهم (الرَّحْمَةُ)؛ أي: فتكفّر خطيئاتهم، وتُرفع درجاتهم، ويصلون إلى جنته وكرامته." اهـ

[8] وقال الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 175):

"(وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ)؛ أي: أحدقت ملائكة الرحمة، والبركة، وأحاطت بهم، أو طافت بهم، وداروا حولهم إلى سماء الدنيا، يستمعون القرآن، ودراستهم، ويحفظونهم من الآفات، ويزورونهم، ويصافحونهم، ويؤمّنون على دعائهم،

(وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ)؛ أي: في الملأ الأعلى، والطبقة العليا من الملائكة المقرّبين، ثم يَحْتَمل أن يكون هذا الذكر ذكر ثناء وتشريف، وَيحْتَمل أن يكون ذكر مباهاة؛ أي: أن الله تعالى يباهي بهم الملائكة، يقول: انظروا إلى عبادي تركوا أشغالهم، وأقبلوا عليّ، يذكروني، ويقرؤون كتابي، كما ثبت ذلك فيمن يقف بعرفة.

وقال الحافظ ابن رجب رَحِمَهُ اللهُ: "وذِكْرُ اللهِ لِعَبْدِهِ، هو: ثناؤُهُ عليه في الملأ الأعلى بين ملائكته، ومباهاته به، وتنويهه بذكره.

قال الربيع بن أنس: إن الله ذاكر مَن ذكره، وزائد مَنْ شكره، ومعذِّب مَن كفره،

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)} [الأحزاب: 41، 42]،

وصلاة الله على عبده هي ثناؤه عليه بين ملائكته، وتنويهه بذكره، كذا قال أبو العالية، ذكره البخاري في "صحيحه". انتهى ["جامع العلوم والحكم" (2/ 307)]." اهـ

[9] وقال الإثيوبي _رحمه الله_ في "البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج" (42/ 176)

أي: شَرَف نَسَبه؛ يعني: أنه لا يَجْبر نقصه كونه نسيبًا في قومه؛ إذ لا يحصل التقرب إلى الله تعالى بالنسب، بل بالأعمال الصالحة، والآخرة لا ينفع فيها إلا تقوى الله تعالى، والعمل الصالح،

قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13].

وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ: يعني: أن الآخرة لا ينفع فيها إلا تقوى الله تعالى، والعمل الصالح، لا الفخر الراجح، ولا النسب الواضح ["المفهم" 6/ 688].

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: معناه: من كان عمله ناقصًا لم يُلحقه نسبه بمرتبة أصحاب الأعمال، فينبغي أن لا يتّكل على شرف النسب، وفضيلة الآباء، ويقصّر في العمل. انتهى ["شرح مسلم" (17/ 22 – 23)].

[فإن قلت]: هذا ينافي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} الآية [الطور: 21]، فإنه يدلّ على أن النسب ينفع.

[قلت]: هذه الآية فيمن تَبِع في الإيمان، ولكنه مقصّر في بعض الأعمال، فيُلحق بهم تكريمًا لهم، وأما الحديث فهو محمول على من اتبع هواه، فضلّ السبيل، فإنه لا ينفعه نسبه، ولا يُلحقه بآبائه. انتهى.

وقال الطيبيّ رَحِمَهُ اللهُ: قوله: "ومن بطّأ به عمله ... إلخ " تذييل بمعنى التعظيم لأمر الله تعالى، فالواو فيه، وفي قوله: "والله في عون العبد" اسشافيّة، وبقيّة الواوات عاطفة، وأخرج الأخير مخرج الحصر خصوصًا بـ "ما"، و"إلا"؛ ليقطع الحكم به، ويكمل العناية بشأنه ["الكاشف عن حقائق السنن" (2/ 665)]، والله تعالى أعلم.

[10] يعني : أن أبا داود والترمذي وابن حبان والحاكم رووا الحديث متفرقا في عدة مواضع بخلاف مسلم وابن ماجه رويا الحديث مجموعا في حديث واحد.

[11] عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" أخرجه الترمذي - كتاب: الحدود، باب: ما جاء في درء الحدود، (1424) . والحاكم في المستدرك - ج4، ص426، كتاب: الحدود، (8163) . والدارقطني في سننه - ج3/ص84، (8) .، والبيهقي في سننه الكبرى - ج8، ص238، (16834) . ورويت العبارة عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، ولم أجدها عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين