الفصل الثامن تحريم الخروج على الحكام (من عقيدة البخاري)

 

الفصل الثامن

تحريم الخروج على الحكام

 

وأن لا ننازع الأمر أهله، لقول النبي _صلى الله عليه وسلم_: 

« ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم : إخلاص العمل لله، وطاعة ولاة الأمر، ولزوم جماعتهم ، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم » ، 


ثم أكد في قوله : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم (سورة : النساء آية رقم : 59) .


وأن لا يرى السيف على أمة محمد _صلى الله عليه وسلم_. 


وقال الفضيل : « لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام ؛ لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد » . 


قال ابن المبارك : « يا معلم الخير ، من يجترئ على هذا غيرك »

 

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (21/ 277)

فَأَمَّا قَوْلُهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ فَمَعْنَاهُ لَا يَكُونُ الْقَلْبُ عَلَيْهِنَّ وَمَعَهُنَّ غَلِيلًا أَبَدًا يَعْنِي لَا يَقْوَى فِيهِ مَرَضٌ وَلَا نِفَاقٌ إِذَا أَخْلَصَ الْعَمَلَ لِلَّهِ وَلَزِمَ الْجَمَاعَةَ وَنَاصَحَ أُولِي الْأَمْرِ


التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (21/ 277)

وَأَمَّا قَوْلُهُ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ أَوْ هِيَ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطَةٌ فَمَعْنَاهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ أَهْلَ الْجَمَاعَةِ فِي مِصْرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ إذا مات___

إِمَامُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ إِمَامٌ فَأَقَامَ أَهْلُ ذَلِكَ الْمِصْرِّ الَّذِي هُوَ حَضْرَةُ الْإِمَامِ وَمَوْضِعُهُ إِمَامًا لِأَنْفُسِهِمْ اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ وَرَضُوهُ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ خَلْفَهُمْ وَأَمَامَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْآفَاقِ يَلْزَمُهُمُ الدُّخُولُ فِي طَاعَةِ ذَلِكَ الْإِمَامِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُعْلِنًا بِالْفِسْقِ وَالْفَسَادِ مَعْرُوفًا بِذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَةٌ مُحِيطَةٌ بِهِمْ يَجِبُ إِجَابَتُهَا وَلَا يَسَعُ أَحَدًا التَّخَلُّفُ عَنْهَا لِمَا فِي إِقَامَةِ إِمَامَيْنِ مِنِ اخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ وَفَسَادِ ذَاتِ الْبَيْنِ


¾ من منهج السلف: وجوب السمع والطاعة لولاة الأمور, وعدم الخروج عليهم عند ظهور المعصية والمخالفة منهم, و علينا أن نصبر إذا لم يسمعوا النصيحة ولا ننزع يدا من طاعة. دل على ذلك أدلة متكاثرة,

منها:

o  قوله r : (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ, وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً) م

 

o  قوله r : (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ, وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ, وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ, وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ, قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ, فَقَالَ: لاَ, مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ, وَإِذَا رَأَيْتُمْ مِنْ وُلَاتِكُمْ شَيْئًا تَكْرَهُونَهُ فَاكْرَهُوا عَمَلَهُ وَلَا تَنْزِعُوا يَدًا مِنْ طَاعَةٍ) م

 

o  قوله r لحذيفة بن اليمان : (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ), قَالَ: (قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ -يَا رَسُولَ اللَّهِ- إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ), قَالَ: (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلْأَمِيرِ, وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ, فَاسْمَعْ وَأَطِعْ) م

 

o  قوله r : (من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يبده علانية ، ولكن يأخذ بيده فيخلوا به ، فإن قبل منه فذاك ، وإلا كان قد أدى الذي عليه).[1]

 

¾  نقول عدة من كلام أئمة السنة عن تحريم الخروج على الولاة

o  عن أنس بن مالك ، قال : « نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال : لا تسبوا أمراءكم ولا تغشوهم ، ولا تعصوهم ، واتقوا الله واصبروا ، فإن الأمر إلى قريب ».[2]

 

o  قال الطحاوي : (ولا نرى الخروج على أئمتنا وولاة أمورنا وإن جاروا, ولا ندعوا عليهم, ولا ننزع يدا من طاعتهم, ونرى طاعتهم من طاعة الله عز وجل فريضةً ما لم يأمروا بمعصية, وندعو لهم بالصلاح والمعافاة)[3]

 

o  قال الحافظ ابن عبد البر –رحمه الله- : (إن لم يتمكن نصح السلطان, فالصبر والدعاء, فإنهم –يعني: الصحابة- كانوا ينهون عن سب الأمراء).[4]

 

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه أجمعين



[1] أخرجه ابن أبي عاصم في السنة (847) وصححه الألباني

[2] ابن أبي عاصم في السنة (847) والبيهقي في شعب الإيمان - (7264), قال الألباني في ظلال الجنة (1015) : (إسناده جيد)

[3] تخريج الطحاوية - (ص 68-69) للألباني

[4] التمهيد (21/287) لابن عبد البر الأندلسي

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين