شرح الحديث 39 من كتاب رياض الصالحين لأبي فائزة البوجيسي

 

[39] وعن أبي هريرة[1] - رضي الله عنه – قَالَ :

قَالَ رَسُولُ الله _صلى الله عليه وسلم_ :

«مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً، يُصِبْ مِنْهُ[2]» . رواه البخاري.[3]

وَضَبَطُوا «يُصِبْ» بفَتْح الصَّاد وكَسْرها.

 

شرح الحديث:

 

قال الزيداني _رحمه الله_ في "المفاتيح في شرح المصابيح" (2/ 394)

"يعني: مَنْ يُرِدِ الله به خيرًا أَوْصَلَ إليه مصيبة؛ ليطهره من الذنوب، وليرفع درجته بتلك المصيبة." اهـ

 

وفي سنن الترمذي ت شاكر (4/ 602) (رقم: 2399): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»

وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/ 334) (رقم: 3414)

 

تخريج الحديث :

 

أخرجه البخاري في "صحيحه" (7/ 115) (رقم : 5645)، ومالك في "الموطأ" – ت. عبد الباقي (2/ 941) (رقم : 7)، وأحمد في "مسنده" (12/ 174) (رقم : 7235)، والنسائي في "السنن الكبرى" (7/ 45) (رقم : 7436)، وابن حبان في "صحيحه" (7/ 168) (رقم : 2907)، والقُضَاعِيّ في "مسند الشهاب" (1/ 224) (رقم : 344)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (12/ 233) (رقم : 9323)، وغيرهم.

 

من فوائد الحديث :

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني _رحمه الله_ (10/ 108_109):

"وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَنْفَكُّ غَالِبًا مِنْ أَلَمٍ بِسَبَبِ مَرَضٍ أَوْ هَمٍّ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَ،

* وَأَنَّ الْأَمْرَاضَ وَالْأَوْجَاعَ وَالْآلَامَ بَدَنِيَّةً كَانَتْ أَوْ قَلْبِيَّةً تُكَفِّرُ ذُنُوبَ مَنْ تَقَعُ لَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْبَاب الَّذِي بعده من حَدِيث بن مَسْعُودٍ:

"مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلَّا حَاتَّ اللَّهُ عَنْهُ خَطَايَاهُ." [خ م]،

وَظَاهِرُهُ : تَعْمِيمُ جَمِيعِ الذُّنُوبِ، لَكِنِ الْجُمْهُورُ خَصُّوا ذَلِكَ بِالصَّغَائِرِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ:

"الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ." [م]

فَحَمَلُوا الْمُطْلَقَاتِ الْوَارِدَةَ فِي التَّكْفِيرِ عَلَى هَذَا الْمُقَيَّدِ،

وَيَحْتَمِلُ : أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي ظَاهِرُهَا التَّعْمِيمُ أَنَّ الْمَذْكُورَاتِ صَالِحَةٌ لِتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ فَيُكَفِّرُ اللَّهُ بِهَا مَا شَاءَ مِنَ الذُّنُوبِ،

وَيَكُونُ كَثْرَةُ التَّكْفِيرِ وَقِلَّتُهُ___بِاعْتِبَارِ شِدَّةِ الْمَرَضِ وَخِفَّتِهِ،

ثُمَّ الْمُرَادُ بِتَكْفِيرِ الذَّنب ستره أَو محو أَثَره الْمُرَتّب عَلَيْهِ مِنَ اسْتِحْقَاقِ الْعُقُوبَةِ." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (10/ 433) للأمير الصنعاني :

"وفيه تسلية للمصاب وإعلام له بما يناله من الثواب، وفيه أن من لم يناله مكروه لم يرد به خير." اهـ[4]

 

وفي "المنهج السوي والمنهل الروي في الطب النبوي" (ص: 317) لمحمد بن علي المشهور بـ"ابن طولون" الصالحي الدمشقي المتوفى سنة 953 هـ _رحمه الله_:

"وقال الذهبي: (المرض هو أقوى الأسباب في توبة العبد وصدقه وتكفير ذنوبه وعلو درجته)." اهـ

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني _رحمه الله_ (10/ 110):

"وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْإِثْبَاتِ وَالنَّفْيِ عَلَى حَالَيْنِ،

فَمَنْ كَانَتْ لَهُ ذُنُوبٌ _مَثَلًا_ أَفَادَ الْمَرَضُ تَمْحِيصَهَا، وَمَنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ ذُنُوبٌ كُتِبَ لَهُ بِمِقْدَارِ ذَلِكَ.

وَلَمَّا كَانَ الْأَغْلَبُ مِنْ بَنِي آدَمَ وُجُودَ الْخَطَايَا فِيهِمْ أَطْلَقَ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ الْمَرَضَ كَفَّارَةٌ فَقَطْ. وَعَلَى ذَلِكَ تُحْمَلُ الْأَحَادِيثُ الْمُطْلَقَةُ،

وَمَنْ أَثْبَتَ الْأَجْرَ بِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَحْصِيلِ ثَوَابٍ يُعَادِلُ الْخَطِيئَةَ فَإِذَا لَمْ تَكُنْ خَطِيئَةٌ تَوَفَّرَ لِصَاحِبِ الْمَرَضِ الثَّوَابُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ." اهـ

 

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني _رحمه الله_  (10/ 110):

وَالَّذِي يَظْهَرُ :

* أَنَّ الْمُصِيبَةَ إِذَا قَارَنَهَا الصَّبْرُ حَصَلَ التَّكْفِيرُ وَرَفْعُ الدَّرَجَاتِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ،

* وَإِنْ لَمْ يَحْصُلِ الصَّبْرُ نُظِرَ :

* إِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنَ الْجَزَعِ مَا يُذَمُّ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَالْفَضْلُ وَاسِعٌ، وَلَكِنِ الْمَنْزِلَةُ مُنْحَطَّةٌ عَنْ مَنْزِلَةِ الصَّابِرِ السَّابِقَةِ،

* وَإِنْ حَصَلَ، فَيَكُونُ ذَلِكَ سَبَبًا لِنَقْصِ الْأَجْرِ الْمَوْعُودِ بِهِ أَوِ التَّكْفِيرِ،

فَقَدْ يَسْتَوِيَانِ، وَقَدْ يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، فَبِقَدْرِ ذَلِكَ يُقْضَى لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ،

وَيُشِيرُ إِلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الَّذِي ذَكَرْتُهُ قَرِيبًا وَاللَّهُ أعلم." اهـ

 

وقال ابن عبد البر _رحمه الله_ في "التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد" (13/ 119):

"هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَمَعْنَاهُ _وَالْحَمْدُ لِلَّهِ_ وَاضِحٌ، وَذَلِكَ: أَنَّ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا _وَخَيْرُ اللَّهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: رَحْمَتُهُ_، ابْتَلَاهُ بِمَرَضٍ فِي جِسْمِهِ وَبِمَوْتِ وَلَدٍ يُحْزِنُهُ أَوْ بِذَهَابِ مَالٍ يَشُقُّ عَلَيْهِ، فَيَأْجُرُهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَيَكْتُبُ لَهُ إِذَا صَبَرَ، وَاحْتَسَبَ بِكُلِّ شَيْءٍ مِنْهُ حَسَنَاتٍ، يَجِدُهَا فِي مِيزَانِهِ لَمْ يَعْمَلْهَا أَوْ يَجِدُهَا كَفَّارَةً لِذُنُوبٍ قَدْ عَمِلَهَا، فَذَلِكَ الْخَيْرُ الْمُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ."

 

الاستذكار (8/ 408):

"وَهَذَا يَقْتَضِي الْمَصَائِبَ فِي الْمَالِ وَفِي الْجِسْمِ أَيْضًا، وَكُلُّ ذَلِكَ أَجْرٌ وَمَحَطَّةٌ لِلْوِزْرِ، وَهَذَا مَا لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ _وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا_." اهـ

 

صحيح ابن حبان (7/ 168) لأبي حاتم البستي :

"ذِكْرُ إِرَادَةِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا الْخَيْرَ بِمَنْ تَوَاتَرَتْ عَلَيْهِ الْمَصَائِبُ وَالْأَحْزَانُ."

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (7/ 316_317) لابن هبيرة الشيباني :

"* في هذا الحديث من الفقه : أن إصابة الله عبده بمصائب هذه الدنيا دالة على خير، إلا أن الخير هاهنا نكرة، وليس معرفاً بالألف واللام،

فإن المصائب في هذه الدنيا تكون خيراً من جملة الخير، كما أن العافية تكون خيراً من الخير أيضًا، إلا أنه لا يستدل بالمصيبة على سيئة للإنسان في دينه إذا أثارت من المصاب بها صبرًا وتسليمًا ورضًا وفهمًا،

فإن أثارت غير ذلك كانت عليه عقوبة، كما أن العافية إذا أثارت شكرًا كانت نعمة، وإذا أثارت بطرًا كانت آفة.

* وقوله : (يصب منه)، بمعنى يصيبه، أي: لا يستأصله، وإنما تمسه___بالإصابة على معنى التذكير والاتعاظ فيكون من يفقه الحديث أن الذين استأصلهم الله بالقوارع من نعمائه ليسوا ممن تناوله هذا الحديث." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 45)

"في هذا الحديث: أَنَّ المؤمن لا يخلو من عِلَّة أَو قلة، أَو ذلّة، وذلك خير له حالاً ومآلاً. قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة (155) ] ." اهـ

 

كشف المشكل من حديث الصحيحين (3/ 529)

وَاعْلَم أَن سَلامَة الْبدن وَالْمَال توجب غَفلَة وإعراضا، فَإِن وجد الشُّكْر فَلَا عَن حُرْقَةٍ[5]. وَالْبَلَاء يكسر النَّفس عَن أَشَرِها وَشَرِّها وشَرَهِهَا، ويثمر صدق اللجأ إِلَى الله سُبْحَانَهُ، وَيحصل ثَوَاب الْآخِرَة." اهـ

 

وقال أحمد بن إسماعيل الكوراني الحنفي _رحمه الله_ في "الكوثر الجاري إلى رياض أحاديث البخاري" (9/ 231):

"ومحصل الباب: أنه لا يزال كذلك حتى يلقى الله مطهرًا من الذنوب، عكس الكافر حتى يقدم كاهل الأسباب للعذاب، عافانا الله من ذلك؛

واعلم أن الأمورَ المترتبة على ما يصيب الإنسان مُعْتَدَّةٌ بالصبر عليها، أما إذا لم يصبر، وجزع، فلا يكون إلا كفارة للذنوب من غير ثبوت أجر ولا رفع درجة، وقيل: لا كفارة أيضًا بدون الصبر." اهـ

 

شرح رياض الصالحين (1/ 245) للعثيمين :

"هذا الحديث المطلق مقيد بالأحاديث الأخرى التي تدل على أن المراد: من يرد الله به خيراً فيصبر ويحتسب، فيصيب الله منه حتى يَبْلُوَهُ.

أما إذا لم يصبر، فإنه قد يصاب الإنسان ببلايا كثيرة، وليس فيه خير، ولم يرد الله به خيراً.

فالكفار يصابون بمصائب كثيرة، ومع هذا يَبْقَوْنَ على كفرهم حتى يموتوا عليه، وهؤلاء بلا شك لم يرد بهم خيرا.

لكن المراد: من يرد الله به خيراً فيصيب منه فيصبر منه فيصبر علي هذه المصائب، فإن ذلك من الخير له، لأنه سبق أن المصائب يكفر الله بها الذنوب ويحط بها الخطايا،

ومن المعلوم: أن تكفير الذنوب والسيئات وحط الخطايا، لا شك أنه خير للإنسان، لأن المصائب غاية ما فيها أنها مصائب دنيوية تزول بالأيام، كما مضت الأيام خفت عليك المصيبة، لكن عذاب الآخرة باق- والعياذ بالله- فإذا كفر الله عنك بهذه المصائب صار ذلك خيراً لك." اهـ

 

عبد العزيز بن محمد السلمان _رحمه الله_ في "موارد الظمآن لدروس الزمان" (2/ 401):

"وَاللهُ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ مَا قُدِّرَ لَهُ مِنْ الْمَنْزِلَةِ،

قَالَ تَعَالَى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللهِ قَرِيبٌ} .

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُطَمِّنَةٌ لِقُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ تُصِيبُهُمْ الْمَصَائِبُ فِي الدُّنْيَا." اهـ

 



[1] ترجمة أبي هريرة الدوسي :

اختلف فِي اسمه واسم أبيه اختلافا كثيرا، فقيل: اسمه عبد الرحمن بْن صخر بن  ذي الشري بْن طريف بْن عيان بْن أَبي صعب بْن هنية بْن سعد ابن ثعلبة بْن سليم بْن فهم بْن غنم بْن دوس بْن عدثان بن عَبد الله بن زهران بن كعب بن الْحَارِثِ بْن كعب بْن عَبد اللَّهِ بن مالك ابن نصر بْن الأزد.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 366_367) للمزي :

"ويُقال: كَانَ اسمه فِي الجاهلية عبد شمس وكنيته أبو الأسود...وروي عَنْهُ أنه قال، إنما كنيت بأبي هُرَيْرة أني وجدت أولاد هرة وحشية فحملتها فِي كمي، فقيل: ما هَذِهِ؟ فقلت: هرة، قِيلَ فأنت أَبُو هُرَيْرة." اهـ

وذكر أَبُو القاسم الطبراني أن اسم أمه ميمونة بنت صبيح.

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 377) : "وَقَال عَمْرو بْن علي: نزل المدينة، وكان مقدمه وإسلامه عام خيبر، وكانت خيبر فِي المحرم سنة سبع."اهـ

وفي تهذيب الكمال في أسماء الرجال (34/ 378)

قال سفيان بْن عُيَيْنَة، عن هشام بْن عروة: مات أَبُو هُرَيْرة، وعائشة سنة سبع وخمسين.

وَقَال أَبُو الحسن المدائني، وعلي ابن المديني، ويحيى بْن بكير، وخليفة بْن خياط، وعَمْرو بْن علي: مات أَبُو هُرَيْرة سنة سبع وخمسين.

وفي تاريخ الإسلام ت بشار (2/ 561) للذهبي :

"قَالَ الْبُخَارِيُّ : رَوَى عَنْهُ: ثمان مائة رَجُلٌ أَوْ أكثر.

قلت: روي لَهُ نَحْو من خمسة آلاف حديث وثلاث مائة وسبعين حديثًا (5370). في الصحيحين منها ثلاث مائة وخمسة وعشرون حديثًا (325)، وانفرد الْبُخَارِيُّ أيضًا لَهُ بثلاثة وتسعين (93)، ومسلم بمائة وتسعين (190)." اهـ

[2] و مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (3/ 1127): "وَقَوْلُهُ: (مِنْهُ) بِمَعْنَى لِأَجْلِهِ، وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ إِلَى الْخَيْرِ." اهـ

وفي فتح الباري لابن حجر (10/ 108):

"قَوْلُهُ (مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ)، كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَالْفَاعِلُ: اللَّهُ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ:  "مَعْنَاهُ يَبْتَلِيهِ بِالْمَصَائِبِ لِيُثِيبَهُ عَلَيْهَا." وَقَالَ غَيْرُهُ: "مَعْنَاهُ يُوَجه إِلَيْهِ الْبلَاء فَيُصِيبهُ."

وَقَالَ بن الْجَوْزِيِّ : أَكْثَرُ الْمُحَدِّثِينَ يَرْوِيهِ بِكَسْرِ الصَّادِ وَسَمِعْتُ بن الْخَشَّابِ يَفْتَحُ الصَّادَ وَهُوَ أَحْسَنُ وَأَلْيَقُ."

كَذَا قَالَ، وَلَوْ عَكَسَ لَكَانَ أَوْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَوَجَّهَ الطِّيبِيُّ الْفَتْحَ بِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْأَدَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 80]،

قُلْتُ: وَيَشْهَدُ لِلْكَسْرِ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ _رَفَعَهُ_: (إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ. فَمَنْ صَبَرَ، فَلَهُ الصَّبْرُ. وَمَنْ جَزَعَ، فَلَهُ الْجَزَعُ)،

وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا أَنَّ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ اخْتُلِفَ فِي سَمَاعُهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَآهُ وَهُوَ صَغِيرٌ وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ." اهـ كلام الحافظ ابن حجر _رحمه الله_.

وانظر كلام ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (3/ 529). والحديث الذي ساقه الحافظ أخرجه أحمد في "مسنده" – ط. عالم الكتب (5/ 428 و 429) (رقم: 23633 و 23641)، وصححه الألباني _رحمه الله_ في "صحيح الترغيب والترهيب" (3/ 331) (رقم: 3406).

[3] المنتقى شرح الموطإ (7/ 259) لأبي الوليد الباجي :

"وَقَوْلُهُ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ : "مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ"

يُرِيدُ _وَاَللَّهُ أَعْلَمُ_ يُصِبْ مِنْهُ بِالْمَرَضِ الْمُؤَثِّرِ فِي صِحَّتِهِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْمُوَثِّرِ فِي غِنَاهُ، وَالْحُزْنِ الْمُؤَثِّرِ فِي سُرُورِهِ، وَالشِّدَّةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي صَلَاحِ حَالِهِ،

فَإِذَا صَبَرَ وَاحْتَسَبَ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِمَا أَرَادَهُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِهِ مِنْ الْخَيْرِ." اهـ

[4] وفي الطب النبوي لابن طولون (ص: 317)

وقال الذهبي: المرض هو أقوى الأسباب في توبة العبد وصدقه وتكفير ذنوبه وعلو درجته.

[5] حرقة : شدة

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين