الحديث الثامن والسبعون من بهجة قلوب الأبرار

 

الحديث الثامن والسبعون: التحذير من فتنة الدنيا وفتنة النساء.

 

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

"إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ. وَإِنَّ اللَّهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ،

فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بْنِي إِسْرَائِيلَ كانت في النساء" رواه مسلم

 

ترجمة أبي سعيد الخدري _رضي الله_ :


وفي إكمال تهذيب الكمال (5/ 244) :

"سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن عبيد بن الأبحر، وهو خدرة: أبو سعيد الخدري الأنصاري الخزرجي.

وفي سير أعلام النبلاء ط الرسالة (3/ 168) : "أَبُو سَعِيْدٍ الخُدْرِيُّ سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانٍ * (ع) : الإِمَامُ، المُجَاهِدُ، مُفْتِي المَدِيْنَةِ، سَعْدُ بنُ مَالِكِ بنِ سِنَانِ بنِ ثَعْلَبَةَ بنِ___عُبَيْدِ بنِ الأَبْجَرِ بنِ عَوْفِ بنِ الحَارِثِ بنِ الخَزْرَجِ. وَاسْمُ الأَبْجَرِ: خُدْرَةُ. اسْتُشْهِدَ أَبُوْهُ مَالِكٌ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشَهِدَ أَبُو سَعِيْدٍ الخَنْدَقَ، وَبَيْعَةَ الرُّضْوَانِ. وَحَدَّثَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَكْثَرَ، وَأَطَابَ، وَعَنْ: أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَطَائِفَةٍ.

وَكَانَ أَحَدَ الفُقَهَاءِ المُجْتَهِدِيْنَ. مُسْنَدُ أَبِي سَعِيْدٍ: أَلْفٌ وَمائَةٌ وَسَبْعُوْنَ (1170) حَدِيْثاً، فَفِي (البُخَارِيِّ) وَ (مُسْلِمٍ) : ثَلاَثَةٌ وَأَرْبَعُوْنَ. وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ: بِسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، وَمُسْلِمٌ: بِاثْنَيْنِ وَخَمْسِيْنَ." اهـ باختصار

وفي معرفة الصحابة لأبي نعيم (3/ 1260) : سَعْدُ بْنُ مَالِكِ بْنِ سِنَانٍ وَقِيلَ: ابْنُ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ بْنِ الْأَبْجَرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، كَانَ يَسْكُنُ الْمَدِينَةَ، وَبِهَا تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسَبْعِينَ، وَلَهُ عَقِبٌ، وَدُفِنَ بِالْبَقِيعِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً." اهـ

وفي الاستيعاب في معرفة الأصحاب (2/ 602) : "أبو سعيد الخدري، هو مشهور بكنيته، أول مشاهده الخندق، وغزا مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اثنتي عشرة غزوة، وكان ممن حفظ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سننا كثيرة، وروى عنه علما جما، وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم. توفي سنة أربع وسبعين. روى عنه جماعة من الصحابة وجماعة من التابعين." اهـ

 

تخريج الحديث:

أخرجه: مسلم في "صحيحه" رقم 2742 بعد 99.

أخرجه مسلم في "صحيحه" (2742)، و (الترمذيّ) في "الفتن" (2191)، و (النسائيّ) في "الكبرى" (5/ 400)، و (ابن ماجة) في "الفتن" (4048)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (11/ 346)، و (أحمد) في "مسنده" (3/22)، و (الحميديّ) في "مسنده" (2/ 331)، و (عبد بن حميد) في "مسنده" (1/274)، و (الطبرانيّ) في "الأوسط" (4/ 140) وفي "مسند الشاميين" (3/ 357)، و(أبو يعلى) في "مسنده" (2/ 352)، و (ابن الجعد) في "مسنده" (1/ 236)، و(القضاعيّ) في "مسند الشهاب" (2/ 181)، و (الحاكم) في "المستدرك" (4/

551)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (3/ 369 و 7/ 91) وفي "شعب الإيمان" (6/171 و 310 و 7/ 278)، والله تعالى أعلم.

 

من فوائد الحديث:

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 495)

وقال المناويّ - رَحِمَهُ اللهُ -: "فإن الدنيا" في الرغبة والميل إليها، وحرص

النفوس عليها؛ كالفاكهة التي هي "خضرة" في المنظر "حلوة" في المذاق، وكل

منهما يُرْغَب فيه منفردًا، فكيف إذا اجتمعا، وقال الأكمل: الحلو ما يميل إليه

الطبع السليم، والأخضر الطَّرِيّ الناعم، وأراد أن صورة الدنيا ومتاعها حَسَن

المنظر، يعجب الناظر. انتهى ["فيض القدير" 2/ 179.]

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 495)

وقال أيضًا: "الدنيا حلوة خضرة"؛ أي: مشتهاة، مُونِقة، تُعجب

الناظرين، فمن استكثر منها أهلكته، كالبهيمة إذا أكثرت من رعي الزرع

الأخضر أهلكها، ففي تشبيه الدنيا بالخضرة التي ترعاها الأنعام، إشارة إلى أن

المستكثر منها كالبهائم، فعلى العاقل أن يقنع بما تدعو الحاجة منها، ويجتنب

الإفراط والتفريط في تناولها، فإنه مهلك." اهـ ["فيض القدير" 3/ 544.]

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 496)

(فَاتَّقُوا الدُّنْيَا)؛ أي: احذروا زيادتها على قدر الحاجة المُعِينة للدين

النافعة في الأخري، وقال القاري: "فاتقوا الدنيا"؛ أي: احذروا من الاغترار

بما فيها من الجاه، والمال، فإنها في وشك الزوال، واقنعوا فيها بما يُعينكم

على حسن المآل، فإن حلالها حساب، وحرامها عذاب. انتهى ["مرقاة المفاتيح" 6/ 243.]

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الوزارة (ص: 159):

"أخبر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه من الوصف الذي يروق الناظرين والذائقين.

 

ثم أخبر أن الله جعلها الدنيا محنة وابتلاء للعباد، ثم أمر بفعل الأسباب، التي تقي من الوقوع في فتنتها.

 

فإخباره بأنها حلوة خضرة يعم أوصافها التي هي عليها، فهي حلوة في مذاقها وطعمها، ولذاتها وشهواتها، خضرة في رونقها وحسنها الظاهر،

كما قال _تعالى_:

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران: 14]

 

وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف: 7]

 

فهذه اللذات المنوعة فيها، والمناظر البهيجة، جعلها الله ابتلاء منه وامتحانا، واستخلف فيها العباد لينظر كيف يعملون.

 

فمن تناولها من حلها، ووضعها في حقها، واستعان بها على ما خلق له من القيام بعبودية الله، كانت زادًا له وراحلة إلى دار أشرفَ منها وأبقى، وتمت له السعادة الدنيوية والأخروية.

 

ومن جعلها أكبر همه، وغاية علمه ومراده، لم يؤت منها إلا ما كتب له، وكان مآله بعد ذلك إلى الشقاء، ولم يهنأ___بلذاتها ولا شهواتها إلا مدة قليلة، فكانت لذاته قليلة، وأحزانه طويلة.

 

وكل نوع من لذاتها، فيه هذه الفتنة والاختبار، ولكن أبلغ ما يكون، وأشدُّ فتنةً النساءُ، فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها كبير، فإنهن مصائد الشيطان وحبائله،

 

كم صاد بهن من معافى، فأصبح أسير شهوته، رهِيْنَ ذنبه، قد عز عليه الخلاص، والذنب ذنبه، فإنه الذي لم يحترز من هذه البلية،

 

وإلا فلو تحرز منها، ولم يدخل مداخل التهم، ولا تعرض للبلاء، واستعان باعتصامه بالمولى، لنجا من هذه الفتنة، وخلص من هذه المحنة.

 

ولهذا حذر النبي _صلى الله عليه وسلم_ في هذا الحديث منها على الخصوص. وأخبر بما جرت على من قبلنا من الأمم؛ فإن في ذلك عبرةً للمعتبرين، وموعظةً للمتقين، والله أعلم.

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (42/ 498)

في فوائده:

1 - (منها): بيان ما كان عليه النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الشفقة بأمته، حيث كان

يُحذّرهم مما يكون سبب هلاكهم في الدنيا والآخرة، فقد حذّرهم في هذا

الحديث عن الافتتان بالدنيا، والنساء.

2 - (ومنها): مشروعيّة ضرب الأمثال؛ لإيضاح المسائل.

3 - (ومنها): بيان كون الدنيا حسنة المنظر، حلو المذاق؛ لكنها سريعة

الزوال، فلا ينبغي لعاقل الاغترار بزخارفها.

4 - (ومنها): التحذير من الافتتان بالنساء، فإنهنّ أخطر ما يغترّ بهنّ

الرجال، ولذا قدّمنهنّ الله - عَزَّوَجَلَّ - في تعداد شهوات النفس، فقال: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ}

الآية [آل عمران: 14] كما إشارة إلى عِظَم فتنتهنّ،

فالواجب على العاقل أن يأخذ الحذر منهنّ، ومن الدنيا، فيجتنب الميل

إليهنّ، فيسلك مسلك التوسّط في ذلك، لا تفريط، ولا إفراط، والله تعالى

أعلم.

5 - (ومنها): ما قاله في "الفتح": وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشدّ

من الفتنة بغيرهنّ، ويشهد له قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ}

فجعلهنّ من حب الشهوات، وبدأ بهنّ قبل بقية الأنواع؛ إشارةً إلى

انهنّ الأصل في ذلك، ويقع في المشاهدة حبّ الرجل ولده من امرأته التي

هي عنده أكثر من حبه ولده من غيرها، ومن أمثلة ذلك قصة النعمان بن

بشير - رضي الله عنهما - في الهبة، وقد قال بعض الحكماء: النساء شرّ كلهنّ، وأشرّ ما

فيهنّ عدم الاستغناء عنهنّ، ومع أنَّها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على

تعاطي ما فيه نقص العقل والدين، كشغله عن طلب أمور الدين، وحمله

على التهالك على طلب الدنيا، وذلك أشدّ الفساد. انتهى ["الفتح" 11/ 369]، والله تعالى

أعلم.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.

 

شرح المصابيح لابن الملك (5/ 371) :

"وفيه تنبيهٌ على شدة انجذاب النفوس إليها؛ لأن كل واحد من هذَين الوصفَين تميل إليه النفوسُ، فإذا اجتمعتا كانت إليه أميلَ." اهـ

 

المجالس الوعظية في شرح أحاديث خير البرية (2/ 38) للسَّفِيْرِيِّ :

"ولقلة الصالحات فيهن وكثرة ضررهن وشؤمهن ذمهن الله ورسوله. وحذر الرجال منهن قال الله تعالى في كتابه العزيز في حقهن: {إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ } [يوسف: 28]." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (5/ 2044) :

"وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالْخَضِرَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الشَّيْءَ النَّاعِمَ خَضِرًا، أَوْ لِتَشَبُّهِهَا بِالْخُضْرَوَاتِ فِي سُرْعَةِ زَوَالِهَا." اهـ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (8/ 3216) :

* "وَإِنَّمَا وَصَفَهَا بِالْخَضِرَةِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الشَّيْءَ النَّاعِمَ خَضِرًا، أَوْ لِشَبَهِهَا بِالْخَضْرَاوَاتِ فِي ظُهُورِ كَمَالِهَا وَسُرْعَةِ زَوَالِهَا،

* وَفِيهِ بَيَانٌ أَنَّهَا غَدَّارَةٌ مَكَّارَةٌ سَحَّارَةٌ تَفْتِنُ النَّاسَ بِلَوْنِهَا وَطَعْمِهَا، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الدُّنْيَا طَيِّبَةٌ مَلِيحَةٌ فِي عُيُونِ أَرْبَابِهَا وَقُلُوبِ أَصْحَابِهَا لَا يَشْبَعُونَ مِنْ جَمْعِ الْمَالِ، وَلَا مِنْ سَعَةِ الْجَاهِ، وَكَثْرَةِ الْإِقْبَالِ وَطُولِ الْآمَالِ،

* وَفِيهِ إِيذَانٌ بِشِدَّةِ انْجِذَابِ النُّفُوسِ إِلَيْهَا، لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ تَمِيلُ إِلَيْهِ النُّفُوسُ النَّاقِصَةُ، فَإِنِ اجْتَمَعَا كَانَتْ إِلَيْهَا أَمْيَلَ وَعَلَيْهَا أَقْبَلَ." اهـ

 

دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (1/ 256) لابن علان :

"فشبه الدنيا للرغبة فيها والميل إليها بالفاكهة الحلوة الخضرة، فإن الحلو مرغوب فيه من حيث الذوق، والأخضر مرغوب فيه من حيث النظر، فإذا اجتمعا زادت الرغبة. وفيه إشارة إلى عدم بقائها." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 68) لفيصل آل مبارك :

"في هذا الحديث: التحذيرُ من الاغترار بالدنيا[1]، والميل إلى النساء، فإنهما فتنة لكل مفتون." اهـ

 

تطريز رياض الصالحين (ص: 313) :

"وفي الحديث: التحذير من فتنة المال، وفتنة النساء." اهـ

 

التيسير بشرح الجامع الصغير (2/ 12) للمناوي  :

"فَمن استكثر مِنْهَا أهلكته كالبهيمة إِذا أكثرت من أكل الزَّرْع الْأَخْضَر." اهـ[2]

 

التنوير شرح الجامع الصغير (6/ 135) للأمير الصنعاني :

"وفي تشبيهها بالخضرة التي تأكلها الأنعام إشارة إلى أن المستكثر منها كالبهيمة تستكثر من المرعى وإشارة إلى سرعة زوالها كزوال اخضرار الأرض." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 177) للسعدي :

"أخبر _صلّى الله عليه وسلم_ في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه من الوصف الذي يروق الناظرين والذائقين. ثم أخبر أن الله جعلها محنة وابتلاء للعباد. ثم أمر بفعل الأسباب، التي تقي من الوقوع في فتنتها." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 177) :

"فإخباره بأنها حلوة خضرة يعم أوصافها التي هي عليها. فهي حلوة في مذاقها وطعمها، ولذاتها وشهواتها، خضرة في رونقها وحسنها الظاهر، كما قال تعالى:

{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران:14] .

وقال تعالى :

{إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:7] .

فهذه اللذات المنوعة فيها، والمناظر البهيجة، جعلها الله ابتلاء منه وامتحاناً، واستخلف فيها العباد لينظر كيف يعملون؟

فمن تناولها من حلها، ووضعها في حقها، واستعان بها على ما خلق له من القيام بعبودية الله، كانت زاداً له وراحلة إلى دار أشرف منها وأبقى، وتمت له السعادة الدنيوية والأخروية.

ومن جعلها أكبر همه، وغاية علمه ومراده، لم يؤتَ منها إلا ما كتب له. وكان مآله بعد ذلك إلى الشقاء، ولم يهنأ بلذاتها ولا شهواتها إلا مدة قليلة. فكانت لذاته قليلة. وأحزانه طويلة." اهـ

 

بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار ط الرشد (ص: 178) :

"وكل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة والاختبار. ولكن أبلغ ما يكون وأشد فتنة: النساء؛ فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها كبير؛ فإنهن مصائد الشيطان وحبائله، كما صاد بهن من مُعافى فأصبح أسير شهوته، رهين ذنبه، قد عَزَّ عليه الخلاص، والذنب ذنبه فإنه الذي لم يحترز من هذه البلية، وإلا فلو تحرز منها، ولم يدخل مداخل التهم، ولا تعرض للبلاء، واستعان باعتصامه بالمولى، لنجا من هذه الفتنة، وخلص من هذه المحنة.

ولهذا حذر النبي صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها على الخصوص. وأخبر بما جَرَّت على من قبلنا من الأمم؛ فإن في ذلك عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين. والله أعلم." اهـ[3]

 

اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 132)

فحذر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة النساء، معللا بأن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.

وهذا نظير ما سنذكره من حديث معاوية عنه صلى الله عليه وسلم___

أنه قال: «إنما هلك بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم» - يعني وصل الشعر -.

وكثير من مشابهات أهل الكتاب في أعيادهم، وغيرها، إنما يدعو إليها النساء." اهـ[4]

 

الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (4/ 156) :

الترغيب في الزهد في الدنيا والاكتفاء منها بالقليل،

والترهيب من حبها والتكاثر فيها والتنافس، وبعض ما جاء في عيش النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والملبس والمشرب ونحو ذلك

 

السنن الكبرى للبيهقي (3/ 514)

بَابُ مَا يَنْبَغِي لِكُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ مِنْ قِصَرِ الْأَمَلِ وَالِاسْتِعْدَادِ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِيبٌ



[1]  فيض القدير (3/ 545) للمناوي :

وحقيقتها أنها مجاز إلى الآخرة يتزود منها إليها بالطاعة والعمل الصالح ولهذا قال لقمان لابنه: خذ من الدنيا بلاغك وأنفق فضول كسبك لآخرتك ولا ترفض كل الرفض فتكون عيالا وعلى أعناق الرجال كَلًّا." اهـ

[2]  وفي فيض القدير (3/ 544) للمناوي :

"فمن استكثر منها أهلكته كالبهيمة إذا أكثرت من رعي الزرع الأخضر أهلكها، ففي تشبيه الدنيا بالخضرة التي ترعاها الأنعام إشارةٌ إلى أن المستكثر منها كالبهائم فغلى العاقل القنع بما تدعو الحاجة منها وتجنب الإفراط والتفريط في تناولها فإنه مهلك." اهـ

[3]  وفي مجموع فتاوى ابن باز (4/ 249) :

"ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الفتنة بهن عظيمة، ولا سيما في هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب، وتبرجن فيه تبرج الجاهلية، وكثرت بسبب ذلك الفواحش والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما شرع الله من الزواج في كثير من البلاد، وقد بين الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع وانحرافهم عن طريق الحق، ومعلوم أن جلوس الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة___من أعظم أسباب الفتنة." اهـ

وفي مجموع فتاوى ابن باز (4/ 387) :

"ويكفينا عظة وعبرة ما وقع في غيرنا من الفساد الكبير والشر العظيم بسبب السماح بعمل الفتيات في ميدان الرجال، (والسعيد من وعظ بغيره) والعاقل الحكيم هو الذي ينظر في العواقب ويحسم وسائل الفساد ويسد الذرائع المفضية إليه."

[4]  وقال ناصر العقل في تعليقه على اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم (1/ 133) :

"وهذا يعني أن النساء هن أول من يقع في التقليد والتشبه، وآخر من يفطن ويعقل خطر ذلك وسوء مغبته على الفرد والمجتمع، في الدين والدنيا، ونحن نجد نساء المسلمين اليوم مع الأسف أكثر انزلاقا ومتابعة للموضات (والموديلات) ، وأكثر شغفا بالتقاليد والعادات والأخلاق الوافدة من الكفار، السيئ والقبيح منها قبل الحسن.

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين