الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ: شُعَبُ الْإِيمَانِ (من كتاب بهجة قلوب الأبرار)

  

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ: شُعَبُ الْإِيمَانِ.

 

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعبة. أَعْلَاهَا قَوْلُ: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ). وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عن الطريق. والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه: البخاري في "صحيحه" (رقم: 9)، ومسلم في "صحيحه" (رقم: 35)، واللفظ له.

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 160):

"هذا الحديث من جملة النصوص الدالة على أن الإيمان اسم يشمل عقائد القلب وأعماله، وأعمال الجوارح، وأقوال اللسان،

 

فكل ما يقرب إلى الله، وما يحبه ويرضاه، من واجب ومستحب، فإنه داخل في (الإيمان)،

 

وذكر هنا أعلاه وأدناه، وما بين ذلك وهو الحياء. «والحياء شعبة من الإيمان» ولعل ذكر الحياء، لأنه السبب الأقوى للقيام بجميع شعب الإيمان.

 

فإن من استحيا من الله لتواتر نعمه، وسوابغ كرمه، وتجليه عليه بأسمائه الحسنى، والعبد _مع هذا كثير التقصير مع هذا الرب الجليل الكبير يظلم نفسه ويجني عليها_ أوجب له هذا الحياءُ التوقي من الجرائم، والقيام بالواجبات والمستحبات.

 

فأعلى هذه الشعب شعب الإيمان وأصلها وأساسها، قول: " لا إله إلا الله " صادقا من قلبه، بحيث يعلم ويوقن أنه لا يستحق هذا الوصف العظيم، وهو الألوهية إلا الله وحده،

 

فإنه هو ربه الذي يربيه ويربي جميع العالمين بفضله وإحسانه، والكل فقير وهو الغني، والكل عاجز وهو القوي، ثم يقوم في كل أحواله بعبوديته لربه، مخلصا له الدين، فإن جميع شعب الإيمان فروع وثمرات لهذا الأصل.

 

ودل على أن شعب الإيمان بعضها يرجع إلى الإخلاص للمعبود الحق، وبعضها يرجع إلى الإحسان إلى الخلق.

 

ونبه بإماطة الأذى على جميع أنواع الإحسان القولي والفعلي. الإحسان الذي فيه وصول المنافع، والإحسان الذي فيه دفع المضار عن الخلق.

 

وإذا علمنا أن شعب الإيمان كلها ترجع إلى هذه الأمور، علمنا أن كل خصلة من خصال الخير فهي من الشعب، وقد تكلم العلماء على تعيينها.

 

فمنهم: من وصل إلى هذا المبلغ المقدر في الحديث.

ومنهم: من قارب ذلك، ولكن إذا فهم المعنى تمكن الإنسان أن يعتد بكل خصلة وردت عن الشارع - قولية أو فعلية، ظاهرة أو باطنة - من الشعب،

 

ونصيب العبد من الإيمان بقدر نصيبه من هذه الخصال، قلة وكثرة، وقوة وضعفا، وتكميلا وضده، وهي ترجع إلى تصديق خبر الله وخبر رسوله، وامتثال أمرهما، واجتناب نهيهما.___

 

وقد وصف الله الإيمان بالشجرة الطيبة في أصلها وثمراتها التي أصلها ثابت، وفروعها باسقة في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون. والله أعلم.

 

من فوائد الحديث :

 

قال الشيخ المحدث الفقيه محمد بن علي بن آدم الإثيوبي _رحمه الله_ في "مشارق الأنوار الوهاجة ومطالع الأسرار البهاجة في شرح سنن الإمام ابن ماجه" (2/ 211):

"في فوائده:

1 - (منها): ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وهو بيان الإيمان.

2 - (ومنها): أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان، وهو الحقّ الذي عليه أهل السنة والجماعة، وخالف فيه بعضهم، ولا اعتداد به، كما بينت ذلك مفصَّلا في شرح "صحيح مسلم".

3 - (ومنها): بيان عظم شأن الحياء، وأنه من أفضل الشعب إذ يدعو إلى بقية الشعب، فمن كان حييّا فإن حياءه يدعوه إلى أن يعمل بمقتضى إيمانه، ويتجنب ما يناقضه.

4 - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: في قوله: "أعلاها قول إلى إلا الله": ما يَستدلّ به من يقول: إن هذه الكلمة أفضل الكلام مطلقًا، وإنها أفضل من كلمة الحمد، وفي ذلك اختلاف، ذكره ابن عبد البرّ، وغيره. انتهى.

5 - (ومنها): أن في قوله: "أعلاها لا إله الا الله، وأدناها إماطة الأذي عن___الطريق": إشارةً إلى أن مراتبها متفاوتة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 106)

شعب الإيمان: هي الأعمال الشرعية، وهي تتفرع عن أعمال القلب وأعمال اللسان، وأعمال البدن.

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 438)

الإيمان : يطلق على جميع أمور الدين من اعتقاد القلب، وقول اللسان، وفعل الجوارح.

 

فتح الباري لابن رجب (1/ 33)

فأشار إلى أن خصال الإيمان، منها: قول باللسان، ومنها: ما هو عمل بالجوارح، ومنها: ما هو قائم بالقلب، ولم يزد في شيء من هذه الروايات على هذه الخصال.

وقد انتدب لعدها طائفة من العلماء كالحَلِيْمِي والبيهقي وابن شاهين وغيرهم، فذكروا أن كل ما ورد تسميته إيمانا في الكتاب والسنة من الأقوال والأعمال وبلغ بها بعضهم سبعا وسبعين، وبعضهم تسعا وسبعين.

وفي القطع على أن ذلك هو مراد الرسول _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ من هذه الخصال عسر، كذا قاله ابن الصلاح وهو كما قال." اهـ

 

فتح الباري لابن رجب (1/ 34_35)

فإن قيل: فأهل الحديث والسنة عندهم أن كل طاعة فهي داخلة في الإيمان، سواء كانت من أعمال الجوارح أو القلوب أو من الأقوال، وسواء في ذلك الفرائض والنوافل، هذا قول الجمهور الأعظم منهم وحينئذ فهذا لا ينحصر في بضع وسبعين، بل يزيد على ذلك زيادة كثيرة، بل هي غير منحصرة. قيل: يمكن أن يجاب عن هذا بأجوبة:

أحدها: أن يقال: إن عد خصال الإيمان عند قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان منحصرا في هذا العدد، ثم حدثت زيادة فيه بعد ذلك حتى كملت خصال الإيمان في آخر حياة النبي صلي الله عليه وسلم.____

والثاني : أن تكون خصال الإيمان كلها تنحصر في بضع وسبعين نوعا، وإن كان أفراد كل نوع تتعد كثيرا، وربما كان بعضها لا ينحصر. وهذا أشبه. وإن كان الموقوف على ذلك يعسر أو يتعذر.

والثالث: أن ذكر السبعين على وجه التكثير للعدد، لا على وجه الحصر كما في قوله تعالى {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [التوبة: 80]

والمراد تكثير التعداد من غير حصوله هذا في العدد[1]،

ويكون ذكره للبضع يشعر بذلك كأنه يقول: هو يزيد على السبعين المقتضية لتكثير العدد وتضعيفه. وهذا ذكره أهل الحديث من المتقدمين، وفيه نظر.

والرابع: أن هذه البضع وسبعين هي أشرف خصال الإيمان وأعلاها وهو الذي تدعو إليه الحاجة منها.

قال ابن حامد من أصحابنا. والبضع في اللغة: من الثلاث إلى التسع، هذا هو المشهور،

ومن قال: ما بين اثنين إلى عشر فالظاهر إنما أراد ذلك ولم يدخل الاثنين والعشر في العدد.

وقيل من أربع إلى تسع.

وقيل: مابين الثلاث والعشر. والظاهر أنه هو الذي قبله باعتبار إخراج الثلاث والعشر منه.

وكذا قال بعضهم: ما بين الثلاث إلى ما دون العشرة، وعلى هذا فلا يستعمل في الثلاث ولا في العشر، والله أعلم."

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 52_53)

فَائِدَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : تَكَلَّفَ جَمَاعَةٌ حَصْرَ هَذِهِ الشُّعَبِ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ[2]. وَفِي الْحُكْمِ بِكَوْنِ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ صُعُوبَةً، وَلَا يَقْدَحُ عَدَمُ مَعْرِفَةِ حَصْرِ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْإِيمَانِ."[3] اهـ

وَلَمْ يَتَّفِقْ مَنْ عَدَّ الشُّعَبَ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ وَأَقْرَبُهَا إِلَى الصَّوَابِ طَريقَة بن حِبَّانَ، لَكِنْ لَمْ نَقِفْ عَلَى بَيَانِهَا مِنْ كَلَامِهِ.[4]

وَقَدْ لَخَّصْتُ مِمَّا أَوْرَدُوهُ مَا أَذْكُرُهُ وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الشُّعَبَ تَتَفَرَّعُ عَنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ وَأَعْمَالِ اللِّسَانِ وَأَعْمَالِ الْبَدَنِ.

فَأَعْمَالُ الْقَلْبِ فِيهِ : الْمُعْتَقَدَاتُ وَالنِّيَّاتُ،

وَتَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَصْلَةً :

* الْإِيمَانِ بِاللَّهِ،

وَيَدْخُلُ فِيهِ : الْإِيمَانُ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَاعْتِقَادُ حُدُوثِ مَا دُونَهُ، وَالْإِيمَانِ بِمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ،

* وَالْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : الْمَسْأَلَةُ فِي الْقَبْرِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ،

* وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ فِيهِ، وَمَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاعْتِقَادِ تَعْظِيمِهِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَاتِّبَاعُ سُنَّتِهِ.

* وَالْإِخْلَاصُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : تَرْكُ الرِّيَاءِ وَالنِّفَاقِ وَالتَّوْبَةُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَالشُّكْرُ وَالْوَفَاءُ وَالصَّبْرُ وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّوَكُّلُ وَالرَّحْمَةُ،

* وَالتَّوَاضُعُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : تَوْقِيرُ الْكَبِيرِ وَرَحْمَةُ الصَّغِيرِ وَتَرْكُ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَتَرْكُ الْحَسَدِ وَتَرْكُ الْحِقْدِ وَتَرْكُ الْغَضَبِ.

وَأَعْمَالُ اللِّسَانِ، وَتَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعِ خِصَالٍ :

* التَّلَفُّظِ بِالتَّوْحِيدِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الِاسْتِغْفَارُ وَاجْتِنَابُ اللَّغْوِ.

وَأَعْمَالُ الْبَدَنِ :

وَتَشْتَمِلُ عَلَى ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ خُصْلَةٍ :

مِنْهَا : مَا يَخْتَصُّ بِالْأَعْيَانِ،

وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةٍ :

* التَّطْهِيرُ حِسًّا وَحُكْمًا، وَيَدْخُلُ فِيهِ : اجْتِنَابُ النَّجَاسَاتِ، وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ، وَالصَّلَاةُ فَرْضًا وَنَفْلًا، وَالزَّكَاةُ، كَذَلِكَ وَفَكُّ الرِّقَابِ،

* وَالْجُودُ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ،

* وَالصِّيَامُ فَرْضًا وَنَفْلًا، وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ كَذَلِكَ وَالطَّوَافُ وَالِاعْتِكَافُ وَالْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ

* وَالْفِرَارُ بِالدِّينِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ.

وَالْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ، وَالتَّحَرِّي فِي الْإِيمَانِ وَأَدَاءُ الْكَفَّارَاتِ،

وَمِنْهَا : مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاتِّبَاعِ،

وَهِيَ سِتُّ خِصَالٍ : التَّعَفُّفُ بِالنِّكَاحِ، وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الْعِيَالِ،

* وَبِرُّ___الْوَالِدَيْنِ، وَفِيهِ : اجْتِنَابُ الْعُقُوقِ،

وَتَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ، وَطَاعَةُ السَّادَةِ أَوِ الرِّفْقُ بِالْعَبِيدِ،

وَمِنْهَا : مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَامَّةِ.

وَهِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً :

* الْقِيَامُ بِالْإِمْرَةِ مَعَ الْعَدْلِ، وَمُتَابَعَةُ الْجَمَاعَةِ، وَطَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ، وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : قِتَالُ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ،

* وَالْمُعَاوَنَةُ عَلَى الْبِرِّ، وَيَدْخُلُ فِيهِ : الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ، وَالْجِهَادُ وَمِنْهُ : الْمُرَابَطَةُ

* وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ، وَمِنْهُ : أَدَاءُ الْخُمُسِ،

وَالْقَرْضُ مَعَ وَفَائِهِ، وَإِكْرَامُ الْجَارِ، وَحُسْنُ الْمُعَامَلَةِ،

* وَفِيهِ جَمْعُ الْمَالِ مِنْ حِلِّهِ، وَإِنْفَاقُ الْمَالِ فِي حَقِّهِ وَمِنْهُ تَرْكُ التَّبْذِيرِ وَالْإِسْرَافِ.

* وَرَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَكَفُّ الْأَذَى عَنِ النَّاسِ، وَاجْتِنَابُ اللَّهْوِ، وَإِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ.

فَهَذِهِ تِسْعٌ وَسِتُّونَ خَصْلَةً وَيُمْكِنُ عَدُّهَا تِسْعًا وَسَبْعِينَ خَصْلَةً بِاعْتِبَارِ إِفْرَادِ مَا ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ مِمَّا ذُكِرَ وَاللَّهُ أَعْلَم." اهـ كلام الحافظ

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 128_129) للعيني :

"فَهَذِهِ ثَلَاثَة أَقسَام. فَالْأول: يرجع إِلَى الاعتقاديات، وَهِي تتشعب إِلَى ثَلَاثِينَ شُعْبَة.

الأولى: الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى، وَيدخل فِيهِ الْإِيمَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته وتوحيده بِأَن لَيْسَ كمثله شَيْء. الثَّانِيَة: اعْتِقَاد حُدُوث مَا سوى الله تَعَالَى. الثَّالِثَة: الْإِيمَان بملائكته. الرَّابِعَة: الْإِيمَان بكتبه. الْخَامِسَة: الْإِيمَان برسله. السَّادِسَة: الْإِيمَان بِالْقدرِ خَيره وشره. السَّابِعَة: الْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر، وَيدخل فِيهِ السُّؤَال بالقبر وعذابه، والبعث والنشور والحساب وَالْمِيزَان والصراط. الثَّامِنَة: الوثوق على وعد الْجنَّة وَالْخُلُود فِيهَا. التَّاسِعَة: الْيَقِين بوعيد النَّار وعذابها وَأَنَّهَا لَا تفنى. الْعَاشِرَة: محبَّة الله تَعَالَى. الْحَادِيَة عشر: الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله، وَيدخل فِيهِ حب الصَّحَابَة الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، وَحب آل الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. الثَّانِيَة عشر: محبَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَيدخل فِيهِ الصَّلَاة عَلَيْهِ وَاتِّبَاع سنته. الثَّالِثَة عشر: الْإِخْلَاص، وَيدخل فِيهِ ترك الرِّيَاء والنفاق. الرَّابِعَة عشر: التَّوْبَة والندم. الْخَامِسَة عشر: الْخَوْف. السَّادِسَة عشر: الرَّجَاء. السَّابِعَة عشر: ترك الْيَأْس والقنوط. الثَّامِنَة عشر: الشُّكْر. التَّاسِعَة عشر: الْوَفَاء. الْعشْرُونَ: الصَّبْر. الْحَادِيَة وَالْعشْرُونَ : التَّوَاضُع، وَيدخل فِيهِ توقير الأكابر. الثَّانِيَة وَالْعشْرُونَ: الرَّحْمَة والشفقة، وَيدخل فِيهِ الشَّفَقَة على الأصاغر. الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: الرضاء بِالْقضَاءِ. الرَّابِعَة وَالْعشْرُونَ: التَّوَكُّل. الْخَامِسَة وَالْعشْرُونَ: ترك الْعجب والزهو، وَيدخل فِيهِ ترك مدح نَفسه وتزكيتها. السَّادِسَة وَالْعشْرُونَ: ترك الْحَسَد. السَّابِعَة وَالْعشْرُونَ: ترك الحقد____والضغن. الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ: ترك الْغَضَب. التَّاسِعَة وَالْعشْرُونَ: ترك الْغِشّ، وَيدخل فِيهِ الظَّن السوء وَالْمَكْر. الثَّلَاثُونَ: ترك حب الدُّنْيَا، وَيدخل فِيهِ : ترك حب المَال وَحب الجاه، فَإِذا وجدت شَيْئا من أَعمال الْقلب من الْفَضَائِل والرذائل خَارِجا عَمَّا ذكر بِحَسب الظَّاهِر، فَإِنَّهُ فِي الْحَقِيقَة دَاخل فِي فصل من الْفُصُول يظْهر ذَلِك عِنْد التَّأَمُّل.

وَالْقسم الثَّانِي : يرجع إِلَى أَعمال اللِّسَان، وَهِي تتشعب إِلَى سبع شعب.

الأولى : التَّلَفُّظ بِالتَّوْحِيدِ. الثَّانِيَة: تِلَاوَة الْقُرْآن. الثَّالِثَة: تعلم الْعلم. الرَّابِعَة: تَعْلِيم الْعلم. الْخَامِسَة: الدُّعَاء. السَّادِسَة: الذّكر وَيدخل فِيهِ الاسْتِغْفَار. السَّابِعَة: اجْتِنَاب اللَّغْو.

وَالْقسم الثَّالِث: يرجع إِلَى أَعمال الْبدن، وَهِي تتشعب إِلَى أَرْبَعِينَ شُعْبَة، وَهِي على ثَلَاثَة أَنْوَاع :

الأول: مَا يخْتَص بالأعيان وَهِي سِتَّة عشر شُعْبَة.

الأولى: التطهر، وَيدخل فِيهِ طَهَارَة الْبدن وَالثَّوْب وَالْمَكَان،

وَيدخل فِي طَهَارَة الْبدن : الْوضُوء من الْحَدث، والاغتسال من الْجَنَابَة وَالْحيض وَالنّفاس.

الثَّانِيَة : إِقَامَة الصَّلَاة، وَيدخل فِيهَا الْفَرْض وَالنَّفْل وَالْقَضَاء.

الثَّالِثَة : أَدَاء الزَّكَاة، وَيدخل فِيهَا الصَّدَقَة، وَيدخل فِيهَا أَدَاء الزَّكَاة، وَيدخل فِيهَا صَدَقَة الْفطر، وَيدخل فِي هَذَا الْبَاب : الْجُود وإطعام الطَّعَام وإكرام الضَّيْف.

الرَّابِعَة : الصَّوْم فرضا ونفلاً.

الْخَامِسَة: الْحَج، وَيدخل فِيهِ الْعمرَة.

السَّادِسَة: الِاعْتِكَاف، وَيدخل فِيهِ التمَاس لَيْلَة الْقدر.

السَّابِعَة: الْفِرَار بِالدّينِ، وَيدخل فِيهِ الْهِجْرَة من دَار الشّرك. الثَّامِنَة: الْوَفَاء بِالنذرِ. التَّاسِعَة: التَّحَرِّي فِي الْإِيمَان. الْعَاشِرَة: أَدَاء الْكَفَّارَة. الْحَادِيَة عشر: ستر الْعَوْرَة فِي الصَّلَاة وخارجها. الثَّانِيَة عشرَة: ذبح الضَّحَايَا وَالْقِيَام بهَا إِذا كَانَت منذورة. الثَّالِثَة عشر: الْقيام بِأَمْر الْجَنَائِز. الرَّابِعَة عشر: أَدَاء الدّين. الْخَامِسَة عشر: الصدْق فِي الْمُعَامَلَات والاحتراز عَن الرِّيَاء. السَّادِسَة عشر: أَدَاء الشَّهَادَة بِالْحَقِّ وَترك كتمانها.

النَّوْع الثَّانِي: مَا يخْتَص بالاتباع، وَهُوَ سِتّ شعب:

الأولى: التعفف بِالنِّكَاحِ. الثَّانِيَة: الْقيام بِحُقُوق الْعِيَال، وَيدخل فِيهِ الرِّفْق بالخدم. الثَّالِثَة: بر الْوَالِدين، وَيدخل فِيهِ الاجتناب عَن العقوق، الرَّابِعَة: تربية الْأَوْلَاد. الْخَامِسَة: صلَة الرَّحِم. السَّادِسَة: طَاعَة الموَالِي.

النَّوْع الثَّالِث: مَا يتَعَلَّق بالعامة، وَهُوَ ثَمَانِي عشرَة شُعْبَة.

الأولى : الْقيام بالإمارة مَعَ الْعدْل. الثَّانِيَة: مُتَابعَة الْجَمَاعَة. الثَّالِثَة: طَاعَة أولي الْأَمر. الرَّابِعَة: الْإِصْلَاح بَين النَّاس، وَيدخل فِيهِ قتال الْخَوَارِج والبغاة. الْخَامِسَة: المعاونة على الْبر. السَّادِسَة: الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر. السَّابِعَة: إِقَامَة الْحُدُود. الثَّامِنَة: الْجِهَاد، وَيدخل فِيهِ المرابطة. التَّاسِعَة: أَدَاء الْأَمَانَة، وَيدخل فِيهِ أَدَاء الْخمس. الْعَاشِرَة: الْقَرْض مَعَ الْوَفَاء بِهِ. الْحَادِيَة عشرَة: إكرام الْجَار. الثَّانِيَة عشرَة: حسن الْمُعَامَلَة، وَيدخل فِيهِ جمع المَال من حلّه. الثَّالِثَة عشر: إِنْفَاق المَال فِي حَقه، وَيدخل فِيهِ ترك التبذير والإسراف. الرَّابِعَة عشر: رد السَّلَام. الْخَامِسَة عشر: تشميت الْعَاطِس. السَّادِسَة عشر: كف الضَّرَر عَن النَّاس. السَّابِعَة عشر: اجْتِنَاب اللَّهْو، الثَّامِنَة عشر: إمَاطَة الْأَذَى عَن الطَّرِيق،

فَهَذِهِ سبع وَسَبْعُونَ شُعْبَة." اهـ كلام بدر الدين العيني _رحمه الله_

 

التحبير لإيضاح معاني التيسير (1/ 180) للصنعاني :

"وقد يقال: إنه - صلى الله عليه وسلم - لم يبين عددها ليحافظ المؤمن على كل خصلة خير ورد فيها الوعد، كما قيل في إخفاء ليلة القدر، وساعة الجمعة،

ويمكن أنه لم يرد العدد المتابعة بل المبالغة نحو: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} (4) ولا ينافيها ذكر البضع؛ لأنه في نفسه مجهول القدر،

ويحتمل أن كل خصلة تحتها خلال من الخير، فإن مثل بر الوالدين فيه إنفاق المال لأجلهما وصلة أرحامهما وغير ذلك." اهـ

 

التنوير شرح الجامع الصغير (4/ 511) للصنعاني :

"وهذا الحديث نص في إطلاق اسم الإيمان الشرعي على الأعمال." اهـ

 

فتح الباري لابن حجر (1/ 53)

فَائِدَةٌ :

فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ :

"أَعْلَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ."

وَفِي هَذَا: إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَرَاتِبَهَا مُتَفَاوِتَةٌ." اهـ[5]

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 128)

وَقَالَ النَّوَوِيّ: وَقد بَين النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أَعلَى هَذِه الشّعب وَأَدْنَاهَا، كَمَا ثَبت فِي الصَّحِيح، من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (أَعْلَاهَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَدْنَاهَا أماطة الأذي عَن الطَّرِيق) فَبين :

* أَن أَعْلَاهَا التَّوْحِيد الْمُتَعَيّن على كل مُكَلّف، وَالَّذِي لَا يَصح شَيْء غَيره من الشّعب إلاَّ بعد صِحَّته،[6]

* وَأَن أدناها دفع مَا يتَوَقَّع بِهِ ضَرَر الْمُسلمين، وَبَقِي بَينهمَا تَمام الْعدَد، فَيجب علينا الْإِيمَان بِهِ وَإِن لم نَعْرِف أَعْيَان جَمِيع أَفْرَاده، كَمَا نؤمن بِالْمَلَائِكَةِ وَإِن لم نَعْرِف أعيانهم وأسماءهم. انْتهى.

 

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 129_130)

لِمَ أفرد الْحيَاء بِالذكر من بَين سَائِر الشّعب؟ وَأجِيب: بِأَنَّهُ كالداعي إِلَى سَائِر الشّعب، فَإِن الْحَيّ يخَاف فضيحة___الدُّنْيَا وفظاعة الْآخِرَة فينزجر عَن الْمعاصِي ويمتثل الطَّاعَات كلهَا، وَقَالَ الطَّيِّبِيّ: معنى إِفْرَاد الْحيَاء بِالذكر بعد دُخُوله فِي الشّعب كَأَنَّهُ يَقُول: هَذِه شُعْبَة وَاحِدَة من شعبه، فَهَل تحصى شعبه كلهَا؟ هَيْهَات ان الْبَحْر لَا يغْرف.

 

المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (1/ 134_135)

ومقصودُ هذا الحديثِ : أنَّ الأعمالَ الشرعيَّةَ تسمَّى إيمانًا على ما ذكرناه آنفًا ، وأنَّها منحصرةٌ في ذلك العدد ، غيرَ أنَّ الشرع لم يُعيِّنْ ذلك العدد لنا ولا فصَّله.

وقد تكلَّف بعضُ المتأخِّرين تعديدَ ذلك ؛ فتصفَّحَ خِصَالَ الشريعةِ وعدَّدها ، حتَّى انتهَى بها - في زعمه - إلى ذلك العَدَد ، ولا يصحُّ له ذلك ؛ لأنَّه يمكنُ الزيادةُ على ما ذكَرَ ، والنقصانُ ممَّا ذكَرَ ؛ ببيانِ التداخل.___

والصحيحُ : ما صار إليه أبو سُلَيْمان الخَطَّابيُّ وغيره : أنَّها منحصرةٌ في علمِ الله تعالى ، وعِلْمِ رسوله ِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، وموجودةٌ في الشريعة، مفصَّلَةٌ فيها، غير أنَّ الشرعَ لم يُوقِفْنَا على أشخاص تلك الأبواب، ولا عيَّن لنا عدَدَهَا، ولا كيفيَّةَ انقسامها، وذلك لا يَضُرُّنَا في عِلْمنا بتفاصيلِ ما كُلِّفْنا به مِنْ شريعتنا ولا في عملنا؛ إذْ كلُّ ذلك مفصَّلٌ مُبيَّنٌ في جملةِ الشريعة، فما أُمِرْنَا بالعَمَلِ به، عَمِلْنَا به، وما نُهِينَا عنه انتهَيْنَا، وإنْ لم نُحِطْ بِحَصْرِ أعداد ذلك ، والله تعالى أعلم." اهـ

 

الذريعة الى مكارم الشريعة (ص: 163) للراغب :

وهذه لفظة من تأملها وعرف حقيقتها علم بالواجب أن الإيمان الواجب هو اثنتان وسبعون درجة لا يصلح أن يكون أكثر منها ولا أقل، ولا يوجد من الإيمان ما هو خارج عنها بوجه، وأنه - صلى الله عليه وسلم - فيما يورده كما وصفه - عز وجل - بقوله: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5)." اهـ

 

شرح صحيح البخارى لابن بطال (6/ 600):

"وفيه: دليل أن طرح الشوك فى الطريق والحجارةِ والكُنَاسةِ والمياهِ المفسدةِ للطرق، وكل ما يؤذى الناس تخشى العقوبة عليه فى الدنيا والآخرة." اهـ

 

وقال ابن عبد البر _رحمه الله_ في "الاستذكار" (8/ 282):

"فَلَمَّا كَانَ الْحَيَاءُ وَالْإِيمَانُ سَبَبَيْنِ إِلَى فِعْلِ الْخَيْرِ جَعَلَ الْحَيَاءَ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ، لأنه يمنع مِثْلُ الْإِيمَانِ مِنِ ارْتِكَابِ مَا لَا يَحِلُّ وَمَا يُعَدُّ مِنَ الْفُحْشِ وَالْفَوَاحِشِ، وَإِنْ كَانَ الْحَيَاءُ غَرِيزَةً، وَالْإِيمَانُ فِعْلُ الْمُؤْمِنِ الْمُوَفَّقِ لَهُ.

وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_: (الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، أَعْلَاهَا: شَهَادَةُ أَنْ (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ)، وَأَدْنَاهَا: إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ. وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ)." اهـ

 

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (9/ 238)

أَجْمَعَ أَهْلُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَلَا عَمَلَ إِلَّا بِنِيَّةٍ. وَالْإِيمَانُ عِنْدَهُمْ يَزِيدُ بِالطَّاعَةِ، وَيَنْقُصُ بِالْمَعْصِيَةِ. وَالطَّاعَاتُ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ إِيمَانٌ." اهـ

 

كوثر المعاني الدراري في كشف خبايا صحيح البخاري (1/ 432) لمحمد الخضر الشنقيطي :

"وفي هذا الحديث: دلالة على قبول الإِيمان الزيادةَ والنقصان، لأن معناه كما قال الخَطَّابي: إن الإِيمان الشرعيَّ اسم لمعنى ذي أجزاء، له أعلى وأدنى، والاسم يتعلق ببعض تلك الأجزاء، كما يتعلق بكلها." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 353):

"* في هذا الحديث: أن الإيمان كما عد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضع وسبعون شعبة في هذا الحديث،

فهو وإن كان عليه السلام ذكرها هاهنا مجملة، فقد أبان بذكره عددها ومقدارها، وأشار إلى كل سامع بأن يتبعها، ويتصف بها، وهي بأسرها مبثوثة في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،

فرواية أبي هريرة مجملة للتفصيل، وإن كانت أكثر الشعب من رواية أبي هريرة جاءت أيضًا، وما فيها جاء من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه وغيره.

* وهذه الشعب هي ثلاث وسبعون شعبة بمقتضى ما رويناها كلها بالإسناد المتصل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا أحاديث يسيرة جاءت عن عمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأبي الدرداء رضي الله عنهم." اهـ

 

الإفصاح عن معاني الصحاح (6/ 354) لابن هبيرة :

"وذلك كله دليل قاطع على أن الإيمان قول وعمل ونية." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 71)

وَفِي الْحَدِيثِ تَشْبِيهُ الْإِيمَانِ بِشَجَرَةٍ ذَاتِ أَغْصَانٍ وَشُعَبٍ، كَمَا أَنَّ فِي الْقُرْآنِ تَشْبِيهَ الْكَلِمَةِ الدَّالَّةِ عَلَى حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ بِشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، أَيْ: أَصْلُهَا ثَابِتٌ فِي الْقَلْبِ، وَفَرْعُهَا أَيْ: شُعَبُهَا مَرْفُوعَةٌ فِي السَّمَاءِ." اهـ[7]

 

قلت : أشار إلى قول الله _تعالى_: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ (26) يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ (27)} [إبراهيم: 24 - 27]

 

شرح الأربعين النووية للعثيمين (ص: 162)

ومحل الإيمان: القلب واللسان والجوارح. فالإيمان يكون بالقلب، ويكون باللسان، ويكون بالجوارح، أي: أن قول اللسان يسمى إيماناً، وعمل الجوارح يسمى إيماناً،

والدليل: قول الله _عزّ وجل_: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ) (البقرة: الآية 143)

قال المفسّرون: "(إيمانكم): أي صلاتكم إلى بيت المقدس، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً فَأَعْلاهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وأدنْاهَا إِمَاطَةُ الأذى عَنِ الطَّرِيْقِ وَالحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيْمَانِ." اهـ

 

الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 240)

وَهَذَا كَلَفْظِ " الْإِيمَانِ " فَإِنَّهُ إذَا أُفْرِدَ دَخَلَتْ فِيهِ الْأَعْمَالُ الْبَاطِنَةُ وَالظَّاهِرَةُ، وَقِيلَ الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، أَيْ قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَعَمَلُ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ، وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، أَعْلَاهَا قَوْلُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَدْنَاهَا إمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ» .

وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات: 15] وَقَوْلُهُ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الأنفال: 3] {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4]

 

مجموعة الرسائل والمسائل لابن تيمية - رشيد رضا (3/ 10)

فعلم أن الإيمان يقبل التبعيض والتجزئة، وإن قليله يخرج به صاحبه من النار إن دخلها، وليس كما يقوله الخارجون عن مقالة أهل السنة أنه لا يقبل التبعيض والتجزئة بل هو شيء واحد إما أن يحصل كله وإما أن لا يحصل منه شيء.

 

كشف غياهب الظلام عن أوهام جلاء الأوهام (ص: 314_315) لسليمان بن سحمان النجدي :

فإذا تبين لك هذا فاعلم أن الإيمان أصل له شعب متعددة كل شعبة منها تسمى إيماناً فأعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق فمنها ما يزل الإيمان بزواله إجماعاً كشعبة الشهادتين ويكون إليها أقرب، ومنها__ما يلحق شعبة إماطة الأذى عن الطريق، ويكون إليها أقرب، والتسوية بين هذه الشعب في اجتماعها مخالف للنصوص وما كان عليه سلف الأمة وأئمتها، وكذلك الكفر أيضاً ذو أصل وشعب، فكما أن شعب الإيمان إيمان فشعب الكفر كفر، والمعاصي كلها من شعب الكفر، كما أن الطاعات كلياً من شعب الإيمان ولا يسوى بينها في الأسماء والأحكام." اهـ



[1] " مشارق الأنوار " (2/205)

[2] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 128) :

"وَقد صنف فِي تعْيين هَذِه الشّعب جمَاعَة، مِنْهُم: الإِمَام أَبُو عبد الله الْحَلِيمِيّ صنف فِيهَا كتابا أسماه: (فَوَائِد الْمِنْهَاج) ، والحافظ أَبُو بكر الْبَيْهَقِيّ وَسَماهُ: (شعب الْإِيمَان) ، وَإِسْحَاق ابْن الْقُرْطُبِيّ وَسَماهُ: (كتاب النصايح) ، وَالْإِمَام أَبُو حَاتِم وَسَماهُ: (وصف الْإِيمَان وشعبه) . وَلم أر أحدا مِنْهُم شفى العليل، وَلَا أروى الغليل." اهـ

