شرح الحديث 69 من الأدب المفرد

  

35 _ بَابُ فَضْلِ مَنْ يَصِلُ ذَا الرَّحِمِ الظَّالِمَ

 

69 - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ:

"جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ."

قَالَ: «لَئِنْ كُنْتَ أَقَصَرْتَ الْخُطْبَةَ، لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ»

قَالَ: أَوَ لَيْسَتَا وَاحِدًا؟

قَالَ: «لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَعْتِقَ النَّسَمَةَ، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَالْمَنِيحَةُ الرَّغُوبُ، وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ،

فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ»

[قال الشيخ الألباني : صحيح]

 

تراجم الرواة:

 

حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ (ثقة متقن صحيح الكتاب : ت 217 هـ):

مالك بن إسماعيل بن درهم النَّهْدِيُّ[1] مولاهم، أبو غسان الكوفي، من صغار أتباع التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (ثقة : ت بَعْدَ 150 هـ):

عيسى بن عبد الرحمن السُّلَمِيُّ[2] ثم البجلي، أبو سلمة الكوفي، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له :  بخ قد عس  (البخاري في الأدب المفرد - أبو داود في القدر - النسائي في مسند علي)

 

عَنْ طَلْحَةَ (ثقة قارىء فاضل: ت 112 هـ)

طلحة بن مصرف بن عمرو بن كعب الهمداني اليامي[3]، أبو محمد ، و يقال أبو عبد الله ، الكوفى، من صغار التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ (ثقة : 82 هـ):

عبد الرحمن بن عوسجة الهمداني النِّهْمِيُّ[4] الكوفي، من الوسطى من التابعين، روى له :  بخ د ت س ق 

 

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ (72 هـ بـ الكوفة):

البراء بن عازب بن الحارث بن عدي الأنصارى الحارثي[5] الأوسي: أبو عمارة المدني _رضي الله عنه_، روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ:

"جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: "يَا نَبِيَّ اللَّهِ، عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ."

قَالَ: «لَئِنْ[6] كُنْتَ أَقَصَرْتَ الْخُطْبَةَ[7]، لَقَدْ أَعْرَضْتَ الْمَسْأَلَةَ[8]، أَعْتِقِ النَّسَمَةَ[9]، وَفُكَّ الرَّقَبَةَ»

قَالَ: أَوَ لَيْسَتَا وَاحِدًا؟

قَالَ: «لَا، عِتْقُ النَّسَمَةِ أَنْ تَعْتِقَ النَّسَمَةَ، وَفَكُّ الرَّقَبَةِ أَنْ تُعِينَ عَلَى الرَّقَبَةِ، وَالْمَنِيحَةُ الرَّغُوبُ[10]، وَالْفَيْءُ عَلَى ذِي الرَّحِمِ[11]،

فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ، فَكُفَّ لِسَانَكَ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ»

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (ص: 38) (رقم: 69)، وأبو داود الطيالسي في مسنده (2/ 104) (رقم: 775)، وأحمد في مسنده - عالم الكتب (4/ 299) (رقم: 18647)، والحسين بن حرب المروزي في البر والصلة (ص: 141) (رقم: 276)، وابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (ص: 84) (رقم: 41)، وفي الصمت (ص: 72) (رقم: 67)، والروياني في مسنده (1/ 243) (رقم: 354)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (7/ 164) (رقم: 2743)، وابن حبان في صحيحه (2/ 97) (رقم: 374)، والدارقطني في سننه (3/ 54) (رقم: 2055)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين (2/ 236) (رقم: 2861)، والبيهقي في السنن الكبرى (10/ 461) (رقم: 21313)، وفي السنن الصغير (4/ 200) (رقم: 3410)، وفي شعب الإيمان (6/ 178) (رقم: 4026)، وفي الآداب (ص: 32) (رقم: 77)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/ 548).

 

من فوائد الحديث:

 

البر والصلة للحسين بن حرب (ص: 141)

بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّدَقَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى عِيَالِهِ وَأَهْلِهِ

 

صحيح ابن حبان - مخرجا (2/ 97)

ذِكْرُ الْخِصَالِ الَّتِي إِذَا اسْتَعْمَلَهَا الْمَرْءُ أَوْ بَعْضَهَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ

 

السنن الكبرى للبيهقي (10/ 459)

بَابُ فَضْلِ إِعْتَاقِ النَّسَمَةِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ

 

سنن الدارقطني (3/ 54)

بَابُ الْحَثِّ عَلَى إِخْرَاجِ الصَّدَقَةِ وَبَيَانِ قِسْمَتِهَا

 

الصمت لابن أبي الدنيا (ص: 41)

بَابُ حِفْظِ اللِّسَانِ وَفَضْلِ الصَّمْتِ

 

الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/ 532)

بَابُ تَرْتِيبِ اسْتِعْمَالِ الْأَدِلَّةِ وَاسْتِخْرَاجِهَا

 

الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/ 549)

فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ: أَنَّ الْكَلِمَةَ مِنْ خِطَابِ صَاحِبِ الشَّرِيعَةِ إِذَا أَمْكَنَ حَمْلُهَا عَلَى الْإِفَادَةِ لَمْ تُحْمَلْ عَلَى التَّكْرَارِ وَالْإِعَادَةِ،

وَلِذَلِكَ طَالَبَهُ الْأَعْرَابِيُّ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَرَاجَعَهُ الْكَلَامَ فِيهِمَا، فَيَنْبَغِي إِمْعَانُ النَّظَرِ فِي الْآثَارِ وَالسُّنَنِ، وَالتَّفْتِيشُ عَنْ مَعَانِيهَا، وَالْفِكْرُ فِي غَوَامِضِهَا، وَاسْتِنْبَاطُ مَا خَفِيَ مِنْهَا،

فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ جَدِيرًا بِلَحَاقِ مَنْ سَبَقَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالتَّبْرِيزِ عَلَى الْمُعَاصِرِينَ لَهُ مِنَ الْفُقَهَاءِ." اهـ

 

تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (2/ 429)

ووجه الفرق المذكور: أن العتق إزالة الرق, وذلك لا يكون إلا من المالك الذي يعتق, وأما الفك, وهو السعي في التخليص, فيكون من غيره, كمن أدى النجم عن المكاتب أو أعانه فيه.

 

المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 155):

"من جملة الأعمال المُؤدِّية صاحبَها إلى الجنة: إعطاءُ المِنْحة الفقراءَ؛ لينتفعوا بلبنها وصوفها ووبرها مدةً، ثم يردُّها على صاحبها، وكذلك الرجوعُ إلى ذي الرَّحم الظالم عليك بالإحسان والشفقة والصِّلة." اهـ

 

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (9/ 63)

الأعمال التي تقرب إلى الجنة كثيرة الشعب، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أجاب الرجل بهذه الخصال، واختارها له لأنه توسم فيه أن حاجته إليها أمس من غيرها، على أن هذا الجواب من جوامع الكلم ينتفع به كل إنسان." اهـ

 

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني (9/ 64)

الرجوع إليه والعطف عليه مقرب إلى الجنة، وإنما كان ذلك كذلك، لأن الظلم من شأنه قطع حبل المودة والعطف، فإذا عطف عليه لكونه ذا رحم مراعيًا بذلك وجه الله _تعالى_ غير ناظر إلى ظلمه، كان ذلك سببًا في دخوله الجنة." اهـ

 

وفي الترغيب والترهيب للمنذري ت عمارة (2/ 62)

الترغيب في إطعام الطعام وسقي الماء، والترهيب من منعه

 

أحكام القرآن للجصاص ت قمحاوي (4/ 327)

فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِينَ مَعُونَةٌ لَهُمْ فِي رِقَابِهِمْ حَتَّى يُعْتَقُوا وَذَلِكَ موافق لقوله تعالى وفي الرقاب

وَرَوَى طَلْحَةُ الْيَمَانِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْسَجَةَ عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ قَالَ أعرابى للنبي صلى اللَّه عليه وآله وَسَلَّمَ عَلِّمْنِي عَمَلًا يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ قَالَ لَئِنْ كُنْت أَقْصَرْت الْخُطْبَةَ لَقَدْ عَرَضْت الْمَسْأَلَةَ أَعْتِقْ النسمة وفك الرقبة قال أو ليسا سَوَاءً قَالَ لَا عِتْقُ النَّسْمَةِ أَنْ تَفُوزَ بعتقها وفك الرقبة أن وَاسْقِ الظَّمْآنَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَإِنْ لَمْ تُطِقْ ذَلِكَ فَكُفَّ لِسَانَك إلَّا مِنْ خَيْرٍ

فَجَعَلَ عِتْقَ النَّسْمَةِ غَيْرَ فَكِّ الرقبة فلما قال وفي الرقاب كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ فِي مَعُونَتِهَا بِأَنْ يُعْطَى الْمُكَاتَبُ حَتَّى يَفُكَّ الْعَبْدُ رَقَبَتَهُ مِنْ الرِّقِّ وَلَيْسَ هُوَ ابْتِيَاعُهَا وَعِتْقُهَا لِأَنَّ الثَّمَنَ حِينَئِذٍ يَأْخُذُهُ الْبَائِعُ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ قُرْبَةٌ وَإِنَّمَا الْقُرْبَةُ فِي أَنْ يُعْطَى الْعَبْدُ نَفْسَهُ حَتَّى يَفُكَّ بِهِ رَقَبَتَهُ وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ قَبْلَهَا يَحْصُلُ لِلْمَوْلَى وَإِذَا كَانَ مُكَاتَبًا فَمَا يَأْخُذُهُ لَا يَمْلِكُهُ الْمَوْلَى وَإِنَّمَا يَحْصُلُ لِلْمُكَاتَب



[1] انظر: الأنساب للسمعاني (13/ 216) (رقم: 5091).

[2] انظر: الأنساب المتفقة (ص: 197) لابن القَيْسَرَانِيِّ (المتوفى: 507هـ).

[3] أبو نصر علي بن هبة الله بن جعفر بن ماكولا (المتوفى: 475هـ) _رحمه الله_ في الإكمال في "رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والأنساب" (7/ 341): "أما (اليامِيُّ) بالياء المعجمة باثنتين من تحتها، فهو زبيد بن الحارث أبو عبد الرحمن اليامي، كوفي حدث عن أبي وائل شقيق بن سلمة ومرة بن شراحيل، وإبراهيم النخعي وغيرهم...وطلحة بن مصرف بن كعب بن عمرو أبو عبد الله اليامي." اهـ

[4] وفي اللباب في تهذيب الأنساب (3/ 338) لابن الأثير:

"النِّهْمِيُّ (بِكَسْر النُّون وَسُكُون الْهَاء وَبعدهَا مِيم): هَذِه النِّسْبَة إِلَى نهم وَهُوَ بطن من هَمدَان، وَهُوَ نهم بن ربيعَة بن مَالك بن مُعَاوِيَة بن صَعب بن دومان بن بكيل بن جشم بن خيوان بن نوف بن هَمدَان مِنْهُم قَنَان بن عبد الله النهمي الَّذِي يروي عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْسَجَة وَغَيره." اهـ

[5] انظر: لب اللباب في تحريرالأنساب (ص: 74) للسيوطي.

[6] وفي "فيض القدير" (4/ 301) للمناوي: "قال القاضي: "اللام موطئة للقسم ومعنى الشرطية..." اهـ

[7] وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 155) للزيداني:

"(أقصَرتَ الخُطبة)؛ أي: جئتَ بها قصيرةً، و"أَعرَضتَ المسألةَ"؛ أي: جئتَ بها عريضةً؛ يعني: لفظُها قصيرٌ، ومعانيها كثيرةٌ.

[8] شرح المصابيح لابن الملك (4/ 83): "أقصرتَ الخُطبةَ"؛ أي: جئتَ بالخُطبة؛ أي: بالعبارة قصيرةً،

قيل: الخُطبة عند العرب: كلُّ كلامٍ لم يكن منظومًا. "لقد أَعرضتَ المسألةَ"؛ أي: جئتَ بها عريضةً واسعةً؛ يعني: سألتَ بلفظٍ قصيرٍ عن أمرٍ ذي طولٍ؛ أي: عن معنًى كثيرٍ." اهـ

وفي المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (2/ 713):

"أي: جِئتَ بالخُطبة قَصيرةً.و(أَقْصَرَتْ): ولدَت قِصارًا، وأَعْرضَتْ: ولدت عِراضًا." اهـ

[9] وفي شرح المصابيح لابن الملك (4/ 83) : "(أعتِقِ النسمةَ): وهي الرُّوح والنَّفْس؛ أي: أعتقْ ذا نسمةٍ." اهـ

[10] وفي المفاتيح في شرح المصابيح (4/ 155):

"قوله: (والمِنْحة الوَكُوف، والفَيءُ على ذي الرَّحِم الظالم ...) إلى آخره،

مِنْحة اللَّبن كالناقة والشاة: تُعطيها غيرَك يحلبُها، ثم يردُّها عليك، ذكره في "الصِّحاح". (الوَكُوف)؛ أي: غزيرةُ اللَّبن، ومنه: وَكَفَ البيتُ والدمعُ، ذكره في "شرح السُّنَّة"." اهـ

وفي شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (8/ 2426):

"و(المحنة): العطية في الأصل، وغلبت في لبون من ناقة أو شاة يعطيها صاحبها بعض المحاويج؛ لينتفع بلبنها ما دامت تدر. و((الوكوف)): العزيزة الدَّرِّ، من: (وكف البيت وكفا ووكيفا ووكافا)، إذا قطر." اهـ

[11] وفي شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (8/ 2426) : "(الفئ) التعطيف والرجوع إليه بالبر." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين