الحديث 72 - 73 من الأدب المفرد

38 _ بَابُ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ

 

72 - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ:

«تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ، ثُمَّ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ. وَاللَّهِ، إِنَّهُ لِيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ الشَّيْءُ، وَلَوْ يَعْلَمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دَاخِلَةِ الرَّحِمِ، لَأَوْزَعَهُ ذَلِكَ عَنِ انْتِهَاكِهِ»

[قال الشيخ الألباني : حسن الإسناد وصح مرفوعا]

 

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ (ثقة: ت 229 هـ بـ مصر)

عمرو بن خالد بن فروخ بن سعيد التميمى الحنظلى ، و يقال الخزاعى ، أبو الحسن الجزرى الحرانى (نزيل مصر)، كبار الآخذين عن تبع الأتباع، روى له :  خ ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ (صدوق يخطىء : ت 190 هـ):

عتاب بن بشير الجزرى ، أبو الحسن و يقال أبو سهل ، الحرانى ، مولى بنى أمية

الطبقة :  8  : من الوسطى من أتباع التابعين، روى له :  خ د ت س 

 

عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ (ثقة: فى خلافة أبى جعفر)

إسحاق بن راشد الجزرى ، أبو سليمان الحرانى، مولى بنى أمية، من كبار أتباع التابعين، روى له :  خ د ت س ق

 

عَنِ الزُّهْرِيِّ (ثقة: 125 هـ):

محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة القرشى الزهرى: أبو بكر المدنى، من طبقة تلى الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ (ثقة : ت 100 هـ):

محمد بن جبير بن مطعم بن عدى بن نوفل القرشى النوفلى ، أبو سعيد المدنى، من الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ (صحابي):

جبير بن مُطْعِم بن عدِيّ بن نَوْفَل القرشى النوفلي، أبو محمد المدني

الوفاة :  58 أو 59 هـ بـ المدينة، روى له :  خ م د ت س ق

 

أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ (صحابي جليل : 23 هـ بـ المدينة):

عمر بن الخطاب بْنِ نُفَيل بْنِ عبْدِ الْعُزَّى بْنِ رِياحِ بْنِ عبْدِ اللهِ بْنِ قُرْط بْنِ رَزَاح بْن عَدِيّ القرشي العَدَوِيُّ أَبُوْ حَفْصٍ (أمير المؤمنين)، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

«تَعَلَّمُوا أَنْسَابَكُمْ، ثُمَّ صِلُوا أَرْحَامَكُمْ. وَاللَّهِ، إِنَّهُ لِيَكُونُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ الشَّيْءُ، وَلَوْ يَعْلَمُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مِنْ دَاخِلَةِ الرَّحِمِ، لَأَوْزَعَهُ ذَلِكَ عَنِ انْتِهَاكِهِ»

 

ورد الحديث مرفوعا عند الترمذي في "سننه" - ت شاكر (4/ 351) (رقم: 1979): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

«تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ[1] مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ فِي المَالِ، مَنْسَأَةٌ فِي الأَثَرِ»

وأخرجه البزار في "مسنده" = "البحر الزخار" (15/ 30) (رقم: 8220)، والطيبراني في "المعجم الأوسط" (8/ 172) (رقم: 8308)، والحاكم في "المستدرك على الصحيحين" (1/ 166) (رقم: 302)، والبيهقي في "شعب الإيمان." (3/ 238) (رقم: 1594)، والبغوي في "شرح السنة" (13/ 19) (رقم: 3430)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير وزيادته" (1/ 570) (رقم: 2965)، وفي "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1/ 558) (رقم: 276).

 

وورد في مسند أبي داود الطيالسي (4/ 473_474) (رقم: 2880): عن سعيد بن عمرو الأموي قَالَ:

كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟، قَالَ: فَمَتَّ لَهُ بِرَحِمٍ بَعِيدَةٍ، فَأَلَانَ لَهُ الْقَوْلَ، فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اعْرِفُوا أَنْسَابَكُمْ تَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا قُرْبَ بِالرَّحِمِ إِذَا قُطِعَتْ وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً، وَلَا بُعْدَ بِهَا إِذَا وُصِلَتْ وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً»[2]

 

قال الله _تعالى_:

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 527)

قَوْلُهُ لِتَعَارَفُوا أَيْ لِيَعْرِفَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِالنّسَبِ يَقُول فلَان بن فلَان وَفُلَان بن فُلَانٍ

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 527)

وَالْمُرَادُ بِذِكْرِ هَذِهِ الْآيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى الِاحْتِيَاجِ إِلَى مَعْرِفَةِ النَّسَبِ أَيْضًا لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِهِ ذَوُو الْأَرْحَامِ الْمَأْمُورُ بِصِلَتِهِمْ وَذكر بن حَزْمٍ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِ النَّسَبِ لَهُ فَصْلًا فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ النَّسَبِ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ بِأَنَّ فِي عِلْمِ النَّسَبِ مَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ وَمَا هُوَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ قَالَ فَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ الْهَاشِمِيُّ فَمِنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هَاشِمِيًّا فَهُوَ كَافِرٌ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْخَلِيفَةَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَلْقَاهُ بِنَسَبٍ فِي رَحِمٍ مُحَرَّمَةٍ لِيَجْتَنِبَ تَزْوِيجَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَأَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَتَّصِلُ بِهِ مِمَّنْ يَرِثُهُ أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ بِرُّهُ مِنْ صِلَةٍ أَوْ نَفَقَةٍ أَوْ مُعَاوَنَةٍ وَأَنْ يَعْرِفَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّ نِكَاحَهُنَّ حَرَامٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَعْرِفَ الصَّحَابَةَ وَأَنَّ حُبَّهُمْ مَطْلُوبٌ وَأَنْ يَعْرِفَ الْأَنْصَارَ لِيُحْسِنَ إِلَيْهِمْ لِثُبُوتِ الْوَصِيَّةِ بِذَلِكَ وَلِأَنَّ حُبَّهُمْ إِيمَانٌ وَبُغْضَهُمْ نِفَاقٌ

 

وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (16/ 69) للعيني:

"وَقَالَ أَبُو مُحَمَّد الرُّشَاطِيُّ: الحض على معرفَة الْأَنْسَاب ثَابت بِالْكتاب وَالسّنة وَإِجْمَاع الْأمة وَبَالغ ابْن حزم فِي ذَلِك وَقَالَ لَا يُنكر حق معرفَة النّسَب إِلَّا جَاهِل أَو معاند..." اهـ

 

تخريج الحديث:

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 39) (رقم: 72)، الزهد للمعافى بن عمران الموصلي (ص: 265) (رقم: 146)، الجامع لابن وهب ت مصطفى أبو الخير (ص: 46) (رقم: 15)، الزهد لهناد بن السري (2/ 487)، البر والصلة للحسين بن حرب (ص: 62) (رقم: 119)، مسند الشاميين للطبراني (4/ 249) (رقم: 3202)

 

فتح الباري لابن حجر (6/ 527_528):

"وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ (النَّسَبُ):

"وَلَعَمْرِي لَمْ يُنْصِفْ مَنْ زَعَمَ أَنَّ عِلْمَ النَّسَبِ عِلْمٌ لَا يَنْفَعُ وَجَهْلٌ لَا يَضُرُّ." انْتَهَى وَهَذَا الْكَلَامُ قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا وَلَا يَثْبُتُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَيْضًا وَلَا يَثْبُتُ بَلْ وَرَدَ فِي الْمَرْفُوعِ حَدِيثُ تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ وَلَهُ طُرُقٌ أَقْوَاهَا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْعَلَاءِ بْنِ خَارِجَةَ وَجَاءَ هَذَا أَيْضًا عَنْ عُمَرَ سَاقَهُ بن حَزْمٍ بِإِسْنَادٍ رِجَالُهُ مَوْثُوقُونَ إِلَّا أَنَّ فِيهِ انْقِطَاعًا وَالَّذِي يَظْهَرُ حَمْلُ مَا وَرَدَ مِنْ ذَمِّهِ عَلَى التَّعَمُّقِ فِيهِ حَتَّى يَشْتَغِلَ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ مِنْهُ وَحَمْلَ___مَا وَرَدَ فِي اسْتِحْسَانِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ من الْوُجُوه الَّتِي أوردهَا بن حَزْمٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ بَعْضَ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِعِلْمِ النَّسَبِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ." اهـ

                        

من فوائد الحديث:

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (7/ 3091)

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصِّلَةَ تَتَعَلَّقُ بِذَوِي الْأَرْحَامِ كُلِّهَا لَا بِالْوَالِدَيْنِ فَقَطْ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْضُ عَلَى مَا سَبَقَ، وَالْمَعْنَى: تَعَرَّفُوا أَقَارِبَكُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِيُمْكِنَكُمْ صِلَةَ الرَّحِمِ، وَهِيَ التَّقَرُّبُ لَدَيْهِمْ وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ

 

تحفة الأحوذي (6/ 97)

وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا سَبَبٌ لِزِيَادَةِ الْعُمُرِ كَسَائِرِ أَسْبَابِ الْعَالَمِ

فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى زِيَادَةَ عُمُرِهِ وَفَّقَهُ لِصِلَةِ الْأَرْحَامِ وَالزِّيَادَةُ إِنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْخَلْقِ وَأَمَّا فِي عِلْمِ اللَّهِ فَلَا زِيَادَةَ وَلَا نُقْصَانَ وَهُوَ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ وَقَوْلُهُ تَعَالَى يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ انْتَهَى

 

شرح المصابيح لابن الملك (5/ 286)

فإن معنى الصلة التقرُّبُ إليهم والشفقةُ عليهم.

 

وقال الزيداني _رحمه الله_ في المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 211):

"صلةِ الرَّحِم معاونةُ الأقاربِ والإحسانُ إليهم والتلطُّفُ بهم، ومجالسَتُهم ومكالمَتُهم ومداخلَتُهم وما أشبهَ ذلك مما يتعلَّق بالتقرب إليهم والشفقةِ عليهم، وما لم يَعْرِفِ الرَّجُلُ أقاربَه لم يُمْكِنْه صلةُ الرَّحِم." اهـ

 

المفاتيح في شرح المصابيح (5/ 211)

"إذا كان بين الآباء تواصلٌ وتعارفٌ تكون بين الأولاد محبةٌ مثريات في المال." اهـ

 

وقال ابن الملقن المصري _رحمه الله في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (20/ 17)

"وعلم النسب علم جليل، يتعين الاعتناء به، وقد صح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعًا: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم" قال الحاكم: صحيح الإسناد." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (5/ 59)

القلوب جبلت على حب من أحسن إليها.

 

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 352_353)

وَقَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الْبَلْبَانِيُّ فِي آدَابِهِ: اعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ تَصِلَ بَقِيَّةَ رَحِمِكَ وَهُمْ كُلُّ قَرَابَةٍ لَك مِنْ النَّسَبِ، فَصِلَتُهُمْ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْك، وَقَطِيعَتُهُمْ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْك تَحْرِيمًا مُؤَكَّدًا، فَهِيَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى: وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْأَرْحَامَ بِاسْمِهِ الْكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]__

وَذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَظِيمٌ عَلَى أَنَّ صِلَتَهَا بِمَكَانٍ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَمُقَرِّبٌ إلَيْهِ، وَقَطْعُهَا خَطَرٌ عَظِيمٌ عِنْدَهُ، وَمُبْعِدٌ عَنْهُ سُبْحَانَهُ.

 

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/ 353)

وَمَعْلُومٌ أَنَّ الشَّرْعَ لَمْ يُرِدْ صِلَةَ كُلِّ رَحِمٍ وَقَرَابَةٍ، إذْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَوَجَبَ صِلَةُ جَمِيعِ بَنِي آدَمَ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ضَبْطِ ذَلِكَ بِقَرَابَةٍ تَجِبُ صِلَتُهَا وَإِكْرَامُهَا وَيَحْرُمُ قَطْعُهَا، وَتِلْكَ قَرَابَةُ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ. وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا وَلَا عَلَى خَالَتِهَا وَلَا عَلَى بِنْتِ أَخِيهَا وَأُخْتِهَا فَإِنَّكُمْ إذَا فَعَلْتُمْ ذَلِكَ قَطَعْتُمْ أَرْحَامَكُمْ» قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي آدَابِهِ الْكُبْرَى: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ مِنْ أَنَّهُ لَا تَجِبُ إلَّا صِلَةُ الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ اخْتَارَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ.

وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: تَجِبُ صِلَةُ الرَّحِمِ مَحْرَمًا كَانَ أَوْ لَا.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 39)

73 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: احْفَظُوا أَنْسَابَكُمْ، تَصَلُوا أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا بُعْدَ بِالرَّحِمِ إِذَا قَرُبَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً، وَلَا قُرْبَ بِهَا إِذَا بَعُدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً، وَكُلُّ رَحِمٍ آتِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَامَ صَاحِبِهَا، تَشْهَدُ لَهُ بِصِلَةٍ إِنْ كَانَ وَصَلَهَا، وَعَلَيْهِ بِقَطِيعَةٍ إِنْ كَانَ قَطَعَهَا

[قال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد وصح مرفوعا]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ (ثقة : ت 200 و بضع عشرة هـ)

أحمد بن يعقوب المسعودى ، أبو يعقوب الكوفى، من صغار أتباع التابعين، روى له:  خ

 

قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو (ثقة : ت 170 هـ)

إسحاق بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس القرشى الأموى السعيدى الكوفي، من كبار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ق

 

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَاهُ يُحَدِّثُ (ثقة : بعد 120 هـ)

سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية القرشى ، أبو عثمان الأموى الدمشقى الكوفي، من الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د س ق 

 

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (ت 68 هـ بـ الطائف)

عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشى الهاشمى أبو العباس المدنى ( ابن عم رسول الله صلى الله عليه )، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: احْفَظُوا أَنْسَابَكُمْ، تَصَلُوا أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّهُ لَا بُعْدَ بِالرَّحِمِ إِذَا قَرُبَتْ، وَإِنْ كَانَتْ بَعِيدَةً، وَلَا قُرْبَ بِهَا إِذَا بَعُدَتْ، وَإِنْ كَانَتْ قَرِيبَةً، وَكُلُّ رَحِمٍ آتِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمَامَ صَاحِبِهَا، تَشْهَدُ لَهُ بِصِلَةٍ إِنْ كَانَ وَصَلَهَا، وَعَلَيْهِ بِقَطِيعَةٍ إِنْ كَانَ قَطَعَهَا

 

تخريج الحديث:

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 39) (رقم: 73)، مسند أبي داود الطيالسي (4/ 473) (رقم: 2880)، مسند أحمد مخرجا (5/ 110) (رقم: 2953)، السنة لابن أبي عاصم (1/ 237) (رقم: 538)، المستدرك على الصحيحين للحاكم (1/ 165 و 4/ 178) (رقم: 301 و 7283)، السنن الكبرى للبيهقي (10/ 264) (رقم: 20582)، شعب الإيمان (10/ 326 و 10/ 327) (رقم: 7569 و 7570).



[1][1] وفي تحفة الأحوذي (6/ 96)              :

"قَوْلُهُ (تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ) أَيْ مِنْ أَسْمَاءِ آبَائِكُمْ وَأَجْدَادِكُمْ وَأَعْمَامِكُمْ وَأَخْوَالِكُمْ وَسَائِرِ أَقَارِبِكُمْ (مَا) أَيْ قَدْرَ مَا (تَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ) فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الصِّلَةَ تَتَعَلَّقُ بِذَوِي الْأَرْحَامِ كُلِّهَا لَا بِالْوَالِدَيْنِ فَقَطْ كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْبَعْضُ،

وَالْمَعْنَى تَعَرَّفُوا أَقَارِبَكُمْ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِيُمْكِنَكُمْ صِلَةُ الرَّحِمِ وَهِيَ التَّقَرُّبُ لَدَيْهِمْ وَالشَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ وَالْإِحْسَانُ إِلَيْهِمْ فَتَعَلُّمُ النَّسَبِ مَنْدُوبٌ." اهـ

[2] أخرجه أيضا الحاكم في المستدرك على الصحيحين (1/ 165 و 4/ 178) (رقم:301 و 7283)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 264) (رقم: 20582)، وفي شعب الإيمان (10/ 326_327) (رقم: 7569 و 7570). صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير وزيادته (1/ 239) (رقم: 1051)، سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (1/ 560) (رقم: 277) 

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين