شرح الحديث 65_66 من الأدب المفرد

 

 

65 - حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ:

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

" إِنَّ الرَّحِمَ شُجْنَةٌ[1] مِنَ الرَّحْمَنِ، تَقُولُ: (يَا رَبِّ، إِنِّي ظُلِمْتُ، يَا رَبِّ، إِنِّي قُطِعْتُ، يَا رَبِّ، إِنِّي إِنِّي، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ).

فَيُجِيبُهَا: ((أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، وَأَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ ))."

[قال الشيخ الألباني : حسن]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ بن منهال قَالَ (ثقة فاضل : 216 هـ):

حجاج بن المنهال الأنماطي ، أبو محمد السلمى و قيل البرسانى ، مولاهم ، البصرى : من صغار أتباع التابعين، روى له:  خ م د ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ (ثقة حافظ متقن : ت 160 هـ بـ البصرة):

شعبة بن الحجاج : أبو بسطام الواسطى ثم البصرى ، مولى عبدة بن الأغر : من كبار أتباع التابعين، روى له: خ م د ت س ق 

 

قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ (مقبول) [2]:

محمد بن عبد الجبار الأنصارى الحجازى، من الذين عاصروا صغار التابعين، روى له:  بخ.

 

قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ (ثقة عالم : ت 120 هـ بـ الربذة):

محمد بن كعب بن سليم ، و قيل ابن حيان بن سليم بن أسد القرظى ، أبو حمزة و قيل أبو عبد الله ، المدنى، من الوسطى من التابعين، روى له :  خ م د ت س ق

 

أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ (57 هـ):

أبو هريرة : عبد الرحمن بن صخر الدوسي اليماني (حافظ الصحابة)، روى له:  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

" إِنَّ الرَّحِمَ شُجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، تَقُولُ: (يَا رَبِّ، إِنِّي ظُلِمْتُ، يَا رَبِّ، إِنِّي قُطِعْتُ، يَا رَبِّ، إِنِّي إِنِّي، يَا رَبِّ، يَا رَبِّ).

فَيُجِيبُهَا: ((أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ، وَأَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ؟ ))."

 

تخريج الحديث:

 

أخرجه البخاري في صحيحه (6/ 134 و 8/ 5 و 8/ 6 و 9/ 145) (رقم: 4830 و 5987 و 5988 و 7502) ومسلم في صحيحه (4/ 1980) (رقم: 2554)، والنسائي في السنن الكبرى (10/ 259) (رقم: 11433).

 

من فوائد الحديث:

 

شرح النووي على مسلم - (16 / 113)

قال القاضي عياض: "ولا خلاف أنَّ صلة الرحم واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة."

قال: والاحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات:

بعضها أرفع من بعض، وأدناها: ترك المهاجرة. وصلتها: بالكلام ولو بالسلام ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة:

فمنها واجب، ومنها مستحب. لو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها، لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه، وينبغي له، لا يسمى واصلا." اهـ

 

فتح الباري- تعليق ابن باز - (10 / 418):

"فمقصود هذا الكلام: الإخبار بتأكد أمر صلة الرحم، وأنه تعالى أنزلها منزلة من استجار به فأجاره فأدخله في حمايته، وإذا كان كذلك فجار الله غير مخذول،

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 291)

وخلاصة القول: أن مقصود هذا الكلام الإخبار بتأكّد صلة الرحم، فإنها قد استجارت بالله - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -، فأجارها، وأدخلها في ذمته، وخفارته،

وإذا كان كذلك، فجار الله تعالى غير مخذول، وعهده غير منقوض، ولذلك قال مخاطبًا لها: (أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟)." اهـ

 

فتح الباري- تعليق ابن باز - (10 / 419)

وفي الأحاديث الثلاثة تعظيم أمر الرحم، وأن صلتها مندوب مرغب فيه وأن قطعها من الكبائر لورود الوعيد الشديد فيه.

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح - (3 / 1253) للقاري:

"وَفِيهِ أَنْ لَا ضَرُورَةَ إِلَى التَّخْيِيلِ مَعَ إِمْكَانِ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى التَّحْقِيقِ، بِلَا مَانِعٍ وَصَارِفٍ مِنْ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ أَوْ نَقْلِيٍّ،

وَأَمَّا حَدِيثُ الرَّحِمِ فَمِنْ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ، وَالرَّحِمُ مَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي، فَإِمَّا أَنْ يُتْرَكَ عَلَى حَالِهِ وَلَا يَنْصَرِفَ فِي مِنْوَالِهِ كَمَا هُوَ طَرِيقُ السَّلَفِ، أَوْ يُؤَوَّلُ عَلَى دَأْبِ الْخَلَفِ، مَعَ أَنَّ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى أَنَّ الْمَعَانِيَ لَهَا حَقَائِقُ ثَابِتَةٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ، أَوْ يَجْعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى صُوَرًا وَأَجْسَامًا، وَيَجْعَلَهَا نَاطِقَةً وَسَائِلَةً وَمُجِيبَةً." اهـ

 

&        تطريز رياض الصالحين - (1 / 222) للشيخ فيصل بن عبد العزيز الحريملي:

"في هذا الحديث: تعظيم شأن الرحم، وفضلِ واصلها، وعظيم إثم قاطعها، والرحم: قرابات الرجل من جهة والديه وإن علوا، وأولاده وإن نزلوا، وما يتصل بالطرفين من الأعمام والأخوال وأولادهم." اهـ

 

البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج (40/ 295_298) للإثيوبي:

في فوائده:___

1 - (منها): بيان وجوب صلة الرحم، وتحريم قَطْعها.

2 - (ومنها): ما قاله القرطبيّ المفسّر - رَحِمَهُ اللهُ -:

"ظاهر الآية أنَّها خطاب لجميع الكفار، وقال قتادة وغيره: معنى الآية: فلعلكم، أو يُخاف عليكم، إن أعرضتم عن الإيمان أن تعودوا إلى الفساد في الأرض بسفك الدماء،

قال قتادة: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله تعالى؟ ألم يسفكوا الدماء الحرام، ويقطعوا الأرحام، وعصوا الرَّحمن؟

فالرَّحِم على هذا رَحِم دين الإسلام والإيمان، التي قد سمّاها الله إخوة بقوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10].

وعلى قول الفراء: إن الآية نزلت في بني هاشم، وبني أمية، والمراد من أضمر منهم نفاقًا، فأشار بقطع الرحم إلى ما كان بينهم وبين النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – من القرابة بتكذيبهم النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وذلك يوجب القتال.

وبالجملة فالرحم على وجهين: عامة وخاصة.

* فالعامة : رَحِم الدين، ويجب مواصلتها بملازمة الإيمان، والمحبة لأهله، ونُصرتهم، والنصيحة، وترك مضارّتهم، والعدل بينهم، والنَّصَفة في معاملتهم، والقيام بحقوقهم الواجبة؛ كتمريض المرضى، وحقوق الموتي، مِن غَسْلهم، والصلاة عليهم، ودَفْنهم، وغير ذلك من الحقوق المترتبة لهم.

* وأما الرَّحِمُ الخاصة: وهي رَحِمُ القرابة من طَرَفَي الرجل: أبيه، وأمه،

فتجب لهم الحقوق الخاصة، وزيادة، كالنفقة، وتفقُّد أحوالهم، وترْك التغافل عن تعاهدهم في أوقات ضروراتهم، وتتأكد في حقهم حقوق الرحم العامة، حتى إذا تزاحمت الحقوق بُدئ بالأقرب فالأقرب.

وقال بعض أهل العلم: إن الرحم التي تجب صِلَتها هي كلّ رحم مَحْرم، وعليه فلا تجب في بني الأعمام وبني الأخوال، وقيل: بل هذا في كلّ رحم ممن ينطلق عليه ذلك من ذوي الأرحام في المواريث، مَحْرَمًا كان أو غيرَ محرمٍ،

فيخرج من هذا أن رحم الأم التي لا يُتوارث بها لا تجب صلتهم، ولا يحرم قطعهم.

وهذا ليس بصحيح، والصواب أن كلّ ما يشمله، ويعمّه الرحم تجب صلته على كلّ حال: قرابة، ودينية، على ما ذكرناه أولًا، والله أعلم.

وقد روى أبو داود الطيالسيّ في "مسنده" قال: حَدَّثَنَا شعبة، قال:___القيامة، تحت العرش، يقول: يا رب قُطعت، يا رب ظُلمت، يا رب أُسيء إليّ، فيجيبها ربها: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك".

وفي "صحيح مسلم" عن جبير بن مُطْعِم عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لا يدخل الجَنَّة قاطع"، قال سفيان: يعني: قاطع رحم. انتهى ["تفسير القرطبيّ" 16/ 247 - 248].

3 - (ومنها): ما قاله القاضي عياض - رَحِمَهُ اللهَ -: لا خلاف أن صلة الرحم

واجبة في الجملة، وقطيعتها معصية كبيرة،

قال: والأحاديث في الباب تشهد لهذا، ولكن الصلة درجات، بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجَرة.

وَصِلَتها بالكلام، ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة، والحاجة. فمنها: واجب، ومنها: مستحبّ، لو وصل بعض الصلة، ولم يَصِلْ غايتها، لا يسمى قاطعًا، ولو قَصّر عما يقدر عليه، وينبغي له، لا يسمى واصلًا." انتهى. ["شرح النوويّ" (16/ 113)]

4 - (ومنها): ما قاله عياض أيضًا: اختلفوا في حدّ الرحم التي تجب صلتها، فقيل: هو كلّ رحم محرم، بحيث لو كان أحدهما ذكرًا والآخر أنثى حَرُمت مناكحتهما، فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام، ولا أولاد الأخوال،

واحتَجّ هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، أو خالتها في النِّكَاح ونحوه، وجواز ذلك في بنات الأعمام، والأخوال،

وقيل: هو عامّ في كلّ رحم من ذوي الأرحام في الميراث، يستوي المحرم وغيره، ويدل عليه قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ثم أدناك، أدناك".

قال النوويّ - بعد نقل كلام عياض هذا -: وهذا القول الثاني هو

الصواب، ومما يدلُّ عليه الحديث السابق في أهل مصر: "فإن لهم ذمّةً،

ورَحِمًا"، وحديث: "إن أبرّ البرّ أن يصل أهل وُدّ أبيه"، مع أنه لا محرمية.

انتهى ["شرح النوويّ" (16/ 113)]___

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله النوويّ من تصويب القول الثاني

هو الحقّ، لوضوح أدلّته، والله تعالى أعلم." اهـ

 

قال الشيخ محمد لقمان السلفي في "رش البر شرح الأدب المفرد" (ص 45):

"فقه الحديث:

1 ـ التأكيد على حرمة قطيعة الرحم والإعراض عنها

۲ ـ صلة الرحم سبب رحمة الله لعباده وقطيعتها سبب الفساد والإفساد .

3 ـ الاستعاذة لا تكون إلا بالله وحده لا شريك له .

 

قال الشيخ زيد بن محمد بن هادي المدخلي _رحمه الله_ في "عون الأحد الصمد شرح الأدب المفرد" (1/ 76):

"لا إله إلا الله، هـذا الحديـث الـذي اتفق مع هذه الآية جمع النبي صل الله عليه وسلم فيه بين الترغيب والترهيب، بين الترغيب في الصلة،

أي: أن من وصل الرحم کا سبق بيانه في نصوص مماثلـة وصـلـه الله بخيري الدنيا والآخرة ووصلـه برضاه وإعانته على كل مطلوب محبوب،

وكذلك نجاه من المرهوب، والعكس بالعكس، من قطع الرحم قطعه الله ومن قطعه الله خاب وخسر،

فهذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي جمع فيها النبي _صل الله عليه وسلم_ بين الترغيب في صلة الأرحام وبين الترهيب من قطيعة الأرحام،

وهو متفق مع الآية الكريمة في سورة محمد : {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [محمد: 22]، الآية.

وفي الحديث : دليـل على إثبـات صفة الكلام الله، وأنه يكلم من شـاء من خلقـه، كما هو مذهب أهل السنة والجماعة الذين يثبتون الله جميع صفات الكمال والجلال، وينفون عنه مشابهته لشيء من مخلوقاته؛ لأنه سبحانه له الكمال المطلق ذاتًا وأسماءً وصفاتٍ؛ « ليس كمثله وهو السميع البصير ﴾ [النوري : 11]." اهـ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

66 - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ قَالَ:

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَسَنَةَ الْجُهَنِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: مَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَنْ تُقْطَعَ الْأَرْحَامُ، وَيُطَاعَ الْمُغْوِي، وَيُعْصَى الْمُرْشِدُ

[قال الشيخ الألباني : صحيح دون رواية الجهني][3]

 

رواة الحديث:

 

حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ (ثقة عابد : ت 221 هـ بـ عسقلان):

آدم بن أبى إياس (عبد الرحمن) بن محمد بن شعيب الخراسانى المروذى: أبو الحسن العسقلانى، مولى بنى تيم أو تميم، من صغار أتباع التابعين، روى له :  خ ت س ق

 

قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ (ثقة فقيه فاضل : ت 158 هـ بـ الكوفة):

محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبى ذئب القرشي العامري: أبو الحارث المدني، من كبار أتباع التابعين، روى له :  خ م د ت س ق 

 

قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ (ثقة لم يصب الأزدى فى تضعيفه):

سعيد بن سمعان الأنصارى الزرقى مولاهم، المدنى، من الوسطى من التابعين، روى له :  ر د ت س  ( البخاري في جزء القراءة خلف الإمام - أبو داود - الترمذي - النسائي )

رتبته عند ابن حجر : 

 

قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ (ت : 57 هـ):

أبو هريرة الدوسى اليمانى ( حافظ الصحابة ، اختلف فى اسمه و اسم أبيه اختلافا كثيرا )

الطبقة :  1 : صحابى

الوفاة :  57 هـ ( 58 أو 59 هـ قيل ذلك )

روى له :  خ م د ت س ق

 

نص الحديث:

 

سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَعَوَّذُ مِنْ إِمَارَةِ الصِّبْيَانِ وَالسُّفَهَاءِ. فَقَالَ سَعِيدُ بْنُ سَمْعَانَ: فَأَخْبَرَنِي ابْنُ حَسَنَةَ الْجُهَنِيُّ أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: مَا آيَةُ ذَلِكَ؟ قَالَ: أَنْ تُقْطَعَ الْأَرْحَامُ، وَيُطَاعَ الْمُغْوِي، وَيُعْصَى الْمُرْشِدُ

 

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 580)

رواه مالك بن ظالم قال: سمعت أبا هريرة يقول لمروان بن الحكم:

سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:

"إن فساد أمتي على يدي أُغَيلِمةٍ من سفهاء قريش ".

أخرجه البخاري في "التاريخ " (4/ 1/309) ، وابن حبان في "صحيحه "

(8/251/6678) ، و"الثقات" (5/388) ، والحا كم (4/ 470و527) ، والطيالسي (08 25) ، وأحمد (2/299 و 328 و485) ، وقال الحاكم:

"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي!

 

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 581)

لكن أخرجه ابن حبان (6677) من طريق الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظ:

"هلاك أمتي على يدي غلمانٌ سفهاء من قريش ".

وزاد: فقال مروان: والغلمان هؤلاء.

وإسناده صحيح.

 

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 581)

وله طريق أخرى يرويه سعيد بن عمرو بن سعيد قال: كنت جالساً مع أبي

هريرة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، ومعنا مروان، قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: "هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش ".

فقال مروان: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هريرة: لو شئت أن أقول: بني

فلان، بني فلان؛ لفعلت، [قال عمرو بن يحيى:] فكنت أخرج مع جدي إلى

بني مروان حين ملكوا بالشام، فإذا رآهم غلماناً أحداثاً قال لنا: عسى هؤلاء أن يكونوا منهم! قلنا: أنت أعلم.

أخرجه البخاري (6/612/ 3605 و 13/9) - والسياق له-، وأحمد (2/ 324) - مختصراً-.

 

مسند أحمد - عالم الكتب (2/ 299)

(7974) 7961- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سِمَاكٍ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ ظَالِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا الْقَاسِمِ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ : إِنَّ هَلاَكَ أُمَّتِي أَوْ فَسَادَ أُمَّتِي رُؤُوسٌ أُمَرَاءُ أُغَيْلِمَةٌ سُفَهَاءُ مِنْ قُرَيْشٍ.) صححه الأرنؤوط

 

فتح الباري لابن حجر (13/ 9)

"(أُغَيْلِمَة) تَصْغِيرُ غِلْمَةٍ، جَمْعُ غُلَامٍ، وَوَاحِدُ الْجَمْعِ الْمُصَغَّرِ (غُلَيِّمٌ) بِالتَّشْدِيدِ. يُقَالُ لِلصَّبِيِّ حِينَ يُولَدُ إِلَى أَنْ يَحْتَلِمَ "غُلَامٌ"، وَتَصْغِيرُهُ غُلَيِّمٌ.

وَجَمْعُهُ (غِلْمَانٌ وَغِلْمَةٌ وَأُغَيْلِمَةٌ) وَلَمْ يَقُولُوا أَغْلِمَةٌ مَعَ كَوْنِهِ الْقِيَاسَ كَأَنَّهُمُ اسْتَغْنَوْا عَنْهُ بِغِلْمَةٍ. وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فِيمَا نَقله عَنهُ بن التِّينِ، فَضَبَطَ (أَغِيْلِمَةَ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ.

وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الرَّجُلِ الْمُسْتَحْكِمِ الْقُوَّةَ (غُلَامٌ) تَشْبِيهًا لَهُ بِالْغُلَامِ فِي قُوَّتِهِ،

وَقَالَ بن الْأَثِيرِ: "الْمُرَادُ بِـ(الْأُغَيْلِمَةِ) هُنَا الصّبْيَانُ، وَلِذَلِكَ صَغَّرَهُمْ."

قُلْتُ: وَقَدْ يُطْلَقُ الصَّبِيُّ وَالْغُلَيِّمُ بِالتَّصْغِيرِ عَلَى الضَّعِيفِ الْعَقْلِ وَالتَّدْبِيرِ وَالدِّينِ وَلَوْ كَانَ مُحْتَلِمًا وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا،

فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنِ اسْتُخْلِفَ وَهُوَ دُونَ الْبُلُوغِ وَكَذَلِكَ مَنْ أَمَّرُوهُ عَلَى الْأَعْمَالِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِـ"الْأُغَيْلِمَةِ" : أَوْلَادَ بَعْضِ مَنِ اسْتُخْلِفَ، فَوَقَعَ الْفَسَادُ بِسَبَبِهِمْ، فَنُسِبَ إِلَيْهِمْ، وَالْأَوْلَى: الْحَمْلُ عَلَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ." اهـ[4]

 

سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 579)

3191- (تعوَّذُوا باللهِ من رأس السبعينِ، وإمارةِ الصبيانِ) .

أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف " (5/49/19082) ، وأحمد (2/326

و355و 448) ، والبزار (4/126/3358) ، وابن عدي في "الكامل" (6/ 81)

 

تخريج الحديث:

 

الأدب المفرد مخرجا (ص: 37) (رقم: 66)

 

من فوائد الحديث:

 

نيل الأوطار (8/ 304) عند [بَاب الْمَنْعِ مِنْ وِلَايَةِ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ وَمَنْ لَا يُحْسِنُ الْقَضَاءَ أَوْ يَضْعُفُ عَنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ] : "وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ إمَارَةِ السُّفَهَاءِ." اهـ

 

نيل الأوطار (8/ 304)

وَأَمَرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّعَوُّذِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ لَعَلَّهُ لِمَا ظَهَرَ فِيهَا مِنْ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ، مِنْهَا قَتْلُ الْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوَقْعَةُ الْحَرَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَقَعَ فِي عَشْرِ السَّبْعِينَ

 

مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (6/ 2418)

«تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ رَأْسِ السَّبْعِينَ» ) ; أَيْ مِنْ فِتْنَةٍ تَنْشَأُ فِي ابْتِدَاءِ السَّبْعِينَ مِنْ تَارِيخِ الْهِجْرَةِ، أَوْ وَفَاتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، (وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ; أَيْ وَمِنْ حُكُومَةِ الصِّغَارِ الْجُهَّالِ كَيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَأَوْلَادِ الْحَكَمِ بْنِ مَرْوَانَ، وَأَمْثَالِهِمْ وَأَغْرَبَ الطِّيبِيُّ حَيْثُ قَالَ: قَوْلُهُ " وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ " حَالٌ ; أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الصِّبْيَانَ أُمَرَاءُ يُدَبِّرُونَ أَمْرَ أُمَّتِي، وَهُمْ أُغَيْلِمَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ، رَآهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَنَامِهِ يَلْعَبُونَ عَلَى مِنْبَرِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَقَدْ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: 60] أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى فِي الْمَنَامِ ; أَنَّ وَلَدَ الْحَكَمِ يَتَدَاوَلُونَ الْمِنْبَرَ كَمَا يَتَدَاوَلُ الصِّبْيَانُ الْكُرَةَ

 

عون الأحد الصمد (1/ ٨٩):

في هذا الأثر بيان أن إمارة الصبيان والسفهاء خطر على الأمة، وذلك أن الإمارة تتطلب العدل والوقار والرحمة حتى يقوم الإنسان بشأن من هو أمير عليهم، وهي تشمل الإمارة العامة والإمارة الخاصة،

الإمارة العامة كإمارة الملوك والرؤساء والخلفاء،

والإمارة الخاصة نوابهم، وهي كلها تفتقر إلى أن يكون الأمير – سواء كان الأمير صاحب ولاية عامة، أو صاحب ولاية خاصـة – إلى أن يكـون وقورا وعاقـلا ورحيتها؛ لأنه إذا كان صبيا أو سـفيها فإنه لا يقدر ما هو فيـه مـن العمل والمنصب الذي يتطلب منه الرحمة والقيام بشـؤون الرعية حـق قدره،

لذا تعوذ أبو هريرة رضي الله عنه من إمـارة الصبيان والسفهاء،

ثم ذكـر علامة ذلك وهـو أن يطاع المغوي والذي لا يجوز أن يطاع، بل يطاع المصيب والمخلص فيما يأتي به من الحق ويأمر به ويرشد إليه،

وعلامة ذلك كذلك قطيعة الأرحام كما هو موضوع الباب، وهذه شر القطيعة كما سبق بيانه في الأحاديث السابقة." اهـ

 

رش البرد (54):

فقه الحديث:

 

1 ـ المنع والنهي عن قطع الرحم وإطاعة المضل وعصيان المرشد .

٥٤



[1] وقال ابن الجوزي _رحمه الله_ في "كشف المشكل" (3/ 405):

"وأصل ذَلِك الْغُصْن من أَغْصَان الشّجر إِذا التف بِالْآخرِ، قَالَ أَبُو عبيد: شجنة: أَي قرَابَة مشتبكة كاشتباك الْعُرُوق، وَكَأن قَوْلهم: ((الحَدِيث ذُو شجون)) مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ تمسك بعضه بِبَعْض وَقَالَ: هَذَا شجر متشجن: إِذا التف بعضه بِبَعْض. والشجنة والشجنة كالغصن يكون من الشّجر.

وَهَذَا الحَدِيث لَا يَخْلُو مَعْنَاهُ من أحد شَيْئَيْنِ: إِمَّا أَن يُرَاد أَن الْحق عز وَجل يُرَاعِي الرَّحِم بوصل من وَصلهَا وَقطع من قطعهَا وَالْأَخْذ لَهَا بِحَقِّهَا، كَمَا يُرَاعِي الْقَرِيب قرَابَته، فَإِنَّهُ يزِيدهُ فِي المراعاة على الْأَجَانِب. أَو أَن يُرَاد أَن الرَّحِم بعض حُرُوف الرَّحْمَن، فَكَأَنَّهُ عظم قدره بِهَذَا الِاسْم." اهـ

وقال الخطابي _رحمه الله_ في "أعلام الحديث" (شرح صحيح البخاري) (3/ 2166) : "معنى الشُجْنة: الوصْلة، وأصلها الغُصن من أغصان الشجر." اهـ

[2] سنده ضعيف، إلا أنه مر بنا  في الحديث السابق بـ(رقم: 54 و 55)، فانظره، فإنه من شواهده التي تقويها. ومن طريق آخر: تابعه عليه  معاوية ابن أبي مُزَرِّد (وهو صدوق)، وعبد الله بن دينار (وهو ثقة) كما في رواية التخاري في صحيحه.

[3] وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها (7/ 580):

"قلت: سعيد بن سمعان ثقة؛ فحديثه عن أبي هريرة صحيح، وهو موقوف في حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال بمجرد الرأي كما هو ظاهر، ويشهد له الطريق الأولى." اهـ

[4] وقال عبد الحق بن سيف الدين بن سعد اللَّه البخاري الدِّهلوي الحنفي «المتوفى بها سنة (1052 هـ) رحمه اللَّه تعالى» في لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح (6/ 480_481):

قوله: (من رأس السبعين) الظاهر أن المراد من عام الهجرة ليتناول إمارة يزيد بن معاوية، ويؤيده ما روي عن أبي هريرة أنه كان يتعوذ___باللَّه من إمارة الستين، فالمراد بالصبيان يزيد وأولاد مروان، وهم المراد من أغيلمة قريش الذين رآهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يلعبون على منبره، والمذكورون في حديث: (يكون هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش [أخرجه البخاري في "صحيحه" (3605)]." اهـ

Komentar

Postingan populer dari blog ini

شرح الحديث 112 - 113 - الترغيب في نشر العلم والدلالة على الخير - من صحيح الرغيب

شرح الحديث 66 من رياض الصالحين