[3] وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 128) :

"قَالَ القَاضِي عِيَاض : "وَلَا يقْدَح عدم معرفَة ذَلِك على التَّفْصِيل فِي الْإِيمَان، إِذْ أصُول الْإِيمَان وفروعه مَعْلُومَة مُحَققَة، وَالْإِيمَان بِأَن هَذَا الْعدَد وَاجِب على الْجُمْلَة، وتفصيل تِلْكَ الْأُصُول وتعيينها على هَذَا الْعدَد يحْتَاج إِلَى تَوْقِيف. وَقَالَ الْخطابِيّ: هَذِه منحصرة فِي علم الله وَعلم رَسُوله، مَوْجُودَة فِي الشَّرِيعَة، غير أَن الشَّرْع لم يوقفنا عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لَا يضرنا فِي علمنَا بتفاصيل مَا كلفنا بِهِ، فَمَا أمرنَا بِالْعلمِ بِهِ عَملنَا، وَمَا نَهَانَا عَنهُ انتهينا، وَإِن لم نحط بحصر أعداده." اهـ

[4] وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 127_128) للعيني :

"قَالَ الإِمَام أَبُو حَاتِم بن حبَان بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْمُوَحدَة، البستي، فِي كتاب (وصف الْإِيمَان وشعبه) :

"تتبعت معنى هَذَا الحَدِيث مُدَّة، وعددت الطَّاعَات فَإِذا هِيَ تزيد على هَذَا الْعدَد شَيْئا كثيرا، فَرَجَعت إِلَى السّنَن، فعددت كل طَاعَة عَددهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من الْإِيمَان، فَإِذا هِيَ تنقص على الْبضْع وَالسبْعين، فَرَجَعت إِلَى كتاب الله تَعَالَى، فعددت كل طَاعَة عدهَا الله من الْإِيمَان فَإِذا هِيَ تنقص عَن الْبضْع وَالسبْعين، فضممت إِلَى الْكتاب السّنَن، واسقطت الْعَاد، فَإِذا كل شَيْء عده الله وَرَسُوله عَلَيْهِ السَّلَام، من الْإِيمَان بضع وَسَبْعُونَ، لَا يزِيد عَلَيْهَا وَلَا ينقص.___

فَعلمت أَن مُرَاد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؛ أَن هَذَا الْعدَد فِي الْكتاب وَالسّنة." انْتهى." اهـ كلام العيني

[5] وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري (1/ 128)

"وَقَالَ _يعني الخطابي_ أَيْضا: الْإِيمَان اسْم يتشعب إِلَى أُمُور ذَوَات عدد جِمَاعهَا الطَّاعَة، وَلِهَذَا صَار من صَار من الْعلمَاء إِلَى أَن النَّاس مفاضلون فِي درج الْإِيمَان، وَإِن كَانُوا متساوين فِي اسْمه." اهـ

[6] وفي شرح رياض الصالحين (4/ 28) للعثيمين :

"أفضلها أو أعلاها قول لا إله إلا الله،

هذه الكلمة العظيمة لو وزنت السماوات السبع والأرضين السبع وجميع المخلوقات لرجحت بهن لأنها أعظم كلمة وهي كلمة التوحيد التي إذا قالها الإنسان صار مسلما وإذا استكبر عنها صار كافرا فهي الحد الفاصل بين الإيمان والكفر ولذلك كانت أعلى شعب الإيمان وأفضلها لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله عز وجل فكل المعبودات من دون الله باطلة إلا الله وحده لا شريك له فهو الحق كما قال الله تبارك وتعالى: ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ." اهـ

أشار الشيخ العثيمين إلى ما ورد في مسند أحمد مخرجا (11/ 150) :

قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ نُوحًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِابْنِهِ: إِنِّي قَاصٌّ عَلَيْكَ الْوَصِيَّةَ: آمُرُكَ بِاثْنَتَيْنِ، وَأَنْهَاكَ عَنِ اثْنَتَيْنِ، آمُرُكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ، وَالْأَرْضِينَ السَّبْعَ، لَوْ وُضِعَتْ فِي كِفَّةٍ، وَوُضِعَتْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِي كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهِنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ." وصححه الألباني في الصحيحة (رقم : 134)

[7] وفي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (1/ 46) لعبيد الله الرحمني المباركفوري :

"شبه الإيمان في هذا الحديث بشجرة ذات أغصان وشعب، ومن المعلوم أن الشعب وكذا الأوراق والثمار أجزاء للشجرة، والأغصان والأوراق والثمار قد تكون وقد لا تكون مع بقاء الشجرة، كذلك الأعمال قد تكون وقد لا تكون مع بقاء أصل الإيمان، فنسبة الأعمال إلى الإيمان كنسبة الأغصان والأوراق والثمار إلى الشجرة."

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين